برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة المستشارين.
* إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 12 من مارس سنة 1986، أودع الأستاذ محمد محمود نمر المحامي بصفته وكيلا عن السيد نقيب التجاريين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1276 لسنة 32 القضائية، ضد السيد ناصف خليل إبراهيم، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 28 من يناير سنة 1986 في الدعوى رقم 970 لسنة 38 القضائية المقامة من المطعون ضده على الطاعن، والقاضي بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض تقرير المعاش المستحق للطاعن وفقا لحكم القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام نقابة التجاريين بالمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن وفقا للقانون. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن جلسة 5 من يونيه سنة 1989 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وقررت الدائرة بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1989 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره جلسة 13 من يناير سنة 1990، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن رفع خلال الميعاد القانوني مستوفيا أوضاعه المقررة فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1983 رفع المطعون ضده الدعوى رقم 97 لسنة 38 القضائية على الطاعن بصفته، وطلب الحكم بإلزام نقابة التجاريين بأن تدفع له معاشا شهريا مقداره عشرون جنيها من أول فبراير سنة 1978 مع إلزامها بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة، وذكر أنه عضو في النقابة ويؤدي الاشتراك فيها وأحيل إلى المعاش من وظيفته الحكومية ومضى على تخرجه أكثر من خمسة عشر عاما وطالب النقابة بصرف معاش شهري مقداره عشرون جنيها من تاريخ إحالته إلى المعاش في أول فبراير سنة 1978 طبقا للمادة 84 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين فردت عليه بأنه لا يستحق معاشا حتى يبلغ سن الستين في 12 من أغسطس سنة 1989 في حين أن هذا الشرط لم يرد في القانون وأصدرته محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر في الدعوى رقم 1649 لسنة 35 القضائية المقامة من زميله السيد مدحت السيد علي السيد، وطلبت نقابة التجاريين الحكم برفض الدعوى وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات لأنه من مواليد 12 من أغسطس سنة 1929 وحصل على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية سنة 1950 وقيد بالنقابة في 30 من نوفمبر سنة 1973 وأحيل إلى المعاش برتبه لواء شرطة في أول فبراير سنة 1978 وقدم طلبا إلى النقابة لصرف معاش في 3 من نوفمبر سنة 1983 وردت عليه النقابة بالكتاب رقم 8010 في 5 من نوفمبر سنة 1983 بأنه لا يستحق معاش النقابة قبل بلوغه سن الستين فضلا عن أنه قدم الطلب بعد مضي خمس سنوات من إحالته إلى المعاش، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض تقرير المعاش المستحق للمطعون ضده وفقا للقانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام نقابة التجاريين بالمصروفات، وقضت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 28 من يناير سنة 1986 بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض تقرير المعاش المستحق للمطعون ضده وفقا لحكم القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت نقابة التجاريين بالمصروفات، وبنت قضاءها بقبول الدعوى شكلا على أن المطعون ضده يهدف بدعواه إلى إلغاء القرار الصادر من نقابة التجاريين برفض طلب صرف المعاش له من أول فبراير سنة 1978 وفقا لأحكام القانون رقم 40 لسنة 1972 وما يترتب على ذلك من آثار، وهذا القرار المطعون فيه فضلا عن أنه من القرارات المستمرة التي لا تتقيد بميعاد دعوى الإلغاء فإنه أبلغ بكتاب مؤرخ 5 من نوفمبر سنة 1983 من النقابة إلى المطعون ضده الذي رفع الدعوى في 30 من نوفمبر سنة 1983، مما يجعلها دعوى مقبولة شكلا، كما أقامت قضاءها بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض تقرير المعاش المستحق للمطعون ضده على أنه استوفى شروط استحقاق هذا المعاش طبقا للمادة 84 من القانون رقم 40 لسنة 1972 نظرا لإحالته إلى المعاش في أول فبراير سنة 1978 ومضت مدة تزيد على خمسة عشر عاما من تخرجه وسداده اشتراكات النقابة مما يجعل القرار الصادر من النقابة برفض منحه المعاش قرارا فاقدا لسنده حقيقا بالإلغاء، ولا يغير من هذا عدم بلوغه سن الستين لأن تلك المادة حددت حالات لمنح المعاش قبل بلوغ هذا السن، ولا يغير منه أيضا عدم المطالبة بالمعاش خلال سنتين من تاريخ الإحالة للمعاش لأن المادة 160 من اللائحة الداخلية للنقابة قصرت ذلك على حالة الإحالة إلى المعاش بالتقاعد عن العمل في سن الستين أو بعدها أو بالوفاة فلم تشمل حالة الإحالة إلى المعاش قبل هذه السن.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخذ في تطبيق القانون لأن العلاقة بين النقابة وبين أعضائها لا يحكمها القانون رقم 40 لسنة 1972 فحسب وإنما أيضا اللائحة الداخلية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 94 لسنة 1974 طبقا للمادة 102 من القانون، وقد نصت المادة 84 من القانون على أن تحدد اللائحة الداخلية قواعد صرف المعاش، وتطلبت المادة 157 من اللائحة الداخلية ضمن قواعد صرف المعاش أن يكون العضو قد سدد الاشتراكات عن خمسة عشر عاما وهو شرط غير متوافر في المطعون ضده، كما أن الواضح من القانون ومن اللائحة الداخلية أن لمجلس النقابة سلطة تقديرية في منح المعاش أو منعه ومن باب أولى في إضافة شروط لاستحقاقه كما هو الحال فيما اشترطه من بلوغ العضو سن الستين، وقد قطع بذلك الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 11 من يناير سنة 1986 في الطعن رقم 2077 لسنة 29 القضائية حيث قضى بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الذي استشهد به المطعون ضده في دعواه، بالإضافة إلي أن المادة 160 من اللائحة الداخلية قررت سقوط الحق في المعاش بعدم المطالبة به خلال سنتين من تاريخ استحقاقه بالتقاعد وإن أشارت إلى سن الستين الذي يحدث فيه التقاعد عن العمل في الغالب الأعم.
ومن حيث إنه سبق للمحكمة أن رأت في حكمها الصادر بجلسة 11 من يناير سنة 1986 في الطعن رقم 2077 لسنة 29 القضائية أن القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين نص في المادة 84 على أنه لمجلس النقابة الحق في تقرير معاش أو إعانة للعضو إذا توافرت الشروط الآتية:
أ- أن يكون قد أدى رسوم الاشتراك المستحق عليه منذ قيده بالجدول ما لم يكن قد أعفي منها بقرار من مجلس النقابة.
ب- أن يثبت عجزه صحيا عن مزاوله المهنة بقرار من القومسيون الطبي العام قبل بلوغ سن الستين.
جـ- أن يكون قد أحيل إلى المعاش أو بلغ سن الستين بشرط أن يكون قد مضى على تخرجه مدة خمسة عشر عاما. على الأقل.
د- إذا كانت خدمته قد انتهت لأسباب أخرى يرى مجلس النقابة معها منح معاش للعضو وتحدد اللائحة الداخلية قواعد صرف المعاشات والإعانات في ضوء موارد الصندوق، وذلك دون إخلال بالحقوق المقررة حاليا لأعضاء نقابة المحاسبين والمراجعين.
ونص في المادة 86 على أنه (لمجلس النقابة أن يعيد النظر في كل وقت في المعاشات والإعانات السابق تقريرها وفقا لما تقتضيه حالة الصندوق أو حالة الشخص المنتفع بالمعاش أو الإعانة)، ونص في المادة 88 على أنه (يكون صرف المعاشات والإعانات والقروض من صندوق المعاشات والإعانات وفقا للميزانية السنوية للصندوق التي تعتمدها الجمعية العمومية ووفقا للقواعد التي تحددها اللائحة الداخلية للنقابة) ونصت اللائحة الداخلية للنقابة الصادرة بقرار وزير المالية رقم 94 لسنة 1974 في المادة 175 على أنه يجوز لمجلس النقابة إعادة النظر في الأسس التي يقوم عليها وفي المعاشات لتحسين قيمتها وقواعد صرفها وتوسيع فائدتها وذلك إذا تبين للمجلس أن ميزانية الصندوق تسمح بذلك أو إذا تمكن من تدبير وسائل تمويل جديدة تدعم ميزانية الصندوق،. كما يجوز لمجلس النقابة النظر في تخفيض قيمة المعاش أو إيقاف صرفه وفقا لحالة الصندوق وميزانيته. ومفاد ما تقدم أن الشروط المنصوص عليها في المادة 84 من القانون رقم 40 لسنة 1972 ليست شروطا لاستحقاق عضو النقابة المعاش بحكم القانون. وإنما هي شروط واجبة ليمارس مجلس النقابة حقه في تقرير المعاش لأعضاء النقابة، ومن ثم فإن لمجلس النقابة الحق في أن يقرر في ضوء موارد الصندوق وميزانيته وحالته المالية صرف معاش للأعضاء في جميع الحالات الواردة في المادة 84 من هذا القانون أو في بعض هذه الحالات دون الأخرى، بل إن لمجلس النقابة الحق في أن يعيد النظر في المعاشات السابق تقريرها وفي الأسس والقواعد التي يقوم عليها صرفها سواء كان ذلك بزيادة المعاشات وتحسين قيمتها وقواعد صرفها أو بخفضها أو بإيقاف صرفها، ومن باب أولى فإن لمجلس النقابة الحق في أن يرجى صرف المعاش أو يقيده بشروط يضعها، وبالتالي يكون قرار مجلس النقابة بعدم صرف معاشات للأعضاء إلا عند بلوغ سن الستين غير مخالف لأحكام – المادة 84 من القانون رقم 40 لسنة 1972.ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على المنازعة المعروضة يتضح أنه لا شبهة في القرار الصادر من مجلس نقابة التجاريين والمبلغ للمطعون ضده بعدم صرف معاش قبل بلوغ سن الستين، باعتباره قرارا صادرا عن مجلس النقابة بما له من سلطة في تقرير المعاشات ووضع قواعد وأسس صرفها في الإطار الذي رسمه القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين واللائحة الداخلية للنقابة الصادرة بقرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جافي الحق إذ قضى بغير ذلك. ومن ثم فإنه يتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات طبقا للمادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.