طعن رقم 1331 لسنة 34 بتاريخ 07/03/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
طعن رقم 1331 لسنة 34 بتاريخ 07/03/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وأدوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع. المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 26/3/1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبه وزير المالية، رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك. سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 26/1/1988 فى الدعوى رقم 3699 لسنة 40 ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعنان الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانونا على النحو المبين بالأوراق.
وقد أودع السيد المستشار مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانون ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وتحددت جلسة 16/12/1991 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التى تداولت نظره على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت الدائرة بجلسة 28/9/1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة و التى نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/12/1992 قررت النطق بالحكم بجلسة 24/1/1993، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 7/3/1993 لإتمام المداولة وفى هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق فى ان المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 3699 لسنة 40 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 15/5/1986 وطلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شارحا دعواه أن الشركة التى يقوم على إدارتها تقوم باستيراد الأدوية من الخارج وهى تخضع للضرائب على الاستهلاك من تاريخ صدور القرار الجمهورى رقم 360 لسنة 1982 المعدل للجدول المرافق للقانون رقم 133 لسنة 1981 بفرض الضريبة على الاستهلاك ويتم حساب الضرائب على الاستهلاك – وفقا لإجراءات الجمارك قبل الإفراج عن الأدوية المستوردة وأن الشركة ملتزمة عند البيع بقرارات التسعير الجبرى، ورغم التزام الشركة بكافة التعليمات إلا أنها فوجئت بقرار يطالبها بسداد مبلغ 102182.69 بدعوى أنه يمثل فروق ضريبة استهلاك ونص المطعون ضده على القرار المشار إليه مخالفته للقانون ذلك انه طبقا للقانون رقم 133 لسنة 1981 فأنه فى حالة اتخاذ قيمة السلعة أساسا لربط الضريبة تقدر قيمة السلعة المستوردة بذات القيمة المتخذة أساسا لتحديد الضريبة الجمركية وهو ما تم بالنسبة لشركة المدعى، ولا دخل لمصلحة الضرائب على الاستهلاك بسعر البيع للجمهور.
وعقبت هيئة قضايا الدولة على الدعوى فأوضحت أن الفروق المستحقة على الشركة التى يديرها المدعى كانت نتاج قرار تسعير الأدوية الذى صدر من وزير الصحة، لأن ضريبة الاستهلاك تتناسب تناسبا طرديا مع زيادة سعر الدولار مما ترتب عليه ضرورة تحصيل ضريبة استهلاك تزيد عما تم سداده للجمارك عند الاستيراد ويتعين على الشركة المستوردة دفع هذه الفروق، ولا ينال من ذلك أن رسوم الاستهلاك دفعت عند دخول السلعة إلى البلاد إلا أن ما دفع كان على أساس تقدير سعرها بأقل مما قدره قرار التسعير الجبرى.
وبجلسة 26/1/1988 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأدوية التى تقوم الشركة التى يديرها المدعى باستيرادها من الخارج من السلع التى تقدر ضريبة الاستهلاك عليها بنسبة (5%) من قيمتها المتخذة أساسا لتحديد الضريبة الجمركية وذلك وفقا للمادة (10) من قانون الضريبة على الاستهلاك والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982 بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة، ومن ثم فإنه يكون من المتعين حساب ضريبة الاستهلاك على الأدوية التى تستوردها شركة المدعى من الخارج على الأساس المشار إليه، فإذا ما تم تقدير الضريبة على غير هذا الأساس بأن قدرت على أساس قيمة الأدوية بعد تسعيرها جبريا فإن جهة الإدارة تكون قد خالفت القانون ويضحى قرارها المطعون فيه معيبا.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ذلك أن نسبة الضريبة المستحقة على السلع المستوردة حددها المشرع بـ (5%) من قيمتها ويقتضى ذلك أنه متى تحدد سعر هذه السلع بما يؤدى إلى ارتفاع قيمتها فإنه يترتب على ذلك بالضرورة ارتفاع نسبة الضريبة على الاستهلاك المستحقة عليها تبعا لارتفاع قيمتها ومن ثم كان من حق الإدارة تحصيل فارق الضريبة، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا.
من حيث إن المادة (38) من الدستور قد نصت على أن يقوم النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية، كما نصت المادتان (64)، (65) على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة وتخضع الدولة للقانون، كما نصت المادة (119) من الدستور على أن إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون كما نصت المادة ( 120 ) من الدستور على أن ينظم القانون القواعد الأساسية لحماية الأموال العامة وإجراءات صرفها.
ومن حيث إنه يبين من مجموع هذه النصوص أن الدستور قد قرر بحسم وقطعية ووضوح انه لا يجوز إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء من أدائها إلا طبقا للأحكام والقواعد والإجراءات التى ينص عليها فى قانون وليس فى أداة تشريعية أدنى كما أن المشرع الدستورى قد أوجب أن ينظم القانون وليس أية أداة تشريعية أدنى القواعد الأساسية لحماية الأموال العامة وبينها الضرائب والرسوم.
ومن حيث أن تلك المبادئ الأساسية المتعلقة بالضرائب والرسوم التى أوردها الدستور تمثل مبدأ شرعيه الضرائب والرسوم، والذى يتحتم بمقتضاه أن ينظم بالقانون وحده الأركان الأساسية والجوهرية التى يقوم عليها النظام القانونى للضرائب والرسوم ويتعين أن ينظم القانون وليس بأداة تشريعيه ادنى منه شخص الخاضع للضريبة ، وكذلك الوعاء الخاضع للضريبة، والسعر الذى تتحدد به الضريبة والقواعد الأساسية لتحصيل الضريبة، ولا يجوز على أى وجه أن تقوم الإدارة الضريبية بناء على أداة ادنى من القانون بفرض أو تعديل أو تحصيل والإعفاء من الضريبة، وإلا كان عملها غير مشروع ومخالف لصريح نص الدستور وللقانون المنظم للضريبة إن وجد وبالتالى وإذ أن المركز القانونى للخضوع أو الإعفاء من الضريبة مصدره أحكام القانون الضريبى ذاته التى تحدد الأركان الشرعية الأساسية للضريبة على النحو آنف الذكر وليس ما تقرره الإدارة الضريبية بأداة ادنى من نصوص القانون فإن قرارات الإدارة الضريبية المخالفة للدستور والقانون لا يكون لها ولو مضى الزمن عليها أى أثر قانونى ما لم ينص القانون على غير ذلك صراحة بنصوص صريحة وقاطعه الدلالة.
ومن حيث إن قانون الضريبة على الاستهلاك رقم 133 لسنة 1981 ينص فى المادة الثالثة منه على أن تسرى أحكام هذا القانون على كل منتج صناعى وعلى كل مستورد لسلع خاضعة للضريبة.
وتنص المادة الرابعة فى فقرتها الثانية على أن السلع المستوردة الخاضعة لأحكام هذا القانون تستحق الضريبة عليها بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية وتحصل وفقا للإجراءات المقررة للضريبة الجمركية.
وتنص المادة العاشرة على أن تقدر قيمة السلع المستوردة بنفس القيمة المتخذة أساسا لتحديد الضريبة الجمركية.
وتنص المادة (38) من القانون المشار إليه على أن تستحق الضريبة بتحقق الواقعة المنشئة لها وعلى المنتج الملتزم بالضريبة أن يقوم بسدادها فور مطالبته بذلك أولا بأول وفى جميع الأحوال يلتزم بتوريد حصيلة الضريبة دوريا كل عشرة أيام.
وتؤدى الضريبة على السلع المستوردة عند أداء الضريبة الجمركية المقررة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المشرع قد حدد بالقانون رقم 133 لسنة 1981 السلع المستوردة ضمن السلع الخاضعة لأحكام قانون الضريبة على الاستهلاك – ومن بينها الأدوية المستوردة عدا أدوية منع الحمل وتلك (التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة) فتستحق عليها الضريبة بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية، وأنه عند اتخاذ قيمة السلعة أساسا لربط الضريبة تقدر قيمة السلعة المستوردة – كما هو الحال فى الأدوية (بالقيمة المتخذة أساسا لتحديد الضريبة الجمركية) ولما كان ذلك وكانت الأدوية – موضوع القرار المطعون فيه – التى تستوردها شركة المطعون ضده من الخارج من السلع التى تقدر ضريبة الاستهلاك عليها بنسبة (5%) من قيمتها المتخذة أساسا لتحديد الضريبة الجمركية وفقا لما هو وارد قرين المسلسل رقم (123) من الجدول المرافق للقانون رقم 133 لسنة 1981 فمن ثم يكون حساب ضريبة الاستهلاك قانونا على هذه الأدوية وفقا للأساس الصريح الواضح والقاطع الذى حدده المشرع والسالف الإشارة إليه ومن ثم فإن ما قررته الإدارة من تقدير ضريبة الاستهلاك على أساس قيمة الأدوية بعد تسعيرها جبريا واتخاذها من تلك القيمة أساسا لتحديد الوعاء الخاضع لربط الضريبة المذكورة يكون مخالفا لصريح حكم القانون، الذى حدد فى صراحة ووضوح الواقعة المنشئة للضريبة بأن ربطها بالواقعة المنشئة للضريبة الجمركية ومن ثم جعل مناط فرض ضريبة الاستهلاك هو تحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية وحدد فئتها وهى (5%) من قيمتها المتخذة أساسا لحساب الضريبة الجمركية وجعل تحصيل الضريبة يتم بذات الإجراءات التى يتم بها تحصيل الضريبة الجمركية ومن ثم فإنه يكون مسلك الإدارة وتصرفها مخالفا لمبدأ مشروعيه وشرعية الضريبة الذى نصت عليه صراحة مواد الدستور على النحو سالف البيان وبالتالى فإنه لا يكون ثمة سند فى الدستور أو القانون لما قررته الإدارة الضريبية فى هذا الشأن بصورة تخالف صريح أحكام الدستور والقانون ومن ثم فلا مناص من النزول على إرادة المشرع الصريح سواء فى نصوص الدستور أو فى أحكام قانون ضريبة الاستهلاك فى هذا الشأن، ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد فرضت ضريبة الاستهلاك على أساس أن يكون وعاؤها السعر الجبرى لبيع الدواء بالداخل لكى تتناسب تناسبا طردياً مع زيادة سعر الدواء، بقرارات من سلطة تحديد سعره جبريا ومن ثم فان قرارها الصادر فى هذا الشأن يغدو خارج نظام الشرعية وسيادة القانون أو غير قائم على أساس مشروع وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بإلغائه فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وطبق صحيح أحكام الدستور والقانون على النحو سالف البيان ويكون النعى عليه غير سديد وواجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ