برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة حنا ناشد مينا حنا و فاروق علي عبد القادر و كمال عبد الرحمن اللمعي و عطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين
* إجراءات الطعن
بتاريخ الخميس 20 من مارس سنة 1986 أودع وكيل الشركة الطاعنة تقرير طعن نيابة عنها بقلم كتاب المحكمة بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 19/1/1986 فى الدعوى رقم 4803 لسنة 37 ق المقامة من الشركة الطاعنة ضد محافظ البحر الأحمر بصفته والذى قضى برفض الدعوى وإلزام الشركة المدعية المصروفات .وطلبت الشركة الطاعنة فى تقرير طعنها الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات . وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بصفته بتاريخ 31/3/1986 وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة التى قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة واودعت فيه تقريراً بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه وإلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات .ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 27/2/1990 إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة – وحددت لنظره أمامها جلية 27/3/1990 وبهذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وارجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وتلى منطوقه علناً مسودة الحكم المشتملة على أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة .من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل فى أن شركة النيل للاستثمارات قد اقامت الدعوى رقم 4803 لسنة 37 ق ضد محافظ البحر الأحمر بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 26/7/1983 طلبت فى ختامها الحكم ببطلان قرار الفسخ رقم 52 لسنة 1983 وعدم الاعتداد به وبإلزام المدعى عليه بصفته بدفع مبلغ عشرة ملايين جنيه كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالشركة مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . وأسست الشركة دعواها على أن محافظ البحر الأحمر أعلنت فى 29/4/1982 عن دعوى للمستثمرين فى مجال السياحة وشركات المقاولات لتقديم عروضها لتنفيذ بعض مبانى المركز السياحى المتكامل على مساحة مليونين وخمسمائة ألف متر مربع عل ساحل البحر الأحمر فتقدمت الشركة المدعية بعرض لتنفيذ هذه العملية وتمت ترسيه تنفيذ الأعمال الخاصة بالمشروع عليها على اعتبار أن عرضها هو أنسب العروض من ناحية الأسعار والشروط والتسهيلات .وفى 16/11/1982 أبرم العقد بين الطرفين وشرعت الشركة فى استحضار الآلات اللازمة وشكلت جهازاً فنياً لتنفيذ المشروع ، وقامت باتخاذ إجراءات وجودها القانونى طبقاً للبند الثالث من العقد وذلك بتسجيل الشركة قانوناً بموافقة وزير الإسكان والتعمير ووزير التجارة وهيئة الاستثمار ، كما قامت بقيد الشركة بالسجل التجارى المصرى بتاريخ 12/2/1983 وأخطرت المعدى عليه بصفته بذلك بتاريخ 17/2/1983 إلا أنه لم يقم من جانبه بتسليم الشركة الخرائط المساحية لموقع المشروع والتخطيط العام كما لم يقم بإصدار أمر التشغيل رغم استعداد الشركة للتنفيذ كما لم يقم بتسليمها موقع المشروع وأخطر المدعى عليه الشركة بتاريخ 26/5/1983 بعدم وجود أهلية قانونية للشركة المدعية فى التعاقد خلافاً للواقع والقانون كما تلقت الشركة القرار الإدارى رقم 52 لسنة 1983 بفسخ التعاقد مع الشركة المدعية ، وحاول المدعى عليه من جانبه اسباغ الصفة الشرعية على قرار الفسخ فلجا إلى إدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية والمحافظات بمجلس الدولة التى ردت بكتابها المؤرخ بكتابها المؤرخ 27/4/1983 بعدم مشروعية قرار الفسخ . ونعت الشركة على قرار الفسخ مخالفته لنص المادة 33 من العقد التى تشترط عرض النزاع على لجنة التحكيم والتوفيق وانه يعتبر قراراً معدوماً الأمر الذى تتوافر معه أركان المسئولية التقصيرية فى حق المدعى عليه بصفته وعليه تطلب الشركة الحكم لها بطلباتها ونظرت المحكمة الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 19/1/1986 قضت برفض الدعوى وإلزام الشركة المدعية بالمصروفات . واقامت المحكمة قضاءها على أسباب محصلها إن الشركة المدعية هى شركة اجنبية تتمتع بالجنسية التركية وأنها تقدمت لمحافظة البحر الأحمر فى الإعلان الذى نشرته المحافظة وذلك على أساس أن للشركة فرعاً فى مصر ، وقامت بإبرام العقد موضوع النزاع بتاريخ 16/11/1982 قبل أن يولد هذا الفرع ميلاداً قانونياً أى قبل اتخاذ إجراءات قيده بالسجل التجارى وسجل الإدارة العامة للشركات ، أى أن الثابت أن هذا الفرع قد استغل العقد المشار إليه كركيزة فى اتخاذ إجراءات تسجيله بمصر وتضمنت وثيقة تسجيله بالسجل التجارى فى 19/2/1983 أن الغرض من إنشائه هم تنفيذ العقد المبرم مع محافظة البحر الأحمر ، وبذلك تكون الشركة قد تعاقدت وهى فاقدة الأهلية القانونية مما يجعل تعاقدها معدوماً لعدم أهليتها لتلقى الحقوق القانونية وتكون بإبرامها هذا التعاقد قد تحايلت على قواعد آمرة من النظام العام لا يجوز مخالفتها . وان الفهم الصحيح لنص المادة 38 من العقد المبرم مع الشركة وفى إطار قواعد الأهلية المشترطة للتعاقد أن العقد لم يوجد أصلاً لفقدان أحد أطرافه أهليته للتعاقد وقت إبرامه فقرار الجهة الإدارية المدعى عليها باعتبار العقد مفسوخاً قد ورد على غير محله لكونه معدوماً أصلاً . وبذلك ينتفى الخطأ فى جانب الجهة الإدارية ويغدو طلب التعويض على غير سند من القانون متعين الرفض .ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الشركة الطاعنة كان لها كيان قانونى قائم بموجب العقد الموقع بين الشركاء بتاريخ 20/5/1981 وأنها استوفت الشكل القانونى لها فى مصر إذ تم قيدها بالسجل التجارى واستكملت كل الإجراءات اللازمة ومنها موافقة وزير التموين والتجارة الداخلية على قيد فرع الشركة بالسجل التجارى بعد موافقة هيئة الاستثمار على النحو الذى يتطلبه القانون رقم 159 لسنة 1981 كما قامت بإخطار الإدارة العامة للشركات بشأن قيد الشركة فى السجل الخاص بها بخطاب الشركة المؤرخ 15/2/1983 وبذلك يتبين أن جميع الإجراءات التى اتخذتها الشركة لقيد فرعها فى مصر هى إجراءات تتفق وأحكام القانون وان الحكم المطعون فيه قد خالف فيه ما ورد بالعقد موضوع الطعن من أى ىنزاع ينشأ بين طرفيه يكون الفصل فيه للجنة تحكيم وتوفيق شابه القصور فى التسبيب وإغفال الرد على دفاع الشركة الطاعنة المتمثل فى أنها قد ارتفقت بعرضها نماذج سابقة خبرة الشركات المملوكة وكلها مستندات موثقة وهى تدل على سابقة الخبرة التى تمثل الكفاءة المتطلبة لتنفيذ المشروع موضوع التعاقد وبذلك يكون ما ورد فى الحكم المطعون فيه من ان الشركة ليس لها كيان قانونى أو أهلية للتعاقد ، هو قول يخالف الواقع .ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن إنه بتاريخ 29 من إبريل عام 1982 أعلنت محافظة البحر الأحمر عن دعوة المستثمرين فى مجال السياحة وشركات المقاولات للتقدم بعروضهم لتنفيذ بعض مبانى المركز السياحى الجديد على مساحة مليونين وخمسمائة ألف متر مربع على ساحل البحر الأحمر وفقاً للشروط المفصلة بكراسة الشروط والموصفات الخاصة بهذه العملية وقد تقدمت عدة شركات بعروضها لتنفيذ المشروع وشكلت المحافظة لجنة البت فى هذه العروض انتهت إلى ترسيه تنفيذ الأعمال الخاصة بالمشروع على شركة النيل للاستثمارات (الطاعنة) باعتبار أن العرض المقدم منها يمثل أنسب العروض من ناحية الشروط والأسعار والتسهيلات ، وبتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1982 تم التعاقد بين محافظة البحر الأحمر بصفته وممثلى شركة النيل للاستثمار ونص العقد فى الفصل التمهيدى منه على أن الطرف الأول محافظ البحر الأحمر قرر إسناد تنفيذ بعض أعمال هذا المشروع وفقاً لقرار لجنة البت إلى الطرف الثانى (شركة النيل) وأن الطرفين اتفقا بعد أن أقر كلا منهما بأهليته للتعاقد ، وانه وفقاً للبند الثالث من العقد فقد عهد الطرف الأول للطرف الثانى بتنفيذ أعمال المبانى بمناطق الإسكان السياحى العام والبالغ مسطحها 650000 (ستمائة وخمسين ألف متر مسطح) وذلك وفق تعليمات ومواصفات المكتب الاستشارى للمشروع والتى تشمل عشر نماذج ملحقة بالعقد وموقع عليها من الطرفين ومن المكتب الاستشارى ويبلغ عدد وحداتها ألفاً ومائتين وحدة تقريباً . كما ورد النص فى البند 38 من العقد على أن تتعهد الشركة باتخاذ إجراءات تسجيلها فى جمهورية مصر العربية فور التعاقد واستخراج السجل التجارى وإنهاء ذلك قبل إصدار أول أمر بدء عمل وإنه لا يترتب على هذا العقد أى حقوق إلا بعد الانتهاء من إجراءات التسجيل مع عدم الإخلال بحق الطرف الأول فى فسخ العقد والمطالبة بالتعويض فى حالة عدم قيام الطرف الثانى بتنفيذ تعهده ومن حيث إن محور النزاع فى الطعن الراهن يدور حول مدى صحة العقد المبرم بين محافظ البحر الأحمر بصفته وبين الشركة الطاعنة بتاريخ 6من نوفمبر سنة 1982 لتنفيذ بعض مبانى المركز السياحى الجديد بساحل البحر الأحمر ، فالجهة الإدارية المطعون ضدها – وشابهها فى ذلك الحكم المطعون فيه – تقول بأنه وقت توقيع العقد لم تكن الشركة – باعتبارها فرعاً لشركة تركية – قد اتخذت إجراءات قيدها بالسجل التجارى واستيفاء الشرائط القانونية لوجودها القانونى ومن ثم لم تكن قد اكتسبت أهلية التعاقد ومن ثم يكون العقد معدوماً ولا يترتب لها أى حقوق . والشركة الطاعنة تنازع فى ذلك على النحو المفصل بتقرير طعنها ومذكرات دفاعها .ومن حيث إن المادة 166 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالاسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الواردة فى الباب السادس تحت عنوان (فروع الشركات الأجنبية وما فى حكمها) – قد نصت على أنه يجب على الشركات الأجنبية التى يكون لها مركز لمزاولة الأعمال فى مصر أن تتبع إجراءات التسجيل التجارى المقررة وعليها أن تخطر الجهات التى تحددها اللائحة التنفيذية بالبيانات وتقدم الأوراق التى تحددها تلك اللائحة … كما نصت المادة 309 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه – الواردة تحت عنوان فروع الشركات الأجنبية على أنه لا يجوز لأى شركة اجنبية مزاولة أى نشاط فى مصر إلا بعد إنشاء فرع لها طبقاً للأحكام المقررة فى قانون السجل التجارى ، وتلتزم الشركة بإخطار الإدارة العامة للشركات بصورة من أوراق القيد فى السجل التجارى لتتولى قيدها فى سجل خاص لها الغرض ، ويعلن إدارياً فرع الشركة الأجنبية فى مصر الذى يزاول نشاطه دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها فى الفترة الأولى ونصت المادة 310 من ذات اللائحة على أنه تمسك الإدارة العامة للشركات سجلاً خاصاً بعدد فروع الشركات الأجنبية العامة فى مصر يوضح فيه اسم الشركة الأصلية ومركزها الرئيسى وغرضها وعنوان الفرع فى مصر والنشاط الذى يزاوله وتاريخ قيده ورقمه فى السجل وكافة البيانات الأخرى المتعلقة به .ومن حيث إنه فى ضوء النصوص السالفة الذكر ولأن الشركة الطاعنة هى فرع لشركة أجنبية تتمتع بالجنسية التركية ومقرها الرئيسى بمدينة أستانبول قد أبرمت العقد موضوع النزاع مع محافظة البحر الأحمر بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1982 لتنفيذ بعض الأعمال فى المركز السياحى المتكامل بمحافظة البحر الأحمر ، وفى وقت لم يكن لها وجود قانونى فى مصر ولا يسوغ لها مزاولة أى نشاط فى مصر إلا بعد استيفاء وجودها القانونى لأن ذلك محظور بصريح نص المادة 309 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 159 لسنة 1981 المشار إليه بل إن الفقرة الثانية من ذات المادة قد رتبت جزاء الغلق الإدارى للفرع إذا خالف الأحكام المتقدمة .ومن حيث إنه ما دامت الشركة الطاعنة لم يكن لها وجود قانونى فى مصر أثناء توقيع العقد مع محافظة البحر الأحمر فإنه بالتالى لم تكن لها أهلية التعاقد ويكون العقد محل النزاع معدوماً لا يترتب أى أثر لانعدام أهلية أحد طرفيه وهو الشركة الطاعنة وإن قيام محافظة البحر الأحمر بفسخه فإن هذا الفسخ يكون قد ورد على غير محل لانعدام العقد أصلاً ولا يغير من ذلك أن الشركة قامت فى تاريخ لاحق فى 12/2/1983 بإجراءات قيدها بالسجل التجارى لأن هذا إجراء لاحق ولا يغير من كون الشركة كانت فاقدة الأهلية وقت التعاقد .ومن حيث أنه لما تقدم يكون الخطأ قد انتفى فى جانب محافظة البحر الأحمر ويغدو طلب التعويض غير قائم على أساس متعين الرفض .وإذ ذهب الحكم المطعون فيه لهذا إلى هذا المذهب وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد اصاب وجه الحق فى قضائه ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس متعين الرفض .
* فلهذه الأسباب
لمحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات