طعن رقم 1372 لسنة 38 بتاريخ 27/12/1994
طعن رقم 1372 لسنة 38 بتاريخ 27/12/1994
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: فاورق على عبدالقادر والصغير محمد محمود بدران ومحمد الشيخ على أبوزيد وعبدالرحمن سعد محمود عثمان المستشارين
* إجراءات الطعن
بتاريخ 22/4/1992 أودع الأستاذ/.
…………….. المحامى بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن فى الطعن الأول بالتوكيل الرسمى العام رقم 2757 لسنة 1990 توثيق مصر الجديدة – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1373 لسنة 38 ق.ع، فى الحكم من محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات) بجلسة 24/2/1992 فى الدعوى رقم 4045 لسنة 44 ق والذى قضى أولاً: بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 343 لسنة 1983 بعدم قبوله شكلاً وفى الموضوع بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى للمدعى تعويضاً مقداره ألف جنيه ثالثاً: إلزام المدعى وجهة الإدارة بالمصاريف مناصفة بينهما.
وطلب الطاعن، للأسباب الواردة بصحيفة الطعن – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بالشق أولاً والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وفى موضوعها بإلغاء القرار رقم 343 لسنة 1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبالنسبة لطلب التعويض بزيادة مقداره بما يتناسب مع حجم الأضرار التى أصابت الطاعن مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه.
وقد أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده.
وبتاريخ 23/4/1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن فى الطعن الثانى، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1400 لسنة 38 ق عليا فى ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 4045 لسنة 44 ق. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء برفض التعويض مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن درجتى التقاضى.
وقد أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة للشق الخاص بالتعويض ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المطعون ضده فى الطعن الثانى بمصروفات الطعنين.
كما تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة.
…….. وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة.
……… قررت ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وبذات الجلسة حيث قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة والتى نظرتهما بجلسة.
………. وبالجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة.
……. قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة.
……….. وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 4/4/90 أقام السيد/.
………… (الطاعن فى الطعن الأول) الدعوى رقم 4045 لسنة 24 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع أصلياً بإلغاء القرار رقم 343 لسنة 1983 الصادر فى 16/6/1983 بإنهاء خدمته اعتباراً من 16/2/1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار واحتياطياً بتعويضه عن الضرر المادى الذى لحق به بمبلغ عشرين ألف جنيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه وذكر شارحاً دعواه أنه كان يعمل بوظيفة مهندس من الدرجة الثانية بوزارة التخطيط ثم حصل على أجازة خاصة بدون مرتب خلال الفترة من 1/9/1982 وحتى 25/2/1983 وذلك للعمل بوزارة البرق والبريد والهاتف بالمملكة العربية السعودية وقبل انتهاء مدة الأجازة طلب فى 20/1/1983 تجديد أجازته إلا أنه لم يتلق رداً عل طلبه واستمر فى عمله بالخارج إلى أن عاد بعد انتهاء عقده فتبين له صدور القرار رقم 343 لسنة 1983 فى 16/6/1983 بإنهاء خدمته اعتباراً من 26/5/1983، ونظراً لاعتراضه على هذا القرار لعدم سابقة الإنذار فقد تقدم بطلب لعودته إلى العمل ريثما يتم بحث حالته، بتاريخ 15/10/1987 صدر القرار رقم 56 لسنة 1987 بإعادة تعيينه بالدرجة الثالثة التخصصية اعتباراً من 25/10/1987 فتظلم منه بتاريخ 19/12/1987 لبطلان قرار إنهاء خدمته وطلب تسوية حالته وقد ورد إليه كتاب مدير عام شئون العاملين المؤرخ 15/2/1990 متضمناً ما أفاد به الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بموجب كتابه رقم 86 فى 1/2/1990 بمشروعية قرار إنهاء خدمته وعدم حساب مدة انقطاعه ضمن المدة المشترطة للترقية فأقام المدعى دعواه هذه ناعياً على قرار إنهاء خدمته ومخالفته للقانون لعدم إنذاره كتابة قبل إنهاء خدمته ولمخالفته توجيهات مجلس الوزراء بمنح المعارين ومن هم فى أجازة خاصة بالخارج مهلة ستة أشهر لتدبير أمور عودتهم، فضلاً عن صدور القرار من غير مختص فقد صدر من رئيس القطاع المشرف على التنمية الإدارية وبذلك يكون هذا القرار قد صدر معدوماً لا تلحقه حصانة ولا يترتب عليه أثر قانونى وإذ ترتب على هذا القرار الأضرار به وذلك بحرمانه من الترقية بالأقدمية أسوة بزملائه وتفويت حقه فى العلاوات الدورية فإنه يطلب احتياطياً بتعويض عن هذه الأضرار المادية التى لحقت به.
وبجلسة 24/2/1992 صدر الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه لرفع الدعوى بعد الميعاد، أن القرار الطعين صدر فى 16/6/1983 وعلم به المدعى علماً يقينياً فى 20/1/1987 عن تاريخ تقديمه طلب عودته للعمل وكذلك من تاريخ صدور قرار إعادة تعيينه رقم 56 لسنة 1987 فى 25/10/1987 ثم أقام دعواه فى 4/4/1990 فتكون الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد. أما بالنسبة لطلب التعويض فالثابت أن جهة الإدارة لم تقم بإنذار المدعى بإنهاء خدمته للانقطاع وفقاً لحكم المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مما يجعل قرار انهاء خدمته قد صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون مما كان يتعين إلغاؤه لو رفعت دعوى الإلغاء فى الميعاد، وإذ ترتب على صدور القرار المشار إليه الأضرار بالمدعى وذلك بحرمانه من الترقية أسوة بزملائه وكذلك حرمانه من العلاوات الدورية التى تمت خلال مدة انقطاعه ومن ثم تكون عناصر المسئولية الإدارة قد تحققت بمخالفة القرار المطعون فيه للقانون وإصابة المدعى بأضرار مباشرة الأمر الذى يتعين الحكم بتعويضه عن هذه الأضرار التى تقدرها المحكمة بمبلغ ألف جنيه وذلك بمراعاة أنه كان يعمل بالمملكة العربية السعودية وأنه قام بتغيير مهنته ووظيفته من مهندس بوزارة التخطيط إلى مهندس كهرباء حر.
وينعى الطاعن فى الطعن رقم 1373 لسنة 38 ق.ع على الحكم المطعون فيه مخالفته للواقع والقانون فبالنسبة للشق الأول منه القاضى بعدم قبول دعوى الإلغاء لرفعها بعد الميعاد فالثابت أن الطاعن منح أجازة بدون مرتب للعمل بالخارج اعتباراً من 1/9/1982 وحتى 25/2/1983 وقبل انتهاء هذه المدة تقدم بطلب لتجديد أجازته فاستمر الطاعن فى عمله بالخارج مرافقاً لزوجته التى كانت تعمل بالسعودية فضلاً عن وجود أولاده بالمدارس هناك فإنه بعد عودته تقدم فى 20/1/1987 وظل يباشر عمله حتى موعد استحقاقه لراتبه الشهرى حيث فوجئ بضآلة راتبه بحيث لا يتمشى مع مدة خدمته فاعترض على ذلك وورد إليه الرد كتابة بتاريخ 25/2/1990 والذى تضمن أنه قد انهيت خدمته بالقرار رقم 143 لسنة 1983 ثم اعيد تعيينه بالقرار رقم 56 لسنة 1987 وبذلك يكون علمه بقرار انهاء خدمته قد تحقق فى 15/2/1990 وأقام دعواه فى 4/4/1990 ومن ثم فإنها تكون مقامة فى الميعاد، وبذلك يكون ما قرره الحكم الطعين من علم الطاعن بقرار انهاء خدمته من تاريخ احتجاجه على قرار إعادة تعيينه رقم 56 لسنة 1987 أو تاريخ صدور هذا القرار يكون قد جانب صحيح حكم القانون والواقع – وأضاف الطاعن أن قرار انهاء خدمته غير مشروع حيث صدر دون إنذاره وفقاً لحكم المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 ومن ثم يكون خليقاً بالإلغاء.
وبالنسبة للتعويض فرغم توافر أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإن التعويض الذى قضى له به لا يتناسب مع الأضرار التى حاقت به من جراء القرار المطعون فيه، والذى ترتب عليه ترقية من هم أحدث منه للدرجات الأعلى وتنصيبهم رؤساء فضلاً عما أصابه من أضرار معنوية ونفسية لا تقدر بمال.
وينعى الطاعن فى الطعن رقم 1400 لسنة 38 ق. عليا على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون فى قضائه بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه بدعوى مخالفة قرار انهاء خدمته للقانون لعدم سبق إنذاره، فالثابت أن الضرر الذى يدعيه المطعون ضده هو بسبب انقطاعه عن العمل لمدة تربو على أربع سنوات تالية لانتهاء الأجازة التى كانت ممنوحة له. وأن السبب الشكلى الذى يعيب قرار انهاء الخدمة (عدم الإنذار) ليس من شأنه أن يؤثر على سلامة وصحة قرار انهاء الخدمة لما هو مقرر من أن بطلان القرارات الإدارية لعيب فى الاختصاص أو الإجراءات لا يترتب عليه حتماً الحكم بالتعويض، كما أن التعويض ليس من مستلزمات القضاء بالإلغاء فلكل من القضائيين أساساً الذى يقوم عليه هذا فضلاً عن المطعون ضده قد عمل أثناء الانقطاع بالخارج وعادت عليه مكاسب ماديةم تفوق ما يحصل عليه من وظيفته ولم ينله ضرر من انهاء خدمته ومن ثم يكون ركن الضرر قد انتفى بما لا يستحق معه المطعون ضده أى تعويَ.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن فى الطعن رقم 1373 لسنة 38 ق. عليا على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون فى شقه المتعلق بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على سند من القول بعد تحقق علمه بقرار انهاء خدمته إلا فى 15/2/1990، فإن الثابت من الأوراق تحقق علم الطاعن علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً نافياً للجهالة بكافة عناصر قرار انهاء خدمته فى 20/1/1987 تاريخ تقدمه بطلب عودته لعمله بالوزارة للسيد/ نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط، وكذلك فى 25/10/1987 تاريخ صدور القرار رقم 56 لسنة 1987 بإعادة تعيينه بالدرجة الثالثة التخصصية، ولما كانت الدعوى المقامة طعناً على هذا القرار لم ترفع إلا فى 4/4/1990 ومن ثم تكون قد أقيمت بعد انقضاء ميعاد الطعن بالإلغاء وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبولها شكلاً فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون فى هذ الشق منه.
ومن حيث إنه عن مدى استحقاقه التعويض عن قرار انهاء خدمته المذكور أصلاً أو مقداراً فإنه ذلك منوط بتحقيق عناصر المسئولية من خطأ وضرر علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه عن مدى مشروعية القرار المذكور فإن المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن يعتبر العامل مقدماً استقالته فى الحالات الآتية:
1- إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية.
2- إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة فى السنة وفى الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام فى الحالة الأولى وعشرة أيام فى الحالة الثانية.
وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الإنذار إجراء جوهرى ويمثل ضمانة أساسية للعامل الغرض منه تنبيه العامل إلى عاقبة انقطاعه وأن تستبين جهة الإدارة مدى أضرار العامل على ترك العمل وعزوفه عنه، لذلك فإن إغفال هذا الإجراء من شأنه أن يعيب قرار إنهاء الخدمة وهو عيب شكلى، بمعنى أنه لو تم اتخاذه لكان قرار انهاء الخدمة صحيحاً ولا يؤخذ على جهة الإدارة.
ومن حيث إنه ولئن كان عدم إنذار الطاعن قبل انهاء خدمته رغم وجوب ذلك قانوناً – يمثل ركنا الخطأ من جانب الإدارة، إلا أن ما عساه أن يكون قد أصاب الطاعن من ضرر من جراء انهاء خدمته فإن ذلك الضرر مرده أساساً إلى انقطاعه عن العمل وليس بسبب خطأ الإدارة عن إصدار قرار انهاء خدمته دون مراعاة إجراءات شكلية، ومن ناحية أخرى فإنه عند النظر فى مدى استحقاق الطاعن المذكور للتعويض بسبب حرمانه من وظيفته مدة تقارب أربع سنوات وهو الضرر الذى يطلب فى دعواه التعويض عنه، مراعاة ما إذا كان قد زاول عملاً أثناء مدة فصله أو كان فى استطاعته مزاولته إلى غير ذلك من الاعتبارات، وكان الثابت أن الطاعن منذ تاريخ انهاء خدمته وحتى تاريخ إعادة تعيينه فى 25/10/1987 ظل يعمل بالمملكة العربية السعودية وكان يتقاضى عن عمله أجراً يفوق كثيراً ما يتقاضاه أقرانه من مزايا بالداخل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه يتعين أن يؤخذ فى الاعتبار أنه قد هيأ بخطأه للإدارة فرصة إصدار قرار انهاء خدمته، وكل هذه الاعتبارات تقطع بأنه لم يكن للطاعن أصل حق فى التعويض وإذ قضى له الحكم المطعون فيه بمبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه) على سبيل التعويض فإنه يكون قد أخطأ صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه بالطعن رقم 1400 لسنة 38 ق. عليا المقام من الجهة الإدارية، قائماً على أساس سليم من القانون الأمر الذى يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه ورفض طلب التعويض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصاريف.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة أولاً: بالنسبة للطعن رقم 1373 لسنة 38 ق.ع بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً – وألزمت الطاعن المصروفات.
ثانياً: بالنسبة للطعن رقم 1400 لسنة 38 ق.ع بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الجهة الإدارية بتعويض المطعون ضده بمبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه) وبرفض طلب التعويض وألزمت المطعون ضده المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ