طعن رقم 1391 لسنة 37 بتاريخ 17/11/1991 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 1391 لسنة 37 بتاريخ 17/11/1991 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

______________________________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمود فرغلى وأحمد شمس الدين خفاجى وفريد نزيه تناغو نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 16 من مارس 1991 أودع الأستاذ / على كامل محمد المحامى عن السيدة / ………….بصفتها وصية على ابنتها القاصر ( …………….) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقرير طعن فى حكم محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات الصادر فى الدعوى رقم 7 لسنة 45 القضائية بجلسة 15 من يناير سنة 1991 والقاضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة الى المدعى عليه الأول (محافظة القاهرة) والمدعى عليها الثالثة (عميدة كلية المعلومات النوعية) لرفعها على غير ذى صفة وقبولها شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعية مصروفات هذا الطلب مع الأمر بإحالة طلب الإلغاء الى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإيداع تقرير بالرأى القانونى فيه.
وطلبت الطاعنة – للأسباب الموضحة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ قرار فصل الطاعنة وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار على رضا تقرير هيئة مفوضى الدولة فى الطعن الذى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه فى الشق – المستعجل، والحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون، فيه وإلزام جهة الإدارة المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة السادس من مايو سنة 1991 وتداولت نظرها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 29 من يوليو سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن الى هذه المحكمة التى نظرته بجلسة 28 من سبتمبر سنة 1991، وبجلسة 12 من أكتوبر سنة 1991 قررت إصدار الحكم بجلسة 10/11/1991 حيث قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم الأحد الموافق 17 من نوفمبر لسنة 1991 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة ، والمداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبلو شكلا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى انه فى أول أكتوبر سنة 1990 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 7 لسنة 45 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بصفتها وصية على ابنتها القاصر (………) وطلبت فى ختامها بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار فصل ابنتها من الكلية وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل مع حفظ حقوق الطالبة الأخرى.
وقالت المدعية ( الطاعنة ) شرحا لدعواها . أن ابنتها المشمولة بوصايتها وهى طالبة بكلية المعلمات النوعية المنقولة الى السنة الثانية قسم الموسيقى قد تلقت فى 29 من يوليو سنة 1990 قرار عميدة الكلية الصادر تنفيذا لقرار مجلس التأديب – المشكل عملا بقرار وزير التعليم العالى رقم 1088 بتاريخ الخامس من نوفمبر سنة 1987 بشأن النظام التأديبى لطلاب المعاهد التابعة لوزارة التعليم العالى – بفصلها من تلك الكلية لما نسب اليها من مخالفات ارتكبتها خلال العام الدراسى 89/1990 وقد تظلمت من هذا القرار، إلا انها أبلغت فى 15 من سبتمبر سنة 1990 بقبول تظلمها شكلا ورفضه موضوعا .
ونعت المدعية على هذا القرار أنه صدر دون سند من الواقع أو القانون إذ أنبنى هذا القرار على ما نسبته اليها الشائعات من تعاطى مخدر على خلاف الحقيقة فى حين انها لم تتجاوز الثامنة عشر، على خلق، تقيم الصلاة، وان كانت مصابة بحالة نفسية ترتبت على وفاة والدها من فترة قريبة تسبب لها بعض الدوار فى بعض الأحيان ، ولذلك فإن القرار المطعون فيه وقد ساير الشائعات وتجاوز الحقائق يكون قد ساير القرار الذى استخلص استخلاصا غير سائغ من الثابت فى عيون الأوراق .
وبجلسة 15 من يناير سنة 1991 قضت محكمة القضاء الإدارى بعدم قبول الدعوى بالنسبة الى المدعى عليه الأول والمدعى عليها الثالثة لرفعها على غير ذى صفة ، وقبولها شكلا ، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه .
وأقامت المحكمة قضاءها على أن البادى من الأوراق وبحسب الظاهر منها – أنه فى 30 من إبريل سنة 1990 أثناء الحفل المسائى للكلية وجدت الطالبة (………………..) فى حالة اعياء شديد وفى وضع غير طبيعى فقام الطلبة الزملاء بتوصيلها الى منزلها حيث تم تحليل بولها وتبين وجود مادة مخدرة به ، الأمر الذى يفيد تعاطيها إياها مما يعنى ارتكابها لمخالفة تأديبية صدر استنادا لها القرار المطعون فيه ومن ثم يكون قد صدر مستندا الى صحيح سببه ولذلك انتهت المحكمة من ظاهر الأوراق إلى القضاء برفض وقف تنفيذ القرار.
ومن حيث ان مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ من نواح ثلاث أولها، أنه أغفل التعويل على نتيجة الكشف الطبى الذى أسفر عن عدم وجود أثر للمخدر فى بول الطالبة وثانيها، أنه أغفل أن قرار فصل الطالبة قد بنى على مجرد الشك الذى يجب أن يفسر فى صالح الطالبة، لا أن يكون سندا لإدانتها وثالثها، أن الحكم قد عول على تحقيق أنطوى على ما يبرئ ساحة الطالبة وقد أغفله القرار المطعون عليه ولم يتدارك الحكم هذا الخطأ بالإشارة اليه وترتيب أثره بوقف تنفيذ ذلك القرار.
ومن حيث أن البادى من أوراق الموضوع أن الأستاذة الدكتورة عميدة الكلية قد قررت تشكيل لجنة تحقيق برئاسة أحد أساتذة الكلية للتحقيق مع الطالبة (……….) بخصوص ما أصابها من إغماء يوم الاثنين الموافق 30 من أبريل سنة 1990 مما أدى الى نقلها الى منزلها.
ومن حيث ان الطالبة ( ……………………) قد شهدت فى هذا التحقيق بأن ما حدث فى يوم الاثنين المشار اليه هو ان الطلبة والطلبات قد قاموا بارتداء ملابس الاحتفال، ثم اصطفوا فى صفين لاستقبال الدكتور الوزير ، ثم اتجهوا الى المسرح وقاموا بأداء (المارش) والعزف الجماعى ثم أداء ثلاث أغان، ثم كانت الاستراحة، وخلالها وقفت الشاهدة مع الزملاء الى شرفة المسرح ثم دخلت الطالبة (…………….) الى الشرفة وهى فى حالة إعياء وسقطت على السلم ثم جلست على كرسى، فطلب الطلبة زجاجة ( بارفان ) للعمل على افاقتها فأحضر الطالب ……………. ، زجاجة صغيرة لونها اسود ومربعة، وقال أنها عرق القسيس ) وقال للطالبة ( …………… ) (شميها وانت تفوقى ) وبعد فترة ذهبت الى حديقة الكية ثم إلى المخزن لاحضار ملابسها وفى هذا الطريق أخذت تتفوه بألفاظ وتأتى بحركات غير منضبطة ثم قام بعض زملائها بتوصيلها إلى منزلها
وقد شهد الطالب ………….. ، بالمضمون المتقدم ، ثم أضاف الطالب (……….. ) بأنه فى اليوم التالى ذ هب مع بعض الزملاء الى منزل الطالبة ( ……….) حيث قابلوا والدتها التى قررت أمامهم أنه تم إجراء تحليل بول لابنتها حيث تبين أنها تعاطت جرعة مضاعفة من الكوكايين وايرنسين والهروين. ونصحها الأطباء بعدم تناولها للشاى أو الاكل من الخارج، وقد ذكرت الطالبة ذاتها فى هذا التحقيق انها سمعت من والدتها انه تبين من تحليل البول لها وجود مادة مخدرة، ولدى سؤالها عن الزجاجة التى حاول أحد الطلبة افاقتها من خلال تشميمها أياها قالت انها زجاجة سمراء طويلة لها غطاء أصفر لامع.
ومرت حيث أنه يبين من التحقيق الذى أجراه مجلس التأديب أن الطالبة (………..) قد شهدت بأن الطلبة كانوا يرددون فى اليوم التالى ان احد الطلبة شممها مخدر، وقد شهد الطالب ( ……………… ) بأنه هو الذى قام بتفويقها من خلال تشميمها من زجاجة أخذها من الطالب ( ……………… ) وشهد الطالب ( …………… ) بأن والدة ( ……………… ) قد أبدت انها ستبلغ إدارة الكلية بما حدث.
ومن حيث أنه يبين من تكامل سياق الوقائع حسبما وردت بأقوال الشهود أن الطالبة ………قد بذلت مساء يوم الاثنين الموافق 30 من أبريل سنة 1990 جهدا غير معتاد داخل كليتها تمثل فى الانتقال من المنزل الى الكلية، ثم تغيير ملابسها بارتداء زى الاحتفال، ثم الاصطفاف فى صفى استقبال الوزير، ثم المشاركة فى برنامج الاحتفال الذى تضمن أداء (المارش) ثم العزف الجماعى، ثم اداء ثلاثة أغان حتى أدركتها الاستراحة وقد حل بها الأرهاق الذى دفعها الى الاستلقاء على أحد المقاعد، وهنا كانت واقعة، محاولة أحد الطلبة- من خلال الادعاء بالقيام بإفاقتها – بتشميمها دون إرادة أو وعى أو إدراك من جانبها ، مادة تبين من تحليل البول انها مادة مخدرة حسبما اعلنت والدتها لبعض زملاء الابنة وحسبما ابدت الأبنة نفسها لبعض زملائها ، بل وفى التحقيق نقلا عن والدتها.
ومن حيث ان هذا التصور للواقعات هو التصور الوحيد المتماسك الأطراف الذى يستند الى شهادات متوافقة تعلن فى تكاملها عن وجه الحقيقة المشكلة لصحيح الواقعة التى حدثت فى التاريخ المشار اليه ، يؤيد صحتها أن تبدى والدة الطالبة الى زملائها ما أسفر عنه تحليل البول لابنتها فى بساطة فهى لا تشك فى سلامة موقف ابنتها باعتبارها ضحية محاولة مؤذية من زميل منحرف ليجرف زميلة الى تجار التهلكة، وهو ما دفع الأم الى إبلاغ زملاء ابنتها الذين شهدوا بذلك أنها تعتزم إبلاغ إدارة الكلية لتتخذ اللازم، ودفع الطالبة إلى إن تعلن فى التحقيق ما سمعته من والدتها دون محاولة الأخفاء أو التستر لانها انما كانت تتحدث عندئذ كمجنى عليها لا كجانية.
ومن حيث ان قرار مجلس التأديب قد انتهى الى فصل الطالبة من خلال استخلاص استقاه من بعض الأقوال المتناثرة من المعتاد الا يخلو من وجودها أى تحقيق ولم يستقيه من الأقوال المتكاملة، الجلية الدلالة على وقوع الطالبة خلال لحظات الدوار التى مرت بها ضحية زميل حاول من خلال ادعاء إفاقتها أن يعطيها الجرعة الأولى التى عادة ما لا رجعة بعدها، لولا ان تكشفت الأم حقيقة الأمر، وتولت بحزم صد ومقاومة الانجراف فى تيار اللاعودة ، فألحقت الابنة بالجامعة الأمريكية حيث اجتازت دراسة اللغة الانجليزية من المستوى السابع حتى الحادى عشر بنجاح كما ألحقتها بأحد دورات دراسة الكمبيوتر حيث اجتازت دراسته بامتياز وذلك كله حسبما تشهد به حافظة مستندات الطاعنة.
ومن حيث أن من المبادئ الأساسية المستقرة فى قضاء هذه المحكمة انه يتعين أن تقوم المسئولية التأديبية على أساس الثابت على سبيل القطع والجزم واليقين لوقوع الفعل المخالف للقانون أو للقواعد المرعية فى السلوك السليم بما يمس الكرامة والنظام الإدارى أو يخل بحسن سير وانتظام المرفق العام مع ثبوت نسبة هذا الفعل بذات الدرجة الى من يتم توقيع الجزاء التأديبى قبله ولا يسوغ ان تنبنى المسئولية التأديبية – مثلها فى ذلك مثل المسئولية الجنائية – على الشك والظن والاحتمال والتخمين بل يتعين أن تستند الى أدلة كافية وقاطعة فى توفير اليقين سواء من حيث وقوع الفعل المؤثم تأديبيا أو نسبته إلى من تجرى عقابه تأديبيا.
ومن حيث أن مؤدى ما تقدم أن قرار فصل الطالبة قد بنى على نسبة إقبالها بإرادتها باستخدام المخدر راغبة فى تحقيق المتعة المدمرة لحياتها ومستقبلها وحياة أسرتها علنا وفى محيط الكلية وفى حفل عام فيها وعلى مرأى ومشهد من زملائها وأساتذتها وقد اغفل تماما ما هو ثابت بيقين من انه قد تم تشميمها بمعرفة زميل محدد لها على مرأى ومشهد من عديد من زملائها من الزجاجة بدعوى افاقتها من الدوار ثم لحق ذلك الأفعال المضطربة من الطالبة المذكورة ولم يتم التحقيق بيقين مما فى هذه الزجاجة أو من حالة الطالبة بالتحليل الطبى قبل شمها لها وذلك حتى يتسنى أن يتحدد باليقين والجزم مدى صحة ما نسب تأديبيا الى الطالبة من تعاطيها المخدر فى الحفل المذكور عمدا وبإرادتها ومن ثم فان قرار الفصل الطعين يكون قد استخلص استخلاصا غير سائغ فيما يبدو من ظاهر الأوراق الأمر الذى يجعل من المرجح القضاء فى موضوع الدعوى بإلغائه ومن ثم فإن ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار متوافرا فى تلك الدعوى .
ومن حيث ان توفر ركن الاستعجال فى طلب وقف تنفيذ قرار فصل الطالبة لا شك واضح من خلال ما تتعرض له الطالبة بانقضاء الأيام من تأخر فى دراستها عن زملائها وضياع لأيام الشباب من حياتها فضلا عما تعانيه يوميا من قلق واضطراب وشعور الظلم أبشع ما يمكن أن يعانيه إنسان، فضلا عن المعاناة من استهجان المحيطين بها ونفورهم منها لسبب ما هو منسوب اليها واستمرار ذلك لا شك يؤدى الى تحطيم النفس واعتصار القلب فى مرارة قاتلة تدمر كيان الإنسان لو استطال بها الأمر وامتد الزمان ولا يرفعها الا وقف تنفيذ قرار الفصل.
ومن حيث أن مقتضى توافر عنصرى الجدية والاستعجال فى طلبه وقف تنفيذ القرار الصادر بفصل الطالبة، أحقيتها فى القضاء لصالحها بوقف تنفيذ هذا القرار.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون متعين الإلغاء.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون للطالبة وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات .

اشترك في القائمة البريدية