طعن رقم 1409 لسنة 32 بتاريخ 03/05/1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبدالحميد ابراهيم وعادل محمد زكى فرغلى وفريد نزيه تناغو وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 23/3/1986 أودع الأستاذ محمد مدحت مصطفى عبده المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/ …………. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1409 لسنة 32 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة الأفراد والهيئات بجلسة 28/1/1986 في الدعوى رقم 4636 لسنة 39 قضائية والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدم السيد المستشار على رضا مفوض الدولى تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار مجلس التأديب الأعلى المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 6/5/1991 والجلسات التالية حسبما هو مبين بمحاضر جلساتها وحضر الطاعن وقدم محاميه مذكرتين بدفاعه صمم فيهما على طلباته كما حضر محامى جامعة عين شمس وقدم مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة التى نظرت الطعن بجلسة 28/9/1991 والجلسات التالية لها حسبما هو موضح بمحاضر جلساتها واستمعت إلى مرافعة الطرفين وقررت إصدار الحكم بجلسة 19/4/1992 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 3/5/1992 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تتخلص في أن الطاعن أقام دعواه الماثلة أمام محكمة القضاء الإدارى بالصحيفة المودعة قلم كتابها بتاريخ 29/5/1985 والتى طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من مجلس التأديب الاستئنافى بجلسة 14/5/1985 والحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بامتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن إعلان نتيجة امتحانه عن العام الدراسى 1982/1983 مع الحكم بإعلانها مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وقال المدعى شرحاً لدعواه بهذه الصحيفة إنه أثناء تأدية امتحان مادة الفلسفة الإسلامية يوم 24/5/1983 نسب إليه الشروع في الغش وتحددت له جلسة 22/8/183 لمحاكمته أمام مجلس التأديب بكلية الآداب وصدر قرار هذا المجلس بإلغاء امتحان المدعى للعام الدراسى 82/1983 وحرمانه من الدراسة والامتحان في العام الجامعى 83/1984 فتظلم من هذا القرار أمام مجلس التأديب الاستئنافى الذى قضى بتاريخ 24/1/1984 برفض الاستئناف وتأييد القرار السابق، فأقام المدعى الدعوى رقم 2557 لسنة 38 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى التى قضت بإلغاء القرار المطعون فيه وبتاريخ 14/5/1985 قامت الجامعة بإعادة محاكمة المدعى غيابياً أمام مجلس التأديب الإستئنافى الذى قرر قبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً مع تأييد قرار مجلس التأديب الابتدائى فيما قضى به من إلغاء امتحانه في العام الجامعى 82/1983، وحرمانه من الدراسة والامتحان في العام الجامعى 1983/1984، وأضاف المدعى أن هذا القرار جاء مخالفاً للقانون ذلك أن هيئة مجلس التأديب الاستئنافى التى أصدرت القرار المطعون فيه بجلسة 14/5/1985 كانت تضم “الأستاذ الدكتور/ …………….، والأستاذ الدكتور/ …………….” رغم أنه سبق لهما نظر الاستئناف ذاته في مرحلة سابقة بجلسة 22/10/1983 وسبق لهما ابداء الرأى فيه مما يجعلهما غير صالحين لنظره من جديد بجلسة 14/5/1985 وذلك ضماناً للحيدة المطلوبة في المحاكمات التأديبية.
وبجلسة 28/1/1986 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وقالت في أسباب حكمها: أنه ولئن كان مجلس التأديب الأعلى (الإستئنافى) لطلاب جامعة عين شمس بجلسته المنعقدة في 14/5/1985 – أصدر القرار المطعون فيه عن هيئة مشكلة برئاسة الأستاذ الدكتور/ …………….. نائب رئيس الجامعة وعضوية الأستاذ الدكتور/ …………….. والأستاذ الدكتور/ …………….. وقد سبق للأول والثالث ضمن هيئة أخرى نظر ذات الاستئناف في مرحلة سابقة بجلسة 22/10/1983 إلا أنه لم يصدر في هذه الجلسة قرار يحسم الخصومة في الاستئناف ويكشف عن الرأى في الموضوع وكل ما صدر عن هذه الهيئة هو مجرد استجواب المدعى حول تهمة الغش التى حوكم من أجلها ثم قرر المجلس إعادة الأوراق إلى مجلس التأديب الابتدائى لإجراء مطابقة لما هو مدون بالورقة المضبوطة على ما هو مدون بكراسة إجابة المدعى أو بالمذكرات المقررة في ذات العام بمعرفة أستاذ المادة مع فصل جريمة الإخلال والتطاول على السيد المحقق وملاحظ اللجنة الذى ضبط المدعى محاكمته عنها بصفة مستقلة.
ولا يعدو ما اتخذه مجلس التأديب الأعلى في هذا الخصوص أن يكون مجرد إجراء من إجراءات التحقيق التى يباشرها قاضى الموضوع ولا يحمل معنى إبداء الرأى في موضوع الإستئناف والتأثر بعقيدة سبق أن كونها المجلس في موضوعه ولا يصلح ذلك سبباً لعدم صلاحية العضوين المذكورين لأثناء نظر الاستئناف الذى صدر منه القرار المطعون فيه في الدعوى الماثلة، وبذلك يغدو دفاع المدعى ببطلان هذا القرار غير قائم على أساس سليم وأضافت المحكمة أنه عن مدى مشروعية القرار المطعون فيه فالثابت أن المدعى ضبط متلبساً بالغش في يوم 24/5/1983 أثناء تأدية امتحان مادة الفلسفة الإسلامية وبحيازته ورقة مكتوبة بخط اليد داخل كراسة إجابته مما أدى لإحالته إلى مجلس التأديب الذى أصدر بجلسته المنعقدة في 22/8/1983 قراراً بإلغاء امتحانه بالفرقة الرابعة في العام الجامعى 82/1983 مع حرمانه من الدراسة والامتحان في العام الجامعى 83/1984 وتأيد هذا القرار من مجلس التأديب الأعلى (الاستئنافى) في 24/1/1984 إلا أنه صدر حكم هذه المحكمة في الدعوى 2557 لسنة 38 ق بإلغاء القرار الأخير لوجود عيب في الشكل يبطله، فقامت الجامعة بتنفيذ مقتضى هذا الحكم عن طريق استيفاء الشكل المطلوب وصدر قرار مجلس التأديب الأعلى (الاستئنافى) بجلسته المنعقدة بتاريخ 14/5/1985 وهو القرار المطعون فيه وأضافت المحكمة أن رقابتها هى رقابة قانونية يحدها تحقق المحكمة من قيام السبب المبرر للقرار المطعون فيه بثبوت ارتكاب صاحب الشأن المخالفة التأديبية التى جوزى عنها ولا تمتد هذه الرقابة إلى ملاءمة الجزاء وقد ثبت في حق المدعى واقعة الغش وتم تقدير الجزاء في حدود النصاب المقرر طبقاً لقانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية من ثم تكون الدعوى بالغائه غير قائمة على أساس سليم متعينة الرفض، أما عن طلب المدعى إلغاء القرار السلبى بامتناع الجامعة عن إعلان نتيجته عن العام الدراسى 82/1983 فإن الغاء امتحان المدعى عن هذا العام هو أحد عناصر الجزاء الذى وقع عليه بقرار مجلس التأديب المطعون فيه ومتى ظل قرار الجزاء قائماً دون الغاء لثبوت صحته فإن القرار السلبى بالامتناع عن إعلان نتيجته المترتب على القرار الأول يكون مستنداً على أساس سليم من الواقع والقانون حصيناً من الإلغاء وتكون الدعوى متعينة الرفض من هذه الناحية أيضاً من ثم انتهت محكمة القضاء الإدارى إلى الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً مع إلزام المدعى المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولا- بطلان قرار إحالة الطاعن إلى مجلس تأديب الطلاب لصدوره من نائب رئيس الجامعة وهو غير مختص بإصداره وتمسك الطاعن بهذا الدفاع في مراحل سير الدعوكى دوكن أن يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع وقد نصت المادة 182 من قانون تنظيم الجامعات على أن رئيس الجامعة هو المختص بإحالة الطلاب إلى مجلس التأديب بينما نص في المادة 184 من هذا القانون على أن يشكل مجلس التأديب الأعلى من نائب رئيس الجامعة المختص رئيساً ….
ثانياً- أن الحكم المطعون فيه ( ) حينما ذهب إلى عدم بطلان قرار مجلس التأديب الأعلى (الاستئنافى) الصادر بجلسة 14/5/1985 والمطعون فيه والذى اشترك فيه الأستاذ الدكتور …………….. والأستاذ الدكتور …………….. والأستاذ الدكتور …………….. وقد سبق للأول والثالث إبداء رأيهما أثناء نظر الاستئناف في الهيئة المشكلة بجلسة 22/11/1983 مما جعل الطالب الطاعن غير مطمئن لتجردهما من الميل والتأثر بعقيدة سابقة في الموضوع ذلك أن القرار الصادر في جلسة 22/10/1983 يكشف عن اتجاههما إلى محاكمة الطاعن مرة أخرى عن جرائم جديدة وصولاً إلى تغليظ العقاب عليه فجعلا من نفسيهما سلطة اتهام الأمر الذى يجعل اشتراكهما مرة أخرى في مجلس التأديب الأعلى بجلسة 14/5/1985 باطلاً مما يبطل القرار المطعون فيه. ومن ثم انتهى الطاعن في تقرير الطعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن فإن المادة 182 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أنه يصدر قرار إحالة الطلاب إلى مجلس التأديب من رئيس الجامعة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب العميد “وتنص المادة 183 من هذا القانون معدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1981 على أن يشكل مجلس تأديب الطلاب على التالى:
عميد الكلية أو المعهد الذى يتبعه الطالب: رئيساً.
وكيل الكلية أو المعهد المختص.
أقدم أعضاء مجلس الكلية أو المعهد المختص
وتنص المادة 184 من هذا القانون على أنه يشكل مجلس التأديب الأعلى على الوجه التالى:
نائب رئيس الجامعة المختص: رئيساً
عميد كلية الحقوق أو أحد الأساتذة بها.
أستاذ من الكلية أو المعهد الذى يتبعه الطالب.
ويصدر باختيار الأساتذة الأعضاء قرار من رئيس الجامعة
ومن حيث إن الطاعن قد تمسك ببطلان قرار إحالته إلى مجلس التأديب لصدوره من نائب رئيس الجامعة وهو غير مختص بذلك.
ومن حيث إن دفاع جامعة عين شمس منذ افتتاح المنازعة أمام محكمة القضاء الإدارى قد تمسك بأن نائب رئيس الجامعة قد أصدر قرار إحالة الطالب الطاعن إلى مجلس التأديب وذلك أثناء غياب رئيس الجامعة وذلك إعمالاً للمادة 29 من قانون تنظيم الجامعات التى تقضى بأنه يحل محل رئيس الجامعة عند غيابه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى المادة 29 من هذا القانون يبين أنها تنص على أن “يكون لكل جامعة نائبان لرئيس الجامعة يعاونانه في إدارة شئونها، ويقوم أقدمهما مقامه عند غيابه ومفاد هذا النص أن لكل جامعة نائبين لرئيس الجامعة وهما يعاونانه في إدارة شئون الجامعة، ويقوم أقدمهما مقامه في ممارسة كافة اختصاصاته وصلاحيته عند غيابه وقد استهدف المشرع بذلك عدم تعطل سير العمل في الجامعة أثناء تغيب رئيسها، فيعن أقدم نائبى رئيس الجامعة للقيام مقامه والحلول محله عند غيابه بما يحمله ذلك الحلول من القدرة على اتخاذ كافة القرارات التى يختص رئيس الجامعة بإصدارها، وفى ذلك تحقيق ما تقتضيه ضرورات الحياة الإدارية الحديثة من قدرة الجهاز الإدارى على إنجاز كافة مسئولياته دون إبطاء وهو ما يحقق المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على حد سواء.
ومن حيث إن جامعة عين شمس قد تمسكت بأن قرار إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية صدر من نائب رئيس الجامعة الذى كان يحل محل رئيس الجامعة الذى كان غائباً في تاريخ الإحالة، وهو ما لم يجحده المدعى، ومن حيث إن دفاع الجامعة جاء متفقاً مع نص المادة 29 من قانون تنظيم الجامعات السالفة التى عينت أقدم نائبى رئيس الجامعة للحلول محله عن غيابه بما يحمله ذلك الحلول من القدرة على اتخاذ كافة القرارات التى يختص بها رئيس الجامعة حسبما سلف، ويدخل فيها سلطة الإحالة إلى المجالس التأديبية بطبيعة الحال شأنها شأن أى سلطة يختص بها رئيس الجامعة فإن قرار الإحالة المشار إليه يغدو غير مشوب بالبطلان وقد صدر ممن يختص بإصداره طبقاً لسلطة الحلول المشار إليها.
ومن حيث إنه لم يقدم الطاعن (المدعى) ما يفيد عدم صحة واقعة غياب رئيس الجامعة وممارسة نائب رئيس الجامعة سلطاته من خلال الحلول القانونى محله في مباشرة اختصاصاته طبقاً لأحكام المادة 29 سالفة الذكر، الأمر الذى يتعين معه رفض الوجه الأول من الطعن لعدم استناده على أساس صحيح ولا يقدح في ذلك القول بأن نائب رئيس الجامعة يختص برئاسة مجلس التأديب الأعلى (أى الاستئنافى) طبقاً للمادة 184 من قانون تنظيم الجامعات سالفة الذكر، فلا يجوز له ممارسة اختصاص رئيس الجامعة في الإحالة إلى المجالس التأديبية ذلك أنه مردود على هذا بما استبان سلفاً من أنه طبقاً للمادة 29 من قانون تنظيم الجامعات فإن المشرع ذاته هو الذى خول نائب رئيس الجامعة سلطة الحلول محل رئيسها عند غيابه، بما يحمله ذلك من السلطة في اتخاذ كافة القرارات التى يختص بها الأخير وضمنها قرار الإحالة ألى المجالس التأديبية ولو أخذ بغير ذلك لتعطلت سلطة الإحالة إلى المجالس التأديبية عند تغيب رئيس الجامعة مادام كان يمتنع على نائبه ممارسة هذه السلطة عن غيابه – وهو ما يخالف نص المادة 29 السالفة وما استهدفه المشرع فيها ويؤدى إلى تعطل سلطة التأديب وشلها في هذه الحالة كنتيجة لانعدام سلطة الإحالة وهى نتيجة غير مستساغة في التطبيق القانونى الصحيح، والأولى هو ممارسة نائب رئيس الجامعة لسلطة الحلول المخولة له من المشرع على التفصيل السالف، وبذلك يختص بإصدار قرار الإحالة إلى المجالس التأديبية ويمتنع عليه طبقاً للأصول العامة للمحاكمات التأديبية فيما لو كان هو ذاته في الخدمة عند نظر المجلس التأديبى الأعلى للطعن في قرار مجلس التأديب الابتدائى رئاسة المجلس التأديبى الأعلى في المخالفة التى أصدر قرار إحالتها وهو ما يقتضى بحكم الضرورة واللزوم أن يحل محله في رئاسة مجلس التأديب الأعلى نائب رئيس الجامعة التالى له في الأقدمية، وبذلك يستقيم سير النظام التأديبى لطالب الجامعة بما يمنع من تعطله أو شله في هذه الحالة.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من الطعن، فإن الثابت من الأوراق أن الطالب الطاعن قد أحيل إلى مجلس التأديب لشروعه في الغش وإخلاله بالنظام والشغب فصدر قرار مجلس التأديب الابتدائى بجلسة 23/8/1983 بإلغاء امتحانه بالفرقة الرابعة للعام الجامعى 82/83 وحرمانه من الدراسة والامتحان في العام الجامعى 83/1984 فتظلم الطاعن من هذا القرار ونظر تظلمه أمام مجلس التأديب الأعلى (الاستئنافى) وبجلسة 22/10/1983 كان هذا المجلس مشكلاً من الأستاذ الدكتور …………….. رئيساً والأستاذ الدكتور ……………. عضواً والأستاذ الدكتور …………….. عضوا وقد قام المجلس باستجواب الطالب الطاعن ثم انتهى إلى إصدار قراره بإعادة الموضوع إلى مجلس التأديب الابتدائى لمطابقة ما هو مدون بكراسة الإجابة بالكتاب أو المذكرات المقررة في ذات العام، وبفصل جريمة الإخلال والتطاول على السيد المحقق وملاحظ اللجنة ومحاكمته عنها بصفة مستقلة وبتاريخ 5/1/1984 قرر مجلس التأديب الابتدائى إعادة الموضوع مرة أخرى إلى مجلس التأديب الأعلى (الاستئنافى) نظراً لأن مجلس التأديب الابتدائى قد استنفد سلطته وولايته بالقرار الذى سبق أن أصدره في 22/8/1983 فأعيد نظر الموضوع أمام المجلس الأعلى بتشكيل جديد في 24/1/1984 فقرر رفض تظلم الطالب وتأييد قرار مجلس التأديب الابتدائى، وقد طعن الطالب في هذا القرار الصادر من المجلس الأعلى بتاريخ 14/1/1984 وقضت محكمة القضاء الإدارى بإلغاء هذا القرار لبطلان تشكيل مجلس التأديب الأعلى (الإستئنافى).
ثم أعيد تشكيل مجلس التأديب الأعلى لنظر تظلم الطالب المدعى وبجلسة 14/5/1985 أصدر القرار المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً، وكان هذا المجلس مشكلاً من الأستاذ الدكتور ………….. رئيساً والأستاذ الدكتور ………….. عضواً والأستاذ الدكتور ………….. عضواً.
ومن حيث إن الثابت من العرض السالف لتسلسل وقائع محاكمة الطالب الطاعن تأديبياً إن الأستاذ الدكتور …………… رئيس مجلس التأديب الأعلى والأستاذ الدكتور …………… عضو هذا المجلس اشتركا في تشكيل المجلس التأديبى الأعلى (الاسئنافى) بجلسة 22/10/1983 حيث قرر المجلس في هذه الجلسة إعادة الموضوع إلى مجلس التأديب الابتدائى، وفصل جريمة الإخلال والتطاول على السيد المحقق ملاحظ اللجنة ومحاكمة الطالب عنها محاكمة مستقلة.
ومن حيث إنه طبقاً للإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وفقاً لما تضمنته نصوص الاتفاقية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والتى انضمت إليها مصر وصدر بها قرار رئيس الجمهورية. وأصبحت جزءاً من النظام العام القانونى الداخلى فإن من حق كل إنسان أن يحاكم قاضيه الطبيعى، ويتعين أن يتوفر في جميع أعضاء تشكيل المحكمة التى يمثل أمامها الحيدة والاستقلال الذى يحتم عدم وجود انحياز ثابت مرجح لأية آراء مسبقة في موضوع الدعوى لأى طرف بالنسبة لموضوع الدعوى أيا كان نوعها وبالنسبة لأشخاص المتنازعين أيا كانت هويتهم، ويكون ذلك أشد حتمية وضرورة في المحاكمات العقابية أو الجزائية أيا كان نوعها جنائية أم تأديبية أم انضباطية فالعقاب لا يسوغ عدالة أن يوقعه سوى قاض قادر على سماع ودراسة وتحليل الاتهام والدفاع بما يمكنه من توفير عقيدة سليمة وقائمة على أسانيدها الصحيحة والثابتة من أوراق الدعوى وأقوال سلطة الاتهام ودفاع المتهمين وبشهادات الشهود سواء في ثبوت وقوع الفعل، أو في نسبته إلى المتهم أو في تكييفه القانونى كجريمة جنائية أو تأديبية أو انضباطية وفى تقدير مدى جسامته وملاءمة العقوبة التى تكفل عند تقديرها على أساس موضوعى ومحايد تحقيق الغاية منها وهى الردع والزجر دون تهاون أو تراخ وأيضاً دون غلو أو قسوة، وتقريراً لهذه المبادىء العامة الحاكمة للمسئولية العقابية والجزائية فقد نصت مواد الدستور المصرى في باب سيادة القانون (الباب الرابع) على أن استقلال القضاء وحصانته ضامنان أساسيان لحماية الحقوق والحريات (م 65) وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه (م 67) ونصت المادة 69 على أن هذا الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول.
من حيث إنه بناء على ذلك فإن من الأصول العامة المقررة في ضمن النظام العام للمحاكمات التأديبية شأنها شأن المحاكمات الجنائية أن من يبدى رأيه يمتنع عليه الاشتراك في نظر الدعوى التأديبية والحكم فيها وذلك ضماناً لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب الذى يجلس من المتهم مجلس القاضى للحكم بينه وبين سلطة الاتهام حتى يطمئن المتهم إلى عدالة قاضيه وتجرده من الانحياز لأفكار أو عقيدة سابقة كونها من التهمة موضوع المحاكمة وقد رددت هذا الأصل المادتان 247، 248 من قانون الإجراءات الجنائية والمادتان 146، 147 من قانوكن المرافعات المدنية والتجارية وباعتبار أن ما أوردته هذه المواد ليس سوى ترديد لمبادئ عامة ترتبط بالنظام العام للتقاضى الذى يقوم على احترام الشرعية وسيادة القانون قداسة حق الدفاع بما يحتمه من الاستقلال والحيدة والموضوعية فيمن يجلس للقضاء والفصل في المنازعات بين الناس فإن هذا الأصل يعد أيضاً من الأصول والمبادئ العامة في المحاكمات التأديبية وضماناً من الضمانات الأساسية اللازم توفيها للمتهم بما يتضمنه القانون من كفالة حق الدفاع وهو الحق المكفول طبقاً للمادة 69 من الدستور دون تمييز أو تفرقة بين محاكمة جنائية أو تأديبية أو في نزاع مدنى أو إدارى وهو حق مقدس لا يجوز الانتقاص منه أو الإخلال به، ومن ثم يترتب البطلان عند وقوع الإخلال بهذه الضمانة الجوهرية اللازم كفالتها للمتهم في المحاكمات التأديبية.
ومن حيث إنه إذا كان ذلك كله واجب التطبيق على المحاكمات والمنازعات في أول درجة لنظرها، فإنه لا شك يمتنع تماماً على من شارك في الحكم في هذه المرحلة أن ينظر النزاع من جديد في المرحلة التالية عند الطعن في الحكم الابتدائى إذ أنه لا جدوى من مباشرة حق الدفاع للطاعن أمام محكمة الطعن مادام من اشترك في إصدار الحكم المطعون فيه هو الذى سوف ينظره وهذا يجعل القاضى بالنص الصريح لقانون المرافعات قد سبق له القضاء من قبل في ذات النزاع وهذا ما لا يجادل فيه أحد.
ومن حيث إنه يتفرع على ذلك أنه في حالة الغاء حكم من محكمة الطعن فإن إعادة الدعوى إلى المحكمة الأدنى للفصل فيها مجدداً يوجب ألا يكون في تشكيلها أحد ممن شارك في إصدار الحكم الذى ألغى عند الطعن عليه في ثانى درجة وجلوس من شارك في إصدار الحكم الملغى بعد عودة الدعوى إلى محكمة أول درجة إثر إلغاء حكمها يجعل الحكم الجديد الذى يصدر عن هذا التشكيل الباطل باطلاً ولا أثر له لمخالفته للنظام العام للتقاضى.
ومن حيث إن هذه الأصول العامة المسلمة يجب التزامها أيضاً إذا ما ألغى قرار مجلس تأديب من المحكمة المختصة بمجلس الدولة إذا ما كان هذا الإلغاء مبناه ليس مجرد أسباب شكلية لا صلة لها بأعضاء مجلس الدولة ولا بتصرفاتهم وقراراتهم بشأن الدعوى التأديبية بأى وجه من الوجوه أما إذا كان هذا الإلغاء لسبب إجرائى أو شكلى متعلق بذلك فإنه لا يكون تشكيل مجلس التأديب الجديد سليماً ومطابقاً للدستور وللقانون بما يحتمه من توفر الحياد والاستقلال والموضوعية في أعضائه عن سلطة الاتهام والإحالة للمحاكمة التأديبية لو شارك في هذا التشكيل الجديد من سبقت مشاركته في المجلس الذى ألغى القضاء الإدارى قراره.
ومن حيث إنه على هذا المقتضى وصيانة لحق الدفاع وما يتصل به من ضرورة ضمان حياد عضو مجلس التأديب وعدم انحيازه أو التزامه بعقيدة سابقة كونها عن التهمة موضوع المحاكمة ولكى يتوفر للمتهم الإطمئنان إلى عدالة قاضيه وتجرده وحياده والثقة في سيادة القانون والتزام جميع سلطات الدولة وأجهزتها بالمشروعية والعدالة فإنه ما كان يجوز لرئيس وعضو مجلس التأديب اللذين اشتركا في مجلس التأديب الأعالى (الاستئنافى) بجلسة 22/10/1983 الذى أصدر قراره سالف الذكر أن يعودا إلى الاشتراك في نظر الاستئناف مرة أخرى والاشتراك في القرار الصادر في 14/5/1985 والمطعون فيه في الطعن ذلك أنهما بالقرار الأول بجلسة 22/10/1983 قد شاركا بالفعل في مجلس التأديب الأعلى وفى إجراءاته فضلاً عن أنهما قد كشفا عن قناعتهما باستحقاق المتهم لمحاكمته تأديبياً عن تهمة “الإخلال بالنظام والتطاول على السيد المحقق وملاحظ اللجنة بما تحمله هذه التهم من احتمال توقيع عقوبة تأديبية أشد أو عقوبة إضافية جديدة على المتهم بخلاف العقوبة التأديبية محل التظلم والطعن بما في ذلك من معنى زيادة وقائع الاتهامات التأديبية التى تجرى محاكمة المتهم عنها مع تغليظ العقاب التأديبى الذى سوف يوقع بداهة على المتهم في حالة إدانته بشأنها وهو ما يؤدى إلى فقدان الطالب محل المساءلة التأديبية لاطمئنانه إلى توافر حيدة القاضى التأديبى الاستئنافى وتجرده وعدم انحيازه لعقيدة سابقة كونها عن التهمة موضوع المحاكمة إلى غير ذلك مما يتصل بحق الدفاع وبالضمانات الأساسية للمحاكمات التأديبية والتى يعد الإخلال بها مؤدياً إلى بطلان الإجراءات وبطلان الحكم التأديبى المبنى عليها لإهداره المبادئ الأساسية للنظام العام التأديبى على نحو يفقد حق المتهم في الدفاع أمام المجلس الأعلى جديته وجدواه ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يعد مشوباً بالبطلان وخليقاً بالإلغاء ولا يفوت المحكمة ذكر أن هذا الإلغاء لما انبنى عليه من أسباب لحكم مجلس التأديب محل المنازعة يحتم على السلطة المختصة بالجهة الإدارية اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة نظر استئناف الطالب الطاعن أمام مجلس التأديب الأعلى بعد تشكيله تشكيلاً صحيحاً ليصدر قراره في شأن طعن الطالب المذكور في قرار مجلس التأديب الابتدائى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا الوجه من النظر فإنه يكون قد تنكب صحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبإلغاء القرار الصادر من مجلس التأديب الأعلى بتاريخ 14/5/1985 المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات طبقاً للمادة 184 من قانون المرافعات باعتبارها الطرف الخاسر في هذه المنازعة.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار مجلس التأديب الأعلى المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 1/6/1991 في الطعن رقم 3429 لسنة 36 ق بشأن سلطة الإحالة للتحقيق عند غيبة رئيس الجامعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ