طعن رقم 1446 لسنة 32 بتاريخ 13/01/1990
_________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : محمد يسري زين العابدين ويحيى اليد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن ود. فاروق عبد البر السيد المستشارين
* إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق25/3/1986 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1446 لسنة 32 ق ، في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الدعوى رقم 332 لسنة 25 ق بجلسة 25/1/1986 والذي قضى بإلزام جهة الدولة بأن تؤدي إلى الطاعن تعويضا قدره مائة جنيه.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به والحكم مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب عن الدرجتين .
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها بتاريخ 17/4/1986 وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها في الطعن انتهت إلى طلب قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى .
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/12/1988 وتدول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 8/2/1989 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 25/3/1989 ثم قررت بجلسة 25/11/1989 إصدار الحكم بجلسة 30/12/1989 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث أن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية .
ومن حيث أن وقائع النزاع تخلص- حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدها أقامت الطعن رقم 332 لسنة 21 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية قالت فيه أنه بسبب وجود خلاف بينها وبين وكيل الوزارة واضطهاد الأخير لها، أصدر القرار رقم 920 لسنة 1980 بمجازاتها بخصم خمسة أيام من أجرها تلاه القرار رقم 1496 لسنة 1981 بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها وبتاريخ 15/10/1981 تقدمت بتظلم خلال الميعاد وصدر عن صدور قرار بسحب القرارين المشار إليهما مع إحالة الأوراق إلى النيابة الإدارية لتولي التحقيق بمعرفتها وقد انتهت في 23/3/1982 إلى التوصية بسحب القرارين الأخيرين . وبناء عليه أصدرت الإدارة القرار رقم 756 لسنة 982 1 في 14/3/1982 باعتبار القرارين رقمي 960 لسنة 1981 و1469 لسنة 1981 قائمين . وبتاريخ 15/4/1982 تقدمت بتظلم إلى مفوضي الدولة من القرار رقم 756 لسنة 1982 وقد انتهى في كتابه رقم 166 لسنة 1982 في 7/5/1983إلى سحب القرار المذكور فيما تضمنه من سحب القرار رقم 1496 لسنة 1981 تبرر الصادر في 15/10/1981 بسحب القرار المذكور فيما تضمنه من سحب القرار رقم 1496 لسنة 1981 الصادر في 29/1981 بمجازاة المتظلمة بخصم عشرة أيام من راتبها غير أن وكيل الوزارة امتنع عن تنفيذ رأى مفوض الدولة كما أصدر القرار رقم 44 لسنة 1983 في 28/4/1983 بإحالتهـا إلى النيابة العامة بتهمة إزعاج السلطات ونقلها نقلا تعسفيا مع مجازتها بخصم 15 يوما من راتبها وأضافت أنها أضيرت ضررا بالغا من جراء الجزاءات المشار إليها مما يحق لها أن تطالب الإدارة بتعويضها عن الأضرار وانتهت إلى طلب الحكم أولا بإلغاء القرار رقم 756 لسنة 1982 الصادر في 14/3/1982 بسحب القرار رقم 960 لسنة 1981 مكرر والقرار رقم 1496 لسنة 1981 مكرر الصادرين بسحب القرارين رقمي 960 و 1496 لسنة 1981 وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانيا: اعتبار كل من القرارين 960 مكرر لسنة 1981 و 1496 لسنة 1981 الساحبين للقرارين رقمي 960 لسنة 1981 و 1496 لسنة 1981 قائمين لتحصينهما من الإلغاء والسحب.
ثالثا: تعويضا عما لحق بها من ضرر مادي وأدبي من جراء تنفيذ القرار سالف الذكر، وذلك بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
ومن حيث أن المطعون ضدها تنازلت عن طلب الإلغاء بالنسبة للجزاء، لكنها احتفظت بحقها في التعويض المناسب عن الأضرار التي أصابتها نتيجة الجزاء وبجلسة 25/1/1986 صدر الحكم المطعون فيه، وقد أقامت المحكمة التأديبية بالإسكندرية قضاءها على أن ركن الخطأ ثابت في جانب الإدارة بإصدارها القرار غير المشروع رقم 1496 لسنة 1981، وإذ ترتب على هذا الخطأ ضرر أصاب الطاعنة تمثل في خصم مقدار الجزاء من أجرها، فضلا عن الأضرار الأدبية التي أصابتها باعتبارها ناظرة مدرسة لها وضع اجتماعي متميز، وكذلك الآلام النفسية التي أصابتها نتيجة صدور هذا القرار.
ومن حيث أن الطعن في الحكم المذكور يقوم على أساس خط الحكم في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن المطعون ضدها تنازلت بجلسة 2/3/1985 عن طلب الإلغاء بالنسبة للقرار رقم 1496 لسنة 1981 الصادر بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها، لذا كان يتعين على المحكمة رفض دعوى التعويض، ذلك أن القضاء التأديبي لا يبسط رقابته على ملاءمة الجزاءات. وإذا كان الثابت أن الجهة الإدارية لم تصل في قرارها إلى درجة الغلو، فمن ثم قرارها المتنازل عن طلب إلغائه عن نطاق المشروعية، ومن ثم لا يستحق عنه تعويض.
كما يقوم الطعن في الحكم على أساس الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب: ذلك أن قرار الجهة الإدارية يعتبر قرارا مشروعا وبالتالي يتخلف ركن الخطأ هذا فضلا. عن أن تنازل المطعون ضدها عن طلب إلغاء القرار المطعون فيه يعني بالضرورة تنازلها عن التعويض المادي والأدبي.
ومن حيث أنه يبين من الأوراق أنه صدر القرار رقم 960 لسنة 1981 بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة أيام من أجرها تلاه صدور القرار رقم 1496 لسنة 1981 بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها ثم قامت الإدارة بإصدار القرار رقم 960 مكرر لسنة 1981 بسحب الجزاء الأول والقرار رقم 1496 مكرر بسحب الجزاء الثاني، ثم وصدرت القرار رقم 756 لسنة 1982 في 14/3/1982 بسحب القرارين الأخيرين والإبقاء على القرارين الأولين وإذ تظلمت المطعون ضدها من القرار رقم 756 لسنة 1982 لمفوض الدولة لمحافظة الإسكندرية انتهى بكتابه رقم 383 في 16/5/1983 إلى سحب القرار المتظلم منه، فيما تضمنه من سحب القرار رقم 1496 مكرر لسنة 1981 الصادر في 15/10/19841 بسحب القرار رقم 1496 لسنة 1981 الصادر في 2/9/1981 بمجازاة المتظلمة بخصم عشرة أيام من راتبها ورفض التظلم بالنسبة للشق الأول من القرار المتظلم منه لسبق تظلم المطعون ضدها منه لرفضه.
ومن حيث أن النيابة الإدارية انتهت في التحقيق الذي أجرته في القضية رقم 12 لسنة 1985 بشأن فقد أوراق التحقيقات الخاصة بالمطعون ضدها والصادر بشأنها قرارات إدارة شرق التعليمية أرقام 960 لسنة 1981 و 1496 لسنة 81 و 756 لسنة 82- إلى مسئولية السيدين/ رئيس الشئون القانونية بإدارة المنتزه التعليمية ووكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية، لأنهما تقاعسا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تنفيذ فتوى مفوض الدولة محل التحقيق والصادرة بشأن الجزاءات الموقعة على المطعون ضدها.
ومن حيث أنه بغض النظر عما انتهى إليه مفوض الدولة والنيابة الإدارية فالثابت من الأوراق أن الإدارة أصدرت القرار رقم 960/81 بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة أيام من أجرها تلاه صدور القرار رقم 1496 لسنة 1981 بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها ثم وقامت بإصدار القرار رقم 960 مكرر لسنة 1981 بسحب الجزاء الأول والقرار رقم 1496 مكرر/81 بسحب الجزاء الثاني ثم أصدرت القرار رقم 756 لسنة 1982 بسحب القرارين الأخيرين والإبقاء على القرارين الأولين أي القرارين 960 و 1496 لسنة 1981.
ومن حيث أنه من المقرر قانونا أن سحب أي قرار إداري يعني إعدامه من تاريخ مولده وبمعنى آخر موته من تاريخ صدوره وإذا كان الأمر كذلك، فإن سحب قرار السحب مسألة لا يسغها منطق ولا يقبلها عقل ذلك أنه بإعدام قرار ما يصير أي تصرف إداري عاجزا عن أن يعيده إلى الحياة تطبيقا لقاعدة عامة معروفة هي القاعدة التي تقضى بأن الساقط لا يعود، وهذا المبدأ الذي يمليه العقل يفرض نفسه على عالم القانون لفرط بداهته. فإذا كان القرار المعدوم لا يمكن أن يبعث حيا، لذا يصير القول بعدم جواز سحب قرار السحب مبدأ عقلانيا، له قيمة المبدأ القانوني ويغدو من مقتضيات الشرعية بحيث أنه إذا صدر قرار بسحب قرار السحب فإنه يتعين الرلتفات عنه واعتباره كأن لم يكن، وهذا القول لا ينطبق على السحب فقط، وإنما يمتد نطاقه ليشمل الإلغاء فإلغاء الإلغاء كذلك لا يجوز وليس من شأنه أن يبعث المعدوم حيا.
ومن حيث أنه تطبيقا لما سبق فإن القرار رقم 756 لسنة 1982 بسحب القرارين السابقين رقمي 960 مكررا لسنة 1981 و 1496 مكررا لسنة 1981 سالفي الذكر يكون عديم الأثر ويظل قرارا السحب سالف الذكر قائمين وبمعنى آخر يعتبر القراران رقما 960 لسنة 1981 و 1496 لسنة 1981 الصادران بتوقيع جزاء على المطعون ضدها كأن لم يكونا بما يترتب على ذلك من آثار. فإذا كان قد خصم من مرتب المطعون ضدها قيمة الجزاءين اللذين وقعا عليها فإنه يتعين رد ما خصم من راتبها إليها.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعريض المطعون ضدها على أساس عدم مشروعية القرار رقم 1496 لسنة 1981 وتبين أن هذا القرار قد سحبته الإدارة وغدا غير قائم وذلك على التفصيل سالف الذكر، لذا فإنه لا مجال للتعويض عنه وإذ انتهت المحكمة في حكمها إلى غير ذلك فإن حكمها يكون قد جانب الصواب ويتعين. القضاء بإلغائه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه