طعن رقم 1460 لسنة 37 بتاريخ 30/05/1992 الدائرة الأولي
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيره نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدى محمد خليل وجوده عبد المقصود فرحات وأحمد ابراهيم عبد العزيز. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 20/3/1991 أودع الأستاذ مصطفى عشوب المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن سكرتارية هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل طعنا فى القرار الصادر من لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة الصادرة بجلسة 1/3/1990 فيما قضى به من فصله وسحب ترخيصه وفتح باب الترشيح للمنطقة رقم 33 بجبانة التونسى – وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بالغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن الطعن على النحو المقرر قانونا وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى لفحص الطعن بهذه المحكمة جلسة 4/11/1991 والتى قررت احالته إلى الدائرة الرابعة لفحص الطعون أمامها بجلسة 25/11/1991 وجرى تداوله أمامها ثم قررت بجلسة 11/3/1992أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره موضوعا أمامها (الدائرة الرابعة) بجلسة 8/4/1992 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 24/3/1990 أقام الطاعن الدعوى رقم 155 لسنة 37ق أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلى والطيران المدنى طالبا الحكم أولا بصفة مستعجلة بوقف قرار لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة فيما تضمنه من فصله والإعلان عن خلو المنطقة 33 وتحديد جلسة 1/4/1990 لشغلها وما يترتب على ذلك من آثار – ثانيا – وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال شرحا للدعوى أنه بتاريخ 19/10/1988 حصل على ترخيص بمزاولة مهنة تربى بالمنطقة 33 التونسى التابعة لقسم الخليفة بالقاهرة وصدر قرار تعيينه رقم 7 بتاريخ 19/10/1988 ومنذ هذا التاريخ لم يقع منه أى تقصير فى مزاولة المهنة، وأنه بمناسبة إحالة بعض الموظفين بالمحافظة للنيابة العامة بتهمة التزوير فى ترخيص بعض المقابر بالمحضر الإدارى رقم 2348 عابدين والذى قيد برقم 155 لسنة 88 جنح عابدين صدر قرار احالته إلى اللجنة المنصوص عليها بالمادة 41 من القانون رقم 5 لسنة 66 بشأن الجبانات بتهمة انه المقاول الذى قام بتنفيذ وتشييد المقابر التى صدرت بشأنها هذه التراخيص وأصدرت اللجنة المذكورة بناء على ما تقدم قرارها المطعون فيه بجلسة 1/3/1990.
وبجلسة 20/1/1991 حكمت المحكمة الإدارية المذكورة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وألزمت المدعى المصروفات وأقامت قضاءها على انه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 5 لسن ة1966 فى شأن الجبانات ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 ان المادة 30 من اللائحة التنفيذية قد حددت الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على الحانوتية والتربية ومساعديهم وان من بين تلك الجزاءات سحب الترخيص كما أناطت المادة 41 من هذه اللائحة باللجنة التى يرأسها أحد قضاة المحاكم الابتدائية وعضوية آخر سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 40 كما تصدر اللجنة قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، ولم يعلق المشرع سريان قراراتها على تصديق سلطة رئاسية أى أن قراراتها تعتبر نافذة بمجرد صدورها أى أن تلك اللجنة تعد بمثابة مجلس تأديب وقراراته لا تخضع لتصديق سلطة رئاسية أخرى.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه هو فى حقيقته قرار تأديبى صادر من مجلس تأديبى يتعلق بموظف عام، وان ذلك القرار لا يخضع لتصديق سلطة رئاسية أخرى وبناء عليه تكون المحكمة غير مختصة بنظر الدعوى.
كما أوضحت المحكمة فى حكمها بأن المحكمة المختصة بنظر الدعوى، هى المحكمة الإدارية العليا استنادا إلى ما قضت به الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة1984 فى الطلب رقم 5 لسنة 1 بالطعن رقم 28 لسنة 29ق.
وقد أقام الطاعن طعنه الماثل موضحا فيه بأنه استرشادا بما أورده الحكم المطعون فيه فإنه يقيم هذا الطعن لوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه علما بأنه قد طعن فى الحكم سالف الذكر أمام محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الاستئنافية).
وذكر الطاعن فى تقرير الطعن بأن اللجنة التى أصدرت القرار المطعون فيه هى لجنة إدارية شأنها شأن أى سلطة إدارية أخرى، ولا تعتبر من قبيل مجالس التأديب سواء من حيث التشكيل أو من حيث القرارات التى تصدرها وبالتالى فانه يطعن على القرارات الصادرة منا بتوقيع العقوبات التأديبية أمام المحكمة التأديبية المختصة ودلل الطاعن على ذلك بما أوردته المادة 41 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1966 سالف الذكر من اختصاصات لهذه اللجنة وجميعها تندرج فى عداد الاختصاصات الإدارية.
كما ذكر الطاعن أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون لأنه استند إلى اتهامات لم يثبت نسبتها إلى الطاعن أو أنه كان يعلم بأن التراخيص التى قيل بأنه قام بتنفيذها وتشييد المقابر استنادا لها كانت تراخيص مزورة وإلا لو كان قد ثبت ذلك لأحيل الطاعن إلى المحكمة الجنائية وهو ما لم يحدث، ومن ثم فإذا ما قررت اللجنة فصل الطاعن لهذا السبب فإن قرارها يكون قد استند إلى افتراض علم الطاعن بتزوير هذه التراخيص وهو افتراض غير صحيح واقعا أو قانونا الأمر الذى يصيب القرار المطعون فيه بالانعدام.
وقد الطاعن مذكرة بدفاعه بجلسة 22/11/1992معقبا على تقرير مفوض الدولة وارفق بالمذكرة حافظة مستندات.
وحيث انه ولئن كانت الدائرة الخاصة بالمحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 قد انتهت بجلسة 15/12/1985 بحكمها فى الطعن رقم 28 لسنة 29 ق إلى اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون فى قرارات مجالس التأديب التى لا تخضع للتصديق من جهات إدارية إلا أنه ينبغى لتأكيد هذا الاختصاص أن تكون القرارات المطعون فيها صادرة من مجالس تأديب مشكلة تشكيلا خاصا وفقا لأوضاع وإجراءات معينة رسمها القانون وتقوم أساسا على إعلان المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه على غرار ما هو متبع أمام المحاكم التأديبية المنصوص عليها فى القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وفى قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وتفصل هذه المجالس فى ذات المنازعات التى تفصل فيها المحاكم التأديبية وتسير فى إجراءاتها وإصدار قراراتها بمراعاة أحكام القوانين المنظمة لها وفى كنف قواعد أساسية كلية هى تحقيق ضمانات الدفاع وتوفير الاطمئنان للمتهم فى درء الاتهامات المنسوبة إليه بحيث تكون قرارات هذه المجالس أقرب فى طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الادارية.
وحيث انه يبين من الاطلاع على القانون رقم 5 لسنة 1966 فى شأن الجبانات انه ينص فى المادة 7 منه على انه : لا يجوز لأى شخص ان يزاول مهنة حانوتى أو تربى أو مساعد لأيهما إلا بترخيص من المجلس المحلى المختص.
وتحدد اللائحة التنفيذية الشروط الواجب توافرها فيهم وواجباتهم والإجراءات الخاصة بتعيينهم وفصلهم والجزاءات التى توقع عليهم والجهة التى تقوم بتوقيعها.
وقد نصت المادة 40 من اللائحة المشار إليها على أن “الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على الحانوتية والتربية ومساعديهم هى :- (أ) الانذار (ب) الوقف عن العمل مدة لا تزيد على ستة أشهر (ج) سحب الترخيص. كما نصت المادة 41 من اللائحة المذكورة على انه:- تشكل بقرار من المحافظ المختص لجنة فى كل مجلس محلى من :
(أ) قاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية رئيسا
(ب) ممثل وزارة الصحة بالمجلس المحلى (ج) عضوين من الأعضاء المنتخبين بالمجلس المحلى.
(د) ممثل وزارة الاسكان بالمجلس المحلى (هـ) عضوين من أعضاء الاتحاد الاشتراكى (و) سكرتير المجلس المحلى المختص.
وفى حالة غياب واحد أو أكثر من الأعضاء تنعقد اللجنة بأغلبية أعضائها وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين واذا تساوت الاصوات يرجح الجانب الذى فيه الرئيس.
وتختص اللجنة بالآتى:
(1) اختبار الحانوتية والتربية ومساعديهم لتقرير صلاحيتهم.
(2) تقرير قبول من ثبتت صلاحيته.
(3) توقيع الجزاءات المشمولة فى المادة السابقة.
ويبين من الاطلاع على محضر اجتماع لجنة شئون الحانوتية والتربية المشكلة بمحافظة القاهرة بجلسة 1/3/1990 التى اصدرت القرار المطعون فيه انها انعقدت برئاسة المستشار عبد المجيد محمد النظامى رئيس محكمة جنوب القاهرة وعضوية (9) أعضاء آخرين من الموظفين وتخلف عن الحضور قائد شرطة المرافق وقررت اللجنة باجماع الآراء فى البند رقم (1) فصل … مع اخطار الإدارة الهندسية للجبانات وشرطة المرافق سحب الترخيص وفتح باب الترشيح لهذه المنطقة من 15/3 إلى 30/3/1990.
وحيث انه يبين مما سلف ان اللجنة المشار إليها لا تعد من مجالس التأديب إذ لم يقرر القانون رقم 5 لسنة 1966 لها هذا الوصف بل وصفها انها لجنة كما أنها ليست مشكلة تشكيلا خاصا على غرار المحاكم التأديبية ولا يتبع أمامها ذات الإجراءات المتبعة أمام هذه المحاكم، ولا تصدر قراراتها على النمط الذى تصدر به الأحكام القضائية وعلى الاخص إصدار أحكام أو قرارات أو على أسباب موضحة فيها وأنه وان ناط بها القانون إصدار قرارات لها طبيعة تأديبية فإن ذلك لا يؤدى إلى إضفاء صفة مجالس التأديب عليها ولا يعتبر ما تصدره من قرارات من الأحكام التأديبية ولا تخرج عن كونها سلطة من السلطات الإدارية التى تختص بتوقيع بعض القرارات التأديبية والتى تكون محلا للطعن أمام المحكمة التأديبية المختصة.
ومتى كان ذلك كذلك فانه يتعين الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن وإحالته إلى المحكمة التأديبية المختصة برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلى والطيران المدنى وذلك وفقا لحكم المادة 110 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن وامرت باحالته إلى المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلى والطيران المدنى للفصل فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ