برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم فتح الله نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدى خليل ومحمد عبد المغنى حسن وعطيه الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد.
المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 25/3/1987 أودع الأستاذ محمود الطوخى المحامى بصفته وكيلا عن ……. قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1495 لسنة 33ق فى الحكم الصادر من الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 23/2/1987 فى الطعن رقم 1394 لسنة 29ق والقاضى بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلا والزام المدعى المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة طعنه الحكم أولا – بصفة أصلية ببطلان الحكم سالف الذكر، وبإحالته الى دائرة أخرى بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه مجددا، ثانيا وبصفة احتياطية بقبول التماس إعادة النظر فى الحكم والقضاء فى موضوع الطعن رقم 1394 لسنة 29 ق برفضه وتأييد حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر فى 14/2/1983 فى القضية رقم 3799 لسنة 36ق مع الزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبتاريخ 30/3/1987 أعلنت صحيفة الطعن الى المطعون ضده وقدمت هيئة مفوضة الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع ببطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية – فى الطعن رقم 1394 لسنة29 ق بجلسة 22/2/1987 مع إحالة الطعن الى إحدى دوائر المحكمة للفصل فيه مجددا والزام المطعون ضده المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الثانية بجلسة 24/12/1986 حيث احالته الى الدائرة الثالثة التىاحالته من جديد الى الدائرة الثانية التى عادت فاحالته بجلسة 24/6/1990 الى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 13/10/1990، وبجلسة 3/11/1990 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم 1/12/1990 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تخلص فى أنه بتاريخ 16/6/1982 أقام الطاعن الدعوى رقم 3799 لسنة 36ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالبا فى ختامها الحكم بقبولها شكلا وفى الموضوع بأحقيته فى تسوية حالته باعتباره معينا فى الدرجة الثانية العالية بالأجر الذى كان يتقاضاه بوزارة التربية والتعليم مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 14/2/1983 أصدرت المحكمة حكمها بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقيته فى أن ينتقل بفئته التى بلغها أى الثانية وبأقدميته فيها وبذات مرتبه الذى بلغه فيها وهو(81 جنيها) عند التحاقه بالجمارك مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الإدارة المصروفات، وقد اعتبر الحكم الدعوى من قبيل دعاوى التسوية غير المقيدة بمواعيد دعوى الإلغاء عند رفعها.
طعنت وزارة المالية فى الحكم المذكور بالطعن رقم 1394 لسنة 29ق للخطأ فى تطبيق القانون إذ كيف الدعوى على أنها دعوى تسوية فى حين أنها طعن بالإلغاء على قرار تعيين المدعى بالفئة الثالثة وهو قرار لم يتظلم منه المدعى أو يطعن فى المواعيد المقررة.
وبجلسة 22/2/1987 أصدرت المحكمة الادارية العليا حكمها المطعون فيه مؤسسه قضاءها على أن المدعى لم ينقل من وزارة التربية والتعليم الى مصلحة الجمارك نتيجة لحصوله على المؤهل العالى، حتى يثار تحديد الفئة التى يستحق النقل إليها طبقا لأحكام القانون وإنما انتهت خدمته بوزارة التربية والتعليم بالاستقالة وعين تعيينا مبتدأ بمصلحة الجمارك بمؤهله العالى الحاصل عليه، ومن أجل ذلك فإن التكييف القانونى الصحيح لما يطالب به من اعتباره معينا بهذه المصلحة بالدرجة الثانية التى كان يشغلها قبل انهاء خدمته بالتربية والتعليم أنه طعن بالالغاء على قرار تعيينه بمصلحة الجمارك بالدرجة الثالثة ومعلوم أنه طلب إلغاء هذا القرار يتعين لقبوله وجوب التظلم منه أولا ثم رفع الدعوى فى المواعيد المقررة قانونا. فمن ثم تكون دعواه غير مقبوله شكلا – ويكون الحكم وقد قضى بغير هذا النظر قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلا لعدم سابقه التظلم.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه ما يلى:
أولا: بطلان الحكم لقيام سبب من أسباب عدم الصلاحية فى السيد الاستاذ المستشار رئيس الدائرة التى اصدرت الحكم وهو الأستاذ المستشار……. نائب رئيس مجلس الدولة بحسبانه المستشار القانونى للمطعون ضده الامر الذى يوفر صله شخصية بينه وبين خصم فى الدعوى تشتبه بصلة الوكالة لما يحققه هذا المنصب المنتدب إليه من صله مباشرة بينه وبين الوزير المذكور وحث الاخير الى طلب ندبه ابتداء ليكون مستشارا له، وهو الذى يطلب تجديد هذا الندب سنويا كاعلان دورى لتجديد الثقة فيه وكمال اطمئنانه إليه وحسن التعاون القائم بينهما، وهذه الصلة والعلاقة هى عينها التى توفرها علاقة الوكالة فى مجال القانون الخاص بحيث لا تختلف الوكالة عن الندب فى خصوص الاثر الذى تولده من عدم صلاحية الوكيل أو المستشار المنتدب للفصل فى قضية تخص موكله أو من انتدبه ليكون مستشارا له ولا ينبغى الالتفات عن النظر تمسكا بحرفية ألفاظ المادة 146 مرافعات فى خصوص ذلك السبب إذ هى وضعت فى مجال القانون الخاص من جهة، وجرى ذلك فى وقت لم يكن قد انتشر فيه ندب السادة المستشارين بالمحاكم مستشارين – قانونيين للوزراء مما يستوجب إعمال حكم المادة 146 مرافعات فى خصوص ذلك السبب إذ هى وضعت فى مجال القانون الخاص القانون من جهة، وجرى ذلك فى وقت لم يكن قد انتشر فيه ندب السادة المستشارين بالمحاكم مستشارين – قانونيين للوزراء مما يستوجب إعمال حكم المادة 146 المشار إليها بجامع العلة التى صدر عنها ذلك الحكم النشريعى.
وكمال تجرد القضاة من شبهات الميل مع من تربطهم بهم صلة عمل وثيقة خاصة فى إطار الندب التجديد الدورى للندب وتعليق تجديد الندب على إرادة الوزير طالب الندب وما يفيئه الندب على المنتدب فى بعض المواقع من مزايا مالية على مرتب السلك القضائى اضعافا مضاعفه على نحو يحمل مظنه الميل إلى جانب من يدين له المستشار وبتجديد الندب والمكافأة الأصلية والمكافآت الأخرى الإضافية والتكميلية كل ذلك يقتضى تنحى المستشار عن الحكم فى قضية هذا هو مركزه فيها ووضعه بالنسبة لأحد الخصوم بها ليس لشك فى استقامته ونزاهته وإنما لكمال تجرد القاضى من كل ما عساه ينال من حيدته وبعده عن التأثر بأحد أطراف الدعوى المطروحة فإن لم يتنح فإن تنحيته تكون أمراً واجباً فإن لم يفعل فإن ذلك يبطل حكمه ويذره واجب السحب، ولو كان حكما صادرا من محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا .
لذلك يكون الحاكم فى الطعن رقم 1394 لسنة 29 ق من الأستاذ المستشار ….. هو حكم باطل واجب الإلغاء وإعادة النظر فى الحكم المطعون فيه إذ أجازت المادة 241 مرافعات للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فى الأحوال التى أوردتها المادة على سبيل الحصر والحالة الأولى من تلك الحالات هى إذا وقع من الخصوم غش كان من شأنه التأثير فى الحكم والحالة الرابعة منها هى إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها .
وثابت من الأوراق إن الطاعن أكد أمام محكمة القضاء الإدارى أنه التزم أوضاع ومواعيد دعوى الإلغاء فى دعواه على تقدير إمكان تكييفها على ذلك النحو ومنها تقديم التظلم الوجوبى المقرر فى 11/3/1982 وأكد هذه الحقيقة فى مذكراته أمام محكمة الطعن مقررا أن التظلم قد قدم إلى السيد مفوض الدولة لدى الوزارة المطعون ضدها فى التاريخ المشار إليه مما كان يستوجب على المحكمة أن تثبت من واقع الأمر فى هذه المسألة طالما أنها جوهرية وذات شأن فى الدعوى المطروحة وذلك بطلب ملف التظلم من الجهة الإدارية إلا أنها لم تفعل إنسياقا لما زعمته جهة الإدارة من عدم وجود تظلم على نحو أدخل الغش على المحكمة فى خصوص المسألة المشار إليها فأوقع حكمها فى نتائج فاسدة ما كان ليقع فيها لولا غش الإدارة .
يضاف إلى ما سبق أن الطاعن حصل على أوراق قاطعة فى الدعوى التى حال خصمه المطعون ضده دون تقديمها فيها حيث حصل بعد الحكم فى الطعن رقم 1394 لسنة 29 ق على ما يفيد سبق تظلمه إلى السيد مفوض الدولة من قرار تعيينه فقد مكنته الجهة الإدارية من ذلك من صدور الحكم واطمئنانها إلى رفض طعنه ، وهذه الأوراق من شأنها قلب نتيجة الحكم لو لم تحل جهة الإدارة من وصولها إلى يد المحكمة الأمر الذى يقيم السبب الرابع الوارد فى المادة 241 مرافعات والموجب لإعادة النظر فى الحكم محل الالتماس الماثل بإلغائه وإعادة الدعوى مجدداً من دائرة أخرى .
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فإن المادة 146 من قانون المرافعات تنص على أن يكون القاضى غير صالح ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم فى الأحوال الآتية :
(1)….(2)….(3) إذا كان وكيلا لأحد الخصوم فى أعماله الخصوصية أو وصيا عليه أو قيما أو مظنونة وراثته له أو كانت له صلة قراربة أو مصاهرة للدرجة الرابعة يوصى أحد الخصوم أو بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصة أو بأحد مديرها وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية فى الدعوى .
(4)….(5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما أو كان قد أدى شهادة فيها .
وتنص المادة 147 على أنه يقع باطلا عمل القاضى أو قضاؤه فى الأحوال المتقدمة الذكر ولم تم باتفاق الخصوم .
وإذا وقع هذا البطلان فى حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى .
ومن حيث إنه كان إبطال أحكام النقض إذا قام بأحد أعضاء الهيئة التى أصدرت الحكم سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها فى المادة 146 سالفة الذكر فإن هذا الحكم يمتد ليسرى على الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا لوحدة العلة فى الحالتين وهى ضرورة توفير ضمانة أساسية تطمئن المتقاضين وتصون سمعة القضاء .
ومن حيث إن الطاعن يستند فى طعنه إلى أن المستشار…..رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه كان منتدبا مستشاراً قانونيا للسيد وزير المالية المطعون ضده مما يوفر صلة شخصية بينه وبين خصم فى الدعوى هى عينها صلة الوكالة مجال القانون الخاص باعتبار أن الوكالة لا تختلف عن الندب فى خصوص الأثر الذى تولده من عدم صلاحية الوكيل أو المستشار المنتدب للفصل فى قضية تخص موكله أو من انتدابه ليكون مستشاراً له .
ومن حيث إنه يتعين بداءة تقرير أن أسباب عدم صلاحية القاضى لنظر النزاع واردة فى القانون على سبيل الحصر ولا يجوز التوسع فى تفسيرها .
ومن حيث إن الوكالة هى عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل ، وذلك بعكس الندب مستشاراً قانونياً لوزير ما ، فإن المستشار فى هذه الحالة لا يقوم بأعمال قانونية لحساب الوزير وإنما يقوم بهذه الأعمال لحساب القانون وإذا كان على الوكيل أن يلتزم فى تنفيذ الوكالة حدودها المرسومة التى عينها الموكل فلا يخرج عليها لا من ناحية مدى سعة الوكالة والتصرفات القانونية التى تتضمنها ولا من ناحية طريقة التنفيذ التى رسمها له الموكل فإن المستشار القانونى غير مقيد بذلك ، إذ أنه يبدى الرأى الذى يراه متفقا مع صحيح حكم القانون بغض النظر عن رأى الوزير ، كما أن ما يحكم المستشار فى إبداء الرأى هو القانون الذى ينبغى أن يتقيد به لا رأى الوزير الذى يعمل مستشاراً له لذا فإن الوزير لا يحدد له ما ينبغى أن ينتهى إليه فى رأيه كما هو الحال بالنسبة للموكل وبالتالى فإن المستشار حر فى إبداء الرأى ، وليس للوزير من الناحية القانونية أن يملئ عليه سلوكا معينا يتعين أن يلتزم به كما هو الحال فى علاقة الموكل بوكيلة وأن الوزير فى حالة الندب هو المقيد – ولو أدبيا – برأى المستشار القانونى وليس العكس ، وبالتالى فإن تشبيه الندب بالوكالة أمر بعيد عن حقيقة الواقع والقانون .
ومن حيث إنه إذا انتفى التشابه بين الوكيل والمنتدب فإنه يصبح لا مجال لسحب الأحكام القانونية التى تنطبق على الوكيل لتسرى على المنتدب كمستشار قانونى لوزير ما فإذا كانت المادة 146 من قانون المرافعات تقضى بعدم صلاحية القاضى لنظر الدعوى إذا كان وكيلا لأحد الخصوم فى أعماله الخصوصية ، فإن الحكم لا يسرى على القاضى المنتدب مستشاراً قانونيا لأحد الوزراء إذا كان هذا الوزير مختصما فى دعوى منظورة أمامه ذلك إنه إذا كان القاضى الوكيل يخضع فى تصرفاته للحدود التى رسمها له الموكل ويمكن للأخير التأثير عليه بما يتعين معه القول بعدم صلاحية القاضى الوكيل لنظر دعوى يكون موكله طرفا فيها فإن هذا التأثير غير متوافر فى حالة القاضى المنتدب مستشارا لوزير ما إذا كان هذا الوزير طرفا فيها.
ومن حيث أنه فضلا عما سبق فإن نص المادة146 سالفة الذكر إذا كان يقضى بعدم صلاحية القاضى الوكيل لنظر دعوى موكله فيها فإن ذلك الأمر يتعلق بمصلحة خاصة لموكله وتتعلق الدعوى الخصوصية مما يتصور معه سعى الموكل للتأثير على وكيله القاضى بغيه الفوز بحكم فى صالحه.
أما الوزير الخصم فى الدعوى فهو خصم بقوة القانون إذ القانون يقضى بأنه الممثل القانونى للوزارة وبالتالى فإنه يكون خصماً فى أية دعوى يقيمها أى موظف فى وزارته وهذه الدعاوى التى ترفع ضده لا تتعلق بمصلحة خاصة به تدعو إلى أن يحاول التأثير على القاضى المنتدب مستشاراً له ليقضى فيها على نحو معين إن مئات من القضايا تقام على الوزير لا بصفته الشخصية لكن بصفته ممثلا قانونيا للوزارة التى يرأسها ولا يتصور أن يهتم الوزير فى كل قضية بالقيام بمساع لدى القاضى المنتدب إليه لكى يؤثر فى حكمه وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا شبهه يمكن أن تؤدى إلى القول بعدم صلاحية القاضى المنتدب مستشاراً قانونياً لوزير ما فى أن يقضى فى نزاع يكون هذا الوزير خصما فيه بحكم تمثيله القانونى للوزارة.
ومن إن المادة 146/5 من قانون المرافعات تقضى بعدم صلاحية القاضى لنظر الدعوى إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى أو كتب فيها أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيراً أو محكما أو كان أدى شهادة فيها.
ومن حيث إن الأستاذ المستشار…..كان منتدبا مستشاراً قانونيا للسيد وزير المالية بمقتضى قرار رئيس مجلس الدولة رقم 337 لسنة 1986 حتى 30/6/187 وقد أعد مذكرة فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المالية فى الدعوى رقم 98 لسنة 37 ق بتاريخ 29/ 6/1986 بتسوية حالة بعض العاملين بالتطبيق لحكم المادة الرابعة من القانون رقم 11 لسنة 1975 خلص فيها إلى سلامة هذا الحكم ووجوب تنفيذه مع متابعة الطعن عليه ومن حيث إنه على الرغم من أن دعوى تتفق فى موضوعها وأساسها القانونى مع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المالية فى الدعوى رقم98 لسنة 37 ق والذى سبق أن أعد السيد الأستاذ المستشار…..مذكرة بشأن تنفيذه فإنه مع ذلك لا يكون قد أفتى أو قطع برأى مسبق فى دعوى الطاعن يرتب عدم صلاحيته لنظرها ذلك أن الافتاء أو الكتابة أو النظر الذى يهدر صلاحيته يجب أن يكون فى نفس الطاعن فإن كان فى دعوى أخرى فلا يصلح سببا لعدم صلاحيته ولو كانت دعوى الطاعن مشابهة للدعوى التى سبق أن أفتى برأى ، وهذا هو الذى يقضى به صراحة نص المادة 146/5 من من قانون المرافعات من جهة ، كما أنه هو ما استقر عليه القضاء من جهة أخرى.
ومن حيث إنه لكل ما سبق فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان لقيام سبب من أسباب عدم الصلاحية بالسيد الأستاذ المستشار…..يكون غير قائم على سند من القائمون جديرا بالرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من أوجه الطعن وهو قيام موجب لإعادة النظر فى الحكم المطعون فيه بسبب غش من جهة الإدارة كان من شأنه التأثير فى الحكم فضلا عن حصول الطاعن بعد صدور الحكم على الأوراق القاطعة فى الدعوى التى حال خصمه المطعون ضده دون تقديمها فإنه يبين من استعراض التطور التشريعى للنصوص التى تنظم المحكمة الإدارية العليا وتبين اختصاصاتها أن المشرع أنشأ هذه المحكمة بالقانون رقم 165 لسنة 1955 لتكون خاتمة المطاف فيما يعرض من أقضيه على القضاء الإدارى وناط بها مهمة التعقيب النهائى على جميع الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإدارى ، واتساقا مع ذلك ، نص فى المادة 15 من ذلك القانون على أنه لا يقبل الطعن فى أحكام هذه المحكمة بطريق التماس إعادة النظر وقد سكت القانونان التاليان لمجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 ورقم 47 لسنة 1972 الحالى عن إيراد نص مماثل لنص المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955، وإنما ورد فيها النص على أنه يجوز الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى أو من المحاكم بطريق التماس إعادة النظر فى المواعيد والأحوال المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، وذلك فى الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون رقم 55 لسنة 1959 والفقرة الأولى من المادة 51 من القانون رقم 47لسنة 1972 المعمول به حاليا ، ومن ثم فإنه لما كانت المحكمة الإدارية العليا لم تتبدل منزلتها فى هذين القانونيين عما كانت عليه فى القانون رقم 165 لسنة 1955 المشار إليه إذا ما برحت على رأس القضاء الإدارى ونهاية المطاف فيه ، فقد جرى قضاء هذه المحكمة فى ظل القانونين رقم 55 لسنة 1959 رقم 47 لسنة 1972 على أن أحكام المحكمة الإدارية العليا كانت ومازالت لا تقبل الطعن بطريق التماس إعادة النظر وذلك بمفهوم المخالفة لنص الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون رقم 55 لسنة 1959 والفقرة الأولى من المادة 51 من القانون رقم 47 لسنة 1972 الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم جواز الطعن فى الحكم الماثل بطريق التماس إعادة النظر.
ومن حيث إنه لا يغير من النتيجة السابقة قول الطاعن أن انغلاق باب التماس إعادة النظر فى أحكام محكمة النقض لا يستتبع انغلاق هذا الباب فى أحكام المحكمة الإدارية العليا لأنه إذا كانت محكمة النقض محكمة قانون محض لا تتصدى للموضوع ، فإن المحكمة الإدارية العليا تحتفظ لنفسها بالحق فى التصدى للواقع والقانون معا، مما يفتح باب أمام الطعن فى أحكامها بالتماس إعادة النظر كوسيلة لتفادى ما يعترى الأحكام النهائية من أخطاء من حيث الواقع ، وهذا القول من الطاعن لا يغير من النتيجة التى انتهت إليها المحكمة لأن هذا القول يكون مقبولا إذا كان الموضوع محل اجتهاد فى ظل غياب نص يحكم الأمر ، لكن إذا كانت هناك نصوص قانونية تفصح بطريقة صريحة وشبه صريحة عن انغلاق باب التماس إعادة النظر فى أحكام المحكمة الإدارية العليا على النحو المشار إليه سلفا فإنه لا يصير هناك محل للاجتهاد فى هذا الصدد.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعا فإن الطعن يكون قائم على سند سليم من القانون الأمر الذى يتعين معه الحكم برفضه وبالزام الطاعن مصروفاته.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا، والزمت الطاعن المصروفات.