طعن رقم 1528 لسنة 31 بتاريخ 21/04/1990
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة : محمد يسري زين العابدين و يحيى السيد الغطريفي و د. إبراهيم علي حسن و أحمد شمس الدين خفاجي. المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 27 من مارس سنة 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن محافظ البحيرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العيا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1528 لسنة 31 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 26 من يناير سنة 1985 فى دعوى طعن رقم 26 لسنة 17 القضائية المقامة من …… ضد الطاعن والقاضى ببطلان خصم مبلغ 685.351 جنيهاً من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار .
وطلب الطاعن- للأسباب الموضوحة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى الطعن .
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده علىالوجه المبين بالأوراق .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .
وعين لنظر الطعن دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة الثامن من مارس سنة 1989 وبجلسة 14 من يونيو سنة 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته فى 23 من سبتمبر سنة 1989 وتداولته بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 24 من مارس سنة 1990 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق 21 من إبريل سنة 1990 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع المرافعة والمداولة .
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تنحصر- حسبما يبين من الأوراق- فى أن رئيس مجلس مدينة كفر الدوار أصدر القرار رقم 32 سنة 1971 بمجازاة … بخصم خمسة أيام من راتبه وتحميله مبلغ 685.350 لمسئوليته عن احتراق كشك ومحول الكهرباء بشارع الجمهورية يوم 4/6/1970 وإذا لم يرتض المذكور هذا القرار أقام دعوى الطعن رقم 36 لسنة 17 القضائية امام المحكمة التأديبية بالإسكندرية بطلب إلأغاء القرار المشار إليه بشقيه لقيامه على غير سند من الواقع أو القانون .
وفى العاشر من مارس ينة 1979 صدر حكم تلك المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من رابته وبعدم اختصاصها بنظر الشق الخاص بالتحميل .
وإذ رأت هيئة مفوضى الدولة عدم صحة الحكم المشار إليه فيما تضمنه من القضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الشق الخاص بالتحميل من القرار المطعون فيه فقد أقامت الطعنرقم 667 لسنة 35 القضائية أمام هذه المحكمة التى قضت فى 31 من ديسمبر سنة 1983 بإلغاء الحكم فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بالإسكندرية بنظر هذا الطلب وإعادته إليها للفصل فى موضوعه .
وفى 26 من يناير سنة 1985 قضت المحكمة التاديبية بالإسكندرية ببطلان خصم مبلغ 685.350 من راتب الطاعن ، وما يترتب على ذلك من آثار .
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأوراق خلت من شبهة الخطأ الشخصى من جانب …….. لأن الثابت ان الحريق نتج عن أسباب فنية لا ينطوى سبب منها على إهمال جسيم من حانبه أو خطأ شخصى صدر منه ، ومتى كان الأمر كذلك فلا يجوز للإدارة الرجوع عليه لاقتضاء ما تحملته بسبب حريق كشك الكهرباء .
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه صدر معيباً ، لأن ما انتهى غليه لا يتفق وصحيح حكم القانون ، ذلك أن اتقرير الفنى عن الحادث ورد به أن سبب الحريق يرجع إلى ثلاثة عوامل ، هى عدم تساوى الأحمال على اوجه المحول وعدم تناسب التحميل على المحول والتحميل على المصهرات بأكثر من اللازم وهذه الأسباب فنية بحتة تدخل فى اختصاص المطعون ضده بصفته رئيس شبكة الكهرباء بالمدينة والمسئول عن سلامة المحول من الناحية الفنية ، وطالما قد احترق المحول فد ثبت إهماله الجسيم باعتباره المشئول عن الاشراف عليه والتأكد من سلامته وصلاحيته من خلال المرور الدورى الذى يكفل تلافى أسباب الحريق وتوقى حدوثه ومؤدى هذا الإهمال الجسيم أن يصطبغ خطأ المطعون ضده بوصف الخطأ الشخصى المرتب لمسئوليته فى مكاله الخاص فن قيمة التلفيات .
ومن حيث إن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 ميز بين نوعين من المسئولية التى يمكن أن يتحملها بها العاملون هما المسئولية التأديبية والمسئولية المدنية فنص فى المادة (78) على ان (كل عامل يخرج على مقتضى الواجب فى اعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإحلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديبياً .. ولا يسأل العامل مدنياً إلى عن خطئه الشخصى) فقد جعل المشرع بذلك كل خروج عى واجب وظيفى أو إخلال بكرامة الوظيفة مرتباً لمسئولية العامل التأديبية ، فى حين لم يترتب المسئولية المدنية للعامل إلا إذا اتسم الخطأ الذى وقع منه بوصف الخطأ الشخصى وعلى ذلك فلا تلازم بين النسئولية التأديبية والمسئولية المدنية للموظف ، وإذا صح أن كل ما يرتب المسئولية المدنية للموظف تتحقق به المسئولية التأديبية له ، فإن العكس ليس صحيحاً لأن أدنى مخالفة لواجبات الوظيفة يرتب المسئولية التاديبية للموظف فى حيث أن مسئوليته المدنية لا تتحققق إلا بتجاوز الفعل المرتكب حدود الخطأ المرفقى واعتباره خطأ شخصياً والخطأ المرفقى يتحمل نتائجه المرفق لأنه من المخاطر الطبيعية لنشاطه الذى يمارس من جانب العاملين كل منهم معرض لأن يقع فى الخطأ الناتج عن الأهمال العارض ، فى حين أن الخطأ الشخصى هو ذلك الذى يقع العامل عن عمد أو إهمال جسيم ، إهمال يكشف عن انحدار مستوى التبصر والتحوط لدى العامل عن الحد الواجب توافره فى العامل متوسط الحرص ، الذى يؤدى عمله الأداء المعتاد ، المعرض للخطأ المحدود الناجم عن تعثر المسار .
ومن حيث إن بتطبيق ما تقدم فى شأن الخطأ المنسوب إلى ….. رئيس شبكة الكهرباء التى احترق بها أحد الأكشاك نتيجة عيوب فنية وقعت من العمال الخاضعين لرئاسته فإنه طالما خلت الأوراق من سند الإثبات خطأ محدد يمكن أن ينسب إلى الطاعن ، ومن باب أولى خلت من سند لإثبات قيام خطأ شخصى فى جانبه حسبما استبان ذلك الحكم المطعون فيه إذا لم تكشف الأوراق عن ان من مقتضيات عمل المطعون ضده أن يتابع نفسه الأعمال داخل أكشاك الكهرباء أو أن يقوم بالتفتيش على ما يجرى بها من ا‘مال ، فإن هذا الحكم يكون قد وافق صحيح حكم القانون ومن ثم يكون الطعن عليه دون سند من الواقع أو القانون متعين الرفض .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .