طعن رقم 1533 لسنة 36 بتاريخ 26/07/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 1533 لسنة 36 بتاريخ 26/07/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغنى حسن وأحمد شمس الدين خفاجى وأحمد عبد العزيز أبز العزم ود. منيب محمد ربيع. نواب رئيس مجلس الدولة.

* إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 28 من مارس سنة1990 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامى عن……… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقدير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة منازعات الأفراد والهيئات – بجلسة 13 من مارس سنة 1990 فى الدعوى رقم 4761 لسنة 43القضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم والذى قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا مع إلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/ عادل الشربينى مفوضي الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة فى الطعن وارتأى فيه الأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25من يونيو سنة 1990 وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة الثالث من يونيو لسنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث نظرته بجلسة السادس من يوليو سنة 1991 وتداولت نظره بالجلسات حتى قررت بجلسة السابع من يوليو سنة 1992 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة الخامس من يوليو سنة 1992م ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم الأحد 26/7/1992 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل- حسبما يبين من الأوراق- فى انه فى الثانى من مايو سنة 1989 أقام المدعى الطاعن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار المجلس العسكرى بفصله من كلية الشرطة وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام المدعى عليها المصروفات والأتعاب على سند من القول بأنه فى 26 من يناير سنة 89 وفى فترة إجازة نصف العام الدراسى بفندق سميراميس وقعت مشادة كلامية بينه وبين السيدة/ ….. المحررة بجريدة الأحرار وقد حرر محضر صلح بشرطة السياحة بالفندق المذكور أنكر فيه الطالب جميع الأقوال التى نسبتها إليه المحررة ومنها ما زعمته من أنه أدعى أنه ضابط شرطة بالأرهاب الدولى وقد أرسلت الإدارة العامة للشرطة السياحة مذكرة إلى الكلية بما نسب زورا إلى الطالب ودون تحقيق فقامت الكلية فى السادس من فبراير سنة 1989 بمجازاته بالعزل من رتبة صف ضابط وحجزه حجزا انفراديا لمدة عشرة أيام…. وفى التاسع من مارس سنة 1989 كان الطالب مع زملائه يوم إجازته الأسبوعية بفندق شبرد وقد انصرف زملاءه وبقى هو للدفع الحساب وعند خروجه عقب ذلك اعترضه مسئول الأمن بالفندق وذلك بشارع عبد القادر حرب المجاور للفندق وطلب منه إبراز تحقيق الشخصية ورفض الطالب بعد إفهامه أنه طالب بكلية الشرطة فتعدى عليه مسئول الأمن وسب والديه مما اضطر الطالب لرد الاعتداء وتم تحرير محضر إدارى بقسم قصر النيل حرره ضابط السياحة بفندق شبرد اعترف فيه مسئول الأمن بتعدية على الطالب وبأن كان بالشارع وليس بالفندق ومع ذلك أرسلت شرطة السياحة مذكرة أخرى إلى الكلية مغايرة لما ورد بالمحضر من أقوال فقامت الكلية بالتحقيق مع الطالب وفى 27 من مارس سنة 1989م وقعت على الطالب جزاء آخر بالحجز الانفرادى لمدة 14يوما. ثم أرسلت الإدارة العامة لشرطة السياحة تقريرا آخر إلى مكتب وزير الداخلية أرسله بدوره إلى الكلية للاستفسار عما اتخذ من إجراءات مع الطالب فقررت الكلية بأنه تمت معاقبة الطالب عن الواقعين وأنه نفذ العقوبتين غير أن المكتب الفنى للوزير طلب محاكمة الطالب عسكريا عن ذات الواقعتين تنفيذا لتأشيرة السيد الوزير بأن يحاكم ولا يصلح وتنفيذا لذلك تمت محاكمته وفصله
ونعى الطالب على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لسبق مجازاته عن ذات الواقعتين اللتين نسبتا إليه وعليه فإنه ما كان يجوز محاكمته تأديبيا عنهما فضلا عن الواقعتين غير ثابتتين وأن الطالب كان مجنيا عليه فيهما.
وردت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة طلبات فيها رفضها لأن محاكمة المدعى تتفق وصحيح حكم القانون لما لوزير الداخلية من ولاية التعقيب على القرارات التى تصدرها السلطة التأديبية بوزارة الداخلية.
وبجلسة 13 من مارس سنة 1983 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه استنادا إلى وقائع المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أنه صدر قرار مدير كلية الشرطة رقم(8) لسنة 1989 متضمنا إحالة الطالب الطاعن إلى المحاكمة العسكرية أمام المحاكم العسكرية بكلية الشرطة لمخالفته لقواعد الضبط والربط ومقتضيات النظام العسكرى المنصوص عليه فى المادة (166) من قانون الأحكام العسكرية رقم (25) لسنة 1966 وذلك لأنه أتى سلوكا معيبا متعارض وكونه طالب فى كلية الشرطة بإثباته تصرفات من شأنه أن تضعه موضع الشك والريب وتمس سمعته وتسئ إلى هيئة الشرطة باعتباره رمزا لها وأن التهمتين المنسوبتين إلى المدعى ثابتتان فى حقه، إذا اعترف المدعى بإدانته فى جريمة انتحال شخصية ضابط شرطة وكذا إتيانه سلوكيات معيبة واستهتاره بالقيم بأن وضع نفسه موضع الشبهات بوجوده، بالأدوار السكنية بفندق شبرد الأمر الذى أدى إلى صدور حكم الفصل من الكلية مستندا إلى صحيح سببه ودون أن يحول وسلامته القول بتكرار الجزاء عن ذات الواقعتين لأن المحاكمة اللاحقة كانت بناء على أمر وزير الداخلية بماله من ولاية التعقيب على القرارات التأديبية وإذ لم ترتض المدعى المحكوم برفض دعواه هذا القضاء فقد أقام الطعن الماثل استنادا إلى الأسباب الآتية:-
1 – مخالفة القانون إذ من المبادئ القضائية المستقرة عدم جواز معاقبة الشخص عن الذنب الواحد مرتين بعقوبتين أصليتين ما لم ينص القانون على جواز الجمع بينهما.
2 – القصور فى التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يثبت منه أن التهمتين المنسوبتين للطاعن قد ثبتتا فى حقه على وجه القطع والقين.
3 – الغلو فى الجزاء إذ يبدو عدم التناسب الظاهر بين عقوبة الفصل وبين الاتهامين المنسوبين للطاعن.
ومن حيث أنه عن وجه النعى الأول على الحكم المطعون فيه والمتمثل فى القول بتكرار الجزاء عن ذات المخالفتين فإنه من حيث أن القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة قد نص فى المادة (14) على أن يخضع طلبة كلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين لقانون الأحكام العسكرية فى حدود أحكام هذا القانون ويتولى تأديبهم ومحاكمتهم محكمة عسكرية تشكيل بقرار من مدير الأكاديمية.
وتحدد اللائحة الداخلية الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على طلاب الأكاديمية وسلطة توقيعها وتنص المادة (15) من ذات القانون على أن يفصل الطالب من الأكاديمية فى الحالات الآتية:-
1 – ثبوت عدم صلاحيته خلال فترة الاختيار.
2 – تغيبه عن الدراسة مدة 15يوما متتالية بدون عذر.
3 – فقده أى شرط من شروط القبول بالأكاديمية.
4 – إذا رسب الطالب بكلية الشرطة أكثر من مرة فى السنة الدراسية الواحدة.
5 – الحكم عليه من المحكمة العسكرية المشكلة طبقا للمادة 14 من هذا القانون.
6 – بناء على اقتراح مدير الأكاديمية لأسباب تتعلق بالصالح العام.
7 – إذا حصل الطالب على أقل من 50% من درجات السلوك والمواظبة.
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها فى البند (5) من هذه المادة يكون الفصل بقرار مسبب من مجلس إدارة الأكاديمية ولا ينفذ إلا بعد تصديق وزير الداخلية عليه.
ومن حيث إن اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة قد صدرت بقرار وزير الداخلية رقم 864/76 ونص فى المادة (20) على بيان الجزاءات التى يجوز توقيعها على الطلبة وهى:-
1 – التكدير على انفراد أو بحضور طلبه الفصل أو الفرقة، أو طلبة القسم كلهم.
2 – التكليف بخدمات إضافية على ألا تتجاوز خمس خدمات فى الشهر الواحد.
3 – الحرمان من الخروج أيام العطلات الأسبوعية والرسمية ويترتب على هذا الجزاء خصم ربع درجة من درجات السلوك عن كل أسبوع.
4 – الخصم من الدرجات المخصصة للسلوك أو المواظبة.
5 – الحجز على انفراد مدة لا تزيد على شهر ويترتب على الحجز خصم نصف درجة من درجات السلوك عن كل يوم بما لا يجوز خمس عشرة درجة والعزل بالنسبة لضباط الصف.
6 – حرمان ضابط الصف من درجته أو تنزيله إلى درجة أدنى أو عزله.
7 – إلغاء الامتحان فى مادة أو أكثر.
8 – الحرمان من التقدم للامتحان دورا أو دورين بالنسبة لمواد الشرطة ومن التقدم لامتحان المواد القانونية كلها أو بعضها أو أحد هذين الجزائيين وفى جميع الأحوال يجوز اعتبار الحرمان بمثابة رسوب.
9 – الفصل من الأكاديمية.
وقد حددت اللائحة فى المادة (21) السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاءات المنصوص عليها فى المادة السابقة فنصت على أن يختص بتوقيع الجزاءات التأديبية المشار إليها فى المادة السابقة.
أولا:- المحكمة العسكرية ولها توقيع كل الجزاءات.
ثانيا:- مدير الأكاديمية وله توقيع الجزاءات من 7:1 بحد أقصى قدره واحد وعشرون يوما فيما يتعلق بعقوبة الحجز الانفرادى.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الجزاءات المنصوص عليها فى المادة (20) من اللائحة الداخلية الأكاديمية الشرطة جميعها تكون نهائية ونافذة بمجرد توقيعها من السلطة المختصة بتوقيعها كما أن عقوبة الفصل الصادر بها قرار من المحكمة العسكرية المشكلة وفقا لأحكام المادة 14من القانون رقم 91 لسنة 1975 تكون نافذة ونهائية ولا تخضع لتصديق وزير الداخلية أما عقوبة الفصل الصادر بها قرار مسبب من مجلس إدارة الأكاديمية وفقا لأحكام المادة 15من ذات القانون فهى وحدها التى لا تنفذ إلا بعد تصديق وزير الداخلية.
ومن حيث أن هذه السلطة التى قررها المشرع للوزير بالنسبة لعقوبة الفصل قد خولها للوزير باعتباره الرئيس الأعلى أكاديمية الشرطة لنص المادة (1) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة الذى قضى بأن تنشأ أكاديمية الشرطة بوزارة الداخلية وتتولى إعدادا ضباط الشرطة والقيام بالدراسات التخصصية والعليا وإجراء الأبحاث العلمية والتطبيقية فى علوم الشرطة ومجالات عملها وكذلك تدريب ضباط الشرطة ويكون وزير الداخلية هو الرئيس الأعلى للأكاديمية وهذه التبعية للأكاديمية لوزارة الداخلية والرئاسة العليا لوزير الداخلية هى التى تجعل لصاحبها التعقيب على أى قرار صادر بالمساءلة التأديبية لأى طالب يتولى الدراسة فى إطار الأكاديمية خاصة وأن الدارسين بها يخضعون لقانون الأحكام العسكرية عملا بنص المادة (14) من ذلك القانون التى تنص على أن يخضع طلبة كلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين لقانون الأحكام العسكرية فى حدود أحاكم هذا القانون.
ووزير الداخلية بحكم مسئوليته عن الأمن العام فى البلاد وباعتباره الرئيس الإدارى الأعلى لوزارته يتولى رسم سياستها فى حدود السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها طبقا للمادة 157 من الدستور قد أناط به القانون أكاديمية الشرطة التى تعد ضباط الشرطة العاديين والمتخصصين الرئاسة العليا لها ليتمكن من خلال هذه الرئاسة العليا بما تتيح له من إشراف ورقابة تنفيذ السياسة العامة للأمن العام التى يلزمها إعداد وتخريج أجيال عميقة الانتماء لوطنها مؤمنه برسالتها فى تحقيق الأمن للمواطنين رفيعة الأخلاق ومنضبطة السلوك ومتفانية فى أداء الواجب لوجه الله والوطن كما أنهم بحسب التنظيم القانوني لأكاديمية الشرطة سوف يتخرجون حتما ضباطا للشرطة ويعملون بوزارة الداخلية تحت رئاسة العليا.
ومن حيث أنه بناء على هذه الأصول العامة فى تحديد العلاقة بين الأكاديمية ووزارة الداخلية ووزير الداخلية ومسئوليته عنها وعن الأشراف العام عليها فإنه كما نظم القانون الالتحاق بالأكاديمية وجعل للوزير الأشراف على من يقبلون فيها واعتماد قرار الإلحاق فإنه أيضا جعل له الرقابة والأشراف على فصلهم إداريا بقرار من مجلس إدارة الأكاديمية لعدم الصلاحية طبقا للمادة (15) من قانون الأكاديمية سالف البيان وبالتالى فكما أن للوزير حق اعتماد قرار الفصل المسبب معقبا عليه فإن له أيضا أن يقدر أن أفعالا معينة طالب محدد لم تلق الجزاء أو العقوبة أو تواجه بالإجراء الذى يحقق الصالح العام والرعاية الواجبة لتأهيل وتكوين ضابط الشرطة المؤتمن على حياة وأعراض وأموال المواطنين والأجانب على أرض مصر بعد تخرجه وله أن يعقب على ما تم طالبا اتخاذ الإجراء للصالح العام ويؤكد ذلك أن التنظيم القانوني للسلطة الرئاسية يشمل أصلا مباشرتها للسلطة التأديبية وتدرج السلطات الرئاسية يجعل للسلطة الأعلى التعقيب على السلطة الأدنى- فالسلطة الرئاسية الأعلى المختصة سواء كان الوزير أو المحافظ أو رئيس الهيئة العامة- بحكم موقعها على قمة أجهزة المرفق والمسئول سياسيا وإداريا وجنائيا ومدنيا عن حسن إدارته إنما تملك التعقيب على أى قرار- تأديبى تصدره رئاسة إدارية أدنى كقاعدة عامة لما فى ذلك من ممارسة لواجب أداء السلطة الرئاسية الأعلى لوظيفة الإدارة العليا فى قمة أدائها ومن المسلم به أنها تشمل أركانا خمسة وفق مبادئ علم الإدارة العامة فى التخطيط والتنظيم والقيادة والتنسيق والرقابة ومن الطبيعى أن تشمل ممارسة الرقابة من جانب الرئيس الإدارى الأعلى أو قمة الجهاز الإدارى التعقيب على أية سلطة إدارية أدنى خاصة فى مجال المساءلة التأديبية البالغ الخطورة على حسن سير المرفق العام وأدائه لوظيفته بانتظام واضطراد فالتهاون فى عقاب المخطئ والتجاوز عن الأفعال التى تتضمن عدوانا على النظام العام وتنبئ عن اضطراب فى النفس واستهتار بالقيم وعدم الالتزام بالهيبة والكرامة الواجبة للهيئة التى ينتمى إليها المخطئ وبخاصة فى مجال مرفق الأمن أمر يشجع على التسبب ويهدد أمن الوطن وأمن المواطن ويزعزع الثقة فى القائمين على أداء هذه الرسالة ويؤكد ذلك التزام المشرع لهذه القواعد العامة المستمدة من طبيعة السلطات الجوهرية اللازم توفيرها للسلطة المختصة بحكم مسئوليتها عن أداء دورها القيادى وعن نتائج الإنجاز الذى تحقق والالتزام بأنه لا مسئولية بغير إمكانية وأن مقتضى مسئولية من يتولى موقع السلطة المختصة عن جميع العاملين تحت قيادته أن يكون صاحب السلطة اللازمة لتقويم سلوك هؤلاء جميعا أما من خلال جزاءات يملك توقيعها بنفسه أما من خلال سلطة التعقيب على الجزاءات التى يوقعها مرؤ سو على نحو ما ورد صراحة فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978م حيث جاء بالمادة 82 منه أن للسلطة المختصة حفظ التحقيق أو إلغاء القرار الصادر بتوقيع الجزاء أو تعديله ولها أيضا إذا ألغت الجزاء أن تحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغها بالقرار.
وقد نص المشرع على الإحالة إلى هذا بالقانون رقم 109/1971 فى المادة (114) المعدلة بالقانون رقم 49 لسنة 1978 والتى تقضى بأن يسرى على أعضاء هيئة الشرطة مالا يتعارض مع هذا القانون من الأحكام الواردة فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وفى قانون التأمين الاجتماعى.
ومن حيث أنه بناء على ما سبق جميعه فإن القاعدة العامة التى تقرر أحقية السلطة الرئاسية العليا المختصة بحكم مسئوليتها الدستورية والقانونية والإدارية فى التعقيب على قرارات الجزاء التى توقعها السلطات الرئاسية الأدنى تسرى كقاعدة عامة يقررها ويفرضها النظام العام الإدارى على طلبة كلية الشرطة بحكم أنهم يقومون بدراستهم تحت إشراف وزير الداخلية الرئيس الأعلى لأكاديمية الشرطة.
وإذا كان وجه النعى الأول على الحكم المطعون فيه أنه أغفل أمر تكرار الجزاء عن ذات الواقعتين فإن هذا النعى يكون فى غير محله لأن الوزير المختص (وزير الداخلية) باعتباره السلطة الرئاسية العليا الذى تتبعه أكاديمية الشرطة قد عقب على الجزائيين الموقعين عن المخالفتين اللتين وقعتا من الطاعن بأن من ارتكبهما يحاكم ولا يصلح فإنه يكون قد مارس سلطة التعقيب المقررة له وهو تعقيب يعنى أن الجزائيين الموقعين على الطاعن غير كافيين لجسامة وخطورة المخالفتين الواقعتين منه لما ينبئان عنه من عدم توفر الانضباط والالتزام الأخلاقى والسلوكى اللازم لصلاحية الطالب (الطاعن) ليكون طالبا بكلية الشرطة ليتأهل ضابط شرطة، الأمر الذى يشكل تعقيبا يملكه من قرره بما يفيد ضرورة النظر فى الأمر على أساس التحقيق من مدى صلاحية الطاعن بحسب الثابت قبله للبقاء فى كلية الشرطة بمعرفة الهيئة المختصة بالنظر فى ذلك قانونا فى ضوء التعقيب الذى أبداه الوزير المسئول وفى إطار ونطاق سلطة تلك الجهة المختصة ومسئوليتها قانونا.
ومن ثم فإن الحكم المطعون عليه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه فى هذا الشأن.
ومن حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون عليه أنه لم يناقش مدى ثبوت التهمتين المنسوبتين إليه وحيث أن الثابت أن الحكم الطعين قد ورد به أنه بتاريخ 26 من يناير سنة 1989 تقدمت إليه وحيث أن الثابت أن الحكم الطعين قد ورد به أنه بتاريخ 26 من يناير سنة 1989 تقدمت السيدة/ …. نائب رئيس تحرير الأحرار ببلاغ إلى الإدارة العامة لشرطة السياحة قررت فيه إنهاء تقابلت مع الطالب الطاعن بفندق سيمراميس فقدم لها نفسه على أنه ضابط شرطة الإرهاب الدولى وأنه مكلف بتأمين أحد الأفراد الموجودين بالفندق وتمكن من ركوب سيارتها بهذه الصفة بعد استئذانه منه ثم وردت مذكرة الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار تفيد ضبط الطالب المذكور مرة أخرى بفندق شبرد يوم التاسع من مارس سنة 1989 بطريق الاشتباه لوجود بالأدوار السكنية بالفندق وقيامه بالتحدث مع بعض النزلاء الأجانب وعند سؤاله لم يبد سببا معقولا لتواجده فى هذه الأدوار السكنية وقد حاول الفرار ورفض إبراز بطاقته الشخصية وقام بالتعدى على ضابط أمن الفندق عن ضبطه وتحرر عن ذلك المحضر رقم 1441 إدارى قصر النيل لسنة 1989م وأضاف الحكم المطعون فيه أنه تبين للمحكمة العسكرية أثناء المحاكمة اعتراف المدعى بإدانته بتهمة وجريمة انتحال شخصية ضابط شرطة وكذا إتيانه سلوكيات معيبة واستهتاره بكل القيم الأصلية بأن وضع نفسه موضع الشبهات بوجوده بالأدوار السكنية بفندق شبرد الأمر الذى انتهت معه المحكمة فى إصدار حكمها بفصله من الكلية لما نسب إليه وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى أنه بناء على ما تقدم وعلى أن التهم المنسوبة إلى المدعى ثابتة فى حقه فإن القرار المطعون فيه والمتضمن فصله من كلية الشرطة يكون قد صدر مستندا إلى سببه الصحيح وليس فى الأوراق أى دليل على انحراف الإدارة بالسلطة مما يتعين معه رفض الدعوى.
ومن حيث أنه يبين مما سبق أن الحكم المطعون فيه قد ضمن أسبابه مناقشة مدى ثبوت التهمتين المنسوبتين إلى الطاعن حسب الثابت من الأوراق وحكم المحكمة العسكرية- مناقشة كافية ووافية واستخلص من ثم سلامة القرار الصادر بفصله من الكلية استخلاصا سائغا من عيون الأوراق وبالتالى فإن ما نعاه الطاعن على الحكم الطعين من أنه لم يناقش مدى ثبوت الاتهام فى حقه يكون فى غير محله.
ومن أن وجه النعى الثالث على الحكم المطعون عليه أنه لم يلغ قرار المجلس العسكرى الصادر بفصله استنادا إلى الغلو فى تقدير الجزاء ومن حيث أنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن تقدير الجزاء التأديبي لا يتوقف فقط على نوعية المخالفة التى ذاتها وإنما كذلك على ما يحيط ارتكابها من ظروف وعناصر أخرى فى مقدمتها شخص وصفة من ارتكبها ومكان وزمان وقوعها ومن ثم الاعتداء على حقوقه من أفراد بمقتضاه ونصوص القانون والقيم والمبادئ الأخلاقية التى تتضمن المخالفة مخالفتها وإهدارها ولا شك أن تقدير جسامة المخالفة يختلف باختلاف من وقعت منه فما يمكن أن يقع من سلوك غير منضبط من طالب بكلية تدرس لطلبتها العلم فحسب يكون شديد الخطورة إذا ارتكبه طالب بكلية تخضع للنظام العسكرى مثل كلية الشرطة التى تدرس إلى جانب العلوم القانونية العلوم الشرطية التى تقوم أساسا على البحث عن الجريمة ومرتكبيها ومنع وقوعها مع الالتزام بالسلوك العسكرى المنضبط والأداء الملتزم بقداسة الرسالة التى يتحمل مسئوليتها ضابط الموكول إليه أن يكون حارسا للشرعية وسيادة القانون وقواما على الانضباط فى المجتمع ومجاهدا ضد الجريمة والمجرمين ومسئولا عن النظام العام وتأمين الأرواح والأعراض والأموال فى أرض الوطن ليل نهار. وهذا ما نص عليه الدستور صراحة فى المادة (184) من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية…. وتؤدى الشرطة واجبها فى خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والمن وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وتتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات وذلك كله على الوجه المبين بالقانون. ومن حيث أنه بناء على ما ألزم به الدستور هيئة الشرطة من السهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب فإنه ينبغى أن يبعد عن وظيفته بهيئة الشرطة كما ينبغى أن ينحى عن الدراسة بالكلية تخرج ضباط الشرطة كل من يتم التحقق لأسباب معقولة وتقوم عليها الأدلة الجدية أنه لن يكون قواما بحق وأمينا بصدق وعاملا بإخلاص على الحفظ النظام والأمن العام والآداب فى ربوع مصر ومن ثم فإنه لا سند من القانون لاعتبار تنحيه من يثبت لأفعاله وسلوكه وتصرفاته أنه ليس على المستوى اللازم من الأمانة والنزاهة والشرف من صفوف الذين يؤهلون لتولى هذه المسئولية من قبيل الغلو فى الجزاء بل إن فصل طالب كلية الشرطة الذى يثبت من تصرفاته ومسلكه أنه ليس على مستوى الانضباط اللازم لضباط الشرطة يعتبر نتيجة حتمية لعدم صلاحيته لأداء هذه الرسالة أو تحمل هذه المسئولية توجبها التى أحكام الدستور والقانون والصالح العام ولا شائبة عليه ولا غلو فيه.
ومن حيث أن مقتضى ما تقدم أن الحكم المطعون فيه صدر مستندا إلى حقيقة الواقع وصحيح أحكام القانون ومن ثم فإن الطعن عليه يكون واجب الرفض.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بأحكام المادة 184 مرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في القائمة البريدية