طعن رقم 1560 لسنة 40 بتاريخ 12/11/1995 الدائرة الأولي

Facebook
Twitter

طعن رقم 1560 لسنة 40 بتاريخ 12/11/1995 الدائرة الأولي
طعن رقم 1560 لسنة 40 بتاريخ 12/11/1995 الدائرة الأولي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين : صلاح عبد الفتاح سلامة ومصطفى المدبولى أبوصافى والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 16/3/1994 أودع الأستاذ محمد أبوالفضل الجيزاوى المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن بدعوى البطلان الأصلية قيد بجدول المحكمة برقم 1560 لسنة 40 ق عليا أحزاب سياسية فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 6/2/1994 أن الطعن رقم 3402 لسنة 38ق عليا أحزاب سياسية والذى قضى بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصدر فى 1/7/1992 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 12/6/1994 وتدوول نظره وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 26/7/1992 أقام فتحى الشيخ محمد الطعن رقم 3402 لسنة 38 ق عليا أحزاب سياسية أمام المحكمة الإدارية العليا ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية وطلب فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 1/7/1992 بالاعتراض على طلب تأسيس حزب سياسى باسم حزب السلام وإلزام المطعون ضده المصروفات. وقال شرحاً للطعن أنه عن نفسه وبصفته وجه إلى المطعون ضده إخطاراً كتابياً يطلب فيه الموافقة على تأسيس حزب السلام وأرفق بطلبه قائمتين بأسماء الأعضاء المؤسسين مصدقاً على توقيعاتهم وبرنامج الحزب ولائحة نظامه الداخلى، وبجلسة 1/7/1992 أصدرت لجنة شئون الأحزاب السياسية قرارها المطعون فيه وأقامت اللجنة قراراها على أن برنامج الحزب لم يحافظ على أحد المكاسب الاشتراكية مخالفاً بذلك نص الفقرة الثالثة من البند الأول من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية فضلاً عن وروده على نحو غير محدد وعدم تميزه الظاهر عن غيره من برامج الأحزاب القائمة أو إيضاح وتحديد أساليب الحزب فى تنفيذ هذا البرنامج وذلك بالمخالفة لنص المادة الثانية والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون المذكور، ونعى الطاعن على هذا القرار أنه صدر باطلاً لمخالفته القانون وذلك لبطلان تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية وعدم صلاحية أغلبية أعضائها ولبطلان أسبابه، وقدم الطاعن مذكرة أضاف فيها أن القرار الطعين صدر مشوباً بعيب عدم الاختصاص وعيب الإجراءات والشكل إضافة إلى مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله.
وبجلسة 6/2/1994 قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية صدر بمراعاة ما قررته أحكام الدساتير المصرية المتعاقبة ومنها دستور سنة 1971 من حق المصريين فى تكوين الجمعيات بما يشمل الجمعيات السياسية أو الأحزاب بشرط ألا تكون معادية لنظام المجتمع أو تقوم على تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية وبناء على الحريات العامة المقررة فى هذه الدساتير مثل حرية الرأى والتعبير وحق الاجتماع وأن قيام الأحزاب بناء على كونها حقاً عاماً للمصريين كان معلقاً على إزالة الحظر القانونى الذى فرض انفراد الاتحاد الاشتراكى بالساحة السياسية وأن تعديل الدستور لجعل النظام السياسى يقوم على تعدد الأحزاب لم يأت بجديد فى شأن إطلاق حرية الأحزاب السياسية وحق الانتماء إليها دستورياً وبذلك فإن تعدد الأحزاب وحرية تكوينها أو الانتماء إليها يكن هو الأصل والمبدأ العام الدستورى الذى يتلاءم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطى الذى تتوخاه جمهورية مصر العربية، ويبين من استقراء أحكام قانون الأحزاب السياسية أنه بعد أن حدد الأسس والمبادئ الأساسية لتنظيم الأحزاب السياسية نظم الأحكام الخاصة بشروط تأسيس هذه الأحزاب واستمرارها وحلها وكيفية وصولها إلى الساحة السياسية وأن مقتضى هذه الأحكام أن مهمة لجنة شئون الأحزاب السياسية وأن مقتضى هذه الأحكام أن مهمة لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها فى المادة الثامنة من هذا القانون وسلطاتها إزاء الأحزاب المزمع تأسيسها تتحدد فى ضوء المبادئ الدستورية والقانونية سالفة البيان إذ تنحصر هذه المهمة فى بحث أوراق الحزب تحت التأسيس للتأكد من مدى توافر الشروط التى حددها الدستور وأورد القانون تفصيلاتها ويكون للجنة حق الاعتراض على قيام الحزب قانوناً إذا ما تخلف فى شأنه شرط أو أكثر من الشروط المتطلبة وفى هذه الحالة فإن عليها أن تصدر قرارها مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن باعتبارها تتصرف فى إطار سلطة مقيدة بنص الدستور وأحكام القانون وفى مجال ممارسة حرية من الحريات التى كفلها الدستور وعلى أن يخضع ما تقرره اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة، وأضافت المحكمة أنه عما ينعاه الطاعن من بطلان تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية التى أصدرت القرار المطعون فيه وعدم صلاحية أغلبية أعضائها فإن الثابت أن طلب تأسيس حزب السلام قدم إلى اللجنة فى ظل العمل بالمادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 ومؤدى ذلك وفى ضوء ما نصت عليه المادة الخامسة من دستور سنة 1971 معدلة فى ضوء الاستفتاء الشعبى الذى أجرى فى 22 مايو سنة 1980 بأن ينظم القانون الأحزاب السياسية أن القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً لم يرد به نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس لجنة شئون الأحزاب إلى أى حزب سياسى قائم أو أنه يتعين عليه التنحى عن صفته الحزبية عند رئاسته اللجنة وذلك أمر قصده القانون ولم يكن غافلاً عنه بدليل وضعه هذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين فضلاً عن أن اللجنة بحسب تكوينها واختصاصها وسلطاتها هى لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرار الاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو فى حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قراراً إدارياً شكلاً موضوعاً وإنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه بالإلغاء أمام هذه المحكمة ومن ثم لا يسرى بشأن رئيس وأعضاء اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحى والمنع من المشاركة فى الحكم، وباعتبار أن من أسباب الطعن على القرار الإدارى عامة الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها، وإذا كان القانون سالف الذكر قد ترك للجنة شئون الأحزاب السياسية حرية البحث والدراسة والتمحيص وأجاز لها الاتصال بجهات أخرى وطلب ما تراه لازماً للفصل فى طلب تأسيس الحزب، كما أجاز لها طلب المستندات والأوراق والبيانات اللازمة من ذوى الشأن فإن الطعن على قرارها يثير بالضرورة لدى المحكمة المختصة التحقق من الأسباب التى استندت إليها اللجنة فى الاعتراض ومدى قيامها على أسباب ثابتة فى الأوراق التى كانت تحت نظرها عند إصدار القرار الإدارى محل الطعن وتؤدى واقعاً وقانوناً إلى النتيجة التى استخلصتها اللجنة وأقامت عليها قرارها، وإذا كان عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية التى يتعين على من يتمسك بها إثباتها أمام المحكمة بأدلة راجحة القبول، وإذ خلت الأوراق من ذلك ولم يقدم الطاعن أى دليل يؤيد قوله فيتعين الالتفات عما أثاره الطاعن فى هذا الشأن، وإذا كان نص المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية قد أورد أن اجتماع اللجنة لا يكون صحيحاً إلا بحضور رئيسها وأربعة من أعضائها من بينهم الوزراء المنصوص عليهم فى البنود 2 و 3 و 4 أى وزراء العدل والداخلية والدولة لشئون مجلس الشعب مما مفاده أن حضور اثنين فقط من أعضاء الهيئات القضائية يكمل النصاب الرئيس وأربعة أعضاء فإن عدم حضور العضو الثالث من أعضاء الهيئات القضائية لا يبطل الاجتماع، وعلى هدى ما تقدم فإن النعى على تشكيل اللجنة بالبطلان لانتماء الرئيس والأعضاء المنصوص عليهم فى البنود 2 و 3 و 4 من المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية للحزب الوطنى الديمقراطى ولحضور اثنين فقط من رؤساء الهيئات القضائية أو نوابهم أو وكلائهم وعدم حضور العضو الثالث إنما هو نعى غير سديد وعلى غير أساس صحيح من الواقع أو القانون جدير بالرفض. وقالت المحكمة – بالنسبة لما آثاره الطاعن من أن القرار المطعون فيه صدر خلال فترة إخلاء مقعد الدكتور مصطفى كمال حلمى رئيس مجلس الشورى ورئيس اللجنة بحكم منصبه مما يجعل القرار صادر من غير مختص زمنياً بإصداره – فإنه طبقاً لنص المادة (3) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس السورى فإن مدة عضوية أعضاء مجلس الشورى ورئيس مجلس الشورى هى ست سنوات ميلادية كاملة ولا تتأثر العضوية بإجراءات التجديد النصفى لأعضاء المجلس سواء بالنسبة للأعضاء المنتخبين أو المعينين إذ يتعين إتمام الانتخاب خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدة العضوية وكذلك اتمام التعيين خلال الثلاثين يوماً السابقة على انتهائها، فلو انتهت عضوية رئيس مجلس الشورى أو أحد أعضاء المجلس خلال التجديد النصفى ثم انتخب العضو أو عين قبل انتهاء المدة بستين يوماً أو بثلاثين يوماً على انتهاء مدة العضوية فإن عضويته تظل متصلة قبل الانتخاب أو التعيين وبعده ولا يسوغ القول بخلو منصب رئيس أو عضو مجلس الشورى لفترة زمنية، وإذ كان الثابت من الأوراق أن القرعة قد أجراها مجلس الشورى بتاريخ 14/4/1992 لتحديد من انتهت عضويتهم من أعضاء المجلس ثم أجريت الانتخابات فى 7/6/1992 وكان من بين من خاضوا الانتخابات رئيس مجلس الشورى د. مصطفى كمال حلمى بتاريخ 22/6/1992 وقد فاز د. مصطفى كمال حلمى فى الانتخابات واستمر رئيساً لمجلس الشورى ومن ثم فإن رئاسته لهذا المجلس تغدو متصلة سواء قبل أو أثناء التجديد النصفى ووقت إجراء الانتخابات وبعده، وإذ صدر القرار المطعون فيه بعد إتمام كل تلك الإجراءات فمن ثم يكون ما نعاه الطاعن من عدم اختصاص رئيس مجلس الشورى زمنياً بإصدار القرار غير قائم على أساس متعيناً رفضه. وذكرت المحكمة أن لجنة الأحزاب السياسية قد أصدرت القرار المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتأسيس حزب سياسى باسم حزب السلام وذلك على سند من أنها استظهرت أن برنامج الحزب لا يتميز تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة أو إيضاح أو تحديد وسائل تنفيذه فيما تضمنه البرنامج فى جملته ولا يعدو أن يكون تقريرات عامة فى مختلف المجالات التى تعرض لها بما لا يستطاع معه تحديد ماهيته أو أوجه خصوصياته التى تميزه عن برامج الأحزاب الأخرى فضلاً عن أنه يعرض ما يدعو إليه فى أى أمر دون تحديد أو حتى مجرد إشارة إلى وسائل تنفيذه، ولما كان من بين الشروط والضوابط التى أوردها القانون رقم 40 لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد فى البند ثانياً من المادة الرابعة التى تشترط لتأسيس الحزب واستمراره تميز برنامج الحزب وسياساته وأساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بدستورية هذا الشرط بحسبانه ضماناً للجدية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تساند وأن يكون فى وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسى ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراءً للعمل الوطنى ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها لتحقيق المصالح العامة للشعب، ولما كانت الأحزاب السياسية القائمة أو التى تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور والتى نظمها فى الباب الثانى منه متمثلة فى المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة فى الفصل الأول والمقومات الاقتصادية الواردة فى الفصل الثانى من الباب المذكور وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض فى مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو سياساتها أو أساليب ممارساتها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع ومبادئ ثورتى يوليو سنة 1952 و 15 مايو سنة 1971 كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الاشتراكى الديمقراطى والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه فى القانون رقم 40 لسنة 1977، ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه قد تطلبا اتفاق الأحزاب فى أمور غير مسموح فى شأنها بالاختلاف أو التميز دستوراً وقانوناً سواء فى المبادئ والمقومات أو فى الأساليب والسياسات، ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف الأمر الذى يؤدى إلى أن التماثل الذى قد يقترب من التطابق مفترض حتماً فى تلك المبادئ والأهداف الأساسية التى تقوم عليها الأحزاب ولذلك فإن عدم التميز أو التباين فى هذا المجال الوطنى والقومى لا يمكن أن يكون حائلاً دون تأسيس أى حزب كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً فى حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام فى برامج الحزب وأساليبه عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة فليس فى عبارة النص أو دلالته ومقتضاه ما يوحى بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها، وذلك لأن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أى حزب جديد ومصادرة حقه فى ممارسة الحياة السياسية منه إلى تنظيم هذا الحق ومن ثم فليس المطلوب فى التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى بل إن هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى فذلك منطقى وطبيعى مرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسى والدستورى للبلاد يلزمهم جميعاً وفقاً للمبدأ الأساسى لالتزام الأحزاب بالمقومات الأساسية للمجتمع المصرى، ومن ثم فإن التميز يكمن صدقاً وحقاً فى تلك المقومات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى ترد فى برامج الحزب وأساليبه وسياساته التى ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة – وتعبر عن توجه فكرى مميز فى مواجهة المشاكل العامة، واختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة فى ظروف الحياة الواقعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين المصريين ينفرد به عن باقى الأحزاب بحيث لا يكون نسخة مقلدة من البرامج والسياسات التى يتبناها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له – وبناء على ما سلف جميعها فإن التميز بهذه المثابة يختلف عن الانفراد وعن الامتياز والأفضلية عن باقى الأحزاب، فالتميز الظاهر – وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد لو توافرت باقى الشروط – يعنى ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس وتفردها على باقى الأحزاب الأخرى، ويقوم على مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته، ونقل أفكاره من دائرة العقل والشعور إلى ميدان التطبيق الواقعى بأبسط السبل وأيسرها، والامتياز بهذا المعنى يدخل فى نطاق الرقابة على الممارسة والأداء ويخرج عن نطاق الرقابة فى النشوء المبتدأ الذى يقتصر على توفر الجدية والجدوى من برامج وسياسات الحزب المتميز ظاهرياً، فالامتياز يدخل فى نطاق الرقابة الشعبية التى يكون لها وحدها الحق – فى المفاضلة بين الأحزاب القائمة – لترى أيها أقرب سياسياً على تحقيق آمالها على أرض الواقع ومن ثم يخرج من نطاق الرقابة على تأسيس الحزب السياسى مهمة التأكد من مدى قدرة الحزب طالب التأسيس على الامتياز على غيره فى نشاطه وممارسته فى الساحة السياسية الحزبية لتحقيق البرامج التى يطرحها – فكل برنامج قابل للنجاح أو الفشل بدرجات متفاوتة، ولا يمكن أن يتأكد ذلك إلا فى ساحة العمل والممارسة الحزبية والنضال السياسى – ومن ثم يكفى ليكون الحزب جاداً فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة، ويتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التى أوردها الحزب لتحقيق سياساته وبرامجه منطقية وممكنة عقلاً ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج التى انتهى إليها ولا يكفى لطرح الثقة بهذه البرامج الادعاء بأنها مغرقة فى الأوهام والخيالات، ما دام الحزب قد قدم فى الأوراق تصوراً محدداً للخطوات التنفيذية المنطقية والعملية التى يجدها مؤدية لتحقيق برامجه، ما لم يتأكد فنياً وعلى أساس علمى ومنطقى دحض هذه الآراء واستحالة تنفيذها – وأوضحت المحكمة أنه بتطبيق ما تقدم من تحديد لشرط التمايز على برنامج حزب السلام – تحت التأسيس – وبعد استعراض كامل للبرنامج يبين أن حزب السلام – تحت التأسيس – يدعو فى مجال السياسة الخارجية وأخذاً فى الاعتبار أن مصر دولة إسلامية عربية أفريقية وأنها قلب العالم العربى ما يستوجب عدم دخولها فى أية محاور مع أو ضد أية دولة إسلامية لتصبح هى الحكم فى المنازعات بين هذه الدول وليست طرفاً فيها، فالبادى والمعلوم أن مصر أحد الأعضاء البارزين فى جامعة الدول العربية وفى منظمة الوحدة الأفريقية وهيئة الأمم المتحدة وفى دول عدم الانحياز وفى المؤتمر الإسلامى وتقوم سياساتها المعلنة على أساس التعاون والاحترام المتبادل والمصالح المشروعة، وفى مجال السياسة الداخلية يدعو الحزب إلى إلغاء القوانين التى تحد من حرية الأفراد فى التعبير عن رأيهم غير المخالف للنظام العام والآداب وإلغاء قوانين المدعى الاشتراكى ومحاكم أمن الدولة والقيم وأن يكون شكل الحكم جمهورياً برلمانياً وأن يكون انتخاب الرئيس ونائبه من الشعب مباشرة وهى أمور كلها سبقته إليها برامج أحزاب أخرى قائمة، وفى مجال السياسة الاقتصادية ينادى الحزب بوضع خطتين للإصلاح الاقتصادى إحداهما عاجلة والأخرى آجلة، أما العاجلة فهى إطلاق الحرية للقطاع الخاص بغير حدود وبغير رقابة من الدولة وبغير ضرورة للحصول على موافقات أو إذن من أية جهة على أن يترك للقطاع العام الحرية فى الإدارة والتمويل والتطوير والإبداع، والخطة الآجلة تقضى باستمرار القطاع العام فى الصناعات الثقيلة ويترك للقطاع الخاص الصناعات الخفيفة، ويدعو الحزب إلى التكامل الاقتصادى بين مصر وليبيا والسودان كنواة للوحدة العربية والسوق العربية المشتركة وهى سياسة توليها الحكومة القائمة أهمية كبرى، وأفراد القطاع العام للصناعات الثقيلة والخاص للصناعات الخفيفة لهو أمر يكاد يكون مطبقاً فعلاً أو تضمنته نظريات عفى عليها الزمن أو برامج لأحزاب أخرى، أما عن الديون وكيفية سدادها فقد قطعت الحكومة القائمة شوطاً كبيراً فى هذا السبيل، فضلاً عن عدم بيان الحزب تحت التأسيس لكيفية سداد باقى الديون عن طريق الشعب فى ضوء قدرات الشعب وما هى الوسيلة لذلك، وبالنسبة لسعر الصرف فقد أصبح موحداً وثابتاً ومعمولاً به فى الواقع، كما تكفل التشريعات القائمة إشراف الدولة ورقابتها من خلال البنك المركزى على جميع البنوك العاملة فى مصر، وأما عن دعوة الحزب لتغليظ العقوبة على التلاعب فى الشيك فثمة مشروع قانون بشأن حماية الشيك معروض على مجلس الشعب، وأما عن دعوة الحزب إلى التكافل الاقتصادى بين مصر وليبيا والسودان كنواة للوحدة والسوق العربية المشتركة فقد سبقت هذه الدعوة عدة تجارب فى هذا الصدد وإن لم يكتب لها النجاح إلا أنها ما زالت مطروحة على الساحة ومطلباً لكافة الشعوب العربية وخاصة شعوب الدول الثلاث وتطرحها برامج كثير من الأحزاب، وفى مجال الصناعة يقسم الحزب تحت التأسيس الصناعات إلى ثقيلة تتبناها الدولة وخفيفة إنتاجية ومغذية وقطع غيار وتترك للقطاع الخاص، ويدعو إلى نقل التكنولوجيا ووقف تصدير المواد الخام التى يمكن تصنيعها فى مصر كما يدعو إلى ترشيد استهلاك الكهرباء وتصنيع معدات الطاقة الشمسية كاملاً فى مصر والاهتمام بالطاقة الجديدة والبحث عن تصنيع كل ما يمكن تصنيعه من مشتقات البترول وتصديره إلى الدول العربية وهى كلها أمور ليس فيها من جديد ودعت إليها من قبل برامج أحزاب أخرى بل يدعو إليها الأفراد والكتاب على صفحات الجرائد بصفة دورية. وفى مجال الزراعة واستصلاح الأراضى تقوم سياسة الحزب تحت التأسيس على تشجيع رأس المال المصرى فى تكوين شركات متخصصة فى هذا المجال وتوزيع الأراضى الصحراوية الصالحة للزراعة على الشباب وتعميم نظام الصرف المغطى والتوسع رأسياً وأفقياً فى الأراضى المزروعة وحماية مياه النيل من التلوث وكلها مجالات مطروحة سلفاً من قبل أحزاب أخرى أو موضع اجتهاد الحكومة القائمة وهدف لها تصبو إلى تحقيقه وإن عجزت عنه إمكانياتها ووسائلها. وفى مجال الإسكان تقوم سياسة الحزب على أن تقتصر مهمة الدولة على تخطيط المدن وإعادة النظر فى قوانين الإسكان لحل المشكلة عن طريق العرض والطلب وعرض الأراضى المملوكة للدولة فى المدن الجديدة والصحراء بأسعار رمزية وتشجيع إقامة مجتمعات صناعية وجعل القاهرة مدينة مغلقة وعدم فرض رسوم أو ضرائب على مواد البناء وعدم تجديد المصانع القائمة حالياً داخل المدن الكبرى وتشجيع هدم المبانى القديمة وإقامة متنزهات وحدائق عليها مع الاهتمام باتساع الشوارع، وهى أمور توليها الحكومة القائمة عنايتها وتدعو إليها برامج أحزاب أخرى. كما يدعو الحزب إلى عمير سيناء بالزراعات المناسبة مثل النباتات الطبية والعطرية وزراعة الزيتون واستخدام الطاقة الشمسية والرياح فى استخراج مياه الآبار والبحث عن المعادن بسيناء وهى أمور إن لم يكن قد طبق معظمها فعلاً فهى فى الطريق، إذ تمت زراعة سيناء بأشجار الزيتون والفواكه والنباتات العطرية والطبية ومهدت بها الطرق ومشروع ترعة السلام. وعن التعليم فقد عرض برنامج الحزب لمشاكله ويدعو إلى ربط التعليم بالأهداف والقدرات الذهنية والعلمية وفقاً لضوابط تتلخص فى أنه: لا مجانية إلا للمتفوقين، الالتحاق بأية مرحلة تالية لكل الطلبة بشرط أداء النفقات، تشجيع التعليم الفنى، إنشاء التعليم المهنى، تغيير النظرة للتعليم الجامعى فلا يلتحق به إلا المتفوقون وبالمجان ولغيرهم بالمصروفات، ومجانية التعليم للمتفوقين على النحو السالف بيانه وإن كانت تدخل فى مفهوم تنظيم التعليم وترشيده ولا تذهب إلى حد المنع والحرمان لغير المتفوقين إلا أنها دعوة مسبوقة من خبراء التعليم ومن الأحزاب الأخرى بل إن تحديد حد أدنى للدرجات للالتحاق ببعض المدارس والجامعات إنما هو تطبيق لذات المعيار فى تنظيم التعليم والدعوة إلى الجامعة الأهلية تكتمل باتمامها منظومة التعليم على نحو ما ينادى به الحزب وغيره فى مجال التعليم. وفى مجال الصحة يرى الحزب تحت التأسيس أنه ليس ثمة برنامج محدد للقضاء على المرض وأصبح المواطن العادى لا يجد الرعاية الطبية الكاملة أو شبه الكاملة فى المستشفيات الحكومية التى تردت فى حالة من الفوضى والإهمال وانتشرت ظاهرة المستشفيات التخصصية، ويذكر الحزب أن سياساته فى مجال الصحة تقوم على عدة أسس هى أن يكون لكل طفل بطاقة صحية مع تأثيم عدم التردد على الطبيب كل ستة أشهر وجعل المستشفيات الحكومية هيئات مستقلة بميزانيات خاصة ورفع دخول الأطباء وتطوير نظام التأمين الصحى وتشجيع إنشاء المستشفيات الخاصة المتوسطة، والبادى أن الحكومة القائمة تولى نظام التأمين الصحى رعايتها وجعلت لكل تلميذ بطاقة صحية وثمة هيئات تتبعها المستشفيات وما خلا ذلك من أمور دعا إليها الحزب مجرد تصورات وأمانى لا تطابق حقيقة الواقع فضلاً عن تناقض الدعوة إلى القضاء على المستشفيات الخاصة ثم الدعوة إليها كمستشفيات متوسطة. وعن تلوث البيئة يرى الحزب تحت التأسيس أن يكون ثمة برنامج متكامل لحماية البيئة من التلوث بمنع إقامة المصانع القريبة من المدن وإرغام تلك المصانع على معالجة نفاياتها وإنشاء معمل خاص لذلك وتطوير استخدام تكنولوجيا الغاز الحيوى وقيام هيئة متخصصة لحماية البيئة، وقد انتهت الحكومة القائمة من إعداد مشروع قانون موحد للبيئة يتضمن تطوير جهاز شئون البيئة الحالى وتغيير اسمه إلى الجهاز المركزى للبيئة وإعداد مكاتب فرعية للجهاز فى المحافظات تشرف على الشئون الفنية المتصلة بالبيئة. وعن النقل والمواصلات يرى الحزب تحت التأسيس تطوير النقل البرى من خلال مد الطرق الرئيسية إلى أطراف وحدود مصر شرقاً وغرباً وتيسير نقل المواطنين داخل المدن ومد خطوط الطرق الرئيسية إلى السودان وربط المحافظات الجديدة ببعضها عن طريق السكك الحديدية وتطوير الأسطول البحرى وتشجيع الاستثمار فى هذا المجال ونقل وزارة النقل البحرى إلى الأسكندرية وفتح موانى الترانزيت وتحويل شركة مصر للطيران إلى شركة مساهمة مصرية حتى يمكن تطويرها مع إنشاء موانى جوية حديثة وهى كلها دعوات ومطالب تحقق بعضها والبعض الآخر موضع اهتمام من الحكومة الحالية ومن برامج الأحزاب الأخرى، وعن السياحة يدعو الحزب إلى إلغاء القوانين والقرارات التى تسبب مضايقة للسائح وتلك التى تعرقل عمل شركات السياحة، وتشجيع جهود تلك الشركات وتشجيع الاستثمار فى السياحة وإنشاء مجلس أعلى للسياحة وتطوير فنادق القطاع العام، وهى كلها أمور ملموسة من الحكومة القائمة ولم تدخر وسعاً فى هذا المجال الذى تجمع كل الأراء على أهمية هذا القطاع وحيويته وتبنى تلك الوسائل للنهوض به. وعن الشباب يدعو الحزب إلى مد جسور الحوار والفكر المستنير مع الشباب وأن تهتم أجهزة الدولة بكافة أموره ويركز الحزب على الحل الاقتصادى لمشاكل الشباب باعتباره الحل الأساسى لجميع مشاكله من حيث حاجته إلى العمل والمسكن والزواج، وإذ كان الحزب قد حدد عناصر المشكلة ومواطن الداء على نحو يتفق معه فيه كل ذى فكر ورأى من الأحزاب الأخرى وغيرها ومن الحكومة الحالية إلا أن الحزب – تحت التأسيس – لم يحدد الوسيلة لمعالجة المشاكل والوصول إلى المرجو فيها من أهداف حين كان عليه أن يوجه جهده ويعمل فكره فى إيجاد الوسيلة وتدبير العلاج. وخلصت المحكمة من كل ما سبق إلى أن المشروعات والأفكار التى عرضها الحزب فى برنامجه المودع ملف الطعن لا تعدو أن تكون شعارات حماسية سياسية تتضمن مجموعة أفكار وأقوال مرسلة لا يتوافر فيها الجدية الواجبة ولا يتحقق من ورائها أية جدوى ظاهرة وتفتقر إلى تحقيق وسائل تحقيقها حتى يمكن الحكم على مدى جديتها وجدواها، فضلاً عن عدم وضوح الرؤية وعدم التحديد لمؤسسى الحزب مما جعلهم يفقدون السبيل إلى صياغة برنامج يحدد المشاكل ويضع الحلول التى تتلائم مع ظروف العصر وارتباطها بالحلول التى تتبناها الأغلبية العظمى من الأمة لقضايا المجتمع مما يفتقد معه برنامج الحزب محل الطعن إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التى تشكل إضافة جادة إلى العمل السياسى ويكون غير جدير بالانضمام مع باقى الأحزاب القائمة إلى ساحة العمل السياسى.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أسباب حاصلها. وقوع بطلان فى الحكم وبطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم المطعون فيه حيث بنى على مخالفة القانون مخالفة جسيمة وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وجاء مشوباً بالقصور فى أسبابه وخالف الثابت من الأوراق ولم يتناول بالرد ما تضمنه تقرير الطعن ومذكرات الطاعن ومستنداته من أسباب قانونية ودفوع جوهرية تناولت أسباب بطلان قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون فيه وبيان عناصر التميز فى برنامج الحزب خاصة بحث الدكتور أحمد بيلى وبحث منظمة اليونسكو عن الأطفال، ومخالفة الحكم لما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا بشأن شرط التميز والذى مفاده أن التميز المطلوب لا يمكن أن يكون مقصوداً به تفرد برنامج الحزب عن كافة ما سبق من برامج الأحزاب الأخرى كلها أو تكون أساليبه متميزة عن أساليب سائر الأحزاب، فالتميز الذى يقصده المشرع هو تميز برنامج الحزب بشكل متكامل عن برامج الأحزاب الأخرى بشكل عام وليس بشكل جزئى، وبذلك فليس صحيحاً ما أورده الحكم المطعون فيه من أن هناك بعض أوجه التشابه فى سياسات وبرامج الحزب – تحت التأسيس – وبين جزئيات أخرى فى سياسات وبرامج سائر الأحزاب الأخرى مما يجعل الحزب غير مستوف لشروط التأسيس، إذ القول بوجود بعض الموضوعات فى برنامج الحزب التى لها مثيل فى برامج الأحزاب الأخرى، يؤدى بمفهوم المخالفة إلى أنه كان يتعين على الحزب محل الطعن ألا يذكرها ضمن برنامجه حتى يتميز، كذلك فإن رئيس الجلسة وكاتبها لم يوقعا على نسخة الحكم الأصلية ولم يرد الحكم على الدفع بأن لجنة شئون الأحزاب ليست جهة فنية متخصصة لتصدر قرارها بالاعتراض على تأسيس الحزب، إذ كان عليها إحالة برنامج الحزب إلى لجنة فنية متخصصة ومحايدة، كذلك لم يرد الحكم الطعين على الدفاع بانعدام صفة محامى الحكومة فى الدفاع عن المطعون ضده إذ أن المطعون ضده لا يعد جهة حكومية وأن قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية ليس قراراً إدارياً أو تشريعياً أو قضائياً وإنما هو قرار من نوع خاص، وبصفة عامة فقد خالف الحكم الطعين أحكام الدستور وأحكام قوانين الأحزاب والمرافعات ومجلس الدولة فى شأن تحديد معنى التميز وكفالة حق الدفاع والرد على أوراق الطعن ومستنداته وما أبداه الطاعن من أوجه دفاع ودفوع ووجوب توقيع نسخة الحكم الأصلية المشتملة على الوقائع والأسباب والمنطوق من رئيس الجلسة وكاتبها، ومخالفة المستقر من أحكام المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا وتضمن إهداراً للعدالة. وقدم الطاعن حافظتى مستندات طويت أولاهما على صورة ضوئية من الحكم المطعون فيه وتضمنت الثانية عدداً من الصحف والمجلات وكذا مذكرة جاءت فى صورة بيان تضمن حديثاً عن الديمقراطية وتعدد الأحزاب وحرية الكلمة وآثارها بالإضافة إلى تلخيص لبرنامج الحزب تحت التأسيس.
ومن حيث أن القاعدة أنه يجب التمسك بعيوب الحكم بطريق من طرق الطعن التى حددها القانون كمرحلة من الخصومة التى صدر فيها الحكم، فإذا لم يكن الحكم يقبل الطعن بأى طريق من طرق الطعن التى نظمها القانون أو استنفذت هذه الطرق فإنه سواء كان الحكم باطلاً أو غير عادل فلا يجوز المساس به عن طريق رفع دعوى بطلانه، على أن سريان هذه القاعدة على إطلاقها يؤدى بالنسبة للأحكام التى تحوز حجية الأمر المقضى إلى نتيجة غير مقبولة، إذ أن هذه الحجية تعمل على استقرار المراكز القانونية على نحو معين ومن غير المقبول أن تستقر هذه المراكز نتيجة لحماية منحها حكم شابه عيب جسيم، إذ يكون الحكم عندئذ غير صالح لأداء وظيفته، ولهذا فمن المقرر أنه حيث يوجد مثل هذا العيب فمن المصلحة إهدار حجية الحكم. ذلك برفع دعوى ببطلانه، على أن يلاحظ أنه إذ يتعلق الأمر برفع دعوى بطلان الحكم كعمل قانونى فإن العيب الذى يبرر رفع هذه الدعوى هو دائماً خطأ فى الإجراء، ذلك أن الخطأ فى التقدير مهما كانت جسامته لا يؤدى إلى بطلان الحكم.
ومن حيث أن المحكمة الإدارية العليا، فيما وسد لها من اختصاص، تستوى على القمة بين محاكم مجلس الدولة وقد جرى قضاؤها بأنه لا يجوز الطعن فى الأحكام الصادرة منها بأى طريق من طرق الطعن إلا إذا انتفت عنها صفة الأحكام القضائية بأن يصدر الحكم من مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية، للفصل فى الدعوى أو اقترن الحكم بعيب جسيم يمثل إهداراً للعدالة يفقد الحكم معه وظيفته ومقوماته وتقوم على أساسه دعوى البطلان الأصلية، إما إذا قام الطعن على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب فى تفسير القانون وتأويله فإن هذه الأسباب لا تمثل إهداراً للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته وتبعاً لذلك لا تصمه بأى عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام وهو مناط قبول دعوى البطلان الأصلية.
ومن حيث أن المبادئ المتقدمة هو ما يتعين الأخذ به كذلك ولذات الأسباب لهذه المحكمة بتشكيلها الخاص المنصوص عليه فى المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية وهى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التى يرأسها رئيس مجلس الدولة منضماً إلى تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة على النحو الذى بينه القانون سالف الذكر.
ومن حيث أنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن من عدم توقيع نسخة الحكم الأصلية المشتملة على الوقائع والأسباب والمنطوق من رئيس الجلسة وكاتبها بالمخالفة لنص المادة 179 من قانون المرافعات واعتبار ذلك خطأ مبطلاً للحكم، فإنه فضلاً عن أن هذا النعى غير سديد ويفتقر إلى دليل يظاهره لثبوت توقيع نسخة الحكم الأصلية المودعة ملف الطعن من رئيس الجلسة رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وكاتبها مما لا سبيل إلى دحضه إلا بطريق الطعن بالتزوير ولا ينهض فى التدليل عليه ما قدمه الطاعن بجلسة 5/2/1995 ضمن حافظة مستنداته من صورة ضوئية للحكم موقعاً عليها من رئيس المحكمة دون كاتب الجلسة، إذ فضلاً عن أن هذه الصورة لا تفيد أكثر من أنه تم الحصول عليها عقب نسخها وقبل استكمال توقيع كاتب الجلسة عليها بدليل خلوها من أية أختام أو تأشيرات تفيد أنها صورة رسمية طبق الأصل ومسدد عنها الرسم المستحق فإنه – فضلاً عن كل ما تقدم – فإن من المقرر أن إغفال توقيع كاتب الجلسة على نسخة الحكم الأصلية لا يترتب عليه بطلان ما دام عليها توقيع رئيس الجلسة.
ومن حيث أنه عما ينعاه الطاعن من أن الحكم الطعين شابه القصور فى التسبيب إذ أغفل الإشارة إلى ما قدمه الطاعن من مستندات وأبحاث ومذكرات بجلسات 19/2 و 6/6 و 1/8/1993 ولم يتناول الرد على ما أثاره من أوجه دفاع ودفوع جوهرية تبرر تميز الحزب وتبطل قرار لجنة شئون الأحزاب، فإن الثابت من محاضر جلسات المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية التى عقدت لنظر الطعن الصادر فيه الحكم الطعين أنه عين لنظر الطعن جلسة 4/10/1992 وتأجل لجلسة 29/11/1992 وفيها حضر الطاعن بشخصه وقدم حافظة مستندات ثم تأجل نظر الطعن لجلسة 3/1/1993 حيث حض الطاعن بشخصه كذلك وقدم حافظة مستندات أخرى ثم تأجل نظر الطعن لجلسة 7/2/1993 وتأجل نظره لجلسة 7/3/1993 لعدم اكتمال التشكيل من الشخصيات العامة، وبذلك فلم تكن ثمة جلسة فى 19/2/1993 كما ذكر الطاعن، كما حضر الطاعن بجلسة 7/3/1993 ولم يقدم شيئاً، ولم يحضر بجلسة 11/4/1993 التى تأجلت إدارياً لجلسة 2/5/1993 لعدم اكتمال التشكيل من الشخصيات العامة، وبجلسة 6/6/1993 حضر الطاعن بشخصه كما حضر الأستاذ/ أبو الفضل الجيزاوى المحامى وقدم مذكرة وبحثا من أستاذ جامعى يفرق بين الحزب والأحزاب الأخرى، أما جلسة 1/8/1993 فقد تأجلت إدارياً لعدم اكتمال التشكيل من الشخصيات العامة إلى جلسة 7/11/1993. ومن ذلك يبين أن جميع المستندات والأبحاث والمذكرات التى قدمها الطاعن – بما فى ذلك تقرير الطعن وما تضمنته من دفوع وأوجه دفاع جوهرية حول برنامج الحزب وعناصر تميزه – كانت تحت نظر المحكمة، وأن المحكمة وإن كانت غير ملزمة بتعقب أوجه الدفاع ومناقشتها تفصيلاً اكتفاء بالرد عليها إجمالاً فإنه يبين من استقراء الأسباب التى أقام عليها الحكم الطعين قضاءه والتى سبق بيانها أنها تناولت الرد على كل ما أثاره الطاعن من مطاعن حول صلاحية رئيس لجنة شئون الأحزاب وأعضاء هذه اللجنة من الوزراء وعدم اكتمال عدد الأعضاء من رجال الهيئات القضائية السابقين وعدم اختصاص رئيس اللجنة زمنياً بإصدار القرار الطعين، كما تضمن الحكم الرد على ما دفع به الطاعن من انتفاء صفة محامى الحكومة بالحضور عن لجنة الأحزاب وذلك فيما تضمنه من أن هذه اللجنة هى لجنة إدارية وقرارها قرار إدارى يطعن فيه بالإلغاء أمام هذه المحكمة، كما تناولت المحكمة بيان مفهوم شرط التميز ومداه وحق اللجنة فى تقدير توافره من عدمه بما يتفق والمعايير التى أرستها المحكمة الدستورية العليا وجرى به قضاء هذه المحكمة، ومن ثم فإنه فى ضوء ما سبق بيانه يكون ما أورده الطاعن من أسباب للطعن بدعوى البطلان فى الحكم الطعين هو مما يدخل فى باب الاجتهاد والتقدير وليس فيه ما ينحدر بالحكم إلى هاوية البطلان، وأن غاية ما يهدف إليه الطاعن من إثارتها هو إعادة طرح طعنه فى قرار لجنة شئون الأحزاب وإعادة مناقشة ما قضى به الحكم الطعين فى شأنه بالدعوى الماثلة الأمر الذى لا تتوافر معه شرائط دعوى البطلان الأصلية، إذ ليس فيما أورده الطاعن من أسباب لهذه الدعوى ما يجرد الحكم الطعين من أركانه الأساسية ويفقده صفته كحكم، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في القائمة البريدية