طعن رقم 1598 لسنة 30 بتاريخ 27/07/1991
__________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل ، رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة : محمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجى.
المستشارين
اجراءات الطعن
بتاريخ 30 من ابريل سنة 1984 أودع السيد الأستاذ / عبد الحليم حسن رمضان المحامى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا ، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1598 30 ق عليا ضد كل من السيدين : رئيس الجمهورية ووزير الداخلية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 17/4/1984 فى الدعوى رقم 3498/38 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام المدعى مصروفات هذا الطلب باحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتقدم تقريرا بالرأى القانونى فى طلب الالغاء.
وطلب الطاعن للاسباب المبينة لتقرير الطعن – الحكم بقبوله شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه وبقبول طلباته الواردة بعريضة الدعوى والزام المطعون ضدهما المصروفات مع الأمر بتنفيذ الحكم مسودته وبدون اعلان.
وقد أودع الأستاذ الدكتور / فاروق عبد البر ، مفوض الدولة لدى المحكمة تقريرا مسببا بالرأى القانونى لهيئة مفوضى الدولة أرتأى فى ختامه تأجيل نظر الطعن وتحديد ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر للطاعن لرفع دعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا وابقاء الفصل فى المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأمرت باحالته إلى هذه المحكمة وعينت لنظره أمامها جلسة 13/10/1984 وتداولت المحكمة نظره بها والجلسات التالية وبجلسة 1/12/1984 دفع الطاعن بعدم دستورية القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب ، المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 ، ورأت المحكمة جدية الدفع ، فقررت تأجيل نظر الطعن لجلسة 2/3/1985 وحددت ميعادا غايته آخر يناير سنة 1985 حتى يقوم الطاعن برفع دعوى عدم دستورية القانون المشار إليه خلال هذا الميعاد وبجلسة 2/3/1985 قرر الحاضر عن الطاعن أنه قام برفع الدفع بعدم دستورية القانون رقم 38/72 وحددت جلسة 27/3/1985 لنظره فقررت المحكمة بذات الجلسة وقف الطعن ، بجلسة 15/4/89 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 8 لسنة 7 قضائية دستورية ، قاضيا بعدم قبول الدعوى وألزمت الحكومة المصروفات تأسيسا على أنه قد سبق لها أن قضت بتاريخ 16 من مايو سنة 1987 فى الدعوى رقم 131/6 ق .دستورية ، بعدم دستورية المادتين الخامسة مكرر والسادسة ( 1 ) من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 وأن قضاءها له حجية مطلقة حسمت الخصومة بشأن عدم دستورية هذين النصين حسما قاطعا مانعا من نظر أى طعن يثور من جديد بشأنهما وبالتالى فإن المصلحة فى الدعوى الماثلة بالنسبة للطعن عليهما تكون قد انتفت وبالتالى يتعين الحكم بعدم قبولها ، ومن ثم استأنفت المحكمة نظر الطعن بجلسة 16/12/1989 وبالجلسات التالية ، وعلى النحو الثابت بمحاضرها وقررت اصدار الحكم بجلسة 27/1/1990 ، وبها قررت اعادة الطعن للمرافعة لجلسة 3/3/1990 وعلى هيئة مفوضى الدولة اعداد تقرير تكميلى فى موضوع الطعن بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا وأودع الأستاذ المستشار / عادل الشربينى ، مفوض الدولة لدى المحكمة تقريرا مسببا بالرأى القانون لهيئة مفوضى الدولة ، ارتأى فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا ، وإلزام وزارة الداخلية بالمصروفات ، وتداولت المحكمة نظر الطعن بالجلسات التالية ، على النحو الثابت بمحاضرها ، وقررت اصدار الحكم فيه بجلسة 2/3/1991 ،وبها قررت اعادة الطعن للمرافعة بناء على طلب الطاعن المؤرخ 14/2/1991 ثم تداولت نظره بتلك الجلسة وبالجلسات التالية ،على النحو الثابت بمحاضرها ، إلى أن قررت اصدار الحكم بجلسة 20/7/1991 حيث قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/7/1991 ، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عن النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث أن الطاعن قد وجه هذا الطعن إلى كل من السيدين وزير الداخلية ورئيس الجمهورية.
وحيث أن القرار الطعون فيه محمل الدعوى التى طلب فيها الطاعن وقف تنفيذه والغائه قد صدر من السيد ووزير الداخلية وحده مستندا إلى أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية ، والقانون رقم 38 لسنة 1972 بشان مجلس الشعب ولم يصدر القرار الطعين من السيد رئيس الجمهورية أو لم يصدق عليه أو يعتمد منه بناء على أية نصوص تقرر ذلك فى الدستور أو القانون.
ومن حيث أن المادة (157) من الدستور تنص صراحة على أن الوزير هو الرئيس الإدارى الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياسة الوزارة فى حدود السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها .
ولما كان الطاعن قد اختصم وزير الداخلية مصدر القرار والمسئول عنه قانونا وسياسيا أمام القضاء وأمام مجلس الشعب طبقا لأحكام المواد (126) ، (128) من الدستور والتى تنص على أن الوزراء مسئولون أمام مجلس الشعب عن السياسة العامة للدولة وكل وزير مسئول عن أعمال وزارته.
ومن ثم لا شأن لغير وزير الداخلية بهذا النزاع.
ومن حيث أنه بمراعاة ما سلف فإن الطعن استوفى الأوضاع الشكلية المقررة لقبوله شكلا فى مواجهة السيد وزير الداخلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من أوراقها – تتحصل فى أنه بتاريخ 10/4/1984 أقام السيد الأستاذ /……………الدعوى رقم 3498/38 أمام محكمة القضاء الإدارى ضد كل من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ، وطلب فى ختام صحيفتها الحكم بقبولها شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه شاملا كافة آثاره وفى الموضوع بالغاء هذا القرار بكل ما ترتب عليه من آثار ،والزام المدعى عليهما المصروفات ، قال تبيانا لدعواه أنه بتاريخ 8/4/1984 اصدر وزير الداخلية قرارا بفتح باب الترشيح لانتخابات مجلس الشعب فيما بين المواطنين ، وحدد القرار يوم السبت 14/4/1984 لفتح باب الترشيح ويوم 23/4/1984 ميعادا لانتهاء قبول أوراق المرشحين والزام القرار كل مرشح بتقديم صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مبينا فيها ادراج اسمه بصفة أصلية أو احتياطية بين اسماء المرشحين من الحزب فى قوائمه ، ونعى المدعى على هذا القرار أنه أخل بأحكام المادتين الأولى والثانية من الدستور ، فيما يقرر أنه من اتخاذ الديمقراطية أسلوبا للحكم والشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع وأخل بمبدأ تكافؤ الفرص لجميع المصريين المنصوص عليه فى المادة (8) من الدستور وبحق المواطنين فى تولى الوظائف العامة وأداء الخدمة العامة والعمل العام ، طبقا لأحكام المادتين 13 ، 14 من الدستور ، وأفقدهم حق المساواة فى جميع الحقوق والواجبات المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور ، وصادر حقوقهم فى الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى وفقا لنص المادة (62) من الدستور ، وأنطوى على تمييز بينهم بسبب الرأى السياسى إذ قصر حق الترشيح على أعضاء الأحزاب السياسية فقط ، بالمخالفة لنص المادتين (2) ، (36) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التى قررتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16/12/1966 والتى وقعتها حكومة مصر فى 4/8/1987 حيث حرم القرار المواطنين المستقلين من حقهم فى الترشيح لعضوية مجلس الشعب.
وبجلسة 17/4/1984 صدر الحكم الطعين على أسباب توجز فى أن القانون رقم (38) لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب معدلا بالقانون رقم 114 لسنة 1983 تبنى نظام الانتخابات بالقائمة بدلا من نظام الانتخاب الفردى ، واعتبر القوائم الحزبية هى الاسلوب الوحيد لعمليتى الترشيح والانتخاب ثم جاء قرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 مفصلا ما أجمله القانون المذكور ، فألزم كل مرشح بتقديم صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مبينا فيها ادراج اسمه بصفة أصلية أو احتياطية ، فيكون مشروعا.
وأنه لا وجه للنعى عليه بعدم الدستورية لأن الدستور نص على قيام النظام السياسى على اساس تعدد الأحزاب ، وهى القنوات الشرعية للمشاركة فى النظام السياسى ولا يقبل ممن لا ينتمى إلى أحد الأحزاب السياسية القائمة قانونا المشاركة فى النظام السياسى للبلاد وأنه ليس بدعا فى التنظيم السياسى أن تكون القوائم الحزبية هى الطريق الوحيد إلى مقاعد مجلس الشعب فقد جرى العرف الدستورى والتشريعى على أن العضوية العاملة بالاتحاد الاشتراكى العربى هى الطريق الأوحد ليس فقط للذهاب إلى مجلس الأمة ، ولكن (أيضا) لتقلد بعض المناصب الخاصة (يقصد العامة) وذلك من مفهوم أن النظام السياسى فى الدولة كان قائما على صيغة تحالف قوى الشعب العاملة ضمن اطار الاتحاد الاشتراكى العربى وأنه لاوجه للقول باخلال القرار المذكور بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ، إذ أنه بعد أن نص الدستور عليها فى المادتين 8 ، 40 منه احال بالنسبة إلى حق المواطنين ، فى الانتخاب والترشيح إلى أحكام القانون ، الذى نص فى المادتين خامسا مكررا والفقرة الأولى من المادة السادسة منه على أن يكون الانتخاب بالقائمة الحزبية ومشترطا أن يكون المرشح مدرجا فى إحدى هذه القوائم الحزبية ، وجاء القرار المطعون فيه منفذا له ، ومقتصرا على مجرد تنفيذ الأحكام العامة والمجردة للشروط الواجب توافرها فيمن يتقدم للترشيح لانتخاب مجلس الشعب ، وهى شروط القصد منها تنظيم ممارسة حق الترشيح دون انطوائه على تمييز فئة على أخرى من المواطنين بما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بينهم فضلا عن أن النصوص التشريعية التى توسدها هذا القرار تدور فى تلك المادتين (5) ، (62) من الدستور.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين للدستور والقانون والخطأ فى تطبيقها وتأويلها لأسباب موجزها أن صياغة النظام السياسى على أساس تعدد الأحزاب كسائر دساتير العالم الديمقراطى ليس معناه سلب حقوق المواطنين المستقلين عن الأحزاب السياسية فى الترشيح والانتخاب وليس معناه أنه يرفض وجود المستقلين ،ولكنه يرفض أن تكون الممارسة السياسية لحزب واحد ، وأن اضفاء الحكم الطعين الشرعية على القرار المطعون فيه ، فيما قرره من حرمان غير الحزبين من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب ، يرد إلى العرف الدستورى والتشريعى الذى جرى من قبل على جعل العضوية العاملة بالاتحاد الاشتراكى الطريق الأوحد لعضوية مجلس الأمة وتولى المناصب الخاصة (يقصد العامة) يبين الخطأ من ناحيتين:
الأولى : أن هذا العرف المزعوم لم يكن من العرف فى شىء ، وإنما كان نصوصا دستورية ومواد تشريعية فرضها نظام الحكم الشمولى الذى كان يقوم على أساس الحزب الواحد الذى تخلصت منه مصر باعلان دستورها الجديد.
والثانية : أنه ما كان يجوز للحكم الطعين أن يعطى الأشباه والأمثال فيما تحاكم به الطاعن لديه من نظام شاذ انقضى ولا يجوز التشبيه به ولا القياس عليه ، وأن النظام السياسى القائم على أساس تعدد الأحزاب هو نظام جماهيرى صرف يباشره المواطنون باستقلال أو من خلال الأحزاب السياسية التى هى جمعيات خاصة من أشخاص القانون الخاص ، وليست من مؤسسات الحكم ، وقد خلط الحكم الطعين بين النظام السياسى ونظام الحكم فى فكره وأسبابه وقضائه ، كذلك أخطأ الحكم الطعين حين ذهب إلى أن حقوق المواطنين فى المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها فى المادتين (8) ، (40) من الدستور ، قيدتها أحكام المادة الخامسة منه إذ أن هذه الأخيرة إنما قيدت النظام السياسى باطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور ،ومنها مبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة أمام القانون ، أما ما ذهب إليه الحكم الطعين من أن المادة (62) من الدستور قيدت حقوق المواطنين رقم 114 لسنة 1983 وذلك فى عبارة : للمواطنين حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقا لأحكام القانون ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى فمردود بأن القانون لا يسلب الحقوق الدستورية المطلقة التى قررها الدستور ، ولا يخل بها ، ولا يقيدها ، فإذا حاد عن ذلك كان غير دستورى ، وبأن ما أشارت إليه المادة من أن مساهمة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى ، يفسد استدلال الحكم الطعين بما استدل عليه حيث تبتر هذه المساهمة بأى نص فى قانون أول اللائحة يقضى بحرمان المواطن المستقل من حقه فى الترشيح لعضوية مجلس الشعب ، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات السالف ذكرها.
ومن حيث أن الاساس فى رقابة محاكم مجلس الدولة لمشروعية القرارات الإدارية سواء فى دعاوى الغاء هذه القرارات أم فى دعاوى التعويض عنها ، هو خضوع الدولة للقانون وحق كل مواطن فى اللجوء إلى القضاء ،ومنه محاكم مجلس الدولة ، بحسبانها القاضى الطبيعى صاحب الولاية والاختصاص برقابة تلك المشروعية الغاء وتعويضا ، وذلك بصريح مواد الدستور فى المادة (64) منه التى تنص على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة وفى المادة (68) منه التى حظرت تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء وفى المادة (172) التى نصت على اختصاص مجلس الدولة بالمنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
ومن حيث أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الغائها وفرع منها حيث أن مردهما معها إلى الرقابة القانونية التى يبسطها القضاء الإدارى على القرار الإدارى فى دعوى الالغاء على أساس وزنه بميزان الدستور والقانون ، وزنا مناطه مبدأ المشروعية وخضوع الدولة والإدارة للدستور والقانون ، ومن ثم يتعين فى طلب وقف تنفيذ أى قرار إدارى أن يكون مقدما فى نطاق الدعوى بطلب الغاء هذا القرار ومستندا إليه بحسبانها خصومه محلها القرار الادارى ذاته استهدافا لمراقبة مشروعية على مقتضى صحيح أحكام الدستور والقانون واللوائح المنفذة له ، لذلك فقد اضطرد قضاء هذه المحكمة على أنه يشترط لقبول تلك الدعوى ابتداء أن يكون ثمة قرار ادارى نهائى موجود وقائم منتج لاثاره عند اقامة الدعوى فإذا تخلف هذا الشرط بأن لم يوجد القرار الإدارى أصلا وابتداء أو وجد ثم زال قبل رفع الدعوى ، سواء بسحبه أو بالغائه من جانب جهة الإدارة أم بالانتهاء فترة تأقيته دون أن ينفذ على أى وجه ، وكانت الدعوى غير مقبولة ، إذ لم تنصب على قرار إدارى موجود وقائم ولم تصادف بذلك محلا ، أما إذا أقيمت دعوى الالغاء مستندة إلى وجود هذا القرار الإدارى النهائى وأصبحت لذلك مقبولة إلا أنه حدث اثناء نظر الدعوى أن زال هذا القرار لأى سبب كأن استجابت الجهة الإدارية إلى طلب المدعى بالغائه صراحة أو ضمنا وبالتالى يكون بذلك قد زال ركن المحل فى دعوى الالغاء ، وهو القرار الإدارى محل الطعن بانتهاء الخصومة فيها ، لزوال محلها مع الزام جهة الإدارة المصروفات دون أن يخل ذلك بحق صاحب الشأن فى المطالبة بالتعويض عما يكون قد أصابه من أضرار من جراء هذا التقرير غير المشروع أبان فترة وجوده وتنفيذه.
ومن حيث أن الثابت بالأوراق أنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بتاريخ 16 من مايو سنة 1987 فى الدعوى رقم 131 لسنة 6 ق دستورية بعدم دستورية المادتين الخامسة مكررا والسادسة فقرة (أ) من القانون رقم 38 لسنة 1973 بشأن مجلس الشعب ، المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 ، بما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، لو ظل قائما ، إلا أنه وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (46) بتاريخ 14/2/1987 بحل مجلس الشعب استنادا لأحكام المادة 136 من الدستور وهو المجلس الذى كان يستهدف الطاعن من طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه التقدم كفرد بطلب الترشيح لعضويته ، ثم صدر القانون رقم (20) لسنة 1990 بالغاء المادة الخامسة مكررا التى قننت وفرضت الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة الحزبية وأدت إلى صدور القرار المطعون فيه على النحو الذى صدر به متضمنا حرمان المستقلين عن الأحزاب من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب كما نص على تعديل نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من ذات القانون المشار إليه التى كانت تنص على أن يقدم المرشح طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التى يرشح فى دائرتها مرفقا به صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مثبتا بها ادراجه فيها واصبحت تنص على أن : يقدم طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التى يرغب المرشح الترشيح فى احدى دوائرها الانتخابية …… مما مفاده زوال القرار المطعون فيه حتما بزوال ما ترتب عليه من مراكز وأوضاع قانونية تتعلق بالانتخاب بالقائمة الحزبية وذلك بعد أن تقرر تشريعيا العودة إلى نظام الانتخاب الفردى الذى أزال ما انبنى عليه طعن المدعى من عدم فتح الباب على مصراعيه لسائر المصريين الحائزين للشروط القانونية ممن ينتمون إلى الأحزاب أو يستقلون عنها فى الترشيح لعضوية مجلس الشعب.
ومن حيث أنه بناء على ما سلف أوحل مجلس الشعب الذى تم انتخاب أعضائه طبقا للقرار فيه ، عدل قانون مباشرة الحقوق السياسية متضمنا العودة إلى نظام الترشيح الفردى ومن ثم فإن المنازعة الماثلة تغدو فى حقيقة الواقع وفى صحيح حكم القانون غير ذات موضوع ويتعين لذلك الحكم بانتهاء الخصومة فى الطعن مثيل حل مجلس الشعب فى 24/2/1987 الذى انتخب بناء على ما تضمنه القرار المطعون فيه وإذ أن الثابت أن المدعى قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإدارى تم هذا الطعن وقبل صدور القانون رقم 201 لسنة 1990 الذى ألغى نظام الانتخاب بالقائمة ومن ثم فإنه يتعين الحكم بالزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بالمادة (184) مرافعات.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا فى مواجهة وزير الداخلية دون غيره وبانتهاء الخصومة فيه والزمت الجهة الإدارية المصروفات.