طعن رقم 1645 لسنة 36 بتاريخ 22/03/1994 الدائرة الثالثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار /حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: فاروق على عبد القادر وعلى فكرى حسن صالح والصغير محمد محمود بدران ومحمد ابراهيم قشطة نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 5/4/1990أودع الأستاذ /…………. المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن السيد/……………… الممثل القانونى للمكتب الفنى التجارى (تاكو) بالتوكيل الخاص رقم 1508 لسنة 1990 توثيق الجيزة النموذجى – تقرير الطعن رقم 1645 لسنة 36 ق ضد السيد / الدكتور وزير الصحة فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود والتعويضات – بجلسة 4/2/1990 فى الدعوى رقم 2879 لسنة 41 المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده والذى قضى برفضها بشقيها العاجل والموضوعى وإلزام رافعها المصروفات.
وطلب الطاعن بختام تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وإلغاء المطعون فيه وبإلزام الجهة المطعون ضدها بأن تؤدى إليه تعويضا قدره (124000جنيها) مائة وأربعة وعشرون الف جنيه مع إلزامها بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الإدارة بالتعويض الذى تقدره المحكمة فضلا عن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 21/4/1993إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 11/5/1993 – وتدوول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها حيث تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم وقد صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة – حسبما هو ثابت بالأوراق- تخلص فى أن الطاعن اقام الدعوى رقم 2879 لسنة 41ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالبا الحكم أولا:- بصفة اصلية وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإلغاء أمر التوريد المؤرخ فى 26/6/1986والاستمرار فى تنفيذ التوريد وببراءة ذمته من سداد مبلغ يقدر بنسبة 10% من مشمول أمر التوريد. ثانيا: وبصفة احتياطية إلزام الإدارة بأن تؤدى إليه تعويضا مقداره اثنى عشر الف وأربعمائه جنيه ( 12400جنيه) جبرا للأضرار المادية والأدبية التى اصابته نتيجة لإلغاء أمر التوريد وذلك على سند من القول بأنه تعاقد مع الإدارة العامة للتموين الطبى بوزارة الصحة- على توريد 2 جهاز امتصاص ذرى موديل 902 إنتاج شركة G-B-C الاسترالية وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تسليمه لأمر التوريد وأن يكون سداد القيمة بالعملة المحلية مقدما بنسبة 100% من الثمن مقابل خطاب ضمان بنفس القيمة من أحد البنوك المعتمدة وعليه صدر إليه أمر التوريد المؤرخ فى 26/6/1986 وأن الجهة المختصة باستلام الأجهزة وسداد القيمة (مركز صحة البيئة والصحة المهنية) وقضت منحه الدفعة المقدمة مع تكرار مطالبتها – فإنه أخطر تلك الجهة بأن الأجهزة محل التوريد حاضرة وأن الخبير الأجنبى سيحضر للقاهرة لإتمام عملية التسليم فى 7/10/1986 بما يقتضى تشكيل لجنة لاستلام تلك الأجهزة مع توفير الاستعدادات اللازمة لذلك إلا أنه فوجئ بإخطاره بأن الأمر معروض على وزارة الصحة مما حدا به إلى تقديم مذكرة للسيد الوزير ثم اعقبها بإنذار على يد محضر ثم توجه يوم 7/10/1986 إلى مركز صحة البيئة عارضا تسليم الأجهزة المتعاقد عليها حيث أشر مدير المركز على فاتورة التوريد بأن الجهاز رهن الفحص القانونى بالوزارة ويرجأ التسليم لحين ورود- تعليمات وأمام ذلك بادر بتحرير محضر إثبات حالة بقسم شرطة امبابة فى 9/10/1986 إلا أن الإدارة اخطرته بتاريخ 17/11/1986 بإلغاء التعاقد ونظرا لأن القرار الصادر بإلغاء التعاقد جاء مخالفا للقانون وترتب عليه اصابته بأضرار مادية وأدبية فإنه يلتمس إجابته إلى طلباته.
وبجلسة 4/2/1990 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى تأسيسا على أن الثابت بالأوراق إخلال المدعى (الطاعن) بالتزامه بالتوريد خلال الميعاد المتفق عليه وبالتالى فأن الجهة الإدارية إعمالا لحكم المادة 92 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 تنظيم المناقصات والمزايدات (إلغاء التعاقد ومصادرة التأمين بما يوازى 10% من قيمة الأصناف المتعاقد عليها) وهو ما اعملته الجهة الإدارية فى حق المدعى (الطاعن) الأمر الذى ينفى ركن الخطأ فى حق الإدارة بما لا وجه فيه لإلزامها بالتعويض.
ومن حيث ان مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وكونه مشوبا بالفساد فى الاستدلال وعدم استخلاص ما انتهى إليه استخلاصا سائغا من الأوراق تأسيسا على أن الإدارة لم تفى بالتزامها بسداد الدفعة المقدمة رغم مطالبتها بذلك اكثر من مرة وإخطارها بتسليمها خطاب الضمان عند استلام الشيك بقيمة تلك الدفعة – هذا فضلا عن انه اخطر الإدارة خلال مدة التوريد برغبته فى التوريد مع تحديد موعد التسليم وأن الخبير الاسترالى سوف يحضر يوم 7/10/1986 لتركيب وتشغيل الأجهزة إلا أن الإدارة المختصة أخطرته بأن الأمر محل بحث من الوزارة مما حدا به إلى ارسال الفاتورة رقم 15432 بتاريخ 7/10/1986 إلا أن الجهة المختصة بالاستلام أشرت على الفاتورة بارجاء عملية الاستلام لحين انتهاء الوزارة من البحث مع ملاحظة عدم سداد قيمة التأمين النهائى وعليه بادر إلى نقل الأصناف المتعاقد عليها إلى الجهة المختصة بالاستلام والتى رفضت استلامها فقام بتحرير المحضر رقم 6745 لسنة 1990 إدارى قسم شرطة إمبابة إلا أن الجهة الإدارية اخطرته بتاريخ 17/11/1986 بإلغاء التعاقد وذلك بالمخالفة للقانون الذى يستوجب تنفيذ العقد بحسن نية بما يستوجب إلغاء القرار الصادر من الإدارة بإلغاء أمر التوريد هذا فضلا عن أن الإدارة بإصدارها لقرار إلغاء التعاقد بالمخالفة للقانون ترتب عليها أضرار مادية – لحقت به نظرا لعدم قدرته على تصريف الأجهزة المتعاقد عليها مع تحمله نفقات حضور الخبير الاسترالى وأقامته بالقاهرة.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإنهاء التعاقد ومصادرة التأمين النهائى – فإن قضاء هذه المحكمة مستقر على ان الخصومة فى دعوى الإلغاء هى خصومة عينيه مناطها اختصام القرار الإدارى فى ذاته استهدافا لمراقبة مشروعيته ولما كان القرار الإدارى على هذا النحو هو موضوع الخصومة ومحلها فى دعوى الإلغاء فإنه يتعين أن توجه الدعوى إلى قرار إدارى الذى هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح اى تستند الإدارة فى إصداره إلى أحكام القوانين واللوائح وبالتالى يخرج عن نطاق هذا القرار الذى يكون محل لدعوى الإلغاء كل ما يصدر عن الإدارة استنادا إلى أحكام العقود التى تبرمها الجهة الإدارية حيث لا يكتسب ما صدر عن الإدارة من إجراءات استنادا إلى نصوص العقد أو تنفيذا له – صفة القرار الإدارى وبالتالى فلا تكون الإجراءات التى تتخذها الإدارة استنادا إلى العقود التى تبرمها أو إجراءات تنفيذها محلا لدعوى الإلغاء وانما تدخل المنازعات التى تتولد عن تلك الإجراءات التعاقدية فى ولاية القضاء الكامل ذلك لأنه لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزامها التعاقدية كسبب من الأسباب التى تجيز طلب إلغاء ما اتخذته الإدارة- بحسبان دعوى الإلغاء هى جزاء لمخالفات المشروعية بينما الإلتزامات المترتبة على العقود الإدارية هى التزامات شخصية وعليه فإنه لما كان القرار المطعون عليه تضمن إلغاء التعاقد مع الطاعن استنادا إلى ما نسب إليه من اخلاله بالتزاماته التعاقدية بعدم سداد قيمة التأمين النهائى والتوريد خلال المواعيد المقرر- فإنه والحالة هذه يكون مستندا إلى أحكام العقد – ومن ثم فإن المنازعة التى تثار بشأنه هى من المنازعات الحقوقية والتى تكون محلا للطعن على أساس استدعاء ولاية القضاء الكامل وتخرج من ثم عن نطاق ولاية الإلغاء الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول طلب وقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار لا يكتسب وصف القرار الإدارى الذى يتعين وجوده كشرط لقبول دعوى الإلغاء.
ومن حيث أنه لما سبق وكان من غير الجائز إصدار القضاء أمرا لجهة الإدارة لاتخاذ إجراء يدخل فى شئونها هذا فضلا عن أن القرار الصادر بفسخ العقد لا يعتبر من القرارات الإدارية المنفصلة والتى يجوز مخاصمتها بدعوى الإلغاء بحسبان فسخ العقد لايعدو أن يكون إجراء تتخذه الإدارة كمتعاقدة وليس كسلطة عامة – فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطلب الأصلى من طلبات الطاعن.
ومن حيث انه وقد انتهت المحكمة إلى عدم قبول الطلب الأصلى – فإنه يعين الفصل فى الطلب الاحتياطى وقوامه المطالبة بالتعويض عن الأضرار التى أصابت الطاعن نتيجة لفسخ التعاقد معه.
ومن حيث ان مناط القضاء بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن إخلال الإدارة لالتزاماتها التعاقدية-هو توافر أركان المسئولية العقدية وقوامها الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر المطالب بالتعويض عنه.
ومن حيث إنه بالنسبة لمدى توافر ركن الخطأ فى حق الجهة الإدارية المطعون ضدها فإن قضاء هذه المحكمة متواتر على انه من الامور المسلمة فى العقود كافة سواء أكانت عقود إدارية أو مدنية أن الخطأ العقدى هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد ايا كان السبب يستوى فى ذلك ان يكون عدم التنفيذ ناشئا عن عمده أو اهماله أو عن فعله دون عمد أو إهمال ومن ثم فإنه يتعين بيان ما اذا كانت الإدارة حينما استخدمت الرخصة المخولة إياها بفسخ التعاقد مع الطاعن ومصادرة التأمين قد اخلت بتنفيذ التزاماتها التعاقدية بتمكين الطاعن من توريد الأصناف المتعاقد والقواعد القانونية المقررة فى هذا الشأن.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان الطاعن تعاقد مع وزارة الصحة (الإدارة العامة للتموين الطبى) على توريد 2 جهاز معملى للشبكة القومية لملوثات المياه مع بعض الأصناف الأخرى وأنه قد صدر إليه أمر التوريد المؤرخ فى 26/6/1986 والذى تضمن تحديد مدة التوريد بثلاثة اشهر من تاريخ استلام هذا الأمر وان يقوم مركز صحة البيئة والصحة المهنية بامبابة باستلام الأجهزة وفحصها وقبولها وان سداد القيمة بالجنية المصرى وان الإدارة ستقوم بسداد قيمة الأجهزة مقدما مقابل خطاب ضمان بنكى صادر – من أحد البنوك المعتمدة وان قيمة التأمين النهائى 5% من قيمة الأصناف وتسدد لمركز البيئة إلى ان الطاعن لم يقم بسداد قيمة التأمين النهائى ولم يقدم خطاب الضمان البنكى نظير حصوله على قيمة الأصناف المتعاقد عليها مقدما كما وان الأصناف محل التعاقد لم يتم استلامها من جانب الجهة المختصة وبتاريخ 27/10/1986 وافق السيد/ وزير الصحة على إلغاء (فسخ) العقد وقد أسس هذا القرار (حسبما يبين من مذكرة السيد المستشار المشرف على الشئون القانونية بوزارة الصحة إلى السيد/ مدير الإدارة العامة للتموين الطبى بتاريخ 2/10/1986 والمودع بحافظة مستندات الإدارة – أمام محكمة اول درجة على ان (الطاعن لم يقم بعملية التوريد خلال المدة المحددة بأمر التوريد والتى تنتهى بتاريخ 28/9/1986 فضلا عن عدم سداد قيمة التأمين النهائى) ومن ثم فان الأمر يقتضى بحث مدى توافر الأسباب التى استندت إليها الإدارة فى فسخ العقد.
ومن حيث إنه بالنسبة لما استندت إليه الإدارة من عدم قيام الطاعن بتوريد الأجهزة المتعاقد عليها خلال المدة المحددة وهى ثلاثة اشهر من تاريخ استلامه لأمر التوريد الخاص فى 29/6/1986 – فأن حافظة مستندات الإدارة المودعة أمام محكمة أول درجة تحتوى على صورة كتاب مدير عام التموين الطبى الموجه للسيد/………………. مدير عام مركز صحة البيئة والصحة المهنية بامبابة والذى يحمل رقم 1285 – بتاريخ 18/6/1986 والذى تضمن أنه ردا على ملاحظات المركز بشأن عملية البت والتعاقد مع شركة تاكو فقد تم إخطار المركز بالرد على تلك الملاحظات وان تلك الإدارة قد استلمت صورة كتاب الشركة الموردة (الطاعن) الموجه للمركز والمسلم صورته بالإدارة بتاريخ 17/9/1986 وأن هذا الكتاب (المورد) تضمن أن الجهازين جاهزان للتوريد وأن الخبير الفنى للشركة الاسترالية سوف يحضر يوم 7/10/1986 لتركيب وتشغيل الأجهزة مع طلب تحديد لجنة الاستلام وتثبيت موعد التسليم فضلا عن طلب تجهيز اسطوانات الاستيلين وقد طلبت إدارة التموين الطبى فى ختام كتابها من المركز اتخاذ اللازم والرد على الشركة ثم اضيفت العبارة الآتية فى نهاية الكتاب (والإدارة العامة للتموين الطبى تخلى مسئوليتها نتيجة تمسك المركز بطريقته) أى أن الشركة الموردة اخطرت الجهات المختصة بوزارة الصحة برغبتها فى التوريد وأن الأجهزة جاهزة لتوريدها على أن يتم تسليمها بعد إجراء عملية التركيب والتشغيل عن طريق خبير الشركة المنتجة يوم 7/10/1986 هذا فضلا عما تضمنه الكتاب من وجود خلاف فى الرأى بين الإدارة القائمة بالتعاقد والجهة التى تم التعاقد لصالحها.
ومن حيث ان الإدارة لم تقدم ردها على طلب الطاعن بكتابه المؤرخ 17/9/1986 بشأن صلاحية الأجهزة للتوريد مع تحديد موعد التشغيل كما وأنها لم تنكر الصورة الضوئية لكتاب مركز صحة البيئة والصحة المهنية بامبابة الموجه للطاعن بتاريخ 23/9/1986 برقم 186 والمودعة بحافظة مستندات الطاعن أمام محكمة أول درجة – والتى تضمنت بأنه ردا على كتاب الشركة بتاريخ 16/9/1986 فان هذا الكتاب (معروض على السادة المسئولين بالوزارة للافادة بالرأى وسنوافيكم بالرد فى حينه) كما وان الإدارة لم تنكر الصورة الضوئية للفاتورة الصادرة من الطاعن بتاريخ 7/10/1986-والمودعة بحافظة مستنداته سالفة الاشارة والتى تحمل التأشيرة الآتية(موضوع هذا الجهاز رهن الفحص القانونى بالوزارة ويرجى التسليم لحين ورود تعليمات بهذا الشأن مع ملاحظة ان شركتكم لم تقم بدفع التأمين النهائى طبقا للتعاليم واللوائح) اى أن الطاعن قد عرض على الجهة المختصة توريد الأجهزة محل التعاقد وذلك خلال المدة المحددة بأمر التوريد (التى تنتهى فى 28/9/1986) وأن عملية التركيب والتشغيل سوف تتم بحضور خبير الشركة المنتجة يوم 7/10/1986 كما اصدر الفاتورة عن شمول أمر التوريد بتاريخ 7/10/1986 قبل ان تصدر الإدارة إقرارها بفسخ العقد فى 17/10/1986 وأن تلك الجهة نظرا لما لها من ملاحظات قد اخطرت الطاعن بأن الأمر محل بحث لدى وزارة الصحة وعقب الانتهاء من ذلك سوف تخطره بما اتخذ فى هذا الشأن وعليه يكون تأجيل التوريد راجعا إلى جهة الإدارة وليس إلى تراخى الطاعن وذلك بحسبان التوريد يختلف عن أعمال التسليم والتشغيل – والتوريد للاجهزة لابد وأن يسبق عملية تشغيل تلك الأجهزة والذى يتم عن طريق المختصين من ذوى الخبرة ويستلزم الاتفاق على ميعاد محدد للقيام به وفى ضوء التشغيل تتم عملية التسليم وتبدأ فترة الضمان – ومن ثم فانه لذلك يكون السبب الأول الذى أقامت عليه الجهة الإدارية قرارها بفسخ التعاقد مع الطاعن غير قائم على أساس من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الثانى الذى أسست الإدارة عليه قرارها بفسخ العقد وهو عدم سداد الطاعن التأمين النهائى – فإن المادة (20) من القانون رقم9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات تنص على ن (على صاحب العطاء المقبول أن يودع فى فترة لا تجاوز عشرة أيام من تاريخ اليوم التالى لإخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بقبول عطائه ما يكمل التأمين المؤقت إلى ما يساوى 5% من قيمة مقاولات الاعمال التى رست عليه، 10% من قيمة العقود الاخرى بالنسبة للعقود التى تبرم مع متعاقد فى الخارج.
…… ويكون التأمين النهائى ضامنا بتنفيذ العقد) كما تنص المادة (24) من القانون المشار إليه على أنه (إذا لم يقم صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائى الواجب ايداعه فى المدة المحددة له فتجوز للجهة المتعاقدة بموجب إخطار بكتاب موصى عليه بعلم الوصول ودون حاجة لاتخاذ أية إجراءات اخرى أو الالتجاء إلى القضاء أن تلغى العقد وتصادر التأمين المؤقت أو أن تنفذه كله أو بعضه على حساب صاحبه بمعرفة الجهة المتعاقدة أو بواسطة أحد مقدمى العطاءات التالية لعطائه أو بالمناقصة أو الممارسة أو بالطريق المباشر) بما مفاده ان المشرع أوجب على صاحب العطاء المقبول المبادرة خلال المدة المحددة بالمادة (20) إلى تكملة التأمين المؤقت فى عقود التوريد إلى 10% من قيمة العطاء الذى رست به المناقصة وهذا المبلغ يعتبر تأمينا نهائيا لضمان تنفيذ العقد وفى حالة عدم الالتزام بتكملة التأمين يكون للإدارة أن تتخذ احد إجرائين: 1- فسخ العقد مع مصادرة التأمين المؤقت. 2- تنفيذ العقد كله أو بعضه على حساب-واتخاذ الإدارة لاحد هذين الاجرائين سلطة تقديرية لجهة الإدارة تباشرها وفقا لما تراه محققا للصالح العام وكل ما استلزمه المشرع فى هذا الشأن هو قيام الإدارة بإخطار المتعاقد بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول بما اتخذته حتى يكون على بينه من الإجراء الذى اتخذ فى مواجهته – ومن ثم فإنه لذلك وبمراعاة ان الأوراق – أجدبت عن ان الإدارة قد أخطرت الطاعن بتكملة التأمين النهائى وذلك قبل صدور كتاب مركز صحة البيئة والصحة المهنية بامبابة رقم 186 والموجه للطاعن بتاريخ 23/9/1986 ردا على كتابه المؤرخ 17/9/1986 للإدارة بأن الأجهزة المتعاقد عليها جاهزة للتوريد ومع ملاحظة ان كتاب الإدارة عطف مسألة سداد التأمين على مسألة بحث طلب الطاعن التوريد على المسئولين بالوزارة – ومن ثم فإنه لذلك ولما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة من انه من المبادئ المسلمة أن العقود تخضع لأصل عام من أصول القانون يقضى بأن يكون تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية وهذا الأصل مطبق فى العقود الإدارية شأنها فى ذلك شأن العقود المدنية ومن ثم ما كان يجوز للإدارة وقد تراخت فى مباشرة إجراءات فسخ العقد حتى أخطرها الطاعن برغبته فى التوريد مع تحديد ميعاد تشغيل الأجهزة وبالتالى التسليم أن تتخذ من واقعة عدم استكمال الطاعن للتأمين النهائى كمبرر لفسخ العقد وإلا كان فى ذلك مخالفة لمبدأ حسن النية الواجبة مراعاته وخاصة أنه كان يمكن للإدارة خصم قيمة التأمين من القيمة المستحقة له بعد التوريد وبالتالى يكون هذا السبب بدوره مخالفا للقانون الأمر الذى يستتبع توافر خطأ الإدارة فى فسخ العقد مع الطاعن ومصادرة التأمين النهائى مع مطالبته بقيمة هذا التأمين وعليه يكون ركن الخطأ قد توافر فى حق الجهة الإدارية.
ومن حيث أنه بالنسبة لركن الضرر فإنه لما كان من شأن فسخ الإدارة للعقد المبرم مع الطاعن بعد إخطارها بأن الأجهزة محل التعاقد جاهز للتوريد وأن خبير الشركة المنتجة قد حدد ميعاد وصوله للقاهرة لحضور عملية تشغيل الأجهزة وتسليمها قد أصاب الطاعن بأضرار لما لحق به من خسارة فى استيراد الأجهزة وتحمل نفقات حضور الخبير وما فات من كسب نتيجة لتنفيذ العقد – وأن هذا الضرر الذى اصاب الطاعن جاء نتيجة لخطأ الجهة الإدارية وهو ما يعنى توافر علاقة السببية بين خطأ الإدارة والضرر الذى أصاب الطاعن وبالتالى فإن مناط القضاء بإلزام الإدارة بالتعويض يكون قد تحقق مما يتعين معه إلزام الإدارة بالتعويض واذ كان الطاعن قد حدد هذا التعويض بصحيفة دعواه أمام محكمة أول درجة (مبلغ 12400جنيها أثنى عشر ألف وأربعمائه جنيها تعويضا لما اصابه من أضرار مادية وأدبية) فإن المحكمة تقضى له بهذا المبلغ كتعويض جابر لكافة الاضرار التى أصابته مراعية فى ذلك ان الطاعن وقد ثبت خطأ الإدارة فى حقه بإلغاء العقد المبرم معه لا يكون ملزما بسداد قيمة التأمين النهائى الذى قررت الإدارة مصادرته فضلا عن أن الطاعن لم يقدم بأسباب تقرير الطعن ما يفيد ان هناك أضراراً جديدة لحقت به بعد صدور الحكم المطعون عليه نتيجة لفسخ التعاقد معه كما وان الضرر الذى أصاب الطاعن انما تولد مباشرة عن فسخ العقد وبالتالى فلا يكون هناك محلا للقول بتزايد تلك الاضرار بعد ذلك حتى يمكن له المطالبة بها أمام محكمة الطعن وبالتالى فإن المحكمة لا تجيبه إلى طلبه الوارد بتقرير الطعن فيما يتعلق بتحديد التعويض المطالب به بمبلغ مائة وأربعة وعشرون ألفا وأربعمائه جنيه باعتبار ذلك يجاوز التعويض المطالب به أمام محكمة أول درجة دون أن يكون هناك ما يفيد تجاوز الأضرار المطالب بالتعويض عنها عما كان قائما قبل صدور الحكم المطعون عليه.
ومن حيث انه عن مصروفات الطعن فإن المحكمة تلزم بها الإدارة تطبيقا لأحكام المادة 186 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الطلب الأصلى بإلغاء القرار الصادر بفسخ العقد المبرم مع الطاعن وفى الطلب الاحتياطى بإلزام الإدارة بأن تؤدى للطاعن مبلغ 12400 جنيها (اثنى عشر ألفا وأربعمائة جنيه) جبراً للأضرار التى أصابته وألزمت الإدارة المصروفات.