طعن رقم 1727 لسنة 31 بتاريخ 22/04/1990 الدائرة الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد محمود الدكرورى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمد عزت السيد ابراهيم محمد السيد الطحان المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 10 من إبريل سنة 1985 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1727 لسنة 31ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بهيئة استئنافية بجلسة 18/2/1985 فى الطعن رقم 701 لسنة 15ق. س عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بطنطا بجلسة 30/6/1983 فى الدعوى رقم 762 لسنة 10ق المقامة من ……………… ضد وزير الأوقاف والقاضى بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وإلزام وزارة الأوقاف المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/11/1989 وبجلسة 12/2/1990 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية – التى نظرته بجلسة 18/3/1990 وبعد ن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوما لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن الماثل قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة الراهنة تجعل – على ما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 9/3/1982 أقام ……………… الدعوى رقم 762 لسنة 10 ق أمام المحكمة الإدارية بطنطا ابتغاء الحكم بتسكينه على الدرجة العاشرة منذ صدور قرار ضم المساجد الحاصل فى عام 1972 مع صرف كل استحقاقاته نفاذا لذلك وما يترتب على هذا من آثار وإلزام وزارة الأوقاف المصروفات على سند من القول بأنه كان يعمل بإقامة الشعائر الدينية وخدمة مسجد عزبة نظيف الواقع فى دائرة محافظة الغربية وكان يتقاضى مرتبا تشجيعيا بطريق الإعانة من الأهالى وبعد ضم المسجد للأوقاف قامت مديرية أوقاف طنطا بصرف مرتب شهرى له قدره تسعة جنيهات زعما منها أنه مكافأة تشجيعية، والصحيح أنه يندرج تحت مدلول الموظف العمومى وله كل الحقوق التى تقررها القوانين لأنه يقوم بعمل دائم، وقرار الضم ما هو إلا عقد توظيف ويحق له بمقتضاه أن يسكن على الدرجة العاشرة منذ تاريخ صدور القرار وصرف جميع مستحقاته.
ودفعت جهة الإدارة بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى لعدم ثبوت صفة الموظف العام للمدعى وطلبت احتياطيا الحكم برفض الدعوى لأن المسجد المقصود لم يضم إلى وزارة الأوقاف ونظرا لعدم تدبير الاعتماد المالى اللازم قبل الضم فقد ظل المسجد وغيره يدار بمعرفة الأهالى إلا أن الوزارة رأت صرف مكافأة قدرها تسعة جنيهات شهريا للعاملين بهذه المساجد تصرف كأجر نظير العمل فلا يتسنى اعتبار المدعى من الموظفين العموميين، كما طلبت جهة الإدارة من باب الاحتياط الكلى الحكم بسقوط الحق فى الفروق المالية.
وبجلسة 30/6/1983 قضت المحكمة الإدارية بطنطا برفض الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعى فى تسوية حالته بوضعه بالدرجة العاشرة بالمستوى الثالث بأول مربوطها وقدره تسعة جنيهات شهريا اعتبارا من 16/8/1973 يزداد إلى اثنى عشر جنيها اعتبارا من أول مايو 1974 مع مراعاة زيادته طبقا لقوانين رفع الحد الأدنى للأجور الخاصة بالعاملين المدنيين بالدولة الصادرة بعد ذلك بما يترتب على هذا من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وبتاريخ 18/18/1983 أودعت هيئة قضايا الدولة – نيابة عن وزير الأوقاف – قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الاستئنافية) تقرير طعن فى ذلك الحكم قيد برقم 701 لسنة 15 ق س. طالبة بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع الحكم بالغائه ورفض الدعوى والقضاء بسقوط حق المطعون ضده فى صرف الفروق المالية فيما زاد على الخمس سنوات السابقة على إقامة دعواه بالتقادم الخمسى طبقا لنص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات وتأسيسا على أن المطعون ضده لم يسبق أن قدم طلبا لجهة الإدارة فى هذا الشأن ولم يرفع دعواه إلا فى عام 1982وقد ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا غير ذلك فيكون مخالفاً للقانون جديرا بالإلغاء.
وبجلسة 18/2/1985 قضت محكمة القضاء الإدارى بهيئة استئنافيا بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت وزارة الأوقاف المصروفات، وقام قضاء المحكمة على أن مسجد الأهالى بناحية عزبة نصيف مركز طنطا سلم لوزارة الأوقاف بمقتضى محضر استلام مؤرخ 20/11/1972 بواسطة اللجنة التى اختبرت المطعون ضده ووجدته صالحا للعمل فى وظيفة مؤذن بالمسجد وقد أريد تصوير وجوده بالمسجد بأنه بالمكافأة التشجيعية الشهرية الثابتة الدائمة ولا توجد صورة تعيين بهذا المعنى كما لم يوجد قرار صريح بتعيينه بالمكافأة الشاملة بيد أنه بانتقال النظارة على المسجد من الأهالى إلى وزارة الأوقاف تنقل تبعية عمال المسجد من المجال الخاص إلى تبعية لجهة الإدارة الناظرة على هذا الوقف الخيرى، والمؤذن غير المؤهل يعتبر مندرجا ضمن مجموعة الخدمات المعاونة بعد نقل تبعيته من جهة خاصة إلى وزارة الأوقاف ويتولد بهذا النقل فى ذمة وزارة الأوقاف (مديرية أوقاف الغربية) التزام بتعيين هذا المؤذن ضمن مجموعة الخدمات المعاونة أى أن جهة الإدارة بمقتضى تصرفها الإدارى فى ضم المسجد إلى مساجدها وصيرورتها ناظرة على هذا الوقف الخيرى قد التزمت تلقائيا وإداريا بتعيين هذا المؤذن المطعون ضده وأضحى فى ذمة الأوقاف التزام بإصدار قرار إدارى بالتعيين كان يجب عليها اتخاذه لكنها تقاعست عنه فوجد قرار إدارى سلبى بالامتناع عن التعيين يتجدد فى كل يوم وهو بطبيعته رفض دائم ويتجدد والتظلم منه مسبقا لا يجدى و لا يسقط الالتزام بإصداره وهذه هى الصورة التى تجمع نوعا من التسوية والإلغاء معا لأنه مادام قد وجد التزام يفصح بالتعبير بالاستحقاق أو التسوية وحيث توجد معانى التعيين والمركز القانونى الذى يتولد عنه يثور اصطلاح القرار الإدارى وإنشاء المركز القانونى بمقتضى القرار، والاثنان إذا اجتمعا غلب الاستحقاق والتسوية أى أن المنازعة فى الراتب تجب منازعة الإلغاء وتضمها بين أكنافها وفق ما قضت به الدوائر المجتمعة بمحكمة القضاء الإدارى قديما عام 1954 فالالتزام بإصدار القرار الإدارى بالتعيين هو لب هذا النزاع والطريق لهذا الإلزام هو إلغاء الامتناع عن إصدار القرار أى إلغاء الامتناع عن اتخاذ تصرف قانونى ما فهو لم يمزل تسيوة واستحقاقا أخذا بالأغلب وعمومية القواعد تقوم دائما على ما هو أكثر وأغلب فلم يكن ثمة حاجه للتظلم أساسا ويعتبر المطعون ضده معفى تماما من شرطى الامتحان واللياقة الطبية وفقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 62 لسنة 1973 بتعديل أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة لأن هذه المادة تنص على أنه استثناء من أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن نظام العاملين بالهيئة يعفى العاملون فى المساجد التى سلمت أو تسلم لوزارة الأوقاف من شرطى اجتياز الامتحان واللياقة الطبية ويكون تعيين العاملين فى هذه المساجد الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها فى قرار وزير الأوقاف على ميزانية الوزارة فى الفئات التى تتفق ومؤهلات العلمية أو صلاحياتهم، ومادام المطعون ضده معفى هكذا فإن أمر تعيينه يغدو سهلا سيما وهو يتقاضى المبلغ المقرر لمثله كمكافأة من ذمة الأوقاف منذ عام 1972 فالمصرف المالى قائم وثابت مهما كان وصفه وتغدو الحجة فى عدم وجوده غير صحيحة ومنقوضة بصرف تم ثلاثة عشر عاما وتضحى جهة الإدارة ملزمة بإجراء التسوية وتسكين المذكور على الدرجة العاشرة بأول مربوطها اعتبارا من 16/8/1973 وتدرج المرتب بعد ذلك طبقا للقوانين، أما ما قيل من سقوط الحق بالتقادم الخمسى فإن القول به يفترض قيام أصل الحق نفسه وتحقق المركز القانونى ذاته للمطعون ضده وكأنه شاغل للدرجة العاشرة فعلا منذ عام 1973 وكأنها مسألة محسومة خالية من النزاع وهذا كله لم يحدث فما تزال المسألة الأصلية مطروحة للمنازعة حتى هذا اليوم والفروق المالية هى مجرد أثر قانونى لها فالحق لم يستكمل عناصر وجوده ولم يستجمع ضمانات تأكيده، فلا يسرى التقادم فى شأنه ولا فى شأن آثاره التى هى الفروق المالية ويضحى بذلك سند طعن الحكومة منهاراً ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون فيتعين الحكم برفض الطعن فيه وإلزام وزارة الأوقاف المصروفات.
ومن حيث ان الطعن الراهن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه قد جاء على خلاف أحكام سابقة لمحكمة القضاء الإدارى (الدائرة الاستئنافية) فى منازعات مماثلة تتعلق بتسكين العاملين على الدرجة العاشر بالمساجد التى ضمت لوزارة الأوقاف مما يتعين معه الطعن فى الحكم حتى ترسى المحكمة الإدارية العليا المبدأ فى هذه المنازعة يحسم ما ثار من جدل حولها وتحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص بين ذوى الشأن إعمالا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
ومن حيث ان القانون رقم 62 لسنة 1973 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة الذى يحكم واقعة النزاع ينص فى المادة الأولى منه على أنه استثناء من أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة يعفى العاملون فى المساجد التى سلمت أو تسلم لوزارة الأوقاف من شرطى اجتياز الامتحان واللياقة الطبية ويكون تعيين العاملين فى هذه المساجد الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها فى قرار وزير الأوقاف على ميزانية الوزارة فى الفئات التى تتفق مع مؤهلاتهم العلمية أو صلاحيتهم.
ومن حيث ان مفاد أحكام هذه المادة أن يكون تعيين العاملين فى المساجد الأهلية التى سلمت أو تسلم لوزارة الأوقاف على ميزانية هذه الوزارة فى الفئات التى تتفق مع مؤهلاتهم العلمية أو صلاحيتهم وبمراعاة أن تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها فى نظام العاملين المدنيين بالدولة وقرار وزير الأوقاف الصادر تنفيذا لأحكام المادة آنفة البيان وذلك فيما عدا شرطى الامتحان واللياقة الطبية اللذين أعفى المشرع منهما صراحة، وعلى ذلك فإن تعيين هؤلاء العاملين ومن بينهم المطعون ضده طبقا لتلك الأحكام لا يتم تلقائيا وبقوة القانون دائما وإنما يلزم أن يصدر به قرار من السلطة المختصة بالتعيين وأن يكون ذلك بالنسبة لمن تتوافر فيهم الشروط المقررة حسبما سلف ذكره وهو أمر تترخص فيه جهة الإدارة بسلطتها التقديرية ولا يستمد العامل حقه فى التعيين من القانون مباشرة بحيث يعتبر معينا بصفة تلقائية بمجرد ضم المسجد للوزارة وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه على مقتضى هذا النظر فإن قيام الوزارة بضم المسجد الذى يعمل به المطعون ضده (مسجد الأهالى بناحية عزبة نظيف) وتسلمه بتاريخ 20/11/1972 على ما هو ثابت فى الأوراق لا يترتب للمطعون ضده حقا فى التعيين فى الوزارة مستمدا من القانون مباشرة وإنما الأمر فى هذا الصدد يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للجهة الإدارية ومن ثم تضحى مطالبة المطعون ضده بالتعيين بالدرجة العاشرة وما ترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتبارا من تاريخ تسلم الوزارة للمسجد فاقدة لسندها من القانون حقيقة برفضها، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه بهذا النظر فى قضائه فإنه يكون قد جاء على خلاف أحكام القانون وشابه الخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات عن درجتى التقاضى.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات.