طعن رقم 1857 لسنة 34 بتاريخ 15/04/1995 الدائرة الرابعة
طعن رقم 1857 لسنة 34 بتاريخ 15/04/1995 الدائرة الرابعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فاروق عبد السلام شعت. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسرى زين العابدين ومحمد عبد الرحمن سلامة وأبو بكر محمد رضوان وغبريال جاد عبد الملاك. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
بتاريخ 7/5/1988 السبت أودع الأستاذ/………………المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن فى قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة الرقابة الإدارية الصادر بجلسة 13/3/1988 والقاضى بمجازاة/.
……………… وهو (الطاعن) عضو الرقابة الإدارية من الفئة (جـ) لعقوبة تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة ستة شهور.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه والقضاء ببراءته من الاتهامات المنسوبة إليه.
وبتاريخ 8/5/1988 أرسل مدير إدارة المحكمة الكتاب رقم 1741 إلى هيئة الرقابة الإدارية لسرعة إيداع ملف مجلس التأديب المطعون فى القرار الصادر فيه.
وبتاريخ 9/5/1989 تم إعلان تقرير الطعن إلى هيئة الرقابة الإدارية المطعون ضدها فى مواجهة هيئة قضايا الدولة.
وبتاريخ 6/3/1988 أرسل رئيس الإدارة المركزية للأفراد والتنظيم الكتاب المقيد برقم 102/17/88 ردا على كتاب مدير إدارة المحكمة المشار إليها، وذلك لتسليم مندوب هيئة الرقابة الإدارية صور الطعن الراهن.
وبتاريخ 4/8/1988 أرسلت هيئة الرقابة الإدارية لرئيس القطاع المالى والإدارى الكتاب المقيد برقم 6/3/88/298/6277وذلك إلحاقا لكتابها الأول وأرفقت بكتابها الأخير مذكرة إلى هيئة مفوضى الدولة فى الطعن الراهن وصورة ضوئية من قرار مجلس التأديب المطعون فيه.
وبتاريخ 14/11/1988أرسلت الهيئة المطعون ضدها (رئيس القطاع المالى والإدارى) إلى السيد المستشار/ رئيس هيئة مفوضى الدولة الكتاب المقيد برقم 102/19/88 مرفقا به صورة من المذكرة المعدة فيها بشأن الإجراءات التى تمت فى الشكاوى والدعاوى المقدمة من الطاعن.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قدمت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الهيئة المطعون ضدها مذكرة بجلسة 23/11/1994 طلبت فيها الحكم برفض الطعن كما أودعت بذات الجلسة حافظة مستندات طويت على صورة كتاب هيئة الرقابة الإدارية المرسل إلى مدير إدارة المحكمة (السابق الإشارة إليه) وصورة قرار مجلس التأديب المطعون فيه وصورة المذكرة الخاصة بالإجراءات التى تمت فى الشكاوى والدعاوى والطعون المقدمة من الطاعن (السابق الإشارة إليها) وصورة رد هيئة الرقابة الإدارية على التظلم المقدم من الطاعن.
وبجلسة 11/1/1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظرة جلسة 28/1/1995.
وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسباب عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الرقابة الإدارية المطعون ضدها أودعت صورا من قرار مجلس التأديب المطعون فيه ولم تودع أصل ذلك القرار ولا ملف مجلس التأديب الصادر فيه سواء أمام هيئة مفوضى الدولة أو أمام دائرة فحص الطعون أو أمام المحكمة وذلك على الرغم من طلب ملف التأديب المشار إليه بكتاب مدير إدارة المحكمة بتاريخ 8/5/1988 المشار إليه فمن ثم فإنه يصير إجراء الرقابة القضائية على قرار مجلس التأديب المطعون فى ضوء صورته الضوئية المقدمة من هيئة الرقابة المطعون ضدها أو باقى المستندات المقدمة منها.
ومن حيث إن المادة 45 من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيمه الرقابة الإدارية تنص على أن: أحكام المجالس التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن قرار مجلس التأديب المطعون فيه صدر بجلسة 13/3/1988 وان الطعن الراهن أقيم بتاريخ 7/5/1988 أى خلال الستين يوما المقررة للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فمن ثم يكون الطعن الراهن قد أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 31/12/1987 أصدر رئيس هيئة الرقابة الإدارية (المطعون ضدها) قرارا بإحالة السيد/………………….. (الطاعن) عضو الرقابة الإدارية من قوة مكتبها فى محافظة قنا إلى المحاكمة التأديبية عن المخالفات الواردة بقرار لجنة التحقيق السابق تشكيلها بمعرفته للتحقيق فيما تضمنته المذكرة المقدمة من المذكرة (الطاعن) فى 2/12/1987 باسم السيد الدكتور/ رئيس مجلس الوزراء مباشرة والتصرفات التى صدرت منه عقب نقله إلى مكتب قنا فى 5/7/1987وهذه الاتهامات تنحصر فى الآتى: 1- الخروج على مقتضيات وظيفته كعضو رقابة إدارية أقسم فى بداية خدمته على أن يؤدى عمله بالذمة والصدق وأن يلتزم دائما باحترام التشريعات والنظم واللوائح ومع ذلك أتى من الأفعال ما ينم عن غير ذلك.
2- مخالفة القواعد والأحكام المنصوص عليها فى القوانين واللوائح المعمول بها والقواعد المنظمة لسير العمل بعدم اتباع التسلسل الرئاسى فى تقديم شكواه. أو ملاحظاته على أسلوب العمل بالهيئة وتجاوز تلك القواعد بمخاطبة رئيس مجلس الوزراء مباشرة.
3- ترويج الإشاعات والأكاذيب بين زملاؤه الأعضاء مما قد يترتب عليه الإضرار بالصالح العام وبلبلة أفكار الأعضاء وزعزعة تقييم الهيئة وقياداتها.
4- التمارض وإدعاء المرض على غير الحقيقة وإجراء عمليات لم تكن هناك ضرورة لإجرائها أو على الأقل ضرورة ملحة لذلك بهدف تسويف تنفيذ نقله إلى مكتب قنا.
5- افتعال إصابته بالتهاب حاد فى الزائدة الدودية يوم 5/12/1987 بقصد الحصول على أجازة مرضية وتقرير المستشفى يؤكد أنه لم تكن هناك ضرورة لإجراء العملية الجراحية إذ ظل بالمستشفى حتى بعد ظهر يوم 7/12/1988 حيث أجريت له عملية استئصال الزائدة الدودية وحصل على أجازة لمدة خمسة عشر يوما امتنع فيها عن أداء العمل المنوط به فى مكتب قنا.
وبجلسة 13/3/1988 صدر القرار المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر بمجازاة المحال (الطاعن) عن التهمة الأولى فقط وتبرئته عن باقى الإتهامات وأقام قضاؤه بمجازاة المحال (الطاعن) عن التهمة الأولى استنادا إلى أن الشكوى المقدمة منه إلى رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 2/12/1987 قد وردت بها عبارات تتضمن بذاتها تطاولا على رؤسائه وتشهيرا بهم وإخلالا بواجب احترامهم وتوقيرهم إذ ورد بها اتهامه لهم بطمس الحقيقة والمحسوبية والفساد وفرض الضغوط النفسية على أعضاء الرقابة الإدارية مما يدفعهم إلى الاستقالة أو النقل إلى جهات أخرى وباللجوء إلى الاستثنناءات فى توزيع الأعضاء على المكاتب الخارجية وهو ما يتنافى مع مبادئ ثورة 23 يوليو التى ما قامت إلا للقضاء على الفساد المتمثل فى المحسوبية والتى قد عادت.
وأورى القرار المطعون فيه أنه لم يثبت من التحقيقات صحة الإتهامات المذكورة (ما ورد بالشكوى) ولم يقدم العضو المحال (الطاعن) دليلا عنه وعلى ذلك يكون قد أساء استعمال حق الشكوى وجاوز فيها حدود الدفاع الشرعى واتخذ منها ذريعة للتطاول على رؤسائه وقيادات هيئة الرقابة الإدارية والتشهير بهم والإخلال بواجب احترامهم وتوقيرهم بما يعد خروجا من المخالف (الطاعن) على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته.
ومن حيث ان مبنى الطعن مخالفة القرار المطعون فيه للقانون لأن حق الشكوى مكفول للموظف طبقا لأحكام الدستور وله أن يطعن فى أى تصرف للإدارة يوجه إليه بكافة طرق الطعن وإبداء رأيه بحرية تامة فى أوضاع المرفق الذى يعمل فيه والإبلاغ عن أية مخالفات أو تقصير يصل إلى علمه وإن ما ورد بالمذكرة المقدمة منه ما هو إلا شكوى وتظلم من قرار نقله إلى قنا وشرحا لظروفه العائلية وما يراه من ان أقدميته لم تراع فى ذلك وبعض اقتراحات عامة مؤداها أنه الصالح العام مراعاة الرغبات فى النقل بما يعتبر من قبيل الدفاع عن حقه ودون أن يتجاوز حدود ذلك وأنه لا يقصد من وراء ذلك إلا الإصلاح حتى يستريح الأعضاء نفسيا ولا ينعكس الأمر على حسن أدائهم للعمل وبالتالى فليس فى تقديم المذكرة أى مخالفة تأديبية كما نعى الطاعن على قرار مجلس التأديب مخالفته للقانون لاستناده إلى تحقيق شابه البطلان لعدم حلف الشهود اليمين القانونية.
كما ناقش الطعن باقى الاتهامات المنسوبة للطاعن (والتى تمت تبرئته منها) متمسكا بعدم مسئولية الطاعن عنها.
ومن حيث ان المستقر عليه أن حق الشكوى والتظلم يكفله القانون للكافة ويحميه الدستور مادامت الشكوى أو العريضة تهدف إلى تحقيق الصالح العام وبقصد الوصول إلى علاج عيب أو خطأ ومن حق الموظف أن يشكو من ظلم يعتقد أنه وقع عليه وأن يطعن على التصرف الإدارى بأوجه الطعن القانونية التى من بينها سوء استعمال السلطة والانحراف بها وكل ذلك منوط بالحدود القانونية التى تقتضيها ضرورة الدفاع دون أن يجاوز ذلك إلى ما فيه تحد لرؤسائه أو تطاول عليهم.
ومن حيث ان ما ضمنه الطاعن بشكواه المقدمة باسم رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 2/12/1987 حسبما أثبتته لجنة التحقيق على النحو الذى أورده الحكم المطعون فيه نفسه هو عدم وجود قواعد أو لوائح خدمة تنظم خدمة الأعضاء بالهيئة (هيئة الرقابة الإدارية) وان موضوعات النقل والخدمة الخارجية والسفر تحكمه استثناءات ولا تحكمه قواعد عادلة كما ان بالهيئة أعضاء و إدارات محظية وان نظام الخدمة بالمكاتب الخارجية وإنشاء استراحات للأعضاء يمثل إهدار للمال العام وإن اسمه قد أسقط عن عمد من قرار السيد/ رئيس الهيئة رقم 34 لسنة 1987ثم تداركت الهيئة ذلك بإصدارها القرار رقم 48 لسنة 1987 وان الحقيقة ستطمس فى الهيئة اذا لم يرفعها مواطن أمين مثله إلى رئيس الوزراء وإن أسلوب ونظام العمل فى الهيئة دفع الكثير من الأعضاء إلى التضحية بمستقبلهم فطلبوا النقل إلى خارج وظائف أخرى.
ومن حيث انه بالنسبة لمدى القول بأن ما ورد بالشكوى المشار اليها يتضمن تطاولا على الرؤساء وقيادات الهيئة المطعون ضدها والتشهير بهم والإخلال بواجب إحترامهم وتوقيرهم على النحو الذى انتهى اليه القرار المطعون فيه من عدمه فانه يتعين استعراض الوقائع التى حاقت بالطعن والمعاصرة لتقديمه تلك الشكوى.
ومن حيث ان الثابت حسبما أوردته مذكرة الهيئة المطعون ضدها ذاتها والمرفقة بحافظة مستنداتها المودعة بجلسة 23/11/1994 إنه بتاريخ 5/3/1987صدر قرار رئيس هيئة الرقابة الإدارية (المطعون ضدها) بنقل الطاعن من الإدارة المركزية رقم 11 إلى مكتب قنا فتقدم الطاعن بطلب لإرجاء نقله لمدة سنة أشهر نظرا لظروفه العائلية إلا أن رئيس الهيئة وافق على تأجيل النقل ثلاثة أشهر فقط يتم التنفيذ بعده إلى مكتب قنا وقد تم تنفيذ النقل إلى مكتب قنا فى 25/12/1987فتقدم بطلب إلى رئيس الهيئة لنقله خارج الهيئة نظرا لظروفه العائلية التى تحول دون استمراره فى العمل بهيئة الرقابة الإدارية وتم نقله إلى الأمانة العامة للحكم المحلى بقرار رئيس الهيئة رقم 34 لسنة 1988 بتاريخ 4/4/1988.
فتظلم من هذا القرار الإدارى ثم رفض تظلمه كما أنه تظلم من عدم ترقيته إلى الفئة (ب) مع أقرانه بنشرة يناير سنة 1988 وترقية من هم أحدث منه برغم أن تقاريره إمتياز إلا أن تظلمه الأخير رفض أيضا بمقولة عدم إستيفائه شروط الترقى طبقا للمادة 29 من القانون رقم 54 لسنة 1964.
ومن حيث ان المستفاد بجلاء من الوقائع متقدمة الذكر سواء السابقة أو اللاحقة على تقديمه لشكواه المشار إليها أن الطاعن عبر فيها عما يعتقد بأن ظلما قد وقع عليه تمثل فى نقله إلى محافظة نائية (محافظة قنا) بعيدا عن أسرته وظروفه العائلية التى لا تسمح له بالبقاء فى محافظة قنا وأنه إزاء ذلك تقم بطلب لنقله إلى خارج الهيئة معللا ذلك بأن ظروفه العائلية تحول دون استمراره فى العمل بالهيئة رغم انه عاد وطلب إلغاء قرار نقله إلى خارجها الأمر الذى يفصح بان نقله خارج الهيئة إنما استند إلى عوامل أخرى لم تكن هى ظروفه العائلية وكل هذا يبرر ما أورده بشكواه يوضح أنه لم يقصد من وراء شكواه التطاول على الرؤساء أو التشهير بهم تلك الشكوى التى قدمت بمناسبة صدور قرار بنقله إلى مكتب الهيئة بمحافظة قنا مما تعد نوعا من التظلم من ذلك النقل كما أنها خلت من عبارات تجريح أو إهانة للرؤساء بل إنها عفت صراحة عن ذكر أى أشخاص بأسمائهم أو بصفاتهم الوظيفية موجهة إليهم الوقائع الواردة بها الأمر الذى يكون القصد منها تلافى العيوب والأخطاء التى يعتقد الطاعن أنها موجودة بالهيئة التى يعمل بها ويبغى من وراء ذلك إصلاحها وتحقيق الصالح العام ولعل أبلغ دليل على أن الشكوى تعبير صادق عما يحس به الطاعن فعلا ولاسيما من عبارته عن التجاء أعضاء الرقابة الإدارية إلى الاستقالة أو النقل أنه هو شخصيا قد جاز بهذا الموقف بعد ذلك فتقدم بطلب لنقله إلى خارج الهيئة فضلا عن تخطيه فى الترقية.
ومن حيث ان المستقر عليه أنه إذا كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التى يتطلبها القانون كان القرار فاقدا لركن من أركان هو ركن السبب بما يجعله قد صدر مخالفا للقانون.
ومن حيث انه وقد تبين مما تقدم أن ما ورد بالشكوى لم يتعد حدود الدفاع المقررة للطاعن ولم يتضمن تطاولا وتشهيرا بالرؤساء فمن ثم يكون قرار مجلس التأديب إذ انتهى إلى تكييف ما ورد بالشكوى على غير ذلك واعتبارها تشكل مخالفة تأديبية يكون قد استخلص النتيجة من أصولها لا تنتجها قانونا مما يجعله قد صدر على غير أساس صحيح مستوجبا الإلغاء.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وببراءة الطاعن مما جوزى عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ