طعن رقم 1890 لسنة 32 بتاريخ 28/11/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 1890 لسنة 32 بتاريخ 28/11/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
طعن رقم 1890 لسنة 32 بتاريخ 28/11/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : محمد معروف محمد والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم المستشارين

* إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 24 من ابريل سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1890 لسنة 32 ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 25/2/1986 فى الدعويين رقمى 1566، 1948 لسنة 31 ق والقاضى أولا: فى الدعوى رقم 1566 لسنة 31 ق بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى المطعون عليه ميما تضمنه من عدم تسليم المدعيين أموال مورثهما السابق مصادرتها وما يترتب على ذلك من آثار وبتعويض المدعيين مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار المادية التى أصابتهما من جراء هذا القرار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. ثانيا : فى الدعوى رقم 1948 لسنة 39 ق بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى المطعون عليه فيما تضمنه من عدم تسليم المدعية أموالها المصادرة من مجوهرات وغيرها التى امتد إليها حكم محكمة الثورة بالتبعية لزوجها المرحوم /.
……….. المحكوم عليه بهذه العقوبة من المحكمة المذكورة وبعدم جواز نظر الدعوى فى خصوص طلب إلغاء حكم محكمة الثورة فيما تضفه من مصادرة أموال المدعية وألزمت طرفى الخصومة المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنون – بصفاتهم – لما ورد بتقرير الطعن من أسباب – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليا: بعدم قبول الدعويين رقمى 1566، 1948 لسنة 31 ق لانتفاء القرار الإدارى الجائز الطعن عليه، واحتياطيا: برفض الدعويين مع رفضى طلب التعويض وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن المطعون ضدهما بالطعن على الوجه المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 من يناير سنة 1992، وبجلسة 28 من سبتمبر سنة 1992 تقرر إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1992 وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم 28/11/1993 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 25/6/1977 أقامت المدعيتان (المطعون ضدهما ) الدعوى رقم 1566 لسنة 31 ق بطلب الحكم بإلغاء القرار السلبى بامتناع الإدارة عن تسليم أموال المرحوم /.
……………….. وزوجته وابنته وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الإدارة بأن تدفع لهما مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت نظير الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بهما من جراء القرار المذكور وإلزام الإدارة المصروفات.
وذكرت المدعيتان شرحا لدعواهما أنه بتاريخ 6/2/1960 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 بالعفو عن باقى العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة ومن محكمة الغدر وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها وكان اسم المرحوم /.
………………… من بين الأسماء التى شملها العفو، وقد نص القرار على أن يعمل به من تاريخ صدوره غير أن الإدارة امتنعت عن إصدار قرار بتسليم أموال المرحوم /.
……. وأموال – زوجته السابق مصادرتها كعقوبة تكميلية للعقوبة التى كان محكوما بها ضده، وأن أمر تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 بالعفو عن باقى العقوبات قد عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة بتاريخ 2/7/1975 فانتهت إلى أن قرار العفو وفقا لصريح نصه ينصرف إلى ما بقى من العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة التى لم يستكمل تنفيذها وكذلك إلى كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة على العقوبات المحكوم بها جميعا وأن عقوبة المصادرة بوصفها إحدى العقوبات المحكوم بها على هؤلاء قد ترتب عليها أيلولة الأموال المصادرة إلى الدولة. وقد ظلت هذه العقوبات منتجة لآثارها فيما يتعلق بالملكية الى تاريخ صدور قرار العفو المشار إليه ومن مقتضى تنفيذ هذا القرار هو رد ما بقى من أموال العفو عنهم التى آلت إلى الدولة بمقتضى حكم المصادرة وكذلك ما استحق من ريع وثمار من تاريخ قرار العفو.
وأضافت المدعيتان أنهما فى يونيه سنة 1974 تقدمتا إلى مدير الأموال المستردة بطلب معاملتهما أسوة بالسيد/.
……………………………… رئيس مجلس الوزراء الأسبق وتسليمهما أموالهما السابق مصادرتها وكذلك أموال مورثهما، كما سبق أن تقدمتا فى 19/10/1971 بطلب إلى رئيس الجمهورية ولرئيس مجلس الوزراء فى هذا الخصوص، إلا أن الإدارة امتنعت عن التسليم بالرغم من التزامها قانونا بذلك وهو ما يشكل قرار إدارى سلبى مخالفا للقانون ويحق لهما طلب إلغائه كما أن هذا القرار قد الحق بهما وبمورثهما الذى توفى فى مارس سنة 1964 أضرارا أدبية تمثلت فى الإساءة إليهما رغم العفو عن العقوبة المحكوم بها وأضرار مادية تمثلت فى حرمانهما من تسلم أموالهما وأموال مورثهما للانتفاع بها ومن تسلم غلاتها كما تمثلت كذلك فى تصرف الإدارة بالبيع فى بعض تلك الأموال دون وجه حق وبأثمان بخسة ومن ثم فإنه يحق لهما أن يطلبا الحكم بإلزام المدعى عليه ( وزير المالية بصفته ) أن يدفع لهما مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت نظير الأضرار المشار إليها.
وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 10/9/1977 أقامت المدعية.
………………………. الدعوى رقم 1948 لسنة 31 ق طالبة فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن تسليمها المجوهرات المصادرة تنفيذا لحكم محكمة الثورة الصادر فى 19/10/1953 وفى الموضوع أصليا : الحكم بإلغاء القرار الصادر من محكمة الثورة بمصادرة أموالها واحتياطيا: الحكم بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تسليمها أموالها المصادرة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف شاملة أتعاب المحاماة وذكرت المدعية شرحا لدعواها أن المرحوم زوجها كان يعمل مستشارا صحفيا للقصر الملكى منذ سنة 1946 وحتى قيام الثورة سنة 1952 ثم أدين من محكمة الثورة وصادرت أملاكه وأملاك زوجته ( المدعية) والتى وردت على سبيل الحصر من عقارات وأسهم وسندات ومجوهرات رغم أن هذه المصادرة بالنسبة للزوجة ليس لها أى سند حيث لم ينسب لها أية تهمة أو اتهام، وقد استقر الفقه والقضاء على تجريد محكمة الثورة من وصف المحكمة واعتبرت أحكامها مجرد قرارات إدارية، وأنه قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 بالعفو عن باقى العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة وعن كافة العقوبات التبعية المترتبة عليها وشمل هذا العفو زوجها ومورثها المرحوم.
……………………. إلا أن الجهة الإدارية امتنعت عن رد أموالها التى صودرت وخاصة المجوهرات والمثبتة فى السجلات الرسمية الأمر الذى حدا بها إلى إقامة دعواها بطلباتها سالفة الذكر.
وبجلسة 25/2/1986 صدر الحكم المطعون فيه السالف بيان منطوقه، وقد أقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدعوى رقم 1566 لسنة 31 ق. على أنه بتاريخ 2/6/1960 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 متضمنا النص فى مادته الأولى على أن يعفى عن باقى العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة ومحكمة الغدر وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها بالنسبة للأشخاص المبينة أسماؤهم بالكشوف المرافقة. وقد ورد اسم مورث المدعيتين ضمن تلك الكشوف وقد سبق أن حكمت محكمة الثورة بجلستها المنعقدة بتاريخ 18/10/1953 بمعاقبة – مورث المدعيتين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبرد ما استولى عليه هو وزوجته من أموال الشعب إلى الشعب وذلك بمصادرة كل ما زاد من أملاكهما وأموالهما عما كانا يمتلكانه فى 27 مايو سنة 1946 وقد وافق مجلس قيادة الثورة فى ذات التاريخ على الحكم، ومن ثم فإنه من المتعين على جهة الإدارة تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 على مقتضى ما يرتبه من أحكام بمراعاة الضوابط التى يلزم اتباعها فى تنفيذه وذلك برد الأموال المصادرة لمورث المدعيتين بمقتضى هذا الحكم وتسليمها لهما، وإذ لم تقدم جهة الإدارة الدليل الثبوتى على قيامها بتسليم المدعيتين أموال مورثهما السابق مصادرتها تنفيذا لذلك الحكم ولم تكشف أوراق الدعوى ومستنداتها عن قيام الإدارة بإجراء إتمام هذا التسليم كما لم تدحض من جانبها بدليل معتبر ادعاء المدعيتين بأنهما لم يتسلما أموال مورثهما المصادرة فمن ثم يشكل مسلك الإدارة والحالة هذه قرارا إداريا سلبيا بالامتناع عن رد وتسليم المدعيتين الأموال المصادرة لمورثهما تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية سالف الذكر وما يقضى به فى هذا الخصوص مما ينطوى على مخالفة لأحكام ذلك القرار ويصم قرارها السلبى بالامتناع عن إجراء هذا التسليم بعيب مخالفة القانون مما يبطله ويجعله خليقا بالإلغاء، وأضافت المحكمة – بالنسبة لطلب التعويض – أنه لا مراء فى قيام ركن الخطأ فى جانب الإدارة وقد ثبت عدم مشروعية القرار المطعون فيه حسبما سلف بيانه – كما أن ركن الضرر قائم أيضا بالمدعيتين لما سببه هذا القرار من حرمانهما من الانتفاع بأموالهما دون تسليم غلاتها فى الوقت المناسب بعد صدور قرار العفو عن مورثهما مما يتحقق معه بالنسبة لهما الضرر المادى اللاحق بهما من جراء القرار الطعين وهذا الضرر المادى يكفى فى حد ذاته للقضاء لهما بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد.
وبالنسبة للدعوى رقم 1948 لسنة 31 ق فقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه ترتيبا على مقتضى تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 فقد غدا من حق المدعية (……………….. أرملة المرحوم.
……………….) المحكوم ضدها من محكمة الثورة بمصادرة أموالها بالتبعية له أن ترد إليها أموالها المصادرة من مجوهرات وخلاف، وإذ أقرت جهة الإدارة على ما يبين من الأوراق أن مجوهرات المدعية المصادرة محفوظة بوزارة الثقافة حيث سلمت إلى هذه الوزارة ضمن مجوهرات أسرة محمد على ولم يتم التصرف فيها بالبيع فمن ثم وجب أن ترد إلى المدعية تلك المجوهرات بحسب حقيقة وصفها ونوعها التى تم جردها عليه تنفيذا لحكم المصادرة أى بالحالة التى كانت عليها فى الواقع وحقيقة الأمر عند مصادرتها دون أدنى استبدال أو تغيير فيها حتى يكون تسليم تلك المجوهرات إلى صاحبتها تسليما حقيقيا لا صوريا، وإذ كان البادى من تقصى أوراق الدعوى وما قدم فيها من مستندات أن الجهة الإدارية لم ترد بعض مجوهرات المدعية بحسب المواصفات التى كانت عليها عند مصادرتها وهو ما حدا بالمدعية إلى الامتناع عن تسلمها بمقولة أنها استبدلت بغيرها أثناء مدة المصادرة فمن ثم ينطوى هذا المسلك من جانب الإدارة على عدم تنفيذها لقرار رئيس الجمهورية سالف الذكر فى حق المدعية التنفيذ الصحيح الذى يتفق ومقتضى أحكامه التى رتبها ويتفق فى ذات الوقت مع الغرض الذى رمى هذا القرار إلى تحقيقه من وراء العفو عن العقوبات وما يؤدى بحسب الواقع والقانون بالنسبة للمدعية من ترتيب التزام قانونى لصالحها قبل الإدارة مؤداه وجوب تسليم تلك المجوهرات إليها بوضعها الحقيقى التى كانت عليه عند مصادرتها، ولا مراء فى أن عدم تسليم مجوهرات المدعية بالصورة التى يجب أن تتم عليها يشكل قبل الإدارة قرارا سلبيا بالامتناع عن تسليم المدعية تلك المجوهرات بالمخالفة لصحيح حكم قرار رئيس الجمهورية السالف البيان الأمر الذى يصم القرار بعدم المشروعية لمخالفة حكم القانون على نحو يعيبه فيبطله ويجعله خليقا بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية :
1 – أن ما صدر عن جهة الإدارة لا يعد قرارا إداريا أصلا سلبا كان أو إيجابا يمكن أن توجه إليه دعوى الإلغاء بل أنه وبحسب تكييفه القانونى الصحيح يعد عملا تنفيذيا للقرار الجمهورى رقم 128 لسنة 1960 وأن القول بوجود قرار سلبى بالامتناع أمر لا يؤدى إليه واقع ولا يسنده قانون ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى والحال كذلك قد أخطأ مما يستوجب إلغاؤه والحكم بعدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإدارى الجائز الطعن عليه.
2 – أن القرار الجمهورى المشار إليه وقد صدر بالعفو عن العقوبات الصادرة من محكمة الثورة بالنسبة لمورث المطعون ضدهما فإن دور جهة الإدارة ينحصر فى اتخاذ الإجراءات التنفيذية لهذا القرار، وجهة الإدارة بسبيلها لتنفيذ ذلك القرار وقامت بالفعل باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليم الأموال المصادرة للمطعون ضدهما وإن استغرقت هذه الإجراءات وقتا طويلا فمرد ذلك إلى صعوبات كثيرة لا يد لجهة الإدارة فيها ترجع إلى تعدد التصرفات والقوانين الخاصة بالإصلاح الزراعى عن الأراضى الخاضعة لها، ولاختلاف الرأى بخصوص القواعد المتبعة فى رد هذه الأموال وضرورة إثبات صفة المسترد وصلته بالمحكوم عليه إلى غير ذلك من معوقات.
3 – أن امتناع الإدارة غير قائم فى حقها ومن ثم لا يوجد خطأ فى جانبها الأمر الذى ينهار معه الركن الأول من أركان المسئولية بالتعويض، كما أنه عن ركن الضرر فالأصل أن يتحمل الناس بغية أعمال الإدارة المشروعة مهما بلغ الضرر المترتب عليها من جسامة فلا يستوجب التعويض، وتبعا لذلك يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب التعويض.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن الذى ساقته الجهة الطاعنة بأن ما صدر عن جهة الإدارة لا يعد قرارا إداريا أصلا سلبا كان أو إيجابا يمكن أن توجه إليه دعوى الإلغاء – بل يعد عملا تنفيذيا للقرار الجمهورى رقم 128 لسنة 1960 ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى والحال كذلك قد أخطأ مما يستوجب إلغاؤه والحكم بعدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإدارى الجائز الطعن عليه وطبقا لصريح نص المادة 172 من الدستور والمادة العاشرة بجميع فقراتها وخاصة الفقرة (14) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإن مجلس الدولة أضحى بما عقد له من الاختصاص بموجب الدستور وصحيح القانون المنفذ له صاحب الولاية العامة بنظر سائر المنازعات الإدارية بحسبانه القاضى الطبيعى والمؤهل فى هذا النوع من المنازعات وقاضى القانون العام فى هذا الشأن، ولئن كانت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة المشار إليه قد أفصحت فى البنود (أولا) حتى (ثالث عشر) عن منازعات إدارية معينة المحت إليها بصريح النص، فلا يعدو الأمر أن تكون هذه المنازعات قد وردت على سبيل المثال واستوت منازعات إدارية ينص القانون لا يقبل خلف على كنهها أو تكييفها، بيد أنها لا تستوى وحدها كل المنازعات الإدارية التى ينبسط اختصاص مجلس الدولة شاملا لهها جميعا طبقا لصريح نص البند ( رابع عشر) من قانون المجلس والمادة 172 من الدستور.
ومن حيث إنه فى مقام التمييز بين القرار الإدارى الذى يكون مستهدفا بدعوى الإلغاء وبين العمل المادى التنفيذى الذى يدخل فى عداد المنازعات الإدارية التى يختص بنظرها مجلس الدولة فإن المحكمة تكرر ما استقر عليه القضاء بأن القرار الإدارى هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانونى معين متى كان ممكنا وجائزا قانونا، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، وقد يكون القرار بهذا التعريف ضمنيا أو سلبيا وذلك عندما ترفض الجهة الإدارية أو تمتنع عن اتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون بمعنى أنة يتعين لقيام القرار السلبى أن يكون ثمة إلزام على الجهة الإدارية باتخاذ قرار معين وأن تقصد إلى تحقيق آثار قانونية ومن ثم لا يكون من القرارات الإدارية النهائية التى يختص مجلس الدولة بنظرها الأعمال المادية التى لا يقصد بها تحقيق لآثار قانونية وان رتب عليها القانون آثارا معينة لأن هذه الآثار يكون مصدرها إرادة المشرع مباشرة لا إرادة الإدارة ومن ثم فإن عدم تنفيذ جهة الإدارة لمقتضى نصوص القرار الجمهورى رقم 128 لسنة 1960 ليس قرارا إداريا سلبيا بالمعنى الفنى الدقيق بل هو عمل تنفيذى مادى تقاعست جهة الإدارة عن اتخاذه على أن ذلك لا يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى – لأن حقيقة الطلبات فى الدعويين فى ضوء من حقيقة التكييف السابق والذى تستقل به المحكمة – هو طلب المدعيتين إلزام جهة الإدارة بتسليمهما أموالهما نفاذا للقرار الجمهورى انف البيان وهو ما يدخل فى عداد المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الوجه من الطعن.
ومن حيث إنه عن الموضوع فقد صدر بتاريخ 2 من يونية سنة 1960 قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 متضمنا النص فى المادة الأولى على أن يعفى من باقى العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة ومحكمة الغدر وعن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها بالنسبة للأشخاص المبينة أسماؤهم بالكشوف المرافقة وقد ورد أسم مورث المطعون ضدهما ضمن تلك الكشوف وقد س! بق أن حكمت محكمة الثورة بجلستها المنعقدة بتاريخ 18/10/1953 بمعاقبة مورث المطعون ضدهما بالأشغال الشاقة المؤبدة وبرد ما استولى عليه هو وزوجته من أموال الشعب إلى الشعب وذلك بمصادرة كل ما زاد من لأملاكهما وأموالهما عما كانا يمتلكانه فى 27 من مايو سنة 1946 وقد وافق مجلس قيادة الثورة فى ذات التاريخ على الحكم.
ومن حيث أن نطاق العفو كما حدده قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 ووفقا لصريح نصه ينصرف إلى ما بقى من العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة والتى لم يستكمل تنفيذها وكذلك إلى كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة على العقوبات المحكوم بها وهى جميعها عقوبات لها مسمياتها الخاصة و،ن سميت بالمسميات الواردة فى قانون العقوبات، وأن الآثار فى هذا الصدد تختلف عن العقوبات التبعية وتنصرف إلى كافة ما يترتب على الحكم ولو لم يصدق عليه وصف العقوبات التبعية وإلا لما حرص قرار العفو على النص على الآثار – جنبا إلى جنب مع العقوبات التبعية وعقوبة المصادرة المحكوم بها على هؤلاء ومن بينهم مورث المطعون ضدهما قد ترتب عليها أيلولة الأموال المصادرة إلى الدولة وقد ظلت هذه العقوبة منتجة لآثارها فيما يتعلق بالملكية إلى تاريخ صدور قرار العفو المشار إليه ومن ثم فإن العفو وقد انصب على هذه الآثار يستتبع رد أموالهم إزالة لهذا الأثر نزولا على أحكام ذلك القرار.
ومن حيث إنه تأسيسا على ذلك فإن مقتضى تنفيذ قرار العفو هو رد ما بقى من أموال المعفو عنهم ومنهم مورث المطعون ضدهما التى آلت إلى الدولة بمقتضى حكم المصادرة وكذلك ما استحق من ريع وثمار من تاريخ صدور قرار العفو ومنها ما تحصل من أجرة العقارات ولو كان المستأجر هو المالك نفسه مخصوما منها المصروفات التى أنفقت فى تحصليها وذلك بمراعاة أحكام التقادم بالتطبيق للمادتين 187، 375/2 من القانون المدنى بحسب الأحوال. أما فيما يتعلق بالأموال التى تصرفت فيها الدولة للغير تصرفا ناقلا للملكية فإنه يتعين بالنسبة لها التفرقة بين حالتين الأولى : تتناول ما تم التصرف فيه قبل صدور قرار العفو وهذا التصرف وهو صادر من مالك لا يجوز الرجوع فيه ويقتصر حق العفو على استرداد صافى المقابل الذى حصلت عليه الدولة فعلا لقاء التصرف دون الريع والثمار باعتبار أن الدولة فى هذه الحالة فى حكم الحائز حسن النية، والثانية : تتعلق بالتصرفات بعد قرار العفو وهذه التصرفات لا تسرى فى حق المالك الذى ارتفع أثر المصادرة عن ملكه بالعفو ما لم يتعطل حقه فى استرداد هذه الأموال وثمارها أو ريعها طبقا لقواعد الحيازة بشروطها المنصوص عليها فى القانون المدنى وفى هذه الحالة يترتب له حق قبل الدولة فى الحصول على تعويض بقدر القيمة السوقية لها فى تاريخ البيع وكذلك الأمر بالنسبة لاستحقاق مقابل الثمار المتولدة عنها ومن المعلوم أن رد تلك الأموال عينا أو التعويض عنها فى جميع الأحوال إنما يكون فى حدود ما تقضى به قوانين الإصلاح الزراعى وقانون مصادرة أموال أسرة محمد على وقانون تصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة بالنسبة لما يكون منهم قد خضع لأى من هذه القوانين وأن ما تصرفت فيه الدولة من أراضى زراعية عن طريق توزيعها على صغار الفلاحين استنادا لقانون الإصلاح الزراعى ينتج أثره فى صدد نقل الملكية بمجرد اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك حسبما تقدم جميعه فقد بات من المتعين على جهة الإدارة تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 المشار إليه على مقتضى ما يرتبه من أحكام بمراعاة الضوابط التى يلزم اتباعها فى تنفيذه، حسبما سلف بيانه وذلك بالتزام جهة الإدارة برد الأموال المصادرة لمورث المطعون ضدهما بمقتضى الحكم الصادر ضده من محكمة الثورة فى هذا الخصوص وتسليمها لهما وكذا تلتزم الإدارة برد الأموال بما فيها المجوهرات وخلافه الخاصة بالسيدة /.
………………………. التى تمت مصادرتها بحكم محكمة الثورة بالتبعية لزوجها. وإذ لم تقدم جهة الإدارة دليلا على قيامها بتسليم المطعون ضدهما أموالهما السابق مصادرتها فقد ورد قولها مرسلا فى الطعن – بأنها بسبيلها لتنفيذ القرار الجمهورى واتخذت الإجراءات اللازمة لتسليم الأموال ويغدو عسيرا على الفهم ومجافيا لما يتعين أن تتصف به الإدارة من القدوة فى تنفيذ التشريعات فلا يتصور أن تظل الإدارة قرابة الثلاثين عاما بصدد اتخاذ الإجراءات للتنفيذ، كما لم تقدم ثمة دليل يبين الصعوبات التى صادفتها والإجراءات التى أتبعت للتنفيذ وهو ما يصم مسلكها بعيب مخالفة القانون مما يبطله.
ومن حيث إنه عن التعويض بمبلغ قرش صاغ واحد فالمادة 163 من القانون المدنى تنص على أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض، ولما كان امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ مقتضى القرار الجمهورى رقم 128 لسنة 1960 سالف البيان وعدم تسليم المطعون ضدهما أموالهما يشكل ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة، كما أصابهما الضرر المادى من جراء حرمانهما من الانتفاع بأموالهما ومن تسلم غلاتها فور صدور قرار العفو رقم 128 لسنة 1960 وقامت علاقة السببية بين الخطأ والضررمما يستوجب تعويضهما – حسب لحلباتهما – بمبلغ قرش صاغ واحد. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى ذات النتيجة السابقة ومن ثم يكون الطعن عليه على غير أساس جديرا بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات الطعن عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ