طعن رقم 1896 لسنة 35 بتاريخ 28/07/1992 الدائرة الثالثة

Facebook
Twitter

طعن رقم 1896 لسنة 35 بتاريخ 28/07/1992 الدائرة الثالثة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد محمود الدكرورى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/مصطفى الفاروق محمد الشامى ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد ود. محمد عبد البديع عسران. نواب رئيس مجلس الدولة.

* إجراءات الطعن

تاريخ 14/4/1989 أودع الأستاذ/ عاشور عبد الحفيظ أحمد النائب بهيئة قضايا الدولة بصفته نائبا عن الطاعن تقرير الطعن الماثل طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 4929/41ق بجلسة 27/2/1989 والذى يقضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 240 لسنة 1987 فيما تضمنه من إحالة المدعى إلى الاحتياط وما يترتب على ذلك من أثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن الحكم المطعون ضده بتاريخ 11/5/1989.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعى وإلزام جهة الإدارة الطاعنة بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة بجلسة 17/10/1990 وبجلسة 21/11/1990 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا- الدائرة الثالثة- لنظره بجلسة 25/12/1990 حيث تدول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وقدم الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة حافظتى مستندات ومذكرتى دفاع صمم فيهما على طلباته الواردة فى صحيفة الطعن، كما قدم الحاضر عن المطعون ضده ثلاث حوافظ مستندات وثلاث مذكرات دفاع طلب فيها رفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتى التقاضى. وقد تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 27/2/1989 وقدم الطاعن تقرير الطعن بتاريخ 24/4/1989 فإن الطعن يكون قد أقيم فى الميعاد الذى حدده القانون وإذا استوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن وقائع النزاع تخلص فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4929/41ق ضد الطاعن- وزير الداخلية بصفته أودعها سكرتارية محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 30/6/1987 طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار إحالته إلى الاحتياط رقم 240 لسنة 1987 وما يترتب على ذلك من أثار. وقال شرحا لدعواه أنه تخرج من كلية الشرطة عام 1978 وتدرج فى وظائف الشرطة حتى بلغ رتبة رائد عام 1984 وقام بعمله كضابط شرطة بجدية وكفاءة وحصل على تقارير سنوية ممتازة وعلى علاوات تشجيعية ومكافآت مادية مقابل كفاءته وامتيازه فى عمله الأمر الذى أثار ضده العديد من المجرمين والمتواطئين معهم فانهالوا ضده بالبلاغات الكاذبة والشكاوى الكيدية مما أدى بالمسئولين بوزارة الداخلية إلى نقله من مذكرة كوم أمبو بمحافظة أسوان إلى مديرية أمن كفر الشيخ. وقد فوجئ المدعى فى 19/3/1987بصدور قرار وزير الداخلية رقم 240لسنة 1987 بإحالته إلى الاحتياط اعتبارا من 11/3/1987تنظيم من هذا القرار ولم تستجب الوزارة لتظلمه فأقام هذه الدعوى بالطلبات المشار إليها للأسباب المبينة تفصيلا بصحيفة الدعوى ومجملها:
1) مخالفة القرار المطعون فيه للمادة 67 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 لأن هذا القرار لم يستند إلى ضرورة ثابتة أو أسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة.
2) بطلان القرار لتخلف ركن السبب لأن القرار المطعون فيه لم يرتكز على أسباب تبرره ولا يكفى فى ذلك ما ورد بالقرار من أنه صدر للمصلحة العامة لأن هذه العبارة وحدها لا تكفى لتوافر عن أن المدعى لم يخطر بالأسباب التى استند إليها القرار حتى يمكنه الرد عليها.
3) كفاءة المدعى وامتيازه الثابت بملف خدمته من واقع التقارير السنوية الممتازة والعلاوات التشجيعية والمكافآت المادية واختياره ضمن بعثة وزارة الداخلية للحج عامى 84,1985 وللعمرة فى مارس 1986، أما ما ورد فى التقارير والبلاغات الكيدية المقدمة ضده سواء من المجرمين والمتواطئين معهم آو من زملائه فإنه هدفها الكيد للمدعى والتقليل من كفاءته وامتيازه فى العمل.
وأضاف المدعى أن تنفيذ القرار المطعون فيه يصيبه بأضرار لا يمكن تداركها وهو قرار معيب مما تتوافر معه مقومات طلب وقف تنفيذه مع طلب إلغائه وانتهى المدعى من ذلك إلى الطلبات السابق بيانها.
وفى سبيل الرد على الدعوى الحاضر عن الجهة الإدارية عددا من المستندات وأوضح أن أسباب صدور القرار المطعون فيه – طبقا لما هو ثابت بالأوراق هى:
1) قام المدعى بتحريض أحج الخطرين على ارتكاب بعض الجرائم للإخلال بالأمن بمركز كوم أمبو عقب صدور قرار بنقله إلى مديرية أمن كفر الشيخ.
2) قام بالإدلاء بشهادته فى الجناية رقم 384لسنة 1985كوم أمبو على نحو جعل المحكمة تتشكك فى صحة إسناد التهمة للمتهم وذلك بإفصاحه عن المصدر السرى لتحرياته وشهادته بوجود نزاع سابق بين المتهمين المصدر مما أدى إلى إصدار المحكمة حكمها ببراءة المتهم فضلا عن قيامه بتهنئة المتهم بالحكم ببراءته وزيارته فى منزله لهذا الغرض مما ألقى شكوكا وظلالاً كثيفة حول تصرفاته ومسلكه وعن استفادته ماديا مقابل شهادته التى أدت إلى الحكم بالبراءة.
3) ردد بعض الشائعات التى تمس سمعة أبنه أحد المحامين عن علاقتها بأحد الضباط مما أدى إلى نشوب الفرقة فى عائلتيهما.
4) محاولته الاعتداء جنسيا على أحد المجندين بعد إجباره على تناول الخمر وإحالته إلى مجلس التأديب عن هذه الواقعة.
5) أفادت التحريات بأنه أدمن تقاضى الحقن المهبطة المحظور تداولها.
وخلصت الجهة الإدارية من ذلك إلى أن مسلك المدعى وتصرفاته قد اتسمت بالرعونة والاستخفاف والتخلى عن مبادئ الفضيلة والتحلل من القيم بصورة أهدرت كرامته وأساءت إلى جهاز الشرطة الذى ينتمى إليه الأمر الذى ارتأت معه إحالته إلى الاحتياط.
وبجلسة 27/2/1989 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 240 لسنة 1987 فيما تضمنه من إحالة المدعى إلى الاحتياط وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أفادت المحكم قضاءها بذلك على سند من أن الأسباب التى قام عليها القرار المطعون فيه غير مستخلصة استخلاصا سائغا من الأوراق فالسبب الأول وهو محاولة اعتداء المدعى جنسيا على أحد المجندين قد برأه مجلس التأديب الاستئنافى من هذه التهمة، كما أن السبب الثانى وهو شهادته فى القضية رقم 384لسنة 1985كوم أمبو لا يشكل ذنبا إداريا يمكن محاسبته عليه مادام لم يقم الدليل من الأوراق على أنه أدلى بمعلومات خاطئة تخالف الحقيقة مادام لم يثبت زور هذه الشهادة. والسبب الثالث وهو قيامه بتحريض أحد الخطرين على الأمن على ارتكاب بعض الجرائم فقد قام المدعى بالرد على هذا السبب بتقديم صورة من المحضر رقم 900 لسنة 1985 كوم أمبو ضد الشخص الخطر على الأمن الذى لا يعوم على شهادته بسبب قيامه بضبطه متلبسا فى أحد الجرائم المخلة بالآداب وهو الأمر الذى تأخذ به المحكمة وتطرح هذا السبب جانبا وأخيرا فإن السبب الرابع الذى قام عليه القرار المطعون فيه وهو إدمان المدعى تعاطى الحقن المخدرة فإن هذا الاتهام لا يعدو أن يكون مجرد أقوال مرسلة لم يقم دليل عليها من الأوراق وقد نفاه لمدعى عن نفسه. فضلا عن ذلك فإن الثابت من الأوراق أن الوزارة قامت بترشيح المدعى عن نفسه فضلا عن ذلك فإن الثابت من الورق أن الوزارة قامت بترشيح المدعى للسفر فى بعثة عامى 1985،84، وهذا الترشيح لا يمكن أن يتم إلا إذ كان سلوك المدعى سويا وأخلاقه حميدة .. وإذا كان مجلس التأديب قد أشار إلى أنه قد تلاحظ أن المدعى وزملائه قد أتوا أفعالا لا يصلح أن تبدر من ضابط الشرطة فإن ذلك لا يكفى وحده دليلا على إدانة المدعى لأن مجلس التأديب قد أوصى بإجراء تحقيق فى هذه الأفعال مع الضباط المذكورين مما يدل على أنها مازالت مجرد وقائع لم تثبت صحتها وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن الأسباب التى قام عليها القرار المطعون فيه لا أساس لها وغير مستخلصة استخلاصا سائغا من الأوراق- وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر مفتقدا ركن السبب مما يتعين الحكم بإلغائه وانتهت المحكمة من ذلك إلى الحكم السابق الإشارة إليه.
ولم يرتض الطاعن هذا الحكم فطعن عليه بالطعن الماثل مقيما إياه على الأسباب الموضحة تفصيلا فى تقرير الطعن التى تخلص فيما يلى:-
1) مخالفة الحكم المطعون فيه للواقع لأنه استند إلى أن القرار المطعون فيه لم يقم على أسباب صحيحة مستخلصة من الأوراق مما يجعله فاقدا ركن السبب والواقع يخالف ذلك لأن المطعون ضده فقد شرط حسن السمعة وطيب الخصال ولا يحتاج الأمر الوارد لدليل قاطع على عدم توافرهما وإنما يكفى وجود دلائل أو شبهات قوية تلقى ظلال من الشك حول سمعة الضابط.
وفى واقعة التعدى الجنسى على المجند واحتسائه الخمر وشهادته فى القضية المشار إليها، كذلك قد جعل الشك والظنون تحيط بتصرفاته المطعون ضده مما اضطر جهة الإدارة إلى التدخل وإصدار القرار المطعون فيه بإحالة المطعون ضده إلى الاحتياط وبذلك يكون قد توافر ركن السبب فى القرار.
2) أخطأ الحكم المطعون فيه إذ اعتبر شهادة المطعون ضده فى القضية المذكورة لا تشكل ذنبا إداريا، فهذا القول يصدق فى حالة أداء الشهادة على وجهها الصحيح أما وأن المطعون ضده عدل عن أقواله السابقة التى أثبتها فى المحضر وقدم المتهم بسببها إلى محكمة الجنايات ثم قام بزيارة المتهم فى منزله بعد الحكم ببراءته وما لاكته الألسن من حصوله على منافع مادية لقاء هذه الشهادة فإن ذلك يشكل خروجا على واجبات وظيفته وزعزعة الثقة فى جهاز الشرطة.
3) أهدر الحكم المطعون فيه أحد الأسباب التى بنى عليها القرار المطعون فيه، وهو قيام المطعون ضده بتحريض أحد الخطرين على الأمن بارتكاب بعض الجرائم كان قد سبق أن قام بتحرير محضر رقم 900لسنة 1985 كوم أمبو ضد هذا الخطر مما لا يعول معه على شهادته. وهذا القول مردود عليه بأن المطعون ضده قد ارتكب هذا الفعل بشهادة كل من الرقيب السرى/ حسين محمود حسين، محمود عبد المحسن أحمد وحسين توفيق محمد وهم من قوة مباحث مركز كوم أمبو، وبذلك تحول المطعون ضده من حارس للأمن إلى مدبر للجرائم بغرض تحقيق أهدافه الشخصية ومآرب خاصة.
4) استند الحكم المطعون فيه إلى قرار مجلس التأديب الاستئنافى لضباط الشرطة ببراءة المطعون ضده من تهمة محاولة الاعتداء جنسيا على أحد الجنود لأن قرار البراءة صدر بناء على التناقض والتضارب الوارد بالمذكرتين المقدمتين من إدارة البحث الجنائى فضلا عن أن قرار مجلس التأديب قد تضمن بعض الأفعال التى أتاها المطعون ضده وزميلاه من احتساء الخمر وتردد فتاة معروفة بسوء السلوك على شقة المطعون ضده ثم أوصى مجلس التأديب بإجراء تحقيق فى هذه الوقائع.
وانتهى الطاعن من هذه الأسباب إلى الطلبات السابق بيانها.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه بإحالة المطعون ضده إلى الاحتياط صدر استنادا إلى الأسباب الخمسة السابق بيانها وذلك طبقا لما هو ثابت بمضبطة محضر اجتماع المجلس الأعلى للشرطة بتاريخ 10/3/1987 ومذكرة الإدارة العامة للتفتيش والرقابة بوزارة الداخلية ومحاضر التحقيق المرفقة بأوراق الدعوى.
ومن حيث أنه عن السبب الأول وهو تحريض المطعون ضده لأحد الخطرين على ارتكاب بعض الجرائم للإخلال بالأمن بمركز كوم أمبو عقب صدور قرار بنقل المطعون ضده إلى مديرية أمن كفر الشيخ، فإن الثابت بالأوراق أن الذى أبلغ بهذه الواقعة هو المدعو/…. المسجل شقى خطر نشل حيث قرر فى التحقيق أن المطعون ضده طلب منه بتاريخ 24/8/1986 ارتكاب بعض جرائم الحريق لإظهار اختلاله حالة الأمن بالمركز بعد نقله إلى مديرية أمن كفر الشيخ فتظاهر بالموافقة ثم أسر بذلك إلى الرقيبين/ حسن محمد حسين، ومحمود عبد المحسن أحمد من قوة مباحث المركز وقد أقر هذان الرقيبان بإبلاغ المذكور إياهما بما نسبه إلى المطعون ضده. وبمواجهة هذا الأخير بذلك نفى ما نسب إليه وقرر أن المذكور شقى خطر وسبق أن قام بضبطه فى عدة قضايا إبان عمله رئيسا لوحدة مباحث كوم أمبو وقد قدم المطعون ضده تأييدا لذلك حافظ مستندات أمام محكمة القضاء الإدارى انطوت على صور رسمية لتحقيقات النيابة ومحضر ضبط حرر بمعرفته فى القضية رقم 900 لسنة 1985 جنح كوم أمبو المتهم فيها الشقى المذكور باعتياد ممارسة الفجور حي قضى بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وتأيد الحكم استئنافيا ونفذ ضده وذلك طبقا لما هو ثابت بالشهادة الرسمية بالحكم الصادر فى الجنحة المشار إليها واستئنافها.
ومن حيث أن الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده بالسبب الأول من أسباب إحالته إلى الاحتياط ل لا دليل عليها إلا مجرد إدعاء الشقى المذكور بها فلم يشهد الواقعة أحد من الشهود الذين سئلوا فى التحقيق حيث قرروا أن هذا الشقى أبلغهم بها، وإذ ثبت أن المطعون ضده سبق أن أقام بضبط المذكور متلبسا بممارسة الفحشاء وقدمه هو والسيدة التى مارس معها الرذيلة وزوجها وشخصا رابعا سهل ممارسة هذا الفجور إلى محكمة الجنح وأدينا جميعا ابتدائيا واستئنافيا ونفذوا أحكام الحبس، إذا ثبت ذلك فإن فيه ما يكفى لشكك المحكمة فى صحة واقعة تحريض المطعون ضده للشقى المذكور بارتكاب الجرائم المخلة بالأمن السابق بيانها خاصة وان هذا الشقى قد أدين فى جريمة اعتياد ممارسة الفجور ومن المسلمات أن شهادة الفاجر لا تقبل، بذلك يكون السبب الأول للقرار المطعون فيه غير ثابت.
والسبب الثانى للقرار المطعون فيه وهو قيام المطعون ضده بالإدلاء بشهادته فى الجناية رقم 384 لسنة 1985 كوم أمبو على نحو جعل المحكمة تتشكك فى صحة إسناد التهمة وذلك بإفصاحه عن المصدر السرى لتحرياته وشهادته بوجود نزاع سابق بين المتهم وهذا المصدر مما أدى إلى الحكم ببراءة المتهم فى هذه الجناية هذا السبب بدوره غير ثابت فى جانب المطعون ضده على النحو الذى جاء بأسباب القرار فليس ثمة دليل على أن شهادة المطعون ضده أمام محكمة الجنايات تخالف الحقيقة أو مزورة، وما نسب إليه من أنه أدلى بهذه الشهادة بقصد تبرئه المتهم مقابل رشوة تقاضاها فأساسه مجرد تحريات لإدارة البحث الجنائى لا دليل عليها فى الأوراق، ولا دليل أيضا على أن المطعون ضده قد عانق المتهم عقب النطق بالحكم ببراءته أو أن زاره فى منزله للتهنئة مرة أخرى. وقد برر المطعون ضده إفصاحه أمام المحكمة عن شخص المخبر السرى مصدر تحرياته بأنه كان قد علم بأن المتهم أتفق مع هذا المرشد السرى على الحضور للإدلاء بشهادته وإلا قرار بأنه يوجد خلاف بين عائلة هذا المرشد وعائلة المتهم، وقد شاهد المرشد السرى بقاعة المحكمة يوم الجلسة فقرر أن يفصح بنفسه عن ذلك. ومتى كانت الواقعة المشكلة للسبب الثانى للقرار المطعون فيه هى مجرد مزاعم لا دليل عليها بالأوراق فإنها لا ترقى أن تكون سببا لهذا القرار.
وكذلك أيضا السبب الثالث للقرار- المتمثل فيما نسب إلى المطعون ضده من أنه ردد بعض الشائعات التى تمس سمعة أبنة أحد المحامين عن علاقتها بأحد الضباط مما أدى إلى نشوب الفرقة بين أفراد عائلتيهما. ومجمل الواقعة أن أحد المحامين بكوم أمبو تقدم بشكوى ضد المطعون ضده تضمنت أنه كانت تربطه علاقة صداقة أسرية بالمطعون ضده لتجاورهما فى المسكن وانه فوجئ بعد إيقاف الأخير عن العمل فى 16/7/1986 بأنه أطلق شائعة عن وجود علاقة آثمة بين أبنته وأحد ضباط مركز كوم أمبو، وعلل المحامى ذلك بأن المطعون ضده سبق أن طلب هذه الفتاة للزواج من شقيقه ولك يستجيب والدها لصغر سنها وقد أشارت التحريات إلى وجود علاقة بين أبنة هذا المحامى وضابط بمركز كوم أمبو وانه شوهدت تتردد عليه بشقة المطعون ضده حين كان هذا الضابط بمفرده أثناء غياب المطعون ضده عنها هو وأسرته وقد نفى الضابط المذكور هذه العلاقة مقررا أن المطعون ضده هو الذى أطلق هذه الشائعة وأن هذه الفتاة سيئة السير والسلوك وأن والدها سبق أن أبلغ المركز بغيابها وعودتها بعد يومين حيث أصطحبها والدها إلى المركز للإبلاغ بعودتها وبمواجهة المطعون ضده بما نسب إليه من إطلاق هذه الشائعة أجاب بأن هذه الفتاة كانت على علاقة بالضابط المذكور الذى أصطحبها إلى شقة المطعون ضده حيث كان قد ترك له مفاتيحها حال تغيبه فى إجازة عيد الفطر ونفى تماما إطلاق أى شائعة حول مسلك الفتاة.
هذا وقد أشار مجلس التأديب الاستئنافى لضباط الشرطة فى أسباب قراره الذى أصدره ببراءة المطعون ضده من تهمة محاولة التعدى جنسيا على جنود مركز كوم أمبو وهى الواقعة موضوع السبب الرابع للقرار- إلى ما تردد حول مسلك المطعون ضده بترك مفتاح شقته لزميله الذى اصطحب إليها هذه الفتاة التى لاكتها ألسن الأهالى ووصفتها بسوء السير والسلوك وذلك على مرأى ومسمع الجيران الملاصقين الذين وأن امتعضوا وتضرروا من ذلك إلا أنهم أثروا كتمانه حرصا على سمعة الفتاة ووالدها، وهو ما دعا مجلس التأديب إزاء ذلك إلى التوصية بإجراء تحقيق مع الضابطين وزميل ثالث لهما فى هذا الشأن والتصرف فيه بعد ذلك استقلالا..
ومن حيث انه فى ضوء ذلك فإن واقعة إطلاق المطعون ضده الشائعات حول سلوك أبنه المحامى المشار إليها تكون غير ثابتة إلا من مجرد اتهام والد الفتاة له بذلك وما قرره زميله المتهم بعلاقته بهذه الفتاة من أن المطعون ضده هو الذى أطلق هذه الشائعة وقد جاء ذلك فى معرض درء هذا الضابط مسئولية علاقته بهذه الفتاة عن نفسه، وليس فى الأوراق ما يشير إلى أن المطعون ضده حين ترك مفتاح شقته لزميله كان ذلك بقصد إيجاد وكر يجمعه وهذه الفتاة وإذا كان مجلس التأديب قد استنكر مسلك المطعون ضده وزميله بشأن استخدام شقة الأول فقد أوصى بإجراء تحقيق فى ذلك، وقد خلت الأوراق مما يفيد أن هذه التوصية قد نفذت ولم تشر جهة الإدارة الطاعنة إلى إجراء مثل هذا التحقيق. وبذلك تكون الأوراق قد خلت من الدليل عما نسب إلى المطعون ضده من مسلك بشأن هذه الفتاة، ولا يرقى ما تردد حول هذه الواقعة من مجرد أقوال إلى أن يكون سببا لقرار بإحالة المطعون ضده إلى الاحتياط.
أما السبب الرابع للقرار وهو محاولة المطعون ضده الاعتداء جنسيا على أحد المجندين بمركز كوم أمبو وإجباره على تناول الخمر وإحالته إلى مجلس التأديب عن هذه الواقعة، فقد قرر مجلس التأديب الاستئنافى لضباط الشرطة المنعقدة بتاريخ 10/1/1988 براءة المطعون ضده من هذه التهمة، وهذا القرار بمثابة حكم تأديبي نهائى يجب احترامه، خاصة وأنه قد بنى على أسباب سليمة لتناقض أقوال المجنى عليه بشأنه فضلا عن عدم تصور حدوث الواقعة على النحو الذى رواها به المجنى عليه طبقا لما ورد بأسباب هذا القرار التأديبي.
وبذلك يتخلف السبب الرابع للقرار المطعون فيه.
وأخيرا فإن ما نسب إلى المطعون ضده من إدمان تعاطى الحقن المهبطة المحظورة تداولها فإن هذا الاتهام لا سند له إلا مجرد تحريات نفاها المطعون ضده، ومن ثم تكون هذه التهمة بدورها غير ثابتة فى جانب المطعون ضده ولا تصلح أن تكون سببا للقرار المطعون فيه.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم فإن الأسباب التى قام عليها القرار المطعون فيه تكون قد تخلفت ولا تصلح أن تكون سببا كافيا له المر الذى يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر فاقدا ركن السبب واجب الإلغاء وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد جاء سليما مطابقا للقانون، وتكون أسباب الطعن التى ساقتها الجهة الإدارية قد قصرت عن أن تنال من هذا الحكم الواجب تأييده.ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته طبقا للمادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في القائمة البريدية