طعن رقم 1903 لسنة 36 بتاريخ 14/11/1992 الدائرة الرابعة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/حنا ناشد مينا ( نائب رئيس مجلس الدولة ) وعضوية السادة الأساتذة / محمد عزت السيد إبراهيم و محمد أبو الوفا عبد المتعال وعلى فكرى صالح وسعيد أحمد برغش. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم الإثنين الموافق 23/4/1990 أودع الأستاذ /عبد الواحد عبد الموجود السحت المحامى، وكيل الطاعن – قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1903/36 ق – فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 25/2/1990 فى الطعن رقم 265/36 ق والذى قضى أولا بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى، لرفعه على غير ذى صفة – ثانيا بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وطلب الطاعن، للأسباب المبينة فى تقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 326 لسنة 1988 الصادر من المطعون ضده الثانى بتحميل الطاعن بمبلغ 3095.432 جنيها.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما، قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى، ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار رقم 326 لسنة 988 1 الصادر بتحميل الطاعن بمبلغ 3095.432 جنيها وما يهترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 13/5/1992 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لم (دائرة رابعة) التي نظرته بجلسة 6/6/1992 والجلسات التالية إلى أن قررت بجلسة 24/10/1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، تتلخص – حسبما يبين من الأوراق — فى أن الجهاز المركزى للمحاسبات – فرع الدقهلية، قام بفحص المبالغ المنصرفة على ذمة تنفيذ مدرسة كفر البرامون الإبتدائية المعتمد لها مبلغ 28000 جنيه، من الخطة الاستثمارية للعام المالى 84/1985 بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية ومبلغ 4350.750 جنيه تم جمعها كتبرعات من الأهالى – وتضمن تقرير الفحص – وجود مخالفات ظهرت عند مراجعة مستندات الصرف على العملية، وطلب إجراء تحقيق لتحديد المسئولية عن تلك المخالفات التى ترتب عليها صرف مبالغ للمقاول بدون وجه حق، والاستيلاء على قيمة مواد بناء، وبناء على ذلك أجرت الشئون القانونية تحقيقا فى الموضوع، وانتهت إلى إحالة الموضوع إلي النيابة الإدارية التي باشرت التحقيق وانتهت إلى إقامة الدعوى التأديبية رقم 449/15 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة ضد الطاعن لمحاكمته عما نسب إليه، من أنه وآخرين بصفتهم أعضاء لجنة حصر كميات الحفر والخرسانة العادية لمدرسة البرامون الإبتدائية قاموا بتحرير محاضر أثبتوا بها على خلاف الحقيقة كميات زيادة عن حجم الأعمال التى تصت على الطبيعة مما ترتب عليه صرف مبالغ بالزيادة للمقاول وأنه أستولى لنفسه بدون وجه حق على مواد بناء وبجلسة 27/12/1987 قضت المحكمة بمجازاة الطاعن بالخصم من أجره لمدة شهر عما ثبت فى حقه – وبناء على هذا الحكم أصدر المطعون ضده الثانى ( رئيس مجلس مدينة المنصورة ) القرار رقم 326 لسنة 1988 فى 17/3/1988 بتحصيل المبالغ المبينة به من الطاعن وآخرين بعد قيدها ديون ومطلوبات.
وبتاريخ 29/8/1988 أقام الطاعن الدعوى رقم 265/16 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة طالبا إلغاء القرار المشار إليه فيما تضمنه من توقيع الحجز الإدارى عليه فى 31/7/1988 لتحصيل مبلغ 3095.432 جنيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 25/2/1990 قضت المحكمة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى (رئيس مركز مدينة المنصورة) لرفعها على غير ذى صفة، وثانيا : بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وأسست المحكمة قضاءها على ثبوت مسئولية الطاعن وآخر عن قيامه وآخر بصرف مبلغ 468.732 جنيه وكذلك مسئوليته عن العجز فى الحديد والأسمنت والتى بلغت قيمته 2627.700 جنيه وذلك على النحو الثابت بالحكم الصادر فى الدعوى التأديبية رقم 449/15 ق بجلسة 27/12/1987.
وبجلسة 25/7/1992 وأثناء نظر الطعن قدم الحاضر عن الطاعن حافظة مستندات طويت على نسخة من القرار رقم 264 لسنة 1992 بتاريخ 25/12/1992 تضمنت تعديل القرار رقم 326/1988 والمطعون عليه وإعادة قيد قيمة العجز على نحو جديد يفيد مبلغ 39.714 جنيه مضافا إليها 10% مصاريف إدارية طرف الطاعن وآخر (أ) بالتضامن والتساوى – وكذلك قيد مبلغ 990.473 جنيه مضافا إليها 10% مصاريف إدارية طرف كل من الطاعن وآخر (ب) بالتضامن والتساوى قيمة العجز فى الحديد والأسمنت.
ومن حيث إن الطعن على الحكم أقيم علي سببين :
أولهما : أن الحكم أخطأ فى قضائه بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى بالمخالفة لنص المادة ا لأولى والرابعة من قانون الحكم المحلى رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50/1981.
ثانيهما : أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وما أستقر عليه القضاء الإدارى فى شأن تحميل العاملين بالأضرار التى تترتب على أخطائهم وأنه لا يجوز للإدارة الرجوع عليهم إلا إذا أتسم الخطأ بالطابع الشخصى وهو ما لم يتوافر فى حق الطاعن.
حيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن بشأن صفة المطعون ضده الثانى رئيس مجلس مدينة المنصورة فإنه وإن كانت المادتين الأولى والرابعة من القانون رقم 43/1979 المعدلة بالقانون رقم 50/1981 بشأن قانون الحكم المحلى قد نصت على أن وحدات الحكم المحلى هى المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية، وأن يمثل المحافظة محافظها كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلى الأخرى رئيسها أمام القضاء وفى مواجهة الغير، وأن مقتضى ذلك أن رئيس مجلس مدينة المنصورة، هو الذى يمثل مجلس المدينة أمام القضاء فى الدعاوى التي ترفع منه أو عليه، إلا أن مناط تطبيق هذا النص أن تكون المنازعة القضائية مرفوعة من أو على رئيس مجلس المدينة بصفته هذه بأن يكون مجلس المدينة هو الطرف الأصلى فى النزاع، أما إذا كان موضوع المنازعة القضائية قرارا إداريا صادرا من رئيس مجلس مدينة المنصورة، لا بصفته هذه، ولكن بصفته نائبا مفوضا في اختصاصات المحافظ فإن القرار يعتبر صادرا فى الحقيقة من المحافظ – صاحب الاختصاص الأصيل فى إصدار القرار، وأن صدوره من رئيس مجلس المدينة كان بناء على التفويض الصادر له بذلك من المحافظ وفقا للقرارات الصادرة بتنظيم العمل فى المحافظة والوحدات المحلية التابعة لها، وإذ صدر القرار المطعون فيه رقم 326/1988 من رئيس مجلس مدينة المنصورة، ومن بعدد القرار المعدل له رقم 264/1992 فى 25/2/1992، بناء على التفويض الصادر له من المحافظ بالقرار رقم 1985/36 بشأن تفويضه فى بعض الاختصاصات فإن القرارين يكونا صادرين من رئيس مجلس مدينة المنصورة كنائب ومفوض من المحافظ فى هذا الشأن ومن ثم يكون المحافظ هو صاحب الصفة فى هذا النزاع والذى يجب أن يختصم فى الدعوى المتعلقة به وليس رئيس مجلس المدينة ومن ثم يكون صحيحا ض القانون ما قضى ب الحكم المطعون فيه من عدم قبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس المدينة لرفعها على غير ذى صفة ويكون الطعن عليه لهذا السبب فى غير محله ومتعينا رفضه.
وحيث إنه على السبب الثانى من أسباب الطعن من أن الحكم المطعون عليه أيد القرار الصادر بتحميل الطاعن قيمة الأضرار التى لحقت بالجهة الإدارية على أساس ثبوت الخطأ والإهمال الذى ترتب عليه هذا الضرر للجهة التابع لها وتوافر علاقة السببية بينهما – رغم أن ما نسب إلى الطاعن لا يعتبر خطأ شخصيا – فإن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أساس ثبوت مسئولية الطاعن عما نسب إليه من خطأ أو إهمال – بموجب الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية رقم 49/15 ق بجلسة 27/12/1987 من قيامه وآخر بصرف مبلغ 467.732 جنيه بالزيادة للمقاول لتحريره مع أعضاء لجنة حصر كميات الحفر والخرسانة العادية لمدرسة كفر البرامون الإبتدائية – محاضرا أثبتوا بها على خلاف الحقيقة كميات بالزيادة عن حجم الأعمال التى تمت على الطبيعة وكذلك مسئوليته عن العجز فى الحديد والأسمنت.
وحيث إنه وفقا لنص المادة 78 من القانون رقم 47/1978 وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن العامل لا يساءل فى ماله الخاص إلا عن الخطأ الشخصى وأن الخطأ يعتبر كذلك إذا تبين أن الموظف لا يعمل للصالح العام أو كان مدفوعا بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيما حتى ولو لم يصل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات ومن باب أولى إذ ا دخل الخطأ المنسوب للموظف نطاق التجريم الجنائى، ففى مثل هذه الحالات يعتبر خطأ الموظف من الأخطاء الشخصية ويسأل عنها فى ماله الخاص ويحق للجهة الإدارية اقتضاء قيمة ما لحقها من أضرار بسبب هذا الخطأ.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت – من الأوراق ومن الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية رقم 449/15 ق – على النحو السابق الإشارة إليه، أن ما نسب إلى الطاعن وثبت فى حقه وتسبب فى إلحاق الضرر للجهة الإدارية يعتبر خطأ جسيما لإثباته فى المخالفة الأولى كميات على خلاف الحقيقة – مما يعد تزويرا يعاقب عليه القانون، وفى المخالفة الثانية، وجود عجز فى كميات الحديد والأسمنت الخاص أعترف أنه تسلمها ولم يقدم الدليل على أنه سلمها كاملة للقائمين على التنفيذ واستخدامها فى عملية بناء المدرسة وفى ذلك خطأ جسيم يعد منه خطأ شخصيا يسأل بسببه عن قيمة العجز فى ماله الخاص ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعن إلغاء القرار الصادر بتحميله قيمة الأضرار التى لحقت بجهة الإدارة بسبب خطأ الطاعن الذى يعتبر خطأ جسيما وإن لم يصف الحكم الإهمال الذى صدر من الطاعن بالإهمال الجسيم – إلا أنه وصل إلى نتيجة صحيحة قانونا متفق مع جسامة الخطأ وطبيعته كخطأ شخصى ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن فى غير محله متعينا رفضه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ