طعن رقم 1904 لسنة 36 بتاريخ 20/07/1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة / محمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجى.
المستشارين
إجراءات الطعن
بتاريخ 23 ابريل سنة 1990 أودع الأستاذ / رجب محمد سلمان المحامى ، بصفته وكيلا عن السيد / ………………….قلم كتاب المحكمة الادارية العليا ، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1904/36 ق عليا ضد وزير الداخلية ومدير عام مصلحة الأدلة الجنائية ومدير أمن محافظة المنوفية ، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 27/2/1990 فى الدعوى رقم 245/44 ق التى كانت مقامه من الطاعن ضد المطعون ضدهم ، والذى قضى بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وباحالتها فى المحكمة الادارية بطنطا.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فى كامل اجزائه ومنطوقه والحكم بطلبات الطاعن المبينة بصحيفة الطعن وإعادة القضية لنظرها مجددا أمام احدى دوائر محكمة القضاء الادارى بالقاهرة والزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وأودع السيد الأستاذ المستشار / على رضا مفوض الدولة لدى المحكمة تقريرا مسببا بالرأى القانونى لهيئة مفوضى الدولة أرتأى فيه لاسبابه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى وبإعادتها إليها لتقضى فى موضوعها ، مع ابقاء الفصل فى المصروفات وعرض الطعن على دائره فحص الطعون فقررت احالته إلى هذه المحكمة.
حيث عينت أمامها جلسة 18/5/1991 وتداولت المحكمة نظره بها وبالجلسة التالية : واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوى الشأن ، على النحو الثابت المحضر ، وقررت اصدار الحكم فيه بجلسة 29/6/1991 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 20/7/1991 لاتمام المداولة وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمدوالة.
ومن حيث أن الطاعن قد أقام هذا الطعن مختصما وزير الداخلية ومدير مصلحة الأدلة الجنائية ومحافظ المنوفية ، من حيث أن وزير الداخلية هو الرئيس الإدارى الأعلى لوزارة الداخلية وفقا لصريح ما نصت عليه المادة (157) من الدستور من أن الوزير هو الرئيس الإدارى الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياسة الوزارة فى حدود السياسة العامة للدولة ، ويقوم بتنفيذها ، ومن ثم فأنه إذا اختصم ولا يوجد قانونا أية شخصية اعتبارية مستقلة لمصلحة الأدلة الجنائية عن الوزارة التى يمثلها الوزير فلا محل لاختصامها ،وحيث أنه لم ينص فى قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية على أن تتولى المحليات مستقلة عن الإدارة المركزية أمر البت والفحص والتقرير لصحف الأحوال الجنائية للمواطنين الذين يقيمون فى دائرتها وإنما تقوم بذلك فروع المصلحة المذكورة بالمحافظات ، تابعة وخاضعة لوزير الداخلية فمن ثم لا يكون ثمة سند من القانون لاختصام غير الوزير فى هذا الطعن أو فى المنازعة المتعلقة به على نحو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فى المنازعات المماثلة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة لنظره فيما يتعلق بوزير الداخلية وحده .
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراقها ، تتحصل فى أنه بتاريخ16/10/1989 أقام السيد ………………الدعوى رقم 245/44 أمام محكمة القضاء الإدارى ، وطلب فى ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من المطعون ضده الثانى بشأن الطاعن الذى قرر بادراج بيانات عن حكم مزعوم صار من الجناية رقم 10690 لسنة 1959 جنايات الوايلى المقيدة برقم 1101 لسنة 1960 كلى شمال القاهرة وبرقم 611 لسنة 1959 أمن دولة عليا من صدور الحكم ، قال شارحا دعواه أنه بتاريخ 26/9/1989 وبعد فوات 14 عاما من صدور الحكم ، قال شارحا دعواه انه بتاريخ 2/11/1988 تقدم بطلب ترشيح نفسه لشغل منصب العمدة ، بناحية المنشاة الجديدة مركز الباجور محافظة المنوفية وقبل طلبه ، إلا أن منافسه طعن على قبول أوراقه أمام المحكمة الإدارية بطنطا بموجب الطعن رقم 638/17 ق الذى لا زال متداولا بالجلسات ،واستنادا إلى أن الطاعن لا يتمتع بحسن السمعة لاتهامه فى جناية مخلة بالشرف والأمانة ، كما تقدم منافسه إلى مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية بشكوى مفادها أن المدعى قدم ضمن أوراقه الخاصة بالترشيح لمنصب العمدية فى القضية رقم 10960 لسنة 1959 جنايات الوايلى بالسجن لمدة ثلاث سنوات ورد مبلغ 2258 جنيه وغرامة مماثلة ولم يتم تنفيذ الحكم لعدم القبض عليه ، وانتهى أمر تلك الشكوى إلى صدور القرار المطعون فيه وبجلسة 27/2/1990 صدر الحكم الطعين على أسباب محصلها أن حقيقة ما يطلبه المدعى هو الحكم بوقف تنفيذ والغاء القرار الصادر بادراج سابقة الحكم عليه فى جناية بصحفية الحالة الجنائية للمذكور ، المقدمة ضمن مستنداته اللازمة للترشيح لمنصب العمدية ، وما يترتب على ذلك من آثار ، الأمر الذى يتعلق بتعلله بتعيينه بوظيفة عمده ، المعادلة للمستوى الوظيفى الثالث مما تختص المحكمة الإدارية بالفصل فيه طبقا للمادة 14 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث أنه مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله واستنادا إلى أنه ليس المقصود بهذه الدعوى التصدى لوظيفة العمدية ، وأن حقيقة النزاع هى الطعن على قرار إدارى نهائى صادر من جهة إدارية هى مصلحة الأدلة الجنائية ، بادراج بيانات الحكم الجنائى سالف البيان فى صحيفة الحالة الجنائية للطاعن ، على غير صحيح الواقع والقانون.
ومن حيث أنه يتعين الإشارة – ابتداء – إلى أنه ولئن كان ادراج بيانات صحيفة الحالة الجنائية بمعرفة الجهة الإدارية المختصة ، لا تقوم على أساس من السلطة التقديرية التى تباشرها الجهة الإدارية المختصة فى تحديد ما تدرجه وما لا تدرجه فى هذه الصحيفة ، وإنما تلتزم الجهة الإدارية المختصة بادراج بيانات صحيفة الحالة الجنائية وفقا لما يحدده القانون وفى الشكل الذى رسمه مع اللوائح ، إذ لا يعدوا عملها أن يكون التنفيذ له باعتبار ذلك عملا ماديا تنفيذا لما يقضى به القانون ، دون اراده ولا تقدير لهذه الجهة الإدارية المختصة فى اتخاذه أو عدم اتخاذه ومن ثم فإن المنازعة الماثلة وأيا كان الرأى فى مدى انتفاء القرار الإدارى فيها لا يمكن أن تخرج عن كونها منازعة من المنازعات الإدارية التى يدور النزاع فيها حول مدى صحة الوقائع التى تدرج فى صحيفة الحالة الجنائية ومدى سلامة تطبيق القانون الذى يستمد المواطن حقه بشأن ما يدرج من الوقائع الجنائية اللصيقة بحالته كفرد وكإنسان من القانون مباشرة وليس التى تندرج فى عموم الولاية المخولة لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بمقتضى المادة 172 من الدستور وكذلك البند الرابع عشر من المادة العاشرة من قانون تنظيم مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث أن المادة (13) من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أن تختص محكمة القضاء الإدارى بالفصل فى المسائل المنصوص عليها فى المادة (10) عدا ما تختص به المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية ، كما تختص بالطعون وبالفصل فى الطعون التى ترفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية ….. وتنص المادة 12 على أن تختص المحاكم الإدارية :
1 ) بالفصل فى طلبات الغاء القرارات المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا من المادة (10) متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثانى والمستوى الثالث ، ومن يعادلهم وفى طلبات التعويض.
2 ) بالفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لمن ذكروا فى البند السابق أو لورثتهم.
3 ) بالفصل فى المنازعات الواردة فى البند الحادى عشر من المادة (10) متى كانت قيمة المنازعة لا تجاوز خمسمائة جنيه (كما حددت المادة (15) من القانون اختصاص المحاكم التأديبية بالدعاوى والطعون التأديبية.
ومن حيث أن مفاد ما تقدم من مواد قانون مجلس الدولة المشار إليه أن محكمة القضاء الإدارى هى بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى لمجلس الدولة صاحبة الولاية العامة بسائر المنازعات التى انيط بمحاكم مجلس الدولة ولاية الفصل فيها بمقتضى المادة العاشرة والمادة (15) انيط بالمحاكم التأديبية.
ومن حيث أن مناط اختصاص المحكمة الإدارية بالمنازعة الراهنة أو عدم اختصاصها بها واندراجها فى الاختصاص المنوط بمحكمة القضاء الإدارى وفقا لأحكام قانون مجلس الدولة سالف الذكر هو بمدى تعلقها أو بعدم تعلقها بوظيفة العمدة ، التى تندرج جميع المنازعات المتعلقة بها فى اختصاص المحكمة الإدارية ، طبقا لنص المادة (14) من قانون مجلس الدولة المشار إليه.
ومن حيث أنه ولئن النزاع ابتداء أمام المحكمة الإدارية بمناسبة الطعن فى قبول أوراق الطاعن للترشيح لوظيفة العمدية لعدم استيفائه شروط حسن السمعة ، وتقدم منافسة بالشكوى إلى جهة الإدارة المختصة مما أسفر عن إدراج سابقتين فى صحيفة الحالة الجنائية للطاعن ومن ثم فإن هذه المنازعة فى مدى صحة ادراج السوابق فى صحيفة الحالة الجنائية للطاعن لا شك أنها تمثل مسألة أولية جوهرية فى المنازعة الخاصة بالترشيح فى العمدية ، والأصل أن المحكمة المختصة بموضوع الدعوى تختص بصفة عامة بالفصل فى المنازعات الأولية المرتبطة بها ارتباطا لا يقبل التجزئة إذ كان هذا النزاع غير جوهرى ولا يتعلق بوجود أو نشوء المركز القانونى الذى يمثل المنازعة الأولى ومدى انطباق ذلك مع حقيقة الواقع وصحيح حكم القانون ما لم تكن لتك المنازعة الأولية ذاتية خاصة تجعل ارتباطها بالمنازعة الأصلية ارتباطا غير مقصور على موضوعها بحيث تقوم المنازعة فى المسائل الأولية كمنازعة إدارية مستقلة لما لها من كيان ذاتى يؤثر بذاته مستقلا عن أية منازعة أخرى فى تحديد عدد من المراكز القانونية لمن تتصل به المنازعة أو لغيره من ذوى الشأن ولا يكون ثمة شك أو جدل فى هذه الكينونة الذاتية المستمدة للمنازعة الأولية أن تشكل بحسب موضوعا وأسبابها موضوعها لاختصاص محدد لمحكمة أخرى داخل نطاق محاكم مجلس الدولة والقضاء الإدارى وبصفة خاصة إذا كان هذا الاختصاص قد انيط بمحكمة أخرى من محاكم مجلس الدولة أعلى درجة من تلك التى تفصل فى النزاع الاصلى وتختص بنظره.
ومن حيث ان صحيفة الحالة الجنائية إنما تمس حالة الشخص فيما يتعلق بأفعاله وسوابقه الجنائية وهى تمثل جانبا أساسيا من جوانب حالته كمواطن فى مواجهة الدولة وأجهزتها ، كما تعتبر مرآه لسمعته ، حسنا أو سوءا بحسب ما هو مدون بها وذلك فى شتى مجالات حياته وممارسته لحقوقه العامة والخاصة فى المجتمع فهى واجبة التقديم للجهة الإدارة المختصة الترشيح لوظيفة ما أو لعضوية مجلس الشعب او لأحد المجالس المحلية أو للحصول على ترخيص بحمل سلاح ،أو بغير ذلك من مجالات الحياة التى لا تقع تحت حصر ،ومن ثم بصحيفة الحالة الجنائية المتعلقة بحالة الفرد الجنائية كمواطن بين غيره من المصريين أم تعلقها فى المنازعة الراهنة بحالته بمناسبة الترشيح لوظيفة العمدية ، فهو تعلق ليس مقصورا على الترشيح للعمدية لما للمنازعة فى الحالة الجنائية من ذاتية وكينونة تتعلق بالحالة الجنائية للمواطن التى يقوم عليها تحديد المراكز القانونية الذاتية له طوال حياته فضلا عن أن هذه المنازعة التى تندرج فى اختصاص محكمة القضاء الإدارى عملا بنص المادتين (10) ، (13) من قانون مجلس الدولة المشار إليه وهى محكمة استئنافية بالنسبة للمحاكم الإدارية فيما تختص به من منازعات وفقا للقانون رقم 47 لسنة 72 م (13) من القانون ، وإذ انتهى قضاء الحكم الطعين إلى غير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ، مما يتعين معه القضاء بالغائه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فى موضوعها وحيث أن الحكم فى الاختصاص لا ينهى الخصومة ومن ثم فإنه يتعين ابقاء الفصل فى المصروفات ،عملا بأحكام المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ضد وزير الداخلية وحده ، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ، واختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى وأمرت باعادتها إليها للفصل فى موضوعها بهيئة أخرى ، وأبقت الفصل فى المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ