طعن رقم 1904 لسنة 38 بتاريخ 07/05/1995 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
طعن رقم 1904 لسنة 38 بتاريخ 07/05/1995 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد معروف محمد. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة: عبدالقادر هاشم النشار والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم. رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 28/5/1992 أودع الأستاذ/.
……… المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1904 لسنة 38 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات في الدعوى رقم 51 لسنة 45 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/12/1993 وتداولت نظره بالجلسات وبجلسة 4/4/1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 26/5/1994 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 25/12/1994 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 26/2/1995 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/3/1995 ثم لجلسة اليوم 7/5/1995 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 4/10/1990 أقام الطاعنون الدعوى رقم 51 لسنة 45ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات طالبين في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه المستفاد من تأشيرة محافظ الغربية المؤرخة 6/1/1990 وتأشيرته المؤرخة 22/7/1990 وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم أنهم يمتلكون قطعة الأرض رقم 42/35 بحوض الدرية والميد الغربى رقم (1) قسم أول طنطا والبالغ مساحتها 1 س 11 ط، 1ف يخص المدعون منها 15/16، وبتاريخ 30/10/1976 أصدر محافظ الغربية القرار رقم 602 لسنة 1976 والمعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 28/3/1982 باعتماد خطوط التنظيم بالمنطقة الواقعة بها تلك الأرض ونصت المادة الأولى منه على أن تعتمد التعديلات الخاصة بخطوط التنظيم وكذلك رسومات التنظيم التى ألغيت بالمنطقة المحصورة بين طريق المعاهدة القديم وشارع الإمام الشافعى وشارع الأسكندرية وامتداد شارع محمد سعيد المغربى طبقاً للرسم المعتمد منا وكانت قطعة الأرض رقم 42 سالفة الذكر من بين الأراضى التى شملها القرار المذكور ورسم التنظيم الملحق به المعتمد من محافظ الغربية وأدى تنفيذ هذا القرار طبقاً للرسم الملحق به إلى استيلاء محافظ الغربية على أجزاء من قطعة الأرض رقم 42 وذلك لتخصيصها للمنفعة العامة كأجزاء من الشوارع المستجدة وفقاً لخطوط التنظيم المحددة لتلك الشوارع والمبينة بالرسم الملحق بالقرار رقم 602 لسنة 1976 وكان من بين الشوارع المستجدة المتداخلة في أرض الملاك سالف الذكر شارع أحمد كمال بعرض عشرة أمتار ويمتد من الجهة الشرقية إلى الجهة الغربية بطول قطعة الأرض رقم 42 والبالغ طولها 365 متراً تقريباً وتم الاستيلاء عليها من أجل إنشاء هذا الشارع وفقاً لخط التنظيم المبين بالرسم الملحق بقرار محافظ الغربية رقم 602 لسنة 1976 وقام بعض أصحاب الأراضى الواقعة ضمن القطعة 40، 41 بالحصول على تراخيص بالبناء فيها خلال المدة من 84 حتى 1987 وتجاوزا بمبانيهم خط التنظيم البحرى من شارع أحمد كمال الذى يفصل بين القطعتين 40، 41، 42 وذلك بإقامة المبانى متجاوزة خط التنظيم بمساحة مترين تقريباً مما دعى مورث المدعين من الثالثة حتى الخامسة إلى تقديم شكوى بتاريخ 15/7/1985 إلى النيابة الإدارية ضد الإدارة الهندسية بطنطا، وبتاريخ 29/7/1989م حصل المدعى الأول على الترخيص رقم 48/1 لسنة 1989 ببناء دورين على قطعة الأرض الواقعة بناحية شارعى أحمد كمال وجمال عبد الناصر في أقصى الجهة الغربية من القطعة رقم 42 وقامت لجنة التنظيم المختصة بالانتقال بتاريخ 26/7/1989 إلى موقع الأرض المرخص بالبناء عليها وحددت خط التنظيم بعلامات ظاهرة وواضحة حسبما جاء بمحضر خط التنظيم وتقدم بعض جيران الناحية البحرية للأرض المرخص للمدعى الأول بالبناء عليها بشكوى إلى محافظ الغربية وإلى النيابة الإدارية ادعوا فيها أنه تجاوز خطوط التنظيم، ولما علم المدعى الأول بذلك تقدم بشكوى بتاريخ 2/10/1989 تناول فيها الرد على هذه الشكاوى وأنه لم يحدث تجاوز في تحديد خط التنظيم، وبتاريخ 3/1/1990 انتقلت إلى موقع الأرض لجنة من مدير عام ورئيس الفنيين بالمراجعة ومساعد مدير تنظيم حى طنطا ومهندس من مكتب التخطيط وقامت بتحديد الحد القبلى لشارع أحمد كمال وطبقاً للأورنيك المعتمد من مجلس مدينة طنطا بالرسم المرفق بقرار محافظ الغربية رقم 602 لسنة 1976 وحررت محضراً بذلك بتاريخ 3/1/1990 ثم تقدم بعض أصحاب الأراضى “ القطعة رقم 40، 41” بتاريخ 6/1/1990 بشكوى إلى محافظ الغربية وانتهوا فيها إلى طلب الإبقاء على عرض الشارع عشرة أمتار حسب الرخص الممنوحة للبناء في الشارع، وبتاريخ 6/1/1990 ثم بتاريخ 22/7/1990 تأشر من المحافظ باستمرار عرض شارع أحمد كمال بمسافة عشرة أمتار وأنه لما كانت هاتين التأشيرتين قراراً إدارياً فإن المدعين يطعنون عليه للأسباب الآتية:
أولاً: خالف القرار المطعون فيه القانون إذ لم يسبق صدوره موافقة الوحدة المحلية المختصة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976، ثانياً: أن القرار المذكور قد استند إلى ما جاء بكتاب السكرتير العام المساعد والذى جاء حافلاً بالبيانات غير الصحيحة، ثالثاً: أن الثابت من تحقيقات النيابة الإدارية في القضية رقم 198 لسنة 1990 إدارية طنطا أن أصحاب المبانى الخارجة عن خط التنظيم البحرى قد تمكنوا من الإفلات من رفع الدعوى الجنائية ضدهم عن واقعة إقامتهم مبانيهم خارج خط التنظيم والتى تشكل جنحة، فضلاً عن أن الملكية الخاصة مصونة بحكم الدستور والقانون وأن القرار تضمن تعديل خط التنظيم البحرى والقبلى بشارع أحمد كمال بمساحات تقتطع من قطعة الأرض رقم 42 المملوكة للمدعين، وأضاف المدعون أن تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه أضرار يتعذر تداركها.
وبجلسة 2/4/1992 صدر الحكم المطعون فيه والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أن التكييف القانونى الصحيح لطلبات المدعين هو أنهم يطلبون الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الغربية رقم 602 لسنة 1976 باعتماد خطوط التنظيم بالمنطقة المحصورة بين طريق المعاهدة القديم وشارع الإمام الشافعى وشارع الأسكندرية وامتداد شارع محمد سعيد مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، وفى مقام استظهار ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ولما كان مفاد نص المادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 أن المشرع قد خول المحافظ سلطة اعتماد خطوط التنظيم للشوارع وذلك بعد موافقة المجلس المحلى أو الوحدة المحلية المختصة وحظر المشرع من وقت صدور القرار الخاص باعتماد خطوط التنظيم إجراء أية أعمال بناء أو تعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً وأنه إذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم فقد أجاز المشرع للوحدة المحلية المختصة بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها طبقاً لخط التنظيم الجديد سواء كان المرخص له قد بدأ في القيام بالأعمال المرخص بها أو لم يبدأ، وذلك بشرط تعويضه تعويضاً عادلاً. وأن البادى من ظاهر الأوراق أن محافظ الغربية قد أصدر قراره المطعون فيه باعتماد خطوط التنظيم بالمنطقة الواقع عليها قطعة الأرض ملك المدعين طبقاً للرسم المرفق بالقرار والذى ورد به تحديد عرض شارع أحمد كمال الذى يفصل بين أرض المدعين والقطعة رقم 41 ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون الأمر الذى يتخلف معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ مما يتعين معه الحكم برفضه دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه، ولا ينال من ذلك ما قرره المدعون من أن القرار صدر من غير مختص إذ أنه صدر من محافظ الغربية طبقاً للمادة (13) المشار إليها ولا ينال من ذلك أيضاً ما قرره المدعون من أنه لم يسبقه موافقة الوحدة المحلية بحى أول طنطا إذ إن الثابت من الأوراق أن هذا القرار قد صدر بناء على طلب الوحدة المحلية رقم 7311 والمشار إليه بصدر القرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أخطأ الحكم المطعون فيه في فهم الواقع في الدعوى حين انتهى إلى أن حقيقة طلبات المدعين في الدعوى هى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 602 لسنة 1976 في حين أن حقيقة طلبات المدعين في الدعوى تغاير ذلك تماماً حيث يتمسك المدعون في دعواهم بالقرار رقم 602 لسنة 1976 ولا يطعنون عليه بأى طعن وأنهم يطلبون وقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الغربية بتأشيرتيه في 6/1/1990، 22/7/1990 باعتبارها متضمنة في الحقيقة مكافأة المعتدين على ما أقاموه من مبانى مخالفة لخط التنظيم بارزة عن التنظيم من الجهة البحرية لشارع أحمد كمال مع تعويض المساحة التى اغتصبوها من هذا الشارع من الجهة المقابلة وهى القطعة رقم 42 ملك الطاعنين أى زحزحة الشارع داخل أراضى الطاعنين بمقدار التعديات في الناحية المقابلة وهو ما يعنى من وجهة نظر الطاعنين تعديلاً في خط التنظيم والاستيلاء من أرض الطاعنين على هذا الجزء بغير اتباع إجراءات نزع الملكية بالقانون رقم 577 لسنة 1954 وأنه إذا كان من حق المحكمة تكييف طلبات الطاعنين تكييفاً يناقض المقصود منها ويخالف الثابت بالأوراق والمستندات وإلا عد ذلك قضاء بما لم يطلبه الخصوم وهو ما ينطبق على الدعوى الماثلة حيث يتمسك الطاعنون بالقرار رقم 602 لسنة 1976 في حين كيفت المحكمة طلباتهم على أنها وقف تنفيذ ثم إلغاؤه.
ثانياً: قصور الحكم في تحصيل مستندات الطاعنين وبيان مضمونها ودلالتها رغم جوهريتها ومن شأن الإحاطة بها تغيير وجه الرأى في الدعوى ومن تلك المستندات صورة محضر اللجنة المؤرخ 3/1/1990 وصورة الرسم الذى قامت اللجنة المشتركة بإعداده بتاريخ 3/1/1990 والذى يحدد قطعة الأرض رقم 42 المملوكة للطاعنين ويحدد الجزء المقتطع منها من أجل إنشاء شارع أحمد كمال، كما يبين وجود مبانى متجاوزة لخط التنظيم البحرى لشارع أحمد كمال فضلاً عن صور لأوراق أخرى وهى ما أغفل عنها الحكم المطعون فيه رغم أهميتها وتأثيرها الحاسم في الدعوى.
ثالثاً: أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون حين قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه نتيجة خطئه في فهم الواقع في الدعوى وخطئه في تكييف طلبات الطاعنين والجنوح بها إلى ما يناقضها ويخالف الثابت بالأوراق وقصوره في تحصيل مستندات الطاعنين وبيان دلالتها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون – وعلى ما تقدم فالحكم المطعون فيه إذ اعتورته هذه الأخطاء فقد انهار من أساسه وانهارت تبعاً لذلك كافة النتائج التى رتبها الحكم، ويكرر الطاعنون القول بأنهم يطعنون على القرار المستفاد من تأشيرتى محافظ الغربية سالفتى البيان والذى قضى ضمناً بتعديل خطى التنظيم البحرى والقبلى لشارع أحمد كمال وينعى الطاعنون على هذا القرار أنه وإن كل الشارع قد أجاز للمحافظ تعديل خطوط التنظيم متى كان ذلك بغير دافع للتجاوز عن مخالفات خط التنظيم إلا أنه أوجب أيضاً اتباع إجراءات معينة قبل أن يصدر قراره بالتعديل وهذه الإجراءات تخلص في الحصول على موافقة الوحدة المحلية المختصة والحال في الطعن الماثل أن المحافظ لم يحصل على هذه الموافقة قبل إصداره القرار المطعون فيه، كذلك استند محافظ الغربية في تأشيرته المؤرخة 22/7/1990 المؤيدة لتأشيرته السابقة المؤرخة 6/1/1990 على عرض السكرتير العام المساعد للمحافظة من بيانات على المحافظ ضمنها كتابه المؤرخ 29/7/1990 وقد تضمن الكتاب المشار إليه ومن ثم العرض بيانات تخالف الواقع وعلى ذلك فقرار المحافظ المطعون عليه المستند إلى هذه البيانات قد صدر استناداً إلى سبب غير صحيح يبرر إصداره ومن ثم مشوباً بعيب مخالفة القانون، كما شاب القرار المطعون فيه عيب سوء استعمال السلطة والانحراف بها بمكافأة المعتدين على خط التنظيم من الناحية البحرية لشارع أحمد كمال بالتجاوز عن مخالفتهم لخط التنظيم على حساب مساحة من أرض الطاعنين ومن ثم يكون قراراً منعدماً، كذلك فإن الملكية مصونة لا تنزع إلا للمنفعة العامة وفى مقابل تعويض عادل وبالطريقة التى رسمها القانون وإذ انطوى القرار الطعين على اقتطاع أو نزع ملكية جزء من أرض الطاعنين بغير اتبع إجراءات نزع الملكية التى رسمها القانون رقم 577/1954 وبغير استهداف المنفعة العامة ومن ثم فهو قرار مخالف للدستور والقانون ومن ثم يتوافر فى طلب وقف تنفيذ القرار ركن الجدية وكذلك ركن الاستعجال لإصابة الطاعنين بأضرار بالغة يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم – أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها وأن تعطى الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح على هدى ما تستنبطه من واقع الحال فيها وملابساتها وذلك دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب، إلا أنها في تكييفها لهذه الطلبات لا ينبغى أن تصل إلى حد تعديل طلبات الخصوم بحسبان أن ثمة أصل آخر يلتزمه القضاء مفاده أن المدعى هو الذى يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء ولا تملك المحكمة من تلقاء نفسها أن تتعداها فإذا هى قضت بغير ما يطلبه الخصوم فإنها تكون بذلك قد تجاوزت حدود سلطتها ومن ثم يتعين على المحكمة أن تنزل على الطلبات في الدعوى التكييف الصحيح في ضوء ما استهدفه المدعى من وراء طلباته وبمراعاة أحكام التنظيم القانونى الذى يستند إليه في دعواه، ولما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم المطعون في حكمها على ما يبين من صحيفة افتتاح الدعوى بطلب وقف تنفيذ القرار المستفاد من تأشيرة محافظ الغربية المؤرخة 6/1/1990 وتأشيرته المؤرخة 22/7/1990 وفى الموضوع بإلغاء هذا القراء، وقد أورد المدعون في طلب الصحيفة أن تأشيرتى محافظ الغربية السالفتين تضمنتا قراراً إدارياً بالتجاوز عن مخالفات خط التنظيم البحرى والقبلى وتعديل خطى التنظيم البحرى والقبلى للشارع المذكور ونعى المدعون على القرار عيب مخالفة القانون ومخالفته الجسيمة لأحكام الدستور والقانون ومن ثم أقاموا دعواهم بوقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار ومن ثم فطلبات المدعين في الدعوى واضحة وصريحة ولا تحتاج من المحكمة أن تستظهر مراميها وقصد الخصوم منها إذ يهدف المدعون من دعواهم إلغاء تأشيرتى محافظ الغربية المؤرختين 6/1/1990، 22/7/1990 ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تبين صحيح الطلبات في الدعوى.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن مناط القضاء بوقف تنفيذ القرارات الإدارية وفقاً لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين أولهما ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب بحسب الظاهر قائماً على أسباب جدية يرجع معها إلغاء القرار، وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية وإذ تنص المادة (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 على أن يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من المحافظ بعد موافقة الوحدة المحلية المختصة ومع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، يحظر من وقت صدور القرار المشار إليه في الفقرة السابقة إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً، أما أعمال التدعيم لإزالة الخلل وكذلك أعمال البياض فيجوز القيام بها. وإذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم، جاز للوحدة المحلية المختصة بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد سواء كان المرخص له قد شرع في القيام بالأعمال المرخص بها أو لم يشرع وذلك بشرط تعويضه تعويضاً عادلاً. وتنص المادة (16) من ذات القانون على أن يصدر من المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار منه من ثلاثة من المهندسين المعارين والمدنيين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ممن لهم خبرة لا تقل عن عشرة سنوات قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها وذلك خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال المنصوص عليه في المادة السابقة.
.. وفى جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات وللمحافظ المختص أن يصدر قراره في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى”.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن اعتماد خطوط التنظيم للشوارع سواء ابتداء أو تعديلاً بقرار من المحافظ بعد موافقة الوحدة المحلية المختصة، وبعد اتباع الإجراءات المقررة في القانون المذكور ولائحته التنفيذية، وأن يكون خط التنظيم بعد تحديده وبيانه على الرسوم المعدة لذلك مودعاً بالوحدة المحلية المختصة كمستند ومرجع يتعين الرجوع إليه في مناسبة إصدار أى من تراخيص البناء الواقعة على خط التنظيم المشار إليه. وفى إطاره تجرى المعاينة التى أوجبها القانون لخط التنظيم وتضمينه الترخيص على النحو المقرر بالمادة السادسة من القانون المذكور، ومن ثم فإنه لا يتصور اعتماد خط تنظيم ما أو تعديله بمناسبة بحث شكوى أحد المواطنين من وجود مبانى مخالفة بل يتعين أن تستشعر جهة الإدارة المختصة مدى الحاجة إلى تعديل خط التنظيم المعتمد ووجه المصلحة العامة في هذا التعديل وتتخذ الخطوات اللازمة لذلك ثم تتم بعد ذلك موافقة الوحدة المحلية المختصة ويعتمد من المحافظ المختص، هذا بالإضافة إلى أن المشرع واعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 على خلاف التنظيم السابق في القانون رقم 106/1976 – قد نص فـى المـادة (16) سالفة البيان على أن يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة لخط التنظيم المعتمد ولا يجوز التجاوز عن هذه المخالفات ويجوز للمحافظ أن يصدر قراره في هذه الحالة دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة (16).
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق – وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الطعن – أنه بتاريخ 30/10/1976 أصدر محافظ الغربية القرار رقم 602 لسنة 1976 والمعمول به اعتباراً من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 28/3/1982 باعتماد خطوط التنظيم بالمنطقة الواقعة بها أرض الطاعنين وأدى تنفيذ هذا القرار طبقاً للرسم الملحق به إلى تخصيص أجزاء من قطعة الأرض رقم 42 ملك الطاعنين كأجزاء من الشوارع المستجدة ومن بين تلك الشوارع شارع أحمد كمال بعرض عشرة أمتار، وفى غضون عام 1985 تقدم المرحوم المستشار محمد سامى راغب بطلب لهيئة المساحة بطنطا لعمل محضر فصل حد في المسألة رقم 273 في 19/9/1985 وتم عمل المحضر ووضعت لجنة المساحة الحدائد الدالة على حدود الأرض من الناحية البحرية والقبلية، كذلك تم عمل محضرى حدود بتاريخ 11/8/1986 وبتاريخ 3/1/1990 ثم قدمت شكوى إلى النيابة الإدارية بطنطا من بعض الملاك بشارع أحمد كمال قيدت برقم 118 لسنة 1990 يتضررون فيها من المختصين بقسم التنظيم بحى أول طنطا من إجراء تعديل بعرض الشارع المذكور بالمخالفة لخط التنظيم والمحدد لعرض الشارع بعشرة أمتار – وقد قررت مديرة التنظيم بحى أول طنطا أمام النيابة الإدارية أن الفحص أسفر وفقاً لما انتهت إليه لجنة مديرية المساحة من أنه يوجد تعديات من ملاك المبانى المطلة على شارع أحمد كمال من الجهة البحرية وعددهم أربعة عشر مالكاً دون اتخاذ الإجراء اللازم بتحرير مخالفات وقف تنفيذ تلك المبانى لتعديهم على خط التنظيم، وأنه تم إعداد مذكرة للعرض على محافظ الغربية لإبداء الرأى في ضوء تأشيرة على شكوى ملاك الجهة البحرية بعبارة استمرار عرض الشارع عشرة أمتار طبقاً للتراخيص المنصرفة وما أسفرت عنه لجنة المساحة الأخيرة في عام 1989 من وجود تعديات من هؤلاء الملاك على خط التنظيم ولم ترد النتيجة، ونسبت النيابة الإدارية للمهندسين المختصين التغاضى عن اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تعديات المواطنين بالبناء على الجهة البحرية لشارع أحمد كمال بطنطا بالتعدى على خط التنظيم، والواقعة ثابتة قبلهما بما تضمنه كروكى تحديد خط التنظيم البحرى للشارع المشار إليه والمؤرخ 25/1/1990 والمعتمد بمعرفة إدارة التنظيم بحى أول طنطا استناداً إلى محضر المختصين بالمساحة والحى في تحديد خط التنظيم، وخلصت النيابة الإدارية في مذكرتها المؤرخة 31/3/1990 إلى أن الجهة الإدارية وشأنها في اتخاذ ما تراه مناسباً وفقاً للتعليمات في ضوء ما أسفرت عن التحقيقات من وجود تعديات على خط التنظيم من الجهة البحرية، وبتاريخ 10/2/1990 تحررت مذكرة من حى أول طنطا للعرض على محافظ الغربية تضمنت أن خطوط التنظيم لشارع أحمد كمال معتمدة برسم التنظيم أ-2 بقرار محافظ الغربية رقم 602 لسنة 1976 والذى تم بموجبه صرف تراخيص بأن عرض الشارع أمام المبانى 10م وذلك في الفترة من عام 1984 حتى عام 1987 وجميع التراخيص المنصرفة حتى ذلك الوقت تقع في جهة واحدة من الشارع وهى الجهة البحرية، وعندما تقدم ملاك الجهة القبلية بصرف تراخيص مبانى لهم عام 1989 وأثناء إعطائهم خطوط التنظيم اتضح أنه يوجد ترحيل من المبانى المقامة في الجهة البحرية مما يقلل من عرض الشارع في الجزء المحصور بين شارعى مصطفى كامل وجمال عبد الناصر مما أدى إلى تنازع بين ملاك الجهتين البحرية والقبلية للشارع وتقدموا بالعديد من الشكاوى، وتقدم ملاك الجهة القبلية إلى هيئة المساحة بطلب لتحديد الملكيات وكذلك الحد القبلى للشارع الذى يقع داخل أملاكهم وتأكد للجنة التى شكلت لهذا الغرض ترحيل المبانى المقامة بالجهة البحرية وذلك طبقاً للمحضر الموقع عليه من هيئة المساحة ومهندس حى أول طنطا وطبقاً للخرائط المعتمدة، وإذ تقدم ملاك الجهة البحرية وتفادياً لأى إجراء سيتم ضدهم من الحى بشكاوى تأشر على إحداها من المحافظ باستمرار المسافة المحددة بعرض الشارع المقام به المبانى طبقاً لما كان قائماً وقت الترخيص للشاكى بالبناء، تقدم ملاك الجهة القبلية من الشارع بشكاوى عديدة محتواها أنهم ملتزمون بخطوط التنظيم المعتمدة طبقاً للخرائط وطبقاً للملكيات المحددة بمعرفة المساحة، واقترح الحى على المحافظ استصدار قراراً بتعديل خط التنظيم لهذا الشارع وطبقاً للمبانى القائمة حالياً بناءً على الرسومات التى ستقدم إلى لجنة التخطيط العمرانى وعرضها على المحافظ لاستصدار القرار المطلوب، إلا أن السكرتير المساعد للمحافظ أعد كتاباً مؤرخاً 28/7/1990 رداً على مذكرة الحى سالفة الذكر بأنه بدراسة الموضوع بالأمانة الفنية للجنة التخطيط العمرانى تبين أن الجهة البحرية مكتملة المبانى والجهة القبلية معظمها ما زالت أرض فضاء وبها بعض المبانى القائمة ومحددة عرض الشارع أمامها بعشرة أمتار وأنه سبق أن تأشر من محافظ الغربية على شكوى المواطنين باستمرار المسافة المحددة بعرض الشارع المقام به المبانى طبقاً لما كان قائماً وقت الترخيص للشاكى بالبناء وأعيد العرض على المحافظ بتاريخ 22/7/1990 تأشر بالموافقة على استمرار المسافة المحددة بعرض الشارع المقام به المبانى طبقاً لما كان قائماً وقت الترخيص.
ومن حيث إن البين مما سبق أن مفاد قرارى محافظ الغربية المتمثلين في تأشيرتيه بتاريخ 6/1/1990، 22/7/1990 في حقيقتهما تجاوز عن مخالفات التعدى على خط التنظيم الواقعة من ملاك الجهة البحرية بشارع أحمد كمال في الجزء الذى تقع فيه أملاك الطاعنين، وتعديل خط التنظيم في هذا الجزء عما كان محددا بخط التنظيم المعتمد بقرار محافظ الغربية رقم 602 لسنة 1976، ولما كان القانون رقم 106 لسنة 1976 معدلاً بالقانون رقم 30/1983 قد حظر التجاوز عن المخالفات المتعلقة بالتعدى على خطوط التنظيم وأوجب على المحافظ إصدار قراره بالإزالة أو التصحيح وبغير العرض على اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة (16) من القانون المشار إليه، فضلاً عن أنه لا يبين من الأوراق أية موافقة من الوحدة المحلية المختصة على تعديل خط التعديل بعد اتباع الإجراءات التى حددها القانون ومن ثم يكون القرارين المشار إليهما قد خالفا القانون ومن ثم يتوافر لطلب وقف التنفيذ ركن الجدية فضلاً عن ركن الاستعجال المتمثل في المساس بأملاك الطاعنين ومنعهم من ممارسة حقوق الملكية عليها بالمخالفة للقانون ومن ثم يتعين وقف تنفيذ القرارين المشار إليهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فضلاً عن الخطأ في تكييف طلبات المدعيين وخروجه بها عن حقيقتها ومن ثم يكون قد خالف صحيح أحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ