طعن رقم 1914 لسنة 30 بتاريخ 09/03/1991 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
_______________________________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجى. المستشارين .
إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 12/5/1984 أودعت شركة المعادى للاسكان والتعمير قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 1875 لسنة 30ق ، كما أنه فى يوم الاثنين الموافق 14/5/1984 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن محافظة القاهرة بصفته تقرير الطعن رقم 1914 لسنة 30ق وذلك طعنا من كل منهما فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 15/3/1984 فى الدعوى رقم 1681 لسنة 38 ق وذلك فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من محافظة القاهرة بإزالة تعديات المطعون ضده وآخرين الواقعة على أرض مملوكة للدولة المعروفة بعزبة خير الله بمنطقة دار السلام ، وطلب للأسباب التى ساقها كل منهما فى طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغائه مع القضاء برفض الدعوى والزام المطعون ضدهما بالمصروفات ، ونظرا لإرتباط الطعنين وقيامهما على الطعن فى حكم واحد توصلا إلى إلغائه والقضاء برفض دعوى الطاعنين ، لذلك فقد أودع السيد الأستاذ المستشار يحيى نجم مفوض الدولة تقريرا مسببا برأى هيئة مفوضى الدولة القانونى فى الطعنين والذى خلصت فى ختامه إلى أنها ترى الحكم:أولا بعدم قبول الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق المقام من شركة المعادى للتنمية والتعمير مع الزامها بالمصروفات ثانيا:فى الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق المقام من محافظ القاهرة برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع الزام الجهة الإدارية بالمصروفات ، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16/6/1986 ، وقد نظرت الدعوى فى هذه الجلسة وقررت الدائرة ضم الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق إلى الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق ليصدر فيهما حكما واحدا ، وتدوول الطعنان أمام الدائرة ليقوم الطاعنان باعلان المطعون ضدهما اعلانا صحيحا، وإذ لم ينفذ الطاعنان قرار المحكمة حتى جلسة 4/5/1987 لذلك فقد حكمت المحكمة بجلسة 18/5/1988 بوقف الدعوى لمدة ستة أشهر إعمالا لحكم المادة 93 من قانون المرافعات وقد تم تعجيل الطعنين لجلسة 18/1/1988 واستمر تداول الطعنين أمام الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبتاريخ 10/1/1990 قامت الشركة الطاعنة باعلان المطعون ضدهم فى الطعن رقم 1875 لسنة .ق بعريضة تدخل انضمامى خلصت فى ختامها إلى طلب قبولها خصما منضما للجهة الإدارية الطاعنة فى الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق ، وجلسة 25/7/1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات ) التى حددت لنظره جلسة 27/10/1990 ، وقد نظر الطعنان أمام هذه المحكمة فى هذه الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة 1/12/1990 وفى هذه الجلسة أعيدت الدعوى للمرافعة لمناقشة أطراف الخصومة وتقديم بيانات ومستندات ، وتدوول الطعنان أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 23/2/1991 ، وفى هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 9/3/1991 ، وقد صدر الحكم فيها أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة .
من حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدهما ………و ……… سبق لهما أن أقاما الدعوى رقم 1681 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإدارى وطلبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء القرار وباعتباره عديم الأثر وكأن لم يكن ، وقال المدعى عليها الثانية شركة المعادى للاسكان والتعمير قرارا يقضى بتسليم الارض المملوكة للدولة المعروفة بعزبة خير الله بمنطقة دار السلام التى يقيم فيها المدعيان وذلك مع هدم ما عليها من منشآت ومبان ويبلغ عددها ما يقارب عشرين ألف مسكن ويقطن بها ما يقرب من خمسين الف نسمة ، ولما كان هذا القرار قد صدر معيبا فأنهما يطعنان عليه للاسباب الآتية :
1 – أن القرار يمس آلاف الكادحين الذين أقاموا مساكنهم من أموالهم الخاصة من عشرات السنين ويقيمون فيها بالكاد بما يحفظ كرامتهم ويلم شملهم .
2 – أن المحافظة التى تقوم بالهدم والتشريد سبق لها أن أصدرت قرارا يحمى حيازة هذه الجموع لمبانيهم التى شيدوها على أرض الدولة ، وهو القرار رقم 892 بتاريخ 23/5/1970 الذى قرر عدم إزاله أية تعديات على أرض الدولة إكتفاء بالحصر وتحصيل رسم انتفاع من الشاغلين ونسبة 5% عن المدد السابقة .
3 – سبق للمحافظة أن أصدرت القرار رقم 53 فى 29/5/1973 بالموافقة على بيع مثل تلك الأرض للأفراد طالما أقيمت عليها مبان تشغلها أرواح ، وذلك بثمن مقداره 7 جنيهات للمتر ، وقد تم تنفيذ هذا القرار فى مناطق أخرى بعزبة دسوقى المجاورة لعزة المدعيين وعزبة ناصر ومنطقة ترب اليهود من ذات منطقة عزبة المدعيين .
4 – أن قرار الإزالة والتشريد المطعون فيه ولد معدوما لإنتقاده شرط المصلحة العامة اللازمة لإصدار مثل هذا القرار ، اذ لا يعقل أن يتم تشريد عشرات الآلاف من الأرواح وهدم عشرات الألوف من المنازل بما يتناقض مع سياسة الدولة فى التعمير ، وذلك فى سبيل إرضاء شركة لتقسيم الأراضى أو مشروع استثمارى ، وفى عهد سيادة القانون فإن حماية أعراض النساء وأرواح الأطفال أولى من فكرة عابرة جاشت بفكرة من أصدر القرار ، وقد أودع المدعيان حافظة مستندات أوردها الحكم المطعون فيه تفصيلا بينما لم تقدم جهة الإدارة المدعى عليها ثمة دفع أو دفاع فى الدعوى .
ومن حيث إنه بجلسة 15/3/1984 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه قاضيا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وأقامت المحكمة حكمها على اسباب حاصلها أنه وإن كان من المسلم قانونا طبقا لأحكام المادة 970 من القانون المدنى ولأحكام قانون نظام الحكم المحلى رقم 43 لسنة 1979 أن للجهة الإدارية حق إزالة ما يقع من تعديات على أملاك الدولة بالطريق الإدارى ، إلا أن سلطتها فى ذلك وإن كانت سلطة تقديرية فإنها تخضع لرقابة القضاء الإدارى وقال الحكم أن الأصل فى نشاط الإدارة أنه يستهدف الصالح العام ، ويكون جوهر وظيفة الإدارة العامة هو إشباع الحاجات العامة تحقيقا لهذا الهدف ، وبالتالى فإنه يجب على جهة الإدارة ان تصدر تصرفاتها بما يراعى ذلك الصالح العام ويناسبه ، وأنه وان استهدف القرار المطعون فيه مصلحة عامة لا ريب فيها قوامها الحفاظ على ملك الدولة ، إلا إنه فى الجانب الآخر فإن القرار المطعون فيه فى استهدافه تحقيق ذلك الوجه للمصلحة العامة يكون قد ضحى بوجه مصلحة عامة آخر يتمثل فى وجوب عدم تشريد عدد كبير من المواطنين بأسرهم ومنقولاتهم ومتعلقاتهم ، وإذ سيجد ذلك العدد الضخم من المواطنين نفسه من جراء تنفيذ القرار وقد فقد مأواه وحمل متاعه وساق أسرته إلى غير مقر ، واستطرد الحكم المطعون فيه فأوضح أن قيام مجتمع من تناولهم القرار واستقراره على أرض الدولة لم ينشأ فجأة أو خفية من جهات الإدارة وأجهزتها ، وإنما هى قد أسهمت فى وجوده عندما لم تمنعه فى بادئ أمره ، اما وأنها قعدت عن ذلك ولم تنشط إلى منعه ، فإن منعه الآن يعتبر اخلالا منها بمسئوليتها نحو الحفاظ على المواطنين وتدبير شئونهم واشباع حاجاتهم ، وخلص الحكم إلى أن مؤدى القرار المطعون فيه هو التضحية بوجه المصلحة العامة الكامن فى عدم تشريد العدد الضخم من الافراد الذين يتناولهم هذا القرار والمدعيان منهم ، وتغليب وجه مصلحة عامة آخرى عليه ، وهو حماية أرض الدولة ورفع التعدى عنها ، بينما الوجه الأول أظهر منه وأولى بالرعاية وأجدر بالعناية وأحق بالتغليب ويكون إهماله إخلالا لا يجوز قانونا بحكم طبيعة الوظيفة الإدارية ، وبالتالى يكون القرار المطعون فيه قد شابه عوار فى الغاية يبدو معه متنكبا صحيح حكم القانون ، بعد إذ لم تكشف الجهة الإدارية عن أن قرارها قد استهدف من إخلاء الأرض مصلحة عامة أحق من تلك التى ضحى بها ، ويقع من ثم مشوبا بما يرجح معه إلغاؤه عند الفصل فى الطلب الموضوعى من الدعوى بالإلغاء ، الأمر الذى يتوفر به فى طلب وقف تنفيذه ركن الجدية المشروط فى اجابته ، ولما كان من شأن تنفيذ القرار أن يلحق بالمدعين قطعا آثار يتعذر تداركها ويصيبها بأضرار بالغة لا عوض لها ، اقلها ما ينكبان فيه من أوضاع مالية ومادية وبعضها أن يصبحا بلا مأوى ، ومن ثم يستوفى طلب وقف التنفيذ ما استوجبه القانون للحكم به ، ويتعين لذلك القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، هذا علما بأنه ليس من شأن القضاء بذلك ولا من لازم مقتضاه تكريس ما وقع من المدعيين – أو غيرهم – من وضع يد على مال الدولة بغير سبب قانونى ولا هو إضفاء ضرب من السلامة أو الشرعية عليه ، ولكنه قضاء ينصب على مناسبة القرار المطعون فيه اذ اختلطت مشروعيته ، ويؤكد بسند من القانون وبالمراد إليه ، أن خلق اقرار مشكلة واهمه لمن تناولهم من المواطنين ، لا يصح أن يكون مقابله مجرد حماية أرض الدولة دون أن تجد حاجة عاجلة إليها لغرض هام وأولى تثبته عناصر الدعوى ، ومن غير تدبير أمر هؤلاء المواطنين بوسيلة أخرى ، وتدبير أمرهم مصلحة عامة لا محل للإخلال أو التضحية بها بمقتضى القرار فى ظروف صدوره وبحجم من تناولهم ، وفى ذلك يكمن عواره ، وفيه الأساس الذى قام عليه قضاء المحكمة المطعون فيه .
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولا لدى الطاعنين فأقام كل منهما طعنه الماثل ، وقد أوضحت شركة المعادى للتنمية والتعمير فى طعنها رقم 1875 لسنة 30 ق ما مفاده أن الخصومة لم تنعقد بالنسبة لها أصلا ، ذلك أن الثابت من عريضة الدعوى أن المطعون ضدهما قد اختصما أمام محكمة القضاء الإدارى شركة المعادى للاسكان والتعمير وهى شركة خلاف الشركة الطاعنة ، وعند اعلان عريضة الدعوى فقد وردت اجابة المحضر بأن الشركة الموجودة هى شركة المعادى للتنمية والتعمير ، وكان يتعين اختصامها واعلانها اعلانا قانونيا صحيحا ، وأنه لما كانت هى المالكة للأرض ولم تختصم فى الدعوى ولم تنعقد الخصومة بالنسبة لها ولم يتم لها أن تقدم أى دفع أو دفاع فإن الحكم المطعون فيه يكون معدوما قانونا ، ولا يعتبر أداة قانونية صالحة للتنفيذ ضدها لأنها تعتبر فى حقيقة الأمر من الغير بالنسبة لهذه الخصومة مما يسوغ قانونا بوقف تنفيذ هذا الحكم واضافت الشركة أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور إذ قضى بوقف تنفيذ قرار إدارى لا وجود له فى عالم الواقع ولم يقدمه المطعون ضدهما ويثبتا قيامه او صدوره ، كما تناقض الحكم المذكور فى أسبابه ، ذلك أنه بعد أن سلم بملكية الدولة للارض وأن من حقها إزالة أى اعتداء عليها عادت وقالت بأن سلطتها فى ذلك هى سلطة تقديرية ويجب أن تستهدف الصالح العام ، وأغفلت بذلك نص المادة (970) من القانون المدنى عندما غلبت مصلحة المطعون ضدها على المصلحة العامة حيث إعتبرت الأولى مصلحة عامة أولى بالرعاية وعلية فإن المصلحة العامة المعتبرة قانونا هى التى تستند إلى حق وقانون يحميها ، أما المصلحة القائمة على العدوان والغضب فليست مصلحة يقرها القانون .
ومن حيث إن جهة الإدارة أقامت طعنها رقم 1914 لسنة 30 ق على أسباب تخلص فى أن من المقرر أن جهة الإدارة حرة فى تقدير مناسبة الأمر الإدارى وملاءمة إصداره ولا سبيل إلى التعقيب على السلطة التقديرية إلا بعيب إساءة استعمال السلطة ، وهو ما لم يقم عليه دليل ، كما أن من المسلم به أن المراكز القانونية لا تقوم ولا تكتسب على خلاف أحكام القانون وقد سلم الحكم المطعون فيه بأن المطعون ضدهما لا سند لهما فى وضع اليد على الأرض ، وأن ذلك قد تم بطريق الغضب والبناء على أملاك الدولة دون أى مسوغ قانونى ، وأنه إذ كان ذلك فان الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد خالف القانون ، لأن الغصب والاعتداء مهما طال أمده لا يتولد منه مركز قانونى يحميه القانون ، وانتهى الطاعنان إلى طلب الحكم بأحقيتها فيما سبق بيانه من طلبات ومن حيث إنه بتاريخ 10/1/1990 تقدمت شركة المعادى للتنمية والتعمير الطاعنة فى الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق بطلب تدخل انضمامى فى الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق المقام من محافظ القاهرة ضد المطعون ضدهما وقامت باعلانه إلى المذكورين ومحافظة القاهرة وقالت الشركة فى بيان هذا الطلب أن الشركة طالبة التدخل كانت تسمى من قبل شركة المعادى للاسكان والتعمير ثم صدر قرار وزير الاسكان والتعمير رقم 50 لسنة 1975 ونص فى المادة الأولى منه على تعديل اسم شركة المعاد للاسكان والتعمير إلى شركة المعادى للتنمية والتعمير ، وعلى ذلك فان الأمر لا يتعلق بشركتين مختلفتين حسبما ذهب إلى ذلك تقرير مفوض الدولة ، وإنما هو مجرد تغيير لاسم الشركة لا يؤثر فى مركزها القانونى ، ومن ثم فإن اختصامها باسمها السابق هو مجرد خطأ مادى لا يحول دون عقد الخصومة بالنسبة اليها ولا يجعلها خارجا عن هذه الخصومة … لذلك فإنها تعتبر خصما اصيلا فى الدعوى وإن كان ذلك لا ينفى بطلان الإجراءات اللاحقة لانعقاد الخصومة ، وإن كان يتعين تصحيح الخطأ المادى الذى حدث واعلان الشركة بالدعوى وبالجلسة التى حددت لنظرها ، وإذ لم يتم ذلك فإنه أمر يصم إجراءات نظر الدعوى بالبطلان ويؤدى بالتالى إلى بطلان الحكم ، ومتى كان فإنه يحق للشركة أن تتدخل خصما منضما إلى جهة الإدارة فى الطعن المقدم منها عن الحكم المطعون فيه بناء على ما تقرره المادة 218/2 من قانون المرافعات التى تنص على أنه إذا كان الحكم صادرا فى موضوع غير قابل للتجزئة أو التزام بالتضامن أو فى دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع فى الميعاد من أحد زملائه منضما إلية فى طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه فى الطعن ، أما إذا قيل بأن الشركة طالبة التدخل ليست خصما فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه وأنها تعد خارجة عن الخصومة فى هذه الدعوى تمشيا مع رأى مفوض الدولة-وهو رأى غير صحيح – فإنه يحق للشركة هذه الحالة أن تتدخل فى الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق خصما منضما للجهة الإدارية الطاعنة عملا بنص المادة 126 من قانون المرافعات التى تنص على أنه يجوز لكل ذى مصلحة أن يدخل فى الدعوى منضما لأحد الخصوم ولا يتصور أن تكون مصلحة الشركة الطالبة محلا للجدل ، ذلك لأن أرض النزاع-محل القرار المطعون فيه بفرض وجوده-مخصصة لهذه الشركة وهى محل نشاطها وعلة وجودها والحكم المطعون فيه فيما قضى به يصيب مصالحها فى الصميم وخلصت الشركة إلى طلب قبول تدخلها مع حفظ كافة حقوقها فى ابداء جميع اوجه الدفاع الشكلية والموضوعية .
ومن حيث إنه بجلسة 15/1/1990 أمام دائرة فحص الطعون أودع الحاضر عن الشركة مذكرة بأوجه دفاعها عرض فيها لمسألة قبول طعن الشركة أمام المحكمة العليا وخلص إلى أن الطاعنة هى خصم أصيل فى الدعوى ، وقد كانت مدعى عليها فيها وبالتالى لا يصدق عليها وصف الخارج عن الخصومة واساس ذلك على ما سبق قوله وكما يبين من حافظ مستندات الشركة أنه لا يوجد فى حقيقة الامر شركتان مختلفتان بل شركة واحدة تغير اسمها مع بقاء جميع عناصر مركزها القانونى على حالها ، اذ لا يؤدى تغيير الاسم إلى التأثير فى مركزها أو النيل من حقوقها ولم يكن الأمر إلا مجرد خطأ مادى فى الاسم يتعين معه التصحيح واختصام الطاعن باسمها الجديد وهو اسمها الحالى ، فهو خطأ فى الاسم وليس فى الشخص لا يمنع من انعقاد المنازعة طالما أن ظروف الحال تكشف عن حقيقة الشخص المراد اختصامه ، ومن هنا فلا وجود لعدم قبول الطعن المرفوع منها فى الحكم المطعون فيه لأنها خصم أصيل فيها ، ونعت الشركة على الحكم المطعون فيه صدوره بناء على صحيفة دعوى باطلة بطلانا مطلقا من النظام العام ، ذلك أنه يتضح من نص المادة 25 من قانون مجلس الدولة وقانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 فى مواده رقم 10، 37/1/، 8/1، 58، 76 والتى أوردت مذكرة الشركة نصوصها ، أن توقع عريضة الدعوى من محام مقبول أمام المحكمة التى ترفع اليها الدعوى ، هو إجراء جوهرى يجب أن يستكمله شكل العريضة وإلا كانت باطلة ، وهذا مبدأ قررته المحكمة الإدارة العليا فى العديد من أحكامها كما أن قانون المحاماة الجديد قد أكد المبدأ سالف الذكر وهو بطلان صحيفة الدعوى التى لم توقع من محام مقيد أمام المحكمة التى ترفع اليها الدعوى ، وقد حرص هذا القانون على تعيين هذا المبدأ وتأكيده على نحو يدل على أهمية هذا الحكم ، هذا فضلا عن أنه لا يجوز لمحامى الإدارات القانونية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهات التى يعملون بها ، وقد قرر قانون المحاماة الجديد على أهمية هذا الحكم على حتمية البطلان بما لا فكاك منه واستخلصت مذكرة الشركة إلى القول بأن البطلان الناتج عن عدم توقيع صحيفة الدعوى من محام مقبول أمام المحكمة المختصة أو الناتج عن توقيعها من محام بالقطاع العام بالمخالفة لأحكام القانون هو بطلان من صميم النظام العام ، وأن تصحيح هذا البطلان يجب أن يتم فى ذات مرحلة التقاضى التى اتخذ فيها الإجراء الباطل ، أى أمام المحكمة التى قدمت اليها صحيفة الدعوى وقبل صدور حكم فاصل فى النزاع ، كما أنه من البداهى أن هذا التصحيح يجب أن يتم خلال الميعاد المقرر قانونا لرفع الدعوى ، ومثل هذا البطلان يستتبع لزوما بطلان جميع الإجراءات اللاحقة حتى الحكم الصادر بناء عليها ، ومتى ثبت ذلك فإن المقطوع به أن صحيفة الدعوى قد أودعت فى 31/12/1983 وأنها موقعة من الأستاذ / محمد محمد حسن القرش المحامى ، والدعوى قد أقيمت فى ظل سريان أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به اعتبارا من 1/4/1983 ، فى حين أن الصحيفة لم تودع إلا بعد سريانه بتسعه أشهر ، ويبين من الشهادة الصادرة من نقابة المحامين بتاريخ 7/3/1990 أنه بالكشف فى جدول المحامين لم يستدل على اسم الاستاذ / محمد محمد حسن القرش ، ولكن يوجد اسم الأستاذ ، محمد محمد حسن قرش ، وقد أدرج المذكور بالجدول العام بتاريخ 25/9/1961 وحلف اليمين القانونية بتاريخ 1/10/1961 وقبل للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 18/7/1979 علما بأنه لم يسبق له العمل بمعهد التخطيط القومى … وكانت الشهادة المؤرخة فى 12/2/1990 الصادرة بدورها من النقابة قد اشارت إلى ذات البيانات المتعلقة بالمحامى محمد محمد حسن قرش وخلصت المذكرة إلى أنه كان يستحيل على هذا المحامى الذى انتقل إلى رحمه الله تعالى أن يقيد بجدول المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف ومحكمة القضاء الإدارى قبل خمس سنوات من 18/7/1979 تاريخ قيده أمام المحاكم الابتدائية أى أنه كان يستحيل عليه ذلك قبل 18/7/1984 فى حين الدعوى قد أقيمت بصحيفة أودعت فى 31/12/1983 لذلك فقد اجتمعت فى صحيفة الدعوى جميع أوجه المخالفة المنصوص عليها فى قانون المحاماة من ناحية توقيعها من محام غير مقبول أمام محكمة القضاء الإدارى ، وهو فى ذات القوت محامى يحظر عليه مزاولة أعمال المحاماة إلا فى معهد التخطيط القومى ، واستطردت المذكرة إلى القول بأن من المقرر أن اعلان عريضة الدعوى وإن لم يكن ركنا فى اقامتها أو شرطا لصحتها إلا أنه إجراء جوهرى يبطلها بطلانا يؤثر فى الحكم ذاته الصادر فيها ، وقد خالف الحكم المطعون فيه القانون فيها قضى به ضمنا من قبول الدعوى بالرغم من عدم وجود قرار إدارى يرد عليه الطعن ، فلا يوجد قرار إدارى فى هذه المنازعة وإنما توهم المطعون ضدهما وجوده ، بل أنه بافتراض قيامه فانه لا يعتبر قرارا إداريا ترد عليه دعوى الإلغاء ذلك لأنه سبق تخصيص هذه الأراضى للمشروعات التى تنفذها الشركة الطاعنة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقمى 1187 لسنة 1972 ، 1420 لسنة 1974 ، ولقد يصح أن يكون كل من هذين القرارين قرارا إداريا ، لكن قرار المحافظ بتسليم تلك الأراضى للطاعنة هو مجرد تنفيذ لمقتضى تخصيصها لتلك المشروعات ، فليس فيه افصاح عن إرادة ملزمة وليس له بذاته أثر قانونى أو يرتب أى مركز قانونى ، ومن المسلم به وبتعبيرات المحكمة الإدارية العليا أنه من اللازم قبل ان تتصدى المحكمة لبحث طلب وقف التنفيذ ان تفصل صراحة فى بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد لأن القرار المطعون فيه ليس نهائيا وحتى لا يحمل قضاؤها فى موضوع الطلب المستعجل قبل البت فى هذه المسائل على أنه قضاء ضمنى برفضها ، ولقد خالف الحكم المطعون فيه القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله على النحو التالى :
أ – أقحم الحكم نفسه فى عمق السلطة التقديرية لجهة الإدارة دون قيام شبهة تشير إلى وجود انحراف بهذه السلطة وأحل نفسه محل جهة الإدارة وهذا مسلك مرفوض حسبما قرره القضاء الإدارى من فجر انشائه حتى الآن .
ب – أخطأ الحكم فيما ذهب إليه من اعتبار حماية مراكز المعتدين مصلحة عامة على الرغم من عدم قيام أية علاقة قانونية تخول المطعون ضدها حيازة الأرض محل المنازعة أو البناء عليها وهكذا غلب تقديره حماية التعدى على حماية الحق .
ج – أخطأ الحكم عندما أخذ بأقوال المطعون ضدهما من أن المبانى القائمة عشرون ألف مسكن وأنه يقطنها خمسون ألف نسمة ، وهذا قول لم يقم عليه دليل وكان يتعين على المدعيين تقديم ما يفيد ذلك ، ولقد تأثر الحكم بهذا القول فيما بسطه من حماية لهذا العدد المهول ، وهو خطأ فاحش لأن أحدا من هؤلاء لم يستفت المحكمة أو يلجأ إليها سوى المدعيين وبديهى أنهما لا ينوبان عن هذا الجمع الكبير .
د – وأخطأ الحكم حين اعتبر أن هدف القرار المطعون فيه-إن كان ثمة قرار-هو فقط حماية أرض الدولة من التعدى ، ويتبدى خطأ هذا القول فى اغفال ما اثبتته الأوراق من صدور قرارات جمهورية بتخصيص هذه الأرض لتتولى الشركة الطاعنة تعمير المنطقة واستغلالها واجراء تقسيمها وفقا للاسس العلمية فى التخطيط وانشاء المجتمعات العمرانية على أسس غير عشوائية وفقا لتخطيط علمى سليم ، واذا كان تعمير تلك الأراضى يتم بناء على تلك الأسس التزاما بقوانين التخطيط العمرانى ، فكيف يقال بحماية تعدى على هذه الأراضى يتحصل شغلها دون تنظيم ولا تخطيط ببعض العشش أو المبانى الحقيرة التى يتألف المبنى فيها من حجرة أو حجرتين ، الأمر الذى يفسر تخطيط المنطقة من أساسه ، خاصة إذا روعى أن الشركة التى تقوم بالتعمير ليست مجرد شركة لتقسيم الاراضى أو مشروع استثمارى على ما ذهب اليه المدعيان ، بل هى شركة قطاع عام تقوم على تنفيذ مشروع اقتصادى وفقا للسياسة العامة للدولة ، لقد أخطأ الحكم المطعون فيه فى الموازنة التى أجراها بين أوجه مصلحة عامة توهمها وحقيقة القائم هو مصلحة عامة واحدة واضحة هى حماية ارض الدولة والتمكين من تخطيطها وتعميرها بما يكفل توفير المساكن بصفة عامة ومساكن محدودة الدخل بصفة خاصة ولقد يجدى ان نشير إلى أن المنطقة التى تقع بها ارض النزاع قد تعرضت لتعديات شتى ولكن جهة الإدارة كانت لها بالمرصاد ، لذلك توالت صدور قرارات إزالة التعديات ومن ذلك على سبيل المثال قرار محافظة القاهرة رقم 26 بتاريخ 18/2/1976 وغيره ، وكذلك خالف الحكم المطعون فيه استقرار القضاء الإدارى فى هذا الخصوص ، اذ قد درج على رفض طلبات وقف تنفيذ القرارات الصادرة بإزالة التعدى على المنطقة التى تقع بها أرض النزاع وخلصت الشركة الطاعنة إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يقضى فى موضوع الطعن ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء فى الدعوى بما يأتى :
بصفة أصلية ببطلان صحيفة الدعوى .
وبصفة احتياطية بعدم قبول الدعوى .
ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى والزام المطعون ضدهما بالمصروفات .
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق المقام من شركة المعادن للتنمية والتعمير فإن الثابت من الاطلاع على تقرير الطعن أنه قد اقامته على قول منها أن الثابت عن عريضة الدعوى أنها لم تختصم أصلا فى الدعوى لان المطعون ضدهما قد اختصما شركة المعادى للاسكان والتعمير وهى شركة خلاف الشركة الطاعنة لأن الأخيرة هى خلف الأولى بحيث صارت لا وجود لها قانونا ، وقد وردت اجابة المحضر أن الشركة التى حددها المدعيان لم تعلن وأنه بذلك تكون الشركة الطاعنة لم تختصم فى الدعوى ولم تنعقد خصومة بالنسبة لها ولم تمثل فى الخصومة غير المنعقدة بالنسبة لها ، لذلك فلم تحضر جلسات الدعوى ولم تبد ثمة دفوع أو دفاع ولم تقدم أية مستندات ، وبذلك يكون الحكم منعدما بالنسبة إليها ، وقد عادت الشركة الطاعنة وقررت فى مذكرة دفاعها المفصلة أن الأمر لا يتعلق بشركتين مختلفتين ، وإنما هو مجرد تغيير لاسم الشركة لا يؤثر فى مركزها القانونى ، وبذلك يكون اختصام الشركة باسمها السابق هو مجرد خطأ مادى لا يحول دون عقد الخصومة بالنسبة لها ولا يجعلها شخصا خارجا عنها ، وأنها بذلك تعتبر خصما أصيلا ، ولكن الأمر كان يتطلب تصحيح هذا الخطأ المادى باعادة اعلانها بالاسم الجديد واخطارها بالجلسة فإذ لم يحدث ذلك فإنه يضفى البطلان على الإجراءات اللاحقة .
ومن حيث إنه وأيا ما كان وجه القول فى انصراف نية المدعيين إلى اختصام شركة المعادى للاسكان والتعمير أو إلى اختصام شركة المعادى للتنمية والتعمير ، وأن الأخيرة هى خلف للأولى ، ومع مسايرة منطقا الطعن المقدم من الشركة بقولها أن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ ماديا كان يستوجب التصحيح ويترتب على عدم إجرائه البطلان فإن المحصلة النهائية فى كل وقع فى هذا الخصوص قد انتهت إلى أن الشركة الطاعنة لم تختصم قانونا أمام محكمة القضاء الإدارى ، فهى لم تعلن ولم تخطر بالجلسة ولم تقدم ثمة دفع أو دفاع ، وظلت بعيدة عنها غير ماثلة فى الدعوى التى تدوولت على اساس اختصام شركة المعادى للاسكان والتعمير التى لم يعد لها وجود ، وقد صدر الحكم والشركة الطاعنة غير مختصمة فيها خارجة عنها .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى أمام المحكمة الإدارى العليا مباشرة ممن لم يكن طرفا فى الدعوى ولم يكن قد أدخل فيها ، وإنما يتعين عليها فى هذه الحالة متى مس الحكم مصلحة له أن يلجأ إلى طريق الطعن بإلتماس اعادة النظر أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه (يراجع فى هذا الحكم الصادر من الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلا بالقانون رقم 136 لسنة 1984 فى الطعن رقم 3387 لسنة 29 ق المنضم إلى الطعن رقم 3382 لسنة 29 ق) وعلى ذلك فإنه يتعين الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر هذا الطعن ويتعين احالته إلى المحكمة التى اصدرت الحكم وهى محكمة القضاء الإدارى لنظره إذا ما توافر قيود وشروط اعتباره التماس باعادة النظر طبقا لأحكام القانون .
ومن حيث إنه عن طلب شركة المعادى للتنمية والتعمير التدخل الانضمامى فى الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق عليا ، فإن المادة 126 من قانون المرافعات تنص على أنه يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضما لأحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه أو بطلب يقدم شفاها فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ، ولا يقبل التدخل بعد اقفال باب المرافعة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة وإن كان يجرى أن حق المتدخل فى التدخل الانضمامى إنما يقتصر على مجرد تأييد أحد طرفى الخصومة الاصلية بما يترتب على ذلك من أنه لا يجوز له أن يتقدم بطلبات تغيير طلبات الخصوم الذى تدخل لتأييده ، وبحيث يجوز له أن يبدى وجوده دفاع تأييدا لطلباته ، ومن ثم تقتصر وظيفة المحكمة على الفصل فى موضوعها ، الا أن المتدخل الانضمامى يجوز له أن يتمسك بأى دفع موضوعى أو شكلى ، أو بعدم القبول ولو لم يتمسك به الطاعن ما لم يكن قد سقط حق الأخر فى الادلاء به ، فالمتدخل الانضمامى هو خصم فى الدعوى إذا ما قبل تدخله وتقوم مصلحته فى اتخاذ ما يراه من إجراءات فى التمسك بما يرى التمسك به من دفوع فهو فى بداية الأمر وقتها يعمل باسمه هو لأنه لا يمثل الخصم الذى يدخل إلى جانبه ولا يحل محله .
ومن حيث إن الثابت من الاوراق ان الشركة طالبة التدخل قد سبق أن صدر لصالحها القراران الجمهوريان رقما 1187 لسنة 1972 ، 1420 لسنة 1974 على التوالى بتخصيص مساحة من الأراضى لها لتقيم بعض المشروعات عليها فى اطار تخطيط عمرانى مقرر ومعلوم ، وقد أوردت ما مفاده أن أرض النزاع تقع فى هذه المساحة ، الأمر الذى يقم لها بحسب ظاهر الأوراق مصلحة حالة أو محتملة فى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه ، ويكون طلب التدخل الانضمامى المقدم منها فى هذه المرحلة من مراحل النزاع مقبولا ويتعين الحكم بذلك .
ومن حيث أنه عن الدفع المبدى من الشركة المتدخلة ببطلان صحيفة الدعوى بطلانها من النظام العام وذلك استنادا إلى أن المحامى الذى أقام الدعوى نيابة عن المطعون ضدها ووقع عريضتها لم يكن مقيدا أمام محكمة الاستئناف والقضاء الإدارى ، وأنه كان محاميا بمعهد التخطيط القومى عند اقامة الدعوى ، فإن الثابت من صحيفة الدعوى أنها تحمل خاتم وشعار مكتب السيد / محمد محمد حسن القرش المحامى بالاستئناف العام ، وقد تقدم الحاضر عن الشركة المتدخلة بشهادتين صادرتين من نقابة المحامين أولاهما مؤرخة فى 2/2/1990 وقد ورد بها أنه بالكشف من جدول المحامين اتضح ان اسم اأستاذ المرحوم محمد محمد قرش أدرج بالجدول العام بتاريخ 25/9/1961 ، وحلف اليمين القانونية بتاريخ 1/10/1961 وقبل للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 18/7/1979 علما بأنه لم يسبق له العمل بمعهد التخطيط القومى ، كما ورد بالشهادة الثانية المؤرخة فى 7/3/1990 ما نصه : بالكشف فى جدول المحامين لم يستدل على اسم الأستاذ / محمد محمد حسن القرش ولكن يوجد اسم الأستاذ محمد محمد حسن قرش وبياناته كالآتى إدرج بالجدول العام بتاريخ 25/9/1961 وحلف اليمين القانونية بتاريخ 1/10/1961 ، وقبل للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 18/7/1979 علما بأنه لم يسبق له العمل بمعهد التخطيط القومى ويبين مما تقدم أن الشاهدة الأولى قدى صدرت متضمنة بيانات تتعلق بالسيد / محمد محمد حسن قرش ، بينما ان المحامى الموقع على عرضية الدعوى يدعى محمد محمد حسن القرش ، وعلى ذلك فإنه يتعين اطراح هذه الشهادة المؤرخة 12/2/1990 لأنها لا تحمل فى ذاتها ما يفيد أو يقطع بأن السيد / محمد محمد حسن القرش رافع الدعوى هو المقصود بهذه الشاهدة وأن ما تضمنته بياناتها يتعلق به لأن هناك خلافا فى الاسم الرابع ، فرافع الدعوى يسمى القرش بينما صدرت الشهادة وترى اطراحها والإلتفات عنها ، كما أن المحكمة تلاحظ أن بالنسبة للشهادة الثانية المؤرخة فى 7/3/1990 فأنها قد اشارت إلى أنه بالكشف فى جدول المحامين لم يستدل على اسم الأستاذ / محمد محمد حسن القرش ، وإنما يوجد أسم محمد محمد حسن قرش ، وسجلت الشهادة ذات البيانات المتعلقة بالمذكور حرفيا كما وردت فى الشهادة الأولى .
ومن حيث إن وأيا ما كان وجه القول فى حقيقة الجدول الذى يمكن أن يكون مقيدا فيه المحامى محمد محمد حسن القرش الذى أقام الدعوى ، فأن المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن تطبق الإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائى ومقتضى هذا النص على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه يتعين كأصل عام عدم الأخذ بإجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية أو أحكامه أمام القضاء الإدارى إلا فيما لم يرد فيه نص خاص فى قانون مجلس الدولة مع مراعاة عدم تعارض ذلك مع أوضاعه الخاصة وطبيعة المنازعة الإدارية بمعناها الواسع .
ومن حيث إن المادة 25 من قانون مجلس الدولة الواردة فى الفصل الثالث الخاص بالاجراءات أمام محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية تنص على أن يقدم الطلب إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام تلك المحاكم ، وتتضمن العريضة عدا البيانات العامة المتعلقة باسم الطالب ومن ويوجه اليه الطلب وصفاتهم ومحال اقامتهم موضوع الطلب وتاريخ التظلم من القرار إن كان مما يجب التظلم من القرار إن كان مما يجب التظلم منه ، ويعتبر مكتب المحامى الموقع على العريضة محلا مختارا للطالب ، كما يعتبر مكتب المحامى الذى ينوب عن ذوى الشأن فى تقديم ملاحظاتهم محلا مختارا لهم ، كل ذلك إلا إذا عينوا محلا مختارا غيره كما تنص المادة 44 من هذا القانون الواردة فى الفصل الخاص بالإجراءات أمام المحكمة الإدارة العليا على أن ميعاد رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ستون يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه ، ويقدم الطعن من ذوى الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأعمال الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الاسباب التى بنى عليها الطعن ، وطلبات الطاعن ، فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه وحيث إنه يبين من هذين النصين وغيرهما من نصوص وردت فى شأن الإجراءات أمام محاكم مجلس الدولة بدرجاتها المختلفة أن قانون مجلس الدولة قد تضمن بعض القواعد الإجرائية الخاصة التى تضمنتها نصوص خاصة تكون فقط هى الواجبة الأعمال باعتبار أنها تشكل فى مجموعها والى أن يصدر قانون الإجراء الخاصة بالقسم القضائى تنظيما خاصة واجب الاعمال لاتفاقه مع طبيعة المنازعة الإدارية وقد حددت المادة 25 سالفة البيان اجراءات رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى وشرطت أن تكون عريضة الدعوى التى تودع قلم كتاب المحكمة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمامها دون أن ترتيب البطلان صراحة على عدم مراعاة ذلك ، بينما جاء نص المادة 44 من القانون فنص على بطلان تقرير الطعن إذا لم يوقع تقرير الطعن من محام مقبول أمام المحكومة الإدارية العليا ، ومن ثم فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه فإن المشرع لم ينص على الحكم ببطلانه صراحة وهكذا فقد اغفل القانون النص على الحكم بالبطلان فى هذه الحالة ليس لأنه لا تبطل العريضة باغفال الإجراء وإنما لعدم جسامته على نحو ما قدره المشرع فى تقرير الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لما هو ظاهر من ضرورة توفر درجة من الخبرة والكفاءة يتم الطعن أمامها .
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالبطلان على صحيفة الدعوى على أساس أن الدعوى خاضعة لأحكام قانون المحاماة الصادرة بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به اعتبار من 1/4/1983 بينما تم رفع الدعوى بعد ذلك بتسعة أشهر ، وأن موقع الصحيفة الاستاذ / محمد محمد حسن القرش كان فى ذلك الوقت مقيدا بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية كما أنه كان محاميا بمعهد التخطيط القومى ، ولذلك ما كان يجوز له الحضور أو توقيع صحف الدعاوى لآحاد الناس .
ومن حيث إنه وفقا للمبادئ العامة الحاكمة للإجراءات والمرافعات فى التداعى عموما وبصفة خاصة أمام محاكم مجلس الدولة ، وأن هذه الإجراءات قصد بها المشرع تنظيم حماية النظام العام وكفالة حق الدفاع الذى هو دستورى وأساس لكل مواطن أمام المحاكم وفقا لنص المادة 69 من الدستور سواء بالاحالة أو بالوكالة وهو مكفول للكافة بل أنه تعين أن يكفل القانون لغير القادرين ماليا الالتجاء إلى القضاء والدفع عن حقوقهم وذلك تفريعا على أن الأصل الدستورى المسلم به أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة وأن الدولة تخضع للقانون ( المواد 64 ، 65 من الدستور ) وأنه لتحقيق ذلك يتعين أن يكون التقاضى حق مضمون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضية الطبيعى وهو ما تقضى به صراحة أحكام المادة 68 من الدستور بل أن على الدولة أن تكفل تقريب جهات القضاء من المقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ، ويحظر النص فى أى قانون على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء .
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه فإنه بتطبيق المبادئ العامة للبطلان المقررة فى قانونى مجلس الدولة والمرافعات المدنية والتجارية فإنه يتعين للقضاء ببطلان إجراء معين وبصفة خاصة فى المنازعات الإدارية التى تختص بها محاكم جلس الدولة وعلى الأخص فى دعاوى الإلغاء التى تقوم على مبدأ المشروعية وسيادة القانون الذى يمثل أساسا حاكما للنظام العام فى الدولة بجميع سلطاتها وأجهزتها أن تثبت بيقين تحقق سبب البطلان ، وأن يكون منصوصا على تقريره صراحة فى القانون أو أن لا تحقق الغاية من الإجراء الباطل حتى الفصل فى الدعوى إذا لم يكن ينص المشرع صراحة وبصفة جازمة على هذا البطلان .
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإنه حيث أن الثابت أن المشرع لم ينص على البطلان صراحة فى حالة عدم توقيع العرائض المتعلقة بالدعاوى التى تختص بها محاكم مجلس الدولة فيما عدا المحكمة الإدارية العليا .
ومن حيث إن الشهادتين المقدمتين قد تضمنتا بيانات يتضح منها ما يلى : أن هذه البيانات تتعلق بالأستاذ محمد محمد حسن قرش المحامى وهى محام صاحب مكتب ثابت له عنوان أوضحته الشهادتين بينما رافع الدعوى هو الأستاذ محمد محمد حسن القرش ، كما أن الأول لم يسبق له العمل فى معهد التخطيط القومى ، ومن باب أولى فلا يجوز القول بأن السيد / محمد محمد حسن القرش هو المقصود بذلك لأن الشهادة الثانية السابق الاشارة إليها قد أوردت أنه لم يستدل فى جدول المحامين على هذا الاسم ، والثابت فى يقين هذه المحكمة أن السيد / محمد محمد حسن القرش شخص آخر غير السيد / محمد محمد حسن قرش ، ولا يمكن الجزم بأنهما شخص واحد لاختلاف الاسم الرابع ، كما أن التعبير الذى استخدمته الشهادة الثانية بقولها أنه لم يستدل عليه هو تعبير لا تطمئن معه المحكمة للجزم بأن الأستاذ محمد محمد حسن القرش الذى أقام الدعوى تابعها حتى صدور الحكم فيها ليس مقيدا أصلا فى أحد جداول المحامين ، فالعبارة الواردة فى صدور الشهادة بعدم الاستدلال لم توضح ما إذا كان عدم الاستدلال عليه قد حدث فى جدول المحامين العام أو فى جدول المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية أو النقض أو جدول العاملين فى القطاع العام أو جدول غير المشتغلين ، وأمام مثل هذا الغموض فى القول ومع خطورة هذه المنازعة التى تتعلق بأمر يتوقف عليه مصير عشرات الآلاف من المواطنين المصريين قاطنى أرض النزاع فإن المحكمة فإن ضوء القواعد المقررة فى قانون مجلس الدولة وما تضمنه من تنظيم خاص لإجراءات رفع الدعوى ولتعلقها بالمشروعية وسيادة القانون تطرح هاتين الشهادتين غير الدالتين بوضوح وقطع ويقين على حالة المحامى موقع العريضة مع الأخذ بظاهر الأوراق التى تفيد أن المطعون ضدهما قد تعاملا بحسن نية مع أحد المحامين الذى اعلن عن نفسه محاميا بالاستئناف وأقام الدعوى على هذا الاساس واستمرار الأمر كذلك دون اعتراض من أحد أو ثبوت عدم توفر هذه الصفة حتى صدور الحكم الطعين مما يتعين معه حمل الأمر على محل الصحة والسلامة التى لا يمسها تلك الشهادات غير الدقيقة أو الحاسمة المشار إليها وبصفة خاصة لأن الأمر يتعلق بمنازعة إدارية لها خطوها ووزنها وتوجب التصدى بالفصل فيها لاظهار وجه الحق ولإعلاء كلمة القانون وسيادته ورعاية للشرعية والمشروعية واستقرار المراكز القانونية ومن حيث إنه متى كان الامر كذلك فإن هذا الدفع يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع والقانون خليق بالرفض .
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على حافظة مستندات المطعون ضدها المقدمة بجلية 6/11/1989 أنها قد تضمنت شهادة رسمية صادرة من شركة توزيع كهربا القاهرة بتاريخ 22 /8/1989 بناء على قرار صادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 1029 لسنة 41 ق ، وثابت فيها أن عدد المنازل التى تم توصيل الكهرباء اليها بعزبة خير الله يبلغ 8650 مسكنا ( ثمانية آلاف وستمائة وخمسون مسكنا ) كما تضمنت الحافظة 24 كشفا يتضمن كل كشف منها اسماء بعض القاطعين فى هذه المنطقة التى تبلغ فى المتوسط حوالى 60 اسما فى كل كشف ، وهى كشوف مرسلة من حى مصر القديمة والمعادى إلى مرفق مياه القاهرة بطلب ادخال المياه لمنازل المذكورين تنفيذا للأحكام التى حصلوا عليها وهو يكشف بدوره عن تلك الاعداد الضخمة التى تقطنت هذه المنطقة كما تضمنت حافظة المستندات المقدمة بجلسة 19/1/1991 صورة من كتاب نائب محافظ القاهرة المرسل إلى مكتب السيد رئيس الوزراء بتاريخ 29/3/1986 ويفيد فيه أن الأرض التى تقع بها هذه التعديلات تقع بمناطق عزبة خير الله واسطبل عنتر وأن هذه المناطق تقع فى امتياز شركة المعادى للتنمية والتعمير وتبلغ مساحتها 1000 فدان يقطنها حوالى ستون ألف نسمة (60.000 ) يشغلون مبان بالطوب الأحمر وأسقف خرسانية وخشبية بعضها من طابق واحد والبعض الآخر من طابقين ، وذكر نائب المحافظ أنه قد أرجى النظر فى تنفيذ هذه القرارات الصادرة بإزالة التعديات على تلك المناطق ، وقد أخطرت مديرية أمن القاهرة لعمل الدراسات الكافية بامكانية تنفيذ هذه القرارات الصادرة بإزالة التعديات على تلك المناطق ، وقد أخطرت مديرية أمن القاهرة لعمل الدراسات الكافية بامكانية تنفيذ هذه القرارات من الناحية الأمنية ، كما اشار الكتاب إلى أنه تجرى حاليا دراسة وتخطيط وتعمير منطقة الفسطاط والتى تدخل فى نطاقها تلك المناطق بالتنسيق مع وزارة الاسكان ومحافظة القاهرة وشركة المعادى للتنمية والتعمير .
ومن حيث أنه يبين مما تقدم بما لا يدع مجالا لأى شك أن أرض النزاع يقطنها عدد من السكان يبلغ فى تقرير جهة الإدارة فى مارس 1986 حوالى ستين ألف نسمة من المواطنين المصريين وأنه قد صدر قرار بإزالة التعدى على هذه الارض ولكن رأت المحافظة ارجاء تنفيذه لما قد ينجم عنه من مشاكل أمنية يتعين دراستها والتروى بشأنها وحتى تنتهى الدراسات الخاصة بمنطقة الفسطاط وأرض النزاع داخلة فيها ومن حيث إن الماثل فى وقائع الدعوى بحسب ظاهر الاوراق أن الأرض التى يقيم المطعون ضدهما وآخرون فى مساكن اقاموها بها هى : أرض مملوكة للدولة صدرت قرارات جمهورية فى عامى 1972 ، 1974 على التوالى بتخصيصها لشركة المعادى للتنمية والتعمير بهدف اعادة تخطيطها وتعميرها وبناء مساكن عليها ، وأنه لا توجد علاقة قانونية من نوع ما تخولهم حيازة تلك الأرض والبناء عليها ، وأن القرار المطعون فيه منذ عام 1983 اقتضى إزالة المساكن بما يترتب على ذلك من طردهم من الأرض .
ومن حيث إن أوراق الدعوى تكشف عن أن هدف هذا القرار وغايته هى حماية الأرض ملك الدولة والحرص عليها ومنع غصبها أو الاستحواز عليها دون سند قانونى واسترداد الأرض من حائزها لتسليمها إلى الخصم المنضم شركة المعادى للتنمية والتعمير والتى خصصت لها هذه الارض منذ عامى 1972 ، 1974 على التوالى لتدخلها فى المخطط العام لتعمير المنطقة واعادة تخطيطها وبناء مساكن عليها .
ومن حيث إن تلك غاية يظهر منها من غير شك وجه مصلحة عامة لا ريب فيه قوامه الحفاظ على أرض الدولة والعمل على التعمير وفقا للأسس العملية للتخطيط بكل ما ينطوى عليه ذلك من فوائد للمجتمع العمرانى ، إلا أنه وفى الجانب الآخر – وكما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بحق – فإن تنفيذ القرار وإن استهدف تحقيق ذلك الوجه للمصلحة العامة سوف يترتب عليه هدم آلاف المنازل وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين بأسرهم ومنقولاتهم على النحو الذى كشفت عنه الأوراق بيقين ولا خلاف عليه .
ومن حيث إنه وأن كان صحيحا أنه لا محل لرقابة من القضاء الإدارى على الملائمات التقديرية التى تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند اصدار قراراتها سواء من حيث اختيارها لمحل القرار أو وقت وأسلوب تنفيذه ما دام أن ذلك يكون فى اطار من الشرعية وسيادة القانون وذلك ما لم تتنكب الإدارة الغاية وتنحرف عن حقيقتها إلى غاية أخرى لم يقصدها المشرع عندما خولها تلك السلطة التقديرية أو تتعمد تحقيق غايات خاصة لا صلة لها بالصالح العام إلا أن ذلك يتعين ألا يغفل عن أن السلطة القضائية وبين أركانها الأساسية محاكم مجلس الدولة مسئوليتها الأولى اقامة العدالة وحماية الشرعية والمشروعية وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة المشروعه للمصريين (المواد 165، 166 ، 172 ، 64 ، 65 ، 68 من الدستور ) وفى اطار ما أوردته نصوص الدستور والقانون من أصول ومبادئ عامة حاكمة لنظام الدولة والمجتمع وغايات الصالح العام القومى وترتيب أولويات تلك الغايات وفقا لمقتضيات السلام الاجتماعى والوحدة الوطنية والشرعية والمشروعية والنظام الاجتماعى وتكافء الفرص لجميع المصريين وعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة ، ومنع الاستغلال غير المشروع ( 3 ، 4 ، 7 ، 8 من الدستور) وكذلك رعاية وحماية ما تلزم الدولة والإدارة العامة بتحقيقه فى خططها وسياساتها وعملها اليومى فى تصريف الشئون الإدارية للبلاد من حماية الاسرة وطابعها الأصيل وما تقوم عليه من قيم قوامها الدين والاخلاق والوطنية والالتزام برعاية الاخلاق وحمايتها ( المواد 11،12 من الدستور ) وكفالة الدولة للخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية المادة 16 والالتزام فى ذات الوقت بأن الملكية الخاصة مصونة فى حدود الدستور والقانون وأنها تتمثل فى رأس المال غير المستغل الذى ينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى وفى اطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال وكفالة الا تتعارض فى طرق استخدامها مع الخير العام للشعب (م32، 34) من الدستور ، وأن للمساكن الخاصة حرمة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقا لأحكام القانون وهى كذلك لا يسوغ هدمها وإزالتها إلا طبقا لأحكام القانون ولتحقيق الصالح العام ودون الاعتداء على الحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين التى تكون جديرة بالحماية والرعاية ولها الأولوية على اعتبارات وملائمات الصالح العام المتعلقة بالإزالة والهدم فالصالح العام يندرج فى الأهمية تدرجا تشبه التدرج فى مراتب الأدوات التشريعية المختلفة ، فالصالح القومى الأغلى المتمثل فى حماية كيان ووجود الدولة والمجتمع من العدوان من الخارج أو الداخل يسمو على الصالح العام الأدنى مرتبه ويعلون المصالح الخاصة بالأفراد ،ومصالح وحريات جماعة غير محدودة من المواطنين تعلو مصلحة فرد أو عدد محدود وهكذا وطبقا لهذا التدرج فى مراتب الصالح العام يتعين على الإدارة العامة أن تختار محل قراراتها وتوقيت تنفيذها ولا رقابة عليها ما لم تهدر الصالح القومى وخاصة لو نص عليه فى الدستور والقانون لصالح مصالح أدنى .
ومن حيث إنه بناء على ما سلف جمعية فأنه ليس فقط تتحقق عدم المشروعية للقرار الإدارى بأن يتنكب غايات الصالح العام التى يحددها القانون وينحرف عنها وإنما أيضا يكون القرار الإدارى غير مشروع إذا استند إلى غايات من غايات الصالح العام يكون ظاهر أو مؤكدا أنها ادنى فى أولويات الرعاية من غايات وصوالح قومية اسمى وأجدر بالرعاية وترتبط بالقيم والمبادئ الأساسية للمجتمع ،وتكون أساسا لسلامة الكيان القومى إذا تعرضت غاية القرار فى الظروف والتوقيت الذى يراد تنفيذه فيه مع السلامة القومية العليا أو مع الوحدة الوطنية أو مع السلام الاجتماعى أو الأمن العام كان القرار غير مشروع .
ومن حيث إنه لا شك يؤكد هذا المبدأ أو ذلك التفسير لأحكام الدستور وحدود المشروعية ما هو مسلم به من مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع طبقا للمادة 5 من الدستور من أن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع وأن الضرورات تبيح المحظورات ، وأن الضروة تقدر بقدرها عند التصرف لرفعها .
ومن حيث إنه بمراعاة الالتزام بما سبق جمعية من أسس للمشروعية والشرعية أساسها صريح نصوص الدستور والمبادئ العامة الحاكمة للنظام العام للدولة والمجتمع المصرى فإنه حيث أنه لا خلاف على أنه سوف يترتب على تنفيذ القرار الخاص بتسليم الأرض والإزالة والهدم للمبانى والمساكن القائمة عليها تشريد عشرات الآلاف من الأفراد والأسر نتيجة فقد المأوى الوحيد لها إلى غير مقر بكل ما ينطوى عليه ذلك من اهدار للأسس والقيم العامة التى يقوم عليها المجتمع من رعاية للاسرة وللاخلاق وحمايتها بين عشرات الآلاف من المواطنين وتمزيق للتضامن الاجتماعى وإثارة لمكان السخط والحقد وخروج بالملكية الخاصة عن أداء وظيفتها الاجتماعية وبالتالى من تحقيق الخير العام للشعب إلى التحطيم لحياة عشرات الآلاف من الموطنين دون ضرورة ملجئه تدعوا إلى ذلك ، بل أن لذلك احتمالات مؤكدة لقيام خلل فى الأمن العام لا يعرف مداه أو ايجابيته وقد استشعرته جهة الإدارة بعد صدور القرار واشارت إليه فى كتاب نائب محافظ القاهرة المرسلة إلى مكتب رئيس الوزراء ، ومن هنا كان وجه المصلحة العامة القومية فى عدم التسبب فى نشؤ وجود هذه الظاهرة الخطيرة بشقيها الانسانى والأمنى بتنفيذ القرار محل النزاع وخاصة أن وجود التجمع السكانى الذى يحطمه ويهدر كيانه القرار المذكور واستقراره على أرض الدولة المخصصة لشركة المعادى للتنمية والتعمير منذ حوالى 18 عاما ، لم ينشأ فجأة وعلى حين غرة أو خفيه من جهات الإدارة وأجهزتها والشركة التى خصصت لها الأرض ولكنه مجتمع سكانى نشأ على مدى زمنى طويل أمامها ، وهو ما لم يتم فى الخفاء ، وقد ساهمت فى وجوده عندما لم تمنعه فى بادئ الأمر ولم تحرص على منع اتساعه فى مستهله سواء تم ذلك بازالة التعديات فورا ، وتحديد مساكن بديلة لهؤلاء ، وكانت الإدارة تملكه فى حينه دون تثريب عليها ، أما وقد قعدت عن ذلك ولم تنشط اليه فى وقته فأن تدميره والقضاء عليه الآن وقد استفحل ، ليس فقط مما لا يجوز للإدارة فعله ولكنه يكون بمثابة إخلال منها بمسئوليتها نحو الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وحماية السلام الاجتماعى وعدم السماح بأن يترتب على المكية الخاصة التشريد والتحطيم لحياة عشرات الآلاف من المواطنين دون ضرورة ملجئة تبرر ذلك وتشريدهم دون تدبير شئونهم واشباع حاجاتهم والحفاظ على الأمن والاستقرار بينهم ولا شك أن هذه النتائج تشكل وجه المصلحة العامة القومية الأكثر إلحاحا وأخطر شأنا يتعين أن تكون فى هذه المرحلة أولى بالرعاية من مجرد إزالة التعدى على أرض مملوكة للدولة وهو أمر مشروع ولكنه أدنى من أن يكون أحق بالتغليب ، إذ فى هذه الحالات تختلط مناسبة العمل بمشروعيته ويلزم دائما ليكون مشروعا أن يكون ملائما ومناسبا وهو ما تنبسط عليه رقابة المشروعية من القضاء الإدارى على نحو ما سلف بيانه وذلك دون أن يكون ذلك اقحام للقضاء فى نطاق السلطة التقديرية للإدارة ، ذلك أن هذه الإدارة يتعين أن تصدر فى تصرفاتها بما يراعى الموازنة بين المصالح العامة المتفاوته المدارج والوزن والأهمية على النحو الذى الزمها به الدستور والقانون واذا لم تلتزم بذلك كان للقضاء الإدارى بحكم ولايته التى أناطها به الدستور أن يردها إلى مجال المشروعية وسيادة القانون بحسب صحيح التفسير السليم لأحكام الدستور والقانون وبما يدرأ ما يترتب على تنفيذ قراراتها غير المشروعة من قرارات اجتماعية وسكانية واخلاقية وصحية وأمنية على النحو الظاهر والثابت فى موضوع الطعن الماثل .
ومن حيث إنه متى كان ذلك فأن القرار المطعون فيه وبحسب ظاهر الأوراق يكون قد صدر مشوبا بعدم المشروعية لانحرافه عن الالتزام بغايات الصالح العام القومى بما يرجح معه إلغاؤه عند الفصل فى طلب الإلغاء الأمر الذى يتوفر به فى طلب وقف تنفيذه ركن الجدية المشروط فى اجابته ، هذا فضلا عن توافر ركن الاستعجال بسبب ما سيلحقه تنفيذ القرار من اضرار مؤكده سبق بيانها ويتعذر تداركها ومن ثم يستوفى طلب وقف التنفيذ ما استوجبه القانون للحكم به .,
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى القضاء بذلك فانه يكون قد اصاب وجه الحق والقانون للأسباب التى سلف ذكرها ويكون الطعن عليه غير قائم على سنده الصحيح فى الواقع والقانون خليق بالرفض .
ومن حيث أن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم إختصاصها بنظر الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق عليا وأمرت باحالته إلى محكمة القضاء الإدارى على النحو المبين فى الأسباب وابقت الفصل فى المصروفات .
وبقبول تدخل شركة المعادى للتنمية والتعمير خصما منضما إلى الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق عليا .
وبقبول الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق عليا شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الشركة المتدخلة مصروفات هذا التدخل والزمت الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفات الطعن