طعن رقم 1930 لسنة 39 بتاريخ 26/06/1993 الدائرة الثانية

Facebook
Twitter

طعن رقم 1930 لسنة 39 بتاريخ 26/06/1993 الدائرة الثانية
طعن رقم 1930 لسنة 39 بتاريخ 26/06/1993 الدائرة الثانية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد محمود الدكرورى. نائب رئيس مجلس الدولة.
و عضوية السادة الأساتذة/محمد مجدي خليل وعويس عبد الوهاب عويس وحسنى سيد محمد ومحمد عبد الحميد مسعود. المستشارين.

* إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 20/3/1993 أودع المدعون قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير مخاصمة قيد برقم 1930لسنة 39 قضائية عليا ضد السيد المستشار00000000000 رئيس المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) التي تنظر الطعون أرقام 1233 ، 1242 ، 1243 لسنة 38 ق عليا المقامة من محافظ القاهرة بصفته وأخرين ضد طالبي المخاصمة وآخرين.
وطلب المدعون في ختام تقرير المخاصمة الحكم بجواز قبول مخاصمة المدعي عليه وباعتبار كافة القرارات المنوه عنها بهذا الطلب بما فيها القرار الصادر بجلسة 7/3/1993 بحجز الطعون المشار إليها للحكم بجلسة 11/4/1993 كأن لم تكن والحكم بوقف هذه الطعون لحين الانتهاء من خصومه الرد والزام المخاصم بتعويض طالبي المخاصمة تعويضا مؤقتا عن الأضرار التي أصابت المطعون ضدهم مع المصروفات.
وأعلن تقرير المخاصمة قانونا وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا – مسببا – بالرأي القانوني. ارتأت فيه الحكم أصليا: باستبعاد الدعوى من الرول لعدم إيداع مبلغ الكفالة المقرر قانونا واحتياطيا: بعدم جواز المخاصمة وبتغريم مل مخاصم مبلغ (1000) آلف جنيه وبمصادره الكفالة مع إلزامهم المصروفات.
وعرضت الدعوى على المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحددت لنظرها جلسة 3/4/1993 وتدوول نظرها في الجلسات على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 29/5/1993 قدم الدكتور شوقي السيد المحامي عن المخاصمين حافظة مستندات وثلاثة أشرطة تسجيل صوتية ومرئية تنفيذا القرار المحكمة وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 19/6/1993 مع التصريح بالإطلاع وتقديم التصريح بالإطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوعين وخلال الأجل المحدد.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في ان طالبي المخاصمة أقاموا مع آخرين الدعاوى أرقام (2790)، (3452)، (3717)، (3494)، (3844)، (3999)، لسنة 46 ق أمام محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى (ج) حيث قضت المحكمة في هذه الدعاوى بجلسة 2/4/1992 بقبولها شكلا وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان وبإحالة الدعاوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب إلغاء وتم الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) بالطعون أرقام 1233، 1242، 1243 لسنة 38 قضائية عليا حيث طلب الطاعنون وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أولا – أصليا بإعادة الدعوى إلى المحكمة القضاء الإداري للفصل في طاب وقف تنفيذ القرارات السلبية المطعون فيها واحتياطيا برفض طلب وقف تنفيذ القرارات السلبية المطعون فيها بالامتناع عن تجديد تراخيص الأشغال الممنوحة للمطعون ضدهم في سوق روض الفرج بمحافظة القاهرة وثانيا – برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 64 لسنة 1992 الصادر من محافظة القاهرة بجميع أشطاره وثالثا بإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات وكانت قد عينت جلسة 20/4/1992 أمام دائرة فحص الطعون لنظر الطعن رقم 1233 لسنة 38 ق عليا وفي تلك الجلسة قررت الدائرة ضم الطعون أرقام 1233، 1242، 1243 لسنة 38 ق عليا ليصدر فيها حكم واحد بجلسة 28/9/1992 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعون المشار إليها إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) التي نظرتها بجلسة 18/10/1992 وتدوول نظرها بالجلسات التالية على الوجه المبين بالمحاضر وبجلسة 7/3/1993 أثبت بالمحضر أن بعضا من المطعون ضدهم قاموا بتقديم طلب رد عضوين من أعضاء المحكمة التي تنظر الطعون، وقدم أحد المحامين صورة من أسباب الرد إلى السيد المستشار رئيس المحكمة الذي قام بإثباتها بمحضر الجلسة و بعد رفع الجلسة للمداولة عادت المحكمة للانعقاد في الموعد الذي حددته (الساعة الحادية عشر مساء) واثبت السيد المستشار رئيس المحكمة بمحضر الجلسة أنه ورد إليه المداولة طلب موقع من بعض المطعون ضدهم جاء في ختامه أنه إذا لم توقف هيئة المحكمة الموقرة الطعن المنظور وفقا للقانون حتى بفصل في طلب الرد فإن هيئة الدفاع يؤسفها أن تقرر الآن رد الهيئة بكاملها على أن تودع أسباب الرد صباحا وفي وقت العمل الرسمي ولو إن قلم الكتاب موجود لقم الموكلون بهذا الإجراء على الفور وقد تأشر على الطلب بالإرفاق بملف الطعون بعد أن أثبت مضمونه بمحضر الجلسة وعقب ذلك أصدرت المحكمة قرارها بحجز الطعون للحكم بجلسة 11/4/1993 المسائية وفي صباح اليوم التالي – 8/3/1993 قام اثنان من المطعون ضدهم بتقديم تقرير بطلب رد جميع أعضاء المحكمة (الدائرة الأولى) وقيد برقم 1740 لسنة 39 ق عليا.
ومن حيث أن دعوى المخاصمة الراهنة تقوم على أسباب حاصلها أن السيد المستشار والمخاصم ضده اغتصب ولاية الدائرة المختصمة بنظر دعوى الرد وبإفصاحه عن رأيه في الدعوى، وذلك على النحو الأتي:
أولا – منذ أن تحدد لنظر الطعون السالف ذكرها جميعا أمام المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى – جلسة 18 أكتوبر 1992 تقدمت هيئة الدفاع عن الطالبين لتهيئة الدعوى لمرافعة بطلب مستندات من الحكومة ومن الجهات المختلفة والتي لا سلطان لهم عليها ولم يترافع أعضاء هيئة الدفاع في موضوع الطعون التي تدوول نظرها ست جلسات وفي كل جلسة وفق الثابت بمحاضر الجلسات يثبت أن الدعوى بحالتها تتطلب تقديم مستندات كلها أو أغلبها لدى الجهات الرسمية أو لدى الطاعنين، وهو ما يؤكد أن المر يتطلب بالضرورة تقديم هذه المستندات ثم الإطلاع عليها والمرافعة في الدعوى شفويا أو بمذكرات.
ثانيا: دأبت هيئة المحكمة على إصدار قراراتها بتأجيلات قصيرة المدى بين أسبوعين أو ثلاث مع ان الطعون المضمومة ثلاثة وعلى حكمين وكثرة عدد الخصوم وهيئة الدفاع من الطرفين مجموعة فريدة من المحامين قيدت الدعوى غليظة مكتظة لا تتناسب معها. مطلقا هذه السرعة وهذا الإصرار على الحكم وبهذه الكيفية ونظر القضايا أمام مجلس الدولة والمحكمة الإدارية العليا يشهد بذلك.
ثالثا: بجلستي المرافعة التين عقدتا بتاريخ 14/2/1993، 28/2/1993 قررت هيئة المحكمة تكليف الجهة الإدارية بإيداع مستندات بالغة الأهمية لم تقدم وترافعت هيئة الدفاع في أهمية هذه المستندات ولزومها للمرافعة وبعد ثلاث ساعات من المرافعة في طلب المستندات وقبل الخوض في الدفاع في الموضوع فؤجئت هيئة الدفاع بتأجيل نظر الطعون أسبوعا لجلسة 7/3/1993 وقد بلغت المستندات المطلوبة للمرافعة ثمان مستندات.
رابعا استشعرت هيئة الدفاع أمرا عجيبا في سير هذه الطعون كما تأكد للمطعون ضدهم أيضا ما كان يساورهم من شكوك لهذا قام أربعة منهم برد السيدين المستشارين عضوي اليمين واليسار في الصباح يوم الأحد السابق على الجلسة المحددة للمرافعة في 7/3/1993 حيث نظرت الطعون مساء في الساعة التاسعة والنصف،وقد تجاهلت المحكمة طلب الرد الذي قيد برقم 720 لسنة 39 ق عليا استمرت في نظر الطعون وتمسك الدفاع بطلب وقف الفصل فيها إلى حين أن تفصل دائرة الرد في دعوى الرد غير أن السيد المستشار رئيس الدائرة نادى على طالبي الرد لمناقشتهم،وبعد تلاوة أسباب الرد أتاح لمحامي الحكومة أن يتعرض على طلب الرد مناقشا أسبابه.
خامسا:بعد أن أفصحت الدائرة عن موقفها من الرد وتصديها لها حاجبة بذلك الدائرة المختصة قامت بإصدار قرارها بالتصريح بالإطلاع على المستندات التي قدمتها الحكومة وذلك خلال أقل من ساعة وأثناء هذا الوقت القصير تقدم الدفاع عن المطعون ضدهم بطلب أكد فيه التمسك بطلب وقف الفصل في الطعون إلى أن تفصل دائرة الرد في الطلب المقدم من بعض المطعون ضدهم غير أن هيئة المحكمة أصرت على موقفها وتجاهلت طلب الرد الأول علاوة على محاولة الحيلولة دون المطعون ضدهم وممارسة حقنهم في اتخاذ إجراءات رد الهيئة بأكملها في اليوم التالي وبادرت بإصدار قرارها بحجز الطعن للحكم بجلسة 11/4/1993 بدون مذكرات مما يحرم المطعون ضدهم من التعقيب وإبداء الدفاع الضروري في موضوع الطعون مما يشكل سابقة خطيرة تسمح للخصم أن يفصل في خصومة هو طرف فيها.
سادسا: بعد أن تبينت للمطعون ضدهم أسباب جديدة للرد، قام بعض منهم بتقديم طلب الرد الثاني بتاريخ 8/3/1993 ولأسباب تأكدت لهم وظهرت بعد قرار حجز الطعون للحكم بل أن ما حدث بالجلسة الأخيرة للمرافعة يعتبر بذاته من أسباب الرد.
سابعا: أصبح معلوما للمطعون ضدهم أن صلة المودة ظاهرة بين الطاعنين وهيئة المحكمة وان عداوة واضحة بينها والمطعون ضدهم وأنه صار مؤكدا عدم استطاعة الحكم بغير ميل لصالح الطاعنين.
ثامنا: أذاعت أذاعه الشرق الوسط يوم 10/3/1993 برنامجضيف على الإفطاروكان الضيف هو رئيس المحكمة الذي افصح تصريحا أحيانا وتلميحا أحيانا أخرى عن اتجاهاته في رقابة المشروعية فضرب مثلا حول الجهة الإدارية نقل السد العالي أو هدمة وسلطاته في رقابة المشروعية وأنه لا يملك إزاء ذلك رقابة على قرار الجهة الإدارية.
تاسعا: تقدمت هيئة الدفاع عن المطعون ضدهم بطلب إلى السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بوصفة السلطة الرئاسية – وليس بوصفة رئيس الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بأن يحيل إلى دائرة الرد المختصة طلب الرد الجديد وعلى الرغم من أن هذا الطلب قدم يوم 16/3/1993 فإن الطاعنين علموا أن هذا الطلب قد حفظ شأنه شأن طلبات أخرى متعلقة بموضوع أخرى متعلقة الطعن الخاص بسوق روض الفرج.
عاشرا: بمناسبة مأدبة الإفطار التي أقامها البابا الأنبا شنودة يوم الأحد الموافق 14/3/1993 شوهد رئيس مجلس الدولة مع رئيس الحكومة والوزراء المعنيون وهم الخصوم في الطعون فى جلسة ودية يناقشون فيها موضوع النزاع، وقد تجاهل السيد رئيس مجلس الدولة ورئيس الدائرة الأولى أسباب الرد الأولى والثاني ولم يحدد جلسة لنظرهما أمام الدائرة المختصة رغم الكتابة إلية بضرورة الإحالة وتحديد الجلسة وإخطار طالبي الرد خلال ثلاثة أيام إلا أنه لم يحدد جلسة ولم يتم الإخطار وخلص المدعون في ختام تقرير دعوى المخاصمة إلى أن التصرفات التي صدرت عن السيد رئيس مجلس الدولة المختصم، تتمثل في الأوجه الأتية.
أولا- تصديه لدعوى الرد التي قدم طلبها يوم 7/3/1993 وتجاهله لها وتصريحه للحكومة بالمرافعة في شأنها على الرغم من عدم ولاية المحكمة المردودة في أن تتصدى لدعوى الرد مغتصبة بذلك ولاية دائرة الرد.
ثانيا- إصدار قرار بحجز الطعون للحكم بدون مذكرات وهو أمر لا يعني فقط رفضا ضمنيا لطلب الرد وانما يعنى كذلك حرمان المطعون ضدهم من تقديم دفاعهم.
ثالثا- تغيير الحقيقة الذي لحق محضر جلسة 7/3/1993 وهو أمر يسهل إثباته بمراجعة تسجيل الصوت الذي دار مع ما هو ثابت بمحضر الجلسة.
رابعا- تجاهل السيد رئيس مجلس الدولة طلب الرد الذي أبدى قبل أقفال باب المرافعة وإصدار قراره بحجز الطعون للحكم كما فوت على طالبي الرد حقهم في اتخاذ إجراءات الرد الشكلية.
خامسا- تجاهل السيد رئيس مجلس الدولة الطلب الذي تقدم به طالبو الرد بتاريخ8/3/1993 (الطلب الثاني) بتحديد الدائرة التي تنظره رغم التزامه قانونا بذلك.
سادسا- إبداء السيد رئيس مجلس الدولة رأيه في موضوع الطعن في وسيلة الأعلام وكل هذه التصرفات تمثل أخطاء مهنية جسيمة توجب الحكم ببطلانها جميعا في طلب المخاصمة، وانتهى المدعون في ختام تقرير دعوى المخاصمة إلى طلب الحكم بطلباتهم المشار إليها.
ومن حيث أن المادة 494 من القانون المرافعات تنص على أنه تجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية:
1- إذا وقع من القاضي أو عضو النيابة في عملها غش أو تدليس أو عذر أو خطأ مهني جسيم000وتنص المادة495 من القانون المرافعات معدلا بالقانون رقم23 لسنة 1992 على أن ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة يوقعه الطالب أومن يوكله في ذلك توكيلا خاصا وعلى الطالب عند التقرير أن يودع مائتي جنية على سبيل الكفالة..ويجب أن يشتمل التقرير على بيان أوجه المخاصمة وأدلتها وأن تودع معه الأوراق المؤيدة لها وبينت المواد 496، 497، 498، 499، 500 من هذا القانون إجراءات دعوى المخاصمة ونظرها والآثار المترتبة على الحكم بجواز قبولها أو الحكم بعدم قبولها أو رفضها.
ومن حيث أن دعوى المخاصمة هي من موع خاص أفراد لها المشرع أحكاما خاصة وإجراءات معينة تسري جميعها على أعضاء و مستشاري محاكم مجلس الدولة نظرا لعدم تضمين قانون مجلس الدولة أحكاما تنظم دعوى مخاصمة أعضاء مجلس الدولة على نهج ما جاء بقانون المرافعات وأعمالا للمادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي تقضي بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكاما قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي،وهو لم يصدر بعد فمن ثم تكون النصوص المنظمة لدعوى المخاصمة في قانون المرافعات هي الواجبة التطبيق في شأن مخاصمة أعضاء مجلس الدولة.
ومن حيث أنه تصح مخاصمة القاضي في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 494 المشار إليها وأولها إذا وقع منه في عمله خطأ مهني جسيم، وقد أستقر الفقه والقضاء الإداري والمدني وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا في تفسير معنى الخطأ المهني الجسيم بأنه هو الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب فهو في سلم الخطأ أعلى درجاته، ويكون ارتكابه نتيجة غلط فادح ما كان ليسلق إليه لو أهتم بواجباته الاهتمام العادي أو بسبب إهماله مفرطا يعبر عن خطأ فاحش مثل الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون ولذلك لا يعتبر خطأ مهنيا جسيما فهم رجل القضاء للقانون على نحو معين ولو خالف فيه إجماع الشراح ولا تقديره لواقعة أو إساءة الاستنتاج كمالا يدخل في نطاق الخطأ المهني الجسيم الخطأ في استخلاص الوقائع أو تفسير القانون أ, قصور الأسباب، وعليه يخرج من دائرة هذا الخطأ كل رأى أو تطبيق قانوني يخلص إليه القاضي بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول للمسألة القانونية المطروحة ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وأراء الفقهاء، ويضاف إلى ذلك أنه فيما يتعلق بالمحاكم العليا في اختصاصها فإنها القوامة على إنزال حكم القانون وأرشاء المبادئ والقواعد بما لا معقب عليها في ذلك الأمر الذي لا يسوغ معه نسبة الخطأ المهني الجسيم إليها ألا أن يكون هذا الخطأ بينا غير مستور ينبئ في وضوح عن ذاته إذ الأصل فيما تستظهره المحكمة العليا من حكم القانون أن يكون هو صحيح الرأي في هذا الحكم بما لا معقب عليها فيه بحسبانها تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي، والخطأ في هذه الحالة أن لم يكن بيننا في ذاته كاشفا عن أمره لا يكون سببا في تحريك دعوى المخاصمة.
ومن حيث أنه – وقبل التعريض لأوجه المخاصمة في الدعوى الماثلة – يتعين التأكيد على أن هذا المحكمة، بما لها في نظر تلك الدعوى لا تشكل ولا تعتبر بأي حال من الأحوال محكمة طعن بالنسبة للحكم الصادر في خصومة الأصلية المتصلة بالمخاصمة فلا تملك التعقيب عليه من حيث الواقع والقانون، إلا في الحدود وبالقدر الذي يتعلق بأوجه المخاصمة لبيان ما إذا كان ثمة خطأ مهني جسيم صدر عن القاضي المختصم، والقول بغير ذلك يؤدي إلى أن تصبح دعوى المخاصمة طريقا للطعن على الأحكام بغير حق ولا سند في القانون.
ومن حيث أنه عما تنسبه دعوى المخاصمة، في وجهها الأول والرابع، من خطأ مهني جسيم إلى السيد الأستاذ المستشار المختصم في تصديه الرد الذي تقدم به بعض المطعون ضدهم في الطعون المشار إليها التي كانت تنظرها هيئة المحكمة برئاسته وذلك بتاريخ 7/3/1993 طالبين رد عضوي اليمين واليسار فإنه يتعين التنويه بأن طلب القاضي ليس إجراء من إجراءات الدعوى المطروحة لديه،ولا هو مرحلة من مراحل نظرة لها وفصله فيها، وانما هو سبيل لمنعه عنها بادعاء أنه غير صالح لها لقيام سبب من أسباب الرد فيه كما حصرها القانون.
ومن حيث أنه بالإطلاع على الطلب الذي قدمه في 7/3/1993 بعض المطعون ضدهم التي تتصل بها دعوى المخاصمة الماثلة لرد عضوي اليمين واليسار في هيئة المحكمة التي الطعون (السيدين الأستاذين المستشارين ………………و………………) يبين أن هذا الطلب تضمن أسبابا لما طلبه من الرد ما نصبه:
1- تحديد جلسة سريعة بالرغم من أن ميعاد الجلسة لا يحدد إلا بناء على طلب مقدم بالمحكمة.
2- قامت هيئة المفوضين بإعداد تقرير بالرأي القانوني بسرعة ودون أن تستوضح وجهة نظر المطعون ضدهم.
3- التأجيلات القصيرة في الدعوى.
4- عدم تنفيذ ما قررته المحكمة بالنسبة لضم الأوراق.
5- عدم اتخاذ أي أجراء رادع بالنسبة لوسائل الأعلام التي كانت تحاول بكل الوسائل الضغط على المحكمة عند نظر الطعن مما يشكل جريمة في التدخل في أعمال القضاء، ولم تستجب المحكمة إلى طلب الدكتور شوقي السيد المحامي في هذا الشأن وكانت خاتمة المطاف إغفال المقال الذي نشرها المستشار السابق بالمجلس في جريدة الأخبار الذي يحرض فيه الحكومة على عدم تنفيذ الحكم حيث أنه جعل عنوان مقاله لا تخافي يا حكومة.
6- ضم الدفوع للموضوع وعدم الفصل فيها في حين إنها تمس صميم وكيان الدعوى.
7- بمطالعة محضر الجلسة الأخيرة تبين أنه لا يعبر عما دار بالجلسة الأخيرة بتاريخ 28/2/1993.
8- وللأسباب الأخرى التي ستذكر في جلسات المرافعة.
وهذا جميعا، على ما هو واضح فيه، لا يتضمن نسبة أي أمر للمستشارين المطلوب ردها يشكل لهما أو لأيهما – ولو ظاهرة ما يمكن اعتباره أو فهمة أو حتى قراءته على سبيل من أسباب الرد فكل ما ساقه الطلب يتعلق في مجموعة بإجراءات نظر الطعون، دون أن يسند لهما أو لأيهما كأمرا , يدعى على أحدهما شيئا، أو يأخذه من قريب أو بعيد، وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة بصلة أ, يمسك أو حتى بإيماء – ومن ثم فأن هيئة المحكمة برئاسة السيد المستشار المختصم، عندما لم ترتب على ذلك الطلب الأثر الواقف للدعوى الذي شرعه القانون على التقدم بطلب رد القاضي، الذي ينظرها،لا تكون: أي المحكمة ولا السيد الأستاذ المستشار المختصم قد أتى أو صدر عنه خطأ مهني جسيم يبرر مخاصمته، ذلك أن الثر الواقف للدعوى إنما يرتبه طلب رد، وما قدمه الطاعنون عندما حمل على أته ليس من شأنه إنتاج ذلك الأثر، كان مرده أنه لم يتضمن – وعلى ما سلف بيانه – نسبة أمر ما للمستشارين المطلوب ردهما، وبالتالي فإن هذا المسلك لا يتأتى اعتباره خطأ مهنيا جسيما.
فكما أن المحكمة لا تكون قد أخطأت مهذبا جسيما إذا ارتضت في طلب ردا قدم إليها بما وصفه به مقدمه من أنه كذلك وتعول على هذا وحده في ترتيب أثره الواقف للدعوى الأصلية الذي حدده القانون فإن المحكمة أيضا لا يكون قد صدر عنها، أو عن أحد المشكلين لهيئتها، خطأ مهني جسيم إذا لم تعول على الطلب الذي قدم إليها لرد قاض بها عندما لا يتضمن هذا نسبة أي شئ للقاضي أو إسناد صلة أو مسلك إليه لاعتباره سبب رده.
ومن حيث أنه متى كان ذلك فإن وجهي المخاصمة الأول والرابع يكونان غير صائبين ولا يصلحان مسندا لقبول دعوى المخاصمة.
ومن حيث أنه عن الوجه الخامس من اوجه المخاصمة بتجاهل السيد الأستاذ المستشار المختصم لطلب الرد الثاني المقدم بتاريخ 8/3/1993، فإن الأمر في شأنه، على ما تستظهر الأوراق أنه في 7/3/1993 وأثناء نظر الطعون التي تتصل بها هذه الدعوى بالمخاصمة، تقدك بعض الطاعنين بكتاب الى السيد رئيس مجلس الدولة – المستشار المختصم – انتهى إلى ما نصبة إذا لم توقف هيئة المحكمة الموقرة الطعن المنظور وفقا للقانون حتى الفصل في طلب الرد فإن هيئة الدفاع يؤسفها أن تقرر الآن ردا الهيئة بكاملها على أن تودع أسباب الرد صباحا وفي وقت العمل الرسمي ولو أن قلم الكتاب موجود لقام الكتاب موجود لقام الموكلون بهذا الإجراء على الفور وفي يوم8/3/1993 ارفق اثنان من الطاعنين ذات الكتاب المذكور بطلب إلى السيد مدير المحكمة الإدارية العليا ذكرا فيه أنهما قررا بالتقرير بطلب رد السادة أعضاء الدائرة الأولى الخمسة وذلك عن نظر الطعون أرقام 1242، 1233، 1243 لسنة 38 ق.
ومن حيث أنه عن الكتاب المشار إليه الذي قدم إلى رئيس مجلس الدولة مساء يوم 7/3/1993 فإنه بالقطع ليس طلب رد ولكنه بمثابة تلويح به لا يعرفه ولا ينظمه القانون ولا يترتب عليه أثرا ومن ثم لا يشكل الالتفات عنه وعدم الاعتداد به خطأ يسوغ اعتباره سندا للمخاصمة، أما طلب يوم 8/3/1993 فأيا ما كان وجه الأمر أو الرأي في شأنه فإنه قدم بعد حجز الطعون سالفة الذكر للحكم في اليوم السابق وغلق باب المرافعة فيها الأمر الذي لا يشكل الألتفات عنه وعدم ترتيب أي أثر له خطأ مهنيا جسيما يصلح وجها لمخاصمة.
ومن حيث أنه عن الوجه الثاني من أوجه المخاصمة الخاص بحرمان المطعون ضدهم من تقديم دفاعهم فالثابت من الإطلاع على ملفات الطعون أرقام 1233، 1242، 1243 لسنة 38 ق عليا أنها نظرت أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 20/4/1993وأستمرت في تداوله أكثر من خمسة أشهر نظرت فيها الطعون في ثلاث جلسات وبجلسة 28/9/1993 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) حيث تحددت جلسة 18/10/1992 لنظرها واستمرت متداولة على مدى سبع جلسات حتى جلسة 7/3/1993 حيث قررت المحكمة حجزها للحكم بجلسة 11/4/1993 والثابت من الإطلاع على محاضر الجلسات سواء دائرة فحص الطعون أو دائرة الموضوع أن المخاصمين عن المطعون ضدهم حضروا جميع هذه الجلسات وقدموا بعض المستندات وطلبوا أجلا للاستعداد والدفاع كما ترافع بعضهم وقدموا مذكرات بدفوعهم ومذكرة أخرى تناولوا فيها قرار محافظ القاهرة رقم 64 لسنة 1992 الصادر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وأتاحت لهم المحكمة بالمرافعة الشفوية الثابتة بمحاضر الجلسات كما دفعوا ببطلان القرار الإداري محل الطعن ومن ثم فإن حق الدفاع يكون قد أتيح للمطعون ضدهم خلال هذه الجلسات الممتدة من جلسة 20/4/1992 حتى جلسة 7/3/1993 وبمراعاة أن طبيعة المنازعة متعلقة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية وفق ما نظمه قانون مجلس الدولة وبذلك يستلزم أن يتم الفصل فيها بصفة مستعجلة فإن هيئة المحكمة برئاسة السيد المستشار المختصم بعد ذلك تلك الجلسات المتعددة لا تكون قد تجاوزت الحد الذي خوله لها القانون ولا يكون ثمة إهدار لحق الدفاع للمطعون ضدهم صدر عن السيد المستشار المختصم وبالتالي لا يكون ثمة خطأ في حجز الطعن للحكم بغير مذكرات اذ ان ذلك من الأمور التي تستقل بتقديرها المحكمة.
ومن ثم يكون هذا الوجه لا أساس له من القانون ويتعين الالتفات عنه ومن حيث أنه عن الوجه الثالث من أوجه المخاصمة القول بأن تغييرا لحقيقة قد لحق محضر جلسة 7/3/1993 فإنه لما كان الثابت أن طالبي المخاصمة لم يحددوا ماهية هذا التغيير الذي لحق بمحضر جلسة 7/3/1993 حتى يمكن مراقبته وتقدير مدى أهميته وانما جاء هذا الادعاء مرسلا مفتقدا لأساسه فضلا عن أن مخاصمة القاضي بدعوى تغيير الحقيقة في حكم أو قرار أو في محضر جلسة هو في حقيقته إدعاء بالتزوير وهو أمر يقتضي أن يسلك طالب المخاصمة سبيله وحتى لا يستعرض بإجراءات المخاصمة عن إجراءات الطعن بالتزوير. ومن ثم فإن هذا السبب فضلا عن أنه جاء مجهلا ولم يقم عليه دليل فإنه ليس من أسباب المخاصمة المنصوص عليها قانونا ولا يجوز أن تقوم دعوى المخاصمة الماثلة استنادا إليه.
ومن حيث أنه عن الوجه السادس من أوجه المخاصمة القائل بأن السيد المستشار المختصم قد أبدى رأيه في موضوع الطعن في وسائل الأعلام المسموعة والمرئية وأنه شوهد يتحدث في موضوع الطعن مع الطاعنين في حفل إفطار خلال شهر رمضان فإن ما ورد بتقرير المخاصمة هو أن سيادته أفصح عن رأيه في موضوع النزاع عندما تكلم عن رقابة المشروعية تجاه قرار يصدر من الجهة الإدارية في برنامج ضيف على الإفطار بإذاعة الشرق الأوسط يوم 10/3/1993 وهذا القول ليس فيه إفصاح عن رأى في موضوع النزاع المعروض على المحكمة التي يرأسها إذ لم يتطرق في حديثة أو يعلق على الطعون المنظورة أمام المحكمة بل على العكس من ذلك صرح في حديثة بأنه لا يجوز له الحديث عن أي دعوى منظورة أمام قضاء مجلس الدولة ويجب عدم توجيه أي استفسارات أو أسئلة بشأنها وان كل ما تطرق إليه في هذا البرنامج إيضاح مدى سلطة القضاء الإداري في مراقبة مشروعية أعمال الإدارة على وجه العموم طبقا لاختصاصات مجلس الدولة من حيث مطابقتها للقانون بعناه العام نصا وروحا وهو ما يطلق عليه مبدأ الشرعية أو مبدأ سيادة القانون فإذا ما تناول في حديث إذاعي شرح المجال الذي يعمل في نطاقه قضاء المشروعية وضرب مثلا لذلك فإنه لا يكون قد أبدى رأيا لا تلميحا ولا تصريحا في دعوى منظورة أمامه لكونه يتحدث عن مبدأ قانوني بصفة عامة ولا يناقش موضوع قضية بذاتها، وعليه فإنه يتعين الالتفات عن السبب أما عن القول بأنه شوهد في حفل إفطار يتحدث مع الطاعنين في موضوع القضية فإن هذا القول إذ جاء مرسلا وعاريا من أي دليل فإنه لا يكون ثمة خطأ في جانبه كذلك الأمر بالنسبة لبرنامج حكمت المحكمة الذي شوهد بالتليفزيون يوم 16/4/1993 فكان ذلك يوم 16/4/1993 أي بعد صدور الحكم بجلسة 11/4/1993 فلا تأثيره له على الحكم ولا يمكن نسبة أي خطأ للمخاصم ضده في هذا الشأن.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم من أن ما ساقه المخاصمون من أسباب لدعواهم لا أساس له، وليس فيه ما يصلح سندا لمخاصمة السيد الأستاذ المستشار المختصم، أو يبرر على أي وجه نسبة خطأ مهني جسيم لسيادته مما تنشط له دعوى المخاصمة وتستقيم في ظله مبرراتها وبالتالي تكون دعوى المخاصمة – قائمة على غير سند صحيح من القانون مما يقتضي معه الحكم بعدم جواز قبولها والزام كل مخاصم بسداد ما لم يسدده من الكفالة ومقدارها مائتا جنيه وتغريمه مبلغ (1000) ألف جنيه عملا بنص المادة 499 من قانون المرافعات مع مصادرة الكفالة وإلزامهم بالمصاريف.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز قبول المخاصمة وبتغريم كل مخاصم بمبلغ ألف جنيه ومصادره الكفالة وألزمت المدعين المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في القائمة البريدية