طعن رقم 1998 لسنة 38 بتاريخ 14/08/1994 الدائرة الأولي

Facebook
Twitter

طعن رقم 1998 لسنة 38 بتاريخ 14/08/1994 الدائرة الأولي
طعن رقم 1998 لسنة 38 بتاريخ 14/08/1994 الدائرة الأولي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة الأستاذ المستشار/ محمد معروف محمد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: جودة فرحات وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 1/6/1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1998 لسنة 38قضائية وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 2/4/1992فى الدعوى رقم 1444لسنة 46قضائية والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعى المطعون ضده/ ….. بالسنة الثانية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وما يترتب على ذلك من أثار وإلزامها مصروفات الطلب المستعجل.
وطلب الطاعنون – للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 18/4/1994 حيث تم نظر الطعن أمامها بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 6/6/1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى لتنتظره بجلسة 17/7/1994 وقد أحيل الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته وناقشت أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يتضح من الأوراق- فى أنه بتاريخ 16/2/1992أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1444لسنة 46قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طالبا الحكم أولا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بامتناع جامعة الإسكندرية عن قبول (ابن) المدعى كطالب بجامعة الإسكندرية. ثانيا: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجامعة المصروفات والأتعاب. وذلك تأسيسا على أن (ابن) المدعى قد اجتاز بنجاح امتحان النقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية بكلية (الحقوق) بجامعة بيروت العربية فى العام الجامعى 90/1991 وإذ طلب من جامعة الإسكندرية قبول تحويل أوراقه وقيده بالكلية المناظرة لها طبقا للقواعد المتبعة فى هذا الشأن فامتنعت الإدارة عن قبول طلبه رغم توافر الشروط المقررة فى حقه وذلك بحجة صدور القرار الجمهورى رقم 354لسنة 1991بحظر تحويل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلا على الثانوية العامة بمجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول فى الكلية التى يرغب فى التحويل إليها مع أن القرار الجمهورى المشار إليه لا ينطبق بأثر رجعى على الطلاب الذين اكتسبوا الحق فى التحويل من جامعة بيروت إلى جامعة الإسكندرية طبقا للقواعد المقررة وقبل تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات بالقرار الجمهورى سالف الذكر، ونعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وما يرتبه من أضرار جسيمة تترتب على تنفيذه يتعذر تداركها ويتعين الحكم بإلغائه.
وبجلسة 2/4/1992 أصدرت المحكمة حكمها الطعين القاضى بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعى/ ……بالسنة الثانية بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وما يترتب على ذلك من أثار، وأقامت قضاءها على أن الأصل طبقا للقانون الطبيعى هو احترام الحقوق المكتسبة طبقا لما تقضى به قواعد العدالة ويستلزمه الصالح العام، وقد جاء الدستور مؤكدا هذا الأصل الطبيعى بحظر المساس بالحقوق المكتسبة أو المراكز القانونية التى تمت إلا بقانون، ومن ثم فإن تقرير الرجعية رهين ونص خاص فى القانون، ولزم بحكم هذا الأصل ألا تسرى القرارات الإدارية بأثر رجعى إلا إذا كانت صادرة تنفيذا لقانون نص فيه على الأثر الرجعى أو على الترخيص للإدارة بتقرير الرجعية، وتطبيقا لهذا الأصل فإن وضع نظام جديد لقبول الطلبة لا يسرى على الماضى فلا يمس المراكز القانونية الذاتية التى تنشأ قبل صدوره، فإذا كان البادى من الأوراق أن جامعة الإسكندرية قد درجت على اتباع قواعد تتيح بمقتضاها تحويل الطلبة من جامعة بيروت العربية وقد ثبت ذلك العرف الذى تواترت على تطبيقه بإصدار مجلس الجامعة قرارات حددت فيها من تطبق عليه قواعد التحويل المذكورة بأن يكون حاصلا على الثانوية العامة مدارس المناطق التعليمية التى تدخل فى نطاق الجامعة- وهى محافظات الإسكندرية والبحيرة ومطروح ومراكز دسوق ومطربس وفوه بمحافظة كفر الشيخ وأن تكون دراسة الطالب متصلة منذ الحصول على الثانوية العامة وهى التحاق بجامعة بيروت العربية، وأن يكون منقولا إلى الفرقة الأعلى وظلت جامعة الإسكندرية تطبق هذه القواعد حتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354لسنة 1991بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، فإن هذا القرار لا يسرى بأثر رجعى ولا يجوز أن يمس المراكز القانونية الذاتية التى تنشأ قبل العمل به بل يسرى بأثر مباشر على المستقبل، ومن ثم فإن من استوفى من طلاب جامعة بيروت العربية شروط التحويل أو نقل القيد فى ظل تلك القواعد يكون قد اكتسب مركزا ذاتيا لا يجوز المساس به وتكون جامعة الإسكندرية ملزمة قانونا بإحالته إلى طلبه، فإذا كان الطالب ابن المدعى حصل على شهادة الثانوية العامة سنة 1990من مدرسة تابعة لمحافظة الإسكندرية والتحق بكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية فى العام الدراسى 90/1991 وأجتاز بنجاح امتحان النقل إلى السنة الثانية فى نهاية العام الدراسى المذكور فإنه يكون قد استوفى الشروط المقررة للتحويل ونقل القيد إلى الكلية المناظرة بجامعة الإسكندرية طبقا للقواعد التى كان معمولا بها قبل صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 354لسنة 1991المشار إليه لاكتسابه مركزا ذاتيا لا يجوز المساس به، واستطرد الحكم الطعين قائلا أنه لا يدحض ذلك الاحتجاج بأن ابنه يفتقد شرط عدم تجاوز الفرق بين مجموع درجاته فى الثانوية العامة والحد الأدنى للقبول بالكلية المطلوب قيده بها بنسبة 5% ذلك أيا كان الرأى فى مدى مشروعية هذا الشرط الذى بنى على افتراض نسبة حسابية تحكمية لا تجد لها أساس قانونيا ويترتب عليها تفرقة لا موجب لها، فإن الوجه الصحيح لتطبيقها إنما يقتصر على حالة من يطلب التحويل من الفرقة الولى دون من اجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية، فأكسبهم ذلك النجاح مركزا قانونيا جديدا يخولهم حق التحويل من الفرقة الأعلى إلى الفرقة المعادلة فى الكلية المناظرة.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله من وجهين: أولهما أن المحكمة قد سايرت المدعى- بغير حق- فى تكييفه للقرار الصادر من الجامعة- محل النزاع- على أنه قرار سلبى بالامتناع عن قيد الطالب (ابن) المدعى بإحدى كلياتها مع أن حقيقة القرار هو أنه قرار إيجابى صريح برفض طلبه تنفيذا للقانون، إذ أن سكوت الجامعة عن تنفيذ عرف سائد لا يشكل قرارا سلبيا بالامتناع وعليه فغن عدول جهة الإدارة عن عرف إلى قواعد مكتوبة فى قانون أو لائحة لا يشكل قرارا سلبيا بالامتناع وإنما يكون قمة الالتزام بأحكام القانون ومراعاة التدرج التشريعى فى تقديم النصوص القانونية على الأعراف السائدة، ولا ينال من ذلك ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه من ضرورة الالتزام بالأثر الفورى المباشر للقرار الجمهورى المشار إليه وعدم تطبيقه بأثر رجعى على الحالات التى استقرت مراكزها القانونية قبل العمل به فهذا القول مردود بأن المركز القانونى للطالب لا ينشأ بمجرد نجاحه فى السنة الأولى بجامعة بيروت العربية، وإنما ينشأ ويستقر بصدور موافقة جامعة الإسكندرية على تحويله إليها أما قبل ذلك فلا يعدو أن يكون مجرد أمل قد يتحقق وقد لا يتحقق ولا يجوز التسوية بين الحق المكتسب ومجرد الأمل.
وثانيهما: أن الحكم الطعين قد اعتمد فى قضائه على المركز القانونى الذى اكتسبه الطالب من قرار مجلس جامعة الإسكندرية، وفاته أن المجلس الأعلى للجامعات قد أصدر بتاريخ 18/3/1991قرارا يحدد فيه الشروط اللازمة لقبوله تحويل الطلاب إلى الجامعات المصرية أهمها حصول الطالب على الحد الأدنى للدرجات فى الثانوية العامة اللازم للقبول فى الكلية التى يرغب التحويل إليها وهو ذات الشروط الذى صدر به قرار رئيس الجمهورية رقم 354لسنة 1991المشار إليه الصادر فى 2/9/1991، وعليه فإن رفض جامعة الإسكندرية لطلب المدعى لم يكن تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية وإنما كان نفاذا لقرار المجلس الأعلى للجامعات الصادرة فى 18/3/1991والواجب التطبيق قبل نجاح أبن المدعى فى السنة الأولى بجامعة بيروت.
ومن حيث أن التعليم العالى بجميع كلياته ومعاهده بحسبانه الركيزة الأساسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل فى مختلف مجالاته، ويتعين أن يرتبط فى أهدافه وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه، وهو ما تطلبته صراحة المادة 18من الدستور المصرى بالنص صراحة على أن التعليم حق تكفله الدولة. وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى كله وذلك مما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج، وأكدته المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49لسنة 1972عند تحديدها لرسالة الجامعات، بأن يكون التعليم فيها موجها لخدمة المجتمع والارتقاء به حضاريا. بإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة لضمان تقديم الوطن وتنمية ثروته البشرية والعمل على بعث الحضارة العربية والتراث التاريخى للشعب المصرى وتقاليده الأصلية وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعى وحاجات المجتمع والإنتاج، ولما كان ذلك وكانت الدولة مسئولة- دستوريا- عن كفالة هذا التعليم الذى يخضع لإشرافها وكانت الفرص التى تلتزم الدولة بإتاحتها للراغبين فى الالتحاق بالتعليم العالى مقيدة بإمكانياتها الفعلية التى قد تقصر عن استيعابهم جميعا فى كلياته ومعاهده المختلفة، فإن السبيل إلى فض تزاحمهم وتنافسهم على هذه الفرص المحدودة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدراسة فيه، ويتحقق بها ومن خلالها مبدأ التكافؤ فى الفرص والمساواة أمام القانون الذى حرص الدستور على إلزام الدولة بكفالة تحقيقه، بما يتولد عن تلك الشروط فى ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تكشف عن وجه الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فى الانتفاع بهذه الفرص بحيث إذا استقر لأى منهم الحق فى الامتحان بإحدى الكليات والمعاهد العالية وفق هذه الشروط فلا يحل من بعد أن يفضل عليه من لم تتوافر فيه تلك الشروط وإلا كان مساسا بحقه المقرر بالدستور، ومن هذه المنطق صاغ المشرع أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بالقانون رقم 49لسنة 1972المشار إليه ولائحته التنفيذية قضت المادة 14منه على أن تتولى المجالس والقيادات المبينة فيما بعد، كل فى دائرة اختصاصه، مسئولية تسيير العمل الجامعى وانطلاقه بما يحقق أهداف الجامعة فى حدود القوانين واللوائح والنظم المقررة ونصت المادة 19منه على أن يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل الآتية:
1) رسم السياسة العامة والتعليم الجامعى والبحث العلمى فى الجامعات والعمل على توجيهها وتنسيقها بما يتحقق معه حاجات البلاد وتيسير تحقيق الأهداف القومية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية للدولة 2) …….3) …….4) …….5) …….6)تنظيم قبول الطلاب فى الجامعات وتحديد أعدادهم.
كما نصت المادة 196من القانون المذكور على أن تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالى- وتتولى هذه اللائحة بصفة عامة وضع الإطار العام لبعض أحكامه.. وتنظيم هذه اللائحة علاوة على المسائل المحددة فى القانون المسائل الآتية بصفة خاصة:
1) تكوين الجامعات 2) اختصاصات المجالس الجامعية واللجان المتعددة المنبثقة عنها. 3) شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التى تؤدى إليهم.
ومن حيث أنه تنفيذا للقانون المشار إليه من تخويل رئيس الجمهورية إصدار اللائحة التنفيذية التى تحدد الإطار العام لتنفيذ أحكامه وبصفة خاصة شروط قبول الطلاب وقيدهم وتحويلهم ورسوم الخدمات التى تؤدى إليهم فقد أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 809لسنة 1975باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه التى نصت المادة 74منها على أن يحدد المجلس الأعلى للجامعات فى نهاية كل عام جامعى بناء على اقتراح مجالس الجامعات عدد الطلاب من أبناء جمهورية مصر العربية الذين يقبلون فى كل كلية أو معهد فى العام الجامعى التالى من بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو على الشهادات المعادلة ونصت المادة 75من هذه اللائحة على أنه يشترط فى قيد الطالب فى الجامعة للحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس أن يكون حاصلا على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ويكون القبول بترتيب درجات النجاح مع مراعاة التوزيع الجغرافى وفقا لما يقرره المجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأى مجلس الجامعات ومجالس الكليات. كما نصت المادة 87قبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية رقم 254لسنة 1991على انه يضع المجلس الأعلى للجامعات القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات ومقتضى النصوص المتقدمة أن فرص الالتحاق بالتعليم الجامعى الذى يمثل الجانب الرئيسى للتعليم العالى- لا تتهيأ لجميع الناجحين فى شهادة الثانوية العامة وما يعادلها، وإنما تتوافر هذه الفرص للإعداد منهم التى يحددها المجلس الأعلى للجامعات فى نهاية كل عام جامعى طبقا للتخطيط العام للجماعات فى الوفاء بحاجات المجتمع من المتخصصين والفنيين والخبراء، الأمر الذى من شأنه تزاحم الطلاب على القواعد المتاحة بكليات الجامعة سواء من الحاصلين على الثانوية العامة الذين يطلبون الالتحاق لأول مرة بالجامعة، أو أولئك الذين التحقوا فى البداية بكليات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات، وقد تكفلت المادة 75من اللائحة المشار إليها ببيان ما ارتأته من شروط موضوعية محققة لتكافؤ الفرص بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها حيث ربطت القبول بالتعليم الجامعى بترتيب درجات النجاح فى امتحان تلك الشهادة بحسبان هذا الامتحان الذى يتم فى إطار مسابقة عامة تجريها الدولة وتضمن فيها لجميع المتقدمين فرصا متكافئة للحصول على تلك الشهادة هو المعيار الموضوعى الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقديمهم للالتحاق بالتعليم الجامعى لتعلقه بالتفوق والجدارة التى يمتاز بها بعضهم على البعض الأخر، وهى النتيجة الحتمية المقبولة للتفاوت القائم بينهم فى الطاقات والقدرات الذهنية، ومن ثم فقد كان طبيعيا أن تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أى نص يتعارض مع هذه المبادئ التى تجعل من الجدارة والتفوق المعيار الوحيد المعتمد لشغل مقاعد كليات الجامعة وتستبعد أى معيار على القدرة المادية أو الرفعة الاجتماعية من عناصر التميز بين الطلاب فى شغل هذه المقاعد.
ومن حيث أنه إذا كان معيار الجدارة والتفوق هو المعيار الموضوعى الذى اعتمدته المحكمة الدستورية العليا بحسبانه المعيار الوحيد الذى يحقق مبدأ تكافؤ الفرص ولا يخل بمبدأ المساواة لدى القانون وهى المبادئ التى كانت رائدها وسندها فى القضاء بعدم دستورية القواعد التى تتضمن أى استثناء عليها فى القوانين واللوائح وأوقفت بذلك زحف الطوائف المستثناة من حملة الثانوية العامة على معقل المبادئ الدستورية ووضعت جميع المواطنين على قدم المساواة أمام القانون وجمعتهم على كلمة سواء قوامها ألا يرقى مقاعد الجامعة إلا من بلغ مجموع درجاته فى الثانوية العامة الحد الأدنى الذى يؤهله للالتحاق بالكلية التى يرغب فى الالتحاق بها، فإن هذه المبادئ أولى بالتطبيق، وأقوى فى الدلالة فى الحجة، وأمنع على الاختراق عند تحويل الطلاب الذين يشعلون أصلا مقاعد فى كليات تتبع جامعات غير خاضعة لأحكام قانون الجامعات، بل يظل هذا المعيار هو وحده المعيار الواجب التطبيق فى شغل مقاعد الجامعات الخاضعة للقرار بقانون رقم 49لسنة 1972المشار إليه فى أية فرقة من الفرق الدراسية وسواء كان الالتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصلين على الثانوية العامة، أو كان ذلك ومن باب أولى عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة للقانون المذكور إلى إحدى كليات الجامعات الخاضعة له- والقول بغير ذلك يعطى لكل من يملك القدرة المادية على الالتحاق بالكليات التابعة لجامعات أجنبية حقا ثابتا فى الانقضاض على مبدأ تكافؤ الفرص والتغول على مبدأ مساواة المصريين أمام أهم المرافق العامة وهو مرفق التعليم بما يملكه من عناصر لا تصلح أساسا موضوعيا عادلا للتميز بين المواطنين.
ومن حيث أن البادى من الأوراق أن مجلس جامعة الإسكندرية قد درج عند النظر فى طلبات تحويل الطلاب من كليات جامعة بيروت إلى كليات جامعة الإسكندرية على اتباع ضوابط تسمح لطلاب جامعة بيروت المنقولين إلى السنة الثانية بكلياتهم بالالتحاق بالكلية المناظرة لها بجامعة الإسكندرية إذا كان الفارق بين مجموع درجاتهم فى الثانوية العامة والحد الأدنى لمجموع الدرجات الذى قبلته الكلية المناظرة لا يزيد على نسبة خمسة فى المائة وهو شرط يؤكد استثناء هذه الطائفة من الطلاب من شرط المجموع الكلى للدرجات ويميز بغير حق بينهم وبين أقرانهم من الطلاب الذين يتساوون معهم فى ذات المركز القانونى مما يعج إخلالا صريحا بحقوقهم الدستورية فضلا عما تتضمنه هذه الضوابط من اغتصاب مجلس جامعة الإسكندرية سلطة المجلس الأعلى للجامعات الذى ناطقة المشرع وضع القواعد المنظمة لقبول الطلاب فى الجامعات وتحديد أعدادهم وخصته اللائحة دون غيره بوضع القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات ومعاهد الجامعات غير الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات.
ومن حيث أن المجلس الأعلى للجامعات قد تدارك هذا الوضع الشاذ وما ترتب عليه من خطر المساس بالمبادئ الدستورية وأصدر فى 18مارس سنة 1991قرارا برفع الخلل الذى أصاب مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات ونص فيه صراحة على أنه تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب المصريين وعدم السماح، بأية استثناءات يحظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلا على الحد الأدنى فى شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعينة التى يرغب فى تحويله أو نقل قيده إليها على أن يتم التحويل مركزيا عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات.وإمعانا فى تأكيد هذا الشرط صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354لسنة 1991بتعديل نص المادة 87من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات متضمنا حظر تحويل الطلاب المشار إليهم إلا إذا كان الطالب حاصلا فى الثانوية العامة على مجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول فى الكلية التى يرغب فى التحويل إليها.
ومقتضى المبادئ المتقدمة أن النظام القانونى للجامعات المصرية- سواء قبل تدخل المجلس الأعلى للجامعات أو بعد تدخل رئيس الجمهورية بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات- لم يكن يسمح بأى حال من الأحوال بالاستثناء من شرط المجموع الكلى للدرجات فى الثانوية العامة بحسبانه المعيار الموضوع الوحيد للتميز بين الطلاب فى شغلهم المقاعد بالكليات فى الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات سواء أكان ذلك عند التحاقهم مباشرة بالجامعة بعد حصولهم على الثانوية العامة أو عند تحويلهم أو نقلهم من كليات جامعات لا تخضع للقانون المذكور، إلا أن تدخل المجلس الأعلى للجامعات فى 18مارس 1991قد وضع حدا للشكوك حول الضوابط والأعراض التى جرت عليها خطأ بعض الجامعات فى هذا الشأن وأوجه التحايل التى كان يلجأ إليها البعض للنفاذ منها، وأضحى على جميع الجامعات الخاضعة لهذا القانون الالتزام بالضوابط التى وضعها المجلس الأعلى للجامعات على النحو الذى وردت به فى جلسته المنعقدة فى 18مارس سنة 1991
فإذا كان الظاهر من الأوراق أن الطالب/ …… المطعون ضده قد حصل على الثانوية العامة بمجموع مقداره (204.5درجة) عام 1989 والتحق بكلية (الحقوق) بجامعة بيروت فى العام الدراسى 90/1991 واجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية فى نهاية العام الدراسى المذكور، وعندما تقدم فى شهر نوفمبر عام 1991إلى جامعة الإسكندرية طالبا تحويله إلى كلية (الحقوق) بالجامعة المذكورة رفضت الجامعة استنادا إلى افتقاده شرطا من شروط قبول طلب التحويل الوارد فى قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر فى 18مارس سنة 1991 وهو حصوله فى الثانوية العامة على مجموع يقل عن الحد الأدنى الذى قبلته كلية (الحقوق) فى سبتمبر سنة 1991 وهو أمر لا خلاف عليه بين طرفى الخصومة، فإن قرارها فى هذا الشأن يكون قد قام على أساس سليم من القانون، وإذا انتهج الحكم المطعون فيه غير هذا النهج مسقطا قواعد المجلس الأعلى للجامعات من التطبيق، مستندا إلى بعض الضوابط التى درجت عليها جامعة الإسكندرية قبل صدوره مغفلا البعض الآخر، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن المركز القانونى للطالب الذى ينشئ له حقا ثابتا فى التحويل من كليات جامعة بيروت إلى الكلية النظيرة لها بجامعة الإسكندرية لا تكتمل له عناصره إلا وقت تقديم طلب الالتحاق بالجامعة المختصة مستوفيا شروطه وضوابطه، فإذا كان الطالب (….) المطعون ضده لم يجتز امتحان النقل أصلا ولم يحصل على الشهادة المثبتة لذلك إلا بعد صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات المشار إليه، فإنه لا يجوز له أن يدعى حقا مكتسبا من الضوابط التى درجت عليها الجامعة فى تاريخ سابق على صدوره.
ومن حيث انه وقد بأن مما تقدم أن طلب المطعون ضده وقف تنفيذ قرار جامعة الإسكندرية برفض طلب تحويل (ابنه) إلى الكلية المناظرة بالجامعة قد فقد ركنا من أركانه هو ركن الجدية لقيامه- بحسب الظاهر- على غير أساس سليم من القانون الأمر الذى يجعله خليقا بالرفض.
ومن حيث ان المطعون ضده قد خسر الطعن فإنه بمصروفاته عملا بالمادة 184مرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المطعون ضده بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وألزمت المطعون ضده المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ