طعن رقم 2001 لسنة 40 بتاريخ 29/01/1995 الدائرة الأولي
طعن رقم 2001 لسنة 40 بتاريخ 29/01/1995 الدائرة الأولي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الاستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبدالقادر هاشم النشار والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 16/3/1994 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الذى قيد برقم 1719 لسنة 40 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 20/2/1994 في الدعوى رقم 8420 لسنة 45ق والذى قضى منطوقه أولاً: بسقوط حق المدعى في المطالبة بالتعويض عن قرار اعتقاله في 6/12/1954 بالتقادم وألزمته مصروفات هذا الطلب، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب المدعى التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء إعتقاله في الفترة من 23/8/1965 حتى 31/12/1965 وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغاً مقداره خمسة عشر ألف جنيه والمصروفات. وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً برفض الدعوى وإحتياطياً بتخفي التعويض المحكوم به وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وفى يوم السبت الموافق 16/4/1994 أودع الأستاذ /.
……….. المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن /.
…………..، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الذى قيد برقم 2001 لسنة 40 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 20/2/1994 في الدعوى رقم 8420 لسنة 45 ق والمشار اليه سلفاً. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن أولاً/ بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تقضى به سقوط حق المدعى في المطالبة بالتعويض عن قرار اعتقاله الصادر 16/12/1954 بالتقادم، والقضاء مجدداً بقبول هذا الطلب وبإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا له تعويضاً مقداره 650000 جنيه عما لحق به من أضرار من جراء إعتقاله خلال المدة من 6/12/1954 إلى 29/4/1956، وثانياً: بتعديل الحكم المطعون فيها فيما قضى به من إلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 15000 جنيه كتعويض عن الأضرار التى لحقته من جراء اعتقاله خلال المدة من 23/8/ حتى 31/12/1965 والقضاء بتعديل هذا المبلغ ليكون 350000 جنيه وإلزام المدعى عليهما المصروفات وذلك كله على النحو الوارد بتقرير الطعن.
وقد جرى إعلان الطعنين قانوناً على النحو الموضح بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعنين أرتأت فيه الحكم أولاً: بقبول الطعن رقم 1719 لسنة 40 ق شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وثانياً: بقبول الطعن رقم 2001 لسنة 40 ق شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به م سقوط حق الطاعن في التعويض عن قرار اعتقاله ورفض عدا ذلك من طلبات وإلزام الطاعن والجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت جلسة 1/8/1994 لنظر الطعن رقم 2001 لسنة 40ق أمام دائرة فحص الطعون التى تداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/10/1994 قررت الدائرة ضم الطعن رقم 1719 لسنة 40ق إلى الطعن رقم 2001 لسنة 40ق ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 7/11/1994 قدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة طلب في ختامها الحكم أولاً: بالطلبات الواردة بتقرير الطعن رقم 1719 لسنة 40ق، وثانياً القضاء برفض الطعن رقم 2001 لسنة 40ق وإلزام الطاعن المصروفات، وذلك كله على النحو الموضح تفصيلاً بالمذكرة المشار اليها. وبالجلسة المذكرة قررت دائرة فحص الطعون تفصيلاً بالمذكرة المشار اليها بجلسة 21/11/1994 وصرحت بتقديم مذكرات خلال عشرة أيام، وقد أودع محامى الطاعن في الطعن رقم 2001 لسنة 404 – خلال الأجل – مذكرة صمم فيها على طلباته الواردة بتقرير الطعن – بعد أن رد على ما جاء بمذكرة دفاع المطعون ضدهما وذلك على النحو الموضح بصدر مذكرة الطاعن. وبجلسة 21/11/1994 وقررت المحكمة إحالة الطعنين رقمى 2001 لسنة 40ق، 1719 لسنة 40 ق إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 11/12/1994 وقد نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 29/1/1995.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما وإجراءاتهما القانونية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 18/9/1991 أقام /.
………… الدعوى رقم 8420 لسنة 45ق أمام محكمة القضاء الإدارى بصحيفة طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين (رئيس الجمهورية ووزير الداخلية) بتعويضه تعويضاً عادلاً ومناسباً عن الأضرار المادية والأدبية الناشئة عن قرارات إعتقاله والمصروفات.
وقال شارحاً دعواه أنه اعتقل في الفترة من نوفمبر 1954 حتى ينويو 1956 والفترة من أغسطس سنة 1965 حتى نهاية ديسمبر سنة 1965، وأنه تعرض خلال فترتى الاعتقال لأشد أنواع العذاب والقهر، ونعى على قرارى إعتقاله صدورهما مشوبين بعيوب مخالفة القانون والانحراف بالسلطة وأن اعتقاله جاء نتيجة خلاف عقائدى بينه وبين القائمين على السلطة وقت الاعتقال، وأن الاعتقال أستند على أحكام القانون رقم 119 لسنة 1964 الذى قضى بعدم دستوريته وأضاف المدعى أن أضرار عديدة لحقته من جراء إعتقاله سواء نفسية أو مادية أو أدبية.
وبجلسة 20/2/1994 قضت المحكمة أولاً: بسقوط حق المدعى في المطالبة بالتعويض عن قرار إعتقاله الصادر في 6/12/1954 على أساس فوات أكثر من خمسة عشر عاماً ومن ثم يكون قد اكتملت بشأنه مدة التقادم الطويل السقط قبل تاريخ العمل بالدستور الحالى كما قضت المحكمة ثانياً: بأحقية الدعى في التعويض بمبلغ 15000 جنيه عن فترة اعتقاله الثانية في المدة من 23/8/ حتى 31/12/1965 على سند من أن قرار إعتقاله صدر فاقداً لأساسه القانونى وسنده الواقعى، وترتب على صدوره إلحاق أضرار بالمدعى.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الجهة الإدارية فأقامت طعنها رقم 1719 لسنة 40ق ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته لصحيح حكم القانون حينما قدر للمطعون ضده مبلغ خمسة عشر ألف جنيه كتعويض عن الأضرار التى لحقته من جراء اعتقاله في الفترة من 23/8/1965 حتى 31/12/1965، لأن هذا التقدير شابه مغالاة بما يحقق إثراء غير مشروع لأن المقصود من التعويض هو جبر الأضرار جبراً متكافئاً وليس أزيد.
كما أقام المدعى طعناً في الحكم المشار إليه (رقم 2001 لسنة 40ق) ناعياً عليه الخطأ في تطبيق القانون حينما قضى بسقوط حقه في المطالبة بالتعويض عن قرار اعتقاله الصادر عام 1954 واستند الطاعن – في طعنه – على أنه قد أفرج عنه في 29/4/1956 ومن ثم كان يتعين حساب مدة التقادم اعتباراً من تاريخ الإفراج عنه، وبالتالى فإنه في 11/1/1971 تاريخ العمل بالدستور الصادر عام 1971 لم تكن قد اكتملت مدة التقادم، ومن وجه آخر نعى الطاعن على الحكم قضائه له بمبلغ 15000 جنيه كتعويض عن الأضرار الناجمة عن اعتقاله في الفترة من 23/8/1965 حتى 31/12/1965 ذلك لأن المبلغ المقضى به لا يجبر الأضرار التى لحقته.
ومن حيث أنه بادئ ذى بدء فإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بسقوط حق الطاعن في المطالبة بالتعويض عن قرار إعتقاله الصادر في 6/12/1954 على أن التقادم قد لحق بهذا الحق لاستكمال مدة التقادم الطويل منذ صدور القرار المشار إليه (خمسة عشر عاماً) قبل صدور دستور سنة 1971 الذى يعمل به اعتباراً من 11 سبتمبر 1971، إلا أن ذلك مردود عليه بأن اعتقال الطاعن في ديسمبر سنة 1954 كان – على نحو ما أفصحت عنه الأوراق – بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين (شعبة السويس) والتحاقه بالجهاز السرى الذى كونته هذه الجامعة بهدف قلب نظام الحكم بالقوة، ومارس نشاطاً مناهضاً للحكومة القائمة.. الأمر الذى يوضح أنه كان من المتعذر على الطاعن أن يقيم مثل هذه الدعوى للمطالبة بحقه في التعويض ابان اعتقاله بل ولو لم يكن بوسعه توكيل غيره في ممارسة الحق في إقامة الدعوى ومن ثم فإن الاعتقال يمثل ولا ئك – في هذه الحالة – قوة قاهرة من شأنها أن توقف سريان التقادم.
ومن حيث أن المادة 382 من القانون المدنى تنص على أن لا يسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً.
ومن حيث إن إعتقال الطاعن في ديسمبر سنة 1954 بحجة انتمائه لجماعة الأخوان المسلمين وقيامه بنشاط مناهض وما إلى ذلك على نحو ما هو وارد بالأوراق كأسباب لقرار الاعتقال يمثل مانعاً مادياً يتعذر معه على الطاعن المطالبة بحقه. بل أنه كان يمثل مانعاً أدبياً قبل صدور دستور سنة 1971 الذى نص على عدم سقوط الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الناشئة عن الاعتداء على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكلفها الدستور والقانون وإذا كان ذلك فإن حق الطاعن في المطالبة بالتعويض عن قرار إعتقاله الصادر في ديسمبر سنة 1954 لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه – في هذا الشق – غير هذا المذهب فإنه يكون غير قائم على أساس صحيح ويكون نعى الطاعن – في الطعن رقم 2001 لسنة 40 ق نعياً صحيحاً.
ومن حيث أنه من ناحية أخرى فإنه فيما يتعلق بالشق الثانى من الحكم المطعون فيه والذى قضى بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمدعى مبلغاَ مقداره خمسة عشر ألف جنيه كتعويض عن الاضرار المادية والدبية التى أصابته من جراء اعتقاله في الفترة من 23/8/ حتى 31/12/1965 فإنه ولئن كان صحيحاً أن تقرير التعويض الجابر للضرر هو من سلطة قاضى الموضوع، إلا أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن قدر مبلغ (15 ألف جنيه) عن إعتقاله المدعى لفترة أربعة أشهر تقريباً، وهو تقدير فيه مغالاة- ويحقق إثراء غير مشروع على نحو ما ذهبت اليه الجهة الإدارية في تقرير طعنها الأمر الذى يستوجب تعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به.
ومن حيث أن مسئولية الدولة عن قراراتها الإدارية تقوم على توافر أركان المسئولية وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية.
ومن حيث أن الثابت من مطالعة الأوراق المودعة بملف الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه يبين أنه تم اعتقال (المدعى) بسبب أنه طان عضواً بجماعة الأخوان المسلمين وأنه مارس نشاطاً لصالح الجماعة المذكورة، إلا أن هذا السبب الذى ساقته الجهة الإدارية لا يعدو أن يكون قولا ًمرسلاً خلت الأوراق من أى دليل مادى يسنده ويدعمه خاصة وأن وصم الشخص بالخطورة على الأمن العام والنظام العام، وما يؤدى إليه ذلك من تأثير على حريته وسمعته يجب أن يكون مرتكناً على أسباب مستمدة من أصول صحيحة تنتجها مادياً وقانوناً وهو ما يفتقده قرار الاعتقال الذى صدر في شأن الطاعن، سواء كان القرار الصادر في عام 1954 أو ذلك الصادر في عام 1965 مما يجعله بعيد عن المشروعية ويتوافر بذلك ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية مصدرة القرارين، وليس من شك في أن أضراراً عديدة لحقت بالطاعن من جراء صدور القرارين المطعون فيهما سواء كانت أضرار أدبية تمثلت في حرمانه من كسب عيشه والانفاق على من يتولى رعايتهم، أو أضرار أدبية تمثلت في حرمانه من حريته والحط من قدره والنيل من سمعته بين أهله وذويه، ولما كانت هذه الأضرار نتيجة الخطأ المتمثل في الاعتقال طيلة عامين تقريباً (من 6/12/1954 حتى 29/4/1956، ومن 23/8/ حتى 31/12/1965) فإن عناصر المسئولية تكون قد توافرت ويغدو ضرورياً الحكم بإلزام الجهة الإدارية بالتعويض.
ومن حيث أنه بناء على ما تقدم فإن هذه المحكمة تقدر المتسحق عن فترة إعتقال الطاعن /.
…………… في المدة من ديسمبر 1954 حتى 29/4/1956 وفى المدة من 23/8 حتى 31/12/1965 بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه، ومن ثم يتعين تعديل الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن كلا من الجهة الإدارية والطاعن أخفقا في جزء من طلباتهما الأمر الذى يتعين معه إلزام الطرفين بالمصروفات مناصفة.
* فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للطاعن مبلغاً وقدره خمسة عشر ألف جنيهاً كتعويض عن قرارى إعتقاله وألزمت الطرفين بالمصروفات مناصفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ