طعن رقم 205 لسنة 35 بتاريخ 19/05/1990

Facebook
Twitter

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة : محمد يسري زين العابدين و يحيى السيد الغطريفي و د. فاروق عبد البر السيد و فريد نزيه تناغو .المستشارين

* إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 24 من ديسمبر سنة 1988 أودع الأستاذ الدكتور ………. المحامى عن الأستاذ الدكتور …….. المحامى عن ….. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 205 لسنة 35 القضائية فى قرار مجلس تأديب محكمة شمال القاهرة الابتدائية الصادر فى الثامن من نوفمبر سنة 1988 فى الدعوى رقم 20 لسنة 1988 والقاضى بمجازاة الطاعن المحضر بمحكمة المطرية بالفصل من الخدمة .

وطلب الطاعن – للأسباب الموضحة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار مجلي التأديب المطعون فيه ، وفى الموضوع بإلغائه ما ترتب علي ذلك من آثار .

وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق .

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً رأت فى الحكم بقبول الطعن شكلاً وقبول طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وفى الموضوع بإلغاء حكم مجلس تأديب محكمة شمال القاهرة الابتدائية فيما تضمنه مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة ، والحكم بالجزاء المناسب للمخالفة المنسوبة إليه والثابتة فى حقه مع ما يترتب على ذلك من آثار .

وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة الثامن من مارس سنة 1989 وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها ، وبجلسة 22 من فبراير سنة 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 31 من مارس سنة 1990 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق 19 من مايو سنة 1990 ، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابها عن النطق به .

* المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق ، وسماع الايضاحات والمداولة .

ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر اوضاعه الشكلية .

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الاوراق فى انه فى 15 من يونيو سنة 1988 صدر قرار رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية رقم 195 حصر جزاءات – لسنة 1988 بإحالة ……… المحضر بقلم محضرى المطرية – إلى مجلس تأديب محكمة شمال القاهرة الابتدائية لأنه قام باعلان انظار الطاعة المقيد برقم 13465 مخاطباً مع شخص زعم أنه تابع المعلن إليها دون أن يثبت شخصيته مخالفاً بذلك التعليمات الواجبة الاتباع بهذا الشأن .

وبجلسة الثامن من نوفمبر سنة 1988 أصدر مجلس التأديب قراره بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة .

وأقام مجلس التأديب قراره على أن الثابت من الاوراق أن المحضر المشار إليه تسلم ورقة الاعلام – انذار الطاعة – فى 24/10/1987 ونفذها فى 29/10/1987 ولم يقم بإثبات شخصية من تسلم الاعلان وهو تابع المعلن إليها الشاكية ، مخالفاً بذلك التعليمات الواجبة الاتباع ، وترتب على ذلك أن خسرت الشاكية دعوى النفقة التى أقامتها ضد المعلن ، وهو الأمر الذى يدل على مدى استهتار المحال بحقوق المواطنين ومصالحهم وعدم قيامه بأداء واجبات وظيفته بالامانة والصدق .

وينعى الطاعن على قرار مجلس التأديب أنه صدر معيباً استناداً إلى اساسين أولهما أن الطاعن لم يقم أصلاً بإجراء الانذار المنسوب إليه أنه قام بإعلانه إلى الشاكية ، وثانيهما الغلو فى تقدير الجزاء حتى على افتراض انه ارتكب المخالفة محل المساءلة .

ومن حيث إن النعى الأول غير سديد ، لأن قيام الطاعن بالاعلان المعيب محل المساءلة ثابت من واقع أوراق التحقيق من خلال شهادة الاستاذ ……… المحامى بأنه سأل الطاعن المدون اسمه على الاعلان – عما إذا كان هو الذى قام باجراء الاعلان فأجاب بالايجاب وقد أيد هذه الشهادة المحضر ……… والمحضر ……… والمحضر ……. ، وإذا كان الطاعن يدعى أن بينه وبين زملائه المحضرين خلافاً فى العمل فإنه لن يدعى أن بينه وبين المحامى أى خلاف المر الذى يقطع بأن الطعن هو الذى قام باجراء الاعلان المعيب ، ومن هنا ينهار وجه النعى الأول على الحكم المطعون فيه .

ومن حيث إن النعى للطاعن على قرار مجلس التأديب المطعون فيه أنه صدر مشوباً بالغلو فى تقدير الجزاء .

ومن حيث إ تقدير الجزاء فى المجال التأديبى عند عدم وجود لائحة للجزاءات – متروك إلى مدى بعيد لتقدير من يملك توقيع العقاب التأديبى ، سواء كان الرئيس الإدارى أو مجلس التأديب أو المحكمة التأديبية ، غير أن هذه السلطة التقديرية تجد حدها عند قيد عدم جواز إساءة استعمال السلطة تلك العبارة التى تبدو عند ظهور عدم تناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها وهو ما يعبر عنه بالغلو فى تقدير الجزاء ، الذى يصم الإجراء التأديبى بعدم المشروعية ويجعله واجب الالغاء .

ومن حيث أن التناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الذى يوقع عنها إنما يكون على ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة فى ضوء الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها فإن مؤدى ذلك أن جسامة العمل المادى المشكل للمخالفة التأديبية إنما ترتبط باعتبار المعنوى المصاحب لارتكابها بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على غفلة أو استهتار بتلك القائمة على عمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة إذ لاشك ان الأولى أقل جسامة من الثانية ، وهذا ما يجب أن يدخل فى تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبى على ضوء ما يستخلصه استخلاصاً سائغاً من جماع أوراق الموضوع .

ومن حيث أن مجلس التأديب الذى أصدر القرار المطعون فيه قد استخلص بداءة فى حيثيات القرار أن الطاعن إنما قام باتخاذ إجراءات الاعلان المعيب عن استهتار وعدم التزام كامل بأداء واجبات وظيفته على الوجه المتطلب ، ثم عاد فى حيثية لاحقة واشار إلى أن تصرف المخالف ينبئ عن سوء نية وعن قصده ضياع حقوق الشاكية .

ومن حيث إن الاستخلاص الأول هو ذلك الذى انتهى إليه القرار فى حيثيته الأولى من وصم سلوك الطاعن بالاستهتار دون ما انتهى إليه فى حيثيتها التالية من وصم سلوكه بالتعمد وذلك لأن مجرد وقوع الخطأ م جانب العامل يعنى أنه قد أهمل بيقين ولكنه لا يعنى بذاته أنه ابتغى من وراء خطئه هدفاً غير مشروع ، ولذلك فإنه يلزم لمساءلة العامل عن خطئه موصوفاً بصفة التعمد أن ترد بأسباب توقيع الجزاء المؤشرات التى تفيد ذلك ، وإلا كان الاستخلاص غير سائغ على نحو يجعل توقيع الجزاء غير مستند إلى أساس سليم .

ومن حيث إنه ليس فى الاوراق ، ولا فى أقوال الشهود ما يمكن أن يستصدر منه صفة العمد فيما أقدم عليه الطاعن من اعلان معيب .

ومن حيث أن مقتضى الانتهاء إلى عدم سلامة هذا الاستخلاص لوصف المخالفة ، ثبوت عدم التناسب البين بين المخالفة وبين الجزاء الموقع عنها ، الأمر الذى يقتضى إلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وتوقيع الجزاء الذى يتناسب واقعاً وقانوناً مع ما ثبت فى حق الطاعن من مخالفة .

* فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وبمجازاة الطاعن بتأجيل ترقيته عند استحقاقها لمدة عامين

اشترك في القائمة البريدية