طعن رقم 2067 لسنة 33 بتاريخ 27/12/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل. رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / محمد عبد الغنى حسن وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم الاثنين 4/5/1987 أودع الأستاذ محمد المرصفى المحامى نائبا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 17/3/1987 فى الدعوى رقم 4073 لسنة 37 المقامة من الطاعن ضد وزير الداخلية والقاضى بقبولى تدخل السيدة / صفاء عبد الفتاح دوريش خصما منضما إلى جانب المدعى عليه بصفته وبقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن للمطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق وقدم الأستاذ المستشار عادل الشربينى مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن ارتأت فيه الحكم أولا بقبول الطعن شكلا، ثانيا / رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المدعى بمصروفات هذا الطلب، ثالثا : إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بثبوت الجنسية المصرية للطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة والمتدخلين فى الدعوى بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 3/10/1988 حيث تم نظره بالجلسة المذكورة وبالجلسات التالية حتى تقرر بجلسة 19/12/1988 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة – الإدارية العليا ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات ) – وحددت لنظره جلسة 21/1/1989 وقد تدوول الطعن بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر وبجلسة 4/10/1992 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 29/11/1992 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/12/1992 وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث ان وقائع المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق فى ان الطاعن (المدعى) أقام الدعوى رقم 4073 لسنة 37 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) وطلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإثبات الجنسية المصرية للمدعى وإلزام المدعى عليه بصفته بإعطائه شهادة رسمية بذلك وإلغاء القرار السلبى الصادر برفض منحه هذه الشهادة مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعى بيانا لدعواه انه مصرى الجنسية أبا عن جد متأصلا فى الجنسية مند أمد بعيد فهو منحدر من أسرة ( أبو العينين ) فى محافظة الشرقية حيث نشأ جدوده مصريين دون ادنى شك وعلى هذا ولد والده وسجل على انه مصرى أسوة بابيه من قبله ( جد المدعى ) وقد حدث فى سنة 1978 ان اشترى المدعى شقة تمليك من السيدة / صفاء عبد الفتاح دوريش ولما طلب نقل ملكيتها إليه أقام ضدها الدعوى رقم 6205 لسنة 1978 مدنى كلى شمال القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع وقضت المحكمة بجلسة 28/4/1980 لصالح المدعى، فقامت البائعة باستئناف هذا الحكم بالاستئناف رقم 3868 لسنة 97 ق أمام محكمة استئناف القاهرة واستندت فى استئنافها إلى ان العقد المحرر باسم المدعى هو فى حقيقته عقد صورى يخفى وراءه التعاقد لصالح شخص آخر يحمل الجنسية الفلسطينية وزعمت بذلك ان العقد باطل، لكنها شعرت بضعف ادعائها خاصة بعد صدور الحكم الابتدائى فراحت تتقصى عن أى أمر يؤدى بها إلى فسخ العقد بينها وبين المدعى فهداها بحثها إلى ان المدعى يحمل جواز سفر أردنى وحصلت على شهادة بأنه أردنى الجنسية دون ان تتحرى عن سبب منحه هذا الجواز والذى مرده إلى أحداث نكسه سنة 1967 إذ قامت الأردن بتسليم النازحين من المناطق التى غزاها العدو جوازات سفر أردنية رغم كونهم فلسطينيين أو مصريين كانت تلك ميزه أجرتها المملكة الأردنية الهاشمية لإخفاء جنسيات هؤلاء حتى يفلتوا من عدوان الإسرائيليين عليهم، أضاف المدعى قائلا انه تقدم بعديد من الشكاوى عن ذلك الوضع طالبا الاعتراف له بالجنسية المصرية إلا ان إدارة الجوازات والهجرة والجنسية لم تقم بتسليم المدعى شهادة الجنسية المصرية ولا تزال ممتنعة رغم تقديمه لكافه المستندات المثبتة لذلك، فقد قدم شهادة ميلاده على انه مصرى من الشرقية ( بندر الزقازيق ) وثبت بالشهادة كذلك ان أبوه مصرى كما قدم شهادات ميلاد اخوته جميعا وهى قاطعة فى جنسية الجميع المصرية بما فيهم الأب، بل انه قدم شهادة ميلاد الأب نفسه الذى ثبت منها انه مصرى وان أباه مصرى كذلك، غير ان المدعى لم يتمكن من تقديم شهادة ميلاد جده، ولكن أمكنه الحصول على شهادة وفاته الرسمية فى 15/1/1932 وتضمنت انه مصرى واسمه حسن ومتوفى عن (60) عاما وثبت بذات الشهادة ان زوجة هذا الجد هى السيدة / آمنه احمد شرف الدين، كما قدم المدعى جوازات السفر الخاصة به وبأشقائه ثابت بها انهم مصريون والبطاقات العائلية والشخصية لهم جميعا والثابت بها انهم مصريون كما ان المدعى حاصل على شهاداته الدراسية جميعا بما فيهم بكالوريوس الهندسة على انه مصرى وقامت الدولة بتسجيله بسجلات التجنيد التى لا يقيد بها إلا المصريون، وعزز المدعى ذلك كله بشهادات رسمية تثبت وجود أملاك زراعية لأفراد من عائلته إلى ما قبل سنة 1923 فضلا عن ان والدة المدعى ووالده كل منهما مصرى كذلك، وانتهى المدعى إلى تأسيس إثبات تمتعه بالجنسية المصرية على ما يأتى :
1- انه مصرى مولود لأب مصرى استنادا إلى ما فى حوزته من مستندات كشهادة الميلاد والشهادات الدراسية وجواز السفر المصرى والبطاقة العائلية ومن ثم ينطبق عليه حكم المادة الثانية فقرة (ا) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.
2- كما انه يعتبر من الجنسية المصرية بالحالة الظاهرة التى تعتبر وسيلة لإثبات الجنسية بعد توافر عناصرها الاسم والشهرة والمعاملة وأضاف ان هذه العناصر متوافرة فى حقه وخلص المدعى إلى طلباته سالفة الذكر.
وقامت هيئة مفوضى الدولة بتحضير الدعوى على النحو الموضح بجلسات التحضير وأودعت خلالها هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على ملف جنسية المدعى وملف إقامته وملف إقامة إبراهيم محمد حسن شقيق المدعى، وملف إقامة شقيقته عزيزة، كما قدم المدعى حافظة مستندات طويت على بعض المستندات المؤيدة لدعواه وطلب الحاضر عن السيدة / صفاء عبد الفتاح دوريش التدخل إلى جانب المدعى عليه.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة أمام محكمة القضاء الإدارى تقريرا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول تدخل السيدة / صفاء عبد الفتاح دوريش وبقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات، وقد تدوولت الدعوى بعد ذلك بجلسات محكمة القضاء الإدارى على النحو المبين بالمحاضر، قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على ما ياتى :
1- صورة شهادة وفاة جد المدعى حسين محمد أبو العينين 15/1/1932 بقرية تلا منوفية ثابت بها انه مزارع مصرى الجنسية.
2- صورة لاستمارة الثانوية العامة الخاصة بالمدعى صادرة من مصر.
3- صورة من شهادة المعاملة العسكرية الخاصة بالمدعى.
4- صورة خمسة عقود شراء ومختومة بخاتم الدولة والمشترى فيها جد المدعى، وصور لإيصالات بتوريد أموال أميرية من الجد المذكور.
5- صور كشوف رسمية من إدارة الضرائب العقارية تثبت حيازة ورثة أبو العينين وملكيتهم.
6- صور لخطابات صادرة من إدارة الهجرة والجوازات بتاريخ 24/12/1985 تفيد أن كل من ابراهيم وحسن شقيقى المدعى مصرى الجنسية منذ المولد طبقا للقانون رقم 19 لسنة 1929 وان زوجة كل منهما اكتسبت الجنسية تبعا لجنسية زوجها، كما قدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على مذكرة برد وزارة الداخلية على الدعوى ضمنتها ان المدعى حصل على إقامة فى البلاد بوصفة أردنى الجنسية ( ملف رقم 3608/215) ولهم يستدل على ما يفيد اكتسابه الجنسية المصرية وانه يحمل جواز سفر أردنى رقم 17244 صادر بتاريخ 7/10/1968 حضر به إلى البلاد فى 15/8/1969 للدراسة وقرر أن والده فلسطينى وقد أقام بغزة سنة 1959 ثم غادرها والأسرة إلى الأردن عقب عدوان 1967 كما تبين ان المذكور كان يحمل وثيقة سفر فلسطينية وردت إلى المصلحة رفق كتاب القنصلية المصرية بعمان رقم 1800 بتاريخ 6/2/1969 لتجنسه بالجنسية الأردنية وقد سلمت هذه الوثيقة بعد إلغائها إلى إدارة الحاكم العام بقطاع غزة، وان الملف يحوى العديد من المستندات التى تفيد ان المدعى أردنى الجنسية وقد خلا مما يفيد توطن جد المدعى لوالده فى البلاد خلال أى من الفترات المتطلبة قانونا لاعتبار الشخص مصريا بحكم القانون ومن ثم فلا يعتبر المدعى ووالده مصريان وعليه وحده ( المدعى ) إثبات تمتع جده بهذه الجنسية عملا بحكم المادة (24) من القانون رقم 26 لسنة 1975 وانتهت المذكرة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعى بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 17/3/1987 حكمت محكمة القضاء الإدارى بقبول تدخل السيدة / صفاء عبد الفتاح دوريش خصما منضما إلى جانب المدعى عليه بصفته وبقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات وشيدت قضائها – بعد ان عرضت للتشريعات المتعاقبة فى شأن الجنسية المصرية بدءا من الأمر العالى الصادر فى 29/6/1900، والمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية وانتهاء بالقانون رقم 26 لسنة 1975 على ان المشرع المصرى تطلب لاعتبار الشخص مصريا ان يتوافر فى حقه أى من الشروط الآتية :-
1- التوطن فى مصر قبل أول يناير 1848 حتى 10 مارس 1929.
2- الاتصاف بالرعوية العثمانية والإقامة فى مصر من 5/11/1914 حتى 10/3/1929.
3- الاتصاف بالرعوية العثمانية والميلاد فى الأراضى المصرية من أبوين مقيمين فيها والمحافظة على الإقامة العادية فيها حتى 10 مارس 1929.
وأنه لهم يثبت من الأوراق توافر أى من الشروط أو الأحكام التى نص عليها المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 للدخول فى الجنسية المصرية بحكم القانون فى حق جد المدعى، ومن ثم فإن والد المدعى لا يكون متمتعا بالجنسية المصرية وتبعا لذلك لا يكون ابنه وهو المدعى متمتعا بهذه الجنسية مما تكون معه الدعوى متعينة الرفض وان شهادات الميلاد والوفاة والشهادات الدراسية وجوازات السفر والبطاقات الشخصية والعائلية التى قدمها المدعى لا تضفى بذاتها الجنسية سواء على المدعى أو أشقائه لأنها مستندات لم تعد أصلا لإثبات الجنسية وإنما هى مجرد قرائن تزول قيمتها إذا ما أسفر البحث مكن عدم توافر قيام هذه الجنسية فى حق صاحب الشأن قانونا، كما وان الثابت من الأوراق ان المدعى يعامل فى البلاد بوصفه أردنى الجنسية ومشهود بهذه الصفة، وخلصت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه برفض الدعوى.
ومن حيث ان الطعن فى هذا الحكم يقوم على انه قد خالف روح التشريع والقواعد العامة وأخطأ فى تطبيق القانون لعدة أسباب حاصلها :
أولا : لم تتدخل المتدخلة إلا لمحاولة الإفلات من عقد البيع الذى صدر منها للمدعى، وهذا السبب غير كاف لقبول تدخلها فى الدعوى الماثلة لان الجنسية من الحقوق الدستورية للشخص ولا يجوز ان تكون محلا للتعامل ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول تدخل المتدخلة أو رفضه.
ثانيا : ما ورد فى الحكم من انه لم يثبت توطن جد المدعى فى مصر خلال المدة من 5/11/1914 حتى 10/3/1923 غير صحيح ومخالف للقانون فالعقود التى أبرمها جد المدعى وشهادة ميلاد والد المدعى تفيد توطن الجد فى مصر من عام 1912 حتى 1932 تاريخ وفاته فى مصر بالإضافة إلى الإيصالات التى تفيد سداد الضرائب العقارية والكشوف التى تضمنت ربط بعض الأطيان باسم هذا الجد، وان شقيقة المدعى تقدمت إلى جهة الإدارة بذات المستندات فأقرتها واستخلصت منها أن جدها وهو جد المدعى قد استقر فى مصر خلال الفترة المشترطة قانونا ووافقت على منحها الجنسية المصرية تبعا لذلك.
ثالثا : ان من حقه – بفرض ان جنسية والده مجهولة أو محل شك – ان يكتسب الجنسية المصرية وفقا لحكم الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.
رابعا : ان من حقه ( المدعى ) اكتساب الجنسية المصرية على الأقل بالوضع الظاهر، وذلك حسبما يبين من الأرض التى خلفها آباءه وأجداده وشهادة ميلاده. وشهادة ميلاد والده وميلاد المدعى فى مصر وخضوعه لقانون الخدمة العسكرية ووالدته المصرية واخوته جميعا المصريين. وانه لم يعامل على انه أردنى بل على انه مصرى، وخلص الطاعن إلى طلباته سالفة الذكر.
ومن حيث ان علاقة الجنسية بين المواطن والدولة هى علاقة دستورية وقانونية تنظمها أحكام الدساتير والقوانين المنظمة لتحديد المواطنين الذين ينتمون إلى جنسية الدولة ويتمتعون بحمايتها ورعايتها ويخضعون بالتالى للالتزامات التى تفرضها صفة المواطنة عليهم ومن أبرزها الانخراط فى سلك الخدمة العسكرية دفاعا عنها والتمتع بمرايا المشاركة فى الحياة السياسية لهذه الدولة بمباشرة حق الترشيح والتصويت فى الانتخابات العامة والمحلية وتولى الوظائف العامة بمستوياتها المختلفة، ولذلك فقد عنيت دساتير مصر المتعاقبة فى موادها الأساسية المنظمة للأركان الأساسية للدولة منذ دستور سنة 1923 على النص على ان الجنسية المصرية ينظمها القانون وبالتالى فان المركز القانونى للمدعى الأصيل وفقا للتنظيمات القانونية المتعاقبة لها مركز مستمد مباشرة من أحكام الدستور والقانون ويتعلق بالنظام العام الدستورى للدولة ولا محل فيه للمنع أو للمنح وهو بالتالى لا ينشأ من قرار إدارى من السلطة الإدارية المختصة ولا تستطيع أيضا الحرمان منه لو توفرت للمواطن المصرى الأصيل شروطه.
ومن حيث انه عن تدخل السيدة / صفاء عبد الفتاح درويش خصما منضما إلى جانب المدعى عليه بصفته فانه طبقا لنص المادة (126) من قانون المرافعات وما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة من طبيعة علاقة الجنسية بالنسبة للمصريين الأصلاء واعتبارها مستمدة من أحكام الدستور والقانون ومن النظام العام لتعلقها بتحديد من هم هؤلاء المصريين الاصلاء بما يرتبه ذلك من مراكز قانونية ومن ثم فإن طالبة التدخل لها مصلحة ظاهرة فى هذا التدخل اذ ان المدعى قد اشترى منها شقة تمليك وفى حالة الحكم برفض دعوى المدعى بثبوت جنسيته المصرية سيمكنها فسخ عقد بيع الشقة المبرم معه باعتباره غير مصرى الجنسية وهو ما ترنو إليه المتدخلة وباعتبار الجنسية علاقة من النظام العام وتتصل بتحديد ركن السكان الاصلاء فى وجود الدولة المصرية وبالتالى فان لكل مصرى صفة فى التدخل فى أية دعوى خاصة بالجنسية المصرية اذا ما توفرت له مصلحة ظاهرية وجدية ومن ثم ثبوت الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بقبول تدخلها خصما منضما إلى جانب جهة الإدارة قد التزم صحيح حكم القانون ويكون النعى عليه بمخالفته للقانون غير قائم على سند صحيح متعين الرفض.
ومن حيث ان القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ينص فى المادة (1) منه على أن المصريون هم أولا : المتوطنون فى مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1913 ومن غير رعايا الدول الأجنبية المحافظين على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة.
ثانيا : من كان فى 22 فبراير سنة 1958 متمتعا بالجنسية المصرية طبقا لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية ولما كانت المادة (1) من القانون رقم 82 لسنة 1958 تنص على أن تثبت جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان فى 22/2/1958 متمتعا بالجنسية المصرية وفقا لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 ولما كانت المادة (ا) من القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية تنص على أن المصريون هم أولا : المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير 1900 والمحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية، ثانيا : من فى ذكروا فى المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 ا ولما كانت المادة (1) من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية تنص على ان يعتبر مصريا الرعايا العثمانيون الذين يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواء كانوا بالغين أم قصر ونصت المادة (ا) ثانيا وثالثا من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية على ان يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون … ثانيا : كل من يعتبر فى تاريخ نشر هذا القانون مصريا بحسب حكم المادة الأولى من الأمر العالى الصادر فى 28 يونيو 1900، ثالثا : من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى القطر المصرى فى 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون. وكانت المادة الأولى من الأمر العالى المذكور تنص على ما يأتى : عند إجراء العمل بقانون الانتخاب الصادر فى أول مايو سنة 1883 يعتبر حتما من المصريين الأشخاص الآتى بيانهم وهم أولا : المتوطنون فى القطر المصرى قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على إقامتهم فيه ، ثانيا : رعايا الدولة العالية المولودون فى القطر المصرى من أبوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورين على محل إقامتهم فيه، ثالثا : رعايا الدولة العالية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى الذين يقبلون المعاملة بموجب قانون القرعة العسكرية المصرى سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية.
ومن حيث ان مفاد هذه النصوص انه يشترط لاعتبار الشخص مصريا ان يتوافر فى حقه أى من الشروط الآتية :
1- التوطن فى مصر قبل أول يناير 1848 حتى 10 مارس 1929.
2- الاتصاف بالرعوية العثمانية والإقامة فى مصر من 5/11/1914 حتى 10/3/1929.
3- الاتصاف بالرعوية العثمانية والميلاد فى الأراضى المصرية من أبوين مقيمين فيها والمحافظة على الإقامة العادية فيها حتى 10 مارس 1929.
ومن حيث ان الثابت ان والد الطاعن من مواليد الصالحية فى 2/3/1925 ومقيد بسجلات المواليد فى ذات التاريخ، فان ذلك يعنى ان والد الطاعن وقت العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 الذى كان ساريا وقت ميلاد والد الطاعن كان عمره حوالى أربع سنوات وترتيبا على ذلك فان والد الطاعن لا يتمتع بالجنسية المصرية إذا كان والده أى جد الطاعن متمتعا بهذه الجنسية طبقا لأحكام المرسوم بالقانون المذكور.
ومن حيث ان الأوراق قد أجدبت عن إثبات توافر أى من الشروط والأحكام التى تطلبها القانون للدخول فى الجنسية المصرية بحكم القانون فى حق جد الطاعن، فمن ثم فان والد الطاعن لا يكون متمتعا بالجنسية المصرية وتبعا لذلك لا يكون ابنه وهو الطاعن متمتعا بالجنسية الأمر الذى يضحى معه طلب الطاعن إثبات الجنسية المصرية – له مفتقر إلى السند الصحيح من الواقع والقانون متعين الرفض ويكون مسلك الجهة الإدارية بامتناعها عن إعطائه شهادة تفيد ثبوت جنسيته المصرية مسلكا يتفق وصحيح حكم القانون.
ولا اعتداد فى هذا الشأن بما أثاره الطاعن من ان حالته وحالة أبيه الظاهرة تعتبر دليلا كافيا على جنسيتهما المصرية من واقع المستندات المقدمة والتى تمثلت فى شهادات مصلحة الضرائب العقارية وشهادات الميلاد والشهادات الدراسية وجوازات السفر والبطاقات الشخصية والعائلية لأنه لا اعتداد بكل ذلك لعدم إثبات هذه الشهادات قانونا للجنسية المصرية ولان الحالة الظاهرة ليست هى الدليل القاطع على التمتع بالجنسية المصرية والشهادات المتقدمة لإثبات الحالة الظاهرة لا تضفى الجنسية بذاتها لأنها لم تعد أصلا لإثبات الجنسية وإنما هى مجرد قرائن عليها، تزول قيمتها إذا ما أسفر البحث عن عدم توافر أركان وشروط قيام هذه الجنسية فى حق صاحب الشأن قانونا.
ومن حيث انه بالبناء على كل ما تقدم وقد عجز الطاعن عن إثبات توافر الشروط اللازمة لدخوله فى الجنسية المصرية بقوة القانون على النحو المتقدم، فانه والحالة هذه يكون مسلك الجهة الإدارية بالامتناع عن الاعتراف بثبوت الجنسية المصرية للطاعن قد جاء متفقا مع أحكام القانون ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدعوى صدر صحيحا مستظهرا صحيح حكم القانون بعد التحديد السليم للواقع ويكون الطعن الماثل قد أقيم فاقدا لما يسانده خليقا بالرفض.
ومن حيث ان من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها ومن ثم يتعين إلزام الطاعن بالمصروفات عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ