طعن رقم 2183 لسنة 34 بتاريخ 25/07/1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد المهدى عبد الله مليحى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/عبد اللطيف محمد الخطيب وعلى شحاتة محمد وحسنى سيد محمد والطنطاوى محمد الطنطاوى نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 4/6/1988 أودع الأستاذ/ محمد عصفور المحامى بصفته وكيلا عن الأستاذ ………………….. سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى حكم محكمة القضاء الإدارى (دائرة الترقيات) الصادر بجلسة 7/4/1988 فى الدعوى رقم 4936/40ق المقامة من الطاعن ضد كل من رئيس الجمهورية ووزير العدل والقاضى:
أولاً : بقبول تدخل الأستاذ عبد الرحمن فرج محسن خصما منضما للجهة الإدارية.
ثانياً: بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفات هذا الطلب.
ثالثا: بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات، وطلب فى ختام الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم:
1) بإلغاء القرار الجمهورى رقم 304/1986 بتاريخ 9/7/1986 فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة مدير النيابة الإدارية وأحقية الطاعن فى هذه الوظيفة.
2) بإلزام المدعى عليهما الأول والثانى بتقرير معاش نهاية الخدمة المستحقة للطاعن على أساس استحقاقه للدرجة المالية المخصصة لوظيفة مدير النيابة الإدارية من تاريخ العمل بالقرار المطعون فيه مع صرف الفروق المالية فى المرتب الشهرى الذى استحق للطاعن منذ صدور القرار المطعون فيه وحتى انتهاء عمله فى وظيفته بتاريخ 30/6/1987.
3) بإلزام المدعى عليهما الأول والثانى بأن يؤديا للمدعى مبلغ أربعين آلف جنيه تعويضا له عما لحقه من أضرار معنوية نتيجة القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه – للأسباب التى ساقتها – الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات، وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/5/1992 قدم وكيل الطاعن مذكرة عقب فيها على تقرير هيئة مفوضى الدولة واختتمها بالتصميم على طلباته الواردة بتقرير الطعن.
وبجلسة 6/6/1992 وبعد أن استمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 18/7/1992 ومذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع وفى غضون هذه المدة قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم:
اصلياً: بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى مصلحة.
واحتياطياً: برفض الطعن مع إلزام الطاعن المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى، وبجلسة 18/7/1992 قررت المحكمة مد اجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقة لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الجهة الإدارية المطعون ضدها دفعت بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى مصلحة استنادا إلى أن الطاعن قد أحيل إلى المعاش من 29/10/1986.
ومن حيث إنه ولئن كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى مصلحة من الدفوع التى لا يؤثر التأخر فى إبدائها إلى ما بعد مواجهة الموضوع، إلا أن هذا الدفع من غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدعوى بكل أشطارها التى تضمنت طلب إلغاء القرار الإدارى المطعون فيه، والتعويض عنه، فإنه لا شك فى وجود مصلحة مباشرة للطاعن فى طلب إلغاء هذا الحكم، ويكون الدفع المبدى من الجهة الإدارية المطعون ضدها على غير أساس من القانون، وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية فإنه يتعين القضاء بقبوله شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4936 لسنة 40ق أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات والترقيات) بصحيفة أودعها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 3/1/1986 طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الجمهورى رقم 304/1986 الصادر بتاريخ 9/7/1986 بتخطى المدعى فى التعيين فى وظيفة مدير النيابة الإدارية، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وأحقية المدعى فى التعيين فى هذه الوظيفة مع إلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعى فى بيان دعواه أنه اختير من بين رجال القضاء لتدعيم النيابة الإدارية وظل يتدرج فى الترقى بكفاءة واقتدار حتى أصبح نائبا لمدير النيابة الإدارية بالقرار الجمهورى رقم 353/1981 بتاريخ 29/6/1981، وعندما خلت وظيفة مدير النيابة الإدارية سنة 1983 كان المدعى مديرا للنيابة الإدارية بالإنابة وكان مما قام به أثناء رئاسته للنيابة الإدارية بالإنابة رئاسة اللجنة الخماسية التى قامت بترشيح أقدم خمسة وكلاء عامين أول للترقية إلى وظائف نواب مدير النيابة الإدارية وكان أخرهم هو الأستاذ عبد الرحمن فرج محسن الذى عين مديرا للنيابة الإدارية متخطيا ستة من رجال القضاء السابقين أقدم منه، واستطرد المدعى أن القرار الجمهورى المطعون فيه وإن كان فى ظاهرة قرار تعيين إلا أنه فى حقيقته قرار بالترقية وهو يخضع فى ذلك للضوابط المستقرة فى هذا الشأن، وأحكام القضاء مستقرة على أنه وإن كان شغل الوظائف القيادية يتم بالاختيار إلا أن هذا الاختيار ليس مطلقا ولا تحكميا. وإنما لابد أن يتقيد بالأقدمية فى حالة تساوى المتزاحمين فى الكفاية فإن الأقدم هو الأولى بالترقية، وأن المدعى وهو على رأس نواب مدير النيابة الإدارية لا يمكن أن تقل كفايته عن المطعون فى تعيينه بل يؤكد أنه أكفأ بكثير، وأنه ليس فى قانون الوظيفة العامة ما يجعل للأقدمية فى التخرج أى وزن فى ترجيح موظف على آخر، بل أن ما يعتد به فى هذا المجال هى الأقدمية فى الوظيفة وفى الدرجة وأن المدعى نائب لمدير النيابة الإدارية منذ عام 1981 فى حين أن الأستاذ عبد الرحمن فرج محسن لم يشغل هذه الوظيفة إلا فى سنة 1983 بناء على ترشيح المدعى عندما كان يشغل وظيفة مدير النيابة الإدارية بالإنابة، وأضاف المدعى أن القرار المطعون فيه فضلا عن مخالفته للقانون فإنه ينطوى على إساءة بالغة لسمعة المدعى والإيحاء بأن ما يشينه ويحجبه عن هذا المنصب رغم أنه الأول بين نواب المدير وشغل المدير بالإنابة، واختتم صحيفة الدعوى بطلباته المبينة فى الصحيفة، وبجلسة 11/9/1986 حضر وكيل المطعون ضده الثالث وطلب قبوله خصما فى الدعوى منضما إلى الجهة الإدارية المدعى عليها، وبجلسة 1/10/1987 قدم الحاضر عن الطاعن صحيفة معلنة بتعديل طلباته طلب فى ختامها الحكم.
بإلغاء القرار الجمهورى رقم 304/1986 فيما تضمنه من تخطيه فى التعيين فى وظيفة مدير النيابة الإدارية وإلزام المدعى عليهما بتقرير معاش نهاية الخدمة المستحقة له على أساس استحقاقه الدرجة المالية المخصصة لوظيفة مدير النيابة الإدارية من تاريخ العمل بالقرار المطعون فيه مع صرف الفروق المستحقة له على هذا الأساس، وكذلك صرف الفروق المالية فى المرتب الشهرى الذى استحق له منذ صدور هذا القرار حتى انتهاء خدمته بتاريخ 30/6/1987، وإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعى مبلغ أربعين ألف جنيه تعويضا له عما لحقه من أضرار معنوية نتيجة القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 7/4/1988 أصدرت محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات والترقيات) حكمها القاضى:
{أولا} بقبول تدخل الأستاذ عبد الرحمن فرج محسن فى الدعوى خصما منضما إلى الجهة الإدارية.
{ثانيا} بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب.
{ثالثا} بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات، وأقامت قضاءها على أسباب محصلها أنه يجوز طبقا لحكم المادة 126 من قانون المرافعات لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضما لأحد الخصوم، وإذ كان طالب التدخل قد عين بالقرار المطعون فيه مديرا للنيابة الإدارية فإنه له مصلحة فى تدخله فى الدعوى خصما منضما للجهة الإدارية وبالنسبة إلى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قالت المحكمة أن هذا القرار لا يجوز طلب وقف تنفيذه لأنه من القرارات التى لا تقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إداريا طبقا لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972.
وبالنسبة إلى موضوع الدعوى قالت المحكمة انه طبقا لنص المادة 35 من قانون النيابة الإدارية رقم 117/1958 يكون تعيين مدير النيابة بقرار من رئيس الجمهورية ويكون تعيين سائر أعضاء النيابة الإدارية وترقياتهم ونقلهم بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض مدير النيابة وبعد أخذ رأى لجنة تشكل من المدير والوكلاء العامين، ومن ثم فإن المشرع جعل سلطة رئيس الجمهورية فى تعيين مدير النيابة الإدارية سلطة مطلقة أى سلطة تقديرية لا معقب عليها فى هذا الشأن طالما خلا القرار من عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ومقتضى ذلك أنه يجوز لرئيس الجمهورية أن يعين مدير النيابة الإدارية من بين أعضاء النيابة الإدارية (ومن غير هؤلاء الأعضاء دون التقيد فى حالة التعيين من بين أعضاء النيابة الإدارية بأن يكون من بين نواب المدير أو بالأقدمية من بين هؤلاء النواب، ولا يندرج فى ذلك ما ساقه المدعى من أنه لا يجوز تخطى الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان هذا الأخير ظاهر الامتياز حسبما استقر عليه قضاء مجلس الدولة وأنه أقدم النواب ولا يقل كفاءة عن المطعون على تعيينه، ذلك أن قاعدة الالتزام بالأقدمية فى حالة التساوى فى مرتبة الكفاية يعمل بها فى مجال الترقية وليس فى مجال التعيين، وإذا كانت النصوص التى تناولت الترقيات بالاختيار صرحت على النص على الالتزام بالأقدمية فى حالة التساوى فى مرتبة الكفاية عند إجراء حركة الترقيات فأنه فى مجال التعيين لا يمكن القول بوجوب الالتزام بقاعدة الأقدمية، خاصة أنه فى الحالة الماثلة يمكن تعيين مدير النيابة الإدارية من خارجها دون الاحتجاج بان ثمة تخطيا لأحد من أعضائها، كما أن وضع قيد على سلطة رئيس الجمهورية فى تعيين مدير النيابة الإدارية بالالتزام بتعيين أقدم النواب إنما يلغى السلطة التقديرية الممنوحة لرئيس الجمهورية فى هذا الشأن ويصادرها تماما الأمر الذى يخالف صريح نص المادة 35 المشار إليها، ووفقا لذلك إذا ما صدر القرار المطعون فيه متضمنا تعيين مدير النيابة الإدارية من بين نواب المدير دون التقيد بالأقدمية فيما بينهم فأن هذا القرار يكون صحيحا ومتفقا وأحكام القانون وتكون الدعوى بطلب إلغائه غير قائمة على سند من القانون جديرة بالرفض.
وبالنسبة إلى طلب التعويض فأن أساس مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية هو صدور هذه القرارات الإدارية وهو يشكل ركن الخطأ فى جانبها ضرر وتقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، وإذا كان القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا فإن ركن الخطأ يكون قد انتفى وبالتالى انهيار المسئولية لانهيار ركن من أركانها مما يتعين معه رفض طلب التعويض.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن التفسير الصحيح للمادة 35 من قانون النيابة الإدارية رقم 117/1958 يؤدى إلى أنه لا توجد سلطة مطلقة لرئيس الجمهورية إذ أنه يحده مبدأ المشروعية، وإنما سلطته فى هذا الشأن سلطة تقديرية بالنسبة لعنصر أو أكثر من عناصر القرار الإدارى ومقيدة بالنسبة إلى باقى العناصر وتتمثل هذه السلطة فى انه يحق له أن يختار من خارج النيابة الإدارية أو من داخلها، أما إذا اختار من داخلها فإنه يكون مقيدا بالقواعد العامة المستقرة فى الاختيار، والقول بغير ذلك يعطى لرئيس الجمهورية الحق فى أن يصدر قرارا بتعيين أى عضو بالنيابة الإدارية مديرا لها مهما قلت درجة الوظيفة وهو أمر نزه عنه قصد المشرع، فضلا عن أن الأخذ بالتفسير الذى اعتنقه الحكم للمادة 35 يؤدى إلى مخالفة مبدأ أساسى من مبادئ القانون المستقرة فقها وقضاء وهو ضرورة أن تلتزم الإدارة باحترام القواعد المنطقية فى تصرفاتها ومن تطبيقات هذا المبدأ فى أحكام المحكمة الإدارية العليا عدم جواز تخطى الأقدم إلى الحدث فى حالة التساوى فى مرتبة الكفاية، كما اخطأ الحكم المطعون فيه عندما سلم بأن القرار المطعون فيه يتضمن تعيينا وليس ترقية فى حين أن المادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه إذا كان التعيين متضمنا ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية فى الوظيفة السابقة وقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن التعيين فى الوظائف من الدرجة الأولى بقانون بقرار من رئيس الجمهورية هو ترقية تتقيد بضوابط الترقية بالاختيار، والواقع أن قرار رئيس الجمهورية باختياره تعيين مدير النيابة الإدارية من داخل النيابة الإدارية ومن بين نواب المدير هو فى حقيقته قرار تعيين متضمن ترقية ومن ثم يتعين إعمال نص المادة 24 من قانون نظام العاملين بالدولة باعتباره القانون العام السارى على كافة موظفى الدولة مما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن، كما لا يجوز قياس حكم المادة 35 من قانون النيابة الإدارية المشار إليه بشان تعيين مدير النيابة الإدارية على النصوص الخاصة بتعيين رؤساء الهيئات القضائية التى توجب أن يتم التعيين من بين أقدم النواب لان هذه النصوص تتضمن خروجا على المبادئ العامة حيث قيد المشرع سلطة رئيس الجمهورية بان أوجب عليه أن يعين رؤساء هذه الهيئات من بين نواب الرئيس وفى ذات الوقت أعطى له سلطة تقديرية فى أن يختار من بين النواب دون التقيد بالأقدمية، أما قانون النيابة الإدارية فقد أعطى لرئيس الجمهورية السلطة التقديرية فى أن يختار من داخل الهيئة أو من خارجها ولم يمنحه أية سلطة تقديرية فى حالة اختياره من بين نواب المدير من داخل الهيئة فى أن يختار دون التقيد بالأقدمية. ولما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون حريا بالإلغاء.
ومن حيث إن دفاع الجهة الإدارية المطعون ضدها يقوم على أن سلطة رئيس الجمهورية فى تعيين مدير النيابة الإدارية سلطة تقديرية طبقا لحكم المادة 345 من قانون النيابة الإدارية رقم 117/1958 فلم يقيده المشرع بأى قيد كان يكون التعيين من بين نواب مدير النيابة الإدارية إذ يملك التعيين أيضا من خارجها دون معقب عليه من القضاء ولا يحده فى ذلك سوى عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهو ما لم يقم عليه دليل فى هذا الطعن، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه وقد صدر صحيحا فإن طلب التعويض عنه يكون فى غير محله ذلك انه بثبوت صحة القرار الإدارى ينتفى ركن الخطأ وبالتالى تنهار المسئولية لانهيار أهم ركن فيها، أما طلب تعديل المعاش وصرف الفروق المالية فإن ربط المعاش غنما يتم على أساس الدرجة المالية التى كان يشغلها الطاعن عند إحالته إلى المعاش وقد سوى معاشه على أساسها فعلا فلا حق له وراء ذلك.
ومن حيث إن المادة 35 من القانون رقم 117/1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية السارى على واقعة النزاع تنص على أن: يكون تعيين مدير النيابة الإدارية بقرار من رئيس الجمهورية، ويكون تعيين سائر أعضاء النيابة الإدارية وترقياتهم بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض مدير النيابة وبعد اخذ رأى لجنة تشكل من المدير والوكلاء العامين…….
ومن هذا النص يتبين أن القانون خول لرئيس الجمهورية تعيين مدير النيابة الإدارية بسلطة تقديرية دون أن يتقيد فى ذلك بأية قيود أو ضوابط كان يختار المدير من بين نواب مدير الهيئة أو بعد أخذ رأى مجلس أو لجنة معينة كما فعل بالنسبة إلى تعيين رؤساء الهيئات القضائية الأخرى، فقد نصت المادة 44 من قانون السلطة القضائية رقم 46/1972 على انه: ………… ويعين رئيس محكمة النقض من بين نواب الرئيس وبعد أخذ رأى مجلس القضاء الأعلى………..
وكما جاء بنص المادة 83 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 حيث نصت على أن يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأى جمعية عمومية خاصة تشكل من رئيس مجلس الدولة ونوابه ووكلائه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين.
كذلك نصت المادة 16 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10لسنة 1986 على أن يكون شغل وظائف أعضاء الهيئة سواء بالتعيين أو بالترقية بقرار من رئيس الجمهورية ويعين رئيس الهيئة من بين نواب الرئيس بعد أخذ رأى المجلس العلى للهيئة ويبين من هذه النصوص أن المشرع قد غاير فى الحكم بالنسبة إلى إجراءات وقيود تعيين رؤساء الهيئات القضائية فبينما أوجب تعيين رؤساء محكمة النقض، ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة من بين نواب الرئيس بعد أخذ رأى مجلس القضاء العلى أو الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة أو المجلس العلى لهيئة قضايا الدولة حسب الأحوال لم يوجب ذلك بالنسبة إلى تعيين مدير النيابة الإدارية فقد أطلق سلطة تعيينه من أى قيد مما ذكر فلم يوجب أن يكون من بين نواب المدير ولم يقيدها بأخذ الرأى أو الرجوع إلى اللجنة المشكلة داخل هيئة النيابة الإدارية للنظر فى شئون الأعضاء وبذلك يملك رئيس الجمهورية تعيين مدير النيابة الإدارية من بين أعضائها أو من خارج هذه الهيئة دون معقب عليه فى ذلك طالما سلم قراره من عيب إساءة السلطة أو الانحراف بها، أما ما نحى إليه الطاعن من اجتهاد فى إيجاد قيود على سلطة رئيس الجمهورية عندما يختار تعيين مدير النيابة الإدارية من بين أعضائها تتمثل فى اختيار الأقدم من بين النواب إذا تساووا فى درجة النيابة فإن هذا الاجتهاد لا محل ولا موجب له أمام صراحة النص وهو تخصيص بغير مخصص، ومتى كان ذلك وكانت الأوراق خلوا مما يفيد وجود ثمة غاية قصدت إليها الجهة الإدارية بإصدارها القرار المطعون فيه غير المصلحة العامة، ولم يستطع الطاعن إقامة الدليل على غير ذلك كان يثبت الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا لا مطعن عليه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب فى قضائه ويكون الطعن عليه غير قائم على سند من الواقع والقانون حريا بالرفض.
ومن حيث إنه متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة وهى صحيحة كما سلف بيانه فإن طلبات الطاعن الأخرى تكون قد تداعت بدورها، فطلب تقرير معاش نهاية الخدمة على أساس استحقاقه للدرجة المالية لوظيفة مدير النيابة الإدارية لم يعد قائما على سند من القانون، وكذلك المر بالنسبة إلى طلب التعويض التى لحقت بالطاعن من جراء صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 304/1986 المطعون فيه فإنه لا سند له، ذلك أن مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية تتطلب قيام ركن الخطأ فى جانبها وذلك بصدور قرار إدارى غير مشروع بأن يشوبه عيب أو أكثر من عيوب القرارات الإدارية المنصوص عليها فى المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972 وهى عيوب عدم الاختصاص والشكل ومخالفة القوانين أو اللوائح والخطأ فى تطبيقها أو تأويلها وعيب إساءة استعمال السلطة، ثم قيام الضرر ووجود علاقة السببية بين الخطأ والضرر، وإذ تبين انهيار ركن الخطأ لصدور القرار الإدارى المطلوب التعويض عنه صحيحا من أى من هذه العيوب فقد انهارت تبعا لذلك المسئولية. وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه بحق، وبناء على ما تقدم يكون الطاعن الماثل قد أقيم على غير سند من الواقع أو القانون حريا بالرفض.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ