طعن رقم 2242 لسنة 29 بتاريخ 15/12/1991
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكى فرغلى وأحمد إبراهيم عبد العزيز وفريد نزيه تناغو نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الاثنين الموافق 30/5/1983 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السادة / وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية ومحافظ القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2242 لسنة 29 قضائية، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 31/3/1983 فى الدعوى رقم 6040 لسنة 36 قضائية والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعنون فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وفى يوم الأربعاء الموافق 7/8/1985 أودع الأستاذ سعد عبد الواحد حماد المحامى بصفته وكيلا عن السيد / رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 3452 لسنة 31 قضائية، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى سالفة الاشارة بجلسة 13/6/1985 والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب المحامى فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه واستمرار سريان قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار بإزالة جميع الاكشاك المقامة على قلعة الجبل.
وأودع السيد الأستاذ المستشار / يحيى نجم مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضى الدولة مسببا بالرأى القانونى فى الطعن رقم 3452 لسنة 36 قضائية الذى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعنين بجلسة 3/10/1988 والجلسات التالية لها طبقا لما هو مبين بمحاضر جلساتها وقررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وحضر أمامها محامو الخصوم وقدم محامى هيئة الآثار المصرية ثلاث حوافظ للمستندات ومذكرة بدفاعه، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة التى نظرت الطعنين بجلسة 1/10/1991 حيث لم حضر أمامها محامو الخصوم وقررت إصدار الحكم بجلسة 1/12/1991 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 15/12/1991 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إنه عن الطعن الأول رقم 2242 لسنة 29 قضائية المقام من الجهات الإدارية المشار إليها سالفا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 31/3/1983 فى الشق المستعجل من الدعوى والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإن الثابت أنه عقب صدور هذا الحكم أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها فى موضوع الدعوى ذاتها بجلسة 13/6/1985.
وقضت بإلغاء القرار المطعون فيه، فطعنت هيئة الآثار المصرية فى الحكم الأخير بالطعن الثانى رقم 3452 لسنة 31 قضائية المنظور.
ومن حيث إن الحكم فى الشق المستعجل قد قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأنه ولئن كان لهذا الحكم مقومات الأحكام وخصائصها بالنسبة تنفيذه وجواز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا أنه مع ذلك حكم وقتى بطبيعته وينقضى أثره من تاريخ صدور الحكم فى موضوع الدعوى، إذ من هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره حكما فاصلا فى موضوع المنازعة واجب النفاذ من تاريخ صدوره حتى مع الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه، طبقا للمادة 50 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972 والتى تنص على أن لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك ومن ثم فإن الحكم فى الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه يسقط بصدور الحكم فى موضوع الدعوى وقد صدر الحكم فى موضوعها كما أن الاستمرار فى نظر الطعن فى الحكم الوقتى الصادر فى الشق المستعجل يعد غير ذى موضوع الأمر الذى يتعين معه القضاء بانتهاء الخصومة فى شأنه، خاصة وأن ما قضى به هذا الحكم بالنسبة لشكل الدعوى بقبولها شكلا – وهو قضاء نهائى قطعى – ليس محل طعن من الجهات الإدارية فى طعنها الذى أقامته فى الحكم الصادر فى الشق المستعجل والرقيم (2242) لسنة 29 قضائية المشار إليه، الأمر الذى يكون معه نظر هذا الطعن برمته غير ذى موضوع.
ومن حيث إن الطعن الثانى رقم (3452) لسنة 31 قضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلا.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتلخص فى أن المدعية قد أقامت هذه الدعوى بالصحيفة المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 25/9/1982 والتى طلبت فى ختامها الحكم :- أولا – بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل فى الموضوع.
ثانيا – بقبول الطعن شكلا وبإلغاء القرار الصادر من وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بإزالة الكشك المملوك لها الكائن بالحديقة المجاورة لمسجد محمد على بالقلعة بالقاهرة مع إلزامهما المصروفات. وقالت المدعية شرحا لدعواها انها حصلت منذ مدة طويلة على ترخيص من منطقة الإسكان والمرافق لحى جنوب القاهرة بمحافظة القاهرة لإقامة كشك لبيع السلع السياحية والكتب الدينية، ورتبت حياتها من عام ( 1970) على ما يدره الكشك من مورد رزق، ثم حدث خلاف بين محافظة القاهرة ووزارة الأوقاف بشأن ملكية الأرض المقام عليها الكشك فقامت المحافظة بإخطار أوقاف القاهرة بأن الأرض هى أرض للمنفعة العامة ضمن إدارة الحدائق والتشجير بمحافظة القاهرة إلا أن المدعية فوجئت باستدعائها عن طريق مدير عام شرطة السياحة والآثار وإخطارها بأنه بناء على توجيهات وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية تقرر إزالة الكشك المشار إليه مع الاكشاك الأخرى الكائنة بجوار مسجد محمد على بالقلعة، وأضافت المدعية أنها تطعن فى هذا القرار لأنه لم يصدر فى الشكل القانونى المعمول به بل صدر فى شكل توجيهات وغير مسببة مما يعد معيبا بعيب الشكل الذى يبطله، كما أن الأرض المقام عليها الكشك تقع ضمن أملاك محافظة القاهرة فلا يختص وزير الثقافة أو رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار بإصدار قرارات بشأنها. ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة، وقدمت حافظتى مستندات.
وقدمت هيئة الآثار المصرية مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى أنه طبقا لقانون حماية الآثار فإنه تعتبر أرضا أثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات صادرة بذلك قبل العمل بالقانون رقم 117/83 أو بمقتضى قرار رئيس مجلس الوزراء بعد العمل بهذا القانون، وتخضع هذه الأراضى لإشراف هيئة الآثار المصرية، ولما كانت أرض منطقة القلعة مسجلة كأثر بالقرار رقم 10357 الصادر من وزير المعارف العمومية بتاريخ 21/10/1951 فإنها تخضع لهيئة الآثار المصرية ولا يجوز لمحافظة القاهرة منح أى ترخيص بإقامة منشآت عليها، ويكون القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بإزالة التعدى الواقع من المدعية عليها وهو مفوض فى إزالة التعديات من وزير الثقافة بالقرار رقم 349 لسنة 1972، قراراً مشروعاً مما يتعين معه رفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات، كما قدمت هيئة الآثار حافظة بمستنداتها.
وبجلسة 13/6/1985 قضت محكمة القضاء الإدارى بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وأسست حكمها على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر استنادا إلى أن الأرض المقام عليها الكشك محل النزاع أرض أثرية مملوكة لهيئة الآثار المصرية وأن المدعية أقامت الكشك المذكور دون ترخيص من الهيئة ومن ثم تكون معتدية على أرض الآثار ويكون للهيئة طبقا لقانون حماية الآثار إزالة هذا التعدى بالطريق الإداري إلا أن الثابت أن المدعية تحوز هذه الأرض المقام عليها الكشك بترخيص من حى جنوب القاهرة بإقامة كشك لبيع السلع السياحية والكتب الدينية عام 1970 وظل الترخيص يتجدد بعد ذلك وقدمت سندا لذلك صورة القرار الصادر بالترخيص عام 1982 وعلى ذلك فإنها تشغل عين النزاع بسند قانونى فتنحسر عن الهيئة سلطتها الاستثنائية فى إزالة التعدى بالتنفيذ المباشر ويكون عليها الالتجاء إلى القضاء لحسم النزاع القانونى بينها وبين المدعية. وفضلا عن ذلك فإن الثابت من الاطلاع على صورة الحكم الصادر من محكمة جنح الخليفة فى القضية رقم 3463 لسنة 1972 بجلسة 25/3/1973 أن النيابة العامة اتهمت المدعية بالاعتداء على أرض أثرية بأن أقامت فوقها كشكا إلا أن المحكمة قضت ببراءتها، وأضافت محكمة القضاء الإدارى أنه يبين من ذلك أن المدعية تحوز أرض النزاع بسند قانوني ولا تعتبر حيازتها لقطعة الأرض المقام عليها الكشك من قبيل التعدى الذى يجيز لهيئة الآثار إزالته بالطريق الإدارى مما يكون معه القرار المطعون فيه مخالفا للقانون متعين الإلغاء ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل المقام من هيئة الآثار المصرية أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أن القانون رقم 117/1983 بشأن حماية الآثار يقضى بأن تعتبر أرضا أثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات وأوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التى يصدر باعتبارها كذلك قرار رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز الاعتداء عليها بأية صورة وقد صدر قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 بتاريخ 21/11/1956 ببيان الآثار المسجلة وضمنها فى البند (556) القلعة ( قلعة الجبل ) بما تضمه من آثار وعلى ذلك لا يجوز إقامة أية منشآت عليها إلا بترخيص من هيئة الآثار، ويكون للهيئة فى حالة التعدى على الأرض الأثرية إزالة هذا التعدى بالطريق الإدارى، ومن ثم انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستمرار سريان قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة بإزالة جميع الاكشاك من على القلعة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وبلا منازعة من طرفى الخصومة أن السيد رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية أصدر القرار المطعون فيه بإزالة التعدى الواقع من المدعية على الأرض محل النزاع فى تاريخ سابق على إقامة المدعية دعواها أمام محكمة القضاء الإداري المقامة فى 25/9/1982، فإن هذا القرار يكون قد صدر فى ظل العمل بالقانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن حماية الآثار، وقبل العمل بالقانون الجديد لحماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والذى يعمل به فى اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية طبقا للمادة الخامسة من مواد إصداره، وقد نشر بالجريدة الرسمية فى 11/8/1983.
ومن حيث إن القانون رقم 215 لسنة 1951 المشار إليه ينص فى المادة الثانية منه على أن يعتبر فى حكم الآثار الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى أوامر أو قرارات أو بمقتضى قرار يصدره وزير المعارف العمومية بعد الاتفاق مع وزير الاقتصاد الوطنى ……
تنص المادة 4 من هذا القانون على أن تعتبر من أملاك الدولة العامة جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضى الأثرية عدا ما كان وقفا أو ملكاً خاصا طبقا لأحكام القانون. وتنص المادة 13 من هذا القانون على أن تعتبر مسجلة الآثار المعتمدة الآن بالسجلات المعدة لهذا الغرض بإدارة حفظ الآثار العربية والمبينة فى الجدول الذى يصدر به قرار من وزير المعارف العمومية.
وقد جاء القانون الجديد بشأن حماية الآثار رقم 117/1983 بأحكام مماثلة لذلك فنص فى المادة الثالثة منه على أن تعتبر أرضا أثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات وأوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء علي عرض الوزير المختص بشئون الثقافة.
.. كما نص فى المادة السادسة منه على أن تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة عدا ما كان وقفا ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها فى هذا القانون والقرارات المنفذة له.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أنه بتاريخ 17 من نوفمبر 1951 أصدر السيد وزير المعارف العمومية القرار رقم 10357 ونشر بالوقائع المصرية فى العدد 115 فى 17 من ديسمبر سنة 1951 ونص هذا القرار على أن تعتبر مسجلة الآثار المقيدة الآن بالسجلات المعدة لهذا الغرض بإدارة حفظ الآثار العربية والمبينة فى الجدول المرافق، وقد ورد فى هذا الجدول تحت البند 503 مسجد محمد على وتحت البند 556 القلعة ( قلعة الجبل )، والثابت من الأوراق بلا منازعة بين الخصوم أن الموقع محل النزاع يقع داخل القلعة فى مواجهة مسجد محمد على.
ومن حيث إن هذه المنطقة الأثرية ليست محلا للملكية الخاصة إنما هى من الأملاك العامة للدولة والمخصصة للنفع العام سواء بطبيعتها باعتبارها تضم العديد من العمائر الأثرية الهامة التى أنتجتها الحضارة العربية العريقة بأرض مصر كمسجد محمد على وقصر الجوهرة وسرايا العدل ومسجد الناصر محمد والقلعة أو سواء بالقرار الصادر من وزير المعارف العمومية إعمالا للمادة 13 من القانون رقم 315 لسنة 1951 والتى تقضى بأن تعتبر مسجلة الآثار المقيدة الآن بالسجلات المعدة لهذا الغرض بإدارة حفظ الآثار العربية والمبينة فى الجدول الذى يصدر به قرار من وزير المعارف العمومية، وقد اشتمل القرار المشار إليه على الآثار السالفة جميعها، وبهذه المثابة فإن هيئة الآثار المصرية فى وحدها تعد هى المختصة بالموافقة على أى ترخيص لإقامة منشآت أو شغل أى مكان فى هذا الموقع الأثرى، فلا يجدى المدعية التمسك بصدور ترخيص لها بالكشك المشار إليه من منطقة الإسكان بحى جنوب القاهرة بمحافظة القاهرة، إذ لا يعتد بصدور هذا الترخيص بدون موافقة هيئة الآثار المصرية.
ومن حيث إن شغل المدعية لهذا المكان بالكشك المشار إليه جاء بغير ترخيص من السلطة المختصة وهى هيئة الآثار المصرية، فإن لهذه الهيئة باعتبارها الجهة الإدارية المختصة المنوط بها حماية الآثار وفقا للقانون أن تستصدر القرار اللازم لإزالة التعدى الواقع على هذا الموقع الأثرى، ولما كان القرار المطعون فيه بإزالة أشغال المدعية لهذا المكان قد صدر بقرار من رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بناء على التفويض الصادر له من وزير الثقافة فى مباشرة الاختصاصات المخولة للوزير بموجب القانون رقم 55/1970 فى إزالة التعديات على الأموال العامة بالطريق الإدارى فإنه يكون مشروعا وتوافرت له الأسباب المبررة له قانونا، فلا يجدى المدعية التمسك بأن هذا القرار صدر فى صورة توجيهات عامة من رئيس الهيئة أو كونه صدر دون أن ترفق به أسبابه فى وثيقة إصداره.
ذلك أنه كما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن القرار الإدارى ليست له صيغة معينة لابد من انصبابه فيها وإنما يكون بكل ما يحمل معنى اتجاه إرادة جهة الإدارة فى نطاق سلطتها الملزمة إلى إحداث أثر قانونى متى كان ذلك ممكنا وجائزاً قانونا، وطالما كان المشرع لم يحدد شكلا معينا يتحتم أن ينصب فيه القرار محل النزاع كما لم يشترط أن يكون مسببا فإن نعى المدعية عليه فى هذا الخصوص للتوصل إلى بطلانه من الناحية الشكلية يعد غير مستند لأساس صحيح قانونا فى هذا الشأن وقد ثبت أن القرار المطعون فيه قائم على أسبابه المبررة له قانونا حماية للموقع الأثرى سالف الذكر.
ومن حيث إنه لا يجدى المدعية أيضا التمسك بالحكم الصادر من محكمة جنح الخليفة عام 1972 ببراءتها من تهمة التعدى على الأرض الأثرية، ذلك أن هذا الحكم قد قام أساسا على أن المدعية حصلت على ترخيص بإقامة الكشك المشار إليه من منطقة الإسكان بمحافظة القاهرة وهى جهة مختصة، ولو كانت المدعية تعلم أن هذا المكان من أرض الآثار لتقدمت إلى تفتيش الآثار لاستصدار الترخيص بدلا من تقدمها لمحافظة القاهرة. ومن ثم فإن هذا الحكم قد انبنى أساسا على نفى القصد الجنائى لدى المدعية وهو ما يؤدى إلى براءتها من الجريمة المنسوبة إليها، إلا أن ذلك لا ينال من شرعية القرار المطعون فيه الذى انبنى على شغل المدعية لهذا المكان وإقامة منشآت فيه وهو من الأماكن الأثرية التى لا يجوز شغلها إلا بتصريح من هيئة الآثار الجهة الإدارية المختصة فى هذا الشأن فلا يغير من مشروعيته مدى علم المدعية أو جهلها بذلك إذ العبرة هى بحقيقة كون هذا الموقع موقعا أثريا حائز لهذا الوصف قانونا لكى ما تسبغ عليه الحماية التى قررها المشرع لهذا النوع من الأملاك العامة المخصصة للمنفعة العامة والتى تخول للجهة الإدارية المختصة إزالة التعديات الواقعة عليه بالطريق الإدارى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر فيكون قد جانب الصواب مما يتعين معه الحكم بإلغائه ورفض الدعوى موضوعا مع إلزام المدعية المصروفات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بانتهاء الخصومة فى الطعن رقم 2242 لسنة 29 قضائية.
ثانيا : بقبول الطعن رقم 3452 لسنة 31 قضائية شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ