طعن رقم 2255 لسنة 36 بتاريخ 03/04/1993 الدائرة الرابعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / رأفت محمد يوسف و محمد أبو الوفا عبد المتعال وعلى فكرى صالح وسعيد أحمد برغش نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الاثنين الموافق 21/5/1990 أودع الأستاذ / ………………… المقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المحكمة الإدارية العليا، سكرتارية المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2255 لسنه 36 ق عليا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 17/4/1990 فى الدعوى رقم 854 لسنه 16 ق والذى قضى بمجازاة الطاعن بخصم أجر شهر من راتبه وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى تقرير الطعن، قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما هو منسوب إليه أو احاله الدعوى الى محكمة أسيوط التأديبية لإعادة محاكمته أمام دائرة أخرى مع إلزام المعلن إليه بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين وبتاريخ 23/5/1990 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده.
وبعد تحضير الدعوى – أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى، انتهت فيه الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وبجلسة 23/12/1992 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن الى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الرابعة – حيث نظرته المحكمة بجلسة 23/1/1993 وفيها تقرر تأجيل نظر الطعن لجلسة 27/2/1993 لاخطار الطاعن وبهذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث أن وقائع الطعن، تتلخص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المرفقة بملف الطعن أن الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بأسيوط أبلغت النيابة الإدارية بأسيوط بكتابها رقم 699 فى 20/6/1989 بقيام………… (الطاعن ) أمين الخزينة بمكتب تأمينات أول أسيوط بتحصيل مبلغ 913.680 جنيه بالايصال.رقم 42450 فى 23/2/1989 من صاحب العمل…………… عن عملية مقاولات رقم 850/2465/88 وعدم توريد هذا المبلغ حتى5/3/1989 بالمخالفة لحكم المادة 32 من اللائحة المالية للهيئة، وبناء على ذلك أجرت النيابة الإدارية تحقيقا فى الموضوع فى القضية رقم 865 لسنه 1989 أسيوط، انتهت فيها الى مسئولية الطاعن عن الوقائع المتقدمة، وأقامت ضده الدعوى رقم 854 لسنة 16 ق أمام المحكمة التأديبية بأسيوط نسبت إليه فيها انه خلال المدة من 23/2/1989 وحتى 5/3/1989 بدائرة مكتب التأمينات الاجتماعية أول أسيوط وبوصفه، أمين خزينه المكتب، لم يؤد العمل المنوط به بأمانه وسلك فى تصرفاته مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة وخالف القواعد والأحكام المالية مما يترتب عليه الاضرار بمالية الدولة بأن :
1 – استخرج الايصال رقم 42450 بمبلغ 913.860 فى 23/2/1989 من دفتر القسائم الذى يبدأ من رقم 42401/42450 عهدته رغم وجود ايصالات بيضاء سابقة عليه بالمخالفة للتعليمات المالية.
2 – أختلس لنفسه مبلغ 913.860 جنيه قيمة الايصال رقم 42450 المؤرخ 23/2/1989 ولم يقم بتوريده الا بتاريخ 5/3/1989 بعد اكتشاف الواقعة.
وبجلسة 17/4/1990 قضت المحكمة بمجازاة الطاعن بخصم أجر شهر من راتبه وأسست قضاءها على أن المخالفة الأولى ثابته فى حق الطاعن باعترافه فى التحقيقات بأن ذلك حدث منه بطريق الخطأ نتيجة ضغط العمل (ص 5 من التحقيق الإدارى – ص 10 من تحقيق النيابة الإدارية) وما شهد به كلا من……………… و………….. (ص 918 من تحقيق النيابة الإدارية) وعن المخالفة الثانية فقد قرر الطاعن بالتحقيقات عن جهله بالقواعد المالية وان ذلك وقع منه عن غير قصد وبسبب ضغط العمل والاضطرابات العصبية التى يعانى منها وأضاف انه قام بتوريد المبلغ فى 5/3/1989 وأن سبب التأخير فى التوريد حتى 5/3/1989 يرجع الى انه ابلغ رئيسه /………. بهذا الخطأ فأفهمه بأن يحتفظ بالمبلغ حتى يستدعى صاحب العمل الذى قام بتوريده ويعدل تاريخ التوريد لجعله يوم حضور صاحب العمل – ثم أضافت المحكمة ان الثابت بالتحقيقات ان كلا من….. مدير مكتب تأمينات أول أسيوط و….. رئيس الشئون المالية بالمكتب و……. المراجعه بالمكتب، قرروا مسئولية المتهم عن هذه المخالفة ونفى الثانى (رئيسه) ما نسبه إليه المتهم وأيده فى ذلك الأول (مدير مكتبه) الذى أضاف ان المتهم (الطاعن) لم يورد هذا المبلغ إلا فى 5/3/1989 وخلصت المحكمة مما تقدم إلى أن القدر المتيقن فى حق المتهم هو تراخيه فى توريد المبالغ المسلمة إليه بسبب وظيفته وأن المخالفتين ثابتتين فى حقه.
وحيث إن الطعن يقوم – وفقا لما ورد فى تقرير الطعن – على أسباب ثلاثة هى :-
أولا : مخالفة الحكم القانون.
ثانيا : إصابة الطاعن بمرض عصبى يؤثر على عمله.
ثالثا : عدم وجود دليل كاف يثبت خطأ الطاعن
وحيث أنه عن السبب الاول من أسباب الطعن – وهو مخالفة الحكم للقانون – فقد أسسه الطاعن على أنه لايجوز معاقبة الموظف عن العيب الإدارى الواحد مرتين بجزاءين أصليين لم ينص القانون صراحة على الجمع بينهما أو بجزاءين لم يقصد اعتبار أحدهما تبعا لآخر – والثابت أن الجهة الإدارية التابع لها الطاعن استصدرت الأمر الإدارى رقم 6/1989 بنقله إلى وظيفة أخرى بدون المميزات الوظيفية التى كانت له فى وظيفته السابقة بدون أن تنتظر الجهة الإدارية حكم القضاء بعد احالته للتحقيق والمحاكمة عن ذات الفعل الذى تم نقل المخالف به مخالفة بذلك صريح نص القانون وبذلك فإن محاكمته والحكم عليه 9 يكون مخالفا للقانون مستوجبا الإلغاء.
ومن حيث إن هذا السبب مردود عليه بأن قيام الجهة الإدارية بنقل الطاعن – من وظيفته إلى وظيفة أخرى – بالأمر الإدارى رقم 6 لسنة 1989 – ثم صدور حكم تأديبى بعد ذلك بمجازاته بخصم شهر من راتبه – لا يعتبر ازدواجا للعقوبة، أو عقابا للطاعن عما نسب إليه مرتين لأن مناط الازدواج العقابى أو الجزائى هو أن يوقع على المخالف عن المخالفات المنسوبة إليه الثابتة فى حقه، جزاءان من الجزاءات الصريحة المحددة صراحة فى القانون وكما وردت فى القانون الواجب التطبيق على المخالف. ولما كان نقل الموظف من وظيفته إلى وظيفة أخرى ليس من بين الجزاءات المقررة فى القانون كعقوبة عن المخالفات التى يرتكبها الموظف وكما حددتها المادة 83 من قانون العاملين المدنيين فى الدولة، وانما النقل يتم وفقا لنص المادة 54من ذلك القانون وفقا للأوضاع والشروط المقررة فى تلك المادة – ومن ثم فليس صحيحا القول فان نقل الطاعن – ثم الحكم عليه من المحكمة المختصة بجزاء خصم شهر من راتبه عما نسب إليه وثبت فى حقه، يعتبر ازدواجا للعقاب عن ذات الافعال – وانما النقل يتم تطبيقا لنص آخر فى القانون يجيزه للجهة الإدارية، وإذا كانت للطاعن أوجه طعن على هذا النقل وكان له إن شاء الطعن عليه بدعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة وبالتالى فإن هذا السبب من أسباب الطعن فى غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون متعينا رفضه.
وحيث إنه عن السبب الثانى من أسباب الطعن فى الحكم بشأن إصابة الطاعن بمرض عصبى يؤثر فى عمله مما يجعل من الخطأ الذى حدث منه غير مقصود منه ومن هنا يجب التفرقة بين الخطأ الشخصى والخطأ المصلحى الموجب للمسئولية فالأول يوجب مسئولية العامل والثانى مسئولية الجهة الإدارية وأن ما صدر من الطاعن لم يكن خطأ شخصيا يسأل عنه وإنما هو خطأ مصلحى صادر عن موظف معرض للصواب والخطأ.
ومن حيث إن هذا السبب مردود عليه بأنه لا محل فى مجال المسئولية التأديبية لأعمال نظرية الخطأ الشخصى والخطأ المرفقى – فهذه النظرية مجالها مسئولية الإدارة عن أفعال موظفيها تجاه الغير ومسئولية العامل عن الأضرار التى يسببها بخطئة للجهة الإدارية أما النظام التأديبى فله إجراءاته وقواعده والجزاءات المحددة التى يمكن توقيعها على الموظف المخالف وضمانات التحقيق والمحاكمة والدفع فيها بفكرة الخطأ الشخصى والخطأ المرفقى هو دفع فى غير محله وغير منتج وانما كان القصد من هذا السبب، هو القول بأن نظام العمل فى المرفق ساهم فى وقوع الخطأ المنسوب للطاعن أو كان هو سببه مما يعنى وجود خلل فى نظام العمل، فهو قول غير سديد ولا دليل عليه من الأوراق – فمن ثم فإن هذا السبب فى غير محله متعينا رفضه.
وحيث إنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن والذى أسسه الطاعن على أنه لا يوجد دليل كاف يثبت أن الطاعن قد وقع منه ذلك الخطأ عن قصد بل إنه أخبر رؤسائه بهذا الخطأ منذ وقوعه وأن ما وقع منه كان بسبب عوامل كثيرة منها الإرهاق والمرض العصبى الثابت بالأوراق مما يثبت براءة الطاعن ويستوجب إلغاء الحكم فإن هذا السبب الأخير من أسباب الطعن مردود عليه بما ورد فى الحكم المطعون فيه وهو ما لم ينكره الطاعن والمستخلص استخلاصا سائغا من الأوراق – من أن ما نسب إلى الطاعن ثابت فى حقه بما شهد به وقرره فى التحقيقات كل من مدير مكتب التأمينات بأسيوط ورئيس الشئون المالية بالمكتب ومراجعة المكتب مسئولية الطاعن عما نسب إليه وما أثبته الحكم من أن دفع الطاعن ما نسب إليه كان نتيجة ضغط العمل وجهله بالتعليمات المالية ليس من شأنه أن يعفيه من المسئولية عما وقع منه من خطأ وأنه كان يجب أن يسعى من جانبه إلى الاحاطة بالتعليمات المالية قبل البدء فى العمل فإن تراخى فى ذلك وخرج عليها عن غير قصد حقت مساءلته، على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة كما أن المرض ليس عذرا مبررا للخد وللإعفاء من المسئولية فالقانون أجاز للموظف الحصول على أجازه مرضية فى حالة المرض ونظم إجراءات ذلك، ومن ثم فلا يصح الاستناد إلى عذر المرض – إن صح – لتبرير الخطأ أو رفع المسئولية الناتجة عن ذلك – ومن ثم يكون هذا السبب فى غير محله وعلى غير أساس من القانون متعينا رفضه الأمر الذى يتعين معه رفض الطعن.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.