طعن رقم 2285 لسنة 31 بتاريخ 09/02/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 2285 لسنة 31 بتاريخ 09/02/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / إسماعيل عبد الحميد إبراهيم و عادل محمد زكى فرغلى وفريد نزيه تناغو و احمد عبد العزيز أبو العزايم نواب رئيس المجلس.

* إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 22/5/1985 أودع الدكتور محمد عصفور المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2285/31 ق . ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات فى الدعوى رقم 5038/37 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذى قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وأودع الأستاذ المستشار على رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانونى مسببا فى الطعن والذى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 7/5/1990 حيث نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى تقرر بجلسة 15/7/1990 إحالة الطعن الى هذه المحكمة، حيث تم تداول الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر بجلسة 19/10/1990 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 8/12/1990 حيث تقرر مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم 9/2/1992 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه عند النطق به .

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يتضح من الأوراق – فى انه بتاريخ 14/10/1983 أقام الطاعن دعواه رقم 1012 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 43 لسنة 1983 الصادر من وزير السياحة والطيران المدنى فيما تضمنه من إنهاء عقد إيجار الشقة السكنية المؤجرة له، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها – المطعون ضدهما – المصروفات واستند فى دعواه الى أنه استأجر الشقة موضوع النزاع بداخل منطقة قصر المنتزة – بلوك الأمناء – بموجب عقد إيجار مؤرخ 2/10/1969 نص فيه على أن الغرض من استعمالها هو سكن خاص بموجب عقد بإيجار سنوى قدره 225 جنيها، ويتجدد العقد لمدد أخرى مماثلة، وهو عقد إيجار مدنى تسرى عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن بما فى ذلك تحديد الأجرة والامتداد القانونى، وأنه ليس ترخيصا أو عقدا إداريا لان الشقة المؤجرة ليست من الأموال العامة وإنما تدخل ضمن أملاك الدولة الخاصة، ومن ثم فلا يسوغ التعرض لهذه العلاقات العقدية الخاصة بمقتضى قرارات إدارية، وإلا كان القرار باطلا .
وأوضح الطاعن فى دعواه أن القرار المطعون فيه يقضى بزيادة الإيجار زيادة كبيرة ومن لم يرضخ يزال بالطريق الإدارى وقد شرعت جهة الإدارة فى ذلك إلا أن المستأجرين لجئوا الى النيابة العامة التى أصدرت قرارها بتمكينهم من وضع يدهم وعدم تعرض الغير لهم فى ذلك وعرض الأمر على قاضى الحيازة فأصدر قراره بتأييد قرار النيابة العامة وذلك استنادا الى أن العقد المبرم بين شركة المنتزة والمستأجرين هو عقد مدنى لا يجوز للمؤجر أن ينهيه بإرادته المنفردة، مستندا الى اعتبار العلاقة التى تربطه بالشركة القائمة على استغلال قصر المنتزة هى علاقة مدنية تخضع للقانون المدنى وأحكام قوانين ا لإيجارات فلا يجوز زيادة الأجرة عن الأجرة القانونية، ولا يجوز إنهاؤه إلا لأحد الأسباب التى نص عليها قانون إيجارات الأماكن.
وقد أجابت الشركة المدعى عليها على الدعوى بمذكرة انتهيت فيها الى طلب رفض كل من الطلب المستعجل والطلب الموضوعى مع إلزام المدعى بالمصاريف والاتعاب واستندت فى ذلك الى ان قصر المنتزة مرفق عام يدخل فى عموم المرافق العامة التى تنشئها الدولة بقصد تحقيق غرض من أغراض النفع العام ويكون الرأى الأعلى فى إدارتها للسلطة العامة طبقا للقانون رقم 129 لسنة 1947 بتنظيم التزام المرافق العامة، الذى يستبين من نصوصه ان الجهة مانحه الالتزام لها سلطات واسعة بالنسبة للمرفق، وتعتبر الملتزم معاونا للجهة الإدارية يأتمر بأوامرها، أما المنتفعون بالمرفق فان علاقتهم تكون فى حدود ما ترسمه الجهة الإدارية ثم صدر بعد ذلك القانون المدنى ونص فى المادة (671) منه على أن يكون لتعريفات الأسعار التى قررتها السلطة العامة قوة القانون بالنسبة الى العقود التى يبرمها الملتزم مع عملائه ……… ويجوز إعادة النظر فى هذه القوائم وتعديلها .. واستطردت الشركة المدعى عليها الى ان قصر المنتزة يعتبر من الأموال العامة طبقا لنص المادة 87 فى القانون المدنى ولا يمنع ذلك من الترخيص لبعض الأفراد باستعمال هذه الأموال استعمال محددا وبصفة مؤقتة مما يبيح للسلطة المختصة إلغائه أو الرجوع فيه .
وبجلسة 11/4/1985 قضت محكمة القضاء الإدارى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الطاعن المصروفات لعدم توافر ركن الجدية فى الدعوى، وأقامت قضاءها على ما بدى لها من ظاهر الأوراق أن شركة المنتزة والمقطم التى أدانا للمدعى بالحق فى شغل عين النزاع كان يربطها بالدولة عقد التزام مرفق عام تتولى الشركة بمقتضاه إدارة مرفق الاصطياف والسياحة بمنطقة فصر المنتزة، وعليه فان العقود التى تبرمها تلك الشركة مع المنتفعين بخدمات ذلك المرفق يسرى بشأنها نص المادة 671 مدنى الذى يخول للشركة حق تعديل قوائم الأسعار بمعنى ان لجهة الإدارة أن تراجع الأسعار بالتطبيق لنص المادة 671 مدنى المشار إليها، الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه قائما بحسب الظاهر على أساس سليم من القانون، ولا يستند المدعى فى طلب إلغائه على سبق صدور قرار من قاضى الحيازة بتمكينه من عين النزاع وأن القرار المطعون فيه قد اقتصر أثره على إنهاء العلاقة الإيجارية، ولم يتضمن إزالة – التعدى على الشقة التى صدر بها قرار لاحق هو القرار رقم 107 لسنة 1983 والصادر من وزير السياحة وهو القرار الذى تعلق به قرار النيابة العامة وأيده فى ذلك قاضى الحيازة، وهو قرار له ذاتيته المنفصلة عن القرار المطعون فيه بمقتضى الدعوى المطروحة عليها.
ومن حيث ان مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتيه : –
أولا : أن القرار المطعون فيه قد صدر ممن لا ولاية له اذ أن الطاعن كان يستأجر وحدة سكنية بداخل منطقة قصر المنتزة بموجب عقد إيجار عادى مؤرخ 1/10/1969 نص فيه على تجديده سنويا، وبتاريخ 20/10/1979 صدر القرار الجمهورى رقم 415/1979 بتسليم امتياز الشركة الى وزارة السياحة وبتاريخ 1/12/1982 تعاقدت وزارة السياحة مع شركة المنتزة للسياحة والاستثمار على إدارة المنطقة بموجب عقد نص فى البند العاشر منه على أن تظل الالتزامات القائمة قبل الغير بالمنطقة سارية المفعول وبمقتضى هذا التعاقد زالت صفة وزير السياحة فى إنهاء عقود الأماكن المؤجرة، مما يجعل القرار الصادر من وزير السياحة بانتهاء عقود إيجار الأماكن المؤجرة من الشركة مشوبا بعيب تجاوز السلطة.
ثانيا : أن العقد المبرم بين الطاعن والشركة المطعون ضدها هو عقد مدنى بكل المعايير اذ تم بين شخصين من أشخاص القانون الخاص ويتعلق بعقد إيجار خاضع لأحكام القانون المدنى ذلك ان الشركة السابقة أو الحالية قد تولت استغلال هذه المنطقة السياحية عن طريق عقد إيجار امتياز إدارى أما العقود التى تبرمها الشركة فهى من عقود القانون الخاص ولا تضمن أية شروط استثنائية غير مألوفة فى العقود العادية ومن ثم فان تغيير اسم الشركة أو عزوفها بوزارة السياحة لا تغير طبيعة العقود التى تبرمها، فإذا ما صدر القرار المطعون فيه متناولا العلاقة بين الشركة والمستأجرين فإنه يكون قرارا معدوما.
ثالثا : ان الحكم المطعون فيه قد أسبغ الصفة العامة على مشروع منطقة قصر المنتزة فاعتبر القصر والكبائن والمبانى المؤجرة مالا عاما، الأمر الذى ينقضه إعطاء الدولة لشركة سياحية أجنبية حق استغلال المنطقة، ومع ذلك فان ورود العقد على عين تعتبر من أملاك الدولة العامة لا يكفى بذاته لاعتباره عقدا إداريا طالما خلا العقد من مقومات العقد الإدارى فالمعروف أن عقود اشتراك الهاتف والإنارة والمياه هى من عقود القانون الخاص رغم أنها تبرم مع جهة إدارية .
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد استقر على انه يتعين القضاء بوقف تنفيذ أى قرار إدارى أن يتوافر ركنان أولهما ركن الجدية بأن يكون دعوى المدعى قائمة بحسب الظاهر على أسباب جدية تسوغ إلغاءه والثانى : هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار آثار يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث أنه باستعراض تطور القواعد المنظمة لإدارة واستغلال منطقة قصر المنتزة من واقع التشريعات المنظمة لها بين أنه فى أعقاب ثورة 23 يوليو 1952 وإلغاء النظام الملكى وإعلان مصر جمهورية صودرت أموال أسرة محمد على لصالح الشعب المصرى ومن بين هذه الممتلكات قصر وحدائق المنتزة، وبتاريخ 4/11/1954 صدر القانون رقم 565 لسنة 1954 بتخويل وزير الشئون البلدية والقروية سلطة التعاقد نيابة عن الحكومة المصرية وإدارة تصفية الأموال المصادرة والهيئة العليا الإصلاح الزراعى مع الشركة المصرية للأراضى والمبانى فى شأن استغلال منطقة قصر المنتزة، وذلك وفقا للأحكام والشروط المرافقة للقانون المذكور، وبتاريخ 9/11/1954 تم إبرام الاتفاق بين الحكومة المصرية والشركة المشار إليها على استغلال المنطقة لمدة خمسة وعشرين عاما فبدأ من تاريخ إبرام العقد، وبدأت الشركة بالفعل فى استغلالها وتنميتها بإعداد القصر والحدائق المحيطة به لاستقبال جماهير الشعب مقابل رسوم تدفع عند اجتياز باب المنطقة الى الحدائق ورسوم أخرى يدفعها الزائر عند زيارة القصر من الداخل وبمقتضى القانون رقم 187 لسنة1955 حلت الشركة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية للمنتزة والمقطم محل الشركة المصرية للأراضى والمبانى فى استغلال منطقتى قصر المنتزة وفقا للشروط الواردة بالقانون المذكور وبانتهاء عقد امتياز الشركة المذكورة فى استغلال المنطقة سياحيا، سلمت الى وزارة السياحة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 435 لسنة 1979 بحسبانها الوزارة التى تولت – طبقا للقانون رقم 2 لسنة 1973 – مهمة الإشراف على المناطق السياحية واستغلالها، وخول القرار وزير السياحة حق تنظيم منح التراخيص وأوضاعها وشروطها كما نص القرار الجمهورى رقم 201 لسنة 1982 على أن تخصص منطقة المنتزة لأغراض التنمية السياحية وتستمر وزارة السياحة فى إدارة واستغلال هذه المنطقة بنفسها أو عن طريق إحدى الشركات التي تساهم فيها أو التى توافق على إنشائها .
وبتاريخ 1/12/1982 أبرم بين الوزارة وشركة المنتزة للاستثمار والسياحة عقد امتياز وإدارة المنطقة والمنشآت الموجودة بمنطقة قصر المنتزة لحساب الوزارة وتحت إشرافها، كما أصدرت وزارة السياحة لائحة منطقة قصر المنتزة ونصت فى البند الأول منها على أن منطقة المنتزة من المرافق العامة التى لا يجوز الانتفاع بمنشآتها أو شغل أى مكان منها إلا بترخيص خاص من وزارة السياحة وذلك كله بعد سداد الرسوم المقررة وفى 24/2/1982 صدر قرار وزير السياحة والطيران المدنى رقم 43 لسنة 1983 فى شأن تعديل بعض شروط تراخيص شغل كبائن الاستحمام والأماكن الأخرى بقصر المنتزة وإلغاء عقود الأماكن المؤجرة التى لا تعدل أوضاعها بما يتفق وأحكام القرار المذكور.
ومن حيث انه يبين من العرض المتقدم أن قصور الأسرة ومن بينها قصر المنتزة قد أصبحت بمجرد مصادرتها لصالح الشعب من الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة وهى مخصصة بقوة القانون للمنفعة العامة فلا يجوز الانتفاع بها إلا بموجب ترخيص من السلطة الإدارية المختصة، التى تتولى إدارتها واستغلالها وتنميتها تحقيقا للصالح العام بنفسها أى بالطريق المباشر، أو بطريق غير مباشر بان تعهد الى الغير بإدارتها واستغلالها بموجب عقد امتياز ( أو التزام ) تعهد فيه الدولة الى الملتزم – فردأ كان أو شركة بإدارة هذا المرفق السياحى مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين، طبقا للشروط والأوضاع التي تضمنها الإدارة عقد الامتياز، وذلك ان الدولة وهى المكلفة أصلا بإدارة المرافق العامة، فإنها إذا عهدت الى غيرها أمر القيام بها، لم يخرج الملتزم فى إدارته عن أن يكون معاونا لها ونائبا عنها فى أمر هو من أخص خصائصها، وهذا الأسلوب من أساليب إدارة المرافق العامة لا يعتبر تنازلا أو تخليا من الدولة عن المرفق العام بل تظل ضامنة مسئولة قبل أفراد الشعب عن إدارته واستغلاله، وهى فى سبيل القيام بهذا الواجب تتدخل فى شئون المرفق العام كلما اقتضت المصلحة العامة هذا التدخل، ومن ثم فان عقد الالتزام يجعل الملتزم فى مركز لائحى عام يتضمن تخويل الملتزم حقوقا مستمدة من السلطة العامة فى حدود ما يقتضيه قيام المرفق وإدارة الخدمة العامة للجمهور بانتظام واضطراد ويسوغ للدولة حقا ثابتا فى تعديل هذا المركز بإرادتها المنفردة كلما اقتضت ظروف المرفق ذلك، دون حاجة الى الاتفاق على ذلك مقدما مع الملتزم أو مع المنتفعين بالمرفق.
وإذا كان المشرع قد أجاز للدولة أن تدير المرافق بغير الطريق المباشر بالترخيص لها بإبرام عقود امتياز للغير لاستغلال المرفق على الوجه الذى تراه متفقا مع الصالح العام وأجاز للملتزم أن يدير المرفق بالطريقة التى توائم بين مصلحته الخاصة ومصلحة المنتفعين بمقتضى عقود خاصة يبرمها أو تراخيص يصدرها لأى منهم، فان هذه العلاقة أيا كانت طبيعتها تظل خاضعة لمقتضيات الصالح العام للمرفق الذى تحمل لواءه الجهة مانحه الالتزام بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح فى التدخل بصفتها الأمينة على مصلحة المرفق بتعديل المراكز القانونية للمنتفعين فى الحدود التى يقررها القانون والتى تتفق وصالح المرفق، وإذا كانت الدولة تمنح هذه السلطة التى تخترق حواجز العلاقات الخاصة وتتناولها بالتعديل و التغيير فمرد ذلك الى أنها المسئولة عن تأكيد مبدأ دستورى هام هو تحقيق العدالة الاجتماعية بالمساواة بين المصريين أمام المرافق العامة فى الانتفاع بالمشروعات ذات النفع العام على أسس واحدة ويقدر متساو يحقق تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وقد أكدت ذلك أحكام القانون المدنى بحسبانه القانون العام الذى ينظم العلاقات الخاصة والعامة على السواء فبعد أن صدر القانون رقم 129 لسنة 1947 بتنظيم المرافق العامة فى ظل القانون المدنى القديم مسجلا المبادئ الأساسية لعقد التزام المرافق العامة فقد صدر القانون المدنى الحالى فى يوليو 1948 وأفرد فصلا خاصا للعقد المذكور حيث نص فى المادة 671 منه على أن يكون – لتعريفات الأسعار التى قررتها السلطة العامة قوة القانون بالنسبة الى العقود التى يبرمها الملتزم مع عملائه فلا يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على ما يخالفها ويجوز إعادة النظر فى هذه القوائم وتعديلها فإذا عدلت الأسعار المعمول بها وصدق على التعديل، سرت الأسعار الجديدة دون أثر رجعى من الوقت الذى عينه قرار التصديق لسريانها.. ومن ثم فان جميع العقود الخاصة والاتفاقات التى تنظم العلاقة بين الملتزم والمنتفعين تظل – أيا كانت طبيعتها خاضعة – لما تقرره السلطة العامة من تعديلات وبصفة خاصة – تعديل مقابل الانتفاع، بحسبانها القانون الأسس الواجب الاتباع والذى تخضع له جميع العلاقات الناشئة عن عقد الامتياز أو المتفرعة عنه.
ومن حيث ان البادى من الأوراق أن الطاعن قد استأجر من شركة المنتزة والمقطم – التى حلت محل الشركة المدعى عليها الثانية – شقة بمبنى بلوك الأمناء بداخل منطقة قصر المنتزة بموجب عقد إيجار مؤرخ 2/10/1969 بإيجار سنوى قدره 225 جنيها، ويبين من الاطلاع على العقد المقدم صورته بحافظة مستندات الطاعن، وأن المتعاقدين قد أضافا بالمداد الأسود نصا صريحا يقضى بأن العقد لا يخضع لأحكام قوانين الإيجارات نظرا لطبيعة المنطقة السياحية ودفع الطاعن على العقد بذات النعى الذى حرر بالمداد، وبتاريخ 24/3/1983، صدر القرار المطعون فيه من وزير السياحة – بصفته السلطة مانحة الامتياز ومحددا القواعد الخاصة بمقابل الانتفاع بالوحدات والأماكن المؤجرة داخل منطقة قصر المنتزة، ونص فى مادته الأولى على إنهاء تراخيص شغل كبائن الاستحمام بمنطقة قصر المنتزة وعقود الأماكن المؤجرة التى لا تعدل أوضاعها بما يتفق وأحكام هذا القرار ومقتضى ذلك أن وزارة السياحة قد قامت بصفتها الجهة مانحة الامتياز للشركة المطعون ضدها الثانية، بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بتعديل مقابل الانتفاع لجميع الوحدات بمنطقة قصر المنتزة على أسس موضوعية تحقق العدالة بالنسبة للمواطنين كافة، وأوجبت على شاغلى هذه الأماكن تعديل أوضاع عقودهم بدفع قيمة مقابل الانتفاع على الأسس الجديدة أو إنهاء عقودهم بالتخلى عن شغل الأماكن المؤجرة لهم فى حالة رفضهم دفع مقابل الانتفاع، وقد قام قرار رفع أسعار الانتفاع بهذه الأماكن على أسباب تسوغه من الناحية القانونية والواقعية إذ لا يتصور عقلا ان يظل الطاعن مستعصما بالقيمة الإيجارية الواردة بالعقد المبرم فى عام 1969 مع علمه وإقراره سلفا بان العقد لا يخضع لأحكام قوانين الإيجارات ومن بينها أحكام التجديد التلقائى ويحتج بضرورة ثبات الأجرة مهما طال على العقد من زمن، فى الوقت الذى تقوم فيه السلطة المختصة بإنفاق أموال الشعب على تنمية المنطقة سياحيا وتصقيع حدائقها وتجديد وترميم وصيانة قيمة مبانيها، لتزداد القيمة الفعلية لانتفاع مستأجرى هذه الأماكن الكائنة بها والمطلة عليها، بينما يحرم أبناء الشعب من الراغبين فى الانتفاع بهذا المرفق الاقتصادى من ارتياد هذه الأماكن إلا بعد دفع الرسوم المقررة والتى تتزايد يوما بعد يوم وفقا لما تقرره السلطة الإدارية مانحة الالتزام دون ان يكون لأى منهم حق الاعتراض عليها الأمر الذى يقضى بتحميل المنتفعين – حقا وعدلا – نصيب من الزيادة التى طرأت على القيمة الحقيقية لانتفاعهم بالأماكن التى يستأثرون بها، داخل هذه المنطقة السياحية وكل أولئك أية على ان القرار المطعون فيه قد صدر بحسب الظاهر على الأسباب التى تسوغه قانونا.وفى حدود السلطة المخولة لوزير السياحة بحسبانه السلطة مانحة الامتياز، ولا يسوغ التحدى بما تضمنه عقد الامتياز من استمرار سريان العقود التى أبرمتها الشركة السابقة مع الغير، فما كان استمرار هذه العقود ليمنع السلطة مانحة الامتياز من تعديل شروط العقد بما يتفق وصالح المرفق سواء فى مواجهة الشركة السابقة أو الشركة الحالية، إذا ان مقتضى النص على استمرارها فى مواجهة الشركة الجديد ان تظل قائمة منتجة لآثارها وما ترتبه من التزامات قبل طرفيها دون ان يخل ذلك بحق السلطة المختصة فى تعديل شروط العقد المبرمة أو انتهاؤها إذا اقتضت مصلحة المرفق ذلك فى أى وقت وفى مواجهة أى طرف من الأطراف وإذ انتهجت المحكمة المطعون فى حكمها هذا النهج فإنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهيت إليه وأقامت حكمها على أساس سليم من القانون ويكون النعى عليه بمخالفة القانون خليقا بالرفض.
ومن حيث ان الطاعن قد أصابه الخسر فى طعنه فيلتزم بمصروفاته عملا بنص المادة 184 مرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في القائمة البريدية