طعن رقم 2328 لسنة 36 بتاريخ 01/03/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 2328 لسنة 36 بتاريخ 01/03/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبدالحميد إبراهيم وعادل زكى فرغلى وفريد نزيه تناغو وأحمد بعدالعزيز أبوالعزم نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 24 من مايو سنة 1990 أودع الأستاذ/ سيد أحمد محمد المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2328 لسنة 36 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد) بجلسة 17 من أبريل سنة 1990 في الدعوى رقم 3975 لسنة 42 ق القاضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعيين المصروفات.
وتم إعلان الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق، وقدم السيد الأستاذ المستشار عادل الشربينى مفوض الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً في الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم الأخير والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25 من يوليو سنة 1990 وتداولته بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) والتى نظرته بجلسة 18 من مايو سنة 1991 والجلسات التالية وفيها استمعت المحكمة لما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 19 من يناير سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 23/2/1992 وبها مد اجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 1/3/1992 لاستمرار المداولة، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أن الطاعنين قد أقاما الدعوى رقم 3975 لسنة 42 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد) بتاريخ 8 من مايو سنة 1988 بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف القرار السلبى المطعون فيه فيما تضمنه من عدم إعطائهما شهادة دبلوم الدراسات العليا في التحليل الكيميائى الحيوى، وفى الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجامعة المصروفات. وقالا شرحاً لدعواهما إنهما التحقا بقسم الدراسات العليا والبحوث بكلية الصيدلة جامعة الأزهر لنيل درجة دبلوم في التحليل الكيميائى الحيوى عام 86/1987، واجتازا بنجاح الامتحانات في المواد المؤهلة وبتقدير جيد طبقاً للنتيجة المعتمدة من رئيس الجامعة في 12/12/1987 وأقر مجلس الجامعة منحهما درجة الدبلوم في التخصص بدرجة جيد تحت رقم 6 و 8 في الكشف المعتمد بتاريخ 14/12/1987 بعد موافقة مجلس الكلية في 21/11/1987 وأصدرت الكلية شهادات مؤقتة معتمدة لبعض الناجحين من زملائهم ومنهم السيد/ ……، وبتاريخ 27/2/1988 تقدم المدعى الأول بطلب قيد تحت رقم 1599 طالباً إعطاءه شهادة الدبلوم الخاصة به بسب حاجته إليها للسفر إلى الخارج فتأشر على الطلب من إدارة الجامعة بان البيانات صحيحة، وبالعرض على السيد نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث أشر على الطلب بالموافقة وذلك بتاريخ 27/2/1988 إلا أنه عندما تقدم للكلية لاستخراج الشهادة رفضت إعطاءه الشهادة رغم إعطائها لغيره، ولما كان امتنع الجامعة عن إعطاء المعديين شهادة تفيد حصول كل منهما على دبلوم التحليل الكيميائى الحيوى رغم إعلان النتيجة وموافقة مجلس الجامعة ورغم صدور كتاب كلية الصيدلة رقم 5624 بتاريخ 7/12/1987 مرفقاً به البيان الإحصائى بالدبلومات عن هذا العام والذى ورد به حرفياً ……. منح الطلاب الناجحين لدرجة الدبلوم …… مما يعتبر قراراً سلبياً مخالفاً للقانون خاصة وأن النتيجة تحصنت تماماً بعد إعلانها ولا يجوز إلغاؤها، ولما كان امتناع الإدارة عن إعطائهما الشهادة المطلوبة يترتب عليه ضرر محقق إذ يفوت عليهما فرصة العمل والسفر ومن ثم طلبا الحكم لهما بسابق طلباتهما. وبجلسة 17 من أبريل سنة 1990 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعيين المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن التكييف الصحيح لطلبات المدعيين هى الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جامعة الأزهر الصادر في 14/2/1988 بسحب اعتماد نتيجتهما في دبلوم الدراسات العليا في التحليل الكيميائى بكلية الصيدلة الصادرة في 12/12/1987 وما يترتب على ذلك من آثار ومنها امتناع الجامعة عن إعطائهما شهادة تفيد نجاحهما في هذا الدبلوم مع إلزام جهة الإدارة المصروفات وعن الموضوع ولما كان الثابت بتحقيقات النيابة الإدارية للأوقاف والأزهر ومن مذكرة التحقيق رقم 170 لسنة 1988 اعتراف بعض أساتذة كلية الصيدلة بالأزهر وطب القاهرة بتعديل درجات الشفهى لمادة الباثولوجيا الكيميائى لكل من الطاعنين وآخر مما ترتب عليه نجاحهم بعد رسوبهم دون وجه حق، وتم هذا التعديل بعد اعتماد مجلس الكلية نتيجة هذا الدبلوم في 21/11/1987 وذلك بطمس ما كان مدوناً بهذه الكشوف من رسوب المدعيين وتم ذلك بمادة الكرويكتور، وانتهت النيابة الإدارية إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد الأساتذة المذكورين لأنهم خالفوا القانون ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بذمة وخرجوا على مقتضى واجبات الأمانة والنزاعة وحسن السمعة بأن اشتركوا بالاتفاق والتحريض والمساعدة على تعديل نتيجة دبلوم التحليل الكيميائى الخاصة بكلية الصيدلة للعام الدراسى 86/1987 بعد اعتمادها من مجلس الكلية في 21/11/1987 مما ترتب عليه نجاح المدعيين وآخر في مادة الباثولوجيا في الجزء الخاص بالشفهى بالمخالفة للتعليمات والقواعد والأعراف الجامعية ومن ثم فإن قرار جامعة الأزهر الصادر في 4/12/1988 بسحب اعتماد نتيجة المدعيين في الدبلوم المذكور يكون قد صادف صحيح القانون ولا مطعن عليه، كما انه لا وجه للاحتجاج بمبدأ تحصن القرار الإدارى لأنه من المستقر عليه جواز سحب القرارات الإدارية المبنية على غش أو تدليس في أى وقت والثابت أن نجاح المدعيين قد تم بناء على غش وتدليس من جانب الأساتذة السالف الإشارة إليهم ولمصلحة المدعيين مما ينحدر بها القرار إلى حد الانعدام ويجيز للإدارة سحبه دون التقيد بمواعيد السحب ويكون القرار المطعون فيه قد صدر سليماً وتكون الدعوى الماثلة مقامة على غير أساس من القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون تطبيقاً وتأويلاً، كما شابه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت من الأوراق والتى تفصح عن أن جامعة الأزهر أعلنت الجامعة بتاريخ 12/12/1987 وذلك رغم الشكوى المقدمة من الدكتور ……. 5ى 8/12/1987 والذى ذكر فيها وجود تجاوزات في كنترول هذا الدبلوم، وكان ذلك تحت نظر رئيس الجامعة إلا أنه آثر اعتماد النتيجة في 12/12/1987 وكان في مكنته التأجيل وذلك يقيناً منه بسلامة النتيجة ولما كان الثابت من أوراق الدعوى والتحقيقات التى أجريت في شأن رفع درجة الشفوى لبعض الطلاب ومنهم الطاعنان أنه قد تم بمعرفة الممتحنين وذلك قبل اعتماد النتيجة وطبقاً لما رأوه في هذا الصدد ولا يد لأحد الطاعنين في هذا التعديل ولم يثبت من الأوراق أن ثمة غش أو تدليس من جانبهم ومن ثم يضحى قرار اعتماد النتيجة قد تحصن بفوات الستين يوماً المقررة قانوناً للسحب، ويكون قرار سحب قرار اعتماد النتيجة مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء كذلك فإن الحكم بنى أسبابه على أن التعديلات التى تمت في درجات الامتحان الشفهى قد حدثت بعد اعتماد مجلس الكلية النتيجة، وكان الثابت من الأوراق أنها تمت بمعرفة الممتحنين أنفسهم قبل اعتماد النتيجة من مجلس الكلية وكانت الأوراق في حوزتهم قبل تسليمها للكنترول ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد بنى أسبابه على غير ما هو ثابت بالأوراق وقد صدر مشوباً بالفساد في الاستدلال خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن حقيقة طلبات الطاعنين – وعلى ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه – هى الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جامعة الأزهر الصادر في 14/2/1988 بسحب قرار اعتماد نتيجتهما في دبلوم الدراسات العليا في التحليل الكيميائى بكلية الصيدلة الصادر في 12/12/1987 وما يترتب على ذلك من آثار ومنها امتناع الجامعة عن إعطائهما شهادة تفيد نجاحهما في هذا الدبلوم مع إلزام الجامعة المصروفات.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن وقائع الدعوى الراهنة تتحصل في أنه بناء على شكوى من الدكتور …….. في 8/12/1987 بوجود تجاوزات في كنترول دبلوم التحليل الكيميائى بكلية الصيدلة جامعة الأزهر عام 86/1987 في مادة الكيمياء الحيوية وذلك بإنجاح بعض الطلاب الراسبين في الدبلوم المذكور بعد اعتماد النتيجة من مجلس الكلية بتاريخ 21/11/1987 ومن بينهما الطاعنين، وبتاريخ 9/12/1987 أحال فضيلة رئيس الجامعة الشكوى المذكورة للمستشار القانونى للجامعة للتحقيق والذى انتقل إلى كلية الصيدلة وتحفظ على جميع أوراق الامتحان سالف الذكر وكذا كشوف الرصد، وتبين له من مطابقة الكشوف وجود طمس بالكوريكتور الأبيض أمام نتائج بعض الطلاب ومنهم الطاعنين وأجرى تحقيقاً مع كل من السادة الدكاترة/ ………… المدرس بكلية الصيدلة و ………. رئيس قسم الباثولوجى بكلية طب القصر العينى و ……….. عميد كلية الصيدلة جامعة الأزهر و ……. و ……….، وتبين من التحقيق أن الطاعنين وآخر قد رفعت درجاتهم بدون وجه حق في مادة الباثولوجيا الكيميائية عن طريق رفع الجزء الخاص بالشفوى بعد رصد المادة في كشوف الرصد واقترح المستشار القانونى للجامعة إحالة التحقيق للنيابة الإدارية المختصة لاستكمال التحقيق مع الدكتور ………. فيما ورد بشأنه في التحقيق مع الإذن للنيابة المذكورة في سماع من ترى من أعضاء هيئة التدريس بكلية الصيدلة كما اقترح سحب قرار فضيلة رئيس الجامعة المؤرخ 12/12/1987 باعتماد النتيجة بالنسبة للطاعنين وآخر لثبوت نجاحهم بدون وجه حق وعدم الاعتداد بتغيير درجاتهم في مادة الباثولوجيا الكيميائية وإعلان النتيجة فيما عدا ذلك وقد وافق على ذلك فضيلة رئيس الجامعة بتاريخ 14/2/1988، وقد باشرت النيابة الإدارية للأوقاف والأزهر تحقيقاتها في القضية رقم 170 لسنة 1988 وأثبتت نتيجة ما انتهت إليه في مذكرتها المؤرخة 2/12/1989 وقد ثبت من التحقيقات حدوث تعديل في درجات الشفهى لمادة الباثولوجيا الكيميائية لكل من الطاعنين ………. برفعها من 40 درجة إلى 68 درجة و ………. من 50 إلى 75 درجة ومعهما آخر مما ترتب عليه نجاحهم بعد رسوبهم وقد اعترف بذلك كل من الأساتذة الدكتور ………. و ………. و ………. و ………. وقد تم هذا التعديل في النتيجة بعد اعتمادها من مجلس الكلية بتاريخ 21/11/1987 وذلك بشهادة كل من الأساتذة/ ………. و ………. و ………. حيث قرروا أن الأستاذ الدكتور/ ………. عميد كلية الصيدلة طلب أثناء انعقاد مجلس كلية الصيدلة في تاريخ لاحق لجلسة 21/11/1987 الحصول على موافقة المجلس على تعديل النتيجة على النحو السالف حيث رفض المجلس الطلب المذكور وقد استظهرت النيابة في تحقيقاتها أن كشف النتيجة المرفق بالأوراق والمعتمد من أعضاء الكنترول ومن عميد كلية الصيدلة يبين منه رسوب كل من الطاعنين وآخر حيث تأشر أمام الطاعن الأول بعبارة راسب هذا العام وله فرصة أخرى، وأمام الثانى بعبارة راسب للمرة الثانية وقد طمست هذه العبارات بوضع سائل طمس “الكوريكتور” بعد تعديل درجاتهم في مادة الباثولوجيا الكيميائية إلى 180 درجة لكل المجموع حيث وضعت الدرجات لكل منهم فوق الدرجة الأولى بعد طمسها ولو أن التعديل الذى شاب النتيجة قد حدث قبل اعتماد النتيجة من مجلس الكلية لما استدعى الأمر تحرير كشف النتيجة على النحو المرفق واعتماده وبصمه بخاتم الكلية مما يؤكد أن تعديل نتيجة المادة المشار إليها قد تم بعد اعتماد النتيجة من مجلس كلية الصيدلة في 21/11/1987 ولما كان الثابت من أقوال كل من الأستاذ الدكتور/ ………. رئيس قسم الصيدلانيات الصناعية بجامعة الأزهر والأستاذ الدكتور/ ………. رئيس قسم الميكروبولوجى بكلية الصيدلة جامعة الأزهر بدرجة أستاذ مساعد أنه لا توجد قواعد رأفة للدراسات العليا حسب التقاليد الجامعية وإذا كانت هناك حالة تستلزم رفع نسبة النجاح بعد اعتماد النتيجة من مجلس الكلية فيجب عرض الأمر على المجلس مرة أخرى موضحاً به الأسباب والمبررات التى من أجلها سوف يرفع اسم الطالب من الراسبين إلى الناجحين ويتم الأمر بصورة علنية وليس بصفة سرية كما حدث في الموضوع الماثل وقد انتهت النيابة الإدارية في تحقيقاتها إلى أن الأساتذة ………. و ………. و ………. و ………. قد خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفى وأخص هذه المقتضيات الأمانة وما ارتكبوه من كرامة الوظيفة التى يشغلونها ومن الثقة الواجب توافرها فيمن يشغلون مثل هذه المناصب باعتبارهم قدوة حسنة يقاس بها طلابهم وأن ما أتوه يشكل شبهة الجريمة الجنائية مما كان ينبغى معه إحالة الموضوع للنيابة العامة إلا أنه يكتفى عن ذلك بإحالتهم إلى مجلس التأديب المختص حيث وافق فضيلة رئيس الجامعة بتاريخ 15/1/1990 على إحالتهم إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر والذى قضى بجلسته المنعقدة يوم الإثنين 25 من يونيو سنة 1990 بمعاقبة الدكتور ………. بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة له، ومعاقبة كل من الدكتور ………. و ………. بعقوبة اللوم وببراءة الأستاذ الدكتور ………..
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقراً على أن التعليم الجامعة بحسب الدستور والقوانين واللوائح المنظمة له وبينها قانون إعادة تنظيم جامعة الأزهر ولائحته التنفيذية واللوائح الداخلية لكليات هذه الجامعة إنما هو حق تكفله الدولة وتشرف على تحقيقه وفقاً لحاجات المجتمع والإنتاج ويتحمل المجتمع تكاليف هذا التعليم في جميع مراحله ليس فقط باعتباره حقاً تكفله أحكام الدستور على سبيل المساواة وبمراعاة تكافؤ الفرص بين الشباب أبناء هذا الوطن وإنما أيضاً باعتباره خدمة أساسية وجوهرية لازمة لوجود المجتمع وتقدمه واستمراره (المواد “18”، “20”) من الدستور بحكم طبيعته والغاية منه التى تقوم أساساً على توفير التأهيل العلمى والفنى للشباب الحاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية لتمكينه من تحمل مسئولية ورسالة أداء الأعمال ومباشرة المهن التى يقوم عليها النظام العام الإنتاجى والخدمى للمجتمع وتحمل مسئولية توفير الإنتاج والخدمات اللازمة له فضلاً عن الإسهام في تقدمه ورقيه ويقوم النظام العام للتعليم الجامعى على أن يدرس الطلبة العلوم والمعارف والفنون السنوات المقررة على نحو يؤهلهم لأداء رسالتهم ويحقق الغاية من تعليمهم ويحملهم أمانة ومسئولية تحقيق الإنتاج أو الخدمات التى يناط بهم بحكم تأهيلهم مسئولية تحقيقها للمواطنين على أكفأ وجه وبأعلى قدرة.
ويتم تحقيق هذا التأهيل من خلال نظام الامتحانات وفقاً لما ينظمه قانون الجامعة ولوائحها والذى يعتمد أساساً على أداء الامتحان بنوعيه الشفوى والتحريرى على نحو واقعى وجدى وصحيح بما يكشف عن قدرة الطالب في التحصيل والفهم والاستيعاب بما يجعله جديراً للانتقال إلى سنة أعلى أو التخرج لتحمل مسئوليات الحياة مؤهلاً تأهيلاً سليماً لأداء واجباته.
ومن حيث إنه بناء على المبادئ العامة الأساسية السابقة الحاكمة للنظام العام الجامعى فإن الحصول على مؤهل معين إنما هو مركز قانونى ينشأ لصاحب الشأن بناء على تأديته الامتحان في جميع مواده بنجاح بما يثبت أهليته وجدارته أما إعلان النتيجة بعد ذلك بمدة قد تطول أو تقصر بحسب الظروف فلا يعدو أن يكون كاشفاً عن هذا المركز الذى ينشأ من قبل نتيجة لعملية سابقة هى دخول الطالب للامتحان وسلامة إجاباته فهى التى يتحدد هذا المركز بناء عليها وعلى ذلك فإن المركز القانونى في هذا الخصوص إنما ينشأ على أساس من واقع إجابات الطالب ودرجاته التى حصل عليها في الامتحان واستناداً إلى توافر كافة الشروط التى حددها القانون لاعتباره ناجحاً وإذا انعدم أساس النجاح سواء بعدم أداء الامتحان أو بعدم الإجابة إجابة سليمة علمياً فيه انعدم السبب الذى لا تقوم النتيجة بالنجاح إلا على أساسه وأصبحت هذه النتيجة بلا سبب ولا أساس إذ يجب أن يصدر قرار إعلان النتيجة قائماً على سببه الصحيح وواقعاً على محله القانونى وإلا تمخض عن مجرد تصرف لا أساس له ولا سند يقوم عليه من واقع الحال يرتب على خلاف الحقيقة وبالمخالفة للنظام العام الجامعى الذى تحدده أحكام قانون جامعة الأزهر واللائحة التنفيذية له واللوائح الداخلية لكلياتها المختلفة نجاح طالب غير مستحق – بحسب واقع الحال والقواعد الأساسية للقانون – هذا النجاح فينحدر هذا التصرف إلى درجة العدم والعدم لا حصانة له ولا أثر قانونى يرتبه ويجو للإدارة تصويبه من ثم في أى وقت دون التقيد بميعاد السحب للطعن عليه بالإلغاء، ذلك أنه ولئن كان الفقه والقضاء الإداريان قد استقرا على أن القرارات الباطلة لمخالفتها القانون يجوز للإدارة الرجوع فيها وسحبها بقصد إزالة آثار البطلان وتجنب الحكم بإلغائها قضائياً شريطة أن يتم ذلك في خلال المدة المحددة لطلب الإلغاء إلا أنه تغليباً للشرعية وسيادة القانون الذى يقوم عليه النظام العام للدولة بصريح نص المادة (64) من الدستور فإنه ليس بلازم أن يتم السحب كلياً أو جزئياً خلال المدة المقررة له وإنما يكفى لتحقق مقتضى الحكم المتقدم أن تكون إجراءات السحب بإفصاح الإدارة عن إرادتها في هذا الخصوص قد بدأت خلال الميعاد المذكور حيث يدخل القرار في طور من الزعزعة وعدم الاستقرار ويظل بهذه المثابة طوال المدة التى يستمر فيها فحص الإدارة لمشروعيته طالما أنه سلكت مسلكاً إيجابياً نحو التحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون إلى أن تحدد موقفها منه نهائياً والقول بغير هذا النظر ينطى على تكليف للإدارة بما يجاوز السعة ويؤدى إلى إسراعها على وجه مبتسر تفادياً لنتائجه إلى سحب القرار دون استكمال البحث الواقعى والقانون الصحيح مما يتعارض مع مصلحة ذوى الشأن بل ومع المصلحة العامة.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم، ومتى كان الثابت أنه بعد اعتماد مجلس كلية الصيدلة جامعة الأزهر بتاريخ 21/11/1987 لنتيجة الطاعنين في مادة الباثولوجيا الكيميائية في القسم الشفهى باعتبارهما راسبين وهذا بناء على ما كشف عنه واقع إجابات الطاعنين وما دوناه من هذه الإجابة وحصيلة مجهودهما الحقيقى في هذا الشأن. إلا أنه تم طمس هذه النتيجة وتعديلها على غير حقيقة الإجابات المدونة إلى ناجحين بالمخالفة لحقيقة الحال وبناء على إغفال أحكام القانون والقواعد والتقاليد والأعراف المقررة في الجامعات ومن ثم فإنه وإن اعتمد رئيس جامعة الأزهر النتيجة بعد تعديلها على خلاف الحقيقة بتاريخ 12/12/1987 فإنه يحق لرئيس الجامعة تصويب قراره الصادر باعتماد النتيجة المشار إليها التى قام جانب منها على أسباب غير صحيحة ومعدومة ويمثل بناء النتيجة التى تستند إلى انعدامها إهداراً لحقيقة الواقع وللشرعية وسيادة القانون ولا يتقيد رئيس الجامعة في إجراء السحب في هذه الحالة بميعاد السحق وهو ما صدر به قراره المؤرخ 14/2/1988 بسحب قرار اعتماد نتيجة الطاعنين، ومن حيث إنه بالإلغاء إذا ما افترض من قبيل – الجدل – المحض – أن القرار الصادر باعتماد النتيجة على خلاف الحقيقة إلى كل ما سبق فإنه يجوز أن يتحصن بعد ميعاد السحب فإن الإجراءات المؤدية لسحب هذا القرار والتى تتمثل في التحقيق الذى كان يجرى مع أعضاء هيئة التدريس بكلية الصيدلة حول هذا الموضوع قد بأدته الجامعة في ميعاد الستين يوماً والمقررة لسحب القرار الإدارى، ومن ثم يكون قرار جامعة الأزهر بسحب القرار المعدوم الأسباب والأثر لمخالفته مخالفة جسيمة القانون باعتماد نتيجة الطاعنين قد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون، ويكون نعى الطاعنين على القرار الساحب المطعون فيه بمخالفة القانون غير قائم على أساس سليم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يتفق وصحيح أحكام القانون ويتعين والحالة هذه رفض الطعن.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنين بالمصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في القائمة البريدية