طعن رقم 234 لسنة 33 بتاريخ 21/04/1990
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة : محمد يسري زين العابدين و يحيى السيد الغطريفي و د. فاروق عبد البر السيد و أحمد شمس الدين خفاجي. المستشارين
*
اجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 21 من مايو سنة 1987 أوضع الاستاذ ………… عن الاستاذ ………………… المحامى بصفته وكيلاً عن السيد / ……….. قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 234 لسنة 33 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 25 من مارس 1987 فى الدعوى التأديبية رقم 156 لسنة 28 القضائية المقامة من النيابة الادارية ضد الطاعن وآخرين والقاضى بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم.
وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبالغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من توقيع عقوبة اللوم عليه.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانونى ارتأت فيه للأسباب المبينة به – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وقد حرر لنظر الطعن امام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/1/1989 بجلسة 8/4/1989 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 8/4/ 1989 وتدول نظرة وفقا للثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 24/3/1990 وبها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم (21/4/1990) لاستمرار المداولة ، وبالجلسة المحددة لذلك صدر الحكم ولأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المحاسبة تتحصل حسبما يبين من الاوراق فى أن النيابة الادارية أودعت سكرتارية المحكمة التأديبية لمستوى الادارة العليا فى 13/4/1986 ملف القضية رقم 59 لسنة 1985 دراسات وبحوث مرفقاً بها مذكرة وتقرير اتهام لكل من :
1- ……….. وكيل الوزارة لمديرية الشباب بالقاهرة بدرجة وكيل وزارة ، 2-……….. مدير عام الشئون الادارية بمديرية الشباب بالقاهرة وحالياً بالمعاش ، 3- ……….. موظف بالشئون الادارية بمديرية الشباب والرياضة بالقاهرة درجة أولى ، 4- -……….. رئيس قسم الاجازات بمديرية الشباب والرياضة بالدرجة الثانية ، 5- -……….. الموظفة بقسم الاجازات بمديرية الشباب والرياضة بالقاهرة درجة رابعة.
وذلك لأنهم خلال عام 1983 ، 1984 بدائرة محافظة القاهرة وبوصفهم السابق لم يؤدوا أعمالهم بدقة وأمانة وأتوا ما من شأنه المساس بالمصلحة المالية للجهة التى بها وخرجوا على مقتضى الواجب بأن :
الأول : بوصفه الرئيس المباشر للمخالف الثالث لم يخطر إدارة شئون العاملين لمديرية الشباب بانقطاعه عن العمل بعد انتهاء اجازته باتخاذ الإجراءات القانونية ضده.
الثانى : اعتمد استمارات صرف مرتب الثالث خلال فترات انقطاعه ولم يتخذ أى إجراء حياله بالرغم من عمله بانقطاعه عن العمل فى أعقاب الاجازات الممنوحة له للسفر للخارج.
الثالث : حصل بنفسه دون وجه حق على مبلغ 3283.780 جنيها يمثل قيمة مرتبه والمزايا المادية الاخرى خلال فترات انقطاعه عن العمل بعد انتهاء اجازاته بالخارج.
الرابع : أهمل الأشراف ومتابعة أعمال سجل الاجازات عهدة مرءوسته المخالفة الأخيرة مما أدى إلى عدم اكتشاف أمر انقطاع الثالث بعد انتهاء ا لاجازات الممنوحة له وبالتالى صرف مرتبه كاملا خلال فترات الانقطاع.
الخامسة : أهملت متابعة عودة الثالث إلى عمله بعد انتهاء اجازاته عن طريق مطالبته بإقرار العودة من الاجازة واستلام عمله مما أدى إلى استمراره فى صرف مرتبه كاملا خلال فترات انقطاعه.
وارتأت النيابة الادارية أن المذكورين قد ارتكبوا المخالفة المالية المنصوص عليها بالمواد 76/1 ،و 72.5/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادة 57 من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 2 لسنة 1978 وطلبت النيابة الادارية محاكمة المذكورين بالمواد المشار إليها وبالمواد 80،82،88 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إلية وتعديلاته والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشان إعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية والمعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادتين 15،19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 25 من مارس 1987 حكمت المحكمة بمجازاة المحال الأول (الطاعن) بعقوبة اللوم ، ومجازاة المحال الثانى بغرامة تعادل نصف الاجر الجمالى الذى كان يتقاضاه عند ترك الخدمة ، وبطلان إحالة الثالث إلى المحاكمة التأديبية وبمجازاة كل من المحال الرابع والمحاله الخامسة بخصم أجر عشرة أيام من الراتب وأمرت المحكمة بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة للتصرف فيما تنطوى عليه من شبهة الجريمة الجنائية.
وأقامت المحكمة قضائها بالنسبة إلى المحال الاول (الطاعن) أن الثابت بأقواله أن (المحال الثالث) نقل إلى مديرية الشباب من القوات المسلحة وأنه عمالة زائدة ولم يكمن له عمل محدد أو جهة يتبعها ولكنه كان ملحقاً على الشئون الإدارية وأنه وافق على طلبات الاجازة التى كان يتقدم بها السفر للسياحة وأما المسئولية عن غيابه مدداً كبيرة بالخارج حسبما أفادت بذلك مصلحة الجوازات فإنها تقع على عاتق قسم الاجازات ونفى عمله بأن المذكور كان يعمل بالخارج وأن مسئوليته استيلائه على مرتبه بعد انتهاء اجازته فى المدد التى بقى فيها بالخارج بعد انتهاء اجازاته فإنها تقع على عاتق المحال الثانى ، وأنه قام بالتصريح له بالسفر وليس من شأنه أن يتأكد من وجود أو غياب المذكور.
وانتهت المحكمة إلى أن الثابت من أقوال المحال الأول (الطاعن) أنه ثابت فى حقه اهماله فى الاشراف على أعمال مرؤسيه مما أدى إلى ارتكابهم المخالفات المنسوبة إليهم ومنها تغيب الثالث لمدد طويلة بلغت عدة أشهر كل مرة عقب الاجازات المصرح له بها واستيلاءه على مرتبه خلال مدد الانقطاع المذكورة دون اتخاذ الاجراءات القانونية الواجبة فضلاً عما ثبت من أن المحال الثالث كان يتبع الاول مباشرة وذلك باقراره ومن ثم فإنه كان يعلم يقيناً بغيابه مما تكون معه المخالفة المنسوبة إليه ثابتة فى حقه ولا يغير من ذلك ما دفع به المحال الاول من بطلان التحقيق بقوله أن الفحص لم يثبت جدية الشكوى حتى يتسنى للنيابة الادارية التحقيق فيها ذلك أن الثابت أن النيابة الإدارية اتخذت اللازم للتأكد من جدية الشكوى وذلك بالاتصال بمصلحة الجوازات التى أكدت سفر المحال الثالث خلال المدد التى أشارت إليها الشكوى.
ومن حيث أن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ فى تطبيقه وذلك لالتفاف الحكم عن الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لمخالفها لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الادارية والتى توجب عدم اجراء تحقيق فى شكاوى الأفراد إلا التى يثبت الفحص جديتها ، ولانتفاء المخالفة فى حق المحال إذ أن الأوراق تكشف عن أن المحال الثالث يتبع الشئون الادارية أى يتبع إحالة الطاعن وآخرين إلى المحاكمة التأديبية وصدور الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان التحقيقات استناداً إلى نص المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية والتى تنص على اختصاص النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية والتى تنص على اختصاص النيابة الادارية بما يأتى:
البند 3 : إجراء التحقيق فى المخالفات المالية والإدارية التى يكشف عنها إجراء الرقابة وفيما يحال إليها من الجهات الادارية المختصة وفيما تتلقاه من شكاوى الافراد والهيئات التى يثبت الفحص جديتها ومن ثم أن الجدير بالذكر ان مقدم الشكوى التى تم فحصها وتحقيقها هو السيد / ………… مدير عام الشئون المالية والادارية بمديرية الشباب والرياضة سابقاً وذلك عن أمور تخص الخلل بالمرفق الذى كان يعمل به ، ومن ثم فإنه لا يعتبر من طائفة الافراد الواردة بنص البند 3 سالف الذكر وذلك لأن هذه الطائفة تشمل احاد الناس ممن لا يكون لهم أى صورة من صور الارتباط الوظيفى بالمرفق موضوع الشكوى.
ومن حيث أنه فضلاً عن ذلك فإنه بالنظر بما للشاكى من اختصاص وظيفى وإن كان قد أحيل إلى المعاش وكانت الشكوى تخص مخالفات ترتبط بأعمال وظيفته واختصاصاته بوصفه مديراً عاماً للشئون المالية والادارية فمن ثم فإنه لا يسوغ القول بانعدام صفته فى عقد الاختصاص للنيابة الادارية للتحقيق فى المخالفات الادارية والمالية التى يرى وقوعها بالمرفق الذى كان يعمل به.
ومن حيث إن النيابة الإدارية قد لجأت إلي الاستيثاق من سلامة دعائم ما يقوم به الشاكي وذلك من الثابت بسجلات مصلحة الجوازات وسارت في التحقيق بناء علي الحقائق الثابتة بهذه المصلحة المنوط بها اثبات سفر المواطنين وغيرهم من جمهورية مصر العربية وقدومهم إليها ، ومن ثم فإن القول ببطلان التحقيق لضرورة حدوث مثل هذا الاستيثاق قبل بدء النيابة الإدارية في التحقيق هو من قبيل التمسك بأهداب شكلية لم يقصد المشرع اقرارها أو اعمال آثار لها – إذ العبرة فى النهاية أن يتم التحقيق بناء على شكاوى يثبت جديتها وهو ما اتضح بجلاء من سلامة الأساس الذى بنى عليه التحقيق وسلامة ما انتهى إليه ، ولا يكون هناك أساس إدعاء مخالفة النيابة الإدارية لموجبات التحقيق أو لبطلان لحق به إذ التحقيق الادارى إذا توافرت شرائط سلامته وصلاحيته القائمين به هو الوسيلة إظهار وجه الحق فى شأن المخالفات المدعاة ، وهو ما قد ينتهى بحفظ التحقيق لانعدام المخالفة أو لعدم ثبوتها قبل المتهم بها ، وفى حالة انتهاء التحقيق إلى ثبوتها فإن المخالف يكون محالاً أمره لسلطة أخرى تتولى محاكمته وله أن يدفع الاتهام الموجه إليه أمامها استناداً لأسس موضوعية لينكر قيامة أو يثبت براءته منه ولا يكون له أن يتذرع بشكليات التحقيق الإدارى ابتغاء ابطاله ، طالما أن مثل هذا التحقيق لم يهدر الضمانات اللازمة لسلامته.
ومن حيث أنه من موجب ما تقدم فإنه الوجه الاول للنعى على الحكم ببطلان التحقيقات التى تمت لا يكون له أساس من القانون.
ومن حيث أنه عن الوجه الثانى للنعى على الحكم بانتفاء المخالفة فى حق الطاعن إذ أن المحال الثالث يتبع المحال الثانى فإن المحكمة ترى أنه يجوز للرئيس الادارى الاعلى أن يتسلب من مسئولياته بالاستمساك بحرفيات تقسيم العمل الادارى دون مضمونه الحقيقى بما يعفيه ذلك من ضرورة تحقيق الالتزام الموضعى للعاملين بآداب العمل بالمرفق.
ومن ثم فإن دفع الطاعن مسئوليته عن المخالفات التى ارتكبها المحال الثالث وفى ضوء ما اعترف به بتحقيق النيابة الادارية من أن المخالف الثالث يتبعه مباشرة وأنه هو الذى صرح له بإجازاته خارج البلاد وفى ضوء ما ثبت من غيابه مدداً كبيرة فى الخارج حسبما أفادت بذلك مصلحة الجوازات وثبوت استيلائه على مرتبة خلالها ، هذا الدفع لا يكون مقبلاً من الرئيس الأعلى للمرفق الذى يقع فى التزامه الأول ضبط المخالفات الإدارية والمالية خاصة إذا كان هو المرخص فى كل مرة للمخالف الثالث فى السفر خارج الجمهورية فلا يعقل أن يكون دوره فحص التصريح الكتابى للمخالف الثالث بالسفر فى العديد من المرات دون أن يتساءل عن السبب فى تكرار سفره وظروفه وسبق انضباطه فى الالتزام فى حدود المدة المصرح له بها ، وفى ضوء ما يكون شائعاً بالضرورة عن غيابه بالخارج بعد انتهاء إجازته المصرح له بها خاصة أن المخالف المذكور من كبار العاملين بمديرية الشباب والرياضة حيث كان يشغل وظيفة من الدرجة الأولى والقول بغير ذلك يتحول معه العمل الرئاسى إلى آلة يختل معها المرفق فى تسييره ويصاب بعوار يهزه من كيانه ويفقده القدرة على تحقيق أهدافه ومن ثم فإن دفاع الطاعن وهو الرئيس الأعلى لمديرية الشباب والرياضة بالقاهرة بأن المخالف لم يكن يتبعه إدارياً وفى ضوء الظروف سالفة البيان بما فى ذلك سبق إقراراه بأنه يتبعه مباشرة وهذا الدفاع لا يكون مقبولاً منه ويكون النعى على الحكم فى هذا الخصوص غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون ومن حيث إنه من موجب ما تقدم فإن الطعن على الحكم المطعون فيه لا يستند إلى أساس سليم من الواقع أو القانون متعينا رفضه.
ومن حيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم لما تقضى به المادة 90 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 باعتباره طعناً فى حكم محكمة تأديبية.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.