طعن رقم 2347 لسنة 33 بتاريخ 25/12/1994 الدائرة الأولي
طعن رقم 2347 لسنة 33 بتاريخ 25/12/1994 الدائرة الأولي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد وعادل محمود فرغلى وعبدالقادر النشار وإدوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 21/…./ 1987 أودع الأستاذ/.
……… المحامى عن نفسه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجداولها تحت رقم 2347 لسنة 33 ق.عليا في الحكم الصادر من محكم ة القضاء الإدارى دائرة العقود والتعويضات بجلسة 29/3/1987 في الدعوى رقم 2511 ق والقاضى أولاً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر طلب الخصم المتدخل الحكم بإلزام المدعى عليهم عدا الشركة المصرية لتنمية السياحة بأن يؤدوا له مبلغ 9855 جنيهاً وبقبول طلب الحكم بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بالتعويض بصحيفة تدخله شكلاً ورفضه موضوعاً. وإلزام الشركة المدعية بالمصروفات.
وطلب الطاعن – لما ورد بتقرير الطعن من أسباب، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ 9855 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية والمصاريف، وإلزامهم بأن يؤدوا مبلغ 110116 جنيهاً تعويضاً عما فات المتدخل من كسب نتيجة ارتفاع قيمة الأراضى المباعة حتى الآن عما كانت عليه وقت الشراء.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للطاعن التعويض المناسب الذى تقدره المحكمة والمصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة جلسة 30/2/1993 وبجلسة 5/4/1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى التى نظرته، على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يتضح من الأوراق – في أنه بتاريخ 3/4/1979 أقام الطاعن الدعوى رقم 2022 لسنة 1979 مدنى كلى جيزة ضد المطعون ضدهم طالباً الحكم بثبوت حقه قبل الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية وإلزامهما بأن يدفعا له متضامنتين مبلغ 14855 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة مع المصاريف والأتعاب مع الحكم بصحة الحجز التحفظى الموقع تحت يد المدعى عليهم من الثالث حتى الأخير، وذلك تأسيساً على أنه بموجب عقد مؤرخ 31/7/1977 اشترى من الشركة المصرية للتنمية السياحية حق الانتفاع بقطعة الأرض رقم 115 بالقرية رقم 21 شمال بهضبة الأهرام ومسطحها 682 متراً بثمن قدره 10950 جنيهاً سدد فيها مبلغ 9855 جنيهاً، أنه بصدور القرار الجمهورى بإلغاء مشروع واحة الأهرام على أساس أن الأرض محل التعاقد قد أصبحت من المناطق الأثرية ولا يجوز التعامل عليها وقد صدر قرار وزير الثقافة رقم 90 لسنة 1978 الذى نص في المادة الأولى منه على أن “تعتبر من المنافع العامة الأرض المحيطة بالأهرامات وعلى ذلك تكون الشركة المدعى عليها الأولى شركة التنمية السياحية قد باعت ما لا يجوز التعامل فيه مما يجعل العقد باطلاً من تلقاء نفسه وبذلك تنقضى الالتزامات المتقابلة من الطرفين الأمر الذى يحق له معه استرداد مبلغ 9855 جنيهاً السابق دفعها ولما كانت الشركة المصرية للسياحة والفنادق ايجوث شريكاً مع الشركة الأولى بموجب عقد تأسيسها وقد كفلتها في نقل حق الانتفاع وكان للشركتين أموال لدى البنوك المدعى عليها وهى بنوك تشيس ناشيونال والبنك الأهلى وبنك مصر وبنك الأسكندرية وبنك ناصر فقد استصدر المدعى أمراً من قاضى التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد البنوك المشار إليها، ولما كان قد لحق المدعى ضرر من جراء فسخ العقد المشار إليه وأنه يقدر التعويض بمبلغ خمسة آلاف جنيه فقد أقام الدعوى المشار إليها للحكم له بطلباته، وبجلسة 18/2/1981 قضت محكمة الجيزة الابتدائية أولاً: بإلزام المدعى عليه الأول بصفته حارساً قضائياً على الشركة المصرية للتنمية السياحية بأن يؤدى للمدعى “الطاعن” مبلغاً وقدره 9885 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية، ثانياً بصحة إجراءات الحجز التحفظى تحت يد البنوك وجعله نافذاً على أموال المدعى عليها الأول ولما كانت الشركة المدعى عليها قد أدخلت كلا من رئيس الجمهورية ووزير السياحة ووزير الثقافة والإعلام ونائب رئيس هيئة الاستثمار للحكم عليهم باعتبارهم أصحاب القرارات التى ألغت تخصيص المنطقة للسياحة وتسببت في فسخ العقد، فقد قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالته إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، وتنفيذاً للحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى وقيدت بجداولها، تحت رقم 2511 لسنة 35 ق، وأثناء نظر الدعوى تقدم الطاعن بصحيفة تدخل هجومى اختصم فيها المطعون ضدهم “المشار إليهم آنفاً وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغاً وقدره 9855 جنيهاً وهو المبلغ السابق الحكم به والذى تعذر عليه اقتضاؤه مع الحكم له بتعويض مقداره.
…… جنيهاً عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة وذلك تأسيساً على أنه اشترى قطعة الأرض – محل العقد – بقضية الأهرام استناداً إلى القرار الجمهورى رقم 475 لسنة 1975 الذى خصص المنطقة المذكورة للاستغلال السياحى وجعل ملكيتها للمؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق التى قامت بنقل حق الانتفاع إلى شركة مصر للتنمية السياحية لمة 99 عاماً، إلا أن القرار الجمهورى رقم 263/1978 قد حرمه من هذا الحق الذى عول عليه، وصدرت تصريحات الوزراء بضرورة تعويض المضرورين الذين حرموا من حق الانتفاع، لا سيما وأن هذا القرار قد أدى إلى وقف نشاط الشركة البائعة ومغادرة الشريك الأجنبى الذى قام بمقاضاة الحكومة المصرية وحصل من محكمة التحكيم – الدولية بباريس على تعويض قدره 12.5 مليون دولار نظراً لتوقيع وزير السياحة على عقد المشاركة وأن الحكومة بعد أن اعترفت للمدعى بحقه في التعويض أبت عليه صرف التعويض المناسب.
وبجلسة 29/3/1987 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها الطعين القاضى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر طلب الخصم المتدخل إلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا له مبلغ 9855 جنيهاً وبقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المتدخل المصروفات وأقامت قضاءها على أن طلب المتدخل بإلزام المدعى عليهم بمبلغ 9855 جنيهاً قيمة ما سدده للشركة من إجمالى ثمن الشركة هو طلب مستقل عن طلب التعويض ويستند إلى استعماله تنفيذ العقد وهى بطبيعته علاقة مدنية تخرج عن اختصاص محكمة القضاء الإدارى وسبق للمحكمة الابتدائية بالجيزة أن قضت له بالمبلغ المذكور بحكم حائز لقوة الشئ المقضى به بعد أن تأيين استئنافياً، أما بالنسبة لطلب التعويض فإن المستفاد من نص القانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن حماية الآثار أن الأماكن الأثرية هى بطبيعته مخصصة للمنفعة العامة، وأن هضبة الأهرام هى منطقة أثرية بطبيعتها لكونها تضم بين حيثياتها أهرامات الجيزة الخالدة، ولم تنفك عنها صفة المال العام، ولا يغير من ذلك صدور القرار الجمهورى رقم 475 لسنة 1975 بتخصيص الأراضى الواقعة في هضبة الأهرام للاستغلال السياحى لأنه لا يجردها من صفة النفع العام، وقد استقر القضاء الإدارى على أن تراخيص النفع العام تكون بطبيعتها موقوتة ولا ترتب للحاصلين عليها أى حق مكتسب ويجوز إلغاؤها في أى وقت وهو ما فعله القرار الجمهورى رقم 267 لسنة 1978 الذى يعتبر من قبيل إلغاء الترخيص بالمال ومن ثم فإن قرار رئيس الجمهورية رقم 475 لسنة 1975 لا يعتبر إدارة قانونية لإلغاء تخصيص أرض هضبة الأهرام للمنفعة العامة، الأمر الذى يؤكد عدم سلامة ما ذهب إليه الخصم المتدخل في الدعوى من القول بعدم مشروعية القرار المذكور، وأنه لا وجه للاستناد إلى ما انتهى إليه الحكم في الدعوى رقم 299 لسنة 32 ق والمحكوم فيها بجلسة 8/5/1979 باعتبار الخصومة منتهية في شأن طلب إلغاء القرار الجمهورى المشار إليه، ذلك أن اعتبار الخصومة، منتهية قد قضى به بناء على طلب طرفى الخصومة باعتبارها كذلك، وأن ما ورد في الحكم من أسباب لا يحوز أدنى حجية باعتبار أن الحجية لا تلحق أسباب الحكم إلا ما كان، مرتبطاً منها ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق ومن ثم فلا يجوز الركون إليها للاستشهاد بعدم مشروعية القرار، كما أن الإدعاء بأن مشروعية القرار رقم 267 لسنة 1978 هى بذاتها دليل على عدم مشروعية القرار رقم 475 الملغى بمقتضاه هو إدعاء داحض إذ أن مشروعية القرار تستمد من مضمون القرار وليس من القرار الصادر بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن طلب التدخل بإلزام المدعى عليهم بمبلغ 9855 جنيهاً قيمة ما سبق دفعه مقابل العقد ليس منبت الصلة بطلب التعويض عن انفساخ العقد بسبب القرارات الخاطئة التى أدت إلى انفساخه كما ذهب الحكم الطعين إذ لا يتصور تقدير قيمة التعويض دون إدخال ثمن الأرض محل العقد المفسوخ فضلاً عن أنه استحال على الطاعن اقتضاء ثمن الأرض من شركة مصر لتنمية السياحة بسبب قرارات المدعى عليهم الخاطئة.
ثانياً: أنه ليس صحيحاً ما انتهى إليه الحكم من أن القرار الجمهورى رقم 475/1975 لم يغير من طبيعة الأرض محل النزاع أو غير وجه تخصيصها فالقرار المطعون فيه هو أحد الأدوات القانونية الواردة بالمادة 88 من القانون المدنى لتغير وجه التخصيص وقد أنهى تخصيص أراضى منطقة الهرم للنفع العام، واعتبر تلك الأراضى من أملاك الدولة الخاصة صراحة، وتم استلام شركة مصر للتنمية السياحية لها رسمياً وبموافقة جميع الجهات المختصة ومنها هيئة الآثار.
ثالثاً: أن ما تضمنه القرار الجمهورى 267 لسنة 1978 من إلغاء القرار الجمهورى رقم 275 لسنة 1975 وباعتبار منطقة هضبة الأهرام من المنافع العامة لا يترتب عليه حتماً اعتبار القرار الملغى غير مشروع هو قضاء غير سديد، ذلك أن الجهة الإدارية قد اعترفت في مذكرتها بأنها لم تقدم بإلغاء القرار إلا بعد أن ثبت عدم مشروعيته وذلك في مذكرة دفاعها بجلسة 30/3/1986.
رابعاً: أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض إلا للقرارين الجمهوريين رقمى 475 لسنة 1975، 267 لسنة 1978 دون باقى القرارات غير المشروعة الصادرة من جهة الإدارة والتى استند الطاعن إليها في طلب التعويض على أخطاء الإدارة مما يعد إغفالاً لدفاع جوهرى يعيب الحكم بعيب مخالفة القانون.
خامساً: أن الحكم الطعين قد خالف القانون مخالفة جسيمة لاستناده إلى وقائع ومعلومات خاطئة غير ثابتة بالأوراق إذ قرر أن كتاب هيئة المجتمعات العمرانية المرسل إلى الطاعن بتخصيص قطعة أرض له في 6 أكتوبر لا يتضمن إقراراً من الدولة بمسئوليتها عن القرار رقم 475 لسنة 1975 لأن الأمر لا يتعدى مجرد إعطاء أفضلية، في الوقت الذى لم تنكر فيه الجهة الإدارية حقيقة ما ورد في هذا الكتاب أو الكتاب التالى المؤرخ في 5/1/1987 والذى يوضح أن الهيئة تحملت المبلغ الذى دفعه الطاعن في هضبة الأهرام لتعويضه عن الأضرار التى أصابته من جراء إلغاء تخصصيها للسياحة.
ومن حيث إن حقيقة النزاع المطروح – حسبما هو ثابت من أوراق الطعن يتحصل في أنه بتاريخ 22/5/1975 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 475 لسنة 1975 ونص في مادته الأولى على تخصيص الأراضى الواقعة على كل من هضبة الأهرامات ورأس الحكمة الموضحة الحدود والمعالم بالخريطتين والمذكرة المرفقة للاستغلال، وتتولى المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق بنفسها أو عن طريق إحدى الشركات التى تساهم فيها تعمير واستغلال المنطقتين ، وأشار في ديباجته إلى أن القرار المذكور قد صدر بعد الاطلاع على القانون المدنى والقانون رقم 100 لسنة 1964 في شأن تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها وتنفيذاً لأحكام القرار المذكور قامت المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق بتأسيس الشركة المصرية للتنمية السياحية وفقاً لأحكام قانون استثمار المال العربى والأجنبى رقم 43 لسنة 1974 بالمشاركة مع شركة بريطانية هى شركة “S.P.P” الشرق الأوسط ذات المسئولية المحدودة والمسجلة بهونج كونج، ويتكون نصيب الشريك المصرى فيها من حصة عينية تتمثل في حقها بالانتفاع بالأراضى السابق تخصيصها للمؤسسة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 475/1975 المشار إليه، وبتاريخ 3/12/1975 صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الدولى بالترخيص في تأسيس الشركة المذكورة وبناء على هذا الترخيص قامت الشركة بالتصرف ببيع حقها في الانتفاع بهذه الأراضى للمواطنين، وبموجب العقد المؤرخ 31/7/1977 قامت الشركة ببيع حق الانتفاع وذلك ببيع قطعة الأرض محل النزاع للطاعن في إطار مشروع بتقسيم واستغلال منطقة الأهرامات وذلك مقابل مبلغ وقدره 10950 جنيهاً دفع منها الطاعن 9855 جنيهاً، وقد أثار مشروع تخصيص أراضى منطقة هضبة الأهرامات استياء جميع الأوساط السياسية والعلمية وعقدت الاجتماعات والمؤتمرات العلمية والتاريخية لمناقشة هذا الحدث غير المسبوق واعتبرته اعتداء سافراً على المقدسات التاريخية والقومية لمصر والتى ظلت منذ عهد الفراعنة، وحتى تاريخ صدور القرار المذكور حرماً مقدساً خارجاً عن دائرة التعامل وقد أكد المشرع ذلك في القانون رقم 215 لسنة 1951 والقرارات المنفذة له وقد انتقلت هذه الانتقادات إلى مجلس الشعب الذى أوصى بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 475 لسنة 1975 وإعادتها إلى حظيرة المناطق الأثرية العامة التى لا يجوز التعامل عليها ، وثروة قومية للبلاد ولا يجوز – استغلالها لغير ما شرعت له، وقد استجابت الحكومة إلى هذه الانتقادات فسارعت وزارة الثقافة والإعلام إلى إصدار القرار الوزارى رقم 90 لسنة 1978 الذى نص على اعتبار الأراضى المحيطة بالأهرامات والمبينة الحدود والمعالم بالخريطة والمذكرة المرفقين بالقرار من المنافع العامة آثار، وبتاريخ 19/6/1978 صدر قرار رئيس الجمهورية برقم 267 لسنة 1978 بإعادة الأمور إلى نصابها وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 475 لسنة 1975 المشار إليه.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 475 لسنة 1975 المشار إليه قد استهدف بتعيين نقل هضبة الأهرام من الملكية العامة وجعلها من أملاك الدولة الخاصة عن طريق تمكين المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق عن طريق شركاتها الخاصة من تعمير واستغلال تلك المنطقة ومنحها كافة الصلاحيات والسلطات على الأرض المذكورة وما يترتب على ذلك حتماً من إدراك هذه الأراضى في عناصر رأس مال الشركة الاستثمارية الخاصة التى صدر لصالحها التخصيص يؤكد ذلك ويظاهره ما تضمنه القرار المذكور في ديباجته من الإشارة إلى القانون المدنى والقانون رقم 100 لسنة 1964 بشأن تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها ومذكرته الإيضاحية والتى جعلها سنداً له فيما تضمنه من تخصيص الأراضى محل النزاع للاستغلال السياحى وتمكين الشركة الاستثمارية من التصرف في حقها على هذه الأراضى إلى المواطنين في غير ما شرعت له قانوناً حيث أكدت المادة الأولى من القانون رقم 215 لسنة 1951 في شأن حماية الآثار على أنه يعتبر أثراً كل عقار أو منقول أظهرته أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان والأخلاق في العصور التالية إلى نهاية عصر إسماعيل ونصت المادة الرابعة على أن تعتبر من أملاك الدولة العامة جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضى الأثرية عدا ما كان وقفاً أو ملكاً خاصاً طبقاً لأحكام هذا القانون، فإذا كانت المنطقة المذكورة هى منطقة أثرية بطبيعتها تضم تراث مصر العريق، وترقد فيه أجل حضارتها التاريخية الباقية على مر العصور مما جعلها تحظى بحماية الشارع في جميع قوانين الآثار المتعاقبة ابتداء من الأمر العالى الصادر في 16 مايو سنة 1833 الذى قضى باعتبارها أموالاً عامة آثار حتى قرار وزير الثقافة رقم 9939 لسنة 1951، فإن صدور القرار الجمهورى رقم 475 لسنة 1975 سالف الذكر يشكل مخالفة صريحة للقانون الذى لا يجوز معه لغير وزير الثقافة أن يغير من طبيعة الأراضى الأثرية التى لا يجوز المساس بها وإدخالها في أملاك الدولة الخاصة توطئة للتصرف فيه واستغلالها في أغراض أخرى، الأمر الذى يكون ركن الخطأ في مسئولية الدولة عن تصرفاتها.
ومن حيث إنه ولئن كان الخطأ ثابتاً في حق الدولة على الوجه المتقدم بإصدار القرار رقم 475 لسنة 1975 فإن الثابت من الأوراق أن القرار المذكور لم يكن السبب المباشر أو غير المباشر في ما لحق الطاعن من أضرار نتيجة فسخ العقد إذ الثابت أنه قد استفاد بفتح الطريق له لاستغلالها واستثمارها سياحياً وأن ما أصاب الطاعن من أضرار تتمثل في فسخ عقده واستبعاد الأرض منه وتفويت الفرصة عليه لاستثمارها إنما نجم عن عدم التزام الشركة المتعاقدة – شركة مصر للتنمية السياحية – بتسليم الأرض تنفيذاً للعقد أيا كان الباعث الدافع إلى ذلك، وإذا كان قرار رئيس الجمهورية رقم 267 لسنة 1978 بإلغاء القرار المشار إليه هو السبب الكامن وراء تعذر تنفيذ العقد وامتناع الشركة عن تسليم الأرض فإنه لا يثير مسئولية الدولة لعدم توافر ركن الخطأ في إصداره، إذ أن الدولة لا تكون مسئولة عما ترتبه أعمالها المشروعة من أضرار ما لم ينص، القانون على غير ذلك، ومن ثم تظل حقوق الطاعن محصورة فيما ترتبه المسئولية العقدية من آثار منها علاقة البيع الناشئة بين الطاعن والشركة المتعاقدة وهى علاقة مدنية تختص بنظر المنازعات الناشئة عنها المحاكم العادية، ومن ثم فلا يسوغ للطاعن الإدعاء بأن قرار رئيس الجمهورية رقم 475 لسنة 1975 سالف الذكر بما تضمنه من مخالفات قانونية كان السبب المباشر فيما أصابه من أضرار نتيجة فسخ العقد ذلك أن فسخ العقد لم يتم إلا بعد صدور القرار رقم 276 لسنة 1978 الصادر بإلغائه وهو قرار مشروع لا يصلح أن يكون سنداً لعقد المسئولية التقصيرية في حق الدولة لانتفاء ركن الخطأ فيه بصدوره مطابقاً لأحكام القانون كما لا يسوغ للطاعن لإثبات مسئولية الدولة عن التعويض الدفع بأن ما تلقاه من مكاتبات من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بجهاز 6 أكتوبر يفيد أن الدولة سوف تتحمل المبلغ الذى دفعه في الأرض وقدره 9855 كتعويض له عما أصابه من أضرار، إذ لا خلاف على حق الطاعن في المبلغ المشار إليه والذى حكم له به بالفعل بسبب صيرورة تنفيذ العقد مستحيلاً ولا يعدو ما ورد بالكتب التى تلقاها الطاعن أن يكون تكييفاً خاطئاً لأساس استحقاقه المبلغ المذكور، والذى لا خلاف على أحقيته في اقتضائه بالوسائل القانونية الممكنة دون أن تكون الدولة مسئولة عن تعويضه إذا ما تعذر عليه ذلك، ما دام لم يثبت من الأوراق أنها ارتكبت خطأ كان السبب المباشر فيما لحقه من أضرار.
ومن حيث إنه – لما تقدم – يكون الحكم الطعين – أيا كانت الأسباب التى استند إليها – قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من رفض طلب التعويض المقام من الطاعن بصفته خصماً منضماً للحارس على شركة مصر للتنمية السياحية، ويكون النعى عليه بمخالفته للقانون قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن وقد أصابه الخسر في طعنه فيلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ