طعن رقم 238 طعن رقم 2431 لسنة 33 بتاريخ 29/06/1991 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجى.
المستشارين
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 26/5/1987 أودع الأستاذ/ جاد العبد جاد المحامي ، عن………..قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2431 لسنة 33 القضائية ، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسات 16 من أبريل سنة 1987 في الدعوى رقم 4303 لسنة 40 القضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الموضحة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بإلغائه.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق.
وأودع السيد الأستاذ المستشار/ مفوض الدولة عادل الشربيني تقرير هيئة مفوضي الدولة مسبباً في الطعن ، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة السادس من أكتوبر سنة 1990 فتدوول نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 18 من مارس سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث نظرته بجلسة السادس من أبريل سنة 1991 ، وبجلسة 25 من مايو سنة 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق 29 من يونيو سنة 1991 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع المرافعة ، والمداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة – تتحصل في أنه في 29 من يونيو سنة 1986 أقام الطاعن الدعوى رقم 4303 لسنة 40 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات – وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري رقم (1) لسنة 1986 الصادر بإخلائه من الوحدة السكنية رقم 9 بلوك رقم (1) بشارع المنشية بمدينة الفكرية ، وبإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن ، وبأحقيته في شغل هذه الوحدة مع حفظ مختلف حقوقه الأخرى وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات.
وذكر المدعى أنه في أول يونيو سنة 1986 أصدر رئيس الوحدة المحلية لمدينة الفكرية القرار الإداري رقم (1) لسنة 1986 متضمناً إخلاءه من الوحدة السكنية المشار إليها وذلك دون سند من الواقع أو القانون.
وتبياناً لذلك قال المدعى أنه قد تم تسكنيه بتلك الوحدة السكنية طبقاً للإجراءات والقواعد الموضوعة بمعرفة الوحدة المحلية وبناء على البحث الاجتماعي المودع ملف هذه الوحدة السكنية ، وأنه يقوم بسداد الأقساط الشهرية الخاصة بتمليكها له اعتباراً من نوفمبر سنة 1982 حتى يونيو سنة 1986 وذلك بموجب إيصالات صادرة من القسم المختص بالوحدة المحلية وقد تعاقد بشأن تلك الوحدة السكنية عن اشتراكات المياه والإنارة والتليفون ومؤدى ذلك أن ثمة رابطة قانونية قائمة بينه وبين الوحدة المحلية المدعى عليها موضوعها تمليك هذه الوحدة السكنية التي يشغلها.
وبجلسة 16 من أبريل سنة 1987 حكمت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الظاهر من الأوراق أن المدعى كان قد رخص له بالانتفاع بالوحدة السكنية المشار إليها لتكون سكناً له إبان فترة عمله بمدينة الفكرية كرئيس لشبكة المياه بها بالنظر إلى الظروف التي شرحها في طلبه وعرضها رئيس مركز أبو قرقاص على محافظ المنيا الذي وافق على التخصيص بشرط أن يكون عاماً كاستراحة للوحدة المحلية ومن ثم ينتفى عن هذا العقد الذي أبرم في هذا الصدد صفة الإيجار ويكون التكييف القانوني الصحيح له أنه ترخيص بالانتفاع بهذه الوحدة السكنية المملوكة للوحدة المحلية على أن يظل هذا الترخيص سارياً ومنتجاً لآثاره مادام الانتفاع قائماً وهو استمرار شغل المدعى لوظيفته التي من أجلها رخص له بهذا الانتفاع.
وأضافت المحكمة أن الظاهر من الأوراق أن المدعى لم يعد شاغلاً لوظيفته المذكورة كرئيس لشبكة مياه المدنية (الفكرية) باعتبار ما جاء في ديباجة القرار المطعون فيه على أنه حصل على اجازة خاصة بدون مرتب لمدة عامة اعتبار من 11/11/1984 وجددت لمدة عام آخر بمعرفة جهة عمله الأصلية وهي مديرية الإسكان اعتبار من 11/11/1985 ولا يبين من الأوراق أن علاقته بهذه الوظيفة مازالت مستمرة وقائمة ، وهو ما يفيد أن ندبه لشغلها قد انتهى بعد حصوله على هذه الإجازة ومن ثم يكون السبب الذي بنى عليه القرار المطعون فيه قد قام على أساس صحيح ولا يكون هذا القرار مرجع الحكم بإلغائه ، الأمر الذي لا يتحقق معه ركن الجدية في طلب الحكم بوقف تنفيذه وبالتالي ينتفي مناط الحكم به.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل وحسبما حدده الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً لسببين: الأول أنه اعتبر على غير الحقيقة أن عرى العمل بين الطاعن وجهة عمله قد انفصمت بحصوله على اجازة بدون مرتب في حين أنه لا يزال مرتبطاً بالوظيفة وينبغيان يظل متمتعاً بمزاياها ، والسبب الثاني: أن الحكم صدر مشوباً بالإخلال بحق الدفاع ، إذ لم يتمكن الطاعن من الإطلاع على الحافظة التي قدمتها جهة الإدارة خلال أجل حجز الدعوى للحكم ولم تعلن إليه ، ومن ثم فلم يمكن من الرد عليها.
ومن حيث إن وقائع المنازعة الصادر فيها الحكم المطعون فيه تخلص في أن الطاعن يعمل فنياً بمديرية الإسكان بمحافظة المنيا ، وأنه قد انتدب للعمل رئيساً لشبكة مياه مدينة الفكرية مركز أبو قرقاص ، وقد تقدم بطلب إلى رئيس مركز أبو قرقاص جاء فيه أنه متعذر عليه الحصول على مسكن على الرغم من عقد قرانه منذ أكثر من عامين وأن حالته المادية لا تسمح بدفع أية مبالغ للحصول على سكن ، وحيث أنه يؤدي عملاً هاماً هو إدارة شبكة المياه بالمدينة. فقد طلب حل هذه المشكلة حتى يتفرغ لعمله ، خاصة وأن له بحث حالة بالشئون الاجتماعية وقد عرض رئيس مركز أبو قرقاص ومدينة الفكرية هذا الطلب على محافظ المنيا وطلب الموافقة على تخصيص الوحدة الخالية بالمدينة كاستراحة للمذكور حيث أنه يستحق طبقاً للبحث الاجتماعي المرفق بالطلب وأنه من العناصر الأمينة والوحدة المحلية في حاجة إلى خدماته على أن يتم إخلاء الشقة في حالة نقله ، وقد وافق محافظ المنيا على أن يكون التخصيص عاماً كاستراحة للوحدة المحلية وفي أول مارس سنة 1981 أبرم رئيس مركز أبو قرقاص بصفته عقداً مع مدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز أبو قرقاص نيابة عن مدير عام مديرية الإسكان بالمنيا ، وموضوع هذا العقد إيجار الوحدة السكنية رقم (9) بلوك رقم (1) بأرض المصرف شرق الإبراهيمية بالفكرية كاستراحة للمدعى بقصد استعمالها للسكن مقابل قيمة إيجاريه شهرية مقدارها (8.260) جنيهاً وقد وقع المدعى على هذا العقد بصفته منتفعاً ، وبناء على ذلك حاز الطاعن الوحدة السكنية واستمر منتفعاً بها.
ومن 11/11/1984 حصل على اجازة خاصة بدون مرتب للعمل في المملكة العربية السعودية وقد جددت بمعرفة مديرية الإسكان بالمنيا عن عام آخر اعتباراً من 11/11/1985 وعلى ذلك فقد عرضت الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز أبو قرقاص مذكرة على رئيس المركز اعترضت فيها على استمرار شغل المدعى لهذه الوحدة السكنية على الرغم من وجوده في اجازة خاصة بدون مرتب للعمل بالمملكة العربية السعودية ، وطلبت إصدار قرار بإخلائه إدارياً منها ليتسنى لها استعمالها كاستراحة بعد أن زالت الصفة التي شغلها بناء عليها، وإنذارها إياه بالإخلاء وعدم استجابته لذلك ، وبناء عليه فقد صدر القرار المطعون فيه بإخلائه من الوحدة السكنية بالطريق الإداري.
ومن حيث أنه بصرف النظر عن ترتيب الطاعن لأوجه طعنه في الحكم محل الطعن فإنه يتعين أساساً التعرض للوجه الذي يتعلق بالإجراءات الجوهرية للتقاضي التي يقوم عليها صحة أو بطلان الحكم وذلك قبل الفصل في الجوانب الموضوعية المتعلقة بصحة تحديد قضاء الحكم الطعين لحقيقة الواقع ولصحيح أحكام القانون.
ومن حيث أن وجه النعي الثاني على الحكم المطعون فيه من جانب الطاعن ، أنه قد صدر مشوباً بالإخلال بحق الدفاع ، إذ لم يتمكن من الإطلاع على الحافظة التي قدمتها جهة الإدارة خلال أجل حجز الدعوى للحكم ، ولم تعلن إليه ، ومن ثم فلم يمكن من الرد عليها.
ومن حيث أن هذا الوجه من أوجه النعى لو صح ما استند إليه من واقع أشار إليه لكان الحكم المطعون فيه وطبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة معيباً بعيب جسيم ، ليس فقط لإخلاله بحق قانوني ، ولكن بحق دستوري ، لم يكفله للمواطنين الدستور فقط الذي نص في المادة (68) على أن التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ……… ونص في المادة (69) على أن حق الدفاع بالأصالة أو بالوكالة مكفول ، بل يكون ذلك مخلاً بحق من حقوق الإنسان كفلته له المواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان كذلك حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر سنة 1948 في المادة العاشرة على أنه لكل إنسان الحق ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته.
كذلك نصت الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 من ديسمبر سنة 1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية في الرابع من أغسطس سنة 1978 ، وصدر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 في المادة (26) منها على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ، ومن حقهم التمتع دون أي تمييز بالتساوي بحمايته ويحرّم القانون في هذا المجال أي تمييز ويكفل لجميع الأشخاص حماية متساوية وفعالة ضد أي تمييز.
وتطبيقاً لتلك القواعد الأسمى من القانون وقد نص قانون المرافعات في المادة (97) على أنه يجوز لكل من المدعى والمدعى عليه أن يقدم مستنداً رداً على دفاع خصمه أو طلباته العارضة.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم من قواعد أقرت أن التقاضى هو من أهم حقوق الإنسان الجوهرية وهو حق لتأمين حياة الإنسان ولحريته ولأمنه وأمانة دون كفالته كاملاً غير منقوص وأن من مقتضيات حق التقاضى اللازمة واللصيقة به كحق مقدس حق الدفاع أصالة أو بالوكالة وهذا لحق الأخير لا تقوم له قائمة إلا بتوفير المساواة الحقة بين المتقاضين أمام منصة القضاء وان من ألزم وسائل تحقيق هذه المساواة ضرورة كفالة حرية الرد على ما يقدمه أحد الخصوم إلى المحكمة من مستندات حتى يضع كل طرف في كفته بميزان العدالة ما شاء من أوجه إثبات حقه ، وبغير ذلك لا تتحقق الموازنة العادلة أمام القاضي الذي يمسك مغمض العينين بالميزان لا يرى أياً من طرفي الخصومة مجسداً وإنما يزن بالعدل الذي يستشعره في أعماق وجدانه حجج الطرفين ، ويرجح ما يقتضيه تحقيق العدل وسيادة القانون بشأنها.
فإذا تمكن أحد الطرفين من أن يضع أمام عيني القاضي مستنداً لم يطلع عليه خصمه أو يمكن من الإطلاع عليه وبنى القاضي على ذلك المستند قضاءه ، كان هذا القضاء باطلاً لأنه يكون قضاء ظالماً منهار الأساس مفتقراً لدعامة الحكم الجوهرية وهي المساواة بين الناس.
ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم على الحكم المطعون فيه فإنه يبين أن المحكمة التي أصدرت هذا الحكم قد قررت بجلسة الخامس من مارس سنة 1987 إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 16/4/1987 ومذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع.
ولما كان الثابت من ملف الدعوى أن هيئة قضايا الدولة ممثلة للجهة الإدارية قد تقدمت إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة في 9/4/1987 بحافظة مستندات مرفقاً بها طلب الموافقة على ضمها ، إلا أن أمين السر المختص أشر على الطلب وعلى الحافظة بتاريخ ورودهما وليس في الأوراق ما يفيد إيداع الحافظة من جانب المحكمة ، وليس فيها ما يفيد إطلاع المحكمة على محتوياتها ، كما لم يتضمن الحكم المطعون فيه الإشارة إليها أو إلى ما ورد بها من مستندات أو الاستناد إلى أي مما جاء بها.
ومن حيث أن مقتضى ذلك أنه قد تم إيداع الحافظة المشار إليها إيداعاً مادياً ملف الدعوى دون قبول هذا الإيداع على وجه قانوني ، ودون ترتيب أى أثر قانوني على ذلك فيما يتعلق بالحكم المطعون فيه.
ومن حيث أن مقتضى ذلك أن حافظة المستندات المشار إليها لم تودع بتصريح من المحكمة ولم تطلع عليها بصورة رسمية ، ولم تر إعادة الدعوى إلى المرافعة لتقصي مدى صحة ما ورد بها لأن الثابت حسب ظاهر الأوراق أن المحكمة لم تعول عليها باعتبار أن الوجود المادي لها بملف الموضوع لم يرتب أي أثر قانوني ، ومن ثم فلم يكن ثمة وجه لإطلاع الطاعن عليها والتعقيب على ما ورد بها ويكون عدم إطلاعه وتعقيبه في هذه الحالة غير مؤثر على سلامة الحكم الصادر استناداً إلى غير ما ورد بتلك الحافظة من مستندات.
ومن حيث أن مقتضى ذلك عدم صحة هذا النعي على الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه فضلاً عن وجه الطعن السالف ذكره فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم أنه قد انبنى على انفصام علاقة عمله بشبكة المياه بالفكرية بحصوله على اجازة خاصة بدون مرتب للعمل بالمملكة العربية السعودية وهو ما ليس في نظره بصحيح.
ومن حيث أن الثابت – من ظاهر الأوراق أن الطاعن كان قد تقدم إلى رئيس مركز أبو قرقاص ومدينة الفكرية بطلب الحصول على سكن لإتمام زواجه والتفرغ لعمله.
وقد رفع رئيس المركز والمدينة طلب المذكور إلى محافظ المنيا للموافقة على تخصيص الوحدة السكنية السالفة بالمدينة لتكون (استراحة) يشغلها الطاعن تسهيلاً لأداء عمله على أنه في حالة نقله يتم إخلاء الشقة وقد أشر المحافظ على هذا الطلب (أوافق على أن تكون تخصيصاً عاماً كاستراحة للوحدة المحلية).
ومن حيث أنه عقب قيام الطاعن بإجازة خاصة بدون مرتب للعمل بالمملكة العربية السعودية لمدة سنة ثم جددت لمدة عام آخر أي أنها قد امتدت إلى عامين كاملين عرضت إدارة الشئون القانونية لمركز أبو قرقاص على رئيس المركز مذكرة جاء بها ، الأمر كان يقتضي عدم إخلاء طرف الطاعن لقيامه بالإجازة إلا بعد إخلاء تلك الوحدة ، وأضافت أنه يوجد من العاملين القائمين بالعمل فعلاً من هم في أشد الحاجة لسكن كاستراحة ليتسنى لهم أداء العمل على الوجه الأكمل ، واستناداً لذلك صدر القرار المطعون فيه بإخلاء الطاعن عن تلك الوحدة لانتفاء الصفة التي شغلها بناء عليها.
ومن حيث أن الأمر على ما تقدم – وفي إطار بحث مدى سلامة الحكم الصادر في الشق العاجل من الدعوى لا يتعلق ببحث مدى قيام رابطة العمل الوظيفية بين الطاعن وبين الجهة المنتدب إليها من الوجه القانونية البحتة وذلك بعد حصوله على اجازة بدون مرتب من الجهة المنتدب منها إلى الوحدة المحلية وإنما يتعلق الأمر بمدى قيام واقعة أن الطاعن يقوم قانوناً وفعلاً بأداء مسئوليات وأعباء الخدمة المتعلقة بإدارة مرفق المياه بالمركز من عدمه وذلك باعتبار أن القيام على خدمة هذا المرفق هو المناط الذي من أجله تم تبرير التصريح للطاعن باستخدام الاستراحة التي صدر قرار من المحافظ بتخصيصها للوحدة المحلية.
ومن حيث أن قرار تخصيص الوحدة السكنية المشار إليها كاستراحة والتصريح للطاعن باستخدامها قد روعي فيه السبب الدافع إلى إصدار هذا القرار وهو تيسير خدمة المرفق العام وحسن تسييره من خلال تمكين القائم على إدارة هذه الخدمة بالفعل من الاستقرار في سكن بالقرب من موقع عمله.
ومن حيث أن السبب الواقع لم يكن متصوراً في وجدان مصدر القرار بحيث يمكن الاختلاف حول استخلاص مرمى القرار وغايته الواقعية في مجال تحقيق الصالح العام ، وإنما كان السبب الدافع لإصدار القرار معلناً حيث أفصحت عنه المذكرة التي عرضت على المحافظة وأيدته تأشيرة هذا المحافظ الذي أصدر القرار ، والتزمت به جهة الإدارة في إجراءاتها التالية ومن ثم فإن مؤدى ذلك ولازمه أنها مادام قرار التصريح للطاعن بشغل الوحدة السكنية كان موقوتاً بطبيعته بحسب الظروف التي أدت إلى إصداره وقد أفصحت عن ذلك بألفاظ وعبارات المذكرة والتأشيرات التي عبرت عنه لحظة صدوره ، فإن مؤدى ذلك انتهاء هذا التصريح المؤقت تلقائياً بمجرد تخلف علة قيامه وهو تيسير إدارة مرفق المياه المحلي بواسطة تدبير إقامة المصرح له في العين بجوار موقع عمله وذلك لأي سبب من الأسباب ولا شك أنه بناء على طلبه الحصول على أجازة خاصة بدون مرتب من جهة عمله الأصلية المنتدب فيها إلى الوحدة المحلية لإدارة مرفق المياه المحلي وبعد موافقة جهة العمل الأصلية على ذلك يكون قد تقرر غيابه بإرادته لمدة طويلة عن موقع هذا العمل وتخليه برغبته عن مباشرة المهمة المنتدب من أجلها من جهة عمله الأصلي والتي رعاية من المحافظ لتيسير أدائها تم منحه هذا الترخيص بشغل الاستراحة آنفة الذكر مادام مستمراً في أداء عمله المنتدب له بالمجلس المحلي المنتدب إليه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب حيث قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ومن ثم فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون النعي عليه من هذه الزاوية في غير محله.
ومن حيث أن مقتضى ذلك عدم قيام أي وجه للطعن على الحكم المطعون عليه فإنه يتعين القضاء برفض الطعن الماثل.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ2 لسنة 32 بتاريخ 21/04/1991
الطبيعة المتميزة للمنازعة الإدارية تحتم؛ رعاية لوحدة محلها وآثارها من جهة، وحسن سير العدالة الإدارية من جهة أخرى، أن يكون الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام التي تصدر في أية منازعة إدارية يبسط رقابتها وولايتها على النزاع برمته دون تقيد بأسباب الطعن أو بموضوعه، مادام أن تحقيق رقابة المشروعية وسيادة الدستور والقانون تحتم شمول الرقابة القانونية والقضائية للمحكمة جميع جوانب النزاع؛ إعلاء للمشروعية وسيادة القانون.