طعن رقم 2432 لسنة 33 بتاريخ 02/06/1990 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد المستشار /مح مدأنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة :محمد المهدي مليحى ومحمد أمين المهدى و صلاح عبد الفتاح سلامة و سعد اله محمد حنتيره المستشارين
* إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 6 من مايو سنة 1987 أودع الأستاذ محيى الدين راتب المحامي بصفته وكيلا عن السيد رئيس مجلس ادارة شركة الاهرام للمجمعات الاستهلاكية قلم كتاب المحكمة الادارية العليا عريضه طعن قيد بجدولها تحت رقم 2432 لسنة 33القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 16 من أبريل سنة 1987 في الدعوى رقم 1947 لسنة 40 القضائية القاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام الجهة الادارية بالمصروفات .وطلب الطاعن ، للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن ، الحكم أولا بقبول الطعن شكلا . وثانيا وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وبالغائه مع الزم المطعون ضده بالمصروفات .
وفي يوم الاثنين الموافق 15 من يونيه سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن السيد وزير التموين قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن في ذات الحكم حيث قيد الطعن بجدول المحكمة تحت رقم 2647 لسنة 33 القضائية . وطلب الطاعن للاسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن ، أولاً وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه . وثانياً الحكم بالمطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع الزام المطعون ضده بالمصروفات .
وقد أعلن الطعنان قانوناً ، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانوني مسبباً في كل من الطعنين ، ارتأت في كل منهما الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وبرفضه موضوعاً مع الزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه . وقد تحدد لنظر الطعن رقم 2432 لسنة 33 القضائية أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 21 من سبتمبر سنة 1987 وتدول نظره أمامها بالجلسات علي النحو المبين تفصيلا بالمحاضر ، وبجلسة 2 من مايو سنة 1988 قررت الدائرة ضم الطعن رقم 2647 لسنة 33 القضائية عليا للطعن رقم 1432 لسنة 33 القضائية عليا ليصدر فيهما حكم واحد ، واستمر تداول الطعنين أمامها بالجلسات علي النحو المبين تفضيلا بالمحاضر حتى قررت بجلسة 19 من يونية سنة 1989 احالة الطعنين للمحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظرها جلسة 7 من أكتوبر سنة 1989 حيث تأجل نظرهما إدارياً لجلسة 18 من نوفمبر سنة 1989 وتم إخطار الخصوم بتاريخ الجلسة ، وبها نظرت المحكمة الطعنين وتدول نظرهما أمامها بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت بجلسة 24 من مارس سنة 1990 إصدار الحكم بجلسة 5 من مايو سنة 1990 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات – وبعد المداولة .
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فيتعين قبولها شكلاً .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الاوراق – فى أن السيد / …………….. أقام عن نفسه وبصفته حارساً قضائياً على تركة المرحوم …………. بتاريخ 2 من فبراير سنة 1986 الدعوى رقم 1947 لسنة 40 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالباً أولاً وبصفة مستعجلة والحكم بوقف قرار وزير التموين السلبى بالامتناع عن إصدار قرارا بإلغاء القرار رقم 374 الصادر فى 7 /10/1973 بالاستيلاء على قطعة الارض الموضحة بالقرار وثانياً وفى الموضوع بالحكم بإلغاء القرار السلبى المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الجهة الادارية بأن تؤدى مبلغ 100000 جنيه تعويضاً عما لحقه من ضرر خلافاً لمقابل الانتفاع بواقع ستة جنيهات عن المتر المربع شهرياً بدءاً من تاريخ الاستيلاء حتى رد الارض إليه وإلزام الجهة الادارية بالمصروفات ، وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 7 من اكتوبر سنة 1973 أصدر السيد وزير التموين القرار رقم 374 لسنة 1973 بالاستيلاء فوراً على قطعة أرض فضاء مملوكة لورثة المرحوم ………. المعين حارساً قضائياً عليها والبالغ مساحتها ما يزيد على اربعة آلاف متر كائنة بالقطع 5 ، 5 أ ، 5 ج عطفة نصر 12 ، 14 شارع عبيد بزمام ترعة جزيرة بدران قسم روض الفرج ، على أن تسلم إلى شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية ، ولم يتضمن القرار تحديد مدة هذا الاستيلاء ، وقال المدعى بأن استطالة مدة الاستيلاء من سنة 1973 وحتى تاريخ إقامة الدعوى مما ينحدر بالقرار إلى حد الغصب إذ أن الاستيلاء ، وبافتراض صحة ابتداء يجب أن يكون موقوتاً وإلا تحول إلى نزع ملكية بغير الطريق الذى رسمه القانون لذلك ، واستطرد المدعى بأنه قام بتاريخ 22 من يناير سنة 1985 بإنذار الشركة برد الأرض المستولى عليها ، حيث لاتزيد مدة الاستيلاء على سنتين ، مع التنبيه عليها بدفع مقابل الانتفاع منذ تاريخ الاستيلاء بواقع ستة جنيهات شهرياً للمتر المربع الواحد إلا أن الشركة أبت الاستجابة إلى ما تضمنه الانذار ، فكان أن بادر المدعى إلى توجيه انذار للسيد وزير التموين بطلب إلغاء القرار رقم 374 لسنة 1973 المشار إليه إلا أن الانذار لم يجد استجابة ، وانتهى المدعى إلى أنه لما كانت اقصى مدة متاحة للاستيلاء هى سنتان حسبما ورد بقانون نزع الملكية ، فإنه ومن باب أولى لا يجوز أن يتجاوز الاستيلاء بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 هذه المدة ، وفضلاً عن ذلك وإذ ترتب على القرار بالاستيلاء واستمراره قائماً حرمان الملاك من التصرف فى الأرض محل الاستيلاء التى لا يقل ثمن المتر الواحد بها عن ألفى جنيه فإن ذلك يقوم سنداً لمطالبته بتعويضه بمبلغ مائة ألف جنيه بخلاف مقابل الانتفاع بالأرض بواقع ستة جنيهات للمتر المربع شهرياً من تاريخ الاستيلاء وحتى إعادة الأرض إليه ، وأضح المدعى توافر ركن الاستعجال نظراً لنكول السيد وزير التموين عن إصداره قرار بإلغاء القرار 374 لسنة 1973 وانتهى إلى الطلبات المشار إليها . وبجلسة 16 من إبريل سنة 1987 حكمت محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزمت الجهة الإدارية بالمصروفات . وأقامت قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعى هى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التموين السلبى بالامتناع عن رد قطعة الأرض المستولى عليها بالقرار رقم 374 لسنة 1973 ومساحتها أربعة آلاف متر مربع المملوكة لورثة المرحوم ….. الواقعة بجزيرة الوراق رقم 10 جرار فصل أول وثالث بالقطع 5أ ، 5ج عطفة نصر ، 12 ، 14 شارع عبيد بزمام ناحية ترعة جزيرة بدران قسم روض الفرج ، وكذلك الحكم بإلزام وزير التموين بأن يؤدى التموين بأن يؤدى إليه مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض ومقابل انتفاع بواقع ستة جنيهات للمتر المربع شهرياً منذ بدء الاستيلاء فى أكتوبر سنة 1973 وعن قبول الدعوى شكلاً أورد الحكم المطعون فيه أن القرار السلبى بالانتفاع لا يتقيد بميعاد مما تكون معه الدعوى مقبولاً شكلاً ، وعن ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ أورد الحكم المطعون فيه أنه ولئن كام القرار رقم 374 لسنة 1973 قد صدر دون تحديد مدة الاستيلاء إلا أن هذه المدة تتحدد بالقدر الذي يمكن الإدارة من تدبير أمرها ، إما عقار بديل أو أو بنزع ملكية العقار الذي استولت عليه إن تحققت لها حاجتها الدائمة له ، وعلي ذلك وإذا كان البادئ من ظاهر الأوراق أن الإدارة تستخدم العقار المستولي عليه كمأوي لسيارات الشركة الستولي علي العقار لصالحها منذ بدء الاستيلاء سنة 1973 وحتى تاريخ إقامة الدعوى ، ولما كان هذا الاستخدام دائماً تطبيقه لا يصدق عليه وصفت التأقيت ، فقد كان عليها أن تدبر مكاناً بديلاً أو تنزع ملكية العقار مقابل تعويض عادل بالتطبيق لأحكام قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 ، خاصة وأن العقار استمر في حوزتها لمدة ثلاثة عشر سنة ومن ثم تكون ملزمة بالتطبيق لأحكام القانون برد العقار لملاكه وإذا أمتنعت عن الرد عند طلب ذلك من ذوي الشأن فتكون متقاعسة عن أتخاذ إجراء يوجب عليها القانون اتخاذه مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ ، وبين الحكم المطعون فيه توافر ركن الاستعجال ايضاً علي أساس أن الاستمرار في أمتناع جهة الإدارة عن رد العقار تترتب عليه آثار يتعذر تداركها تتمثل في حرمان ملاك من الانتفاع المشروع بالعقار المملوك دون مبرر .
ومن حيث إن الطعن رقم 2423 لسنة 33 القضائية عليا المقام من شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية يقوم علي أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية : أولاً : من حيث الشكل فإنه وبافتراض صحة تكييف الطلبات في الدعوى بأنها إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن رد العقار المستولي عليه فالثابت أن المطعون ضده تظلم من هذا القرار بتاريخ 15 من يوليه سنة 1975 وبالتالي كان يتعين حساب المواعيد التي يتعين مراعاتها اعتباراً من التاريخ المشار إليه ، وتكون الدعوى المقامة في 2 من فبراير سنة 1986 قد أقيمت بعد الميعاد مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها شكلاً . وثانياً : ومن حيث الموضوع يقوم الطعن علي أن القرار رقم 374 لسنة 1973 أصبح حصيناً من الإلغاء ، وأنه حقيقة ليس قراراً بالاستيلاء علي عقار أو مصادرة له وإنما هو أداة تمكنت بها الإدارة من استئجار قطعة أرض موضوع النزاع وبالتالي يصبح العلاقة بين الملاك وبين الإدارة هي علاقة إيجار تخضع لأحكام القانون المدني وتدلل الشركة علي ذلك بالحكم الصادر في الدعوى رقم 555 لسنة 81 مدني كلي جنوب القاهرة التي أقامها المطعون ضده ضد الشركة – وعلي ذلك كما ورد بالطعن ، فإن الإدارة يمتنع عليها التعرض لهذه العلاقة الايجارية ويكون القرار رقم 374 لسنة 1973 قد أنتهي بتحقيق الغرض منه ، وفضلاً عن ذلك فإنه ليس من أساس القول بوجود قرار سلبي حيث إن اختصاص وزير التموين والتجارة الداخلية لا يمتد إلي المساس بالعلاقة الايجارية القائمة بين الشركة الطاعنة وملاك الارض المستولي عليها ، وأخيراً أورد الطعن أن طلب وقف التنفيذ لا تتوفر له شروط القضاء به إذ ملكية المطعون ضده لم تمس ولم ينل منها القرار رقم 374 لسنة 1973 ، إذ أن ما أنتجه القرار ينحصر في إقامة علاقة إيجارية محلها الأرض موضوع النزاع .
ومن حيث إن الطعن رقم 2647 لسنة 33 القضائية علياً المقام من السيد وزير التموين يقوم علي أن الحكم المطعون فيه أخطاً في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه ساير المدعي في تكييف دعواه بأنها بإلغاء القرار السلبي بالأمتناع عن رد الأرض المستولي عليها لصالح الشركة ، ومن حيث أن القرار السلبي بالامتناع لا يقوم إلا إذا قام الالتزام بإصداره علي جهة الإدارة ، وليس ما يلزم الإدارة في واقعة المنازعة الماثلة بإصدار القرار برد الأرض المستولي عليها ، إذ طالما استمرت دواعي القرار ، وتقدير ذلك مرده إلي جهة الإدارة ، استمر قيام القرار بالاستيلاء صحيحاً ، ومن ناحية أخري فليس صحيحاً ما أخذ به الحكم المطعون فيه من المقابلة التي أجراها بين أحكام الاستيلاء في تطبيق أحكام كل من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة والمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 ، فالاستيلاء بالتطبيق للمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 لا يتقيد بمدة زمنية وإنما يستمر قائماً وصحيحاً طالما استمرت دواعيه . وأخيراً أوضح الطاعن أن الحكم فاته التكييف الصحيح للدعوي باعتبار أن حقيقة ما كان يرمي إليه المدعي هو الحصول علي ريع مقابل الانتفاع بالأرض إذ لم يحصل علي شئ من ذلك لعدم تقدير اللجنة المختصة له الأمر الذي يمكن حقاً المطعون ضده الالتجاء بشأنه إلي القضاء المختص بالتطبيق لحكم المادتين 47 و 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 .
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1973 أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 374 لسنة 1973 بالاستيلاء علي قطعة أرض بمدينة القاهرة لصالح شركة الاهرام للمجمعات الاستهلاكية ، استناد إلي الأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشأن التموين ، ونص القرار في المادة (2) علي تسليم الأرض محل الاستيلاء ومساحتها أربعة آلاف متر مربع والمملوكة لورثة المرحوم ……… إلي شركة الاهرام للمجمعات الاستهلاكية وبتاريخ 14 من يناير سنة 1981 أقام بعض الملاك وهم ………… رقم 555 لسنة 1981 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، مطالبين شركة الاهرام للمجمعات الاستهلاكية الصادر لصالحها قرار الاستيلاء بمقابل انتفاع القدر الذي يملكونه في الأرض محل الاستيلاء ومساحته 800 متر مربع وقدروا هذا المقابل بمبلغ مائة مليم شهرياً فيكون جملة المبلغ المطالب به ذلك اعتباراً من تاريخ الاستيلاء في 10 من أكتوبر سنة 1973 وحتى تاريخ اقامة الدعوى مبلغ 7680 جنيهاً ، وقد تدخل في تلك الدعوى المطعون ضده بصفته ، إلا أ، تلك المحكمة قضت بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1984 بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعين بالمصروفات تأسيساً علي أن المشرع قد أناط بالمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين ، للجان إدارية خاصة تقدير التعويض المستحق عن الاستيلاء الحاصل طبقاً لأحكام المرسوم بقانون المشار إليه ، فلا يكون لغير تلك اللجان أختصاص تقدير المقابل المستحق عن الاستيلاء وبكتاب مؤرخ 3 من ديسمبر سنة 1987 أفادت محافظة القاهرة المطعون ضده بالطعن الماثل – ورداً علي تضرره من عدم تقدير مقابل الانتفاع من الارض المستولي عليها بالقرار رقم 374 لسنة 1973 – بأن المحافظة لا شأن لها بذلك ، كما أبدي المطعون ضده بالمذكرة المقدمة بجلسة 20 من يونيه سنة 1988 بأنه وجه بتاريخ 15 من يوليه 1985 إنذار إلي السيد وزير التموين ولشركة الاهرام للمجمعات الاستهلاكية ولرئيس لجنة التعويضات بمحافظة القاهرة ضمنه طلب إلغاء القرار رقم 374 لسنة 1973 مع تقدير مقابل الانتفاع بالأرض المستولي عليها بموجب القرار المشار إليه ، إلا أنه لم يتلق رداً علي إنذاره ( حافظة مستندات المطعون ضده التي طويت علي الإنذارات المشار إليها ) وبتاريخ 26 من سبتمبر سنة 1988 وجهت الشركة إنذاراً إلي المطعون ضده بصفته ضمنته أنها بموجب القرار رقم 374 لسنة 1973 وضعت يدها علي الارض محل المنازعة وأصبح القرار المشار إليه مصدراً لعقد إيجار بينها وبين ملاك تلك الارض ، وإذ لم تحدد قيمة الاجرة بمعرفة لجنة التعويضات المختصة بمحافظة القاهرة وكان من الجائز تحديد هذه القيمة باتفاق الطرفين ولما كان المطعون ضده قد سبق له أن تقدم للشركة بتاريخ 28/4/1977 بطلب حساب قيمة الايجار بمثل قيمة الايجار عن الارض المجاورة التي تستأجرها الشركة من شركة النيل للنقل النهري وكانت هذه القيمة هي 85 جنيهاً لمساحة تجاوز أحد عشر ألف متر مربع لكل ذلك تفيد الشركة بأنها توافق علي العرض المقدم إليها من المطعون ضده وترفض تقدير القيمة الايجارية للأرض محل المنازعة بمبلغ 42.500 جنيهاً شهرياً وعرضت الشركة رفق الانذار مبلغ 7650 جنيهاً تمثل القيمة الايجارية من تاريخ الاستيلاء حتى 30/9/1988 وقد تسلم المطعون ضده بصفته المبلغ المشار إليه مع التحفظ بحقه في المطالبة بباقي الانتفاع وبإلغاء القرار رقم 374 لسنة 1973 موضوع الدعوى رقم 1947 لسنة 40 القضائية ، كما بادر المطعون ضده بتاريخ 5 ممن اكتوبر سنة 1988 بتوجيه إنذار للشركة يفيد تحفظه بأن استلامه المبلغ المعروض عليه لا يمس مطالبته القضائية موضوع الدعوى رقم 1947 لسنة 40 القضائية ، كما نفى المطعون ضده بالانذار المشار إليه قيام علاقة ايجارية يبن ملاك الأرض والشركة ، كما نفى الاتفاق على تقدير القيمة الايجارية مبيناً إنه إذا كان قد تقدم بالعرض الذي تقول به الشركة سنة 1977 بشأن تحديد القيمة الايجارية وأدائها إلا أن هذا العرض رفض من قبل الشركة فلا يكون ثمة لإحياء العرض بعد فوات ما يزيد عن 10 سنوات ومن بعد أن رفضته الشركة في حينه وبتاريخ 26 من سبتمبر سنة 1987 أصدر وزير التموين القرار رقم 592 لسنة 1987 الذي نص في المادة (1) على تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارية في الدعوى رقم 1947 لسنة 40 القضائية فيما تضميه من وقف تنفيذ قرار الاستيلاء على الأرض محل المنازعة لصالح شركة الاهرام للمجمعات الاستهلاكية لحين الفصل في الطعن رقم 2432 لسنة 33 عليا وكذا الشق الموضوعي من الدعوى المشار إليها .
ومن حيث إن المادة 32 من الدستور الصادر في 11 سبتمبر سنة 1971 تنص على أن {الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب} كما تنص المادة (34) من الدستور على أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ولا ينزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون ، وحق الارث فيها مكفول (كما تنص المادة 802 من القانوني المدني على أن لمالك الشئ وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه) ومفاد ما تقدم من أحكام ، على ما ذهبت المحكمة الدستورية العليا ، أنه ولئن كان تنتظم الحقوق من السلطة المشرع التقديرية إلا أنه في تنظيمه لحق الملكية فى اطار وظيفتها الاجتماعية ، ينبغى الا يعصف بهذا الحق أو يؤثر على بقائه وإنما يتعين على المشرع الالتزام ، فى هذا الشأن ، بالقواعد الأصولية التى أرساها الدستور أساساً لما يوضع من تنظيم تشريعى (الحكم الصادر بجلسة 2 من فبراير سنة 1980 فى الدعوى رقم 91 لسنة 4 القضائية دستور) كما ذهبت تلك المحكمة إلى أن المشرع الدستورى لم يقصد أن يجعل من حق الملكية حقا عصيا يمتنع على التنظيم التشريعى الذى يقتضيه الصالح العام استناداً إلى حكم المادة (32) المشار إليها من الدستور التى تؤكد طبيعة الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة ودورها فى خدمة المجتمع ، وبالتالى يكون للمشرع الحق فى تنظيمها على النحو الذى يراه محققاً للصالح العام . (الحكم الصادر بجلسة 21 من يونيو سنة 1986 فى الدعويين رقمى 139 و 140 لسنة 5 القضائية دستورية) .ومن حيث إنه باستعراض أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين يبين أنه تضمن تنظيماً متكاملاً يستهدف ضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها لتحقيق العدالة فى توزيعها ، ويقوم هذا التنظيم على أساسين أولهما تنظيم الاختصاصات المقررة لوزير التموين لضمان تحقيق الاهداف المرجوة من الرسوم بقانون المشار إليه وكيفية ممارسة هذه الاختصاصات ومنها اختصاص الاستيلاء على العقارات على نحو ما فصلته أحكام المادة (1) من المرسوم بقانون المشار إليه ، ثانيهما تنظيم الحقوق التى تنشأ لذى الشأن ممن تقيد القرارات الصادرة استناداً لهم من حقوقهم المشروعة فى استعمال أو استغلال العقار أو المنقول محل القرار الذى يصدر من وزير التموين فى هذه الشأن ، فقد نصت المادة (1) من المرسوم بقانون المشار إليه على أنه (يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخدمات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة فى توزيعها أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا بعض التدابير الآتية :…… (5) الاستيلاء على اية واسطة من وسائط النقل أو أية مصلحة عامة أو خاصة أو أى معمل أو مصنع أو محل صناعة أو عقار أو أى منقول أو أى شىء من المواد الغذائية أو المستحضرات الصيدلية والكيماوية وأدوات الجراحة والمعامل وكذلك تكليف أى فرد بتأدية أى عمل من الاعمال ….) ونصت المادة (44) على أن (ينفذ الاستيلاء المنصوص عليه فى المادة الأولى بند (5) من هذا المرسوم بقانون الودى فإن تعذر الاتفاق طلب أداؤه بطريق الجبر ، ولمن وقع عليهم طلب الأداء جبراً الحق فى تعويض أو جزاء يحدد على الوجه الآتى …… ونصت المادة (47) على أ، تحدد الأثمان والتعويضات والجزاءات المشار إليها فى المادة (44) بواسطة لجان تقدير يصدر بتشكيلها وتجديد اختصاصها قرار من وزير التوين ..) كما نصت المادة (48) على أن تقدم المعارضة فى قرارات لجان التقدير إلأى المحكمة القضائية المختصة بناء على طلب ذوى الشأن خلال أسبوع من تاريخ اخطارهم بخطاب مسجل بتلك القرارات …. وتحم المحكمة على وجه الاستعجال ولا يجوز الطعن فى حكها بأى طريق من طرق العن العادية أو غير العادية .
ومن حيث أنه ولئن كان لهذه المحكمة قضاء بأنه لا مجال لاعمال حكم تأقيت الاستيلاء بمدة ثلاث سنوات . على نحو مننا ورد بالقانون رقم 557 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة أو التحسين ، على ما يتم من استيلاء بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين ، وإنما يدور القرار بالاستيلاء ، الصادر استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون المشار إليه ، فى قيامه حقاً واستمراره صدقاً مع توافر دواعى إصداره واستمرارها وجوداً وعدماً على النحو المقرر بالمرسوم بقانون المشار إليه ، إلا أنه يبقى دائماً أن أساس مشروعية الاستيلاء استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 إنما مرده إلى صدور القرار بذلك فى اطار التنظيم المقرر قانوناً وعلى الاخص أن يكون الاستيلاء مقابل تعويض يحدد ويؤدى على النحو المنصوص عليه بالمرسوم بقانون المشار إليه ، وبذلك يتحقق التوازن الذى أقامه المرسوم بقانون المشار إليه ، فى اطار تنظيمه للقيود التى يجيزها لحق الملكية كوظيفة اجتماعية ، بين اجازة صدور القرار بالاستيلاء على قار أو منقول مملوك للأفراد وبين حماية حق الملكية المقرر دستورياً وقانوناً بتحديد المقابل المستحق لزاماً والمفروض دائماً عن القرار الصادر بالاستيلاء ، كل ذلك حتى لا يخرج القرار بالاستيلاء عن حدود المشروعية ويتمخض عدواناً وغصباً لحق الملكية أو لعنصر من عناصرها.
ومن حيث إنه وأياً ما يكون من صدق توافر الحالة الواقعية التى تبرر صدور قرار وزير التموين رقم 374 لسنة 1973 بالاستيلاء على الأرض موضوع المنازعة الماثلة استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين ، فوقائع المنازعة الماثلة تنطق بأنه رغم تمام تنفيذ القرار بالاستيلاء فى اكتوبر سنة 1972 فإن جهة الإدارة ، واعتباراً من تاريخ الاستيلاء ، لم تقد بأى إجراء يفرضه المرسوم بقانون ويحتمه فى شأن تحديد وأداء المقابل المستحق قانوناً لملاك الأرض محل القرار بالاستيلاء ، بل إن العروض التى تقدم بها المطعون ضده بصفته بعدم تمام الاستيلاء فى شأن تقدير قيمة التعويض المستحق له لمتلق استجابة من الشركة التى صدر القرار بالاستيلاء لصالحها ، والثابت أيضا أنه رغم الانذار الرسمى الموجه من المطعون ضده بصفته إلى كل من السيد وزير التموين والشركة المذكورة فى غضون سنة 1985 بصدد تقدير قيمة التعويض المستحق وأداءه على نحو ما يفرضه المرسوم بقانون على جهة الادارة ، فلم يلق ذلك أى استجابة ولم تعر الجهة الادارية ذلك أى التفات ، فإذا كان ذلك وكان استحقاق التعويض مقابل الاستيلاء هو فى الواقع والقانون الإجراء اللازم والشرط الجازم الذى لم قوم القرار بالاستيلاء صحيحاً بدونه إّ أن هذا المقابل الذى حرص المشرع بالمرسوم القانون رقم 95 لسنة 1945 المشار إليه على تحديده أدائه مقابل الاستيلاء هو الذى يسبغ على الاستيلاء صفة المشروعية وينأى به دائرة الاعتداء على حق الملكية ويفرق بينه وبين الغصب ، وعلى ذلك فإن مسلك الجهة الادارية ، فى واقعة المنازعة الماثلة ، ينطق صارخاً بأن القرار بالاستيلاء وأن أتخذ من أحكام المرسوم بالقانون رقم 95 لسنة 1945 سنداً لإصداره ، إلا أنه يكشف عن عدم مشروعيته بتقاعس الجهة الادارية بل اصرارها على عدم اتخاذ اجراء يلزم اتخاذه قانوناً بتحديد المقابل عن الاستيلاء وأدائه على النحو المقرر بالمرسوم بقانون المشار إليه وإذ استمر هذا المسلك السلبى فى واقعة المنازعة الماثلة ما يزيد على اثنا عشر عاماً رغم شكوى أصحاب الشأن ومطالبتهم الجهة الادارية بتحديد هذا المقابل وأدائه حتى إقامة الدعوى فى 2 من فبراير سنة 1986 فإن قيام الاستيلاء واستمراره بالمخالفة لأصل من أصول التنظيم القانونى الذى يجيزه بالاخص دون تحديد التعويض المستحق عن هذا الاستيلاء وأدائه لأصحاب الشأن على الوجه المبين بالمادتين (44) و (48) من المرسوم بقانون المشار إليه ، يتمخض باعتداء صارخاً وغصباً واضحاً لحق الملكية بعناصره المكررة لملاك الأرض موضوع النزاع بما ينحدر بالاستيلاء إلى حد الانعدام فلا يكون طلب إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن رد الأرض محل القرار بالاستيلاء بعد إذ لحق بالقرار رقم 374 لسنة 1973 وهو سند الاستيلاء ، ما يجعله منحدراً إلى حد الانعدام ، وهو حقيقة تكييف طلبات المدعى (المطعون ضده بالطعن الماثل) بالدعوى باستكناه نيته ومقصوده من وراء ما أبداه من طلبات بها مقيداً بميعاد بل يبقى قائماً ومقاماً طالما بقى اللاعتداء وتحقق الغصب لحق الملكية .
ومن حيث إنه لا يغير مما سبق قيام الشركة الصادر لصالحها القرار بالاستيلاء بأداء مبلغ 7650 جنيهاً للمطعون ضده بصفته بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1988 بعد صدور الحكم المطعون فيه وخلال نظر هذه المحكمة للطعن الماثل ، بمقولة أنه يمثل التعويض المستحق لملاك الارض اعتبارا من تاريخ الاستيلاء حتى 30/9/1988 ، ذلك أن مقابل الاستيلاء لم يتم تحديده علي الوجه المحدد قانوناً ، بل قامت الشركة المذكورة بحساب هذا المقابل مستندة إلى ما كان المطعون ضده قد سبق أن اقترحه أساساً لتحديد مقابل الاستيلاء بالعرض الذى تقدم به سنة 1977 ولم يلق استجابة لدى الشركة أو الجهة الإدارية مصدرة القرار بالاستيلاء ، وليس فى أداء هذا المقابل سنة 1988 ما يضفى شرعية على الاستيلاء الذى لحق به العوار واتصف بالغضب والعدوان ، فما لحق القرار رقم 374 لسنة 1973 بالاستيلاء على الأرض من انعدام لا يصححه أى إجراء تال بالتحديد التعويض المستحق أو أدائه بعد أن اصبح القرار عدماً والمعدوم لا يعود ، زفضلاً عن ذلك فإن ما أورده المطعون ضده من تحفظ صريح عند استلامه المبلغ المشار إليه سنة 1988 إنما هو قاطع الدلالة فى اعتراضه على أسس تقدير التعويض ، وهو بعد لم يتم تحديده وفق ما تنص عليه أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المشار إليه كما يكشف فى صراحة تامة عن تمسكه بطلباته بالدعوى وبالحكم الصادر بشأنها ، محل الطعن الماثل .
ومن حيث أنه بالترتيب على ما سبق جميعه ، يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم الواقع فيما انتهى إليه من قضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وهو القرار السلبى بالامتناع عن رد الأرض المستولى عليها بالقرار رقم 374 لسنة 1973 إلى ملاكها وأنه وإن كان قد أقام قضاءه فيما يتعلق باستظهار ركن الجدية فى طلب وقف التفيذ على غير ما أورده هذا الحكم فإن هذه المحكمة تكتفى فى هذا الشأن بأن تحل أسبابها محل الأسباب التى قام عليها الحكم المطعون فيه ، وإذا كان ذلك وكان الطعنان الماثلان غير قائمين على أساس صحيح من القانون فإنه يتعين القضاء برفضهما .
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها إعمال اًلحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه .