طعن رقم 2446 لسنة 37 بتاريخ 30/05/1992 الدائرة الرابعة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيره نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدى محمد خليل وجوده عبد المقصود فرحات وأحمد ابراهيم عبد العزيز نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 18/5/1991 أودع السيد الأستاذ / سعيد الفار المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين دون أن يقدم سند الوكالة حسبما تعهد بذلك خلال 48 ساعة م تاريخ الإيداع، تقرير الطعن الماثل سكرتارية هذه المحكمة طعنا فى القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة البحوث بمعهد أمراض العيون بجلسة 27/4/1991فى الدعوى التأديبية رقم (1) لسنة 1990 المقامة من رئيسة المعهد ضد الطاعن والذى قضى بما يأتى :-
أولا : – مجازاته بتأخير الترقية فى الوظيفة الأعلى أو ما فى حكمها لمدة سنتين.
ثانيا أعضاء هيئة البحوث بمعهد أمراض العيون بجلسة 27/4/1991 فى الدعوى التأديبية رقم (1) لسنة 1990المقامة من رئيسة المعهد ضد الطاعن والذى قضى بما يأتى :-
أولا :- مجازاته بتأخير الترقية فى الوظيفة الأعلى أو ما فى حكمها لمدة سنتين.
ثانيا:- عدم صرف ربع المرتب السابق وقفه خلال فترة الوقف عن العمل.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلا وايقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه بكافة مشتملاته وما يترتب على ذلك من آثار إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وبعد إعلان صحيفة الطعن على الوجه المقرر قانونا، أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى مسببا الذى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بالآتى:-
اولا :- بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة الا اذا قدم مودع الطعن سند وكالته فى الطعن فيقبل.
ثانيا :- الحكم أصليا: بقبول الطعن شكلا وإلغاء القرار المطعون فيه.
ثالثا:- واحتياطيا: قبول الطعن شكلا ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه فيما قض به من مجازاة الطاعن بتأخير تعيينه فى الوظيفة الأعلى أو ما فى حكمها لمدة سنتين، وبراءته من المخالفات المنسوبة إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتحد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة (دائرة رابعة) جلس 26/6/1991، وبعد تداوله على النحو الموضح بمحاضر الجلسات قررت هذه الدائرة بجلسة 22/1/1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره أمامها بجلسة 15/2/1992 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/4/1992 ثم تقرر اداريا مد أجل النطق به لجلسة 9/5/1992، لما تبين من أن يوم 4/4/1992يدخل ضمن العطلة الرسمية بمناسبة عيد الفطر المبارك لعام 1412هـ الموافق عام 1992 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفى هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وقدم الطاعن سند الوكالة فى الطعن فإنه يتعين الالتفات عن الدفع الذى أثارته هيئة مفوضى الدولة بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة ومن ثم يكون الطعن مقبولا شكلا.
وحيث أن وقائع الطعن الماثل تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى ان رئيسة معهد بحوث أمراض العيون قد أقامت الدعوى التأديبية رقم (1) لسنة 1990 أمام مجلس تأديب أعضاء هيئة البحوث بالمعهد بتاريخ 3/11/1990 مشتملة على تقرير اتهام الطاعن لانه خرج على مقتضى الواجب الوظيفى وسلك مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب بأن :-
(1) حمل طبنجة وهدد العاملين بالمعهد وتلفظ بألفاظ غير لائقة واستغل وظيفته لتحقيق مآرب شخصية.
(2) اقتحم مكتب رئيسة المعهد بتاريخ 23/9/1990 وتلفظ بألفاظه غير لائقة.
(3) استولى على استمارة الصرف وقام بالتعديل فى سجل الحضور بتاريخ 17/9/1990.
وبجلسة 27/4/1991 أصدر المجلس قراره المطعون فيه، وأقام قضاءه على ثبوت المخالفة الأولى فى مواجهة الطاعن من خلال ما شهد به كل من …. و …. و …. و …. وأن الطاعن لم يدفع المخالفة بدفاع مقبول سوى مجرد الانكار وأنها اتهامات كيدية بتحريض من رئيسة المعهد، كما أن المخالفة الثانية ثابتة فى حقه من خلال المذكرة المقدمة من رئيسة المعهد بذات التاريخ ومن شهادة الدكتورة …….. والدكتورة …. و / …… كما أن المخالفة الثانية ثابتة فى حقه من خلال المذكرة المقدمة من مسئول الأمن السيد / …. ومن خلال شهادته فى التحقيق الإدارى رقم 55 لسنة 1990، كما ثبت فى حقه أيضا التعديل فى سجل الحضور من خلال الاطلاع على صور كشوف الحضور المودعة ملف الدعوى وبشهادة السيد/ ……… المسئول عن دفتر الحضور بالمعهد بالتحقيق الإدارى رقم 55 لسنة 1990.
ويقوم الطعن فى الحكم المطعون فيه على الأسباب الآتية:-
أولا : – بطلان الإجراءات لعدم إجراء التحقيق بمعرفة مجلس التأديب لاستظهار وجه الحقيقة فى الاتهامات المنسوبة إلى الطاعن.
ثانيا:- الإخلال بحق الدفاع لعدم ضم حوافظ المستندات التى قدمها الطاعن ضمن أوراق التحقيق الإدارى معه بكلية الحقوق، اذ انه لو كانت هذه المستندات قد ضمت لتغير الحكم فى الدعوى التأديبية المقامة ضده.
ثالثا :- الفساد فى الاستدلال، حيث أنكر الطاعن الاتهامات المنسوبة إليه، فضلا عن أنها لا تستأهل إحالته إلى مجلس التأديب.
رابعا:- القصور فى التسبيب، اذ لم يوضح القرار المطعون فيه الواقعة التى تستوجب تشديد العقوبة إلى الحد الذى صدر به وهو تأخير ترقيته إلى الوظيفة الأعلى لمدة سنتين.
وحيث انه فيما يتعلق بالمخالفة الأولى المنسوبة للطاعن فانه يتبين من الاطلاع على أقوال الشهود الذين استند إليهم القرار المطعون فيه أن الشاهدة الأولى …. لم تقرر فى شهادتها شيئاً عن حيازة الطاعن طبنجة وتهديده للعاملين بالمعهد وأنها ذكرت أنه كان يتلفظ بألفاظ غير لائقة لم توجه إليها شخصيا دون أن تذكر ماهية هذه الألفاظ والمناسبة التى بدرت بشأنها فضلا عن أنه جاء بشهادتها أنها كانت تعطى أولاد الطاعن دروسا خصوصية قبل تعيينها بالمعهد مما ينفى عن الطاعن استعمال سلطته فى تحقيق مأرب شخصية، كما أن الشاهدة الثانية قد ذكرت فى شهادتها وجود خلافات بينها وبين الطاعن بسبب عدم موافقته على إعطاء إجازة لها بدون مرتب لرعاية الطفل مما يشكك فى شهادتها وما أدلت به من أقوال بشأن مطالبة الطاعن لها بأن تقوم بإعطاء أولاده دروسا خصوصية وأن يقوم زوجها بإحضار دراجة لابنه فى مقابل استلام العهدة منها قبل حصولها على الاجازة، وأنه قال لها انها لن تدخل كادر البحث العلمى وأن مهمتها غسل زجاج المعمل، وأنه مما يساعد على الشك فى أقوال الشاهدة المذكورة ما تقدم به الطاعن من حافظة مستندات ظهر منها قيام المعهد بمنحها أجازة خاصة بدون مرتب لرعاية طفلها ثم تقدمت بطلب لرئيسة المعهد لإلغاء الاجازة كى تتمكن من التقدم لشغل وظيفة (مساعد باحث) وقد تأشر من الطاعن بتاريخ 9/7/1989 بموافقته ورجاء إلى رئيسة المعهد للموافقة حتى تتمكن الطالبة من تسجيل رسالة الماجستير هذا العام (1989) تحت اشرافه وبالفعل وافقت رئيسة المعهد وأحيل الطلب إلى شئون العاملين لاتخاذ اللازم، الا أنها بدأت بعد تعيينها وتسجيلها لرسالة الماجستير فى اهمال عملها مما جعل الطاعن يطلب من رئيسة المعهد التحقيق معها مما اضطرها إلى طلب الحصول على اجازة خاصة لرعاية طفلها فاعترض الطاعن على ذلك حتى تقوم بتسليم ما فى عهدتها وينتهى التحقيق معها.
كما أنه جاء فى أقوال الشاهده الثالثة ( ……………) أن خلافها مع الطاعن قد بدأ منذ تسلمها عهدة السيدة / ………… (الشاهدة الثانية) بناء على أمر رئيسة المعهد، وذكرت أن الطاعن دائم التلفظ بألفاظ نابية ودون أن تبين هذه الألفاظ، وانه كان قد طلب منها الذهاب إلى محكمة الجيزة ومحكمة امبابة لدفع بعض الرسوم فى قلم المحضرين وأن تقوم بصرف علاج التأمين الصحى والذهاب به إلى منزله وأن تحضر له قماش بدلة بمناسبة سفر زوجها إلى السعودية، كما طلب منها إحضار صينية بسبوسة فلما أحضرتها له طلب منها توصيلها إلى منزله كما طلب عمل سمك له وتوصيله إلى المعمل وأنه كان يقوم بإحضار طبنجة ويضعها على مكتبه.
وبالنسبة لما جاء بأقوال الشاهد الرابع ( …….. ) فقد ثبت وجود خلاف أيضا بينه وبين الطاعن بسبب التحقيق الذى أجرى مع الشاهد بناء على المذكرة التى قدمها الطاعن ضده والتى ورد فيها بأنه تقدم بفواتير لصرف عدد 150 حقنة سرنجات من المخازن وقام بإحضارها للطاعن لتوقيعها دون حاجة المعمل إليها وقد ثبت ادانة الشاهد بعد التحقيق معه فى هذه الواقعة.
ومن كل ما تقدم يتضح أن استناد القرار المطعون فيه إلى شهادة هؤلاء الشهود فى ثبوت المخالفة الاولى إلى الطاعن رغم ثبوت الخلافات الشخصية بينهم وبين الطاعن، سواء من واقع اقرارهم واعترافهم بوجود هذه الخلافات أو من خلال الأوراق المودعة ملف الطعن، يكون قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، مما يؤدى إلى البطلان.
هذا فضلا عن أن الشاهدة ……….. قد ذكرت فى شهادتها انها لم تشاهد الطاعن يحمل طبنجة ولكنها تسمع ذلك، كما أن أقوال مراقب الامن ……. ، قد رددت هذا القول، الامر الذى يجعل هذا الاتهام غير مؤكد فى حق الطاعن، كما لم يحدد الشهود ماهية الألفاظ المنسوبة إلى الطاعن حتى يمكن الجزم بأن فيها خروجا على مقتضيات اللياقة والاحترام، مما يعد إخلالا بواجبات الوظيفة وأما عن استغلاله لوظيفته فى تحقيق مآرب شخصية فانها أقوال جاءت على لسان الشهود الذين توجد بينه وبينهم خلافات شخصية على النحو السابق إيضاحه، مما لا يطمأن إلى صدقها أو صحة وقوعها، كما أنه كان يتعين على هؤلاء الشهود التقدم لرئيسة المعهد أو لأية جهة رئاسية بالشكوى من الطاعن للتحقيق فى هذه المزاعم، أما وأن ذلك لم يحدث ولم تظاهره المستندات والأوراق المودعة ملف الطعن، ولم يوجه إلى الطاعن إلا بمناسبة التحقيق معه بسبب الخلافات التى ظهرت بينه وبين رئيسة المعهد، ومن ثم فانه يتعين التقرير بأن هذه الاتهامات غير مستخلصة استخلاصا سائغا من التحقيقات والأوراق وبالتالى يكون القرار المطعون فيه مخالفا للقانون فيما انتهى إليه إثبات صحة هذه المخالفات الى الطاعن ومجازاته عنها.
وحيث انه عن المخالفة الثانية الموجهة إلى الطاعن والمتمثلة فى اقتحام مكتب رئيسة المعهد بتاريخ 23/9/1990 واستعماله ألفاظا غير لائق فى مخاطبتها فإن الثابت من أقوال الشاهد الأولى ( د. ……. ) أن الطاعن قد دخل مكتب رئيسة المعهد وسألها بصوت مرتفع عن سبب توقيعه بالحضور والانصراف فى ورقة مستقلة وأن رئيسة المعهد لم ترد عليه وتركت المكتب وانصرفت، كما أن الثابت من أقوال الشاهدة الثانية (د. ……….) أنها قررت بمثل ما ذكرته الشاهدة الأولى وأن رئيسة المعهد قط طلبت الأمن وأخرجته من المكتب، كما ورد بأقوال الشاهد الثالث ( …………..) نفس الأقوال وأضاف بأنه يعتقد بأن سبب ذلك يعود إلى الخلاف بين الطاعن ورئيسة المعهد حول ترقيته إلى وظيفة أستاذ مساعد.
وحيث أنه لا يتضح من هذه الأقوال وجود مخالفة فى حق الطاعن لأنه بوصفة من أعضاء هيئة التدريس بالمعهد فان من حقه دخول مكتب رئيسة المعهد وسؤالها عما يخصه من أمور وأنه لم يرد بأقوال الشهود أنه تلفظ بألفاظ غير لائقة وبالتالى تكون هذه المخالفة غير ثابتة فى حقه وأنه مما يؤيد ذلك أنه جاء بأقوال …….. بأنه لم يحدث من الطاعن أية مخالفات خلال فترة عمله بالمعهد قبل ذلك وأنه عندما ذهب إلى رئيسة المعهد ليخبرها بشكوى الطاعن من توقيعها فى ورقة مستقلة قالت (أنه هو الذى جنى على نفسه لأنه يعاملنى أنا والسكرتارية معاملة طيبة) الأمر الذى يستدل منه على أن هناك خلافا بين الطاعن ورئيسة المعهد أدى إلى اتهامه بالمخالفة المذكورة وفقا للمذكرة المقدمة من رئيسة المعهد فى هذا الخصوص والتى اعتبرت من الأسباب التى استند إليها القرار المطعون فيه بصحة وقوع المخالفة وذلك على خلاف الحقيقة حيث لم يتضح من أقوال الشهود السابقين ثبوت صحة هذا الاتهام.
وأما عن المخالفة الثانية المنسبة إلى الطاعن فى خصوص استيلاءه على استمارة الصرف وأيضا قيامه بالتعديل فى سجل الحضور فالثابت من أقوال السيد / …….. أن الطاعن لما اطلع على كشف المكافأة ووجد ان مستحقاته شهرا وربع الشهر طلب منه الاستمارة لمراجعتها من الاستحقاقات فأعطاه صورة منها وذكر أن الطاعن كان مهذبا معه عند مطالبته بذلك، وبالتالى فان اسناد هذه المخالفة إلى الطاعن لا يستند إلى أساس سليم من الواقع والقانون، فمن حقه مراجعة المختصين من الناحية المالية بشأن مستحقاته وتصحيح ما يرد فيها من أخطاء ان كان ثمة خطأ وبالتالى فأنه لم يقم بالاستيلاء على استمارة الصرف ولكنه طلب صورة منها من الموظفين المختص، مما لا يمثل أية مخالفة تستوجب مجازاته عنها وأما عن التعديل فى كشف الحضور لإثبات حضوره على خلاف الحقيقة للحصول على الأجر الاضافى فقد أنكر الطاعن حصوله ذلك فى التحقيقات التى أجريت معه واستدل على ذلك بأنه توجد كشوف اضافية لجميع الباحثين والأساتذة ومساعديهم بمكتب رئيسة المعهد ويتم التوقيع أمامها وبعملها وأنها هى التى تحدد عدد الساعات الاضافية لكل باحث .
كما طلب فى التحقيق الاطلاع على الصورة الضوئية للسجلات التى اتهم بالتعديل فيها الا ان لم يتمكن من ذلك، مما يعتبر قصورا فى التحقيق وإخلالاً بحقه فى الدفاع عن نفسه.
وحيث أن ما ينعاه الطاعن على القرار المطعون فيه لما شابه – ازاء ما سبق – من مخالفات بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، يكون والحال كذلك قائما على سند صحيح قانونا وواقعا، ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار وبراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ