طعن رقم 2470 لسنة 33 بتاريخ 16/07/1991 الدائرة الثالثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عبد العزيز أحمد حمادة نائب رئي مجل الدولة وعضوية السادة الأستاذة / حنا ناشد مينا حنيا والدكتور / أحمد مدحت تعلى ، ومحمد عبد الرحمن سلامة والدكتور / أحمد محمود جمعة.
المستشارين
اجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 6 من يونيو سنة 1990 أودع السيد الاستاذ محمد عصفور المحامى – بوصفه وكيلا عن السيد /……………قلم كتاب المحكمة الدارية العليا ( الدائرة الثالثة) تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2470 لسنة 36 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة الجزاءات) فى الدعوى رقم 1320 لسنة 43 قضائية المرفوعة من الطاعن ضد كل :
وزير الداخلية
مدير أمن الدقهلية
والذى قضى بقبول الدعوى شكلا ، وبرفضها موضوعا ، والزم المدعى (الطاعن) المصروفات ، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء بالغاء القرار رقم 617 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل اعتبارا من 7/12/1987 وما يترتب على ذلك من آثار مع الزم الجهة الإدارية المطعون ضدها (وزير الداخلية بصفته) المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد أن تم اعلان تقرير الطعن للجهة الإدارة المطعون ضدها طبقا للقانون ، قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء بالغاء القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988.
ومما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) جلسة 7/11/1990 ، وبالجلسة التالية المنعقدة فى 5/12/1990 قررت الدائرة اصدار الحكم بجلسة 2/1/1991 وصرحت بتقديم مذكرات دفاع خلال أسبوعين ، قدم خلالها كل من الطاعن والجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة دفاع ، وبهذه الجلسة قررت الدائرة احالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 26/1/1991 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية المنعقدة فى 19/3/1991 وقدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع ختامية صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن ، ثم أرجأت المحكمة اصدار الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
الحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الايضاحات ، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قدم فى الميعاد ، واستوفى باقى أوضاعه الشكلية ، فهو مقبول شكلا ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل حسبما هو ثابت من الحكم المطعون فيه وكافة الأوراق فى أن السيد /………………..(الطاعن) أقام الدعوى رقم 1870 لسنة 10 قضائية بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة ضد كل من :
وزير الداخلية
مدير أمن الدقهلية
يطلب الحكم أولا : وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 617 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل اعتبارا من 7/12/1987.
ثانيا : وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار ، وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الجهة لإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة ، وشرحا لدعواه قال المدعى (الطاعن) أنه برتبة عقيد ويعمل فى وظيفة وكيل إدارة قوات الأمن بمحافظة الدقهلية ، وقد حصل على إجازة اعتيادية لمدة خمسة وأربعين يوما لزيارة أشقائه فى دولة الامارات العربية فى الفترة من 23/10/1987 وحتى 6/12/1987 ، وأنه قبل انتهاء إجازته بيومين أصيب بانزلاق غضروفى بالفقرات القطنية ، ودخل على أثر ذلك المستشفى العام وفى يوم 5/12/1987 بعث فيه برقية إلى مديرية أمن الدقهلية (جهة عمله) تفيد مرضه وملازمته الفراش بأبى ظبى، وقد منحه الأطباء راحة للعلاج بالمستشفى لمدة ثلاثة أشهر أخرى اعتبارا من 7/3/1988 نظرا لعدم اكتمال شفائه ، وأنه بتاريخ 15/6/1988 أخطر عن طريق السفارة المصرية بأبى ظبى بأن وزارة الداخلية تطلب عودته إلى أرض الوطن وذلك لعرضه على المجلس الطبى المختص فى ضوء الابحاث الطبية ومستندات علاجه ، فعاد إلى أرض الوطن بتاريخ 9/7/1988 واخطر وزارة الداخلية ببرقية بعودته وطلب عرضه على المجلس الطبى المختص ، إلا أنه بتاريخ 14/7/1988 أعلن اداريا بصدور القرار المطعون فيه (رقم 617 لسنة 1988 والذى تضمن إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل اعتبارا من 7/12/1987 و اليوم التالى لانتهاء اجازته الاعتيادية الممنوحة له ، فتظلم من هذا بتاريخ 16/7/1988 ثم أقام دعواه الماثلة يطلب الحكم له بالطلبات سالفة الذكر ، ناعيا على القرار المطعون فيه مخالفته القانون لانعدام سببه ، ولأن انقطاعه عن العمل كان بعذر قهرى خارج عن إرادته وهو المرض الثابت من الشهادة الطبية الصادرة من المستشفى العام بأى بظبى والمصدق عليه من السفارة المصرية بأبى ظبى وقد أخطر جهة عمله بهذا العذر وذلك بالبرقية المرسلة منه بتاريخ 5/12/1987 وأنه بذلك تنتفى فى حقه قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من حكم المادة 73 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 ، كما أن وزارة الداخلية قد عرضت الشهادة الطبية المشار إليه على المجل اطلبى المختص والذى قرر أن هذه الشهادة مستوفاة من – الناحية الشكلية وطلب إعادة عرضه على المجلس عند عودته ومعه الأبحاث ومستندات العلاج وكان قد أخطر بقرار المجلس الطبى بتاريخ 15/6/1988 ، إلا أن الوزارة أصدرت القرار المطعون فيه قبل عودته إلى أرض الوطن وعرضه على المجلس الطبى المختص.
وبجلسة 23/11/1988 قررت محكمة القضاء الادارى بالمنصورة احالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة الجزاءات ) للاختصاص ، فقيدت الدعوى بسجل هذه المحكمة برقم 1320 لسنة 43 قضائية.
وبجلسة 23/4/1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا ، والزمت المدعى بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعى (الطاعن حصل على اجازة اعتيادية لمدة خمسة وأربعين يوما للسفر إلى دولة الامارات العربية المتحدة لزيارة أشقائه فى لافترة من 23/10/1987 إلى 6/12/1987 وأنه بتاريخ 7/12/1987 ورد إلى مديرية أمن الدقهلية (جهة عمله برقية تفيد بمرض المدعى وملازمته الفراش بأبى ظبى ، فقامت وزارة الداخلية فى اليوم التالى (8/11/1987 بمخاطبة وزارة الخارجية لاعلان المدعى على عنوانه بأبى ظبى بضرورة أن يتبع أحكام المادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن لائحة القومسيونات الطبية وذلك لموافاته بالتقارير الطبية إلا أن السفارة المصرية أخطرت وزارة الداخلية بأنه لم يتم إعلانه بهذا الاخطار لعدم الاستدلال على عنوانه فى دولة الامارات العربية المتحدة وأنه عندما تسنى للجهة الإدارية العلم بعنوانه بأبى ظبى عن طريق زوجته ، تم اعلانه بصورة اتباع ما نصت على المادة 17 من القرار الوزارى رقم 1798 لسنة 1985 المشار إليه ، وأنه بتاريخ 26/4/1988 ورد كتاب السفارة المصرية بأبى ظبى مرفقا به طلب المدعى بتاريخ 13/4/1988 وأصول التقرير الطبى المعتمد من السفارة المصرية بأبى ظبى والذى يفيد أنه أدخل المستشفى الحكومى بأبى ظبى بتاريخ 7/8/1987 وكان يعانى من انزلاق غضروفى بالفقرات القطنية ومنح راحة لمدة ثلاثة أشهر من هذا التاريخ يعرض بعدها ،وأنه قد تم احالة هذه الأوراق التى المجلس الطبى بهيئة الشرطة الذى أفاد بتاريخ 21/5/1988 أن مرض المدعى لا يمنع من العودة إلى البلاد ، وبأنه يعرض على المجلس عقب عودته إلى البلاد ومعه الأبحاث والمستندات الدالة على علاجه ثم بتاريخ 23/5/1988 تم مخاطبة وزارة الخارجية بكتاب وزارة الداخلية رقم 7621 لاعلان المدعى بخصوص قرار المجلس الطبى مع انذاره كتابة بالعودة فورا إلى البلاد وإلا اتخذت قبله الاجراءات القانونية المنصوص عليها فى قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 باعتباره منقطعا عن العمل بدون إذن ، ثم بتاريخ 20/6/1988 ورد إلى وزارة الداخلية كتاب القنصلية المصرية بأبى ظبى رقم 341 مرفقا به الإعلان الموجه إلى المدعى على عنوانه وقد توقع بالعلم شخصيا بتاريخ 15/1/1988 ، وأن المدعى كتب على صورة الانذار أنه سيعود عقب انتهاء علاجه مباشرة ، إلا أنه لم يعد إلى عمله ورغم انذاره كتابة وتوقيعه على الانذار بالعلم بما جاء به ثم بتاريخ 27/6/1988 صدر قرار وزير الداخلية رقم 617 لسنة 1988 متضمنا انهاء خدمة المدعى اعتبارا من 7/12/1987 تاريخ انقطاعه عن العمل عقب الاجازة الاعتيادية المصرح له بها ،باعتباره مستقيلا من الخدمة طبقا للمادة 73 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 ،وأنه لما كان المقرر أنه إذا استبان لجهة الإدارة من تصرفات العامل والظروف المحيطة بانقطاعه عن العمل وضوح نيته فى هجر الوظيفة ، كان لها أن تعتبر خدمته منتهية رغما عما يكون قد أبادها خلال فترة الانقطاع من اعتذار مقبول ،وأن الإدعاء بالمرض الذى يستهدف التحايل على تأجيل انهاء الخدمة ، لا يسوغ الاخفاء أو التعويل عليه وأنه لما تقدم وترتيبا على ذلك يكون القرار المطعون فيه قائما على سببه ومطابقا للقانون.
ومن حيث أن الطاعن يقيم طعنه الماثل بالنعى على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه استندت على الأسباب الآتية :
1- أن حكم محكمة أول درجة قد خالف أحكام المادة 73 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1977 فيما استندت إليه بأن الجهة الإدارية قد أنذرت الطاعن بالمعنى المقصود بالانذار الذى يقصده المشرع من وجوب الانذار بإنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل وبالتالى لا يكفى فيه أن يتضمن التحذير باتخاذ الاجراءات القانونية وأن هذا الذى فعلته جهة الإدارة بالانذار الموجه إليه ، والمعلن إليه بتاريخ 15/6/1988 حيث جاء خلوا من تحذيره بانهاء خدمته للانقطاع ،وأنه من ثم لا يعتبر انذرا بالمفهوم القانونى ولا ينتج أثره.
2- أن القرار المطعون فيه صدر بطلان لأن جهة الإدارة أنذرته بتاريخ 15/6/1988 فى حين أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 27/6/1988 وأن الفترة الواقعة فيما بين التاريخين لا تتجاوز هذه الخمسة عشر يوما المقررة بالمادة 73 المشار إليها.
أنه سبق أن المدعى قدم عذر انقطاعه عن العمل قبل انتهاء أجازته المرخص بها مما ينفى فى حقه نية هجر الوظيفة بالاستقالة الضمنية على خلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه حيث أحاط جهة الإدارة علما بمرضه ، فإحالة الأوراق إلى المجلس الطبى بهيئة الشرطة والذى قرر بتاريخ 21/5/988 أن مرضه لا يمنعه من العودة إلى البلاد وبأن يعرض على المجلس الطبى عقب عودته إلى البلاد ومعه الأبحاث والمستندات الدالة على العلاج.
أن محكمة أول درجة قد استندت إلى أن جهة الإدارة عرضت على المجلس الطبى والذى أفاد فى 21/5/1988 بقراره المشار إليه على فهم أن الأمر عرض على جميع أعضاء اللجنة الطبية بالمجلس الطبى المذكور ،على حين أن هذا القرار قد صدر من رئيس المجلس الطبى وحده دون باقى أعضاء اللجنة الطبية ،وبالتالى لا يكون أمره قد عرض على المجلس الطبى بجميع أعضائه كما ذهب إلى ذلك حكم محكمة أول درجة.
أن قرار رئيس المجلس الطبى على النحو سالف الذكر لا يعتبر قرارا صادرا من المجلس الطبى المنوط به وحده تقرير الحالة المرضية له من عدمة طبقا للمادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 178 لسنة 1985 ،وفضلا عن ذلك فإن رئيس المجلس الطبى قد علق قراره المشار إليه على عودته إلى البلاد ومعه الأبحاث ومستندات العلاج من حيث إن المادة 73 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 1.9 لسنة 1971 تنص على أن يعتبر الضابط مقدما استقالته فى الأحوال الآتية : ـ
(1) إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية ، ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها ، ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول ، فإذا لم يقدم الضابط أسبابا تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل ، ويتعين انذار الضابط كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام ويوجه إليه الانذار فى محل إقامته المعروف لرئاسته ، والمستفاد من هذا النص أن مجال إعماله باعتبار خدمة الضابط منتهية للانقطاع عن العمل إنما تحوطه حالتان :
الحالة الأولى : وهى التى لم يقدم فيها الضابط أسابا تبرر انقطاعه عن العمل.
الحالة الثانية : إذا قدم فيها الضابط هذه الأسباب ورفضتها جهة الإدارة كعذر يبرر الانقطاع عن العمل ، ومتى كان ذلك وكانت طبيعة العذر مما تقره جهة فنية أناط بها القانون سلطة البت فيه من النواحى الفنية الخاصة كالمرض ، فإنه لا يسوغ لجهة الإدارة أن تسارع بإنهاء خدمة الضابط فى هذه الحالة قبل أن تعمل الجهة الطبية المختصة سلطاتها فى تقدير هذا العذر ببيان ما إذا كان الضابط مريضا من عدمه إذا كان قد أبدى هذا العذر ، وإلا كان فى ذلك افتئات على سلطة الجهة الطبية المختصة بالمخالفة للقانون لأنه كان يتعين عليها فى هذه الحالة عرض الأمر على الجهة الطبية المختصة للتحقق من صحة وجود المرض من عدمه قبل اصدار قرار انهاء الخدمة بحسبان أو قرار الجنة الطبية المختصة يعتبر فى هذه الحالة مؤثرا فى وجود سبب قرار انهاء الخدمة ، من ثم فإذا اصدرت جهة الإدارة قرارها بإنهاء خدمة الضابط إعمالا لحكم المادة 73 سالفة الذكر دون أن ترجع إلى الجهة الطبية المختصة للتحقق من ثبوت مرضه من عدمه ، فإن قرارها يكون على هذا الوجه قد بنى على سبب غير صحيح إذ لا يمكن الجزم فى هذه الحالة بأن الضابط غير مريض ، ما دامت الجهة الطبية المختصة لم تقرر ذلك ، ذلك أن الأمر هنا لا تختص جهة الإدارة بالتحقق من صحته إذ تعتبر سلطتها فى هذا الشأن مقيدة وتلتزم فى هذه الحالة بما ينتهى إليه قرار اللجنة الطبية المختصة التى أناط بها القانون هذا الاختصاص بوصف أنه من المسائل الفنية التى لا يجوز لجهة الإدارة أن تتصدى بالبت فيها من تلقاء نفسها بحجة أن ظروف الحال قد كشفت لها أن الضابط يتمارض لانه استمر فى انقطاعه عن العمل رغم انذاره بالعودة إلى العمل ، وأنه بذلك قد توافرت لديه نية هجر الوظيفة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن حصل على إجازة اعتيادية لمدة خمسة وأربعين يوما لزيادة أشقائه فى دولة الأمارات العربية المتحدة فى الفترة من 13/10/1987 إلا أنه لم يعد إلى أرض الوطن لتسلم عمله لاصباته بانزلاق غضروفى بالفقرات القطنية وأدخل المستشفى الحكومى بأبى ظبى بتاريخ 7/12/1987 وفى هذا اليوم بعث ببرقية إلى مديرية أمن الدقهلية (جهة عمله) يخطرها بأنه مريض وملازم الفراش المستشفى الحكومنى بأبى ظبى ، وفى اليوم التالى (8/12/1987) خاطبت وزارة الداخلية وزارة الخارجية لاخطار الطاعن بضرورة مراعاة المادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن لائحة القومسينات الطبية والتى تنص على أنه (إذا طرأت على العامل الموجود خارج الجمهورية حالة مرضية تمنعه من العودة إلى البلاد ،وجب عليه اخطار الجهة الرئاسية التابع لها مباشرة بنتيجة الكشف الطبى عليه والذى يتم بمعرفة طبيبين ،وأن يرفق بهذا الاخطار شهادة مصدق عليها من القنصلية المصرية أو من الإدارة الصحية الأجنبية المختصة وعلى الجهة الرئاسية ارسال النتيجة إلى اللجنة الطبية المختصة للنظر فى اعتمادها من عدمه غير أن وزارة الخارجية اخطرت وزارة الداخلية بعدم الاستدلال على الطاعن ، ثم تم الاستدلال على عنوانه عن طريق زوجته فى جمهورية مصر العربية فتم إعادة اخطاره بما تقدم ،وفى 26/4/1988 ورد كتاب السفارة المصرية بأبى ظبى مرفقا به طلب الطاعن المؤرخ فى 13/4/1988 وأصل التقرير الطبى المعتمد من السفارة المصرية بأبى ظبى والذى تضمن أن الطاعن دخل المستشفى الحكومى بأبى ظبى بتاريخ 7/12/1987 لأنه يعانى من انزلاق غضروفى بالفقرات القطنية ومنح اجازة لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من هذا التاريخ ويعرض بعدها ثم احالت وزارة الداخلية هذه الاوراق على المجلس الطبى بهيئة الشرطة وبتاريخ 31/5/1988 قرر المجلس الطبى المذكور ما يأتى الشهادة المرفقة مستوفاه من الناحية الشكلية (يقصد التقرير الطبى المعتمد من السفارة المصرية) ولكن المرض كما هو وارد بالشهادة لم يكن يحول (دون عودته) ويعرض على المجلس الطبى عقب عودته مع الأبحاث ومستندات العلاج ثم بتاريخ 23/5/1988 خاطبت وزارة الداخلية وزارة الخارجية لاعلان الطاعن بمضمون قرار المجلس الطبى المشار إليه ، مع انذاره كتابة بالعودة إلى البلاد وإلا اتخذت ضده الاجراءات القانونية المنصوص عليها فى قانون هيئة الشرطة باعتباره منقطعا عن العمل بدون إذن.
وبتاريخ 20/6/1988 ورد لوزارة الداخلية كتاب القنصلية المصرية بأبى ظبى مرفقا به صورة اعلان الطاعن بما تقدم وأنه قد توقع منه بالعلم ضحيا بتاريخ 15/6/1988 ، ويأنه سيعود إلى البلاد عقب انتهاء علاجه مباشرة ،غير أنه بتاريخ 27/6/1988 اصدر وزير الداخلية القرار رقم 617 لسنة 1988 متضمنا انهاء خدمة الطاعن (………………..) الضابط بمديرية أمن القليوبية اعتبارا من 7/12/1982 تاريخ انقطاعه عقب انهاء الاجازة الدورية المصرح له بها باعتباره مقدما استقالته إعمالا لحكم المادة 73/14 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 ، وعندما عاد الطاعن إلى أرض الوطن بتاريخ 9/7/1988 فوجئ بصدور قرار رقم 617 لسنة 1988 (المطعون فيه)
ومن حيث إنه تأسيسا على ما تقدم ، ولما كان الثابت من قرار المجلس الطبى لهيئة الشرطة الصادر فى 21/5/1988 أنه علق البت فى اعتماد نتيجة الكشف الطبى على الطاعن الواردة بالشهاد الطبية المصدق عليها من السفارة المصرية فى أبى ظبى على عودة الطاعن إلى أرض الوطن وعرضه على المجلس الطبى ومعه الأبحاث ومستندات العلاج فإن الجهة الإدارية المطعون ضدها ما كان لها أن تسارع بإصدار القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988 قبل أن يعمل المجلس الطبى المذكور سلطته فى تقدير العذر الذى أبداه الطاعن وهو المرض تبريرا لانقطاعه عن العمل اعتبار من 7/12/1988 ، وخاصة وأن الثابت من الشهادة الطبية المستخرجة من المستشفى الحكومى بأبى ظبى والمصدق علهيا من السفارة المصرية فى أبى ظبى والمؤرخة فى 11/4/1988 أن الطاعن قد أدخل هذا المستشفى فى التاريخ الذى اعتبره القرار المطعون فيه منقطعا اعتبارا منه وأنه ورد بتلك الشهادة أيضا أنه منح راحة لمدة ثلاثة اشهر من 7/12/1987 وثبت من الشهادة الثانية المعتمدة أيضا من القنصلية المصرية بأبى ظبى أن حالته غير مستقرة وتحتاج لراحة لمدة ثلاثة أشهر أخرى من 7/3/1988 وكذلك ثبت من الشهادة الثالثة المعتمدة أيضا من ذات القنصلية والمؤرخة فى 3/6/1988 أن الطاعن يحتاج إلى علاج طبيعى وجلسات أشعة ويحتاج لراحة لمدة ثلاثة أشهر من 7/6/1988.
ومن حيث أن الثابت على الوجه المتقدم أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قد اصدرت القرار المطعون فيه دون أن تتحق من صحة السبب الذى استندت إليه فى اصدارها لهذا القرار وهو الذى أوضحت عنه بأنه الانقطاع عن العمل دون إذن وبغير عذر اعتبار من 7/12/1987، دون الرجوع إلى المجلس الطبى بهيئة الشرطة بوصفه الجهة الطبية المختصة وكان ما ينتهى إليه المجلس الطبى بهيئة الشرطة بوصفه الجهة الطبية المختصة وكان ما ينتهى إليه المجلس الطبى فى هذا الشان مؤثرا على صحة هذا السبب فإن القرار المطعون فيه يكون على هذا الوجه قد صدر مخالفا للقانون متعين الالغاء وخاصة وأن الثابت أن المجلس الطبى المذكور قد تثبت من صحة الشهادة الطبية التى استخرجها الطاعن من المستشفى الحكومى بأبى ظبى وفق أحكام المادة 17 من قرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن لائحة القومسيونات الطبية إذ قرر المجلس الطبى المذكور أن هذه الشهادة مستوفاه من الناحية الشكلية ، وأن غاية الأمر أنه أرجأ البت فى نتيجة الكشف الطبى الذى تم على الطاعن فى هذا المستشفى لحين عودته إلى البلاد ، ورغم ذلك فقد سارعت وزارة الداخلية فى اصدارها القرار المطعون فيه دون أن تنفذ قرار المجلس الطبى المتضمن ارجاء البت فى نتيجة الكشف الطبى الوارد بتلك الشهادة التى عرضت عليه لحين عودة الطاعن إلى البلاد والأمر الذى يجعل رجوعها على المجلس الطبى حتميا قبل اصدارها القرار المطعون فيه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب واستند إلى جهة الإدارة من تصرفاته والظروف المحيطة بانقطاعه عن العمل وضوح نيته فى هجر الوظيفة ، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد أخطا فى تطبيق القانون حيث قرر المجلس الطبى صراحة أن الشهادة الطبية المقدمة من الطاعن أنها شهادة مستوفاه لما تطلبه القانون من الناحية الشكلية ، مما ينفى عن الطاعن أى تحايل بقصد تأجيل إنهاء خدمته كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه كما أنه من غير الجائز قانونا القول بأن الطاعن إنما كان يدعى المرض مادامت الجهة الإدارية لم تتحقق من صحة ذلك بالرجعوع إلى المجلس الطبى المختص الذى طلب منها أن يعرض عليه الطاعن عقب عودته إلى البلاد ولا يكفى القول بأن الطاعن إنما كان يتمارض لأن المجلس الطبى قد اشار فى قراره المشار إليه أن مرض الطاعن لم يكن يحول وعودته إلى البلاد دون أن الثابت من الشهادات الطبية المستخرجة من المستشفى الحكومى بأبى ظبى والمعتمدة من القنصلية المصرية بالسفارة المصرية هناك أن حالته كانت غير مستقرة ويحتاج على راحة منذ 7/11/1987 استمرت إلى ما بعد صدور القرار المطعون فيه على النحو سالف البيان ، ومع ذلك فقد عاد الطاعن إلى البلاد قبل انتهاء الثلاثة أشهر الأخيرة التى أوصى بها الأطباء بالمستشفى المذكور اعتبارا من 7/6/1988.
ومن حيث إنه استنادا على كل ما تقدم ، فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالغاء القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988 فيما تمضن إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل اعتبار من 7/12/1987 وما يترتب على ذلك من آثار ، ولا يغنى الغاء القرار المطعون فيه عن حق الجهة الإدارية فى عرض الطاعن على المجلس الطبى المختص للنظر فى اعتماد مرضه من عدمه.
ومن حيث أنه عن المصروفات فتلتزم بها الجهة الإدارية المطعون ضدها عن الدرجتين عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ،
والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 617 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل اعتبارا من 7/12/1987 وما يترتب على ذلك من آثار والزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.