طعن رقم 2485 لسنة 33 بتاريخ 01/02/1992 الدائرة الرابعة

Facebook
Twitter

طعن رقم 2485 لسنة 33 بتاريخ 01/02/1992 الدائرة الرابعة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / رأفت محمد يوسف ومحمد مجدى محمد خليل وجودة عبد المقصود فرحات وأحمد إبراهيم عبد العزيز نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 3/6/1987 أودع الأستاذ / محمد عبد المجيد الشاذلى المحامى نائبا عن الأستاذ إيهاب كامل ابادير المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن سكرتارية هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 26/4/1987 فيما قضى به من قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا فى الطعن رقم 159 لسنة 13 ق والذى يطعن فيه علي قرار مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه مع ما يترتب علي ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء قرار الجزاء المطعون عليه وما يترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه المقرر قانونا وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من مرتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة (دائرة- رابعة) جلسة 9/7/1990 وتقرر بجلسة 8/5/1991 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة – موضوع ) لنظره أمامها بجلسة 8/6/1991 وجرى تداول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بالمحاضر، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن وقائع الموضوع تخلص فى أنه بتاريخ 21/5/1986 أقام الطاعن طعنه رقم 159 لسنة 13 ق أمام المحكمة التأديبية بأسيوط طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال الطاعن شرحا للطعن أنه لم يصدر منه أى خطأ أو إهمال يستوجب مجازاته وأن ما نسب إليه من تأخير فى استلام وردية العمل يخالف الواقع والحقيقة لأن الجهة الإدارية هى المسئولة عن نقل الموظفين إلى مقر العمل بوسائلها الخاصة ولا يستطيع أى موظف الذهاب إلى العمل إلا بالسيارة الخاصة بجهة العمل لأن مقر العمل يبعد بأكثر من عشرين كيلو متوا عن مقر إقامة معظم العاملين وأنه من المعلوم أن نظام العمل بمحطة الإرسال التليفزيونى يقوم علي نظام الورديات وكان يتعين على القائم بالعمل عدم ترك الموقع إلى حين حضور البديل.
وأضاف الطاعن بأن أمر تشغيل السيارة الحكومية الخاصة بالتليفزيون رقم …… بتاريخ 12/11/1985 جرى تعديله وتغييره على خلاف الحقيقة بإدخال اسمه رغم عدم استعماله السيارة فى هذا اليوم واختتم الطاعن الطعن بطلباته سالفة الذكر .
وبجلسة 26/4/1987 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وأقامت حكمها على أن الثابت من الأوراق وتحقيقات الجهة الإدارية فى التحقيق رقم 41 لسنة 1985 أن السيد المهندس مفتش عام جنوب الجمهورية قد ابلغ بحدوث عطل بدوائر تغذية الميكروويف بأسيوط نتج عنه انقطاع إرسال البرنامج الأول والثانى بتليفزيون أسيوط والجنوب لمدة 23 دقيقة من الساعة 15.12 إلى الساعة 16.35 وأجرى التحقيق فى الموضوع سمعت فيه أقوال المهندس ….. مدير المركز الذى قرر أن العطل حدث نتيجة تلف 3 منصهر وأن ذلك حدث نتيجة انخفاض وارتفاع مفاجئ للتيار الكهربائى وأنه من الطبيعى أن تحدث هذه الأمور وأن الطاعن مكلف بالوردية المسائية التى تبدأ من الساعة 3 بعد الظهر حتى نهاية البرنامج، وعند حدوث العطل لم يكن موجودا بالمركز أى مهندس من المكلفين بالوردية الصباحية أو المسائية وأن إصلاح العطل يستغرق خمسة دقائق فى حالة وجود المهندس، وقد سمعت أقوال الطاعن ومواجهته بما هو منسوب إليه فقرر أنه كان ينتظر السيارة الحكومية فى هذا اليوم ولكنها لم تحضر وعند حدوث العطل طلب من عامل الاتصال بالتليفزيون إرسال السيارة إلى منزله ولكن السيارة كانت غير موجودة وأنه رغم ذلك ذهب إلى التليفزيون بسيارة خاصة فى حوالى الساعة 4.45 كما أنه بمواجهته بأقوال سائق السيارة الحكومية من أنه يحضر يوميا إلى العمل الساعة 6 مساء قرر أن حضوره مرتبط بحضور السيارة إلى منزله وفى حالة عدم حضورها فإنه يذهب أحيانا بسيارة أجرة وفى هذا اليوم حاول الوصول بسيارة أجرة ولم يتمكن من ذلك. وخلص التحقيق إلى ثبوت واقعة تأخيره عن الذهاب إلى العمل لمدة ساعة و 45 دقيقة مما ساهم فى تأخير إصلاح العطل الذى حدث بدوائر تغذية الميكروويف وبناء عليه صدر قرار مجازاته المطعون فيه.
وقالت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن ما نسب إليه قد ثبت فى حقه باعترافه وبذلك يكون قد خرج على واجبات الوظيفة وما تفرضه عليه من الالتزام بالمواعيد المنظمة لسير العمل حسب الورديات وما تقتضيه مصلحة العمل خصوصا وأن طبيعة عمله تقتضى منه تقصى الدقة الأمر الذى يستفاد منه أن قرار مجازاته قد استخلص استخلاصا سائغا من الأوراق .
وردا على ما ذكره الطاعن فى دفاعه من عدم وصول السيارة الحكومية فى هذا اليوم لنقله إلى مقر العمل قالت المحكمة أن الأصل هو أن يتوجه العامل إلى مقر عمله بوسائله الخاصة وفى حالة توفير جهة العمل وسيلة انتقال بقصد التخفيف والتسهيل على العاملين فإن ذلك ليس معناه التخلف عن الحضور إلى العمل فى حالة عدم وصول السيارة لأنه لو أخذ بهذا الرأى لأدى ذلك إلى إخلال جسيم بحسن سير العمل بالمرافق العامة ولأصبح الأمر فوضى لا ضابط له.
كما استندت المحكمة إلى صحة ثبوت المخالفة من أقوال سائق السيارة الحكومية الذى قرر أن الطاعن اعتاد عدم الالتزام بمواعيد العمل وأنه يحضر الساعة 6 مساء بدلا من الساعة 3 بعد الظهر حسبما تقضى به التعليمات وهو ما دعاه إلى عدم المرور عليه فى هذا اليوم عند إحضاره للوردية الثانية.
وحيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لما يلى :
أولا : لأن محطات تقوية الإرسال التليفزيون تقع خارج كردون المدن وأن لائحة اتحاد العاملين بالإذاعة والتليفزيون أوجبت توفير وسائل لكل العاملين من منازلهم إلى مقر العمل بهذه المحطات لعدم وجود وسائل نقل عادية تمر على خطوط هذه المحطات كما أنه وفقا للمادة 3 من القانون رقم 137 لسنة 1981 بشأن إصدار قانون العمل المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1982 التى تنص على سريان أحكام الهباب الخامس من القانون على العاملين بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الحكم المحلى والهيئات العامة، فإنه وفقا للمادة 123 من الباب الخامس من القانون المشار إليه فإنه على من يستخدم عاملين فى أماكن لا تصل إليها وساك المواصلات العادية أن يوفر لهم وسائل الانتقال المناسبة.
وأنه لما كان الطاعن يعمل بمحطة التقوية خارج كردون مدينة أسيوط وأنه يوم حدوث العطل بتاريخ 12/11/1985 لم تمر على الطاعن السيارة الحكومية الخاصة بالتليفزيون رقم ……. حكومة قيادة السائق ……. وهذا ثابت من أقوال مدير المحطة وسائق السيارة، الأمر الذى يبين منه أن الذى حال بينه وبين الوصول إلى عمله في الميعاد أمر يرجع لجهة العمل، أما قول السائق بأن الطاعن اعتاد الذهاب إلى العمل فى أوقات متأخرة فهو قول مرسل لا دليل عليه ولم يسبق التحقيق معه فيه، كما أن ما ذكره مدير المحطة من أنه كان يجب على الطاعن المبادرة بالحضور بوسيلة نقل خاصة يتضمن مخالفة لما أوجبته الأحكام القانونية سالفة الذكر.
ثانيا : تضارب أسباب الحكم المطعون فيه مع الحكم فى الطعن رقم 149 لسنة 13 ق الصادر فى ذات اليوم الذى صدر فيه الحكم المطعون فيه وجاء به أنه كان يتعين على المهندسة الثالثة فى الوردية الأولى التى تنتهى الساعة الثالثة وهى السيدة …….. زوجة مدير المحطة ألا تغادر مقر عملها الساعة الثانية ظهرا بل كان يجب مساءلة من أصدر لها الأذن بالمغادرة مع عدم وجود أحد غيرها كما كان يجب ألا تغادر مقر عملها حتى بعد انتهائه فى الساعة الثالثة قبل أن يحضر زملاؤها بالوردية التى تبدأ فى الساعة الثالثة كما تقضى بذلك التعليمات وفى هذا ما يناقضه مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إرجاع سبب التراخى فى إصلاح العطل الذى شاب الإرسال إلى تأخر الطاعن فى الحضور إذ الثابت أن السبب هو انصراف مهندسة الوردية السابقة على وردية الطاعن.
ومن حيث إن واقعة تأخر الطاعن عن الحضور إلى مقر عمله لمدة ساعة وخمس وأربعين دقيقة ثابتة فى حق الطاعن من اعترافه الصريح فى التحقيق الذى أجرى معه فى هذا الشأن، ويبقى بيان مدى سلامة ومعقولية الأعذار التى ساقها الطاعن تبريرا لهذا التأخير بحسبان مسئولية العامل عن الانقطاع عن العمل أو التأخير عن المواعيد الرسمية المقررة لممارسته لا تقوم إذا كان هذا الانقطاع أو التأخير لأسباب لا يد للعامل فيها وأنه بذل الجهد الكافى فى سبيل الوصول إلى عمله إلا أنه حال دون ذلك أمور خارجة عن إرادته ولم يكن بوسعه التغلب عليها بالوسائل العادية المتاحة.
وحيث إن الطاعن قد ارجع سبب تأخيره فى الذهاب إلى عمله فى اليوم محل التحقيق إلى أن السيارة الحكومية المكلفة بالمرور اليومى عليه لإحضاره تخلفت عن الحضور إليه فى ذلك اليوم وأن محل العمل يقع فى منطقة نائية لا تربطها بالعمران وسائل مواصلات منتظمة وبذلك لم يتمكن من العثور علي وسيلة خاصة تحمله إلى مقر عمله إلا بعد جهد ووقت استغرق فترة التأخير، ولم تقدم جهة الإدارة ما يدحض هذا الدفاع أو ينعيه إلا ذلك القول غير السائغ من جانب قائد السيارة من أنه لم يمر على الطاعن فى ذلك اليوم لأنه دائم التأخير فالتزام السائق بالمرور اليومى على الموظفين فى المواعيد المقررة لذلك لا يعفيه منه زعمه بأن أحدهم اعتاد التأخير مما دفعه إلى عدم المرور عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد طرح بدوره هذا الدفاع من جانب الطاعن تأسيسا على أن قيام الإدارة بتوفير وسائل لنقل العاملين إلى مقر عملهم هو مجرد نوع من التيسير والتخفيف عن كاهلهم لا ينفى الأصل المقرر الذى يستلزم أن يتوجه العامل إلى مقر عمله بوسائله الخاصة.
ومن حيث إنه كان على الحكم أن يستيقن من أمرين أولهما أن قيام الإدارة بنقل الموظفين إلى محطة التقوية كان مكرمة وفضلا منها، والثانى إمكانية وصول الطاعن إلى مقر عمله بالوسائل الخاصة ش وقت معقول إذا لم تصل إليه السيارة الحكومية فى موعدها.
ومن حيث أن قيام الحكم بطرح دفاع الطاعن دون تيقن من هذين الأمرين يجعل النتيجة التى انتهى إليها الحكم غير مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها مما يفقد الحكم المطعون فيه الأساس الذى قام عليه ويجعله حقيقا بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن مدى سلامة القرار المطعون فيه فقد تبين للمحكمة أن تأخير الطاعن عن الحضور فى الميعاد المقرر كان لعذر مقبول وسائغ ولم تقدم الإدارة ما يدحضه وأن الطاعن بذل الجهد المستطاع لكى يصل إلى مقر عمله ورغم ذلك تأخر عن الوصول إليه فإنه بذلك تنتفى مسئوليته عن التأخير وعما يكون قد ترتب على هذا التأخير من مشاكل فى العمل، ذلك أن انتفاء مسئولية الموظف عن المخالفة التأديبية المنسوبة إليه يستوجب بالضرورة وبحكم اللزوم انتفاء مسئوليته عن الآثار التبعية لتلد المخالفة دون حاجة للبحث فى قيام رابطة السبب بين تلك المخالفة وبين ما ارتأته جهة الإدارة كأثر تبعى لها .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار الجزاء الموقع على الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ