طعن رقم 2514 لسنة 37 بتاريخ 24/05/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 2514 لسنة 37 بتاريخ 24/05/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد ذكى فرغلى وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم.نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

أودعت الأستاذة/ نادية عبد المنعم المحامية بصفتها وكيلة عن السيد الدكتور رئيس جامعة القاهرة في يوم الأربعاء الموافق 22/5/1991 قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2514 لسنة 37 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة منازعات الإفراد والهيئات بجلسة 7/5/1991 في الدعوى رقم 7548 لسنة 44 قضائية والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم منح المدعى الطبيب / عمرو محمد عبد الفتاح عياد بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام جامعة القاهرة بمصروفات هذا الطلب وبتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان مع إحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإيداع تقرير بالرأى القانونى فيه وطلبت جامعة القاهرة في ختام تقرير الطعن القضاء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أودع مفوض الدولة السيد الأستاذ المستشار / على رضا ملف الطعن تقريراً بالرأى القانونى إنتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطلب المستعجل مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة176/1991 والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضرها حيث حضر محامى الجامعة ومحامى المطعون ضده وقدم كل منهما مستنداته وعدة مذكرات بدفاعه كما إستمعت الدائرة إلى أقوال السيد الدكتور عميد كلية الطب والسادة الدكاترة أعضاء هيئة التدريس بها الذين قاموا بتصحيح أوراق إجابة المطعون ضده في مادتى الباطنه والجراحة، ثم قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة التى نظرته بجلسة 3/11/1991 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها وإستمعت المحكمة إلى مرافعة الدفاع عن جامعة القاهرة والدفاع عن المطعون ضده وقدم كل منهما مستنداته ومذكراته التى صمم فيها على طلباته، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعى السيد الطبيب/ عمرو محمد عبد الفتاح عياد طبيب الأمتياز بكلية طب القصر العينى بجامعة القاهرة قد أقام دعواه بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 24/9/1990 والتى إختصم فيها السيد رئيس جامعة القاهرة والسيد الدكتور عميد كلية الطب بجامعة القاهرة وطلب في ختامها الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بالإمتناع عن تمكين المدعى من الإطلاع على أوراق الامتحان التحريرى في مادتى الباطنة والجراحة، وما يترتب على ذلك من تصحيح الخطأ المادى في تعديل ترتيب الطالب إستناداً إلى هذا التقييم والإلتزام بمراتب الشرف في تحديد ترتيب الخريجين- ثانياً- في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجامعة والكلية بالمصروفات.
وأسس المدعى دعواه على أنه التحق بكلية الطب في العام الدراسى 1983 وتخرج فيها في ديسمبر 1989 وكان نجاحه في الامتحان طوال الأعوام السابقة على السنة السادسة بتقدير (ممتاز) إلا أنه حدث تغيير مفاجئ فى تقدير السنة السادسة وهى الأخير حيث هبط تقديره إلى جيد جداً وقد حصل في مادة الباطنة عن تقدير جيد، ويشمل الترحيرى والشفهى في حين أن تقديره فى الشفهى فقط ممتاز مما يعنى أنه رسب في التحريرى في هذه المادة كما أصبح ترتيبه رقم 92 بعد أن كان من الأوائل طيلة السنوات السابقة كما أخطأت الكلية في عدم الإعتداد بمرتبه الشرف في تحديد ترتيبه فى الدفعه، ولهذا السبب حاول المدعى الإطلاع على أوراق إجابته في الامتحان التحريرى في مادتى الباطنة والجراحة وسدد الرسوم المقررة إلا أن السيد الدكتور عميد الكلية بعد أن وصلته هذه الأوراق رفض إطلاع المدعى عليها الأمر الذى دعاه إلى إنذار الجامعة والكلية بإجابته إلى الإطلاع على هذه الأوراق وما يترتب على ذلك من تغيير ترتيبه في التخرج تبعاً لما يتم من تصحيح الأخطاء المادية فى الأوراق إجابة مادتى الباطنة والجراحة وكذلك طبقاً لمراتب الشرف التى حصل عليها خلال سنوات الدراسة، ومن ثم إنتهى المدعى إلى طلب الحكم بطلباته السالفة وبجلسة 7/5/1991 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم منح المدعى بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام ممتاز مع مرتبه الشرف وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جامعة القاهرة بمصروفات هذا الطلب وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان، وبإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإيداع تقرير بالرأى القانونى فيه وأسست المحكمة حكمها على أن المدعى يستهدف بدعواه الحكم بقبولها شكلاً وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بإمتناع كلية الطب بجامعة القاهرة عن منحه درجة البكالوريوس في الطب والجراحة بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف وتعديل ترتيبه بين الخريجين على ذها الأساس وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وأضافت المحكمة أن الطعن في القرارات السلبية لا يتقيد بميعاد مادامت حالة الإمتناع قائمة ومستمرة ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً. والبادى من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الطلب العاجل وفى ضوء نكول الجامعة عن الرد على المدعى وعدم تقديمها أية مستندات أن المدعى قد ألتحق بكلية الطب عام 1983 ونجح في السنوات الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة بتقدير عام ممتاز وحصل المدعى في السنة السادسة على تقدير عام جيد جداً، وطلب من الكلية تمكينه من الإطلاع على أوراق إجابته في الامتحان التحريرى لمادتى الباطنة والجراحة وسدد الرسم المقرر إلا أن الكلية لم تجبه إلى طلبه، كما لم تقدم الجامعة هذه الأوراق إلى المحكمة على مدى أربع جلسات كما لم تدلل على عدم جدية مزاعم المدعى، وبالتالى فإن القرار الطعين يكون غير قائم على سند من القانون بحسب الطاهر من الأمر، وأضافت المحكمة أن المدعى يذكر أنه حصل على تقدير ممتاز في السنوات المشار إليها وأن الكلية أخطأت ومنحته تقدير عام جيد جدا في السنة السادسة ولرفضت إطلاعه على أوراق إجابته التحريرية في مادتى الباطنة والجراحة بعد أن أطلع السيد الدكتور عميد الكلية عليها وهو ما يؤكد وقوع خطأ في ريد نتيجته في هاتين المادتين أدى إلى هبوط تقديره من ممتاز إلى جيد جداً، ومتى كان مما يظاهر المدعى في أقواله نكون الجامعة وقعدوها عن تقديم أوراق إجابته إلى المحكمة أو الرد على تلك الأقوال عزوفاً عما طلبته المحكمة مما يعد تسليماً منها بطلبات المدعى ومن ثم يغدو قرارها قد وقع مخالفاً لصحيح حكم القانون وهو ما يوجب الحكم بإلزامها بتعديل درجات المدعى على الوجه الصحيح ومنحه بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف وما يترتب على ذلك من آثار وتعديل ترتيب الخريجين ومنحهم مراتب الشرف وفقاً لحكم المادة 85 من اللائحة التنفيذية.
وعلى ذلك إنتهت محكمة القضاء الإدارى إلى القضاء بحكمها السالف.
ومن حيث إلى مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الأتية: أولاً – أن المدعى طلب تمكينه من الإطلاع على أوراق إجابته في مادتى الباطنة والجراحة وتصحيح الخطأ المادى فقط إذا وجد إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بما لم يطلبه الخصوم حينما إنتهى إلى منح المدعى تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.
ثانياً: أن نظام العمل يجرى في جميع الكليات على أن الطالب المتظلم يتقدم بتظلمه خلال خمسة عشر يوماً من إعلان النتيجة فيشكل عميد الكلية لجنة من الأساتذة للتأكد من عدم وجود خطأ مادى في رصد الدرجات، وفى حالة وجود هذا الخطأ يصحح ويخطر الطالب بذلك دون أن يتاح له الإطلاع بنفسه على الأوراق وإلا لأصبح الأمر فوضى، وهذا ما حدث بالنسبة لحالة المدعى الذى تظلم فعوض تظلمه على اللجنة المشكلة لبحث تظلمات الطلبة فلم تجد أى خطأ في الأوراق.
ثالثا:- أن الحكم المطعون فيه أخطأ أيضاً حينما نصب نفسه محل الجهة الإدارية المنوط بها تقدير الدرجات التى يستحقها المدعى في الامتحان تقديراً فنياً وهى الجهة المختصة بذلك وهى التى وضعت التقدير الذى يستحقه في لامتحان إلا أن الحكم المطعون فيه أحل نفسه محلها ومنح المدعى التقدير الذى إنتهى إليه رغم أن حصول الطالب على تقدير ممتاز في السنوات السابقة على السنة النهائية لا يعنى بالضرورة حصوله على ذات التقدير في السنة الأخيرة وإلا لما كانت هناك حاجة لامتحانه فيها.
من حيث أن الطعن الماثل ينحصر فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الشق المستعجل من الخصومة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وقد إستقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن سلطة وقف تنفيذ القرار الإدارى مشتقه من سلطة الإلغاء وفرع منها ومردودها إلى مبدأ سيادة القانون والذى يقوم عليه نظام الحكم في الدولة وتخضع له السلطات الإدارية والىذ نصت عليه أحكام المادة (64) والمادة (65) من الدستور كأصل دستورى أساسى إنبنى عليه حظر تحصين أى قرار أو تصرف إدارى من رقابة القضاء من جهة (م67) وأقام مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة تختص بالمنازعات الإدارية بحسب ما قضت به صراحة المادة (172) من الدستور من ناحية أخرى ليتولى بواسطة محاكم المنازعات الإدارية الرقابة القانونية وزناً مناطه مبدأ المشروعية وسيادة القانون فيجب على القضاء الإدارى إلا يحكم بوقف تنفيذ أى قرار إدارى إلا إذا تبين له حسب الظاهر من الأوراق أن طلب وقف تنفيذ هذا القرار بقوم على ركنين معاً الأول ركن الإستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها والثانى ركن الجدية وهو متصل بمبدأ المشروعية بأن يكون إدعاء الطالب بعد مشروعية القرار قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية وكلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة القاضى الإدارى وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد إستقر بمراعاة القواعد الأساسية السالف بيانها وتحقيقها للشرعية وسيادة القانون على أن الطعن يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمام هذه المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون والمشروعية وزنا مناطه إستظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التى تعينه مما نص عليه في قانون مجلس الدولة فتلغيه وتنزل بذلك حكم القانون على المنازعة ما دامت مهيأة للفصل في موضوعها على الوجه الصحيح مادام المراد هو مبدأ الشرعية نزولاً على سيادة أحكام القانون في روابط القانون الإدارى التى تختلف في طبيعتها عن روابط القانونين: المدنى والتجارى.
ومن حيث إن المادة 172 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49/1972 تنص على أن تمنح الجامعات الخاضعة لأحكام هذا القانون بناء على طلب مجالس كلياتها الدرجات العلمية والدبلومات المبينة في اللائحة التنفيذية ولا يمنح تلك الدرجات والدبلومات إلا من أدى بنجاح الامتحانات المقررة للحصول عليها وفق أحكام للائحة التنفيذية لهذا القانون وأحكام اللائحة الداخلية للكليات والمعاهد ونصت المادة 173 من هذا القانون على أن يشترط لنجاح الطالب في الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله وفقاً لأحكام اللائحة التنفيذية وأحكام اللوائح الداخلية، وقد نصت المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على أن يقدر نجاح الطالب في درجة الليسانس أو البكالوريوس بأحد التقديرات الأتية: ممتاز مع مرتبة الشرف- جيد جداً مع مرتية الشرف- ممتاز- جيد جداً- جيد- مقبول.
ومن حيث إن قضاء المحكمة قد جرى على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإدارى على القرارات الإدارية هى رقابة مشروعية يسلطها على القرار المطعون فيه على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية فيلغيها أو يوقف تنفيذها حينما يتبين صدورها بالمخالفة لأحكام القانون إو انحرافها عن الغاية الوحيدة التى حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات جهة الإداره وهى تحقيق المصلحة العامة ومن المقرر وفق قضاء هذه المحكمة المستقر أن القضاء الإدارى وهو يباشر رقابة الإلغاء ووقف التنفيذ على القرارات الإدارية المطعون فيها فإنه لا يحل نفسه محل الجهة الإدارية في أداء اختصاصاتها وواجباتها المنصوص عليها في القانون أو في مباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة المخول لها طبقاً للدستور والقانون، ذلك أن سيادة القانون هى أساس الحكم في الدولة طبقاً للمادة 64 من الدستور كما أنه تخضع الدولة للقانون وتحقيقاً لذلك فقد نص الدستور على أن إستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات طبقاً للمادة 65 منه وقد أناطت المادة 137 من الدستور برئيس الجمهورية رئاسة السلطة التنفيذية وممارستها على الوجه المبين في الدستور، ونظمت المواد (153-160) مباشرة الحكومة والوزراء وأعضاء السلطة التنفيذية لواجباتهم وإختصاصاتهم في خدمة المصالح العامة للشعب ونصت المادة 165 على أن السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على إختلاف أنواعها وأكدت المادة 166 من الدستور إستقلال القضاء كما نصت المادة 172 على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية.
ومن حيث أنه بالبناء على ما سبق فإن محاكم مجلس الدولة تباشر متمتعة بالإستقلال الكامل الرقابة على مشروعية قرارات السلطة التنفيذية بفروعها وهيئاتها جميعاً إلا أنها لا تحل نفسها محل السلطة التنفيذية في أداء إختصاصاتها وواجباتها ومسؤلياتها المحددة في الدستور والقانون، وفى خصوصية الطعن على نتائج امتحانات طلبة الجامعات فإن رقابة القضاء الإدارى على قرار إعلان نتيجة الامتحان للطالب تمتد إلى مدى مشروعية هذا القرار ومطابقته للقانون واللوائح وقيامه على السبب المبرر له قانوناً وهو يتمثل في أداء الطالب للامتحان وحقه في أن تصحح كافة إجاباته وأن يعطى عنها الدرجة المقررة لها وأن تكون محصلة هذه الدرجة صحيحة في رصدها وجمعها وأن يكون التقدير النهائى الحاصل عليه الطالب متفقاً مع ما ورد في قوانين تنظيم الجامعات واللوائح التنفيذية والداخلية إلا أن هذه الرقابة القضائية لا تمتد إلى تقدير مدى صحة الإجابة في حد ذاتها أو مقدار الدرجة المستحقة عن تلك الإجابة باعتبار أن هذا التقدير الفنى هو من صميم عمل الجامعة وأعضاء هيئة التدريس فيها بما يتمتعون به من تأهيل وصلاحيات علمية وفنية رفيعة المستوى ومالهم من قدر علمى ومركز أدبى رفيع المستوى وبالغ السمو يجعل تقديرهم الفنى لما تستحقه إجابة الطالب من درجات هو تقدير فنى نهائى يقدره الأستاذ المصحح بضميره العلمى وهو يؤدى رسالته السامية في خدمة وطنه وهذا غير قابل للتعقيب عيه، مالم يثبت أن هذه السلطة العلمية والفنية التقديرية الواسعة المخولة للأستاذ الجامعى في هذا الشأن قد فقدت الاعتبارات الأساسية التى تقوم عليها بأن شابها عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهو ما يؤدى إلى سقوطها من علوها وقابليتها للإلغاء والإبطال ومن حيث إنه على هدى المبادئ العامة السالف ذكرها وبناء على أن المبادئ من ظاهر الأوراق والمستندات المودعة بملف الطعن وبالقدر اللازم للفصل في الشق المستعجل من الخصومة والمتعلق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أن المدعى قد تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة في دور ديسمبر عام 1989 وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف بمجموع كلى 1605 درجة من الحد الأقصى ومقدار 1950 درجة ويقدر ذلك طبقاً للقواعد المقرة في الامتحان بكلية الطب جامعة القاهرة بتقدير عام جيد جداً، باعتبار أن تقدير ممتاز يمنح للطالب الحاصل على 85% فأكثر من الحد الأقصى المشار إليه كما نال هذا الطالب مرتبة الشرف كنتيجة لتقديراته في امتحان السنوات السابقة على امتحان البكالوريوس.
ومن حيث أن البادى من ظاهر الأوراق أيضاً وخاصة أوراق إجابة المدعى التحريرية في امتحانات مادتى الباطنة والجراحة التى قدمتها جامعة القاهرة أثناء نظر الطعن أمام هذه المحكمة- أنه قد حصل في مادة الجراحة في الورقة الأولى على 68 درجة من 100 درجة وفى الورقة الثانية على 63 درجة من 100 درجة وفى مادة الباطنة في الورقة الأولى على 46 من 100 درجة وفى الورقة الثانية على 55 درجة من 100 درجة والبادى من أوراق الإجابة التحريرية المشار إليها أن إجابات المدعى كلها قد صححت ومنح عنها الدرجة التى قدرها الأستاذ المصحح وقد لاحظت المحكمة أن إجابة السؤال الثالث في الكراسة الأولى لمادة الجراحة أعطيت عنه الدرجة على غلاف ورقة الإجابة في الجزء المسمى (بالمرآة) مقترنة بتوقيع الأستاذ المصحح دون أن تثبت هذه الدرجة داخل الكراسة بخلاف سائر الإجابات بكراسات المادتين المذكورتين فقد أثبتت الدرجات المعطاة عنها داخل الكراسة وخارجها على غلاف (بالمرآة) كما لاحظت المحكمة أن بعض الدرجات المعطاة بالكراسة الأولى لمادة الباطنة قد كتبت بالقلم الرصاص داخل الكراسة ثم أثبتت على غلاف الكراسة (بالمرآة) بالقلم الحبر الجاف ومهر الغلاف بتوقيع الأساتذة من أسف ويبدو بذلك أن جميع الأجابات الواردة بالكراسات قد منح الطالب عنها الدرجات التى قدرها الأساتذة المصححون وأن جميع الدرجات الممنوحة للطالب أثبتت بالقلم الحبر الجاف على غلاف كل كراسة إجابة في المرآة ومهرت جميعها بتوقيع الأساتذة، كما تبين أيضاً أن جمع ورصد كافة الدرجات الحاصل عليها الطالب من إجاباته جاء جمعاً ورصداً صحيحاً.
ومن حيث أن الثابت كذلك أن دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا إستدعت بجلستها المعقودة بتاريخ 30/9/1991 الأساتذة المصححين لإجابات المدعى التحريرية في مادتى الجراحة والباطنة فحضروا جميعهم عدا الأستاذ الدكتور محمد سعد الدين حافظ مصحح إجابة السؤال الخامس والسؤال السادس بالكراسة الثانية لمادة الجراحة والذى أشار عميد الكلية إلى أنه معار للخارج وقد قررت جميع الأساتذة أنهم هو الذين قاموا بتصحيح إجابات المدعى ووضعوا الدرجات المستحقة له الواردة بكراسات الإجابة التحريرية ووقعوا على غلاف كل كراسة بالدرجات المعطاة للطالب والى رأوا إستحقاقه لها.
ومن حيث إنه على مقتضى الأصول العامة السالف بيانها والتى يجب أن تجرى عليها رقابة القضاء الإدارى على قرارات إعلان نتيجة امتحانات الطلاب فإن الطاعن التى يوجهها المدعى إلى الدرجات الحاصل عليها في إجاباته التحريرية في مادتى الباطنة والجراحة لا تقوم على سند صحيح من القانون أو الواقع ولا ترقى إلى مرتبة العيوب المؤدية إلى عدم مشروعيته القرار المطعون فيه وذلك بحسب الظاهر من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق المستعجل من الدعوى، ودون مساس بأصل الإلغاء وذلك لأنه قد أستبان من التحقيق الذى أجرته دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا والذى استوضحت فيه جميع الأساتذة المصححين لإجابات الطالب المذكور عدا أحدهم الموجود في إعارة بخارج البلاد أن هؤلاء الأساتذة هم الذين قاموا بتصحيح ووضع الدرجات المثبتة بأوراق وكراسات الإجابة التحريرية المشار إليها ووقعوا بإمضاءاتهم على غلاف الكراسة قرين الدرجات المعطاة للطالب، ومن ثم يكون بذلك ما أثاره المدعى من حصول عبث بدرجاته بهذه الكراسات هو إدعاء غير صحيح، ويؤكد ذلك ما ذكره هؤلاء الأساتذة من أن تلك هى الدرجات ذاتها التى قرروها لإجابات الطالب المذكور دون عبث فيها كما أنه قد أطلعت هذه المحكمة على هذه الكراسات بعد ضمها لملف الطعن فلم تجد في ظاهرها ما يؤدى إلى التدليل على ثبوت حصول هذا العبث أو حدوث أى انحراف أو إساءة لاستعمال السلطة في هذا الصدد ومن ثم يكون ما أثاره المدعى من أن تصحيح إجاباته التحريرية مشوب بالانحراف غير مستند أيضاً لأساس صحيح تظاهره الأوراق ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما سبق فإن بعض الدرجات الممنوحة في داخل الكراسة بالقلم الرصاص وهى بالتحديد فى الكراسة الأولى لمادة الباطنة قد تبين للمحكمة أن المصححين قد أثبتوها ذاتها بالقلم الحبر الجاف بغلاف الكراسة بالمرآة كما مهرت هذه الدرجات بتوقيع الأساتذة عليها وهو الأمر الذى تطمئن إليه المحكمة بحسب ظاهر هذه المستندات على أن الدرجات الواردة بالغلاف هى المقررة فعلاً بواسطة الأساتذة المصححين الأمر الذى يجعل وضع هذه الدرجات بمنأى عن أى مطعن عليها وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة للسؤال الثالث في الكراسة الأولى لمادة الجراحة الذى أعطيت عنه الدرجة بغلاف الكراسة بالمرآه دون إثباتها داخل الكراسة فذلك لا يؤدى بذاته وحده إلى بطلان تصحيح هذه الورقة أو بطلان الدرجة المعطاة للطالب فيها مادام أن الثابت أن الأستاذ المصحح هو الذى قدر هذه الدرجة للطالب فعلاً وهو الذى رصدها له عن إجابته المذكورة، وهو ما اقر به هذا الأستاذ عند سؤاله أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا. كما أنه لا حجة في القول بأن ذلك قد يكون مخالفاً للتعليمات الإدارية المنظمة لتصحيح أوراق الإجابة ذلك أنه مردود على هذا القول بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على التمييز بين الشكليات الجوهرية والشكليات الثانوية في القرارات الإدارية فقواعد الشكل في إصدار القرار الإدارى ليست كأصل عام هدفاً في ذاتها أو طقوساً لا منوحة من إتباعها مما يرتب البطلان الحتمى للقرار والتصرف الإدارى وإنما هى إجراءات تستهدف تنظيم العمل وتحقيق الضمانات التى تكفل المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء ويتعين حتماً عند أية مخالفة لتلك الإجراءات أن يتم التمييز بين الشكليات الجوهرية التى تنال من تلك المصلحة وغيرها من الشكليات الثانوية فلا يبطل القرار لعيب شكلى إلا إذا نص القانون على البطلان عند إغفال الإجراء أو كان الإجراء جوهرياً في ذاته يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التى عنى القانون بضمانها وبتأمينها للدولة أو للأفراد على سواء وإذا ما حدث خلل أو مخالفة للإجراءات الشكلية فإنه لا يرتب عيب البطلان إذا ما تحققت رغم مخالفة الغاية والحكمة التى قصد المشرع تحقيقها من الإجراء الشكلى الذى نص عليه وبهذه المثابة فإن المثالب الشكلية التى إستند إليها المدعى ليعيب تصحيح إجاباته هى في واقع الأمر من قبيل الشكليات الثانوية التى لا يؤدى إغفالها إلى بطلان عملية التصحيح ذاتها مادامت أنها لا تؤثر في حقيقة كون أن إجاباته جميعاً قد تم تصحيحها وأعطيت عنها الدرجات التى قدر المصححون إستحقاقه لها، وتم رصد هذه الدرجات وجمعها على وجه صححيح، وخلت عملية التصحيح بحسب ظاهر الأوراق من أى أمر يدعو للإعتقاد بأنه قد شابها إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهو الأمر الذى لا مناص معه من الإنتهاء إلى سلامة وصحة عملية التصحيح المشار إليها، وصحة النتيجة التى أعلنتها الجامعة عن امتحان الطالب المذكور ولا يجدى المدعى بعد ذلك مجادلته في صحة تقدير الدرجات التى يستحقها أو بأنه كان يستحق أكثر من الدرجات في نطاق السلطة التقديرية العلمية والفنية الواسعة المخولة لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات بواسطة القوانين المنظمة للجامعات واللوائح التنفيذية التى درجت على النص على أنه يشترط لنجاح الطالب أن ترضى لجنة الامتحان عن فهمه وتحصيله وهو ما نصت عليه المادة 173 من القانون رقم 49/1972 بشأن تنظيم الجامعات، ومن ثم فلا يجوز الحلول محل الجامعة وهى الجهة الإدارية المنوط بها تقدير الدرجة المستحقة للطالب في هذا الشأن وفق ما أستقر عليه قضاء هذه المحكمة حسبما سلف البيان.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وكان قد قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه إستناداً إلى نكول الجهة الإدارية عن تقديم دفاعها ومستنداتها وأوراق إجابة الطالب المشار إليها رغم تكليفها بذلك فإنه وقد قدمت الجهة الإدارية للمحكمة كافة المستندات اللازمة للفصل فيه وأبدت دفاعها فيها، فقد انتفت القرينة التى قام عليها.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم ينقل النزاع برمته إلى هذه المحكمة لتقضى فيه وفق أحكام الدستور والقانون نزولاً على مبدأ سيادة أحكام القانون في رابطة هى من روابط القانون العام: حكم محكمة القضاء الإدارى المطعون فيه وأصبح لا مناص من تنحيته وإنزال حكم القانون على الواقعة على وجه صحيح يتفق مع ما هو مستخلص من الأوراق والمستندات المودعة ملف الطعن ومع ما هو مستقر من الأصول العامة والمبادئ القانونية الصحيحة فى هذا الشأن وملا كان القرار المطعون فيه والمتمثل في إعلان نتيجة المدعى وحصوله على تقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف في بكالوريوس الطب والجراحة قد جاء بحسب ظاهر الأوراق مبرءا من أى عيب من عيوب عدم المشروعية وقد استخلص من أصول ثابتة في الأوراق مؤدية إليه من حيث الواقع والقانون، وكانت المطاعن التى وجهها المدعى إلى هذا القرار توصلاً للحصول على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف غير مستندة لأساس صحيح فإنه لا مناص من القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض وقف تنفيذ هذا القرار لعدم استناد هذا الطلب على أساس قانونى جدى وصحيح مع إلزام المدعى المطعون ضده بالمصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ