طعن رقم 2597 لسنة 34 بتاريخ 27/11/1994 الدائرة الأولي
طعن رقم 2597 لسنة 34 بتاريخ 27/11/1994 الدائرة الأولي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد وعادل محمود فرغلى.وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 6 من يوليو 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 12/5/1988 فى الدعوى رقم 5400 لسنة 38ق والذى قضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون فى ختام تقرير الطعن – الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بعدم قبول دعوى المطعون ضدهم لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للطاعنين من الثالث حتى الأخير، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وقد عينت جلسة 3/1/1994 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى تداولت نظره على النحو المبين بمحاضرات الجلسات، إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 29/5/1994 وتداولت المحكمة نظره إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة 27/11/1994وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعات تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1825 لسنة 1983 أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى 16/4/1983 طلبوا فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة أصلياً بعدم الاعتداد بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 1983 واعتباره كأن لم يكن، وعدم الاعتداد بقرار طرح عملية بيع وهدم مبانى العقارين الموضحين بالصحيفة فى مزايدة وبطلان جميع إجراءات المزايدة والترسية، وتمكنيهم من تسلم المبانى المذكورة لهدمها بمعرفتهم واحتياطياً عدم الاعتداد بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 1983 فيما تضمنه من الإستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض الفضاء الواقعة بالقطعة رقم 31 شارع إسماعيل كامل بحلوان وعدم الاعتداد بقرار طرح عملية بيع وهدم مبانى العقارين رقمى 31، 40 بالشارع المذكور وبطلان إجراءات المزايدة والترسية. وقال المدعون (المطعون ضدهم) شرحاً لدعواهم أنهم بموجب عقد شراء مسجل برقم 11057 لسنة 1977 حلوان، وحكم بصحة ونفاذ عقد شراء مسجلة صحيفته برقم 3713 لسنة 1979 حلوان، اشتروا كامل أرض وبناء العقارين المذكورين بالصحيفة وهما عبارة عن مبانى متفرقة مقامة على القطعة رقم 40 البالغ مسطحها عشرة آلاف متر مربع، والقطعة رقم 31 مسطحها عشرة آلاف متر مربع أيضاً، وكانت وزارة التربية والتعليم تستأجر تلك المبانى التى تشغلها مدرسة الصناعية الثانوية (قطعة رقم40) ومدرسة التجارة الثانوية للبنات (قطع رقم31).
وأضاف المدعون أن بعض المفسدين بوزارة التربية والتعليم ومحافظة القاهرة سولت لهم أنفسهم الاعتداء على ملكية المدعين فعرضوا على السلطة الإدارية المختصة وقائع مزورة بقصد نزع ملكية العقارين المذكورين للمنفعة العامة، وقد تم لهم ما أرادوا وصدر قرار مجلس الوزراء رقم 57لسنة 1983 باعتبار مشروع مدرستى الصناعية والتجارة الثانوية الواقعتين بالقطعتين المشار إليها سلفاً من أعمال المنفعة العامة ويستولى بطريق التنفيذ المباشر على العقارين سالفى الذكر، وقد بينت المذكرة الإيضاحية المرافقة للقرار على أسباب غير صحيحة ومنها أن ملاك العقارين أنذروا المديرية التعليمية بمحافظة القاهرة بإخلاء العقارين وهو ما ينجم عنه تشريد العديد من الطلاب، فى حين أن ذلك لم يحدث من الملاك خاصة أن الوزارة مستأجر للعقارين وتتمتع بامتداد عقد الإيجار.
واستطرد المدعون قائلين أنه بالرغم من عدم صدروا قرار بنزع الملكية لأن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 1983 صدر بتقرير المنفعة العامة وليس له أى أثر ناقل للملكية إلا أن المديرية التعليمية المختصة قررت طرح عملية هدم مبانى المدرستين فى مزايدة صورية أعلنت عنها فى 24/3/1983 وحددت لها 4/4/1983 وليس من شك فى أن عملية هدم مبانى المدرستين فى مزايدة صورية أعلنت عنها فى 24/3/1983 وحددت لها 4/4/1983 وليس من شك فى أن عملية هدم وبيع أنقاض المدرستين يعرض المدعين لأضرار مالية جسيمة وتنطوى على اعتداء صارخ على ملكيتهم الخاصة التى يحميها الدستور والقانون، وهو ما يبرر للمدعين طلب عدم الاعتداد بسائر هذه الاجراءات، كما أنهم أقاموا الدعوى رقم 1811 لسنة 83 بطلب إثبات حالة ومشتملات العقارين.
وبجلسة 2/4/1984 قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، والتى وردت إليها الدعوى وقيدت برقم5409 لسنة 38ق.
وعقبت هيئة قضايا الدولة على الدعوى فأودعت حافظة مستندات ومذكرة بدفاعها استعرضت فى بدايتها بعض نصوص مواد القرار بقانون رقم 252 لسنة 1960، والقانون رقم 577 لسنة 1954 واستخلصت من ذلك أنه يكفى أن يصدر قرار بالمنفعة العامة وأن تستولى الجهة الإدارية على العقار المراد نزع ملكيته ووضعت يدها عليه بالفعل دون حاجة لاتخاذ إجراءات نزع الملكية، وأنه بتطبيق ذلك على الوقائع الماثلة – تستطرد هيئة قضايا الدولة – يبين أن وزارة التربية والتعليم تضع يدها فعلاً على العقارين محل النزاع وتشغلهما بالطلاب وأنهما فى حوزتها وصدر قرار باعتبارها منفعة عامة ومن ثم فلا حاجة لجهة الإدارة لاتخاذ إجراءات نزع الملكية.
واستطردت هيئة قضايا الدولة قائلة أنه غير صحيح ما أورده المدعون من أن سبب القرار المطعون فيه هو توجيه إنذار بالإخلاء من المدعين لمديرية التربية والتعليم وغاية الأمر أن الإشارة إلى الإنذار فى المذكرة الإيضاحية لقرار المنفعة العامة جاء على سبيل حث جهة الإدارة بالإسراع فى إصدار القرار خاصة وأن ثمة خشية قائمة بالفعل تتمثل فى وجود حكم قضائى بإخلاء مديرية التربية والتعليم من العقارين محل النزاع، وأن السبب الجوهرى لقرار المنفعة العامة يتمثل فى رغبة وزارة التربية والتعليم فى توسيع المدرستين وإعادة بناءهما بما يتناسب مع زيادة عدد الطلاب المضطردة خاصة وأن العقارين المشار إليهما تم بناؤها منذ القدم وهما غير معدين أصلاً لأن يكونا دور تعليم.
وأضافت مذكرة الدفاع أن موقع المشروع الذى تتقرر له المنفعة العامة من اللاءمات التى تنفرد بها جهة الإدارة وتخضع لسلطتها التقديرية طالما خلا القرار المطعون فيه صدر بقصد تحقيق النفع العام على عكس ما يذهب إليه المدعون من أنه صدر بغية التخلص من التزام وزارة التربية وتنفيذ حكم الإخلاء إذ أن ذلك زعم لا أساس له من الواقع والقانون لأن قدم العقارين وتساقط جدرانهما فضلاً عن ضيقهما وعدم استيعابهما لاستقبال العدد المتزايدة من الطلاب كل ذلك يدل على أن القرار صدر ولم يكن له هدف سوى تحقيق النفع العام، وأن المدعين سوف يحصلون على تعويض مناسب لقيمة الأرض وما عليها من منشآت.
وخلصت مذكرة هيئة قضايا الدولة إلى أن القراران المطعون فيهما صدرا وفقا للقانون وقد استوفيا أركانهما وشرائطهما القانونية وتضحى دعوى المدعين غير قائمة على سند صحيح من القانون.
من حيث انه بجلسة 12/5/1988 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه الذى قضى بالغاء القرار المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها – بادئ ذى بدء – على أن التكييف الحقيقى لطلبات المدعين هو طلب الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 1983 فيما تضمنه من اعتبار مشروعى مدرسة الصناعات الثانوية ومدرسة التجارة الثانوية للبنات بحلوان محافظة القاهرة من أعمال المنفعة العامة والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على هذين العقارين مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلغاء قرار طرح عملية هدم مبانى المدرستين بطريق المزايدة، واستطردت المحكمة قائلة أن وزارة التربية والتعليم تضع يدها فعلاً على هذين العقارين وتستغلهما كمدرستين الأمر الذى تنتفى معه العلة من تقرير صفة النفع العام والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر طالما أن الغرض الذى تهدف إليه الجهة الإدارية متحقق فعلاً بطريق التعاقد بالإيجار خاصة وأن ما تزعمه جهة الإدارة من أن ملاك العقارين أنذروها بالآخلاء مما يؤدى إلى تشريد آلاف الطلاب هو أمر لم يقم عليه دليل من الأوراق، ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تلجأ إلى إصدار القرارات الإدارية أو تنفيذها بالطريق المباشر تحايلاً وتهرباً من تنفيذ أحكام قضائية ضدها إذ الثابت من الأوراق أن حكماً صدر بإخلاء مبانى العقارين محل النزاع وتأيد هذا الحكم استئنافياً مما ينبئ عن أن الجهة الإدارية قصدت بإصدارها للقرار المطعون فيه تعطيل تنفيذ الحكم عند رغبة المدعين فى تنفيذه.
وأضافت المحكمة أنه ولئن كانت للجهة الإدارية سلطة تقديرية فى اختيار موقع العقار الذى تقرر نزع ملكيته للمنفعة العامة، إلا أن ذلك مقيد بتوخى المصلحة العامة وعدم إساءة استعمال السلطة، وفى الحالة الماثلة فإن الجهة الإدارية كان يمكنها أن تحصل على ما تريده من أراضى الدولة الموجودة بمنطقة حلوان أو بالشراء من الأفراد دون حاجة إلى المساس بالملكية الخاصة للمدعين.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك لأنه قضى ضمناً بقبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم من الثالث حتى الأخير حال كونهم غير ذوى صفة، لأن القاعدة فى اختصام القرارات الإدارية هى توجيه الخصومة إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو من يمثلها مما يجعل الدفع المشار إليه يقوم على أساس من القانون وفى الموضوع أضافت هيئة قضايا الدولة قائلة أن وزارة التربية والتعليم كانت تضع يدها على العقارين محل النزاع بطريق الإيجار وتستغلها كمدرستين إحداهما مدرسة الصناعات الثانوية، والأخرى المدرسة التجارية للبنات، إلا أن مالكة العقارين استصدرت حكماً بطرد الوزارة من العقارين المشار إليهما من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، وتأيد استئنافيا بجلسة 28/6/1978 وقام المطعون ضدهم بإنذار وزارة التربية والتعليم بإخلاء المبنى تنفيذاً لهذا الحكم، ولما كان منطقة حلوان من المناطق المزدحمة بالسكان، وكان مقتضى قيام المطعون ضدهم بتنفيذ حكم الطرد هو تشريد آلاف الطلبة من أبناء المنطقة لأنه من المستحيل على الوزارة إيجاد بديل عن العقارين، وترتيباً على ما تقدم صدر القرار المطعون فيه مستهدفاً استمرار المرفق التعليمى فى أداء رسالته التعليمية نحو أبناء منطقة حلوان، وأن هذه الغاية المستهدفة من القرار تحقق المصلحة العامة.
واستطردت هيئة قضايا الدولة قائلة أن اختيار المكان اللازم للمشروع أمر تقديرى للادارة وليس للمحكمة أن تعقب على هذا الاختيار، من الناحية الموضوعية.
وخلصت هيئة قضايا الدولة إلى أن الحكم المطعون جاء متناقضاً إذ ذهب فى بادئ الأمر إلى عدم مشروعية القرار المطعون فيه لكون الإدارة تضع يدها على العقارين موضوع الطعن الماثل مما يجعل العلة من صدور القرار المطعون فيه منتفية، عاد الحكم وقرر عدم مشروعية القرار لصدور حكم قضائى بطرد وزارة التربية والتعليم ومن العقارين وهو ما يعنى أو وضع يد الوزارة على العقارين غير مستقر، ولما كان ذلك يكون الحكم المطعون فيه مجافياً للصواب حرياً بالإلغاء.
ومن حيث انه عن الدفع بعد قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للطاعنين من الثالث وحتى الأخير، فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مثل هذا الدفع يجوز إبداؤه فى أية حالة تكون عليها الدعوى حتى لو كان أمام المحكمة الإدارية العليا، ومن وجه آخر فإن الأصل فى الاختصاص فى الدعوى الإدارية أن توجه الدعوى ضد الجهة التى أصدرت القرار الإدارى المطعون فيه وضد من يمثلها قانوناً بحسبان أن هذه الجهة هى الأدرى بمضمون القرار وأعرف بالأسباب التى أدت إلى إصداره، ولئن كان ذلك إلا أنه من ناحية أخرى فإن وزارة التربية والتعليم كانت قد أصدرت قراراً بهدم مبنى المدرستين كأثر من آثار القرار المطعون فيه، وبالتالى فإن اختصام محافظ القاهرة بصفته رئيساً لجميع الأجهزة بدائرة محافظته وممثلاً قانونيا لها، واختصام وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة ليصدر الحكم فى مواجهتها يكون اختصاما لذى صفة.
ومن حيث ان المادة الأولى من القانون رقم 577 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 252لسنة 1960 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تنص على أن يكون تقرير صفة المنفعة العامة أو التصريح للجهة المستلمة عن وجود نفع عام بالنسبة للعقارات المراد نزع ملكيتها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية.
وتنص المادة الثالثة من ذات القانون على أن يكون الاستيلاء على اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها بقرار من رئيس الجمهورية.
ومن حيث انه كان قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 30 لسنة 1982 بتفويض رئيس مجلس الوزراء فى بعض الاختصاصات ومنها اصدار القرارات الخاصة بتقرير صفة المنفعة العامة للعقارات المراد نزع ملكيتها للمنفعة العامة وكذلك قرارات الاستيلاء على هذه العقارات، وبناء على هذا التفويض أصدر رئيس مجلس الوزراء قراره رقم 75 لسنة 1983، والذى ينص على أن يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروعا مدرسة الصناعات الثانوية ومدرسة التجارة الثانوية للبنات الواقعان بالعقارين رقمى 31، 40 شارع اسماعيل كامل بحلوان بمحافظة القاهرة، وأن يستولى بطريق التنفيذ المباشر على العقارين المشار إليهما والبالغ مساحة كل منهما 10000 (عشرة آلاف متر مربع) والمبين موقعهما وحدودهما وأسماء ملاكهما بالكشف والرسم الهندسى والمذكرة المرفقة.
ومن حيث ان مناط الفصل فى مدى مشروعية قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 1983 باعتبار مشروعا مدرسة الصناعات الثانوية ومدرسة التجارة الثانوية للبنات بحلوان من أعمال المنفعة العامة والواقعان بالعقارين المشار إليهما سلفا والمملوكين للمطعون ضدهم، هو بتوافر أركان قيامه صحيحا على النحو الذى حدده القانون رقم 577 لسنة 1954 والقوانين المعدلة له.
ومن حيث ان حق الملكية الخاصة من الحقوق الفردية الأساسية التى حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة على النص على حمايتها وعلى أن الملكية الخاصة مضمونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى وأنه لا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض ومن وجه آخر فان المشرع فى القانون رقم 577 لسنة 1954 الذى أجاز نزع الملكية حرص على أن يحيط نزع الملكية للمنفعة العامة بسياج من الإجراءات القانونية الجوهرية التى تكفل تحقيق الغرض من نزع الملكية بحسبان طريقا استثنائيا لا يجوز اللجوء إليه إلا حيث لا يمكن تحقيق الغرض من المشروع بغير هذا السبيل فان أمكن تحقيقه بالوسائل المعتادة مثل التعاقد إيجاراً أو بيعاً فإن تلك الوسائل تكون هى الواجبة الاتباع.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم تملكوا العقارين محل النزاع بطريق الشراء الذى تم بموجب عقد مسجل برقم 11057 لسنة 1977 والذى حكم بصحبته ونفاذه فى عام 1979 بحلوان والمبين فيه أن المطعون ضدهم اشتروا من المالكة أرض وبناء العقارين المشار إليهما سلفا وأن المبانى المقامة عليهما تستأجرها وزارة التربية والتعليم منذ زمن طويل وتشغل مبانى أحد العقارين مدرسة الصناعات الثانوية ومبانى العقار الآخر تشغله مدرسة التجارة الثانوية للبنات.
ومن حيث ان المالكة السابقة للعقارين المشار إليهما كانت قد حصلت على حكم قضائى نهائى بإخلاء وزارة التربية والتعليم من العقارين المذكورين، وليس من شك فى أن الإخلاء من شأنه أن يهدد العملية التعليمية بالخطر إذ ينجم عنه – حسبما أوضحت المذكرة الايضاحية للقرار المطعون فيه – تشريد الطلاب الملحقين بهاتين المدرستين ومن ثم فإنه لا يكون ثمة تسريب على جهة الإدارة إن هى استشعرت ما يهدد بقاء المدرستين واستقرارهما بعين النزاع بأن تقوم بناء على ذلك باتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بضمان استمرار العملية التعليمية على الأرض المستولى عليها ولا ينال من ذلك ما جاء بدفاع المطعون ضدهم وهو الذى اعتنقه الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضدهم لم يسلكوا سبيل تنفيذ الحكم النهائى الصادر بإخلاء المدرستين من العقارين المشار إليهما وتم صدوره عام 1978 وأن وزارة التربية والتعليم ظلت تشغل العقارين وظلت العملية التعليمية فى المدرستين مستمرة، ذلك أن صدور حكم نهائى بالإخلاء من شأنه أن يرسى اليقين لدى الجهة الإدارية أنه يمكن لمن صدر لصالحهم الحكم المشار إليه من تنفيذه فى أى وقت، لذلك سارعت إلى إصدار القرار المطعون فيه.
ومن حيث أنه ليس صحيحا ولا صائبا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار المطعون فيه قام على سبب غير صحيح مستندا فى ذلك إلى ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للقرار المشار إليه من أن ملاك العقارين أنذروا مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة بإخلاء العقارين مما ينجم عنه تشريد الطلاب بعد إغلاق المدرستين، وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق، ذلك أن ما أوردته المذكرة فى هذا الشأن لا ينهض سببا لقرار المنفعة العامة، بل لا يعدو إلا أن يكون تبريرا لحالة الاستعجال التى تقتضى الإسراع فى إصدار هذا القرار لأن السبب الحقيقى هو لزوم العقارين لحاجة التعليم، وهو لاشك سبب صحيح بعد ما ثبت من الأوراق صدور حكم نهائى قابل للتنفيذ بالإخلاء.
ومن حيث انه لا يغير مما تقم ما ساقه الحكم المطعون فيه من أن الجهة الإدارية بعدما أصدرت قرارها المطعون فيه أعلنت عن مزايده عامة لهدم مبانى العقارين محل النزاع وهو ما يكشف عن الهدف الحقيقى من القرار المطعون فيه وهو مجرد الاستيلاء على هذه المساحة الضخمة (20 ألف متر مربع) بأقل ثمن ممكن، لأن ذلك مردود عليه بأنه فضلا عن أن الثابت من الأوراق أن المزايدة التى أعلن عنها كانت مزايدة عامة لهدم بعض المبانى التى تشغلها العديد من المدارس فى مناطق مختلفة بالقاهرة وأنه بالنسبة للمدرستين الكائنتين بالعقارين محل النزاع لم يعلن إلا عن هدم جناحين منهما فقط، ومن ناحية أخرى فإن الثابت من الأوراق أن المبانى التى تشغلها المدرستين مبانى قديمة وآيلة للسقوط وهو ما أفصح عنه المطعون ضدهم فى مذكراتهم، وليس من شك فى أن ما اتخذته وزارة التربية والتعليم من هدم الأجنحة الآيلة للسقوط لاقامة مبان أكثر إتساعا مما يؤكد أن القرار المطعون فيه صدر مبتغياً الحفاظ على العملية التعليمية، وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه كان يمكن للجهة الإدارية الحصول على ما تريده من أراضى عن طريق تخصيص المساحة التى تلزمها من أراضى الدولة الموجودة بمنطقة حلوان أو عن طريق الشراء من الأفراد دون حاجة للمساس بالملكية الخاصة، فإن ذلك فيه افتئات على السلطة التقديرية للجهة الإدارية، ومراقبة ما تجريه الجهة الإدارية من موازنة وترجيح وهو أمر بعيد عن رقابة القضاء طالما كانت الجهة الإدارية تمارس سلطتها التقديرية بقصد تحقيق منفعة عامة وبعيدا عن الهوى والتعسف، وطالما كانت هناك ضرورة ملحة، وذلك على نحو ما عليه الحال الماثل – تلجئها لاتخاذ مثل ذلك القرار المطعون عليه.
ومن حيث انه لا وجه أيضا لما اثير من صدور القرار المطعون فيه قصد به تعطيل تنفيذ حكم قضائى واجب النفاذ بإنهاء عقد استئجار العقارين محل النزاع ذلك أن القرار المطعون فيه انطلق من حيث كون صيرورة العقارين المذكورين خاليين حكما ومن ثم أحدث القرار أثراً مباشرا ووصفا قانونيا جديداً منبت الصلة لسابقة وعلى سند مغاير – لضمان المعنى فى رصد العقارين لذات الغرض (صالح مرفق التعليم) فى مواجهة أصحابه ومن ثم فلا يعد القرار المطعون فيه معطلا لتنفيذ حكم قضائى ولا ينطوى على مساس بحجية حكم الإخلاء خاصة وأن الجهة الإدارية قصدت من وراء إصداره الصالح العام واستمرار مرفق التعليم فى أداء رسالته.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم إلى أن القرار المطعون فيه صدر بقصد تحقيق منفعة عامة، وأن الأوراق تخلو من أن الجهة الإدارية تنكبت وجه المصلحة العامة فى اصداره أو اتخذته بباعث منبت الصلة بها، وأنها إذ اتخذته بما لها من سلطة فى تحديد العقارات التى يشملها التخصيص للنفع العام بما تراه محققا للمصلحة العام وبما يجتمع لها من مقومات الخبرة والدراية، فإن القرار يكون قد صدر صحيحا ولا وجه للنعى عليه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون غير قائم على أساس قانونى سليم ومن المتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفات عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض دعوى المطعون ضدهم وألزمتهم المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ