طعن رقم 2654 لسنة 34 بتاريخ 26/05/1990

Facebook
Twitter

طعن رقم 2654 لسنة 34 بتاريخ 26/05/1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة : محمد يسري زين العابدين و يحيى السيد الغطريفي و د. إبراهيم علي حسن و أحمد شمس الدين خفاجي المستشارين

* إجراءات الطعن

فى يوم الأحد العاشر من يوليو سنة 1988 أودع الأستاذ / ………… المحامى عن …………… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2654 لسنة 34 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بجلسة 15 من مايو سنة 1988 فى الدعوى رقم 51 لسنة 30 القضائية المقامة من النيابة الإدارية بخفض أجره بمقدار علاوة .
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع أصلياً بإلغائه والقضاء ببراءة المتهم واحتياطياً بمجازاته بجزاء أخف .
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين فى الأوراق .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخفض أجره بمقدار علاوة وبمجازاته بجزاء أخف .
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة جلسة 24 من يناير سنة 1990 وبجلسة 28 فبراير سنة 1990 قررت الدائرة إحالة الطعم إلى هذه المحكمة وعينت لنظره أمامها جلسة السباع من إبريل سنة 1990 وفى هذه الجلسة حضر الطاعن شخصياً وقدم مذكرة وطلب حجز الطعن للحكم ووافقه على ذلك ممثل النيابة الإدارية فقررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة السبت الموافق 26 من مايو 1990 وفيها صدر الحكم وأودعت مسوداته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة .
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذا المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق – فى أنه فى 19 من ديسمبر 1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 51 لسنة 30 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصحة منطوية على تقرير باتهام مدير إدارة التكليف بوزارة الصحة درجة ثالثة لأنه في التاسع من أبريل سنة 1987 بجهة عمله خالف القانون وخرج على مقتضى الواجب الوظيفى وسلك فى تصرفاته مسلكاً لا يتفق والاحترام والواجب وارتكاب ما نهى عنه قانون العقوبات بأن أورد فى مذكرته التى حررها فى التاريخ المشار إليه عبارات تنطوى على قذف وسب علنى وإهانة هيئة قضائية هى النيابة الإدارية للصحة وإذ نعتها بالغرض والانحراف والهوى .
وارتأت النيابة أن المتهم بذلك ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها بمواد 26/3 ، 78/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمادى 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية معدلاً بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادتين 15 ، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة .
وبجلسة 15 من مايو سنة 1988 قضت المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بخفض أجره بمقدار علاوة واحدة .
وأقامت المحكمة التأديبية قضاءها على ثبوت المخالفة المشار إليها بتقرير الاتهام فى حق الطاعن إذ أنه تعرض فى مذكرته للنيابة الإدارية بالسب والقذف واصفاً إياها بالميل والهوى والانحراف وتعمد إخفاء الحقائق والتستر على المسئولين الحقيقيين وإلقاء التهمة على غيرهم باعتبارهم من مرؤوسيه وكأنه قد نال كرامته الشخصية أن يسأل مرؤوسيه على أخطائهم بعد شهادته معهم بعدم مسئوليتهم واتخذ من ذلك موقفاً شخصياً ضد النيابة وهو ما يمثل جانبه إخلالا بواجبات وظيفته من خلال تعديه على هيئة قضائية بألفاظ وعبارات توجب المساءلة الجنائية .
ومبنى الطعن أن الحكم المطعون صدر معيباً لسببين ، أولهما : أن الطاعن لم يفعل سوى تحرير مذكرة طلب رئيسه إليه أعدادها وضمنها ما رأى أن يمثل الرأى القانونى فيما انتهت إليه النيابة الإدارية وإن كان لم يوفق فى اختيار كلمة أو كلمتين دون قصد إهانة أى شخص أو جهة . وثانيهما :أن الحكم وقع على الطاعن عقوبة مغلظة لا تتناسب مع ما وقع من الطاعن على فرض أنه يشكل مخالفة .
ومن حيث أن وقائع الدعوى التأديبية الصادر فيها الحكم المطعون فيه تخلص حسبما يبين الأوراق – فى أن النيابة لإدارية لوزارة الصحة انتهت من التحقيق رقم 369 لسنة 1986 إلى مساءلة كل من العاملين (……) بإدارة التكليف بوزارة الصحة لما نسب إليهما من مخالفات ولدى إرسال مذكرة النيابة الإدارية وملف القضية إلى الجهة الإدارية طلب رئيس الإدارة المركزية المختص إلى الطاعن – بوصفه مدير إدارة التكليف بالوزارة – إعداد مذكرة برأيه فيما انتهت إليه النيابة الإدارية فقام الطاعن بإعداد مذكرة برأيه تضمنت بعض العبارات التى اعتبرتها النيابة الإدارة منطوية على قذف وسب لهيئة النيابة الإدارية .
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على المذكرة المشار إليها إنها انطوت على العبارات الآتية : إن هذا القول والاستنتاج (الوارد بمذكرة النيابة الإدارية) قد جانبه الصواب . إنه شاب مذكرة التحقيق التى أعدت بمعرفة النيابة الإدارية لوزارة الصحة غموض وقصور شديد وأخطاء مطبعية وبتر الوقائع وفساد فى النتائج .
إن النيابة الإدارية لوزارة الصحة قد أغفلت عن عمد فى مذكرتها الإشارة لكل دفاع موظفى إدارة التكليف و شهادة رئيسها ولم تكتف بهذا بل اختصرت وحذفت وتخيرت من أقوالهم ما يحقق أهدافها .
إن المخالفات المالية التى نسبت لموظفى إدارة التكليف صورها خيال النيابة الإدارية لوزارة الصحة بلا سند من الوقائع أو القانون .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يقم بتحرير المذكرة التى انطوت على العبارات محل الاتهام من تلقاء نفسه وإنما قام بتحريرها بناء على طلب رئيسه الذى راعى فى ذلك أن رجل قانون ، ومن حيث إنه لرجل القانون أن يتناول العمل القانونى الذى يطلب إليه تدارسه بالفحص المنقب والدراسة المستفيضة ، وله فى سبيل ذلك أن يعقب عليه بكل ما يجرى به التعبير القانونى من اصطلاحات تمس شكل العمل القانونى أو موضوعه دون الخروج على حدود الاصطلاحات القانونية إلى مجال تجريحه ، وهذا هو شأن العمل القانونى الذى يقبل بطبيعته التعقيب المنضبط بحدود ما يقتضيه اختلاف الرأى من أوصاف منها أن العمل جانبه الصواب أو إنه جانبه الغموض أو فساد النتائج أو الاختصار المخل أو غير ذلك من الأسباب الذى يطعن من أجلها فى الأحكام .
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم ليس ثمة مخالفة فيما ورد بمذكرة الطاعن من تعبيرات تدخل فى الإطار المشروع المشار إليه إلا أن المخالفة تتوافر فيما يتعدى ذلك من عبارات خاصة ما نسبه إلى النيابة الإدارية من ابتنائها الرأى على الخيال وهو ما يخرج عن حدود التعبير القانونى المباح ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بنى مجازاة الطعن بخفض أجره بمقدار علاوة على أساس إدانته عن جميع ما أشار إليه الحكم من عبارات دون تمييز ما هو مشروع منها وما هو غير مشروع فإن الجزاء الموقع على الطاعن يكون غير مستند إلى كامل ما حمله الحكم المطعون فيه عليه ، ومن ثم يكون هذا الحكم واجب الإلغاء على أن تتولى هذه المحكمة توقيع الجزاء المناسب على الطاعن بما يوافق صحيح الواقع والقانون .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه .

اشترك في القائمة البريدية