طعن رقم 267 لسنة 34 بتاريخ 03/03/1994 الدائرة الثانية

Facebook
Twitter

طعن رقم 267 لسنة 34 بتاريخ 03/03/1994 الدائرة الثانية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم. رئيس مجلس الدولة
وعضوية كل من :
1 – السيد الأستاذ المستشار/ د. حمد جودت أحمد الملط
2 – السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا
3 – السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف
4 – السيد الأستاذ المستشار/ محمد معروف محمد
5 – السيد الأستاذ المستشار/ فاروق على عبد القادر
6 – السيد الأستاذ المستشار/ د أحمد مدحت حسن على
7 – السيد الأستاذ المستشار/ عويس عبد الوهاب عويس
8- السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود أحمد فرحات
9 – السيد الأستاذ المستشار/ محمد أبو الوفا عبد المتعال
10 – السيد الأستاذ المستشار/ حسنى سيد محمد حسن
نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

بتاريخ 23/12/1987 أودع الأستاذ / 0…………….. المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات والترقيات ) بجلسة29/10/1987،.والدعوى رقم 1692 لسنة 38 ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 458 لسنة 1983 الصادر فى 7/7/1983 فيما تضمنه من انهاء خدمة الطاعن اعتبارا من 25/48/1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصاريف. ومقابل اتعاب المحاماه عن الدرجتين
وبتاريخ 26/12/1987 أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.

وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 24/12/1990 وتدوول نظر الطعن أمام تلك الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات الى أن قررت بجلسة 11/3/1991 إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة للاختصاص وحددت لنظره أمامها جلسة 28/4/1991، وتدوول نظر الطعن أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلسة 20/10/1991 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 19/11/1991 وقد تدوول نظر الطعن أمام هذه الدائرة الأخيرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 14/7/1992 – إزاء ما تبين لها من وجود تعارض بين ما جرى عليه قضاء الدوائر الثانية والثالثة والرابعة بالمحكمة الإدارية العليا – إحالة الطعن إلى الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة للفصل فيما إذا كان منح المهلة المنصوص عليها فى قرار مجلس الوزراء الصادر فى 6/8/1975 أمراً ملزما للجهة الإدارية المعنية أم أنه جوازى يخضع لسلطتها التقديرية.

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه أن القاعدة التى تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر فى 6/8/1975 لا تعدو أن تكون مجرد توجيهات غير ملزمة تخضع إعمالها للسلطة التقديرية لكل جهة إدارية على حدة وفقا لصالح العمل وحده.

وقد حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 7/1/1993، وفيها وفى الجلسات التالية نظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 4/11/1993 إصدار الحكم بجلسة 6/1/1994 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 3/3/1994 لاتمام المداولة وفى هذه الجلسة الأخيرة قررت الدائرة إعادة الطعن إلى المرافعة لتغيير تشكيل الهيئة ثم قررت النطق بالحكم آخر الجلسة.
وبجلسة اليوم صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الايضاحات ، واتمام المداولة قانونا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بصحيفة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 20/12/1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 1692 لسنة 38 ق طالبا فيها الحكم بقبول الدعوى،شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 458 لسنة 1983 الصادر فى 7/8/1987 بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل بدون إذن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذكر الطاعن شرحا لدعواه أنه التحق بالعمل فى الجهاز المركزى للمحاسبات بعد حصوله على ليسانس الحقوق عام 1960 وتدرج فى وظائفه إلى أن رقى إلى وظيفة مراقب وقد أعير للعمل بديوان المحاسبة بدولة الإمارات العربية المتحدة لعدة سنوات وقبل انهاء اعارته فى25/4/1983 تقدم بطلب لتجديدها وفقا للنظام المطبق بالجهاز أو إمهاله لحبن انتهاء أولاده من الدراسة بمدارس الامارات حرصا على مستقبلهم ، وكذلك لانهاء متعلقاته بالدولة -المعار إليها ، إلا أن الجهاز رفض الموافقة على طلبه ، وأصدر بتاريخ 7/8/1983 القرار رقم 458 لسنة 1983 بانهاء خدمته للانقطاع اعتبارا من 25/4/1983 وقد بادر إلى التظلم منه فور علمه وذلك بتاريخ18/10/1983 إلا أنه لم يتلق ردأ على تظلمه فأقام دعواه الماثلة ناعيا على القرار المشار إليه مخالفته لحكم المادتين 35 و 79 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات إذ لم تحدد هذه اللائحة مدة زمنية للإعارة كما أن الجهاز لم يرا ع مدة الإنذار المنصوص عليها فى المادة 79 فضلا عن عدم منحه مهلة الستة أشهر المقررة لإنهاء متعلقاته قبل انهاء خدمته للانقطاع وذلك وفقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 6 أغسطس 1975.

وقد تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى حيث قدمت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات ومذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد واحتياطيا برفض الدعوى تأسيسا على أن المدعى أعير للخارج لمدة ست سنوات متتالية وهى الحد الأقصى للإعارة المسموح بها وفقا للنظام المتبع بالجهاز، وانه قد تم اخطاره قبل انهاء مدة اعارته ردا على طلبه – بعدم الموافقة على تجديد اعارته لمدة عام آخر، ونظرا لعدم عودته فقد تم انذاره على الوجه الذى تقضى به لائحة العاملين بالجهاز ثم أعقب ذلك صدور قرار انهاء خدمته ، أما فيما يتعلق بعدم منحه مهلة الستة أشهر المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر عام 1975 فمردود عليه بأن العاملين بالجهاز يخضعون تنظيم شئونهم الوظيفية للائحة خاصة تنظم أمورهم بالنسبة لجميع شئونهم الوظيفية.

كما أودع المدعى حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته ، وأودع الحاضر عن الجهاز المدعى عليه مذكرة أخرى بدفاعه اختتمت بذات طلباته فى مذكرة دفاعه السابقة.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار. وإلزام المدعى عليه المصروفات وقد تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها تعقيبا على تقرير مفوض الدولة طلبت فيها رفض الدعوى تأسيسا على أن ما جاء بقرار مجلس الوزراء الصادر فى 6 أغسطس 1975 لايعدو أن يكون مجرد توجيهات أو توصيات غير ملزمة قانونا للجهاز المدعى عليه.
كما أودع المدعى حافظة مستندات أخرى.
وبجلسة 10/4/1986 أودع الحاضر عن الجهاز المركزى للمحاسبات حافظتى مستندات كما قدم مذكرتين بدفاعه وقع فى أولهما بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة تأسيسا على أن التوكيل الرسمى العام صادر بتاريخ لاحق على تاريخ رفع الدعوى وصمم فى الثانية على طلباته ، كما أودع المدعى حافظة مستندات ثالثة.

وبجلسة 29/10/1987 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها برفض الدعوى تأسيسا على أن المدعى قد أعير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لمدة ست سنوات إعتبارأ من 27/4/1977 وحتى 24/4/1983 وان الجهاز قد اخطره قبل انتهاء إعارته بثلاثة عشر شهراً 25/3/1982 ثم فى 10/6/1982، 28/12/1982، 2/7/1983 بعدم تجديد اعارته ونبه عليه بعدم الارتباط بأية إرتباطات تعاقدية تقتضى تواجده بدولة الامارات بعد انتهاء تاريخ الإعارة والتنبيه عليه بالعودة واستلام العمل اعتبارا من 25/4/1983، وإزاء عدم عودته قام الجهات بانذاره بكتابه رقم 2115 المورخ 2/7/1983 بضرورة العودة وإلا سيطبق عليه نص المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز، ونظرا لاصرار المدعى على عدم العودة فقد اصدر الجهاز القرار رقم 458 لسنة 1983 فى7/8/1983 بانهاء خدمته للانقطاع ومن ثم يكون القرار قد صدر صحيحاً ومتفقاً وأحكام القانون ولا وجه للقول بأحقية المدعى فى الاستمرار فى إعارته لمدة ستة أشهر بعد انتهائها وفقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 6/8/1975 الذى يجيز للوزير المختص منح العامل المعار مهلة ستة أشهر بعد انتهاء الإعارة لانهاء متعلقاته هو واسرته لان منح هذه المهلة أمر جوازى للسلطة المختصة.

وإذ لم يصادف هذه الحكم قبولا لدى المدعى فقد أقام الطعن رقم 267 لسنة 34 ق عليا ناعيا على هذا الحكم بما يلى :
(أولا) مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله فقد أصدر مجلس الوزراء فى السادس من أغسطس 1975 قرارا يقضى بان للوزير المختص منح المعار الذى يستمر فى الخارج رغم انتهاء مدة اعارته فترة ستة أشهر يجوز بعدها اعتباره مستقيلا من العمل فى حالة عدم عودته وذلك بقرار منه أو ممن يباشر سلطاته، وقد أشار وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء بكتابه المؤرخ 18/3/1976 والموجه إلى أجهزة الدولة بأنه قد روعى فى إصدار هذا القرار منح العامل المهلة التى تسمح له بإنهاء متعلقاته هو وأسرته بالخارج وهذا القرار يعد من قبيل إلزام الجهة الإدارية – ممثلة فى مجلس الوزراء – نفسها بضوابط تتبعها إذا اتجهت نيتها إلى إعمال قرينة الاستقالة الضمنية فى حق العامل المنقطع، أما فيما يتعلق بسريان قرار مجلس الوزراء على العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات فقد سبق لمحكمة القضاء الإدارى أن قضت فى حكمها الصادر بجلسة 30/3/1983 فى الدعوى رقم3764 لسنة35 ق بأنه ليس من شك فى سريان توجيهات مجلس الوزراء بقراره الصادر فن 6/8/1975 على العاملين بالجهاز المدعى عليه باعتباره انه ولئن كان تابعاً لمجلس الشعب إلا أنه أحد الأجهزة الإدارية بالدولة التى تقوم بمهمة محددة بشأن الرقابة المالية على أجهزة الدولة الأخرى.
(ثانيا) القرار المطعون فيه مشوب بعيب التعسف فى استعمال السلطة والانحراف بها ومظاهر ذلك أن الجهاز رفض الاستجابة إلى كافة المساعى التى بذلها ديوان المحاسبة بدولة الامارات العربية المتحدة والمساعى الدبلوماسية التى بذلها التمثيل الدبلوماسى لمصر بدولة الامارات لمد مدة إعارته.

(ثالثا) ان الطاعن تقدم بطلب إلى الجهاز أوضح فيه أنه مع تمسكه بعلاقته الوظيفية بالجهاز فإنه يطلب إما امهاله لحين انتهاء السنة الدراسية أو قبول استقالته إلا أن الجهاز رفض طلبه كما رفض قبول استقالته وأصدر قرار انهاء، خدمته وبذلك يبين أن القرار المطعون فيه لم يقصد به تحقيق أية مصلحة عامة ولم يبرأ من قصد الإضرار به عمدا فرفض قبول استقالته إنما يعنى أن الجهاز يتمسك ببقائه فى الخدمة ورغم ذلك فقد قرر إنهاء خدمته فالغاية من ذلك هى اخضاع حساب معاشه للقواعد المعمول بها بالنسبة للعاملين المدنيين بالدولة وحرمانه بالتالى من حساب المعاش وفقاً لنص المادة 78 / 2 من لائحة العاملين بالجهاز فضلاً عن حرمانه من المكافآت المقررة بقرار رئيس الجهاز رقم 143 لسنة 1983 فى حالة قبول استقالته وهو الأمر الذى لم يقصد منه سوى الإضرار بالطاعن والانتقام منه بما ينطوى على عقوبة مقنعة.

ومن حيث أن المسألة مثار البحث تنحصر فيما إذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر فى 6 من أغسطس 1975 بمنح العامل المعار مهلة ستة أشهر لإنهاء متعلقاته بالخارج قبل إنهاء خدمته للانقطاع يعد بمثابة قرار ملزم للجهات المخاطبة به أم أنه أمر جوازى يخضع لسلطتها التقديرية.

ومن حيث أنه إلى جانب اللوائح التنظيمية، اللوائح التنفيذية التى تملك السلطة التنفيذية إصدارها تجد أنه فى سبيل التيسير على جهات الإدارة فى إدارة أنشطة المرافق العامة التى تتولاها ومن أجل كفالة سير هذه المرافق بانتظام واطراد على الوجه السليم فقد خرج الأمر على الاعتراف لجهة الإدارة بسلطة إصدار تعليمات ومنشورات وأوامر مصلحية توجه إلى العاملين لديها وهى تصدر من رئيس المصلحة إلى مرءوسيه متضمنه تفسير القوانين والتشريعات القائمة وكيفية تنفيذها، فهى موجهة أصلاً إلى العاملين الذين يلزمون باحترامها وإطاعة ما فيها من أوامر طالما أنها متفقة وأحكام القانون، وهى تدور فى هذا الإطار فلا ينبغى أن تضيف جديدا إلى التشريع القائم ولاقيمة لها إلا بحسب مدى تطابقها مع التشريعات التى تصدر بناء عليها.
ومن حيث أنه بانزال ما تقدم يبين أن القاعدة التى أقرها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 6/8/1975 بمنح المعار مهلة ستة أشهر بعد إنتهاء مدة إعارته لا يعتبر خلالها منقطعاً عن العمل وذلك بغرض تدبير أمر عودته هو وأفراد أسرته وإنهاء متعلقاته بالخارج – هذه القاعدة ليست صادرة تنفيذاً لأى نص قانونى يقررها وأنها تتضمن إضافة جديدة للأحكام المنظمة لإعارات وأجازات وانقطاع العاملين بأجهزة الدولة ومصالحها المختلفة وهى لذلك تخرج على أحكام اللوائح التنفيذية كما لاتعتبر من قبيل اللوائح المستقلة (التنظيمية) التى تصدر دون الاستناد إلى تشريع قائم باعتبار أن الاختصاص بإصدار هذه اللوائح وفقا لنص الدستور عن رئيس الجمهورية وحده ولاينطبق عليها أيضاً وصف التعليمات أو المنشورات أو الأوامر المصلحية وفقأ للمفهوم السالف بيانه ،
ومن حيث أن هذه القاعدة قد صدرت – وفقأ لما هو ثابت من كتاب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والمتابعة والرقابة المورخ 18/3/1976 إلى أجهزة الدولة – لمواجهة ما تردد خلال الفترة التى سبقت صدورها من اتجاه بعض الأجهزة إلى عدم تجديد إعارات العاملين الذين تجاوزوا الحد الأقصى لمدة الإعارة وأنه قد روعى فى إصدارها منح المعار المهلة التى تسمح له بإنهاء متعلقاته هو وأسرته بالخارج وتدبير أمر عودته وتهيئة الاستقرار المنشود للخبرات المصرية العاملة فى الدول العربية.

ومن حيث أن مجلس الوزراء – بوصفه السلطة المصدرة لتلك القاعدة – غير مخول بوضع تنظيم ملزم لمثل تلك المسألة المتعلقة بأوضاع العاملين فى الدولة ومن ثم فإنها لاتعدو أن تكون مجرد توجيهات أصدرها مجلس الوزراء بمقتضى الاختصاص الممنوح له بمقتضى المادة 156/ ب من المادة 156 من الدستور والتى تنص على أنه : يمارس مجلس الوزراء بوجه خاص الاختصاصات التالية :(أ) ………… (ب ) توجبه وتنسيق ومتابعة أعمال الوزارات والجهات التابعة لها والهيئات والمؤسسات العامة وقد جاءت صياغة هذه القاعدة على النحو الذى أقره مجلس الوزراء بما ينفى عنها الصفة الإلزامية فقد استهلت بالعبارة التالية : يكون للوزير منح المعار …….. مما يعنى أن إرادة الجهة مصدرة هذه القاعدة قد اتجهت إلى جعل منح تلك المهلة أمراً جوازيا يخضع للسلطة التقديرية لكل جهة إدارية تجريها فى إطار صالح العمل وحده.
ومما يؤكد ذلك أنه كان فى وسع مجلس الوزراء إصدار هذه القاعدة فى صورة قانون معدل وأحكام تشريعات العاملين السارية المفعول آنذاك وهى القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة والقانون رقم 61 بنظام العاملين بالقطاع العام.
هذا فضلا عن أن التشريعات المنظمة لاوضاع العاملين اللاحقة فى صدورها لتاريخ تقرير تلك القاعدة قد عمدت ليس فقط إلى عدم الإشارة إليها بل وإلى عدم تنظيم هذه المسألة ضمن أحكامها ولو أراد المشرع الأخذ بها وتقريرها كقاعدة عامة ملزمة لنص على ذلك صراحة فى تلك التشريعات اللاحقة ونعى بذلك القانون رقم 47 لسنة 1978 نظام العاملين المدنيين بالدولة والقانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام، كما هو الحال بالنسبة للقانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم البعثات والاجازات الدراسية والمنح الذى قرر فى المادة 30 منه منح المبعوث مهلة لمدة شهر للعودة الى أرض الوطن من تاريخ انتهاء دراسته.
وكما هو الحال أيضا بالنسبة للقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات حينما نص صراحة فى المادة 175 على عدم جواز انهاء خدمة عضو هيئة التدريس المعار – لانقطاعه عن العمل فور انتهاء مدة اعارته – إلا بعد انقضاء ستة أشهر على انقطاعه بحيث إذا عاد خلال هذه المدة سويت فترة الانقطاع على الوجه المحدد قانوناً أما إذا لم يعد اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
ومن حيث أنه لايغير من ذلك القول بأن إلزامية تلك القاعدة إنما تستمد من الحكمة من تقريرها وهى تمكين العامل المعار من أمر عودته هو وأفراد أسرته إذا كان له أبناء يتلقون العلم بمدارس الدولة المعار إليها مما يرتبط بميعاد انقضاء العام الدراسى وكذلك تسوية متعلقاته المالية بالدولة المعار إليها وتهيئة الاستقرار للعمالة المصرية بالخارج ، ذلك أن هذه أمور كلها يمكن للعامل المعار أن يتدبرها مقدما قبل انتهاء اعارته بوقت كاف لاسيما إذا كانت مدة الإعارة قد بلغت الحد الاقصى المسموح به وكان يعلم سلفا بعدم اتجاه نية جهة عمله إلى التصريح له بمدة أخرى فإذا لم يتيسر له – لسبب أو لآخر – تدبير أموره فهنا يظهر مجال السلطة التقديرية لجهة الإدارة فى تقدير العذر المبرر لانقطاعه عن، العمل وعدم عودته فور انتهاء مدة اعارته وهو أمر تملكه جهة الإدارة وفقا للاختصاص المخول لها قانونا متى تقدم العامل بما يثبت أن انقطاعه كان له ما يبرره وفى هذه الحالة تتم تسوية مدة انقطاعه عن العمل على النحو المحدد قانونا سواء باعتبارها من رصيد اجازاته الاعتبارية متى سمح هذا الرصيد بذلك أو بحرمانه من الاجر المستحق عنها وذلك على حسب الاحوال وبهذه الصورة فإن المشرع يكون قد نظم كيفية تسوية مدة انقطاع العامل التالية لاعارته متى حال دون عودته عذر مقبول فهو لم يجعل من مجرد انتهاء الإعارة وعدم عودة العامل المعار سببا لانتهاء خدمته وانما رخص لجهة الإدارة تقدير العذر المبرر لعدم عودته وهو أمر تقدره جهة الإدارة بالنسبة لكل عامل معار على حدة ومن البديهى أن ممارسة جهة الإدارة لسلطتها التقديرية هذه لامعقب عليها طالما خلت هذه الممارسة من عيب إساءة استعمال السلطة بحيث إذا ما تبين وجود هذا العيب كان من حق العامل الالتجاء إلى القضاء الإدارى طعنا على القرار الصادر من جهة الإدارة برفض منحه هذه المهلة.

* فلهذه الأسباب

قررت المحكمة بأن القاعدة التى تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر فى 6/8/1975 لاتعدو أن تكون مجرد توجيهات غير ملزمة، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

اشترك في القائمة البريدية