طعن رقم 2682 لسنة 36 بتاريخ 17/04/1994 الدائرة الأولي

Facebook
Twitter

طعن رقم 2682 لسنة 36 بتاريخ 17/04/1994 الدائرة الأولي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 21 من يونيو سنة 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الدفاع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 22/4/1990 فى الدعوى رقم 4911 لسنة 41ق الذى قضى بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعين مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض يوزع فيما بينهم كل بحسب نصيبه الشرعى.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلا وإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد تم إعلان المطعون ضدهم بتقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام رافعيها بالمصروفات.
وقد تحددت جلسة 3/1/1994أمام دائرة فحص الطعون لنظر الطعن وتداولت الدائرة نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة أوضحت فيها أن المرض الذى أصاب مورث المطعون ضدهم كان قبل الخدمة العسكرية وأن أوراق الدعوى تخلو مما يشير إلى أن قرار التجنيد جعل حالته تزداد سوءا مما يجعل علاقة السببية بين الخطأ والضرر غير متوافرة، وبإحدى الجلسات قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 20/3/1994، وبتلك الجلسة قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 17/4/1994.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانونا.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 30/5/1985م أقام مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 362 لسنة 1985 أمام محكمة عابدين الجزئية طالبا الحكم بإلزام وزير الدفاع بصفته بأن يدفع له مبلغ (51جنيه) على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات وذلك استنادا على أنه جند بالقوات المسلحة فى 10/6/1980 بعد الكشف الطبى الدقيق وثبوت لياقته الطبية وخلوه من الأمراض وفى أوائل عام 1981 شعر بالآم ولما تقدم الكشف الطبى تم تشخيص مرضه، نزلة شعبية وعولج على هذا الأساس ولما عاودته الآلام تم تحويله إلى المستشفى العسكرى واستمر يعالج بها عدة أشهر اتضح بعدها إصابته بهبوط مزمن بالقلب وفشل كبدى، وعرضت حالته على اللجنة الطبية العليا للقوات المسلحة التى قررت عدم لياقته الطبية للخدمة العسكرية وبتاريخ 1/6/1982 أخلى طرفه من الخدمة دون صرف أى تعويض له عن إصابته الجسيمة التى أعجزته نهائيا عن القيام بأى عمل، ولذا يحق له المطالبة بالتعويض طبقا للمادة 174 من القانون المدنى من جراء إصابته.
وبجلسة 30/4/1986 قضت محكمة عابدين الجزئية برفض الدعوى استنادا على عدم وجود دليل على خطأ مُتابعى المدعى عليه فى علاجهم للمدعى، ولما استأنف المدعى الحكم المذكور قضت محكمة جنوب القاهرة فى 29/4/1987 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة وجهة القضاء العادى ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص.
ونظرا لوفاة المدعى قام ورثته بتعجيل الدعوى مع تعديل الطلبات فيها إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى لهم مبلغ ثلاثين ألف جنيه كتعويض عن الأضرار التى لحقت بمورثهم نتيجة تجنيده الخاطئ وعشرة آلاف جنيه عن الأضرار الأدبية الناجمة عن وفاته.
وبجلسة 22/4/1990 حكمت محكمة القضاء الإدارى بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعين مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض يوزع فيما بينهم كل بحسب نصيبه الشرعى وألزمته المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق تحقق خطأ جهة الإدارة بتجنيد مورث المدعين رغم حالته المرضية التى تتعارض طبيا مع تجنيده، وأنه قد أصيب بأضرار مادية تمثلت فى تدهور حالته الصحية إلى الحد الذى من أجله أنهيت خدمته العسكرية بنسبة عجز 98% وأضافت المحكمة بأن مورث المدعين كان قد طلب تعويضا عن الأضرار الأدبية والمادية أمام القضاء ومن ثم ينتقل هذا الحق إلى ورثته، وخلصت المحكمة إلى أنها تقدر تعويضا جابراً لما أصاب مورث المدعين من أضرار مادية وأدبية بمبلغ عشرة آلاف جنيه.
ومن حيث ان الطعن فى الحكم يقوم على أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون وأصابه الفساد فى الاستدلال، ذلك أن أحكام المحكمة الإدارية العليا جرت على أن التجنيد فرض على كل مواطن وهو فى حد ذاته لا يعود على المجند بأى كسب يبرر التعويض عنه يستوى فى ذلك أن يكون من تم تجنيده لائقا للخدمة طبيا أو غير لائق، ولما كان الثابت أن حالة مورث المطعون ضدهم كانت مزمنة قبل دخوله الخدمة العسكرية ولم يطرأ عليها أى تغيير أثناء الخدمة وأنه بمجرد أن شعر بألم تم إحالته للجنة العليا الطبية التى قررت عدم لياقته وأن خدمة مورث المطعون ضدهم انتهت فى 1/6/1982 وظل حيا يرزق حتى انتقل إلى رحمة الله فى 24/10/1985 مما يؤكد أن حالته كانت مستقرة وأن دخوله الخدمة العسكرية لم يؤد إلى تفاقم مرضه مما يجعل استناد الحكم إلى أن ضررا أصاب مورث المطعون ضدهم نتيجة تجنيده الخاطئ هو استناد غير صحيح.
ومن حيث ان مناط مسئولية الإدارة عن القرارات التى تصدرها فى تسييرها للمرافق العامة هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإدارى قد أصابه عيب من العيوب التى نص عليها قانون مجلس الدولة، وأن يلحق صاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر بأن يترتب على القرار غير المشروع ضرر يحيق بصاحب الشأن.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة جرى على أن الخدمة العسكرية والوطنية فرض على كل مصرى متى بلغ السن المقررة قانونا التزاما بما للوطن من حقوق فى عنق كل مواطن تقتضى منه بذل الروح والمال فى سبيل وطنه وذلك بالانخراط فى سلك الخدمة الوطنية لأداء ضريبة الدم وتقديم ضريبة من وقته وكده وعرقه تتعادل مع ما يقدمه له الوطن من أمن وأمان وخدمات، لما كان ذلك وكان قانون الخدمة العسكرية والوطنية يرتب للمجند، فضلا عن المزايا العينية التى يتمتع بها أثناء فترة تجنيده، مرتبات وعلاوات ومكافآت نهاية الخدمة، فإنه يتأبى حينئذ القول بأن التجنيد فى ذاته يفوت على المجند كسباً يبرر طلب التعويض يستوى فى ذلك أن يكون من جند لائقا طبيا للخدمة أو غير لائق وذلك لاتحاد العلة فى الحالين وهى أن كلا منهما نال شرف الخدمة العسكرية وأدى بعض حق الوطن عليه ونال ما قرره القانون للمجند من مزايا وبهذه المثابة ينتفى ركن الضرر فى دعوى المسئولية طالما كان طلب التعويض قائما على مجرد المطالبة بما فات المجند من كسب نتيجة تجنيده رغما عن عدم لياقته الطبية للخدمة شأنه فى ذلك شأن من جند وهو لائق طبيا، أما إذا لحق بالمجند ضرر من جراء تجنيده وهو غير لائق طبيا بأن ترتب على تجنيده أن اشتدت عليه علته أو تضاعفت عاهته فإنه يكون على حق فى المطالبة بالتعويض عما حاق به من أضرار ناجمة عن تدهور حالته الصحية وازديادها سوءاً بسبب تجنيده وهو غير لائق طبيا بالمخالفة للقانون.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم كان قد أقام دعواه بطلب الحكم له بتعويض مؤقت قدره 51 جنيه على سند من القول بأن تجنيده نجم عنه ضررا ماديا تمثل فى تدهور حالته الصحية من جراء علاجه الخاطئ لعدم تشخيص مرضه التشخيص الطبى الصحيح وقد عدل ورثة المدعى الطلبات بأن طلبوا الحكم لهم بتعويض قدره أربعون ألف جنيه نتيجة تجنيد مورثهم الخاطئ الأمر الذى أدى إلى تقاقم الحالة الصحية لمورثهم إلى حد الوفاة.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم تم تجنيده عام 1981، وتبين بعد ذلك أنه مصاب بروماتيزم فى القلب وإرتجاع فى الصمام الميترالى، وأن هذه الحالة المرضية كانت تلازمه قبل تجنيده، وهو ما يجعل قرار التجنيد غير صحيح قانونا لأنه لم يكن لائقا طبيا للخدمة العسكرية وقت التجنيد، وأنه إزاء ما تكشف للجهة الإدارية والجهة الطبية المختصة من عدم لياقة مورث المطعون ضدهم الطبية نظرا لحالته المرضية المزمنة، صدر قرار بإنهاء خدمته العسكرية عام 1982.
ومن حيث ان التجنيد الخاطئ لمورث المطعون ضدهم أصابه ولاشك بأضرار بالغة بالنظر إلى خطورة حالته المرضية وما يعانى منه من روماتيزم مزمن بالقلب وخلل فى الصمام الميترالى والأورطى على النحو الذى تكشف عنه التقارير الطبية المودعة بملف الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه.
ومن حيث انه لا وجه لما أثير من عدم توافر علاقة السببية بين خطأ الجهة الإدارية فى التجنيد الخاطئ لمورث المطعون ضدهم والضرر الذى أصابه والمتمثل فى تدهور حالته الصحية وتفاقمها إلى حد الوفاة بحسبان أن وفاة مورث المطعون ضدهم حدثت بعد مضى نحو ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء خدمته العسكرية ، لا وجه لذلك إذ أنه لا يجوز القول بأن استطالة المدة بين حدوث الخطأ ووقوع الضرر يمكن أن ينفى علاقة السببية بينهما، فالعبرة دائما يكون الضرر نجم عن الخطأ بغض النظر عن المدة الزمنية التى حدث الضرر خلالها، وترتيبا على ما تقدم فإن الوفاة التى حدثت لمورث المطعون ضدهم فى عام 1985 كانت نتيجة تدهور حالته الصحية وتفاقمها بسبب التجنيد الخطائ لمورثهم وإن سند المطالبة بالتعويض هو ما أصاب المورث من تدهور وتفاقم فى الحالة الصحية نتيجة التجنيد الخطائ وليس من شك فى أن التجنيد وما يستلزمه من المجند من قيام بالواجبات البدنية والتدريبات العسكرية كان له عظيم الأثر بالنسبة للحالة الصحية التى كان مورث المطعون ضدهم يعانى منها فضلا عن ذلك فإن الثابت من الأوراق ان مدة التجنيد الخاطئ – بالنظر إلى حالة مورث المطعون ضدهم – قد استطالت لأكثر من سنة تقريبا بالإضافة إلى ما هو ثابت بالأوراق – ولم تدحضه الجهة الإدارية – وأن مورث المطعون ضدهم عولج فى بداية تجنيده علاجا خاطئا نتيجة لعدم التشخيص الطبى الصحيح لمرضه كل ذلك يوفر ولا شك العلاقة السببية بين التجنيد الخاطئ لمورث المطعون ضدهم وتدهور حالته الصحية وتفاقمها الأمر الذى أدى إلى وفاته.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه انتهى إلى تعويض المطعون ضدهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه نتيجة الأضرار التى لحقت بمورثهم فإنه يكون صحيحا فيما انتهى إليه، ويكون النعى عليه فى غير محله متعينا رفضه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية وقد خسرت الطعن فإنها تلزم بمصروفاته عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.

اشترك في القائمة البريدية