طعن رقم 2707 لسنة 33 بتاريخ 07/03/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 2707 لسنة 33 بتاريخ 07/03/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبدالحميد إبراهيم وعادل محمود زكى فرغلى وفريد نزيه تناغو وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 20/6/1987 أودع الأستاذ/ عدلى جرجس المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2707 لسنة 33 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 21/4/1987 في الدعوى رقم 853 لسنة 41ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهما والذى قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة وإلزام المدعيتين المصروفات.
وفى ذات اليوم أودع الأستاذ/ يوسف فارس المحامى نيابة عن الأستاذ أحمد الخواجة المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين أمام هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2716/33 ق.ع في ذات الحكم المشار إليه.
وطلبت الطاعنتان – للأسباب الواردة بتقريرى طعنيهما – الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مصلحة الضرائب على الاستهلاك والمتخذ شكل منشور يحمل رقم 15 لسنة 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد أودع الأستاذ المستشار عادل الشربينى مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانونى في الطعنين المشار إليهما ارتأى فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل في طلب إلغاء هذا القرار مع إلزام الطاعنتين المصروفات.
وقد عين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 15/10/1990 وبجلسة 7/1/1991 تقرر ضم الطعنين أحدهما إلى الآخر ليصدر فيهما حكم واحد، وقد تم تداول الطعنين ومناقشة أدلتهما التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر بجلسة 3/6/1991 إحالتهما إلى هذه المحكمة التى تداولت الطعنين المتضمنين بجلسات المرافعة حتى تقرر حجزهما للنطق بالحكم بجلسة 29/12/1991، وبالجلسة المذكورة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 12/2/1992 لإتمام المداولة، ثم قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بهذه الجلسة لعدم استكمال التشكيل ونظرتها بجلسة 8/3/1992 حيث قررت حجزها للحكم في هذه الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته فور النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 18/11/1986 أقامت الطاعنتان الدعوى رقم 853 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ابتغاء الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك والمتخذ شكل منشور صدر برقم 15 لسنة 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك تأسيساً على أن رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك قد أصدر المنشور المذكور بشأن التكييف القانونى للجهات التى تقوم بتصنيع سلعة خاضعة لضريبة الاستهلاك، لحساب الغير ومنها الجهات التى تقوم بطبع شرائط الفيديو كاسيت وقد تضمن هذا المنشور إلزام من يقوم بطبع هذه الشرائط لحساب الغير بعدم سحبها من معمله أو مصنعه إلا بعد التأكد من أداء ضريبة الاستهلاك المستحقة عليها، وإذا كان شريكاً ومساهماً في عدم تحصيل هذه الضريبة مما يعرضه لحكم المادة 53 من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981، وهو منشور لا يقتصر على مجرد إصدار توجيهات داخلية بل تجاوز ذلك إلى حد إفصاح مصلحة الضرائب عن إرادتها الملزمة في إلزام الشركات بأحكام ليست واردة في القوانين واللوائح الأمر الذى يترتب عليه التأثير في المراكز القانونية لهذه الشركات، وهو بهذه المثابة يعد قراراً إدارياً صدر من غير مختص لأن قانون الضريبة على الاستهلاك ناط بوزير المالية وحده إصدار اللوائح التنفيذية للقانون وقد صدرت اللائحة بالفعل، لا سيما وأن الشركة المدعية غير مخاطبة بأحكام هذا القانون لأنه وفقاً لأحكام المادة 3 منه يسرى على كل منتج صناعى وعلى كل مستورد لسلع خاضعة لهذه الضريبة والشركة المدعية يقتصر نشاطها فقط على تعبئة أشرطة الكاسيت لحساب الغير، ومن ثم فلا يجوز القرار المطعون فيه أن يؤثر في مركزها القانونى بأية صورة وتحت أى مسمى من المسميات، وقد حدد القانون المذكور الجرائم التى ترتكب بالمخالفة لأحكامه والعقوبات المحددة ولم يرد بهذه الجرائم تلك الجريمة التى افترضها القرار المطعون فيه، وهو اعتبار الطابع الذى يقوم بالطبع لحساب الغير شريكاً ومساهماً في جريمة التهرب المنصوص عليها بالمادة (53) من القانون، ويكون بذلك قد أنشأ جريمة دون سند من القانون، كما أن البند (3) من القرار قد عرف أماكن الإنتاج التى تستحق الضريبة عند السحب منها بأنها الأماكن التى تسحب منها السلعة وهى تامة الصنع، وهو تعريف لا ينطبق على نشاطه الشركة الطاعنة إذ يقتصر نشاطها على طبع المادة المسجلة على شريط الكاسيت ثم يقوم المنتج بعد ذلك باستكمال مراحل الإنتاج الأخرى بمعرفته مثل عملية التغليف وتحديد السعر للجملة والمستهلك وغير ذلك من مراحل الإنتاج ومن ثم فلا تستحق الضريبة عند السحب من أماكن الطبع.
وقد دفعت الجهة الإدارة الدعوى بعدم قبولها لانتفاء المصلحة لأن المنشور تضمن وضع الضوابط الإجرائية لمنع تهرب منتجى أشرطة الكاسيت من أداء الضريبة، وليس من بينهم المدعيتان لأنهما تقومان بطبع الأشرطة لحساب هؤلاء المنتجين، ومن ثم فلا تكون لهما مصلحة في الطعن على المنشور المذكور، وأنهما لم يحدداه صراحة بصحة الضرر الذى سيصيبهما من جراء العمل به، ولا يقدح في ذلك قولهما بأن العمل بهذا المنشور سيؤدى إلى توقف نشاطهما لأن الضريبة المستحقة على هذه السلعة واجبة الأداء في كل الأحوال، وإذا كانت ثمة مصلحة لهما في الطعن على هذا المنشور فهى مصلحة غير مشروعة لا يقرها القانون، كما دفعت الجهة الإدارية الدعوى بعدم قبولها لانتفاء القرار الإدارى لأن المنشور لا يعدو أن يكون توجيهاً للعاملين بمصلحة الضرائب على الاستهلاك تتعلق بكيفية تحصيل تلك الضريبة مما يتضمن الحفاظ على أموال الدولة، كما طلبت الجهة الإدارية احتياطياً رفض الدعوى استناداً إلى أن المنشور المطعون فيه ليس قراراً بفرض ضريبة جديدة أو بتعديلها، وإنما هو منشور مصلحى بتنظيم كيفية تحصيل ضريبة الاستهلاك المقررة على السلع ومكافحة التهرب منها.
وبجلسة 21/4/1987 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها الطعين القاضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة وإلزام المدعيتين المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على ما استقرت عليه أحكام القضاء الإدارى من أنه يجب أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً في مصلحة ذاتية له تأثيراً مباشراً ويجب أن تكون هذه المصلحة جدية، وأن الطابع لأشرطة الكاسيت والفيديو كاسيت – طبقاً لأحكام القرار المطعون فيه – لا يعتبر قانوناً هو المنتج الملتزم بالضريبة والمكلف بأدائها على ما تم طبعه من شرائط وإنما يقع ذلك على المنتج المالك وأن الإلتزام الوحيد الذى يقع على عاتق الطابع في هذه الحالة هو عدم إتمام عملية السحب من معمله أو مصنعه إلا بعد التأكد من سداد الضريبة المستحقة على ما تم طبعه، ويتم ذلك بحالة من الحالات الثلاث أما أن يصله إخطار من المصلحة بأن مالك الشرائط المنتج قد قام بسداد ضريبة الاستهلاك على ما تم طبعه، وأما أن يقوم الطابع نيابة عن المالك المنتج وباسمه بسداد القسيمة الدالة على سداد الضريبة، أو يتقدم للإدارة المختصة بطلب الإفراج وسحب ما تم طبعه مرفقاً به القسيمة الدالة على سداد الضريبة، وفى كل تلك الحالات لم يرتب أى إلتزام على الطابع بوجوب سداد ضريبة الاستهلاك على الشرائط التى يقوم بطبعها وكل ما ألزمه هو عدم إتمام عملية السحب من معمله إلا بعد التأكد من سداد الضريبة المستحقة على ما تم طبعه، ومن ثم فإن المدعيتين لا يكونان في مركز قانونى خاص بالنسبة للقرار المطعون فيه، إذ أن هذا القرار لا يمس أدنى مركز قانونى للمدعيتين يراد حمايته بالدعوى ولم يؤثر بالتالى في مصلحة ذاتية مادية كانت أو أدبية تأثيراً مباشراً.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أن المصلحة في دعاوى الإلغاء – على خلاف الحال في قانون المرافعات لا يلزم أن تستند إلى حق للمدعى بل يكفى أن يكون لرافع الدعوى مجرد مصلحة لا ترقى إلى مرتبة الحق ويتعين في هذا الشأن أن تكون مصلحة طالب الإلغاء شخصية ومباشرة في رفع الدعوى بأن يكون القرار المطعون فيه قد مس حالة قانونية خاصة بالمدعى لأن طلب الإلغاء هو طعن موضوعى يوجه إلى القرار الإدارى.
ثانياً: أن القرار المطلوب إلغاؤه يؤثر حتماً في مركز الطاعنتين إذ يقومان بطبع الكاسيت لحساب الغير ولا يخضعان للقانون الخاص بضريبة الاستهلاك وسحب أحكام القانون عليهما يتولد عنه إنشاء مركز قانونى ضار بهما.
ثالثاً: أن القرار المطعون فيه قد رتب ضرائب إضافية على الشركة الطاعنة في حالة عدم الانصياع لأحكامه وسحب وصف التجريم على واقعة الإفراج عما يتم طبعه من أشرطة كاسيت لحساب الغير واعتبر الشركة الطاعنة مساهمة في الجريمة المنصوص عليها في القانون سالف الذكر.
رابعاً: أن مصلحة الضرائب على الاستهلاك قد قامت بالفعل بتطبيق القرار المطعون فيه على الشركة الخاصة بالطاعنتين وحررت لهما محاضر إثبات حالة.
ومن حيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة هى مناط لدعوى الإلغاء أمام محاكم مجلس الدولة وهى أساس قبولها شكلاً بحيث لو تخلفت المصلحة في حق رافع الدعوى كانت دعواه غير مقبولة وتعين على المحكمة القاء بعدم قبولها إلا أنه لا يشترط في المصلحة المشروعة لطلب إلغاء القرارات الإدارية أن تقوم على حماية حق أهدره القرار الإدارى المطلوب إلغاؤه أو وقف تنفيذه بل يكفى أن يمس القرار الإدارى حالة قانونية لصاحب الشأن تجعل له مصلحة مادية أو أدبية في إقامة دعواه بأن يكون في مركز قانونى خاص أو حالة قانونية بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله – مادام قائماً – مؤثراً في مصلحة ذاتية للطالب تأثيراً مباشراً شريطة أن تكون هذه المصلحة جدية ومشروعة.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على القرار المطعون فيه أنه عبارة عن منشور عام صادر من رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك، نص فيه صراحة على أنه ولئن كان طابعوا شرائط الكاسيت والفيديو كاسيت لا يعتبرون منتجين أو ملاكاً للسلعة المستحق عليها الضريبة، إلا أنه لما كانت واقعة سحب الشرائط من أماكن طبعها هى الواقعة المنشئة للضريبة، فإن الالتزام الذى يقع على عاتق كل منهم هو عدم إتمام عملية السحب من معمله أو مصنعه إلا بعد التأكد من سداد الضريبة المستحقة على ما تم طبعه حتى لا يكون شريكاً أو مساهماً في عدم تحصيل ضريبة الاستهلاك على سلعة خاضعة لها نشأت في شأنها الواقعة المنشئة لها …. وحتى يمكنه الإفراج عن الشرائط المطبوعة يلتزم بما يلى:
(1) إما أن يصله إخطار من المصلحة بأن مالك الشرائط – المنتج – قد قام بسداد ضريبة الاستهلاك على ما تم طبعه.
(2) أو يقوم نيابة عن المالك المنتج وباسمه بسداد ضريبة الاستهلاك على ما تم طبعه.
(3) أو يتقدم للإدارة التنفيذية المختصة بطلب الإفراج وسحب ما تم طبعه مرفاً به القسيمة الدالة على سداد ضريبة الاستهلاك.
وتنفيذاً لهذا المنشور وجه السيد مدير عام الإدارة العامة لمنطقة القاهرة الكبرى خطاباً إلى الطاعنين متضمناً ما ورد في المنشور من التزامات طالباً تنفيذها.
ومن حيث إن المنشور العام المشار إليه بمضمونه المتقدم ذكره قد فرض على الطاعنتين واجبات والتزامات جديدة من شأنه – لو جاز تطبيقه – أن يعوق عملهما ويضيف إليهما التزامات من شأنها لو تم تنفيذها طبقاً لما أورده المنشور أن يعرضهما لخسارة سواء في الوقت أو الجهد أو النفقات لأن العمل بالشركة التى يمثلانها يقتصر على طبع شرائط الكاسيت والفيديو لحساب الغير مقابل أجر مادى ينفق عليه، ولا يستحق الأجر كله أو بعضه إلا عند سحب الشرائط بعد الانتهاء من عملية الطبع ومن ثم فإن الإلتزام بالامتناع عن السماح بسحب الشرائط المطبوعة لدى الشركة بعد الانتهاء من طبعها تنفيذاً لمقتضى المنشور المطعون فيه لا يعنى سوى حرمان الشركة من الأجر المستحق لها عن الطبع ما لم تقم بجهد إضافى يتمثل في السعى لدى المصلحة للحصول على طلب الإفراج أو الانتظار حتى يصلها إخطار من المصلحة بأن المنتج قد قام بسداد الضريبة وقد لا يصل هذا الإخطار لعدم سداد المنتج للضريبة بالفعل، وفى هذه الحالة فليس لها من خيار سوى أن تحل نفسها محل المنتج في سداد الضريبة بدلاً منه، وقد تفوق في قيمتها الأجر المستحق لها عن الطبع ثم تعود على الملزم بالضريبة بقيمة ما تسدده مما يصيبها بخسائر فادحة، الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه مؤثر تأثيراً مباشراً في المراكز القانونية للطاعنتين ويجعل لهما مصلحة شخصية مباشرة ومشروعة في طلب وقف تنفيذ القرار وإلغائه، ذلك أن القرار الطعين وان اعترف بعد إلتزام الطابع بسداد الضريبة على الاستهلاك، فقد ألزمهما من ناحية أخرى بسدادها نيابة عن المالك (المنتج) لو أرادا السماح بسحب الشرائط أملاً في الحصول على أجرهما عن الطبع الأمر الذى يؤدى في النهاية إلى ضياع حقهما في استردادها لتقاعس المنتج عن سداد الضريبة من ناحية بسبب الإفراج عنها، وتقاعس المصلحة عن مطالبته بسدادها لقيام الطابع بسدادها نيابة عنه مما يمس حتماً المركز القانونى للطابع في الصميم، ويجعل طلب الطاعنتين وقف تنفيذ القرار مقبولاً لتوافر شرط المصلحة في حقيهما، ومن ثم يكون الحكم الطعين إذ انتهج غير هذا النهج وقضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة قد أخطأ في تفسير القانون وسلامة تطبيقه على الواقعة المطروحة وأضحى حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن طلب وقف التنفيذ محل الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين قد استكمل أوضاعه الشكلية واستوفى البيانات والمستندات المطلوبة واللازمة لحسم النزاع وأضحى مهيأ للفصل فيه على نحو لا يجعل ثمة حاجة معه لإعادة الطعن من جديد إلى محكمة أول درجة للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن طلب وقف التنفيذ – على ما استندت عليه أحكام هذه المحكمة – يقوم على ركنين أولهما ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية ترجع إلغاء القرار. والثانى قيام حالة الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فقد كفل الدستور الحقوق العامة للمواطنين وحظر تكليفهم بأداء الضرائب العامة أو تحميلهم بالأعباء أو الإلتزامات المالية إلا بمقتضى القانون وفى الحدود التى يقررها القانون حيث نصت المادة (119) من الدستور صراحة على أن “إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون …… ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون” كما نصت المادة (120) من الدستور المذكور على أنه ينظم القانون القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة وإجراءات صرفها”، ومقتضى صريح هذه النصوص الدستورية فإنه يتعين أن يتحدد بالقانون ذاته أركان أية ضريبة عامة سواء من حيث الوعاء الخاضع للضريبة أو شخص الملزم بها أو سعرها وكذلك كيفية وإجراءات تحصيل الضريبة والإجراءات التى يتبعها الملزم بالضريبة والجهة الإدارية المنوط بها تحصيلها من الممول ووسائل السلطة العامة التى تتبعها في هذا الخصوص وبالتالى فإنه لا يجوز بغير نص في قانون تحديد أركان الضريبة العامة فإنه لا يجوز تكليف أحد بتحمل عبء تحصيلها من الممول الملزم بأدائها خصماً عند المنتج من مستحقاته أو نيابة عنه أو بدلاً منه إلا بنص صريح يقضى بذلك في قانون وفى ضوء هذه المبادئ الدستورية الحاكمة لشرعية الضرائب العامة صدر القانون رقم 133 لسنة 1981 في شأن الضريبة على الاستهلاك، وحدد وعائها والملزم بها وسعرها وطريقة جبايتها على سنن منضبطة نص في المادة (2) منه على أن تفرض الضريبة على السلع الواردة بالجدول المرافق لهذا القانون بالفئات الموضحة قرين كل منها”، ونصت المادة (4) منه على أن “تستحق الضريبة بمجرد بيع السلعة ويعتبر في حكم البيع قيام منتج السلعة باستعمالها في أغراض خاصة أو شخصية، كما يعتبر في حكم البيع سحب السلع من أماكن تصنيعها أو من المخازن، كما نصت المادة (38) من القانون المذكور على أن تستحق الضريبة بتحقق الواقعة المنشئة لها وعلى المنتج الملتزم بالضريبة أن يقوم بسدادها فور مطالبته بذلك أولاً بأول وفى جميع الأحوال يلتزم بتوريد حصيلة الضريبة دورياً كل عشرة أيام وذلك طبقاً للقواعد والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية”.
وقضت المادة (53) منه على أنه مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر يعاقب كل من تهرب من الضرائب أو شرع في ذلك بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
ومقتضى النصوص المتقدمة أن المشرع قد حدد على وجه قاطع الأحكام الخاصة بفرض الضريبة والواقعة المنشئة لها والملتزم بسدادها وحدد العقوبة المفروضة على من يتهرب منها، ولم يفوض السلطة التنفيذية في تقديرها أو تحديد الملتزم بها، وما كان ينبغى له دستورياً النص على ذلك، إذ أن اختصاص وولاية السلطة التشريعية بإنشاء الضرائب وتحديد نظامها وكيفية استحقاقها والقواعد الأساسية لجبايتها من الممولين هو اختصاص دستورى لا يملك المشرع التفويض فيه للسلطة التنفيذية، فإذا كان البادى من نصوص القانون المذكور أن المشرع قد جعل منتج السلعة أو مستوردها هو وحده المسئول عن سداد ضريبة الاستهلاك ومن بينها انتاج شرائط الكاسيت والفيديو كاسيت التى وردت بالجداول المرفقة للقانون المذكور، وأجاز لمنتج هذه الشرائط أو مالكها أن يعهد للغير – شخصاً كان أو شركة – بعملية طباعة المصنف الفنى على شرائط يملكها أو يشتريها لهذا الغرض بمقتضى عقد يبرمه مع الطابع فإن المنتج – بصفته مالكاً للشرائط وصاحب حق توزيعها والمسئول عما تضمنه من مصنفات فنية تحمل اسمه في الأسواق – هو وحده الملتزم بسداد الضريبة على استهلاك هذه الأشرطة بالمفهوم الذى عناه الشارع في قانون الضريبة المشار إليها، أما الطابع فلا يعد مالكاً ولا منتجاً بل يقتصر دوره على أداء عملية طبع الشرائط لحساب المنتج لقاء أجر مادى يتفق عليه دون أن يكون مالكاً للشريط أو للمصنف المطبوع عليه أو لكليهما، ومن ثم فقد استبعده المشرع بحسب نصوص قانون ضريبة الاستهلاك من الخضوع لأحكام هذا القانون بشأن تحصيل الضريبة، ولا يسوغ لغير المشرع إضافة أية أعباء أخرى أو التزامات مادية كانت أو معنوية تتعلق بالالتزام بالضريبة أو تتصل بالمسئولين عن تحصيلها من الممول وتوريدها بغير نص في القانون أو في الحدود التى يستوجبها تنفيذ القانون سواء على الطابع للشريط أو على غيره ممن يتداول بينهم، فإذا كان البادى من ظاهر الأوراق أن المنشور رقم 15 لسنة 1986 الصادر من رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك قد تجاوز حدود سلطته في جباية الضريبة وإلزام الأفراد والشركات التى تقوم بطبع شرائط الفيديو بعدم سحبها من معامل الطبع إلا بعد سداد الضريبة نيابة عن المنتج الملتزم بها إذا أراد الحصول على حقه في طباعتها من المالك وإلا امتنع عن السماح للمنتج بسحبها من معمله حتى تتوافر لديه المستندات الدالة على سداد الضريبة بما يعقبه ذلك من عدم إمكان حصوله على أجره عن طباعتها خلال الفترة التى لا تتوافر فيها هذه المستندات فضلاً عن تعرضه لحرمانه من أجر طباعة الأشرطة فيما لو امتنع المالك عن سداد الضريبة المستحقة لأى سبب لا يد للطابع فيه ولا مسئولية عليه بشأنه الأمر الذى قد يهدده بالتوقف عن العمل، ومن ثم فإن المنشور المطعون عليه ينطوى على تكليف بأعباء والتزامات جديدة للطابع للأشرطة لا سند له من أحكام الدستور أو القانون وبالتالى يكون القرار المطعون فيه غير قائم بحسب الظاهر على أساس سليم من الدستور أو القانون مرجح الإلغاء، ومن ثم تكون دعوى الطاعنتين بطلب وقف تنفيذه قائمة بحسب الظاهر على أسباب جدية، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار حتماً من آثار يتعذر تداركها فيما لو انتظرت الطاعنتين الحكم بإلغائه على النحو الذى يهددهما بالاضطراب في أداء العمل أو بالتوقف عنه وهو يمثل مورد رزقهما، الأمر الذى يتعين معه – والحال هذه – إعلاء للشرعية وسيادة الدستور والقانون القضاء بوقف تنفيذه.
ولا يؤثر في صحة ما سلف بيانه صدور قانون ضريبة المبيعات بما ترتب عليه من إلغاء قانون ضريبة الاستهلاك والمنشور الصادر تنفيذاً لها أو أن ذلك لا يترتب عليه تلقائياً زوال القرار المطعون فيه الذى يمس المراكز الفردية لذوى الشأن.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد خسرت الطعن فتلزم بمصروفاته عملاً بنس المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الدعوى، وبقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات، وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى “دائرة منازعات الأفراد والهيئات للفصل في موضوع طلب الإلغاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ