طعن رقم 2766 لسنة 34 بتاريخ 10/03/1990 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الاستاذ المستشار / محمد انور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة : محمدالمهدى مليجى ومحمد امين المهدى وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة.المستشارين.
* إجراءات الطعن
في يوم الاثنين 18 / 7 / 1988 أودع الأستاذ / ……………… المستشار بهيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد / وزير الداخلية بصفته تقرير الطعن رقم 2766 لسنة 34 ق.ع ضد السيد / ……………… عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 26 / 5 / 1988 في الدعوى رقم 3981 لسنة 34 ق والقاضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن وقف تنفيذ احكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوة واحتياطياً برفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده المصروفات ، وأعلن الطعن قانوناً ، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات ، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 19 / 12 / 1988 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 15 / 1 /1990 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات ) لنظره بجلسة 3 / 2 / 1990 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزومه من إيضاحات وبد إيداع بعض المستندات والمذكرات قررت بجلسة 17 / 2 / 1990 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق – وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
وحيث إن الطعن أقيم خلال الستين يوماً التالية ليوم صدور الحكم المطعون فيه واستوفى أوضاعه القانونية الأخرى فيكون مقبولاً شكلاً .
وحيث أن وقائع المنازعة تتحصل – حسبما هو ثابت في الأوراق – في أنه بتاريخ 8/5/1988 أقام ……………… الدعوى رقم 3981 لسنة 43 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الداخلية وطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم المجلس العسكري بفصله من كلية الشرطة والسماح له بدخول الامتحان وإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار ، وطالب المدعى أنه طالب بالسنة الرابعة بكلية الشرطة وحدث بتاريخ 10/2/1988 خلاف بينه وبين أحد ضباط الشرطة فاتهمه الأخير بسرقة سيارة وجهاز كاسيت وألقي القبض عليه وبتحقيق الواقعتين تبين كذبهما جملة وتفصيلاً وقضى ببراءته لما ثبت في عقيدة المحكمة من أن المدعى لا صلة له بالواقعة لا من قريب أو من بعيد ، إلا أنه رغم الحكم ببراءته فإن المحكمة العسكرية أصدرت بجلسة 4 / 5 / 1988 قراراً بفصله من كلية الشرطة وصدق على القرار مدير الأكاديمية في 5 / 5 / 1988 بما يخالف حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة في الجنحة رقم 10024 لسنة 1988 جنح مصر الجديدة والجنحة رقم 1150 لسنة 1988 جنح الزيتون ولما ثبت أن السيارة لم يكن بها جهاز كاسيت وأن الشخص الذي كان يقود السيارة المسروقة لا تنطبق عليه أوصاف المدعى وأن ضبطه في مكان الواقعة كان لحدوث خلاف بينه وبين محرر المحضر ، وقد الحاضر عن الحكومة حافظة بمستندات تفيد أن التصرفات المريبة التي صدرت من الطالب المذكور أدت إلى وضعه موضع الشبهة وتمثل مخالفة صارخة لقواعد الضبط والربط ومقتضيات النظام العسكري وتفقده شرط حسن السير والسمعة والسلوك الواجب توافره فيمن يقبل للدراسة بالكلية والاستمرار فيها كما أن الثابت من الشهادات الصادرة من نيابة مصر الجديدة في الجنح رقم 1049 لسنة 1988 مصر الجديدة أن المتهم هرب من حارسة فصدر حكم غيابي بحبسة ستة شهور وخفضت عند المعارضة إلى ثلاثين جنيهاً وقد تم استئنافها ، ثم دفع بعدم الاختصاص واحتياطياً طلب رفض الدعوى ، وبجلسة 26 / 5 / 1988 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم الاختصاص وبوقف تنفيذ القرار محل الطعن وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة حدد تنظيم الهيئة التي تتولى تأديب الطلبة وطريقة تشكيلها والتصديق على أحكامها ولم يسبغ عليها حصانة من الطعن القضائي ولم يحل في شئ من ذلك إلى ما تضمنه قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 (م 177 ) من حظر الطعن في أحكام المحاكم العسكرية ، ومن ثم فإن الحكم الصادر بفصل المدعى من أكاديمية الشرطة هو في حقيقته قرار إداري مما تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في طلب إلغائه ، وأنه بالنسبة لركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن ظاهر الأوراق أن توقيع المدعى على محضر جمع الاستدلالات المحرر بقسم مصر الجديدة قد تم نتيجة إكراه اضطره إلى ذلك وأن القرار المطعون فيه بنى على أسباب ثلاثة هي اتهام الطالب المذكور بسرقة سيارة وبسرقة جهاز كاسيت وهروبه من حارسه أثناء توجهه للنيابة العامة بمصر الجديدة وأن السببين الأول والثاني قد ثبت فسادهما حيث قضت محكمة جنح الزيتون بجلسة 8 / 3 /1988 بالبراءة لعدم صلة المدعى بالواقعة من قريب أو من بعيد كما قضت محكمة جنح مصر الجديدة بجلسة 17 / 4 / 1988 ببراءته من الاتهام بسرقة أشياء من السيارة يوم 10/2/1988 ، وأن هروب المدعى من حارسه لا يحمل القرار على أسبابه ولا يصلح بذاته مبرراً لفصل المدعى من الكلية الأمر الذي يكون القرار المطعون فيه فاقداً سنده القانوني ويكون مخالفاً لصحيح حكم القانون ويتوافر بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه بالإضافة إلى توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من حرمان المدعى من مواصلة تعليمه ودراسته .
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم سالف الذكر قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله ذلك أن المادة 117 من قانون الحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 الذي يخضع له طلبة أكاديمية الشرطة تنص على أن لا يجوز الطعن بأي حال من الوجوه في الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية أمام هيئة قضائية أو إدارية على خلاف ما نصت عليه أحكام هذا القانون مما يفيد عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ، وأنه طبقاً للمادتين 10 ، 15 من قانون إنشاء أكاديمية الشرطة رقم 91 لسنة 1975 فإن الطالب يفصل من الأكاديمية إذا فقد شرطاً من شروط القبول بالأكاديمية ومنها أن يكون محمود السيرة حسن السمعة ، وأن الثابت بالمستندات أن المطعون ضده ضبط متلبساً بمعرفة الشرطة أثناء قيامه بالسرقة وضبطت معه المسروقات واعترف في محضر الاستدلالات بارتكاب السرقة كما هرب من حارسه مما يؤكد جريمتي السرقة اللتين قدم من أجلها للمحاكمة الجنائية ولذلك فقد شرط حسن السمعة والسلوك وأن تصرفاته أدت إلى وضعه موضع الشبهة والريبة عن طواعية منه واختيار والإساءة إلى كرامته وكرامة هيئة الشرطة وأن ذلك يمثل مخالفة صارخة لقواعد الضبط والربط ومقتضيات النظام العسكري وأن ذلك من الأمور التقديرية التي تستقل بها جهة الإدارة وأن حكم البراءة لا ينفي سؤ السمعة عن المطعون ضده .
ومن حيث إنه عن الدفع بعد اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر دعوى إلغاء القرار الصادر من المجلس العسكري بأكاديمية الشرطة والمصدق عليه من مدير الأكاديمية بتاريخ 5/5/1988 بفصل الطالب ………………………… فإن الحكم قد رفض هذا الدفع وأورد أسباباً كافية لتبرير هذا الرفض وتأخذ به هذه المحكمة كما سبق ذكره .
ومن حيث إنه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار فإن القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة حدد الشروط أن التي يتعين توافرها فيمن يقبل بالكلية ويستمر في الدراسة بها ومن بين هذه الشروط أن يكون محمود السيرة حسن السمعة ومثل هذا الشرط يختلف عن شرط ألا يكون الطالب قد حكم عليه بقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة للشرف أو الأمانة وقد ورد النص على حسن السمعة عاماً دون تحديد للأسباب التي يترتب عليها فقده ، ومن ثم فإن المشرع يكون قد أفسح المجال في تقدير حسن السمعة لجهة الإدارة في نطاق مسئوليتها عن إعداد ضابط الشرطة الذي سيتولى مهام الحفاظ على الأمن ومطاردة الخارجين عن القانون وصون أرواح الناس وأعراضهم وممتلكاتهم والذود عنهم ، ولا ريب في أن سمعة طالب الشرطة يمكن أن تتأثر بمسلكه الشخصي أو الخلقي أو بأوضاع تحيط به يمكن أن يكون لها تأثيرها على عمله مستقبلاً كضابط شرطة كما أن مستوى حسن السمعة يتفاوت تبعاً لتفاوت الوظيفة وخطورتها ومسئولياتها فما قد تتساهل فيه الإدارة بالنسبة لوظائف معينة قد تتشدد فيه بالنسبة لوظائف أخرى كالقضاء والشرطة لما لهذه الوظائف من أهمية وخطورة تتطلب فيمن يشغلها مستوى خاص من حسن السمعة ، ومن ثم فلا تثريب عل جهة الإدارة في تقدير تخلف حسن السمعة في طالب الشرطة متى استمد هذا التقدير من وقائع وأسباب وأدلة تبرره وخلا تقديرها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها . (الطعن رقم 1992 لسنة 32 ق ع بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1986 ) .
ومن حيث إن الأوراق المودعة أن قرار فصل المطعون ضده من أكاديمية الشرطة بتاريخ 5/5/1988 قد بنى على أن الجريمة الانضباطية التي يحاكم الطالب (…………………) عنها هي أساساً تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن الجريمة الجنائية تتمثل في ارتكاب سلوكاً يتعارض مع كونه طالباً بكلية الشرطة والتي أدت في النهاية إلى اتهامه في القضيتين رقم 1024 لسنة 1988 جنح مصر الجديدة ورقم 1150 لسنة 1988 جنح الزيتون وأن تبرئته أمام القضاء العادي لا تنأى به بصفة جازمة عن كل شبهة ولا تقشع عن مسلكه ظلال الريبة إذ أن علاقة الطالب بالكلية التي يتبعها وأنه سوف يكون ضابطاً في وقت قريب يجب أن تسودها الثقة في استقامته والاطمئنان إلى نزاهته وأمانته ونقاء سيرته لارتباط ذلك بحسن أداء الوظيفة مستقبلاً فإذا تسرب الشك إلى شئ من ذلك بناء على سلوك اتخذه الطالب ووضع به نفسه موضع الريبة فإن هذا المسلك الذي لا يكفي لإدانته جنائياً ينهض بذاته مبرراً لمؤاخذته إدارياً وأنه ثبت للمحكمة العسكرية عدم صحة أقواله حيث ادعى أنه كان مترجلاً وتشاجر مع النقيب (……………………………) الذي ضبط وقائع السرقة في حين أن المحامي ووكيل مالك السيارة قام بإبلاغ الشرطة عن سرقة سيارته بالبند 20 أحوال الزيتون بتاريخ 10 / 2 / 1988 ولم يكن يعلم أن السيارة مع الطالب المذكور ولو كان يعلم أنها معه ما أبلغ عن سرقتها وهي السيارة رقم 653332 ملاكي القاهرة التي ضبطت معه ، كما أن الطالب أقر بأنه وقع عل محضر الاستدلال واعترافه بارتكاب جريمة السرقة المذكورة والشروع في سرقة جهاز تسجيل (وأوكولايزر) وسماعتين من داخل سيارة أخرى برقم 78056 ملاكي القاهرة أثناء وقوفها أمام مركز هوندا للسيارات للإصلاح بشارع غرناطة بمصر الجديدة والمواجهة لمكان خدمة الضابط المذكور وأن المحكمة العسكرية لا تطمئن إلى قول الطالب إن هذا الاقرار كان نتيجة إكراه وأجبر عليه بل إن الثابت أن الضابط كان حريصاً على سمعة كلية الشرطة التي ينتمي إليها الطالب بعد علمه بذلك وتوجه لمنزل الرائد / ……………………… في ذات الليلة لإبلاغه بالواقعة لكونه ضابط بالكلية ويسكن في ذات منطقة الواقعة والذي حضر مع الضابطين وشاهد الطالب بعد ضبطه وتوجه معهما والطالب إلى قسم مصر الجديدة لاستكمال بقية الإجراءات بعد أن قام سيادته بإخطار إدارة الكلية بالواقعة وكان بإمكان هذا الطالب الاستنجاد بضابطه الأعلى بالكلية وشرح الظروف كاملة وإخباره بما حدث له ولكنه لم يفعل لحرجه الشديد لارتكاب مثل هذا السلوك ، كما أنه أثناء عرضه يوم 11 / 2 / 1988 على نيابة مصر الجديدة تمكن من الهروب من أمين الشرطة بعد فك القيد الحديدي بواسطة سلك كهربائي وظل هارباً حت قام بتسليم نفسه يوم 24 / 2 / 1988 لنيابة مصر الجديدة حيث قامت باستكمال التحقيق معه وأمرت بحبسة أربعة أيام مع مراعاة التجديد في الميعاد ، وقد أدانته المحكمة عن واقعة الهروب غيابياً بالحبس ستة أشهر وكفالة مائة جنيه ثم خفضت العقوبة بعد المعارضة إلى عشرين جنيه ، كما أنه ضبط بحوزة الطالب المذكور أحد عشر مفتاحاً مصطنعاً تشبه المفاتيح المستخدمة في إدارة وتشغيل السيارات ، ومفاد ذلك كله أن قرار فصل المطعون ضده من كلية الشرطة بتاريخ 5 / 5 / 1988 لفقده شرط حسن السمعة والسير والسلوك قد بنى على ما يبرره من ظاهر الأوراق وبما ينأى عن عدم المشروعية ويتخلف معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المذكور مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بالمادة 184 مرافعات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر بفصل الطالب المذكور من كلية الشرطة مع إلزامه بالمصروفات .