طعن رقم 2937 لسنة 33 بتاريخ 19/12/1993
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عـادل مـحـمـود فـرغلى والسـيـد مـحمد السيد الطحـان وادوارد غـالب سيـفـين وأحـمـد عبدالعزيز أبو العـزم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء الموافق 7 من يوليو سنة 1987 أودع الأستاذ /…………. المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجـدولها تحت رقم 2937 لسنة 33 ق ع فى الحكم الصادر من مـحكمة القضاء الإدارى بجلسة 12/5/1987فى الدعوى رقم 3300 لسنة 41 ق فيما قضى به من عدم اختصاصها بنظر الدعوى وإلزام المدعى المصروفات- وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بإلغاء الحكم.المطعون فيه والقضاء ببطلان إجراءات المقـعد الفردى فى دائرة كـفر الشيـخ والتى تمت بتـاريخ 6/4/1987 وإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات عن درجتى التقاضى- وقد أعلن الطعن للمطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
تحـدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20 من يناير سنة 1992 وتداولت نظره بالجلسـات على النحـو الثـابت بالأوراق. وبجلسـة 18/5/1992 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 28/6/1992 والجلسات التالية على النحو المبين بمحـاضر الجلسات وبجلسة 24/10/1993 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 19/12/1993 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة و بعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد أقيم فى الميعاد المقرر قانونا واستوفى باقى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص- على ما يبين من أوراق الطعن- فى أنه بتاريخ 6/4/1987 أقام المدعى (الطاعن) الدعوى رقم 3300 لسنة 41 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة بوقف إجراء الانتخابات لعضوية مجلس الشعب فى دائرة بندر كـفر الشيخ المحدد لإجرائها يوم الاثنين الموافق 6/4/1987 وكذلك وقف إعلان نتيجتها فى حالة إتمامها إلى أن يتم تعديل الرمز الانتخـابى للطاعن وإجراء انتخـابات جديدة وفى الموضوع بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن مبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء هذا الإجراء المخالف للقانون مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقال بيانا لدعواه بأنه تقدم بأوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب عن دائرة بندر كفر الشيخ خلال المواعيد المحددة وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 245 لسنة 1987 محددا الرموز الانتخابية وكان الرمز الذى حدد له هو الهلب تحت رقم مسلسل 78 وقام الطاعن بدعايته الانتـخـابيـة على هذا الأسـاس إلا أنه فوجئ بتـاريخ 4/4/1987 بإصدار بطاقات إبداء الرأى متضمنة رمزا انتخابيا له يخـالف الرمز السابق حيث تضمنت البطاقة رمز الرمح كرمز انتخابى له بدلا من رمز الهلب، وأنه لما كان قد أتم دعايته الانتخابية فى دائرته على أساس أن رمزه الانتخابى هو الهلب وليس الرمح لما كان معظم.ناخبى هذه الدائرة ممن لا يقرأون ولا يكتبون والوسيلة الوحيدة التى يفهمونها فى إدلائهم بأصواتهم هى الرموز الانتخابية وان الوقت الباقى على يوم الانتخـابات والذى لا يتجـاوز الأربع والعشرين ساعة لا يسمح على الإطلاق بإفهام الناخـبين بأن الرمز الانتخـابى قد تغير، ولما كـان من شأن تعديل رمزه الانتخابى أن يلحق به أفدح الأضرار وتعريضه لفقدان أصوات ناخبيه فى الانتخابات ومن ثم أقام دعواه للحكم له بطلباته.
وبجلسة 12/5/1987 صدر الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعى المصروفات- وأقامت المحكمة قضاءها على أن الطعون فى صحة العضوية التى يختص مجـلس الشعب بالفصل فيها طبقا لنص المادة 93 من الدستور هى تلك التى توجـه أساسا إلى نتيجة الانتخـابات وما أنطوت عليه من إعلان إرادة الناخبين وان انبسطت أحيانا وبطريق التبعية على ما يعاصر ذلك أو يسبقه من الإجراءات التى لاغنى عنها فى التمهيد ليوم الانتخاب ومقتضياته. ولما كانت الدعوى الماثلة فى حقيقتها طعنا فى صحة عضوية أحذ أعضاء مجلس الشعب إذ أنه يتعلق بصميم العملية الانتخابية وما تنطوى عليه من إعلان إرادة الناخبين مما يختص بالفصل فيه مجلس الشعب عملا بحكم.المادة 93 من الدستور والمادة 20 من القانون رقم 38 لسنة 1972 الأمر الذى معه تخرج هذه الدعوى عن اختصاص محاكم مجلس الدولة.
ومن حـيث إن مبنى الطعن أن الحـكم المطعون عليه صدر باطلا وأخطأ فى تطبيق القانون كما تناقض منطوقه مع الأسباب التى بنى عليها وذلك على النحو الآتى: أولا: بطلان الحكم لإغفاله الفصل فى طلب الطاعن الموضوعى إذ أنه بجلسة المرافعة أمام القضاء الإدارى المنعقدة بتاريخ 14/4/1987 أضاف وكيل الطاعن إلى طلبه المستعجل طلبا موضوعيا وهو طلب الحكم ببطلان إجراءات نتيجة الانتخابات وقد أغفل الحكم الطعين الإشارة إلى هذا الطلب قبولا أو رفضا وتعرض للطلب المستعجل فقط، ثانيا: أخطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون ذلك أنه خلط بين أمرين بينهما اختلاف بين إذ يتعين التفرقة بين عملية الانتخاب ذاتها والى أن تعلن نتيجـتها وهذه مرحلة تتم كلها بقرارات إدارية صادرة عن وزارة الداخلية وينعقد الاختصاص بالطعن عليها لمحـاكم مجلس الدولة، والمرحلة التى تليها تبدأ بعد إعلان النتيجة وقيام العضو بأداء اليمين الدستورية وصيرورته عضوا بمجلس الشعب وهى المرحلة التى يخـتص مجلس الشعب بنظر الطعون المتعلقة بصحة العضوية، وقد خـالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ومن ثم يكون قد خالف القانون مخالفة جسيمة تدمغه بالبطلان. ثالثا: تناقض منطوق الحكم مع أسبابه فعلى حـين تضمنت أسبابه أن مجلس الشعب لا يستأثر حقيقة بشئون أعضائه ومصائرهم إلا بعد أن تثبت عضويتهم الصحيحة فيه، كما وأن الفصل فى القرارات الإدارية الصادرة فى شأن الطعون الانتخابية هو فى أصل.طبيعته محض اخـتصاص قضائى لا يفترق عن غيره من الاختصاصات القضائية، وهذا الذى ورد بأسـباب الحكم من التفرقة بين مرحلتين على ما سلف بيانه فقد كـان على الحكم المطعون فيه أن ينتهى إلى اختصاصه بالفصل فى النزاع الماثل إلا انه خـالف ذلك وانتهى إلى نتيجـة تتناقض مع الأساس الذى أرساه فى الأسباب.
ومن حـيث إن الاخـتصـاص تحكمه التشـريعـات المنظمـة له والى تلك التشريعات وعلى الوجه الصحـيح لتفسيرها يكون مرد الأمر بلا،إفراط أو تفريط ودون توسعة أو تقول ولا انتقاص أو تضييق.
ومن حيث إنه بمراجعة التشريعات المصرية المعاصرة المنظمة للاختصاص بالفصل فى صحة العضوية بالمجـالس النيابية بحسبان أن العضوية تتوفر وتترتب بحكم اللزوم الدستورى على ثبوت النيابة عن الشعب وصحتها فأنه يبين أن مواقف الدساتير المتعاقبة، وإن تفاوتت أحكامها فى تحديد الجهة التى يناط بها الفصل فى صحـة العضوية، فان الأمر فى جوهره بالنسبة لها لم يختلف فى النظر إلى هذا الأمر باعتباره فحصا وتمحيصا لمدى مشروعية وصحـة الإجراءات والقرارات الصادرة التى تنتهى بإعلان فوز أحـد المرشحين وهو ما جرت الأحكام على تعريفه بمرحلة التعبير عن الإرادة الشعبية أو العملية الانتخابية بمعناها الفنى الدقيق. وعلى ذلك فبينما عهد كل من دستورى سنة 1923، سنة 1930 لمحكمة النقض أو لمحكمة الاستئناف منعقدة بهيئة نقض وإبرام بالفصل فى صحة العضوية، فإن دستورى سنة 1956 وسنة 1964 قد سلكا مسلكا مغايرا لاعتبارات الملائمة التى قدراها فجعلا الاختصاص بشكل عام بالفصل فى صحة العضوية معقودا للمجلس النيابى ذاته بعد تحقيق تجـربة محكمة النقض، وجـاء الدستور الحـالى لسنة 1971 فنص بدوره فى المادة (93) على أن يختص المجلس بالفصل فى صحة عضوية أعضائه، وتختص محكمة النقض بالتحقيق فى صحة الطعون المقدمة إلى المجلس… ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثى الأعضاء
ومفاد ما سبق بيانه من أحكام تعاقبت فى شأن تحديد الاختصاص بنظر الطعون فى صحـة عضوية أعضاء المجالس النيابية راسمة الإجراءات التى يتعين اتباعها للفصل فى صحة العضوية، أن الفصل فى هذه الطعون هو بذاته عمل له طبيعة قضائية لأن الأمر فى حقيقته وجـوهره يتعلق بالتحقيق والفصل فى مدى صحة الإجراءات التى رسمها القانون وأوجب على القائمين على عملية الانتخاب ضرورة اتباعها والالتزام بأحكامها عند الاقتراع والفرز وحتى إعلان النتيجة فى كلى دائرة.
ومن حـيث إن البادى من أحكام قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 وقانون مباشرة الحـقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 أن العملية الانتخـابية عملية قـانونية متـصلة الحلقات تبـدأ بتحـديد مواعيد التقـدم للترشيح وتقدم المرشحين بطلبات الترشيح ثم الاعتراض خلال المواعيد ووفقا للإجراءات على من تقدموا بأوراق ترشيحـهم ثم تفصل لجنة الاعتراضات فى هذه الطعون وبعد ذلك تعلن قائمة المرشحين وتطرح على الناخـبين للتصويت عليـها فى يوم الانتخاب حيث يتبع ذلك فرز هذه الأصوات وإعلان النتيجة………..ومن حـيث إن مثار الخـلاف فى شأن الاخـتـصـاص بنظر المنازعة الماثلة يتحصل فيما إذا كان قوام المنازعة حـقا وقانونا، يتعلق أو ينصب على بطلان العملية الانتخـابية بمعناها الفنى الدقيق والتعبير عنها مما يتطلب تحقيقا تجريه فى هذا الشأن محكمة النقض مباشرة للاخـتصاص المقررة لها بالمادة 93 من الدستور أو كـان فى حـقيقته منصرف إلى قرار إدارى صادر من جـهة إدارية يحـمل إرادتها كـسلطة إدارية أو سلطة عامة، سواء قبل العملية الانتخـابيـة بمعناها الدقيق أو بعد الانتـهاء من هذه العملية مما يكون شأنه شأن أى قرار إدارى أخر، خاضعا لرقابة المشروعية التى يمارسها قاضى المشروعية بحسبانه القاضى الطبيعى لكـافة المنازعات الإدارية، وأبرزها مثالا تلك المتعلقة بقرار إدارى على نحو ما يقرره الدستور لمحاكم مجلس الدولة بالمادة (172) منه وكما حددته المادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم 47لسنة 1972.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقرا فى شأن تحديد ماهية العملية الانتخابية بمعناها الفنى الدقيق مفاده أنه طبقا لحكم المادتين (24) و(34) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فإن اللجان الفرعية هى التى تباشر عملية الاقتراع تحت إشراف اللجان العامة و الرئيسية ويعلن رئيس اللجنة الرئيسيـة عدد ما حصل عليه كل مرشح للانتخـابات من أصوات فى الدائرة ويوقع رئيس اللجنة هو وجميع أعضائها فى الجلسة نسختين من محضرها ترسل إحداهما مع أوراق.الانتخـابات إلى وزير الداخلية مباشرة خلال ثلاثة أيام من تاريخ الجلسة وتحفظ الثانية بمقر مديرية الأمن على نحو ما تنص عليه المادة (36) من القانون رقم 73 لسنة 1956وبتمام ذلك تعتبر عملية الانتخاب بمعناها الدقيق قد انتهت ومفاد نص المادة (93) من الدستور سالفة البيان أن الطعون التى تختص محكمة النقض بتحقيقها إنما هى تلك التى تنصب أساسا على بطلان عملية الانتخـاب ذاتها والتعبير عنها بالتحديد السابق بيانه مما يتطلب تحقيقا تجريه فى هذا الشأن.
ومن حـيث إنه لما كـان المشرع فى ظل العمل بنظام الانتخـابات بالقوائم الحزبية قد أناط بوزارة الداخلية بقرارات تصدرها إعلان قائمة المرشحـين لانتخـابات مـجلس الشعب وناط فى المادة (36/2) من القانون رقم 73 لسنة 1956 المعـدلة بالقـانون رقم 2 لسنة 1987 بلجنة إدارية تول حـصر الأصوات التى حـصل عليها كل حـزب تقدم بقائمة على مستوى الجـمهورية وكل مرشح للانتخاب الفردى وتحـديد الأحزاب التى يجوز لها وفقا للقانون أن تمثل بمجلس الشعب والمرشح للانتـخـاب الفـردى الذى حـصل على الأغلبية المطلوبة من الأصوات، ثم تقوم بتـوزيع المقاعد فى كل دائرة ومن ثم فإن ما يصدر من تصرفات الإدارة بخـصوص هذا التنظيم لا يعدو أن يكون من قبيل القرارات الإدارية التى لا مجال لانتزاع الرقابة القضائية عليها من اخـتصاص قضاء المشروعية الذى تمارسه محاكم مجلس الدولة إعمالا لصريح حكم المادة 172 من الدستور و إذا كان المشرع قد عدل عن هذا التنظيم الذى أدخله فى قانون مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية، فعدل إلى الأخذ بنظام الانتخـابات الفردية على نحو ما أورده من أحكام بقرارى رئيس الجمهورية بالقانون رقم 201 لسنة 1990 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب وبالقانون رقم 202 لسنة 1990 بتـعـديل بعض أحكـام القـانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق فقد غدت عملية الانتخـابات تنتهى بما يعلنه رئيس اللجنة العامة عن نتيجتها، ويكون هذا الإعلان الصادر من رئيس اللجنة العامة هو خاتمة العملية الانتخابية بمعناها الفنى الدقيق الذى يتأتى بحكم الدستور من اختصاص هذه المحكمة ولائيا.
ومن حيث إن المنازعة المعروضة تمثل فى حقيقتها طعنا على قرار تعديل رمزه الانتخـابـى وببطلان إجراءات نتيجـة الانتخـابات للمقعد الفردى فى دائرة بندر كفر الشيـخ والتى أجريت بتاريخ 6/4/1987 والتعويض عن تلك القرارات فإنها تدخل فى اخـتصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى وإذ خـالف الحكم المطعون فيه هذا المذهب مما يتعين الحكم بإلغائه والقضاء باختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى المطعون فى حكمها ويتعين إعادتها إليها مرة أخرى لنظرها بهيئة أخرى.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمـة بقـبـول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعـون فـيـه وباختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى مجـددا مع إبقاء الفصل فى المصروفات.