طعن رقم 300 لسنة 40 بتاريخ 01/01/1995 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عادل محمود فرغلى وعبدالقادر النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 23/11/1993 أودع الأستاذ/………. المحامى وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 300 لسنة 40 قضائية طعناً في الحكم الصادر بجلسة 11/11/1993 من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات ب والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 4/4/1994 حيث نظرته بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 1/8/1994 إحالته إلى هذه المحكمة لتنظره بجلسة 16/10/1994 وقد تداول الطاعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يتضح من الأوراق – في أنه بتاريخ 5/1/1993 أقام الورثة المطعون ضدهم الدعوى رقم 2369 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالبين الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من وزير المعارف العمومية للاستيلاء على العقار المملوك لهم مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات وذلك تأسيساً على أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 15/10/1951 بالاستيلاء على المنزل رقم 15 شارع عكاشة بالجيزة أمام المساحة والمملوك لوالده في ذلك الوقت للانتفاع به في الأغراض التعليمية مستنداً في ذلك إلى القانون رقم 76 لسنة 1947 الذى حدد العمل به عام 1956 بمقتضى قرارات من مجلس الوزراء وأن هذا الاستيلاء استمر قائماً بعد العمل بالقانون رقم 521 لسنة 1955 حيث خصص المنزل المستولى عليه لمدرسة الجلاء المشتركة إلى أن تم نقل هذه المدرسة إلى مكان آخر، إلا أن محافظ الجيزة خصص المبنى كمقر لمديرية التعليم بالسويس بعد العدوان اعتباراً من 15/10/1968 وحتى 7/6/1969 فقام المحافظ بتخصيص العقار لجامعة أسيوط رغم انتهاء الغرض منه لا سيما بعد أن صدر القانون رقم 252 لسنة 1960 والذى جعل الاستيلاء على العقارات من اختصاص رئيس الجمهورية وحده الأمر الذى يعد اغتصاباً للعقار لا يصححه ما قيل من تمام الاتفاق بين جامعة أسيوط والوزارة المختصة الأمر الذى يجعل تسليم العقار للجامعة لاستعماله كاستراحة عملاً غير مشروع وإذا امتنعت إدارة الجامعة المذكورة عن رد العقار إلى ملاكه بعد سقوط مفعول قرار مجلس الوزراء الصادر في 7/10/1959 والقرار الوزارى الصادر من وزير المعارف العمومية في 15/10/1951 فإن هذا يعد قراراً غير مشروع لسقوط مفعوله من ناحية وصدوره من غير مختص من ناحية أخرى وعدم الحاجة إليه من ناحية ثالثة.
وبجلسة 11/10/1993 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها الطعين القاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون مع ما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أن سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهدها قبل تخويل هذا الاختصاص لرئيس الجمهورية يهدف إلى تلبية حاجة هذه الجهات تخصيصاً للمنفعة العامة التى يجب أن يستهدفها القرار الإدارى بصفة عامة، وإذ صدر القرار المطعون فيه بالاستيلاء على العقار محل النزاع لغرض الانتفاع به في الأغراض التعليمية فإن مناط مشروعية القرار يدور وجوداً وعدماً مع مدى صدوره متفقاً مع الأغراض التى خولت من أجلها سلطة الاستيلاء ومدى استمرار حاجة الوزارة إلى العقار تحقيقاً لهذه الأغراض وإذا كان القرار المطعون فيه قد صدر متسماً بالمشروعية وتم الانتفاع به في الأغراض التعليمية بعد أن شغلت العقار مدرسة الجيزة الابتدائية ومديرية التربية والتعليم بالسويس بسبب ظروف الحرب، إلا أن شغل جامعة أسيوط لهذا المبنى بعد ذلك يعتبر خروجاً عن الأهداف المقصودة من إصدار القرار وهى الانتفاع به في الأغراض التعليمية لأنه وإن كانت جامعة أسيوط من بين الجهات المعنية بسلطة الاستيلاء إلا أن مناط مشروعية استخدام هذه السلطة لتلبية حاجتها أن تكون هذه الحاجة حقيقية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أن انتظار القضاء بإلغاء قرار الاستيلاء المطعون فيه أو حتى عدم إلغائه، ليس من شأنه أن تترتب عليه نتائج يتعذر تداركها الأمر الذى يفقد الدعوى ركن الاستعجال على خلاف ما ذهب إليه الحكم الطعين.
ثانياً: أن شغل جامعة أسيوط للعقار المنوه عنه لا يعتبر خروجاً عن الأهداف التعليمية التى صدر من أجلها قرار الاستيلاء لا سيما وأن جامعة أسيوط من الجهات التى تستفيد من قرار الاستيلاء الأمر الذى يجعل الحكم الطعين متناقضاً في أسبابه.
ثالثاً: أن الحكم الطعين قد أغفل ما ورد من دفاع في مذكرات الجامعة الطاعنة الأمر الذى يعد إخلالاً بحق الدفاع فقد أغفل الحكم ما ورد في مذكراتها من أن العقار يستخدم بالفعل في تحقيق الأغراض التعليمية الآتية:
1- ربط جامعة أسيوط بكافة الهيئات والمصالح والوزارات بالقاهرة.
2- استعمال آخر دور كقاعات لمناقشة الرسائل العلمية من ماجستير أو دكتوراه التى يتطلب مناقشتها بالقاهرة.
3- استقبال وتخزين الأجهزة العلمية المختلفة الواردة من الخارج لحين نقلها إلى أسيوط.
4- توفير سبل الإقامة لمن يتطلب وجودهم بالقاهرة من السادة أعضاء هيئات التدريس ومعاونيهم.
5- الأغراض التعليمية الأخرى التى يتطلب الأمر قيام جامعة أسيوط بواجباتها في هذا الشأن بالقاهرة ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الاستيلاء على العقارات والأموال المملوكة للأفراد هى وسيلة استثنائية لا يسوغ للإدارة اللجوء إليها. ولو كان ذلك سعياً لتحقيق مصلحة عامة إلا إذا استنفذت جميع الوسائل العادية المتاحة لتحقيقها، ولم تجد بعد ذلك بداً من الالتجاء إلى هذه الوسيلة لتحقيق هذا الهدف التى ترمى إليه، ففى هذه الحالية وحدها تكون الإدارة أمام ضرورة ملجئة إليه بحسبانه الوسيلة الوحيدة المحققة للغاية منه، بحيث يصبح آخر سهم في الكنانة يضرب ليصيب الهدف وشرط الضرورة الملجئة للاستيلاء هو شرط مشروعية القرار الصادر به وشرط بقائه بحيث لا يجوز أن يزاوله أو يغيب عنه وإلا أضحى القرار غير مشروع، فإذا كان الظاهر من الأوراق أن وزير المعارف العمومية قد أصدر القرار رقم 10248 في 15 أكتوبر سنة 1951 بالاستيلاء على العقار رقم 15 بشارع عكاشة المملوك لمورث المطعون ضدهم للانتفاع به في الأغراض التعليمية وذلك بالتطبيق لأحكام المرسوم الصادر في 28 يونية سنة 1951 باستمرار العمل بالقانون رقم 76 لسنة 1947 بتخويل وزير المعارف العمومية سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة والمعاهد التعليمية التابعة لها، وقد شغلت المبنى مدرسة الجيزة الابتدائية بالأورمان، ثم خصص لمديرية التربية والتعليم بالسويس كمقر مؤقت لها بسبب ظروف الحرب وتهجير أهلها إلى القاهرة وذلك خلال المدة من 5/11/1968 حتى 7/6/1969 وبعد إخلاء المبنى من المهجرين، تم الاحتفاظ بالمبنى الذى شغلته جامعة أسيوط حتى عام 1985 حيث تقدم الورثة في 3/7/1985 ببلاغ إلى قسم شرطة الدقى لرد العقار إلى أصحابه تأسيساً على أن الجامعة قد خرجت بالعقار عن استعماله في الأغراض التعليمية حيث حوله مراقب عام جامعة أسيوط إلى استراحة لمبيت بعض الأشخاص مقابل أجر مادى وأن جزءاً من العقار يستخدم كمخازن والجزء الآخر يستعمل كجمعية استهلاكية، وقد أثبتت المعاينة صحة هذا البلاغ وبعد فشل المحاولات الودية التى أجراها مورث المطعون ضدهم لاسترداد العقار تقدم في 25/5/1988 إلى السيد/ وزير التعليم طالباً إخلاء العقار وتسليمه إليه لزوال الغرض من الاستيلاء، وقد أحال السيد وزير التعليم الطلب إلى السيد المستشار القانونى الذى انتهى في فتواه إلى أن القرار الوزارى الصادر بالاستيلاء على العقار رقم 15 شارع عكاشة بالجيزة قد فقد شرعيته بما يقتضيه ذلك من رد العقار لملاكه وبتاريخ 29/3/1989 أشر السيد وزير التعليم على الفتوى بعبارة يكتب بذلك إلى السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة أسيوط ومعه صورة من الفتوى لاتخاذ اللازم والإفادة” الأمر الذى يتظاهر على أن القرار المطعون فيه قد سقط مفعوله باستنفاذه الغرض المستهدف من إصداره للأسباب التى أبداها المستشار القانونى للوزارة واقتنع به وزير التعليم بحسبانه مصدر القرار الذى زالت عنه مشروعيته بزوال الحاجة إلى تخصيصه للمنفعة العامة، ومن ثم فما كان يسوغ للجامعة بعد سقوط مفعول القرار وإقرار مصدره بذلك أن تمتنع عن إخلاء المبنى وتسليمه إلى مستحقيه بإصرارها على استمرار تخصيصه لمنفعتها بحجة استمرار الغاية من إصداره وهى تحقيق الأهداف التعليمية ما دام المختص بإصدار قرار الاستيلاء قد أقر بزوالها.
ومن حيث إنه لا يقدح في ذلك أن الجامعة الطاعنة لا تزال تستعمل العقار المذكور في تخزين بعض الأجهزة والمعدات التى تصل إليها من الخارج أو كاستراحة لمبيت بعض العاملين لديها، فليس من الأهداف التعليمية للجامعة أن يكون لها بالعاصمة مقر لتخزين المعدات أو مبيت لأعضاء هيئات التدريس بها في أية مهمة علمية أو عملية لتخفيض تكلفة بند بدلات السفر أو مصاريف الانتقال، كما لا مقنع فيما ادعته الطاعنة من أن العقار يستعمل لمناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه وهى رسائل علمية تدخل في مضمون الأهداف التعليمية، ذلك أنه بفرض صحة هذا الادعاء فإنه يتناقض مع الأهداف الدافعة إلى إنشاء جامعة إقليمية كجامعة أسيوط ويقضى على وجودها واستغلالها بالمصادرة، وإذا كان الهدف الرئيسى من إنشاء الجامعة المذكورة هو تقريب الأجهزة التعليمية والعلمية إلى أبناء الصعيد فإن مناقشة الرسائل العلمية بعدياً عن مقر نشاطها الرئيسى وفروعه بأقاليم الصعيد، يجعل قيامها كجامعة مفرغاً من معناه ويهدد وجودها بالإلغاء لعدم الحاجة إلى ما تقدمه من خدمات عليمة ما دامت الرسائل العلمية التى تقدم إليها لا تناقش إلا بالقاهرة معقل الجامعات المصرية العريقة الأمر الذى يتظاهر على عدم صحة ما تدعيه الجامعة الطاعنة من استمرار قيام الحاجة إلى العقار المذكور لتحقيق الأهداف التعليمية الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه – رغم صدوره متسماً بالمشروعية – قد أضحى فاقداً لها باستنفاد الغاية المشروعة من إصداره، واستمراره في تحقيق مصلحة تخرج عن الأهداف التى صدر القرار من أجلها، ويجعل طلب المطعون ضدهم برد العقار إليهم قائماً – بحسب الظاهر – على أسباب جدية فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المنبثق من استمرار الاعتداء المتكرر على أملاكهم الخاصة وغل أيديهم عن ممارسة حريتهم في التصرف فيه وهى حرية كفلها الدستور وإذا كان الاستيلاء مبرراً مهما طالت مدته لقيام الحاجة إليه تغليباً للصالح العام على المصالح الفردية، فإن استمرار الاستيلاء على الملكية الخاصة رغم انتهاء هذه الحاجة يعد تغولاً على حقوق الأفراد، وحرمانهم من ممارسة هذه الحقوق يتعذر الصبر عليه يوماً بعد يوم الأمر الذى يوفر – على خلاف ما تدعيه الجامعة – ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ المقام من المطعون ضدهم الأمر الذى يستوجب قبوله والقضاء لهم بوقف تنفيذ القرار السلبى الصادر من الجامعة بالامتناع عن رد العقار محل النزاع إلى المطعون ضدهم على خلاف توجيهات وزير التعليم بحسبانه المختص أصلاً بإصدار قرار الاستيلاء، وإذا انتهى الحكم الطعين إلى هذه النتيجة فقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه، ويكون النعى عليه بمخالته للقانون قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الجامعة الطاعنة قد أصابها الخسر في طعنها فإنها تلزم بمصروفات عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.