طعن رقم 3009 لسنة 32 بتاريخ 13/06/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد – عبد الغنى حسن وعبد القادر هاشم النشار وأحمد عبد العزيز ابو العزم ومنيب محمد ربيع المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء الموافق 15/7/1986 أودع الأستاذ / طه شاهين المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 3009 لسنة 32 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 30/5/1986 والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المجلس الأعلى للصحافة مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن للأسباب التى أوردها بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد اعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار على رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانونى فى الطعن المذكور ارتأى فى ختامه – للأسباب الواردة به – الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع برفض الشق المستعجل من دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات.
وفى يوم السبت 27/12/1986، أودعت هيئة قضايا الدولة، نيابة عن الطاعن (رئيس المجلس الأعلى للصحافة ) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد أمامها برقم 327 لسنة 33 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 28/10/1986 والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالاستمرار فى تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه لصالح المدعى (المستشكل) فى الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق بجلسة 20/5/1986 وألزمت الجهة الإدارية (المستشكل ضدها) بالمصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب التى أوردها بتقرير طعنه الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المذكور وأصليا بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقد أودع الأستاذ المستشار محمود عادل الشربينى تقرير هيئة مفوضى الدولة فى الطعن طلب فى ختامه – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه الى قبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى بامتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1470 لسنة 40ق بجلسة 20/5/1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 20/1/1992 قررت المحكمة ضم الطعنين معا ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 4/5/1992 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة لنظرها وقد نظرت الطعنين على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 17/1/1993 إصدار الحكم فيهما بجلسة 31/1/1993 وبهذه الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم الى جلسة 21/3/1993 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 13/6/1993 لاستكمال المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته.
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث أن كل من الطعنين سالفى الذكر قد استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث أنه عن الموضوع فانه يتلخص فى أن المطعون ضده قد أقام بتاريخ 4/1/1986 الدعوى رقم 1470 لسنة 40 ق طالبا الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام الحكومة بالمصروفات فى الحالين.
وقال المدعى شرحا لدعواه انه بتاريخ 29/9/1985 تقدم بصفته باخطار الى المدعى عليه لإصدار جريدة باسم الجماهير وفى 1/10/1985 قام المدعى باخطار المدعى عليه بتغيير اسم الجريدة الى صوت العرب بعد ان تبين له ان اسم الجماهير سبق إطلاقه على جريدة تصدر بمدينة السويس.
وبتاريخ 2/10/1985 طلب المجلس الأعلى للصحافة موافاته بالانشطة السابقة للنادى منذ إشهاره عام 1983 وفي 14/10/1985 أجاب المدعى على الطلبات الا أن المدعى عليه لم يحرك ساكنا لإصدار قرار الترخيص بإنشاء الجريدة خلال المدة المحددة بالمادة 15 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة مما يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إنشاء الجريدة وكان يلزم هذا قيام المدعى عليه بتسليم الترخيص الى المدعى ليبدأ فى طبع وتوزيع الجريدة وأن عدم قيامه بذلك يضر به ضررا بليغا. كما أن الرفض يعتبر قرارا سلبيا بالامتناع عن إصدار الترخيص.
وقد قدم المدعى إثباتا لدعواه عدة مذكرات أورد بها أن اى من المواد التى تمنع من إصدار الترخيص وهى أرقام 13، 19 من قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980 والمادة 24 من لائحته التنفيذية لا تنطبق على حالته. اذ أن صحيفته لم تتخذ شكل الجمعية أو الشركة المساهمة وليس لها رأس مال مودع فى أى بنك. ومن ثم يكون القرار السلبى بعدم إصدار الترخيص رغم توافر شروطه مخالفا للقانون مما يتعين معه اجابة المدعى الى طلباته أما بالنسبة للاستعجال فلا محاجة فى أن عدم إصدار الصحيفة يسبب له اضرار وخسائر مادية واعلامية لا يمكنه تدارك الآثار المترتبة عليها.
وبجلسة 20/5/1986 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المجلس الأعلى للصحافة مصروفات هذا الطلب.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على سند من أن أحكام المادة 15 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة والتى تنص على أن عدم رد المجلس الأعلى للصحافة على طلب المدعى خلال أربعين يوما دون أن يصدر المجلس قراره برفض إصدار الصحيفة يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار الصحيفة وموافقة ضمنية على إصدارها. وان البادى من الأوراق أن المدعى تقدم بطلبه الترخيص بإصدار الصحيفة بتاريخ 1/10/1985. كما تقدم فى 14/10/1985 بالرد على ما طلب منه من بيانات وقد مضت أربعون يوما التى حددها القانون مما يعتبر موافقة ضمنية على الإصدار.
ولما لم يلق هذا الحكم قبولا من المدعى عليه فأقام الطعن رقم 3009 لسنه 32 ق عليا استنادا الى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك ان القاعدة فى تفسير القانون يجعله وحدة واحدة اما الحكم فقد استند الى نص المادة (15) من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة دون ربطها بسائر مواد القانون والتى تشترط توافر شكل معين لملكية الصحيفة قبل إصدارها ولم يستوف هذا الشرط فى الحالة الراهنة وحددت هذه الشروط تفصيلا فى المادة (19) من القانون ان تتخذ الجهة مصدرة الصحيفة شكل الجمعية أو الشركة المساهمة. كما لم يحرر عقد تأسيسها وفق النموذج المعد لذلك قانونا.
وخلال نظر الطعن اقام المدعى بتاريخ 14/6/1986 الدعوى رقم 4030 لسنة 40ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات وطلب فى ختامها الحكم بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر فى الشق العاجل من الدعوى رقم 1470 لسنة 40ق بجلسة 20/5/1985 بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص صحيفة صوت العرب رغم توافر شروط إصدارها وفقا للحكم المطلوب تنفيذه.
وبجلسة 28/10/1985 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالاستمرار فى تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه لصالح المدعى ( المستشكل ) فى الدعوى رقم 1470 لسنة 40ق بجلسة 20/5/1985 وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وشيدت المحكمة حكمها على سند من ان أوراق الدعوى واخصها مذكرة دفاع المدعى عليه قد أجدبت عن اى سبب قانونى يكون قد نشأ بعد الحكم، ويمثل عقبة قانونية تمنع تنفيذه وكل ما تضمنه الرد هو طلب الاستشكال، واستطردت المحكمة عرض أسباب الحكم بانه لم يصدر عن دائرة فحص الطعون قرارا بإيقاف الحكم المستشكل فى تنفيذه ومن ثم وجب الاستمرار فيه.
ولم يلقى هذا الحكم قبولا من الطاعن فأقام عنه الطعن 327 لسنه 33 ق عليا ناعيا على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه استنادا الى ان :
1 – الحكم لم يضع أحكام القانون موضع التطبيق ذلك ان القانون رقم (148) لسنه 1980 بشأن سلطة الصحافة – المستند إليه – تطلب توافر شكل قانونى معين فى إنشاء الجهات القائمة على إصدار الصحف بان تكون فى شكل الجمعية أو الشركة المساهمة وأن يتم تحرير عقد إنشائها على النموذج المعد لذلك وهى كلها أمور افتقدها المدعى فى طلبه إصدار الترخيص بإصدار الصحيفة وفقا لحكم المادتين (19)، (20) من القانون سالف الذكر.
2 -.لا مجال للقول بان انقضاء مدة الاربعين يوما المشار إليها فى القانون تعتبر إلزاما على الجهة الإدارية بإصدار الترخيص اذ انها ليست ميعاد سقوط بل ميعادا لتحديد مدى توافر الشروط المتطلبه قانونا لإصدار الترخيص. وليس من المستساغ الادعاء بان انقضاء المدة دون استيفاء الأوراق يعتبر إلزاما على الجهة مانحة الترخيص بإصداره حتى ولو لم تتوافر شروطه.
3 – ان ما سبق يبين القصور فى الحكم والفساد فى الاستدلال مما يتطلب الحكم للطاعن بطلباته.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة يجرى على ان الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، يطرح الطعن برمته على المحكمة لتنظره وتزنه بميزان القانون والواقع سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ، طبقا وفى حدود أحكام الدستور والقانون واعمالا لمبدأ استقلال مجلس الدولة واستقلال السلطة القضائية التى يباشرها القاضى فى المنازعات التى يختص بحسمها والفصل فيها وفقا للمادتين (165) (172) من الدستور.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على ان مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى توفر ركنين :
أولهما : ركن الجدية : بأن يقوم الطعن بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب من حيث الواقع والقانون، يرجح معها الحكم بإلغاءه قضائيا عند نظر طلب الإلغاء..
ثانيهما : ركن الاستعجال، بان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه طبقا لأحكام الدستور والقانون فان رقابة القضاء الإدارى ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هى رقابة مشروعية تسلطها على القرارات الإدارية المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفه للقانون أو ان الجهة الإدارية قد تقاعست عن إصدار قرار يلزمها القانون بإصداره او انحرفت عن الغاية الوحيدة التى حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهى تحقيق الصالح العام الى تحقيق غير ذلك من الاغراض غير المشروعه لجهة الإدارة أو لأى من العاملين فيها. ولا يحل قضاء مجلس الدولة نفسه محل الجهة الإدارية فى أداء واجبها او مباشرة نشاطها الإدارى فى تسيير المرافق العامة وإدارتها او فى مباشرة السلطة التنفيذية لسلطاتها الممنوحة لها فى الدستور والقانون.
ومن حيث إن القانون رقم (148) لسنه 1980 بشأن سلطة الصحافة قد نص فى المادة (13) منه على أن حرية الأحزاب السياسية والاشخاص الاعتبارية العامة والخاصة فى إصدار الصحف مكفولة، وتطلبت المادة (14) الشروط المتطلبة لإصدار الترخيص بإنشائها.
كما حددت المادة (15) من ذات القانون سلطات المجلس الأعلى للصحافة فى شأن الموافقة على إنشاء الصحف او رفضها او الاعتراض عليها فنصت على ان (يصدر المجلس الأعلى للصحافة قرارا فى شأن الاخطار المقدم إليه لإصدار الصحيفة خلال مدة لا تجاوز اربعين يوما من تاريخ تقديمه إليه)
ويعتبر عدم إصدار القرار خلال المدة سالفة البيان بمثابة اعتراض من المجلس الأعلى للصحافة على الإصدار.
وفى حالة صدور قرار برفض إصدار الصحيفة يجوز لذوى الشأن الطعن فيه أمام محكمة القيم بصحيفة تودع قلم كتاب هذه المحكمة خلال ثلاثين يوما كما وضعت المادة (19) شروط إصدار الصحف وتطلب ان تكون ملكيتها للأشخاص الاعتبارية والأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات التى تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة وعلى ان تكون الأسهم جميعها فى الحالتين اسمية ومملوكة جميعا للمصريين وحدهم. وان لا يقل رأس المال المدفوع عن مائتين وخمسون ألف جنيه اذا كانت يومية ومائة ألف جنيه إذا كانت أسبوعية.
ومن حيث ان مفاد ما تقدم، ووفق التفسير الصحيح لنص المادة (15) سالفة – البيان فان المشرع قد عقد الاختصاص بنظر التظلمات بشأن عدم الموافقة على إنشاء الصحف او إصدارها الى محكمة القيم وحدها اما ماعدا ذلك من أمور فيلزم ان يرد الى القضاء المختص أصلا وفقا لأحكام الدستور والقانون بالفصل فيه وهو قضاء محاكم مجلس الدولة وفى إطار وحدود ما يحدده الدستور والقانون لتنظيم مجلس الدولة من الولاية العامة لمحاكمه بالنظر فى جميع وسائر المنازعات المتعلقة بالتصرفات او القرارات او العقود الإدارية او اية منازعة إدارية اخرى وفقا لما حدده القانون.
ومن ثم فيلزم التفرقة بين سلطات المجلس الأعلى للصحافة التى أناط القانون التظلم منها أمام محكمة القيم وهى التظلم من قرارات الرفض الصريح لإنشاء الصحف أما ماعدا ذلك من حالات مثل عدم الرد على الاخطارات المقدمة من ذوى الشأن بإصدار الصحف فان الاختصاص به يظل منوطا بقضاء مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة فى المنازعات الإدارية. وحيث يكون عدم الرد فى هذه الحالة فى حكم القرار الإدارى شأنه فى ذلك شأن القرار الذى يصدر من أية جهة إدارية فى اى شأن من شئونها، اذ يستهدف هذا التصرف تحديد المركز القانونى لطالب الترخيص بإصدار الصحيفة ويتمخض عن إرادة ملزمة مصدرها القانون، ويراد بالإفصاح عنها إحداث مركز قانونى معين يعتبر فى حد ذاته ممكنا وجائزا قانونا والباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.
والقول بغير ذلك مفاده اختصاص قضاء محكمة القيم بما لم يتضمنه نص صريح فى القانون ودون مراعاة للاختصاص الاصلى والولاية العامة المخول من المشرع الدستورى فى المادة (172) من الدستور لمحاكم مجلس الدولة بالمنازعات الإدارية ويتعارض مع ذلك التنظيم الذى يقوم أساسا على ذلك فى قانون تنظيم مجلس الدولة رقم (47) لسنه 1972.
ومن حيث ان البين من الأوراق ان عدم إصدار قرار الترخيص بإصدار الصحيفة إنما قام مستندا الى عدم استكمال المطعون ضده للشروط التى تطلبها القانون بشأن قواعد وضوابط ملكية الصحف والمجلات.
ومن حيث انه يبين من مطالعة أحكام قانون الصحافة ان المشرع بعد ان أورد الشروط والضوابط اللازمة للترخيص بإصدار الصحف والمجلات قد لأورد استثناء خوله الى المجلس الأعلى للصحافة حيث خصه بسلطة الاعفاء من كل او بعض الشروط التى تطلبتها المادة (19) سالفة الذكر بالنسبة الى الحالات التى تقدم طلباتها إليه. ومن ثم فان سلطة المجلس فى هذا الشأن ليست مجرد سلطة تسجيل او اثبات للطلب وليست سلطة مقيدة كذلك لا تتمتع أثناء مباشرتها أولا تتحمل مسئوليه تقدير جميع الظروف المحيطة بالطلب وتقدير ما يقتضيه الصالح القومى ويحتمه فى كل حالة بل يتمتع بسلطة تقديرية تتيح له الموازنة والترجيح بغية تطلب توافر الشروط التى تطلبها القانون كلها او بعضها بما يحقق الغاية من إصدار الصحف باعتبارها ضمانه لحرية الرأى والتعبير ووسيلة سياسية للاعلام وركيزة من ركائز النظام الديمقراطى ونافذة الحرية التى تكفل حرية الرأى والفكر ونشره وفقا لما نصت عليه أحكام ومواد الدستور واستهدفت تحقيقه والتزمت به أحكام قانون تنظيم الصحافة سالف الذكر – ولا يسوغ فى مجال السلطة التقديرية فى أمور استثنائية متعلقة بحرية إصدار وتملك الصحف افتراض قيام قرارات سلبية دون نص صريح من المشرع حيث يتعارض هذا الافتراض مع حقيقة واقع الحال ومع صحيح صريح أحكام القانون اذ لا يوجد ما يوجب على المجلس الأعلى للصحافة اقرار الاستثناءات من الاصل العام التى خوله المشرع التصرف بشأنها لافتراض ان امتناعه يعد قرارا سلبيا بالمعنى والتحديد الذى تضمنه قانون تنظيم مجلس الدولة رقم (47) لسنه 1972 وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من ان القرار الإدارى السلبى ليس هو القرار الصريح او الضمنى برفض إنشاء مركز قانونى معين.
ومن حيث ان الظاهر من الأوراق ان المجلس الأعلى للصحافة قد سلك تجاه طلب المطعون ضده مسلكا إيجابيا فى بحث الاخطار المقدم عن الصحيفة المزمع إصدارها عندما طلب من المدعى بتاريخ 2/10/1985 موافاته بالأنشطة السابقة للنادى منذ اشهاره عام 1983، وهو النادى الذى تخدم الصحيفة أغراضه. وقد رد المطعون ضده على ذلك فى 14/10/1985 ومع ذلك فانه وان كان صحيحا حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ان عدم الرد من المجلس الأعلى للصحافة خلالى المدة القانونية يختبر بحكم قرار بالموافقة او عدم الاعتراض على صدورها فان ذلك مقصور على الاحوال العادية التى يتوفر فى الصحيفة والطلب المقدم بشأنها ما يعد الاركان الأساسية التى استلزمها الدستور وقانون الصحافة فى تحديد ملكية المهن، ونوعيه ملاكها وما يماثل ذلك من جوانب أساسية التزم بالنص عليها المشرع الدستورى وقانون تنظيم الصحافة كذلك تنظيما لحرية إصدار الصحف وتملكها اما فى الاحوال التى يكون فيها ذوى الشأن مقدمى الاخطار او ملكية الصحيفة ذاتها متعارضة مع نوعيه الملكية التى اجازها المشرع والتى قرر لها الاولوية والتميز التى نحت به الى تنظيم ملكية وإصدار الصحف على أساس نظام الاخطار وليس الترخيص اعلاء لحرية تملك الصحف.
وإصدارها – فانه لا يكون ثمة أساس من الدستور والقانون او المنطق للزعم بأن عدم رد المجلس الأعلى للصحافة فى هذه الحالة يعد موافقة على مباشرته السلطة التقديرية الخاصة بالموافقة على حالات معينة ولا يتفق مع المبدأ العام فى تحديد ملكية الصحف وأولويتها – ذلك ان الاصل المسلم به انه لا ينسب لساكت قولى الا بنص صريح من المشرع ويتعين فى حالة النص الالتزام بما حدده وتفسيره تفسيرا صحيحا دون التوسع فيه او القياس عليه كما انه حيث لا يملك المجلس الأعلى للصحافة ان يباشر سلطة صريحة فى تحديد مركز قانونى معين بالمخالفة لأحكام الدستور وقانون الصحافة فى جوهره يتعلق عليه الصحف وإصدارها لخروج ذلك عن اختصاصه وولايته التى نيطت به بالنسبة للاخطار بإنشاء الصحف فان من باب أولى لا يمكن ان ينسب إليه افتراضا الموافقة الحكمية على مخالفه الدستور والقانون حيث يتعين ان تقر إرادته وان يعمل بها تحت رقابة القضاء وسواء صراحه او أو ضمنا فى اطار من الشرعية وسيادة الدستور والقانون، ومن حيث انه بناء على ما سلف بيانه وأن الثابت بحسب الظاهر ان الحكم المطعون فيه قد تبنى فى قضائه منطوقا وأسبابا غير ما سلف بيانه ومن ثم فانه يكون قد جاء مخالفا لصحيح أحكام الدستور والقانون حريا والحال هذه بالإلغاء وحيث ان من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقا لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات.