طعن رقم 3096 لسنة 33 بتاريخ 01/02/1994 الدائرة الثالثة

Facebook
Twitter

طعن رقم 3096 لسنة 33 بتاريخ 01/02/1994 الدائرة الثالثة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : فاروق على عبد القادر وعلى فكرى حسن صالح وعبد السميع عبد الحميد بريك ومحمد ابراهيم قشطه نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 11/7/1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3096 لسنة 323 ق ضد/…………………….. فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود والتعويضات) فى الدعوى رقم 3266 لسنة 39 ق بجلسة 17/5/1987 والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى إلى المدعى مبلغ ألفى جنيه والمصروفات
وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على ما هو مبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه -للأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على ما هو ثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/3/1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة- وقد نظرتت هذه المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث استمعت إلى ما ارتأت لزوما لسماعه عن ايضاحات وبجلسة 30/11/1993 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسباب عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث ان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث ان عناصر هذا الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 30/3/1983 أقام المدعى (المطعون ضده) الدعوى رقم 395 لسنة 10 ق أمام المحكمة الإدارية بأسيوط ضد / الطاعن طالبا فيها الحكم بالزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع له مبلغ أربعة آلاف جنيه تعويضاً عما أصابه من ضرر مادى وأدبى نتيجة قرار إنهاء خدمته مع الزام المدعى المصروفات ومقابل الأتعاب.
وقال بيانا لذلك انه كان يعمل بوظيفة أمين مساعد بالسجل المدنى بالمراغة محافظة سوهاج التابع لوزارة الداخلية بالدرجة الثامنة فى ظل القانون رقم 58 لسنة 1971 – وبتارخ 16/2/1976 صدر قرار وزير الداخلية رقم 461 لسنة 1976 بإنهاء خدمته، فتظلم منه ثم أقام دعواه رقم 52 لسنة 4ق أمام المحكمة الإدارية بأسيوط طالبا فيها إلغاء قرار انهاء خدمته، وقد قضت المحكمة بجلسة 2/2/1980 برفض الدعوى فطعن على هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الاستئنافية) بالطعن رقم 239 لسنة 12ق س والتى قضت فيه المحكمة المذكورة بجلسة 2/6/1982بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 461 لسنة 1976 المشار إليه.
وتنفيذاً للحكم المشار إليه أعيد إلى عمله بالقرار رقم 1904 بتاريخ 2/9/1982، وإذ أصابه ضرر مادى وأدبى من جراء انهاء خدمته تمثل فى حرمانه من المرتب والعلاوات والبدلات وهو مورد رزقه وأسرته فضلا عن المعاانة والآلام النفسية، لذلك ينتهى إلى طلباته.
وقد نظرت المحكمة الإدارية بأسيوط الدعوى على ما هو ثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/12/1984 حكمت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص، وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود والتعويضات) وقيدت برقم 3266 لسنة 39 ق وتم نظرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/5/1987 أصدرت حكمها المطعون فيه بالزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغ ألفى جنيه والمصروفات.
وقد أقامت محكمة القضاء الإدارى حكمها المتقدم على أساس أنه بإلغاء قرار انهاء خدمة المدعى (المطعون ضده) لمخالفته للقانون يكون قد تحقق ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة، وإذ أصاب المدعى ضرر من قرار انهاء خدمته فمن ثم يستحق تعويضا تقدره المحكمة بالمبلغ المحكوم به.
وإذ لم يرتض الطاعن هذا القضاء فمن ثم أقام هذا الطعن على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأوله، حيث إنه – أى الطاعن – كان قد دفع فى مذكرته المقدمة إلى محكمة القضاء الإدارى بجلستها المنعقدة فى 30/11/1986 بسقوط حق المدعى (المطعون ضده) فى المطالبة بالتعويض عن قرار انهاء دمته بالتقادم، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفع مما يجعله معيبا، فيضاف إلى ذلك أن الدفع المشار إليه فى محله باعتبار ان المق فى المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن قرار انهاء الخدمة والمتمثلة فى المرتب وملحقاته تسقط بالتقادم الخمسى طبقا للمادة (375) من القانون المدنى التى تقضى بأن يتقادم بخمس سنوان كل حق دورى متجدد ولو أقربه المدين…الخ.
وأنه لما كان المطعون ضده قد علم بقرار إنهاء خدمته فى 26/2/1976 ولم يطالب بالتعويض عن الأضرار الناتجة عنه إلا فى 303/1983 فمن ثم يكون حقه فى المطالبة قد سقط بالتقادم الخمسى وانتهى الطاعن إلى طلباته.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله بإغفاله الدفع المبدى فى مذكرة الدفاع، بسقوط حق المدعى (المطعون ضده) فى المطالبة بالتعويض بالتقادم وأن هذا الدفع فى محله طبقا لما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا بأنه طبقا لما نصت عليه المادة 375 من القانون المدنى، فإنه يتقادم بخمس سنوات كل ذى حق دورى متجدد ولو أقر به المدين، ومدة التقادم المشار إليه إذا كانت تسرى على الحق الأصلى فإنها أيضا تسرى على الحق فى المطالبة بالتعويض.
ومن حيث انه مما يجدر بيانه بداءة أن قضاء هذه المحكمة قد اضطرد على أنه وإن كانت قواعد القانون المدنى قد وضعت أصلا لتحكم روابط القانون الخاص إلا أن القضاء الإدارى له أن يطبق من تلك القواعد ما يتلاءم مع هذه الروابط ويتفق مع طبيعتها اللهم إلا إذا وجد النص التشريعى الخاص بمسألة معينة فعندئذ يجب التزام النص وقد جاءت قوانين مجلس الدولة المتعاقبة وآخرها القانون رقم 47 لسنة 1972 خلواً من تحديد مواعيد معينة لرفع الدعاوى فى المنازعات الإدارية التى يختص بنظرها بهيئة قضاء إدارى إلا ما تعرضت منها لطلبات الإلغاء، ومن ثم فإن غيرها من الطلبات يجوز لذوى الشأن رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقا لقواعد القانون المدنى، وذلك بحسبان أن فكرة التقادم امسقط الذى هو طريق لانقضاء الديون التى لم تنقض بأى طريق آخر لا تتعارض فى طبيعتها ومفهومها مع روابط القانون العام، إذ أنه إذا كان للتقادم المسقط للمطالبة بالحقوق فى نطاق روابط القانون العام حكمته التشريعية المتعلقة باستقرار الحقوق فإن حكمته فى مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو ألزم وأوجب لاستقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة استقرار تمليه المصلحة العامة وحسن سير المرافق.
ومن حيث انه تأسيسا على ذلك فقد تكفل القانون المدنى فى المواد من 374 – 388 ببيان أنواع مختلفة للتقادم المسقط، أرسى فى المادة 374 منه القاعدة العامة وتنص على أنه يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشر سنة فيما عدا الحالات التى ورد عنها نص خاص فى القانون، وفيما عدا الاستثناءات التالية.
..الخ.
وغنى عن البيان ان حكمة تقرير هذا التقادم العام هى ضرورة استقرار الحق بعد مد ة من الزمن فاعتبر المشرع مجرد مضى المدة على الحق المطالب به سببا قائما بذاته لانقضاء الدين بغض النظر عما إذا كان المدين قد وفاه أو كان يفترض أنه وفاه.. ثم أورد بعد هذا الأصل العام استثناءات محددة لأنواع مختلفة لحقوق تتقادم بمدد أخرى أقصر من المدد الأولى منها الاستثناء الذى نصت عليه المادة 375 وهى مدار الطعن الماثل من أن “ يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المبانى والأراضى الزراعية ومقابل الحكر وكالفوائد والايرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات…..
وواضح من هذه المادة نه يشترط لإعمال حكمها أن يكون الحق المطالب بسقوطه بالتقادم حقا دوريا متجددا – ويقصد بالدورية أن يكون الحق مستحقا فى مواعيد دورية كل شهر أو كل ثلاثة أشهر أو كل سنة أو أقل أو أكثر – كما يقصد بالتجدد أن يكون الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع.
ومن حيث ان مؤدى ما تقدم أن المشرع بعد إذ قرر الأصل للتقادم المسقط فى المادة 374 مدنى داء باستثناءات لحقوق تتقادم بمدد معينة بمقتضى نصوص تشريعية خاصة، ومن ثم وجب تفسير هذه النصوص الخاصة تفسيراً ضيقاً بحيث لا تسرى إلا على الحالات بالذات التى تضمنتها، وما خرج عن هذه الحالات فإنه يرجع إلى أصل القاعدة وتكون مدة التقادم خمس عشرة سنة.

ومن حيث انهه ترتيبا على ما تقدم ولما كانت المنازعة المطروحة تتمثل فى تعويض عن قرار إدارى مخالف للقانون فإنه لا يجوز الإستناد إلى نص المادة 375 من القانون المدنى التى تتناول حالات التقادم الخمسى كالمهايا والأجور لأن حكمها بصريح النص لا يصدق إلا بالنسبة للحقوق الدورية المتجددة بالمعنى المتقدم، والتعويض عن القرار الإدارى المخالف للقانون ليس بمرتب بل هو التزام بمبلغ تقدره المحكمة وليست له بأية حال صفة الدورية التجديد، ويراعى عند تقديره عدة عناصر أخرى غير المرتب كالأضرار الأدبية والمعنوية ومزايا الوظيفة، ومن ثم فإن التعويض المنوه عنه (التعويض عن القرار الإدارى المخالف للقانون) يرجع فى شأن تقادم الحق فى المطالبة به إلى الأصل العام ومدته خمس عشرة سنة.
ومن حيث انه متى كان ما سلف فإن الطعن الماثل وقد قام على أساس أن الحكم الطعين قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لعدم القضاء بسقوطه الحق فى المطالبة بالتعويض بالتقادم الخمسى، فإنه يكون قد قام على غير أساس قانونى سليم مما يتعين معه القضاء برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات عملا بالمادة 184 مرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

اشترك في القائمة البريدية